عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
كما هي بقية الأيام تجيء أيام العيد.. وما تلبث أن تنقضي. تود أنت لو تكون أكثر طولا، لو تمدد ساعاتها لتمنح الناس من حولك فرصة لأن يتذوقوا طعم الفرح فيأنسوا ويبتهجوا.
هل أيام العيد قصيرة حقا. إلى الحد الذي لانتمكن معه من إظهار فرحنا به..؟!
أم هي طريقتنا في التعامل مع المناسبات التي شُرع لنا فيها مزيد من الفرح.؟!
تحمل هذا السؤال بين جنبيك وأنت في طريقك إلى مصلى العيد وهناك تعثر على إجابة له. وتوقن حقا أننا أمة تُفرط كثيرا في صناعة الفرح. وتظن أنها إنما تُوظف المناسبات السارة في استنهاض الهمم والإبقاء على روح التكافل والتناصر بين أبناء الأمة الواحدة..!
المشكلة التي نعيشها الآن أن البعض مايزال يعتقد بأن إشاعة السرور في الجو العام، وإظهار حجم التنعم بملذات الدنيا ولو كانت مباحة، هو مؤشر لعدم التفاعل مع الأحداث الساخنة التي تعيشها الأمة فتعصف بأمنها وعزتها..!
ولذلك يرى هؤلاء أن ليس ثمة وقت يُناسبه الحديث عن مآسي المسلمين ونكباتهم واستعراض مدى غلبة عدوهم عليهم مثل صباح يوم العيد... هذا الصباح الذي يحتفل ببسمات الصغار وشغبهم وضجيج ألعابهم، ويحظى بالبياض الذي يلف ثياب الكبار وقلوبهم معا!.
وهذا الاعتقاد فضلا عن بساطته. فإن له مردودات نفسية سيئة على السامع والمتحدث!
فالشارع الذي شرع العيد وأمر بالفرحة فيه.. يعلم أن الأمة ستمر بحالة من الحزن والضعف والخور وسيل طويل من النكبات والأزمات.
ومع ذلك ظلت الفرحة بالعيد واستشعار قدومه وإظهار الأُنس به مقصدا شرعيا يؤكد الشارع عليه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم حينما سمح لعائشة رضي الله عنها أن تستمع لجاريتين تُغنيان في بيته بغناء بُعاث –كماجاء في مسلم- إنما علل ذلك السماح بقوله: ((إنها أيام عيد)) ردا على أبي بكر الصديق الذي بدا مستنكرا سلوك ابنته حيث لم يروقه، رضي الله عنهما.
فهل ثمة أحد يستطيع القول: إن السلوك المبتهج الذي صدر من عائشة في بيت النبوة هو إشارة لعدم تفاعلها مع أي أزمة مرت على الأمة في عهدها..؟!
قد يرد قائل بأن سماح النبي صلى الله عليه وسلم للآخرين أن يمارسوا أنماطا مختلفة من الترويح وعدم إشغالهم بالحديث المتكرر عن (المآسي) إنما كان لأن الأمة في عهدهم تعيش نصرا مؤزرا... لم نشم نحنُ رائحته بعد!!
لكن الحقيقة التي نحتاج تفهمها هي أن الأمة مهما غرقت في بحر من الذلة والمسكنة ومهما بلغ حجم غلبة عدوها عليها فإنها تظل بحاجة إلى قدر معين من فرحة الناس في عيدهم.
اقتصار الحديث في العيد على مآسي الأمة وتكرار القول ((كيف تفرحون وتمرحون وإخوانكم يعانون ويضطهدون و....))؟ سيضع المستمع خاصة صغير السن والتجربة بين أمرين مُرين: إما أن يعيش تناقضا صارخا بين مايسمع وماسيفعل.. مما يُرسخ في ذهنه أن كل ماقيل وماسيقال هو للاستماع وحسب! وإما أن يبلغ به الاستشعار حدا مثاليا فيدفعه ماسمع إلى حالة شعورية معينة يُجرد معها وبسبها هذه الأيام من حقها من الترويح المندوب واللهو المباح فيُضيق على نفسه ماكان واسعا! ومع الوقت يبدأ من حيث لايشعر مرحلة الانزواء والتراجع عن المشاركة الاجتماعية الممكنة لمن هم في سنه وخبراته..وهنا مكمن الخطر!
لست أدعو إلى ترك الحديث عن مآسي الأمة أو التذكير بمصاب المسلمين هنا أو هناك لكني أذكر بأن الجيل الجديد مع توالي النكبات واستعراض الإعلام لتفاصيلها في حينها لم يعد بحاجة لمن يُعلمه كيف يحزن! بقدر حاجته لمن يملك الجرأة في اشعال فتيل البهجة في نفسه سيما في يوم العيد..فتلك بهجة ليست منة لأحد على أحد! إذ شرعها الدين وأباحها وجعلها مندوبة فطرة وطبعا.. وكل عيد وأنتم فرحون.
المصدر : الأسرة 103
اغتيال الفرح
فاطمة البطاح
هل أيام العيد قصيرة حقا. إلى الحد الذي لانتمكن معه من إظهار فرحنا به..؟!
أم هي طريقتنا في التعامل مع المناسبات التي شُرع لنا فيها مزيد من الفرح.؟!
تحمل هذا السؤال بين جنبيك وأنت في طريقك إلى مصلى العيد وهناك تعثر على إجابة له. وتوقن حقا أننا أمة تُفرط كثيرا في صناعة الفرح. وتظن أنها إنما تُوظف المناسبات السارة في استنهاض الهمم والإبقاء على روح التكافل والتناصر بين أبناء الأمة الواحدة..!
المشكلة التي نعيشها الآن أن البعض مايزال يعتقد بأن إشاعة السرور في الجو العام، وإظهار حجم التنعم بملذات الدنيا ولو كانت مباحة، هو مؤشر لعدم التفاعل مع الأحداث الساخنة التي تعيشها الأمة فتعصف بأمنها وعزتها..!
ولذلك يرى هؤلاء أن ليس ثمة وقت يُناسبه الحديث عن مآسي المسلمين ونكباتهم واستعراض مدى غلبة عدوهم عليهم مثل صباح يوم العيد... هذا الصباح الذي يحتفل ببسمات الصغار وشغبهم وضجيج ألعابهم، ويحظى بالبياض الذي يلف ثياب الكبار وقلوبهم معا!.
وهذا الاعتقاد فضلا عن بساطته. فإن له مردودات نفسية سيئة على السامع والمتحدث!
فالشارع الذي شرع العيد وأمر بالفرحة فيه.. يعلم أن الأمة ستمر بحالة من الحزن والضعف والخور وسيل طويل من النكبات والأزمات.
ومع ذلك ظلت الفرحة بالعيد واستشعار قدومه وإظهار الأُنس به مقصدا شرعيا يؤكد الشارع عليه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم حينما سمح لعائشة رضي الله عنها أن تستمع لجاريتين تُغنيان في بيته بغناء بُعاث –كماجاء في مسلم- إنما علل ذلك السماح بقوله: ((إنها أيام عيد)) ردا على أبي بكر الصديق الذي بدا مستنكرا سلوك ابنته حيث لم يروقه، رضي الله عنهما.
فهل ثمة أحد يستطيع القول: إن السلوك المبتهج الذي صدر من عائشة في بيت النبوة هو إشارة لعدم تفاعلها مع أي أزمة مرت على الأمة في عهدها..؟!
قد يرد قائل بأن سماح النبي صلى الله عليه وسلم للآخرين أن يمارسوا أنماطا مختلفة من الترويح وعدم إشغالهم بالحديث المتكرر عن (المآسي) إنما كان لأن الأمة في عهدهم تعيش نصرا مؤزرا... لم نشم نحنُ رائحته بعد!!
لكن الحقيقة التي نحتاج تفهمها هي أن الأمة مهما غرقت في بحر من الذلة والمسكنة ومهما بلغ حجم غلبة عدوها عليها فإنها تظل بحاجة إلى قدر معين من فرحة الناس في عيدهم.
اقتصار الحديث في العيد على مآسي الأمة وتكرار القول ((كيف تفرحون وتمرحون وإخوانكم يعانون ويضطهدون و....))؟ سيضع المستمع خاصة صغير السن والتجربة بين أمرين مُرين: إما أن يعيش تناقضا صارخا بين مايسمع وماسيفعل.. مما يُرسخ في ذهنه أن كل ماقيل وماسيقال هو للاستماع وحسب! وإما أن يبلغ به الاستشعار حدا مثاليا فيدفعه ماسمع إلى حالة شعورية معينة يُجرد معها وبسبها هذه الأيام من حقها من الترويح المندوب واللهو المباح فيُضيق على نفسه ماكان واسعا! ومع الوقت يبدأ من حيث لايشعر مرحلة الانزواء والتراجع عن المشاركة الاجتماعية الممكنة لمن هم في سنه وخبراته..وهنا مكمن الخطر!
لست أدعو إلى ترك الحديث عن مآسي الأمة أو التذكير بمصاب المسلمين هنا أو هناك لكني أذكر بأن الجيل الجديد مع توالي النكبات واستعراض الإعلام لتفاصيلها في حينها لم يعد بحاجة لمن يُعلمه كيف يحزن! بقدر حاجته لمن يملك الجرأة في اشعال فتيل البهجة في نفسه سيما في يوم العيد..فتلك بهجة ليست منة لأحد على أحد! إذ شرعها الدين وأباحها وجعلها مندوبة فطرة وطبعا.. وكل عيد وأنتم فرحون.
المصدر : الأسرة 103
اغتيال الفرح
فاطمة البطاح
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى