عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
لا أعلم إن كان الشباب بشكل عام سيحاولون إنهاء هذه السطور أم أنهم سيعمدون إلى غيرها مما تتحدث عن قضاياهم دون دفعهم لعيادة الطبيب أو لمشرط الجراح، فقد أعلنوا مرارا وتكرارا رفضهم للوصاية القسرية أو الجماعية، ومع يقيني أن ما سأكتب لن يجد التأييد الكافي من الشباب ولن يغير مسارهم الحالي قدر أنملة، ومع يقيني أن توجه العام للشباب مع الأسف في بلادي وفي غيرها من البلاد العربية والإسلامية بل العالمية في ثبات لن يدعمه حضور المؤتمرات ولا توقيع الاتفاقيات، فقد اتفق شباب العالم دون اتفاق، وتعاهدوا دون وعي على الإبحار ليل نهار في الشبكة العنكبوتية، فنجدهم يجلسون أمام هذا الجهاز المبرمج والمبرمج للعقول لساعات وساعات، يقلبون صفحاته يبحثون عن المراد أيا كان هذا المراد، ولتسترخي أطرافهم وأعصابهم في النهاية عبر دخولهم لصفحاتهم الخاصة في (الفيس بوك) وغيرها من الصفحات الاجتماعية
فهذه الصفحات تتيح ما لا يتيحه المجتمع لهم، فعبرها تعظم الذات وتتواصل الأرواح وتشبع الاحتياجات الخيرة والسيئة على السواء، ومنها وعبرها قد يتحقق المراد ويباح المسكوت عنه، أما أحلام اليقظة فقد أصبحت واقعا يحركها الحاسوب الذي أدرك نقطة ضعفهم، أدرك افتقادهم للحب والاهتمام الذي يحتاجون إليه لإشباع تطلعاتهم الوجدانية والاجتماعية، والمخيف أن بعضهم قد يقع دون علم منه في بؤر استخباراتية عالمية تتخذ (الفيس بوك) وما شابهه من المواقع الاجتماعية محركا لعملياتها، فتجند من تجد فيه القابلية النفسية والعقلية لخيانة وطنه، أو قد يقع في شبكات إجرامية توقع بعضهم في عالم الظلام.. عالم أبجدياته الانحراف بشتى أنواعه وأبشع صوره، هذه الشخصيات قد تنجرف بوعي منها وبدون وعي في خضم هذه الشبكات، ولا أعرف إن كان هؤلاء يفعلون ذلك بحثا عن تقدير افتقدوه أم بحثاً عن مطامع مالية استعصت عليهم!
والغريب أن حياة الواحد منهم أضحت خالية من الخصوصية فالتفاصيل التي كنا نعدها في شبابنا من الخصوصيات التي لا نقبل اطلاع الناس عليها، أصبحت في حياة الشباب اليوم مشاعة بين عدد كبير من الغرباء أو الأصدقاء سمهم ما شئت، فذاك الصديق تعرف عليه من خلال البحث في صفحات هذه المواقع، وذاك تقدم إليه بطلب (إضافة كصديق) فقد بهر من المعلومات المرفقة مع صورته الشخصية -بطبيعة الحال- وبالعدد الهائل من المنخرطين معه في صداقة إلكترونية عمياء، وهكذا سعى للانضمام لمجموعة أصدقائه، لعله ينال يوما ما الشعبية ذاتها، أو قد يعتقد أنه سيجد في أحد الغرباء الراحة التي تنسيه الإحباط الذي يلازمه طيلة يومه، وتحضره لعالم الأحلام الذي يشتاق إليه، هذه بعض الدوافع الذاتية للوقوع في هذا المستنقع الذي لا قرار له.
عفوا لا أريدك أيها القارئ الفاضل الاعتقاد أني ضد هذه التقنية الحديثة فأنا ممن لا يجيد الكتابة إلا بالطرق على أزرارها، بل لا أسرح مع خيالي إلا في أحضانها، إلا أني أطلب تضييق الأبواب وراء هذا الانجراف اللامعقول خلف هذه الآلات التي أصبحت تتحكم في معظم حياة أبنائنا وبناتنا.
تصوروا أن هذه المواقع الإلكترونية قد تعرف سيرتكم الخاصة بأدق تفاصيلها، تعرف ماذا أكلتم وأي أنواع القهوة أو الشاي تحبون، وأي أنواع العطور تفضلون، وما هو برنامجكم للأسبوع المقبل، وعند أي محطات ستتوقفون، وإلى أي جهة ستسافرون وفي أي الفنادق حجزتم، ومن هم أصدقاؤكم، وكم عدد أفراد أسرتكم، بل ما هي أبعاد مشاكلكم الخاصة، ومزاجكم العام، وخططكم وتطلعاتكم، بل ومما تخافون، إن هذه الأجهزة شبكات تحقق المراد وتصل لأدق التفاصيل بأبسط التكاليف، هل تتوقعون أن الجهات التي ترغبون التعامل معها تجاريا وفكريا لن تسعى للاطلاع على صفحاتكم الخاصة في هذه المواقع، ثم هل أنتم على يقين أنها لن تحاول الاستفادة مما هو مطروح مجانا على صفحاتكم الخاصة، فمعلومات كهذه قد تساعدها في تغيير مسار مناقشاتها معكم لتصب في النهاية في كفتها.
إن مخاوفي تلك لم تأت من فراغ إذ إن هناك دراسات وتقارير صحفية غربية عديدة أيدتها وتشعبت فيها، وقد أكدت إحداها أن الفيس بوك موقع يخدم استخبارات الكيان الصهيوني وأن مهمته تجنيد العملاء والجواسيس، فهي تؤكد أن هذه المواقع الاستخباراتية: (تستفيد من أشخاص عاديين لا يعرفون أنهم يقومون بمثل هذه المهمة الخطيرة يعتقدون أنهم يقتلون الوقت أمام صفحات الدردشة الفورية واللغو في أمور قد تبدو غير مهمة، وأحيانا تافهة أيضا ولا قيمة لها)، كما أن هذه التقارير تؤكد أن إسرائيل تقوم بدراسة وتحليل المعلومات المتاحة عن المشتركين من العالمين العربي والإسلامي بغية تكوين صورة استخباراتية عن الشباب العربي والمسلم، كما انتهت هذه التقارير نفسها إلى: (أن الشباب العربي يجد نفسه مضطراً تحت اسم مستعار دون أن يشعر إلى الإدلاء بتفاصيل مهمة عن حياته وحياة أفراد أسرته ومعلومـات عن وظيفـته وأصدقائه والمحيطـين به وصـور شخصية له ومعلومات يومية تشكل قدراً لا بأس به لأي جهة ترغب في معرفة أدق التفاصيل عن عالم الشباب العربي). الواجب يحتم علينا توعيه شبابنا بنينا وبناتنا، فعالمهم مشحون بالمخاطر، ولكن ما الذي أقوله لو وجدنا نحن أنفسنا نسابق شبابنا في عالمهم فنقع في أخطاء قد تغتفر لو وقعت منهم، إلا أنها من المحال أن تغتفر لو تسببنا بها، و أخيرا أعتقد أن الإنصاف يفرض علي القول أن الفيس البوك وأمثاله من مواقع قد يكون عنصرا فعالا في نشر حضارتنا وتراثنا الديني والوطني لو استخدم كما يجب، وقد يكون عنصرا هداما، والخيار في هذا وذاك لي ولك ولكم.
أضفني كصديق..
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أكاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام
فهذه الصفحات تتيح ما لا يتيحه المجتمع لهم، فعبرها تعظم الذات وتتواصل الأرواح وتشبع الاحتياجات الخيرة والسيئة على السواء، ومنها وعبرها قد يتحقق المراد ويباح المسكوت عنه، أما أحلام اليقظة فقد أصبحت واقعا يحركها الحاسوب الذي أدرك نقطة ضعفهم، أدرك افتقادهم للحب والاهتمام الذي يحتاجون إليه لإشباع تطلعاتهم الوجدانية والاجتماعية، والمخيف أن بعضهم قد يقع دون علم منه في بؤر استخباراتية عالمية تتخذ (الفيس بوك) وما شابهه من المواقع الاجتماعية محركا لعملياتها، فتجند من تجد فيه القابلية النفسية والعقلية لخيانة وطنه، أو قد يقع في شبكات إجرامية توقع بعضهم في عالم الظلام.. عالم أبجدياته الانحراف بشتى أنواعه وأبشع صوره، هذه الشخصيات قد تنجرف بوعي منها وبدون وعي في خضم هذه الشبكات، ولا أعرف إن كان هؤلاء يفعلون ذلك بحثا عن تقدير افتقدوه أم بحثاً عن مطامع مالية استعصت عليهم!
والغريب أن حياة الواحد منهم أضحت خالية من الخصوصية فالتفاصيل التي كنا نعدها في شبابنا من الخصوصيات التي لا نقبل اطلاع الناس عليها، أصبحت في حياة الشباب اليوم مشاعة بين عدد كبير من الغرباء أو الأصدقاء سمهم ما شئت، فذاك الصديق تعرف عليه من خلال البحث في صفحات هذه المواقع، وذاك تقدم إليه بطلب (إضافة كصديق) فقد بهر من المعلومات المرفقة مع صورته الشخصية -بطبيعة الحال- وبالعدد الهائل من المنخرطين معه في صداقة إلكترونية عمياء، وهكذا سعى للانضمام لمجموعة أصدقائه، لعله ينال يوما ما الشعبية ذاتها، أو قد يعتقد أنه سيجد في أحد الغرباء الراحة التي تنسيه الإحباط الذي يلازمه طيلة يومه، وتحضره لعالم الأحلام الذي يشتاق إليه، هذه بعض الدوافع الذاتية للوقوع في هذا المستنقع الذي لا قرار له.
عفوا لا أريدك أيها القارئ الفاضل الاعتقاد أني ضد هذه التقنية الحديثة فأنا ممن لا يجيد الكتابة إلا بالطرق على أزرارها، بل لا أسرح مع خيالي إلا في أحضانها، إلا أني أطلب تضييق الأبواب وراء هذا الانجراف اللامعقول خلف هذه الآلات التي أصبحت تتحكم في معظم حياة أبنائنا وبناتنا.
تصوروا أن هذه المواقع الإلكترونية قد تعرف سيرتكم الخاصة بأدق تفاصيلها، تعرف ماذا أكلتم وأي أنواع القهوة أو الشاي تحبون، وأي أنواع العطور تفضلون، وما هو برنامجكم للأسبوع المقبل، وعند أي محطات ستتوقفون، وإلى أي جهة ستسافرون وفي أي الفنادق حجزتم، ومن هم أصدقاؤكم، وكم عدد أفراد أسرتكم، بل ما هي أبعاد مشاكلكم الخاصة، ومزاجكم العام، وخططكم وتطلعاتكم، بل ومما تخافون، إن هذه الأجهزة شبكات تحقق المراد وتصل لأدق التفاصيل بأبسط التكاليف، هل تتوقعون أن الجهات التي ترغبون التعامل معها تجاريا وفكريا لن تسعى للاطلاع على صفحاتكم الخاصة في هذه المواقع، ثم هل أنتم على يقين أنها لن تحاول الاستفادة مما هو مطروح مجانا على صفحاتكم الخاصة، فمعلومات كهذه قد تساعدها في تغيير مسار مناقشاتها معكم لتصب في النهاية في كفتها.
إن مخاوفي تلك لم تأت من فراغ إذ إن هناك دراسات وتقارير صحفية غربية عديدة أيدتها وتشعبت فيها، وقد أكدت إحداها أن الفيس بوك موقع يخدم استخبارات الكيان الصهيوني وأن مهمته تجنيد العملاء والجواسيس، فهي تؤكد أن هذه المواقع الاستخباراتية: (تستفيد من أشخاص عاديين لا يعرفون أنهم يقومون بمثل هذه المهمة الخطيرة يعتقدون أنهم يقتلون الوقت أمام صفحات الدردشة الفورية واللغو في أمور قد تبدو غير مهمة، وأحيانا تافهة أيضا ولا قيمة لها)، كما أن هذه التقارير تؤكد أن إسرائيل تقوم بدراسة وتحليل المعلومات المتاحة عن المشتركين من العالمين العربي والإسلامي بغية تكوين صورة استخباراتية عن الشباب العربي والمسلم، كما انتهت هذه التقارير نفسها إلى: (أن الشباب العربي يجد نفسه مضطراً تحت اسم مستعار دون أن يشعر إلى الإدلاء بتفاصيل مهمة عن حياته وحياة أفراد أسرته ومعلومـات عن وظيفـته وأصدقائه والمحيطـين به وصـور شخصية له ومعلومات يومية تشكل قدراً لا بأس به لأي جهة ترغب في معرفة أدق التفاصيل عن عالم الشباب العربي). الواجب يحتم علينا توعيه شبابنا بنينا وبناتنا، فعالمهم مشحون بالمخاطر، ولكن ما الذي أقوله لو وجدنا نحن أنفسنا نسابق شبابنا في عالمهم فنقع في أخطاء قد تغتفر لو وقعت منهم، إلا أنها من المحال أن تغتفر لو تسببنا بها، و أخيرا أعتقد أن الإنصاف يفرض علي القول أن الفيس البوك وأمثاله من مواقع قد يكون عنصرا فعالا في نشر حضارتنا وتراثنا الديني والوطني لو استخدم كما يجب، وقد يكون عنصرا هداما، والخيار في هذا وذاك لي ولك ولكم.
أضفني كصديق..
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أكاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى