عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
غدا سيكون أجمل وأروع بإذن الله.. هكذا نتمنى عندما ننظر إلى أبنائنا وبناتنا وهم يجدون ويجتهدون مدركين أهمية ما يقومون به، ساعين للأفضل دوما، عندما نشاهد أبناءنا وبناتنا وهم يتحركون صباح كل يوم باتجاه مؤسسات تعليمية أسست على أرضية ثقافية علمية واعدة، حاملين هم وطن سيعتمد عليهم في الغد القريب بإذن الله، عندها ينتابنا دون شك شعور رائع من التفاؤل اليقظ، إلا أنه من المؤلم أننا لم نقدم لهؤلاء المثل الذي يرجونه، أو هكذا أظن .. فنحن جيل عرف الدلال وبالدلال نشأ، جيل كانت الجامعات على سبيل المثال تفرش له الأرض وتزين الطرقات رغبة في إقناعه بالانضمام إليها..
هذا الدلال لم نقدر قيمته حينها مع أنه تعدى المدارس والمعاهد والجامعات ليصل إلى حياتنا العملية، فالواحد منا كما أذكر.. كان يتأفف من كثر ملاحقته بتلك العروض المغرية، فكل منها كان يسعى لاستقطابنا للعمل ضمن موظفيه.. تلك هي أيامنا الخوالي التي نحاول دوما إخفاء حقيقتها عن أبنائنا، الذين كثيرا ما نسمعهم أننا حفرنا الصخر بأظافرنا، وواصلنا الليل بالنهار، وأننا بذلنا الكثير لنقف على الأرض التي نقف عليها! والحقيقة تكمن في أننا كنا نجتهد بطريقتنا الخاصة.. ولكن مقارنة بما يقدمه أبناؤنا اليوم من بذل متواصل، يمكن لنا أن نقول إننا لم نكن كذلك، فما إن ينتهي أحدنا من دراسته الأكاديمية حتى تختلط عليه عروض العمل من كثرتها، فلا يدري أيجيب هذه أم تلك أم يأخذ فترة نقاهة يجدد فيها نشاطه الذي لم يمس في الأصل.؟
ويضحكني من يقول إن المناهج كانت أكثر عمقا على أيامنا، أو أن مناهج هذه الأيام فارغة من كل مفيد، فالحقيقة التي أدركها هي أن أبناءنا وبناتنا تفوقوا علينا من حيث سعة الاطلاع والثقافة، ولو تجرأ أحدهم وعقد مقارنة موضوعية بين قدراتنا وتحصيلنا في فترة الشباب وبين قدرات أبنائنا وبناتنا اليوم ستكون النتيجة في صالحهم بالتأكيد، إضافة إلى أنه من السهولة بمكان الوقوف على قدراتهم المميزة في أي حوار يجري بين الأجيال، أو أي جلسة تعقد للمناقشة، إلا أن الذي يفتقدونه من وجهة نظري هو الرعاية المعنوية، فنحن قلما أشعرناهم بالثقة ولم نتعامل معهم كأفراد لهم القدرة على إبداء الرأي في قضايا قد نعجز نحن على فك رموزها.
لقد نسينا في الواقع أن بلادنا عندما أقبلنا عليها نطلب منها إعطاءنا الفرصة للانخراط في الحياة العملية، لم تشترط مطلقا الخبرة المسبقة، لقد اختارت إفساح المجال لتدريب أبنائها وهم على رأس العمل، وأنا عندما أتحدث عن الماضي وأقارنه بهذه الأيام فلأننا نحن من أوصدنا الأبواب في وجه أبنائنا ولم نعين الحكومة على تحقيق أهدافها في استثمار قدراتهم، ففي يوم المهنة المخصصة لاستقبال الراغبين في العمل، اعتاد الشاب المؤهل أكاديميا على الاصطدام بالمطبات الاصطناعية فهو يسمع على الدوام : ( لا تنطبق عليك الشروط، فنحن نشترط خبرة) وإذا قدم ما يثبت امتلاكه للخبرة، يجيبه أحدهم لا بد أن تتجاوز الخبرة خمس سنوات، ولا أفهم كيف يمكن أن يكون حديث التخرج ومع ذلك يمتلك هذا الخبرة الطويلة نسبيا؟!
إن من يتابع نتائج يوم المهنة سيدرك أن بعض الشركات والمؤسسات التي اشتركت فيه قامت بذلك استرضاء للحكومة وإثباتا للتواجد ليس إلا، لا رغبة في توظيف الشباب المؤهل الراغب في العمل، كما أن التوظيف الذي يتم من خلال هذا اليوم معظمه قائم على مهام بسيطة ومخصصات ضعيفة لا تتناسب مع مؤهلات المتقدمين، فالخريج الجامعي قد يجد من يعرض عليه وظيفة سنترال أو حارس أمن، فأعتقد أنه من المهم تكليف جهة حكومية تكون مهمتها الاطلاع على ملفات الشباب المتقدمين في يوم المهنة ومؤهلات كل منهم ومدى توافقها مع المتطلبات المعروضة للشركات المشاركة.
كما أطمع بيوم للمهنة يخصص للفتيات الباحثات عن العمل، كالذي أقيم في جامعة الملك فيصل سابقا، مع التأكد من صحة الأجواء المحيطة بعملهن ومناسبتها للمرأة، ومن المناسب إيجاد جهة حكومية تراقب مجريات هذا اليوم، وتدرس نجاحه من عدمه.
ومن جانب آخر أجد معظم الموظفين من الشباب ومن غيرهم في القطاع الحكومي والخاص على السواء، لا يستوعبون حقوقهم وواجباتهم كما يجب، بل إن بعضهم قد لا يسعى للوقوف عليها حتى سن التقاعد ، وقد لا يفعل مطلقا، وإذا استفسر عنها يواجه بكم هائل من الاستهجان، وكأنه بذلك قد تجاوز المسموح ووصل إلى المحظور! أو قد يصيبه جراء مطالباته تلك تقارير تعكر مسيرته العملية، فالموظف المفضل لدى بعضنا هو من يسير كالأبكم الأصم! ومن هنا أتمنى أن يحصل كل موظف جديد على لائحة تنظيمية لعمله تظهر واجباته وحقوقه وقوانين نظام العمل كافة، تتضمن المخالفات وعقوباتها والترقيات ونظام البدلات، ولنا في ديننا الحنيف المثل الأعلى ، فنحن أمام الله سبحانه عبيد لا نملك من أمرنا شيئا، ومع ذلك تفضل علينا بواسع رحمته وعظيم فضله فبين لنا واجباتنا وحقوقنا، والثواب والعقاب.
أما التحجج بتسرب الشباب بعد تدريبهم، فيمكن لمكتب العمل إعداد وتنفيذ آلية تمنع هذا التسرب وتعيد الثقة لكل من صاحب العمل والموظف، بحيث لا يقع الظلم على أي منهم، كما أن دور صاحب العمل في جذب الشباب وتوفير الأمان الوظيفي لهم سيكون محفزا في زيادة الولاء لجهة العمل وبالتالي في بقائهم وثباتهم على رأس العمل، وهذا الأمان مع الأسف ليس متوفرا إلا في القطاع العام وبعض الشركات الكبرى.
وأخيرا ألم يئن الأوان أن نرفع طاقية الإخفاء عن مسيرتنا التعليمة والعملية عن أبنائنا ونتوقف عن تعظيم الذات الذي امتهناه بامتياز، لعلهم بذلك ينالون ما يستحقونه من تقدير وثقة هم جديرون بهما .
لنرفع طاقية الإخفاء
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أكاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام
هذا الدلال لم نقدر قيمته حينها مع أنه تعدى المدارس والمعاهد والجامعات ليصل إلى حياتنا العملية، فالواحد منا كما أذكر.. كان يتأفف من كثر ملاحقته بتلك العروض المغرية، فكل منها كان يسعى لاستقطابنا للعمل ضمن موظفيه.. تلك هي أيامنا الخوالي التي نحاول دوما إخفاء حقيقتها عن أبنائنا، الذين كثيرا ما نسمعهم أننا حفرنا الصخر بأظافرنا، وواصلنا الليل بالنهار، وأننا بذلنا الكثير لنقف على الأرض التي نقف عليها! والحقيقة تكمن في أننا كنا نجتهد بطريقتنا الخاصة.. ولكن مقارنة بما يقدمه أبناؤنا اليوم من بذل متواصل، يمكن لنا أن نقول إننا لم نكن كذلك، فما إن ينتهي أحدنا من دراسته الأكاديمية حتى تختلط عليه عروض العمل من كثرتها، فلا يدري أيجيب هذه أم تلك أم يأخذ فترة نقاهة يجدد فيها نشاطه الذي لم يمس في الأصل.؟
ويضحكني من يقول إن المناهج كانت أكثر عمقا على أيامنا، أو أن مناهج هذه الأيام فارغة من كل مفيد، فالحقيقة التي أدركها هي أن أبناءنا وبناتنا تفوقوا علينا من حيث سعة الاطلاع والثقافة، ولو تجرأ أحدهم وعقد مقارنة موضوعية بين قدراتنا وتحصيلنا في فترة الشباب وبين قدرات أبنائنا وبناتنا اليوم ستكون النتيجة في صالحهم بالتأكيد، إضافة إلى أنه من السهولة بمكان الوقوف على قدراتهم المميزة في أي حوار يجري بين الأجيال، أو أي جلسة تعقد للمناقشة، إلا أن الذي يفتقدونه من وجهة نظري هو الرعاية المعنوية، فنحن قلما أشعرناهم بالثقة ولم نتعامل معهم كأفراد لهم القدرة على إبداء الرأي في قضايا قد نعجز نحن على فك رموزها.
لقد نسينا في الواقع أن بلادنا عندما أقبلنا عليها نطلب منها إعطاءنا الفرصة للانخراط في الحياة العملية، لم تشترط مطلقا الخبرة المسبقة، لقد اختارت إفساح المجال لتدريب أبنائها وهم على رأس العمل، وأنا عندما أتحدث عن الماضي وأقارنه بهذه الأيام فلأننا نحن من أوصدنا الأبواب في وجه أبنائنا ولم نعين الحكومة على تحقيق أهدافها في استثمار قدراتهم، ففي يوم المهنة المخصصة لاستقبال الراغبين في العمل، اعتاد الشاب المؤهل أكاديميا على الاصطدام بالمطبات الاصطناعية فهو يسمع على الدوام : ( لا تنطبق عليك الشروط، فنحن نشترط خبرة) وإذا قدم ما يثبت امتلاكه للخبرة، يجيبه أحدهم لا بد أن تتجاوز الخبرة خمس سنوات، ولا أفهم كيف يمكن أن يكون حديث التخرج ومع ذلك يمتلك هذا الخبرة الطويلة نسبيا؟!
إن من يتابع نتائج يوم المهنة سيدرك أن بعض الشركات والمؤسسات التي اشتركت فيه قامت بذلك استرضاء للحكومة وإثباتا للتواجد ليس إلا، لا رغبة في توظيف الشباب المؤهل الراغب في العمل، كما أن التوظيف الذي يتم من خلال هذا اليوم معظمه قائم على مهام بسيطة ومخصصات ضعيفة لا تتناسب مع مؤهلات المتقدمين، فالخريج الجامعي قد يجد من يعرض عليه وظيفة سنترال أو حارس أمن، فأعتقد أنه من المهم تكليف جهة حكومية تكون مهمتها الاطلاع على ملفات الشباب المتقدمين في يوم المهنة ومؤهلات كل منهم ومدى توافقها مع المتطلبات المعروضة للشركات المشاركة.
كما أطمع بيوم للمهنة يخصص للفتيات الباحثات عن العمل، كالذي أقيم في جامعة الملك فيصل سابقا، مع التأكد من صحة الأجواء المحيطة بعملهن ومناسبتها للمرأة، ومن المناسب إيجاد جهة حكومية تراقب مجريات هذا اليوم، وتدرس نجاحه من عدمه.
ومن جانب آخر أجد معظم الموظفين من الشباب ومن غيرهم في القطاع الحكومي والخاص على السواء، لا يستوعبون حقوقهم وواجباتهم كما يجب، بل إن بعضهم قد لا يسعى للوقوف عليها حتى سن التقاعد ، وقد لا يفعل مطلقا، وإذا استفسر عنها يواجه بكم هائل من الاستهجان، وكأنه بذلك قد تجاوز المسموح ووصل إلى المحظور! أو قد يصيبه جراء مطالباته تلك تقارير تعكر مسيرته العملية، فالموظف المفضل لدى بعضنا هو من يسير كالأبكم الأصم! ومن هنا أتمنى أن يحصل كل موظف جديد على لائحة تنظيمية لعمله تظهر واجباته وحقوقه وقوانين نظام العمل كافة، تتضمن المخالفات وعقوباتها والترقيات ونظام البدلات، ولنا في ديننا الحنيف المثل الأعلى ، فنحن أمام الله سبحانه عبيد لا نملك من أمرنا شيئا، ومع ذلك تفضل علينا بواسع رحمته وعظيم فضله فبين لنا واجباتنا وحقوقنا، والثواب والعقاب.
أما التحجج بتسرب الشباب بعد تدريبهم، فيمكن لمكتب العمل إعداد وتنفيذ آلية تمنع هذا التسرب وتعيد الثقة لكل من صاحب العمل والموظف، بحيث لا يقع الظلم على أي منهم، كما أن دور صاحب العمل في جذب الشباب وتوفير الأمان الوظيفي لهم سيكون محفزا في زيادة الولاء لجهة العمل وبالتالي في بقائهم وثباتهم على رأس العمل، وهذا الأمان مع الأسف ليس متوفرا إلا في القطاع العام وبعض الشركات الكبرى.
وأخيرا ألم يئن الأوان أن نرفع طاقية الإخفاء عن مسيرتنا التعليمة والعملية عن أبنائنا ونتوقف عن تعظيم الذات الذي امتهناه بامتياز، لعلهم بذلك ينالون ما يستحقونه من تقدير وثقة هم جديرون بهما .
لنرفع طاقية الإخفاء
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أكاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى