رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ , ونستغفرهُ , ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا , ومن سيِّئاتِ أعمالِنا , منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ , ومنْ يُضلل فلا هاديَ له .
وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } ]آل عمران:102[ .
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ]النساء:1[ .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ! يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } ]الأحزاب:70-71[ .
أما بعدُ : فإن أصدقَ الحديثِ كتابَ الله , وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها , وكلَّ محدثةٍ بدعة , وكلَّ بدعةٍ ضلالة , وكلَّ ضلالةٍ في النار .
أما بعد , أيها المسلمون :
فنتيجةً لضعفِ الإيمان بَعد العهدِ بعصرِ النبوةِ , استخفَ كثيرٌ من المسلمين بدينهِم العظيم , وشرعهِم القويم , فاتخذوه هزواً ولعبا , أو طقوساً ودروشة وترتب على ذلك ونتج عنه , أن غفلَ المسلمون عن المهمةِ العظيمةِ , التي تعلقتْ بها رقابهُم , والمسؤوليةِ الضخمة التي شُغلتْ بها ذممهُم , ألا وهي إخراجُ الناس من الظلماتِ إلى النور , ومن جورِ الأديان إلى عدالةِ الإسلام , ومن ضيق الدنيا إلى سعةِ الدنيا والآخرة , ولقد فقهَ أسلافُنا الأولون , تلك المهمةَ بفهمٍ تام , فقاموا بها خيَر قيام , فتركوا من أجلهِا العشيرةَ والوطن , وتخلوا عن المالِ والولد , وحملوا أرواحَهم على أكفهِم , مجاهدين في سبيل الله , باذلين مُهَجهم في سبيلِ إبلاغِ هذا الدين, للبشريةِ المتخبطة في وثنيتهِا وإلحادهِا , والسادرةِ في غيهِا وفجورها , حتى ظهر المسلمون , وتزعموا العالم, وعزلوا الأممَ المتسلطة عن القيادةِ والرياسة , وساروا بالبشريةِ سيراً حثيثا إلى بر الأمان ، بعد أن توفرتْ في المسلمين الصفاتُ التي تؤهلهُم لقيادةِ العالم كله , وتضمنُ سعادتهَ وفلاحَه في ظلِ الإسلام , وتحتَ سلطتِه , فأولُ تلك الصفاتِ: أنهم أصحابُ كتابٍ منزل , وشريعةٍ من السماء , فلا يُقننون من عندِ أنفسهِم , ولا يُشرَّعون بمحضِ عقولهِم , لأنَّ ذلك منبعُ الجهلِ والخطأ , والظلمِ والجور , وثانيا: لأنهم لم يتولوا الحكمَ والإدارة , إلا بعد أن مكثوا زمناً طويلا , تحت يدِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم , وإشرافهِ الدقيق , يُعلمهمُ ويُثقفهُم , ويُزكيهمِ ويُؤدبهُم, ويأخذهُم بالزهدِ والورع , والعفةِ والأمانة , والخشيةِ والإنابة , خلافاً لغالبِ الأممِ والأفراد قديماً وحديثاً , ممن تولى مقاليدَ الأمور , وزمامَ السياسة , دون رصيدٍ يُذكر من تربيةٍ, أو خلقٍ أو ديانة .
وثالثاً : لأن السلف الأولين لم يكونوا خَدمةَ جنسٍ, أو لونٍ, ولا رسلَ شعبٍ أو وطن , يَسعون لرفاهيتِه ومصلحتِه وحدَه , ولم يخرجوا ليؤسِسُوا إمبراطوريةً عربية , ينعمون ويهنأوون في ظلها , ويشمخونَ, ويتكبرون تحتَ حمايتهِا , ولم يخرجوا من ديارهِم أشراً وبطراً, ورئاءَ الناس , وإنما خرجوا لإقامةِ دولةِ الإسلام , وإخراجِ العباد من عبادةِ العباد إلى عبادةِ الله وحده , ولم يكن أسلافُنا ينظرونَ لهذه الحياة كقفصٍ من حديد , فيعادونُه ويكسرونه , كما أنهم في الوقتِ نفسه, لا ينظرون إليها كفرصةٍ من لهوٍ ونعيم لا تعودُ أبدا. فينتهزونها ويهتمون بها , بكل شغفٍ وجنون , فلا يُضيعون ساعةً واحدة دون عربدةٍ أو مجون , لذا كان ظهورُ المدينِة الإسلامية , بروحهِا وأصالتهِا , وقيامُ الدولةِ الإسلامية بشكلهِا ونظامها , فصلاً جديدا في تاريخِ الأديانِ والأخلاق , وظاهرةً عجيبة في عالم ِالسياسةِ, والاجتماع , انقلبَ به تيارُ المدنية رأساً على عقب , واتجهتْ به الدنيا اتجاهاً جديداً , لم يُعهدْ لـه مثيلٌ في تاريخِ الأممِ والشعوب , على مرِّ الدهورِ والأزمان , فكانت المدنيةُ الإسلامية , والفتحُ الإسلاميُ الكبير , منحةً عظيمةً للجاهليةِ المُتخبطةِ , والإنسانيةِ الحيرى , وجدتْ فيها نجاةً وسعادة , وروحاً ومادة , وحياةً وقوة , وديناً ودولة , وحكومة وسياسة , وكان الإسلامُ الضاربُ بجراره فوقَ الأرض, ديناً عظيماً بحق , ومنهجاً قويماً بصدق , كلُهُ حكمةٌ وعدالة , إزاء أوهامٍ وخرافاتْ كانت سائدة , وكله شرعٌ ووحي إزاءَ أقيسةٍ وتجارب , وتشريعاتٍ بشريةٍ هزيلة , كانتْ جاثمةً فوقَ الصدور , وإذا بالجاهليةِ الفاضحة تتحول ببركة الإسلام , إلى مدينةٍ فاضلة , قويةِ البنيان محكمةِ القواعد , يسودُها التقوى والورع , والعفةُ والأمانة , وتَسمو الأخلاقُ والآداب فوقَ المالِ والجاه , والمنصبِ والمكانة , ويتساوى الناسُ , فلا يتفاضلون إلا بالتقوى , ولا يتمايزون إلا بالدين والقيم , ويهتمُ الناس بالآخرة , فتصبح النفوسُ مطمئنة , والقلوبُ خاشعة , ويقلُ التكالبُ على جمعِ الحطام , والتنافسُ من أجلِ السراب , كلُ ذلك وأكثر , تحقق للجاهليةِ حينما تغشّاهَا الإسلام , وحطّمَ عروشَها المتصدعة , وبنيانهَا المهتز , بعد أن كانت مدنيةً صاخبة , مضطربةً متناحرة , يسودُها الظلم , وتعلوهُا الكآبة , ويلفُها البغضُ والكراهية , ويتخللُها الفجورُ والطغيان , والترفُ والمتعةُ الحرام , حتى أصبحت تلك المدنيةُ الزائفة , جحيما لا يطاق , وسعيرا لا ُيحتمل , كما قدم المسلمون للعالم كذلك , حكومةً عاملة , تساوي بين رعاياها , فلا يُقدَّمُ ذو حسبٍ لحسبه , ولا ذو نسبٍ لنسبه , ولا مزيةَ لأسرة من الأسر , ولا لقبيلةٍ من القبائل , ولا لعشيرة من العشائر , فالكل متساوون في الفرص , متعادلون في الحقِ الواجب , والثواب والعقاب , وهي حكومةٌ كذلك , تحرسُ الناسَ في أخلاقهِم وأعراضهم , وقيمهِم ومبادئهِم تماماً , كما تحرسُهم في بيوتهمِ وأموالهِم , ودماءهم وأرواحهم , وذلك كلهُ في مقابلِ حكوماتٍ جاهلية كانت سائدة من قبل , عم فيها الجورُ والعدوان , والشرُ والطغيان , وتواضَع رجالهاُ على الخيانةِ والظلم , والسرقةِ والغلول , ونشرت تلك الحكوماتْ المتسلطة أسبابَ الرذيلة , وهيأتْ سُيل الغواية, وفتنتْ الناسَ عن دينهِم ، وقدمتْ لهم الفجور باسمِ المدنية , وعَرضتْ لهم الفساد باسمِ التقدمية , وإزاء هذا الانقلاب العظيم , الذي أحدثه الإسلام في واقعِ الجاهلياتِ البغيضة , أصبح الناسُ حينذاك , يدخلون في دين الله أفواجا , بكل شوقٍ وقناعة , وإقبالٍ وحماس , وبدون ضغطٍ, أو إكراه , وكان الواحدُ منهم يدخلُ الدينَ الجديد فلا يخسُر شيئاً, ولا يفقدُ شيئاً, بل إنه ليجدُ بردَ اليقين , وحلاوةَ الإيمان , ولذةَ العبودية , ويكتسبُ ثقةً وأمناً, وعزاً ورخاء , وصارت أرضُ الجاهلية تنتقصُ من أطرافها , ودولةُ الإسلام , تزحفُ في كل اتجاه , وظلها يمتد في كل مكان حتى ارتفعت الفتنة , وكان الدين كله لله , وما كان ذلك ليتم , وتلك الأمجاد لتتحقق , لولا أن أسلافنا استجابوا لأمر ربهم , وهو يأمرهم بحمل هذا الدين , وإبلاغه للناس أجمعين , بعز عزيز, أو بذل ذليل , : ]وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ[ [البقرة: من الآية193] , قاتلوهم حتى لا تكون وثنية وهمجية , وظلم وجور , وقاتلوهم حتى لا تكون رذيلة وفاحشة , وفجور وعربدة , فلبى المسلمون النداء , وسطروا ملاحم البطولة والفداء , ورسموا أقواس النصر , بدمائهم ودموعهم وعرقهم , فسل التاريخ عن بدرٍ الكبرى , وكيف خاضها المسلمون , المفارقون لدورهم مسقط الرأس , ومنشأ الوالد والولد , وواجهوا العدو المتفجر غضبا وحنقا , فتركوه أشلاء ممزقة , وجيفا منتنة, في قليب بدرٍ, وسل التاريخ عن واقعة اليرموك الجلل يوم واجه أربعون ألفاً من المسلمين , واجهوا مائتين وأربعين ألفاً من الروم , أي ستة أضعافهم , في واحدةٍ من ملاحم التاريخ, وعجائب الدنيا , فوق أرضٍ مكشوفةٍ , فما وضعتِ الحربُ أوزارها إلا على جماجم الروم الهلكى , ودمائهم النجسة , وهزيمة لا تنسى , وفي القادسية أذاق المسلمون بقيادة سعد رضي الله عنه , أذاقوا الفرس هزيمةً نكراء , ومقتلةً مهولة , لازال المجوس يتجرعون مرارتها حتى اليوم , كل ذلك والمسلمون ثلاثون ألف رجل , في مقابل مائتين وأربعين ألفاً من المجوس والأوباش , وفي حطين أقبل الأوربيون النصارى بجيوش كالجبال , من كل حدبٍ وصوب , وفي نيتهم القضاء على ما تبقى من قلاع الإسلام , واحتلالِ المدينةِ النبوية الشريفة , فخرج إليهم الأسد المعجزة , صلاح الدين - رحمه الله - فكسر شوكتهم , وأباد جيوشهم , وطرد فلولهم , وحُرر بيت المقدس , مسرى رسول صلى الله عليه وسلم في واحدةً من فرائد المعارك , وملحمةً من سو انح التاريخ .
أولئك آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ولو تتبعنا انتصارات المسلمين , وأيامهم العظيمة, وبلائهم في سبيل نصرة هذا الدين , وإبلاغه للناس لعجز القلم , وكلّ اللسان , ولكنها إشارات خاطفة , وبرقيات عاجلة , لأولئك المساكين المخدوعين, بأطروحات الحمقى والمغفلين , الباذلين جهودهم في التضليل والإغواء , وصرف هممهم إلى انتصارات زائفة , و أمجادٍ تافهة , وغايات دنيئة , ومعظمين في نفوس العامة والناشئة , نموراً من ورق , وأسوداً من خشب , إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
بارك الله لي ولكم ,
الخطبة الثانية :
فخلاصة ما سمعتم , يتلخص في الأمور التالية :
أولاً : يجب أن ندرك جميعا أنه لا وزن لنا, ولا قيمة في هذا الوجود إلا حين نتمسك بالإسلام , ونراجع ديننا الذي هو عصمة أمرنا , وسر فلاحنا , كما يجبُ أن ندركَ أننا لن ننتزع احترام العالم, ونحظى بتقديره, واحترامه , إلا بالإسلام الذي يهابونه, ويحسبون لـه ألف حساب , كما لا يمكن أن نسترد اعتبارنا وكرامتنا , إلا بالإسلام , وبالإسلام فقط , فلتسقط كل الشعارات الزائفة , والأطروحات التافهة , من قوميةٍ ووطنيةٍ , واشتراكيةٍ, وديمقراطيةٍ , وإبليسيةٍ, وشيطانية .
ثانياً : يجب أن نعي نحن المسلمين , أننا أصحاب رسالة , يجب إبلاغها للناس , وأصحاب دينٍ يجب عرضه نقياً بلا شوائب , صافياً من غير كدر , ناصعاً من غير تشويه , نعرضُ هذا الدين بأصالته وشموله , غضا كما أُنزل , نعرضه قرآناً وسنة , وتاريخاً وسيرةً , لا رقصاً ولعباً , وأهازيج وطبولا , حينها لا نشك من إقبال الناس عليه, ودخولهم فيه , واحتفالهم به .
ثالثاً : يجب أن تُربى الأجيال على حب الإسلام , وفدائه بالروح والمال والولد , وأن يوصلَ الناسُ بتاريخهم , وبطولات أجدادهم وأسلافهم , حتى يتشبهوا بهم , ويقتدوا بسيرهم , وأن يعتقد المسلمون جازمين , أنهم متى ما أقاموا دولة الإسلام في قلوبهم , قامت دولة الإسلام فوق أرضهم وأرض خصومهم , تحقيقاً لنبوءة محمد صلى الله عليه وسلم : « إن الله زوى لي الأرض , فرأيت مشارقها ومغاربها , وإن مُلك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها »}[1][2]{ , وقوله كذلك : « ولا يترك الله بيتَ وبر ولا مدر إلا أدخله الله الإسلام ، بعز عزيز , أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام , وذلاً يذل الله به الكفر»}[2][3]{ .
رابعا : يجب أن نعي نحن المسلمين بإدراكٍ تام, أن البطولات الحقيقة التي يحق لنا أن نفخر بها, ونحي ذكراها في النفوس , ونلوحُ للعالم بها, وأننا قادرون على تسطير أمثالها , هي تلك البطولات التي حققها أسلافنا الأولون في بدرٍ وخيبر , والقادسية, واليرموك , وجلولاء, وحطين , وأما ما عداها من البطولات , أوهامٌ لا معنى لها , وسرابٌ لا حقيقة لـه , لا تبني مجداً, ولا تسترد عزا , وها أنت ترى دمائنا مهدرة , وأعراضنا مستباحة , ومقداستنا ممتهنة , وعدونا يلوحُ بعصاه الغليظة فوق رؤوسنا , دون أن نجرؤ على تغيير واقعنا الُمر , ومصابنا الجلل , وغايةُ ما نفعله هو التباكي على عتبات هيئة الأمم , ومجلس الأمن المزعوم , والذي ما هو إلا ضحكٌ على الذقون , وسخريةً بالمسلمين , وإن ننسى فلا ننسى يوم سئلت رئيسة الوزارة البريطانية قبل سنوات حين جيشت الجيوش , وحركت الأساطيلَ لحرب الأرجنتين واغتصاب جُزْر الفوكلاند من أهلها الأصليين , مرة أخرى , فقيل لها : ما الذي يمنعك من حل المشكلة بطرق سلمية , عبر مجلس الأمن ؟ فأجابت على الفور : إن مجلس الأمن ما وضع إلا من أجل العرب !! ولقد صدقت وهي كذوب , إلا إن العالم لا يفهم إلا لغة القوة, ولا يحترم إلا الأقوياء .
أجل أيها المؤمنون: كل الدروب مسدودةً سوى درب القوة , ودرب الجهاد , كل الصرخات ليس لها صدى في أودية العالم الجديد, سوى صيحات الجهاد , صيحات التكبير , كل الرايات سرابٌ إلا رايةُ الجهاد , الجهاد هو الحل , وهو السبيل ولا سبيل سواه , شهدت بذلك الآيات الصريحة , والأحاديث الصحيحة , ونطق به التاريخ المجيد , والجهاد درب طويل , العلماءُ المخلصون قياداته , والدعاة الناصحون حداته , والأبطال المقاتلون ثمرته , في قولـه تعالى : ] لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [ [الحديد:25] .
اللهم إنا نسألك إيمانا يباشر قلوبنا ,
النصر الحقيقي
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } ]آل عمران:102[ .
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ]النساء:1[ .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ! يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } ]الأحزاب:70-71[ .
أما بعدُ : فإن أصدقَ الحديثِ كتابَ الله , وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها , وكلَّ محدثةٍ بدعة , وكلَّ بدعةٍ ضلالة , وكلَّ ضلالةٍ في النار .
أما بعد , أيها المسلمون :
فنتيجةً لضعفِ الإيمان بَعد العهدِ بعصرِ النبوةِ , استخفَ كثيرٌ من المسلمين بدينهِم العظيم , وشرعهِم القويم , فاتخذوه هزواً ولعبا , أو طقوساً ودروشة وترتب على ذلك ونتج عنه , أن غفلَ المسلمون عن المهمةِ العظيمةِ , التي تعلقتْ بها رقابهُم , والمسؤوليةِ الضخمة التي شُغلتْ بها ذممهُم , ألا وهي إخراجُ الناس من الظلماتِ إلى النور , ومن جورِ الأديان إلى عدالةِ الإسلام , ومن ضيق الدنيا إلى سعةِ الدنيا والآخرة , ولقد فقهَ أسلافُنا الأولون , تلك المهمةَ بفهمٍ تام , فقاموا بها خيَر قيام , فتركوا من أجلهِا العشيرةَ والوطن , وتخلوا عن المالِ والولد , وحملوا أرواحَهم على أكفهِم , مجاهدين في سبيل الله , باذلين مُهَجهم في سبيلِ إبلاغِ هذا الدين, للبشريةِ المتخبطة في وثنيتهِا وإلحادهِا , والسادرةِ في غيهِا وفجورها , حتى ظهر المسلمون , وتزعموا العالم, وعزلوا الأممَ المتسلطة عن القيادةِ والرياسة , وساروا بالبشريةِ سيراً حثيثا إلى بر الأمان ، بعد أن توفرتْ في المسلمين الصفاتُ التي تؤهلهُم لقيادةِ العالم كله , وتضمنُ سعادتهَ وفلاحَه في ظلِ الإسلام , وتحتَ سلطتِه , فأولُ تلك الصفاتِ: أنهم أصحابُ كتابٍ منزل , وشريعةٍ من السماء , فلا يُقننون من عندِ أنفسهِم , ولا يُشرَّعون بمحضِ عقولهِم , لأنَّ ذلك منبعُ الجهلِ والخطأ , والظلمِ والجور , وثانيا: لأنهم لم يتولوا الحكمَ والإدارة , إلا بعد أن مكثوا زمناً طويلا , تحت يدِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم , وإشرافهِ الدقيق , يُعلمهمُ ويُثقفهُم , ويُزكيهمِ ويُؤدبهُم, ويأخذهُم بالزهدِ والورع , والعفةِ والأمانة , والخشيةِ والإنابة , خلافاً لغالبِ الأممِ والأفراد قديماً وحديثاً , ممن تولى مقاليدَ الأمور , وزمامَ السياسة , دون رصيدٍ يُذكر من تربيةٍ, أو خلقٍ أو ديانة .
وثالثاً : لأن السلف الأولين لم يكونوا خَدمةَ جنسٍ, أو لونٍ, ولا رسلَ شعبٍ أو وطن , يَسعون لرفاهيتِه ومصلحتِه وحدَه , ولم يخرجوا ليؤسِسُوا إمبراطوريةً عربية , ينعمون ويهنأوون في ظلها , ويشمخونَ, ويتكبرون تحتَ حمايتهِا , ولم يخرجوا من ديارهِم أشراً وبطراً, ورئاءَ الناس , وإنما خرجوا لإقامةِ دولةِ الإسلام , وإخراجِ العباد من عبادةِ العباد إلى عبادةِ الله وحده , ولم يكن أسلافُنا ينظرونَ لهذه الحياة كقفصٍ من حديد , فيعادونُه ويكسرونه , كما أنهم في الوقتِ نفسه, لا ينظرون إليها كفرصةٍ من لهوٍ ونعيم لا تعودُ أبدا. فينتهزونها ويهتمون بها , بكل شغفٍ وجنون , فلا يُضيعون ساعةً واحدة دون عربدةٍ أو مجون , لذا كان ظهورُ المدينِة الإسلامية , بروحهِا وأصالتهِا , وقيامُ الدولةِ الإسلامية بشكلهِا ونظامها , فصلاً جديدا في تاريخِ الأديانِ والأخلاق , وظاهرةً عجيبة في عالم ِالسياسةِ, والاجتماع , انقلبَ به تيارُ المدنية رأساً على عقب , واتجهتْ به الدنيا اتجاهاً جديداً , لم يُعهدْ لـه مثيلٌ في تاريخِ الأممِ والشعوب , على مرِّ الدهورِ والأزمان , فكانت المدنيةُ الإسلامية , والفتحُ الإسلاميُ الكبير , منحةً عظيمةً للجاهليةِ المُتخبطةِ , والإنسانيةِ الحيرى , وجدتْ فيها نجاةً وسعادة , وروحاً ومادة , وحياةً وقوة , وديناً ودولة , وحكومة وسياسة , وكان الإسلامُ الضاربُ بجراره فوقَ الأرض, ديناً عظيماً بحق , ومنهجاً قويماً بصدق , كلُهُ حكمةٌ وعدالة , إزاء أوهامٍ وخرافاتْ كانت سائدة , وكله شرعٌ ووحي إزاءَ أقيسةٍ وتجارب , وتشريعاتٍ بشريةٍ هزيلة , كانتْ جاثمةً فوقَ الصدور , وإذا بالجاهليةِ الفاضحة تتحول ببركة الإسلام , إلى مدينةٍ فاضلة , قويةِ البنيان محكمةِ القواعد , يسودُها التقوى والورع , والعفةُ والأمانة , وتَسمو الأخلاقُ والآداب فوقَ المالِ والجاه , والمنصبِ والمكانة , ويتساوى الناسُ , فلا يتفاضلون إلا بالتقوى , ولا يتمايزون إلا بالدين والقيم , ويهتمُ الناس بالآخرة , فتصبح النفوسُ مطمئنة , والقلوبُ خاشعة , ويقلُ التكالبُ على جمعِ الحطام , والتنافسُ من أجلِ السراب , كلُ ذلك وأكثر , تحقق للجاهليةِ حينما تغشّاهَا الإسلام , وحطّمَ عروشَها المتصدعة , وبنيانهَا المهتز , بعد أن كانت مدنيةً صاخبة , مضطربةً متناحرة , يسودُها الظلم , وتعلوهُا الكآبة , ويلفُها البغضُ والكراهية , ويتخللُها الفجورُ والطغيان , والترفُ والمتعةُ الحرام , حتى أصبحت تلك المدنيةُ الزائفة , جحيما لا يطاق , وسعيرا لا ُيحتمل , كما قدم المسلمون للعالم كذلك , حكومةً عاملة , تساوي بين رعاياها , فلا يُقدَّمُ ذو حسبٍ لحسبه , ولا ذو نسبٍ لنسبه , ولا مزيةَ لأسرة من الأسر , ولا لقبيلةٍ من القبائل , ولا لعشيرة من العشائر , فالكل متساوون في الفرص , متعادلون في الحقِ الواجب , والثواب والعقاب , وهي حكومةٌ كذلك , تحرسُ الناسَ في أخلاقهِم وأعراضهم , وقيمهِم ومبادئهِم تماماً , كما تحرسُهم في بيوتهمِ وأموالهِم , ودماءهم وأرواحهم , وذلك كلهُ في مقابلِ حكوماتٍ جاهلية كانت سائدة من قبل , عم فيها الجورُ والعدوان , والشرُ والطغيان , وتواضَع رجالهاُ على الخيانةِ والظلم , والسرقةِ والغلول , ونشرت تلك الحكوماتْ المتسلطة أسبابَ الرذيلة , وهيأتْ سُيل الغواية, وفتنتْ الناسَ عن دينهِم ، وقدمتْ لهم الفجور باسمِ المدنية , وعَرضتْ لهم الفساد باسمِ التقدمية , وإزاء هذا الانقلاب العظيم , الذي أحدثه الإسلام في واقعِ الجاهلياتِ البغيضة , أصبح الناسُ حينذاك , يدخلون في دين الله أفواجا , بكل شوقٍ وقناعة , وإقبالٍ وحماس , وبدون ضغطٍ, أو إكراه , وكان الواحدُ منهم يدخلُ الدينَ الجديد فلا يخسُر شيئاً, ولا يفقدُ شيئاً, بل إنه ليجدُ بردَ اليقين , وحلاوةَ الإيمان , ولذةَ العبودية , ويكتسبُ ثقةً وأمناً, وعزاً ورخاء , وصارت أرضُ الجاهلية تنتقصُ من أطرافها , ودولةُ الإسلام , تزحفُ في كل اتجاه , وظلها يمتد في كل مكان حتى ارتفعت الفتنة , وكان الدين كله لله , وما كان ذلك ليتم , وتلك الأمجاد لتتحقق , لولا أن أسلافنا استجابوا لأمر ربهم , وهو يأمرهم بحمل هذا الدين , وإبلاغه للناس أجمعين , بعز عزيز, أو بذل ذليل , : ]وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ[ [البقرة: من الآية193] , قاتلوهم حتى لا تكون وثنية وهمجية , وظلم وجور , وقاتلوهم حتى لا تكون رذيلة وفاحشة , وفجور وعربدة , فلبى المسلمون النداء , وسطروا ملاحم البطولة والفداء , ورسموا أقواس النصر , بدمائهم ودموعهم وعرقهم , فسل التاريخ عن بدرٍ الكبرى , وكيف خاضها المسلمون , المفارقون لدورهم مسقط الرأس , ومنشأ الوالد والولد , وواجهوا العدو المتفجر غضبا وحنقا , فتركوه أشلاء ممزقة , وجيفا منتنة, في قليب بدرٍ, وسل التاريخ عن واقعة اليرموك الجلل يوم واجه أربعون ألفاً من المسلمين , واجهوا مائتين وأربعين ألفاً من الروم , أي ستة أضعافهم , في واحدةٍ من ملاحم التاريخ, وعجائب الدنيا , فوق أرضٍ مكشوفةٍ , فما وضعتِ الحربُ أوزارها إلا على جماجم الروم الهلكى , ودمائهم النجسة , وهزيمة لا تنسى , وفي القادسية أذاق المسلمون بقيادة سعد رضي الله عنه , أذاقوا الفرس هزيمةً نكراء , ومقتلةً مهولة , لازال المجوس يتجرعون مرارتها حتى اليوم , كل ذلك والمسلمون ثلاثون ألف رجل , في مقابل مائتين وأربعين ألفاً من المجوس والأوباش , وفي حطين أقبل الأوربيون النصارى بجيوش كالجبال , من كل حدبٍ وصوب , وفي نيتهم القضاء على ما تبقى من قلاع الإسلام , واحتلالِ المدينةِ النبوية الشريفة , فخرج إليهم الأسد المعجزة , صلاح الدين - رحمه الله - فكسر شوكتهم , وأباد جيوشهم , وطرد فلولهم , وحُرر بيت المقدس , مسرى رسول صلى الله عليه وسلم في واحدةً من فرائد المعارك , وملحمةً من سو انح التاريخ .
أولئك آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ولو تتبعنا انتصارات المسلمين , وأيامهم العظيمة, وبلائهم في سبيل نصرة هذا الدين , وإبلاغه للناس لعجز القلم , وكلّ اللسان , ولكنها إشارات خاطفة , وبرقيات عاجلة , لأولئك المساكين المخدوعين, بأطروحات الحمقى والمغفلين , الباذلين جهودهم في التضليل والإغواء , وصرف هممهم إلى انتصارات زائفة , و أمجادٍ تافهة , وغايات دنيئة , ومعظمين في نفوس العامة والناشئة , نموراً من ورق , وأسوداً من خشب , إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
بارك الله لي ولكم ,
الخطبة الثانية :
فخلاصة ما سمعتم , يتلخص في الأمور التالية :
أولاً : يجب أن ندرك جميعا أنه لا وزن لنا, ولا قيمة في هذا الوجود إلا حين نتمسك بالإسلام , ونراجع ديننا الذي هو عصمة أمرنا , وسر فلاحنا , كما يجبُ أن ندركَ أننا لن ننتزع احترام العالم, ونحظى بتقديره, واحترامه , إلا بالإسلام الذي يهابونه, ويحسبون لـه ألف حساب , كما لا يمكن أن نسترد اعتبارنا وكرامتنا , إلا بالإسلام , وبالإسلام فقط , فلتسقط كل الشعارات الزائفة , والأطروحات التافهة , من قوميةٍ ووطنيةٍ , واشتراكيةٍ, وديمقراطيةٍ , وإبليسيةٍ, وشيطانية .
ثانياً : يجب أن نعي نحن المسلمين , أننا أصحاب رسالة , يجب إبلاغها للناس , وأصحاب دينٍ يجب عرضه نقياً بلا شوائب , صافياً من غير كدر , ناصعاً من غير تشويه , نعرضُ هذا الدين بأصالته وشموله , غضا كما أُنزل , نعرضه قرآناً وسنة , وتاريخاً وسيرةً , لا رقصاً ولعباً , وأهازيج وطبولا , حينها لا نشك من إقبال الناس عليه, ودخولهم فيه , واحتفالهم به .
ثالثاً : يجب أن تُربى الأجيال على حب الإسلام , وفدائه بالروح والمال والولد , وأن يوصلَ الناسُ بتاريخهم , وبطولات أجدادهم وأسلافهم , حتى يتشبهوا بهم , ويقتدوا بسيرهم , وأن يعتقد المسلمون جازمين , أنهم متى ما أقاموا دولة الإسلام في قلوبهم , قامت دولة الإسلام فوق أرضهم وأرض خصومهم , تحقيقاً لنبوءة محمد صلى الله عليه وسلم : « إن الله زوى لي الأرض , فرأيت مشارقها ومغاربها , وإن مُلك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها »}[1][2]{ , وقوله كذلك : « ولا يترك الله بيتَ وبر ولا مدر إلا أدخله الله الإسلام ، بعز عزيز , أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام , وذلاً يذل الله به الكفر»}[2][3]{ .
رابعا : يجب أن نعي نحن المسلمين بإدراكٍ تام, أن البطولات الحقيقة التي يحق لنا أن نفخر بها, ونحي ذكراها في النفوس , ونلوحُ للعالم بها, وأننا قادرون على تسطير أمثالها , هي تلك البطولات التي حققها أسلافنا الأولون في بدرٍ وخيبر , والقادسية, واليرموك , وجلولاء, وحطين , وأما ما عداها من البطولات , أوهامٌ لا معنى لها , وسرابٌ لا حقيقة لـه , لا تبني مجداً, ولا تسترد عزا , وها أنت ترى دمائنا مهدرة , وأعراضنا مستباحة , ومقداستنا ممتهنة , وعدونا يلوحُ بعصاه الغليظة فوق رؤوسنا , دون أن نجرؤ على تغيير واقعنا الُمر , ومصابنا الجلل , وغايةُ ما نفعله هو التباكي على عتبات هيئة الأمم , ومجلس الأمن المزعوم , والذي ما هو إلا ضحكٌ على الذقون , وسخريةً بالمسلمين , وإن ننسى فلا ننسى يوم سئلت رئيسة الوزارة البريطانية قبل سنوات حين جيشت الجيوش , وحركت الأساطيلَ لحرب الأرجنتين واغتصاب جُزْر الفوكلاند من أهلها الأصليين , مرة أخرى , فقيل لها : ما الذي يمنعك من حل المشكلة بطرق سلمية , عبر مجلس الأمن ؟ فأجابت على الفور : إن مجلس الأمن ما وضع إلا من أجل العرب !! ولقد صدقت وهي كذوب , إلا إن العالم لا يفهم إلا لغة القوة, ولا يحترم إلا الأقوياء .
أجل أيها المؤمنون: كل الدروب مسدودةً سوى درب القوة , ودرب الجهاد , كل الصرخات ليس لها صدى في أودية العالم الجديد, سوى صيحات الجهاد , صيحات التكبير , كل الرايات سرابٌ إلا رايةُ الجهاد , الجهاد هو الحل , وهو السبيل ولا سبيل سواه , شهدت بذلك الآيات الصريحة , والأحاديث الصحيحة , ونطق به التاريخ المجيد , والجهاد درب طويل , العلماءُ المخلصون قياداته , والدعاة الناصحون حداته , والأبطال المقاتلون ثمرته , في قولـه تعالى : ] لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [ [الحديد:25] .
اللهم إنا نسألك إيمانا يباشر قلوبنا ,
النصر الحقيقي
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى