رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
خطبة : استثمار المنح العظيمة من محنة الصليبيين 1429 هـ
عبدالعزيز بن علي العسكر
الخطبة الأولى :
الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، ، والصلاة والسلام على أفضل رسله محمدٍ الصادق الأمين، المبعوث رحمة للخلق أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد: فيا أيها المسلمون، أوصِيكم ونفسي بتقوى الله عزّ وجلّ، فاتقوا الله رحمكم الله.
عبادَ اللهِ.. ألا وإنَّ منْ أعظمِ أبوابِ التقوى، التي يُنالُ بها الأجرُ الوفيرُ، والخيرُ الكثيرُ، في الذبِّ عن عرضِِ المعصومِ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُ التسليمِ، فإنّهُ من أعظمِ القربِ، وأنفعِ الأعمالِ عندَ اللهِ تعالى، كيفَ لا، وهوَ سبحانهُ القائلُ: {واللهُ يعصِمكَ منَ الناسِ} أيها المؤمنون.. لقد ظهرت علاماتُ الحزنِ على عموم المسلمين بعدما نشرت عددٌ من الصحف الدنمركية الرسومات المسيئة لخير من وطئت قدمه الثرى.. ولا شك أن المسلم مأجور على ما يصيبه من هم وحزنٍ وكدر، فكيف إذا كان هذا الحزن والكدر لأجلِ خيرِ البشر؟ قال صلى الله عليه وسلم[عجبًا لأمر المؤمن أن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له] أخرجه الإمام مسلم رحمه الله.
عباد.. إنَّ الهجوم على الإسلام وعلى نبيّ الإسلام لا يزيد الدّين وأهلَه إلا صلابةً وثباتاً وانتشاراً ، إنني استشرف من وراء المحنةِ منحنا عظيمة، أليس في كتاب ربنا يقول سبحانه { لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } وقال تعالى { فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } ؟ وقال عز من قائل: {هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً}
أيها المسلمون.. إن أعداءكم اليهودُ والصليبيون.. وأتباعهُم.. يعلمون ونَعلم أنّ الذين يدخلون في دين الإسلام في ازدياد وتنامي على الرّغم من كلّ الظروف والمتغيّرات والأحداث والمقاومات. فمهما أساءوا ومهما شوهوا أو رسموا فإن الله سيفكي نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزئين.. أو ليس الله جل وعلا ، هو القائلُ: { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} وقال سبحانه {واللهُ يعصِمكَ منَ الناسِ}
وسينزل بهؤلاء الصليبين وأعوانهم ما كانوا به يستهزئون.. قال عز من قائل{ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أيّها المؤمنون.. ودليلُ ذلك حفظُ الله للقرآن والسنة ، ولسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم.. لقد كانت ولا زالت سيرةُ الحبيب صلى الله عليه وسلم سيرةً ومسيرة جليّةَ المعالم، كلّها حقٌّ، وكلّها صدق، توثيقاً وكتابة، وقراءة وبحثاً، واستيعاباً واستنباطاً. لم تُحفَظ قصةُ حياةٍ ولا سيرة رجل ولا مسيرة بطل مثلما حُفظت سيرةُ نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. سيرةٌ لم تلحقها الأساطير والأوهام، وإنّها لإحدى الدلائل التي حفظها الله لتكونَ شاهداً على صدق هذه الرسالة المحمدية.
لقد ضمّت السيرةُ النبوية جميعَ شؤون رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفاصيل حياته وأطوار عمره، من الولادة والرضاعة والطفولة والشباب والكهولة، في حياته قبلَ النبوة، من صدقه وأمانتِه . ثمّ بعثته ومواقف قومه العدائية له صلى الله عليه وسلم، ومقاومتهم له ، وما واجهوه به من اتهاماتٍ بالسحرٍ والجنون والكذب، وما لاقاه من ضرب وشج لوجه الكريم، وكسر لرباعيته.
وبعد تمكنه منهم بفتح مكة قال لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء) ... حرمَ نفسهُ حتى من رؤيةِ النصرِ الذي حققه بفتح مكة، فقد سارَ في موكبِ نصرهِ يومَ الفتح، حانياً رأسهُ على صدره حتى تعذرَ على الناسِ رُؤيةَ وجهه الشريف، مُردداً بينهُ وبينَ نفسهُ ابتهالاتِ الشُّكرِ المبللةِ بالدموع الكريمة، رافعاً إيَّاها في حياءٍ إلى ربِّهِ العليِّ الكبير، حتى وصلَ الكعبة. وخطب خطبة المعروفة.
وبعد الاستقرار في المدينة وبعد العزة والدولة والنصر والتمكين.. وحينَ رأى بعضُ القَادِمين عليهِ يَهابُونُهُ في اضطرابٍ ووجل، قال لهم: ( هَوِّنوا عليكم، إنَّ أُمي كانت تأكلُ القَدِيدَ بمكة ) أمّا حياتُه الشخصية فقد نقل لنا العلماء الأثبات تفاصيلَ أوصافه الجسدية من الطول واللّون والهيئة والمشية وحياته اليوميّة من قيامه وجلوسه ونومه ويقظته وضحكه وغضبه وأكله وشربه ولباسه وما يحبّ وما يكره وعبادته في ليله ونهاره، وحياته مع أهل بيته وفي مسجده وأصحابه مع الأصدقاء ومع الغرباء وفي السفر وفي الحضر، ناهيكم عن أخلاقه الكريمة من التواضع والحلم والحياء والصبر وحسن العشرة، بحيث لم يبقَ شيء من حياته مخفياً أو مكتوماً، إذا دخل بيته فهو بين أهله وخدمه وأولاده، وإذا خرج فهو مع الأصحاب، وكلّ ذلك منقولٌ محفوظ، فهو النبيّ الرسول، والرسول الإمام، والإمام الحاكم، والرسولُ الزوج، والرسول الأب، والرسول المجاهد، والرسولُ المربي، والرسول الصديق، الرسول الرحيم الرؤوف.
أيها المسلمون.. إن محمداً.. صلى الله عليه وسلم اشفقُ وأرحمُ بأحِدنا من أمه عليه ، قال سبحانه { َقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } قال العلامة ابن سعدي رحمه الله تعالى :" هذه المنة التي امتن الله بها على عباده هي اكبرُ النعم بل اجلُها وهي الإمتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضلالة وعصمهم به من التهلكة " أ – هـ عباد الله... محمد صلى الله عليه وسلم أنموذجُ الإنسانية الكاملة، وملتقى الأخلاق الفاضلة.
أعطاه ربُّه وأكرمه، وأعلى قدره ورفع ذكرَه، ووعده بالمزيد حتى يرضى، ولاّه قلبةً يرضاها، من أطاعه فقد أطاع الله، صفوةُ خلقِ الله، وأكرم الأكرمين على الله، حينما قال موسى كليم الله عليه السلام: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبّ لِتَرْضَى} قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} ، وحين سأل موسى عليه السلام ربه: {قَالَ رَبّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى} قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم : {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} أيها المسلمون، ومع حبِّ المسلمين لنبيّهم عليه الصلاة والسلام وتعظيمِهم له وتوقيرهم لجنابه فإنّ عقيدتهم فيه أنه عبدٌ لا يعبَد، ورسول لا يكذَّب، بل يُطاع ويُحبّ ويوقَّر ويُتّبع، شرّفه الله بالعبودية والرسالة. ولقد علَّمنا ربّنا موقعَ نبيّنا منّا فقال عز شأنه: {النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فهو أقربُ إلى قلوبنا من قلوبِنا، وأحبّ إلى نفوسنا من نفوسنا، وهو المقدَّم على أعزّ ما لدينا من نفسٍ أو مال أو ولد أو حبيب، ففي الحديث الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم [ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما] أخرجه البخاري ... وكلنا يا عباد الله يزعم ويدعي محبته للنبي صلى الله عليه وسلم ... وربما نذرف الدموع عليه . فهل يكفي هذا الحزن وهذه الدموع دليلا على حبه ؟ الجواب: لا يكفي ذلك كله، فلا بد من مقياسٍ دقيق يدل عليه الكتاب والسنة لقياس مدى حبنا لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. إذن ما دليل حبنا لله عز وجل وحُبنا لرسوله صلى الله عليه وسلم ؟
دليل ذلك ما أنزل الله في كتابه إذ قال سبحانه {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} والدليل الآخر ما أخبر به الحبيب صلى الله عليه : إذ قال [لا يُؤمِنُ الرَّجُلُ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إليهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ] متفق عليه. وكلنا سنقول نحن نحبه أكثر من أنفسنا وأهلنا وأموالنا!! هذا طيب .. لكن يحتاج لدليل فلنتأمل قوله صلى الله عليه وسلم [لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ]
أيها المؤمنون.. إن أول ركن من أركان الإسلام العظيم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وإذا كنا تطرقنا للشطر الأول في خطب مضت، فإن تحقيق الشطر الثاني من الشهادتين، وهو شهادة أن محمدًا رسول الله، تتم من خلال الأمور التالية:
أولا: تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به، واليقين أنه مبعوثٌ إلى الجن والإنس كافة لتبليغ دين الإسلام الذي لا يقبل الله تعالى دينًا سواه.
ثانيًا: طاعته والرضا بحكمه، والانقياد لسنته والاقتداء به، ونبذ ما يُخالفُ السنة.
ثالثًا: محبته صلى الله عليه وسلم فوق محبة الوالد والولد والنفس؛ ونصرته، والدفاع عنه، والتقيد بما جاء عنه.
فعلى كل مسلم أن يسعى لتحقيق هذا المعنى؛ ليصح إيمانه، وليحقق الشطر الثاني من كلمة التوحيد. قال تعالى { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني الله وإياكم بما فيهما من البيان والحكمة، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله أثنى على عبدِه ورسولِه محمّد في غير موضع من محكم كتابِه، وامتدحه بجميل خلقه وكريم آدابِه، أحمد ربي وأشكره، وأستغفره، وأتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله، أصحابِه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان .
أما بعد: فيا أيها المسلمون.. ويبقى سؤال كبير، ينبغي أن نطرحه على أنفسنا بعد كل خطبة: هو: ماذا يجب علينا أن نفعل؟ أما أن نستمع ونذرف الدموع، ونخرج بدون عمل، فإنني أربأ بكم عن ذلك ، لا بد أن نترجم العلم إلى عمل ، والمشاعر والعاطفة إلى برامج عملية نافعة..
أيها المؤمنون.. إن ما يجب أن يدركه المسلمون اليوم هو أن هذه المحنة التي حلت بنا، بدايةُ خيرٍ كثير، لو استفاد منها المسلمون منها بخطواتٍ إيجابية مدروسة شرعها الله في كتابه، وأمر بها الحبيب صلى الله عليه وسلم في سنته. فأن شُعاعاً عظيماً من الأمل والنصر قد أشرق من جنبات تلك المحنة المظلمة. فماذا ننتظر؟ ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- في كتابه المشهور : "الصارم المسلول على شاتم الرسول" قال رحمه الله : ((حدثني العدول من أهل الفقه والخبرة أنهم كانوا يحاربون بني الأصفر -الروم- فتستعصي عليهم الحصون ويصعب عليهم فتحها ويحاصرونها أكثر من ستة أشهر، حتى إذا وقع أهل الحصن في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشرنا خيرا بقرب فتح الحصن ، يقول فوالله لا يمر يوم أو يومان إلا وقد فتحنا الحصن عليهم بإذن الله جل وعلا) أ – هـ تأملوا ذلك.. كان المسلمون.. يستبشرون خيرا بقرب الفتح إذا ما وقع الأعداء في سب الله أو سب رسول الله مع امتلاء قلوبهم غيظا على ما قالوه. فيعملون.. ولا يتكلون فقط على البشائر. فأدعو إلى الله واعملوا وابشروا وأملوا خيرا. وإنني أقترح خطوات عملية لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، هي :
1- إن كُنا حريصين فيما مضى على تعلم العلم الشرعي عموما والسنة خصوصا؛ فيلزمنا من الآن فصاعداً أن نكون أكثر صبرا على طلب العلم واجتهادا في دراسة السنة النبوية.
2- أن نكون أكثر صدقنا في العمل بالسنة؛ متمسكين بها، عاملين بما نعلم منها، وهذا معني حبنا للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا من أقوى سبل الانتصار للحبيب صلى الله عليه وسلم والذب عن عرضه. والعمل بالعلم يورث العلم، أما العلم بلا عمل فسريعاً ما يضمحل.
3- علينا أن ننشر السنة الشريفة بين أبنائنا وأهلنا، وفي مدارسنا وفي أسواقنا وأحيائنا، وعلى كافة الأصعدة والمستويات، حتى تكون لنا وللأجيال القادمة كالهواء الذي نتنفسه ! فنعمل بالسنة وننشرها ونحث ونربي ونشجع أبنائنا وتلاميذنا على التأسي بالحبيب صلى الله عليه وسلم في كل شئونهم.
4- الدعوة إلى الله ونشر التراجم المتوفرة عنه صلى الله عليه وسلم مما قاله منصفي الغرب وقد جمعه الشيخ خالد الشايع – وفقه الله- ونشره في موقع صيد الفوائد، فلعل المميزين في الانترنت ينقلونه في بقية المنتديات ويتواصون بنشره عبر مواقع الانترنت والمنتديات الغربية والبريد الالكتروني. لكن علينا أن ندعوا إلى الله بالحسنى وبالتي هي أحسن ، بالهدى والرحمة ، قال الله سبحانه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} يبغي أن نكون لينين للناس حتى يقبلوا منا ، رفيقين بهم، مقتدين بالحبيب صلى الله عليه وسلم، حتى نوصل الحق لهم بالرفق واللين ، قال صلى الله عليه وسلم :[ إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ] ويقول كما في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال [إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ] ذكر رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية ـ وهي من أكبر المنظمات المعنية بالدفاع عن الإسلام والمسلمين ـ (أنه تلقى أكثر من 1600 طلب من الأمريكيين والكنديين يطلبون الحصول على مواد تعريفية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك خلال 48 ساعة فقط من إطلاق المجلس حملة تعريفية بالرسول صلى الله عليه وسلم) أ – هـ فبين يديكم أيها المسلمون اليوم فرصة ذهبية للدعوة إلى الله، فإن وراء المحن منحا عظيمة... فلنستثمر هذه الفرصة في الدعوة إلى الله والتعريف بصفات وأخلاق وشمائل الحبيب صلى الله عليه وسلم عبر رسائل شبكة الانترنت العالمية أو غيرها.
5- كما أن على إخواننا ممن يعملون في المستشفيات والشركات في بلادنا دعوة العاملين مهم بنشر أقول منصفي الغرب المترجمة لمن يتكلمون الانجليزية من زملائهم. بواسطة المكاتبات والرسائل ورسائل الوسائط ، والكتب. والأشرطة التي تعرف بالحبيب صلى الله عليه وسلم باللغات المختلفة. وذلك بالتعاون مع مكاتب دعوة الجاليات المنتشرة في مدن بلادنا.
6- مقاطعة المنتجات الدنمركية فقد كانت سلاحا إسلاميا قويا ، شكلت ضغوطا كبيرة من قِبل الشركات المنتجة وملاكها والمساهمين فيها على الحكومة الدنمركية ووسائل إعلامها. قبل أن يأتي من ينادي بكسر المقاطعة ممن اجتهد من الدعاة في البحرين. فقد عُقدت دول الإتحاد الأوربي لكسر المقاطعة مؤتمراتٍ عديدة بعدما لاحظوا ضررها على صادرات بلادهم. وولاة أمرنا حفظهم الله فأيدوا المقاطعة فقد صرح وزير الخارجية أن المقاطعة الشعبية .. شأن شعبي ومن حق كل شخص أن يشتري ما يريد ويترك ما لا يريد.
هذا ما تيسر إيراده من الخطوات العملية لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم. اللهم إنا نشهد بأننا نحبك ونحب نبيك- صلى الله عليه وسلم- اللهم فثبتنا على ذلك حتى نلقاك. وأعنا اللهم على نشر سنته صلى الله عليه وسلم ، وارزقنا اللهم شفاعته يوم العرض عليك، اللهم واجمعنا بهو ووالدينا على حوضه، وفي الفردوس الأعلى.
ألا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة فقد أمركم الله أمركم بأمر عظيم، ألا وهو الصلاة والسلام على النبي الكريم، إذ قال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللّهمَّ صلِّ وسلِّم وزد وبارك على نبيّنا محمّد، وأرضى عن الخلفاء الراشدين الأربعة أولي القدر العلي، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين، وعن والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم نسألك الأمن في الأوطان. اللهم نسألك الأمن والإيمان. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلهم ممن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم أرهم الحق حقاً، وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وأرزقهم اجتنابه. وارزقهم البطانة الصالحة وأبعد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين. {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم} اللهم أرفع عنا الغلاء والربا والزنا والزلازل والفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين يا أرحم الراحمين.
اللهم أرخص حوائج المسلمين. اللهم فرج كربات المكروبين من المسلمين، ونفس اللهم هم المهمومين، واقضي اللهم الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين. اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين اللهم أكرم نزلهم وأوسع مدخلهم، واحشرهم في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا، هنيئًا مرئيًا، صببًا سحًا مجللاً، عامًا نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم اسق البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضر والباد، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين. اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك عباد الله .. إن الله يأمركم بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكَّرون. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون.
عبدالعزيز بن علي العسكر
الخطبة الأولى :
الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، ، والصلاة والسلام على أفضل رسله محمدٍ الصادق الأمين، المبعوث رحمة للخلق أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد: فيا أيها المسلمون، أوصِيكم ونفسي بتقوى الله عزّ وجلّ، فاتقوا الله رحمكم الله.
عبادَ اللهِ.. ألا وإنَّ منْ أعظمِ أبوابِ التقوى، التي يُنالُ بها الأجرُ الوفيرُ، والخيرُ الكثيرُ، في الذبِّ عن عرضِِ المعصومِ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُ التسليمِ، فإنّهُ من أعظمِ القربِ، وأنفعِ الأعمالِ عندَ اللهِ تعالى، كيفَ لا، وهوَ سبحانهُ القائلُ: {واللهُ يعصِمكَ منَ الناسِ} أيها المؤمنون.. لقد ظهرت علاماتُ الحزنِ على عموم المسلمين بعدما نشرت عددٌ من الصحف الدنمركية الرسومات المسيئة لخير من وطئت قدمه الثرى.. ولا شك أن المسلم مأجور على ما يصيبه من هم وحزنٍ وكدر، فكيف إذا كان هذا الحزن والكدر لأجلِ خيرِ البشر؟ قال صلى الله عليه وسلم[عجبًا لأمر المؤمن أن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له] أخرجه الإمام مسلم رحمه الله.
عباد.. إنَّ الهجوم على الإسلام وعلى نبيّ الإسلام لا يزيد الدّين وأهلَه إلا صلابةً وثباتاً وانتشاراً ، إنني استشرف من وراء المحنةِ منحنا عظيمة، أليس في كتاب ربنا يقول سبحانه { لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } وقال تعالى { فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } ؟ وقال عز من قائل: {هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً}
أيها المسلمون.. إن أعداءكم اليهودُ والصليبيون.. وأتباعهُم.. يعلمون ونَعلم أنّ الذين يدخلون في دين الإسلام في ازدياد وتنامي على الرّغم من كلّ الظروف والمتغيّرات والأحداث والمقاومات. فمهما أساءوا ومهما شوهوا أو رسموا فإن الله سيفكي نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزئين.. أو ليس الله جل وعلا ، هو القائلُ: { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} وقال سبحانه {واللهُ يعصِمكَ منَ الناسِ}
وسينزل بهؤلاء الصليبين وأعوانهم ما كانوا به يستهزئون.. قال عز من قائل{ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أيّها المؤمنون.. ودليلُ ذلك حفظُ الله للقرآن والسنة ، ولسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم.. لقد كانت ولا زالت سيرةُ الحبيب صلى الله عليه وسلم سيرةً ومسيرة جليّةَ المعالم، كلّها حقٌّ، وكلّها صدق، توثيقاً وكتابة، وقراءة وبحثاً، واستيعاباً واستنباطاً. لم تُحفَظ قصةُ حياةٍ ولا سيرة رجل ولا مسيرة بطل مثلما حُفظت سيرةُ نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. سيرةٌ لم تلحقها الأساطير والأوهام، وإنّها لإحدى الدلائل التي حفظها الله لتكونَ شاهداً على صدق هذه الرسالة المحمدية.
لقد ضمّت السيرةُ النبوية جميعَ شؤون رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفاصيل حياته وأطوار عمره، من الولادة والرضاعة والطفولة والشباب والكهولة، في حياته قبلَ النبوة، من صدقه وأمانتِه . ثمّ بعثته ومواقف قومه العدائية له صلى الله عليه وسلم، ومقاومتهم له ، وما واجهوه به من اتهاماتٍ بالسحرٍ والجنون والكذب، وما لاقاه من ضرب وشج لوجه الكريم، وكسر لرباعيته.
وبعد تمكنه منهم بفتح مكة قال لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء) ... حرمَ نفسهُ حتى من رؤيةِ النصرِ الذي حققه بفتح مكة، فقد سارَ في موكبِ نصرهِ يومَ الفتح، حانياً رأسهُ على صدره حتى تعذرَ على الناسِ رُؤيةَ وجهه الشريف، مُردداً بينهُ وبينَ نفسهُ ابتهالاتِ الشُّكرِ المبللةِ بالدموع الكريمة، رافعاً إيَّاها في حياءٍ إلى ربِّهِ العليِّ الكبير، حتى وصلَ الكعبة. وخطب خطبة المعروفة.
وبعد الاستقرار في المدينة وبعد العزة والدولة والنصر والتمكين.. وحينَ رأى بعضُ القَادِمين عليهِ يَهابُونُهُ في اضطرابٍ ووجل، قال لهم: ( هَوِّنوا عليكم، إنَّ أُمي كانت تأكلُ القَدِيدَ بمكة ) أمّا حياتُه الشخصية فقد نقل لنا العلماء الأثبات تفاصيلَ أوصافه الجسدية من الطول واللّون والهيئة والمشية وحياته اليوميّة من قيامه وجلوسه ونومه ويقظته وضحكه وغضبه وأكله وشربه ولباسه وما يحبّ وما يكره وعبادته في ليله ونهاره، وحياته مع أهل بيته وفي مسجده وأصحابه مع الأصدقاء ومع الغرباء وفي السفر وفي الحضر، ناهيكم عن أخلاقه الكريمة من التواضع والحلم والحياء والصبر وحسن العشرة، بحيث لم يبقَ شيء من حياته مخفياً أو مكتوماً، إذا دخل بيته فهو بين أهله وخدمه وأولاده، وإذا خرج فهو مع الأصحاب، وكلّ ذلك منقولٌ محفوظ، فهو النبيّ الرسول، والرسول الإمام، والإمام الحاكم، والرسولُ الزوج، والرسول الأب، والرسول المجاهد، والرسولُ المربي، والرسول الصديق، الرسول الرحيم الرؤوف.
أيها المسلمون.. إن محمداً.. صلى الله عليه وسلم اشفقُ وأرحمُ بأحِدنا من أمه عليه ، قال سبحانه { َقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } قال العلامة ابن سعدي رحمه الله تعالى :" هذه المنة التي امتن الله بها على عباده هي اكبرُ النعم بل اجلُها وهي الإمتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضلالة وعصمهم به من التهلكة " أ – هـ عباد الله... محمد صلى الله عليه وسلم أنموذجُ الإنسانية الكاملة، وملتقى الأخلاق الفاضلة.
أعطاه ربُّه وأكرمه، وأعلى قدره ورفع ذكرَه، ووعده بالمزيد حتى يرضى، ولاّه قلبةً يرضاها، من أطاعه فقد أطاع الله، صفوةُ خلقِ الله، وأكرم الأكرمين على الله، حينما قال موسى كليم الله عليه السلام: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبّ لِتَرْضَى} قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} ، وحين سأل موسى عليه السلام ربه: {قَالَ رَبّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى} قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم : {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} أيها المسلمون، ومع حبِّ المسلمين لنبيّهم عليه الصلاة والسلام وتعظيمِهم له وتوقيرهم لجنابه فإنّ عقيدتهم فيه أنه عبدٌ لا يعبَد، ورسول لا يكذَّب، بل يُطاع ويُحبّ ويوقَّر ويُتّبع، شرّفه الله بالعبودية والرسالة. ولقد علَّمنا ربّنا موقعَ نبيّنا منّا فقال عز شأنه: {النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فهو أقربُ إلى قلوبنا من قلوبِنا، وأحبّ إلى نفوسنا من نفوسنا، وهو المقدَّم على أعزّ ما لدينا من نفسٍ أو مال أو ولد أو حبيب، ففي الحديث الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم [ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما] أخرجه البخاري ... وكلنا يا عباد الله يزعم ويدعي محبته للنبي صلى الله عليه وسلم ... وربما نذرف الدموع عليه . فهل يكفي هذا الحزن وهذه الدموع دليلا على حبه ؟ الجواب: لا يكفي ذلك كله، فلا بد من مقياسٍ دقيق يدل عليه الكتاب والسنة لقياس مدى حبنا لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. إذن ما دليل حبنا لله عز وجل وحُبنا لرسوله صلى الله عليه وسلم ؟
دليل ذلك ما أنزل الله في كتابه إذ قال سبحانه {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} والدليل الآخر ما أخبر به الحبيب صلى الله عليه : إذ قال [لا يُؤمِنُ الرَّجُلُ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إليهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ] متفق عليه. وكلنا سنقول نحن نحبه أكثر من أنفسنا وأهلنا وأموالنا!! هذا طيب .. لكن يحتاج لدليل فلنتأمل قوله صلى الله عليه وسلم [لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ]
أيها المؤمنون.. إن أول ركن من أركان الإسلام العظيم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وإذا كنا تطرقنا للشطر الأول في خطب مضت، فإن تحقيق الشطر الثاني من الشهادتين، وهو شهادة أن محمدًا رسول الله، تتم من خلال الأمور التالية:
أولا: تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به، واليقين أنه مبعوثٌ إلى الجن والإنس كافة لتبليغ دين الإسلام الذي لا يقبل الله تعالى دينًا سواه.
ثانيًا: طاعته والرضا بحكمه، والانقياد لسنته والاقتداء به، ونبذ ما يُخالفُ السنة.
ثالثًا: محبته صلى الله عليه وسلم فوق محبة الوالد والولد والنفس؛ ونصرته، والدفاع عنه، والتقيد بما جاء عنه.
فعلى كل مسلم أن يسعى لتحقيق هذا المعنى؛ ليصح إيمانه، وليحقق الشطر الثاني من كلمة التوحيد. قال تعالى { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني الله وإياكم بما فيهما من البيان والحكمة، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله أثنى على عبدِه ورسولِه محمّد في غير موضع من محكم كتابِه، وامتدحه بجميل خلقه وكريم آدابِه، أحمد ربي وأشكره، وأستغفره، وأتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله، أصحابِه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان .
أما بعد: فيا أيها المسلمون.. ويبقى سؤال كبير، ينبغي أن نطرحه على أنفسنا بعد كل خطبة: هو: ماذا يجب علينا أن نفعل؟ أما أن نستمع ونذرف الدموع، ونخرج بدون عمل، فإنني أربأ بكم عن ذلك ، لا بد أن نترجم العلم إلى عمل ، والمشاعر والعاطفة إلى برامج عملية نافعة..
أيها المؤمنون.. إن ما يجب أن يدركه المسلمون اليوم هو أن هذه المحنة التي حلت بنا، بدايةُ خيرٍ كثير، لو استفاد منها المسلمون منها بخطواتٍ إيجابية مدروسة شرعها الله في كتابه، وأمر بها الحبيب صلى الله عليه وسلم في سنته. فأن شُعاعاً عظيماً من الأمل والنصر قد أشرق من جنبات تلك المحنة المظلمة. فماذا ننتظر؟ ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- في كتابه المشهور : "الصارم المسلول على شاتم الرسول" قال رحمه الله : ((حدثني العدول من أهل الفقه والخبرة أنهم كانوا يحاربون بني الأصفر -الروم- فتستعصي عليهم الحصون ويصعب عليهم فتحها ويحاصرونها أكثر من ستة أشهر، حتى إذا وقع أهل الحصن في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشرنا خيرا بقرب فتح الحصن ، يقول فوالله لا يمر يوم أو يومان إلا وقد فتحنا الحصن عليهم بإذن الله جل وعلا) أ – هـ تأملوا ذلك.. كان المسلمون.. يستبشرون خيرا بقرب الفتح إذا ما وقع الأعداء في سب الله أو سب رسول الله مع امتلاء قلوبهم غيظا على ما قالوه. فيعملون.. ولا يتكلون فقط على البشائر. فأدعو إلى الله واعملوا وابشروا وأملوا خيرا. وإنني أقترح خطوات عملية لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، هي :
1- إن كُنا حريصين فيما مضى على تعلم العلم الشرعي عموما والسنة خصوصا؛ فيلزمنا من الآن فصاعداً أن نكون أكثر صبرا على طلب العلم واجتهادا في دراسة السنة النبوية.
2- أن نكون أكثر صدقنا في العمل بالسنة؛ متمسكين بها، عاملين بما نعلم منها، وهذا معني حبنا للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا من أقوى سبل الانتصار للحبيب صلى الله عليه وسلم والذب عن عرضه. والعمل بالعلم يورث العلم، أما العلم بلا عمل فسريعاً ما يضمحل.
3- علينا أن ننشر السنة الشريفة بين أبنائنا وأهلنا، وفي مدارسنا وفي أسواقنا وأحيائنا، وعلى كافة الأصعدة والمستويات، حتى تكون لنا وللأجيال القادمة كالهواء الذي نتنفسه ! فنعمل بالسنة وننشرها ونحث ونربي ونشجع أبنائنا وتلاميذنا على التأسي بالحبيب صلى الله عليه وسلم في كل شئونهم.
4- الدعوة إلى الله ونشر التراجم المتوفرة عنه صلى الله عليه وسلم مما قاله منصفي الغرب وقد جمعه الشيخ خالد الشايع – وفقه الله- ونشره في موقع صيد الفوائد، فلعل المميزين في الانترنت ينقلونه في بقية المنتديات ويتواصون بنشره عبر مواقع الانترنت والمنتديات الغربية والبريد الالكتروني. لكن علينا أن ندعوا إلى الله بالحسنى وبالتي هي أحسن ، بالهدى والرحمة ، قال الله سبحانه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} يبغي أن نكون لينين للناس حتى يقبلوا منا ، رفيقين بهم، مقتدين بالحبيب صلى الله عليه وسلم، حتى نوصل الحق لهم بالرفق واللين ، قال صلى الله عليه وسلم :[ إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ] ويقول كما في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال [إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ] ذكر رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية ـ وهي من أكبر المنظمات المعنية بالدفاع عن الإسلام والمسلمين ـ (أنه تلقى أكثر من 1600 طلب من الأمريكيين والكنديين يطلبون الحصول على مواد تعريفية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك خلال 48 ساعة فقط من إطلاق المجلس حملة تعريفية بالرسول صلى الله عليه وسلم) أ – هـ فبين يديكم أيها المسلمون اليوم فرصة ذهبية للدعوة إلى الله، فإن وراء المحن منحا عظيمة... فلنستثمر هذه الفرصة في الدعوة إلى الله والتعريف بصفات وأخلاق وشمائل الحبيب صلى الله عليه وسلم عبر رسائل شبكة الانترنت العالمية أو غيرها.
5- كما أن على إخواننا ممن يعملون في المستشفيات والشركات في بلادنا دعوة العاملين مهم بنشر أقول منصفي الغرب المترجمة لمن يتكلمون الانجليزية من زملائهم. بواسطة المكاتبات والرسائل ورسائل الوسائط ، والكتب. والأشرطة التي تعرف بالحبيب صلى الله عليه وسلم باللغات المختلفة. وذلك بالتعاون مع مكاتب دعوة الجاليات المنتشرة في مدن بلادنا.
6- مقاطعة المنتجات الدنمركية فقد كانت سلاحا إسلاميا قويا ، شكلت ضغوطا كبيرة من قِبل الشركات المنتجة وملاكها والمساهمين فيها على الحكومة الدنمركية ووسائل إعلامها. قبل أن يأتي من ينادي بكسر المقاطعة ممن اجتهد من الدعاة في البحرين. فقد عُقدت دول الإتحاد الأوربي لكسر المقاطعة مؤتمراتٍ عديدة بعدما لاحظوا ضررها على صادرات بلادهم. وولاة أمرنا حفظهم الله فأيدوا المقاطعة فقد صرح وزير الخارجية أن المقاطعة الشعبية .. شأن شعبي ومن حق كل شخص أن يشتري ما يريد ويترك ما لا يريد.
هذا ما تيسر إيراده من الخطوات العملية لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم. اللهم إنا نشهد بأننا نحبك ونحب نبيك- صلى الله عليه وسلم- اللهم فثبتنا على ذلك حتى نلقاك. وأعنا اللهم على نشر سنته صلى الله عليه وسلم ، وارزقنا اللهم شفاعته يوم العرض عليك، اللهم واجمعنا بهو ووالدينا على حوضه، وفي الفردوس الأعلى.
ألا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة فقد أمركم الله أمركم بأمر عظيم، ألا وهو الصلاة والسلام على النبي الكريم، إذ قال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللّهمَّ صلِّ وسلِّم وزد وبارك على نبيّنا محمّد، وأرضى عن الخلفاء الراشدين الأربعة أولي القدر العلي، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين، وعن والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم نسألك الأمن في الأوطان. اللهم نسألك الأمن والإيمان. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلهم ممن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم أرهم الحق حقاً، وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وأرزقهم اجتنابه. وارزقهم البطانة الصالحة وأبعد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين. {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم} اللهم أرفع عنا الغلاء والربا والزنا والزلازل والفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين يا أرحم الراحمين.
اللهم أرخص حوائج المسلمين. اللهم فرج كربات المكروبين من المسلمين، ونفس اللهم هم المهمومين، واقضي اللهم الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين. اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين اللهم أكرم نزلهم وأوسع مدخلهم، واحشرهم في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا، هنيئًا مرئيًا، صببًا سحًا مجللاً، عامًا نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم اسق البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضر والباد، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين. اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك عباد الله .. إن الله يأمركم بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكَّرون. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى