عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما دخل الشيخ إلى المركز لاحظ أن بلال، أحد طلابه النجباء، يمشي ذهاباً وإياباً وعلامات الاضطراب بادية على وجهه... اقترب الشيخ منه مبتسماً، وسأله سؤال الأب الحنون العارف بحال أبنائه: خير يا بني ما بك؟ ولماذا هذا الوجَل؟... هوِّن عليك... هوِّن عليك.. لا يوجد مشكلة من غير حل... ما القصة؟
- قصتي معقّدة يا شيخ ولا أدري من أين أبدأ... ويا ليتني أجد عندك ما يريحني من عذاباتي... قصتي تتعلق بزوجتي... كان كل شيء في حياتنا طبيعياً إلى أن كان ذلك اليوم المشؤوم منذ حوالي الشهر تقريباً، عندما عُدت إلى بيتي باكراً على غير عادتي، وكانت زوجتي مشغولة، فلم تشعر بدخولي... وبما أنه لم يكن لديّ وحدات في جهاز المحمول فكرتُ بالاتصال من هاتف زوجتي، وما أن هممتُ بفتح الخط حتى رُن هاتفها، وضعتُ سماعة الهاتف على أذني لأسمع كلاماً فاجأني وأفقدني عقلي... كان المتصل رجلاً... وقد نادى زوجتي بالاسم وقال لها: حبيبتي...
سكت بلال قليلاً ليستردّ أنفاسه ويستجمع قواه من جديد، ثم قال: الغريب يا شيخ أن رقم الهاتف كان مسجّلاً باسم امرأة وليس باسم رجل... ومناداة الرجل لزوجتي باسمها دليل على أنه يعرفها ويقصدها...
- قد تتشابه الأسماء... أو قد يكون الهاتف لأحد أشقائها مثلاً...
- يا شيخ... أنا أعرف أرقام إخوتها كلهم... المهم... بقيت واجماً فترة من الزمن إلى أن خرجتْ زوجتي من الحمام.. ولمّا رأتني ممسكاً بالهاتف بيدي بدا الاضطراب عليها وثارت عليّ. ولما أخبرتها بأنه جاءها اتصال من امرأة اسمها مريم بادرتني بالقول بأنها صديقتها وأنها ستعاود الاتصال بها. ولما أبديت استغرابي كون صوتها يشبه صوت الرجال، حاولت أن تأخذ الموضوع بالضحك، وقالت: تصوّر أنّ كل من يتكلم معها يحسبها رجلاً؟... حاولتْ أن تُظهر كأن الأمر عادي، إلا أنه لم يكن كذلك بالنسبة لي لأن الشكوك بدأت تساورني... لذلك بعد الحوار القصير نسبياً بيني وبين زوجتي، حاولتُ ألاّ أفتح معها الموضوع حتى أقوم بتحرياتي، ولما انتهيتُ من المهمة وعرفتُ هوية المتصل وجمعتُ المعلومات الكافية عنه... عدتُ إلى البيت لأواجه زوجتي بما أعرف.
- ماذا حدث بعد ذلك؟؟؟ اهدأ.. لا تنفعل... هل تشرب فنجان قهوة؟
***
رشف بلال فنجان القهوة بسرعة ثم تابع حديثه قائلاً: لقد قمتُ بمواجهتها بما لديّ بعد عدة أيام... وقد واجهتُها بصرامة وحدّة إلى أن انهارت واعترفت بذنبها... لقد اعترفت يا شيخ.. اعترفتْ بكل وقاحة أنها تحب رجلاً غيري، رجل تعرّفت عليه قبل زواجنا، ولكن أهلها رفضوا أن يزوِّجوها إياه... يعني لا يكفي أنها تعترف بخيانتها لي، ولكن تعترف أيضا بأنها تزوجتني رغماً عنها...
- حسبنا الله ونِعْم الوكيل... ولكن ألم تشعر طوال الفترة الماضية بحبِّها لغيرك...
- بلى يا شيخ، شعرت بهذا منذ اليوم الأول لزواجي، وعلى رغم إنجابي لطفلين، كنت أشعر دوماً بوجود هوة عميقة بيني وبين زوجتي، ولقد حاولت معرفة السبب... ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل... كنت أشعر دائماً بأن لديها ما تُخفيه عني... وكنت دائماً أدافع الشك، ليس فقط لأنها زوجتي، بل لأنها ابنة عمي بالدرجة الأولى.
- المهم بماذا اعترفت أيضاً؟ وما حدود وطبيعة العلاقة بينها وبين عشيقها؟ ألم تسألها؟
- سألتها وقالت إن الموضوع مجرد مشاعر...
- صراحة يا بُني إن الموضوع يحتاج إلى مزيد من التحقق قبل أن أعطيك رأيي... وأنا لا أستطيع أن أُفتيك بشيء في ضوء هذه المعطيات.
***
شكر بلال الشيخ واعداً إياه بمزيد من التحقيقات... وعاد إلى بيته ليجد زوجته جالسة في بهو غرفة الجلوس وعلامات القلق بادية عليها... ما أن فتح بلال الباب حتى سارعت نحوه تستقبله على غير عادة منها، وتُبدي استعدادها لتقديم الخدمات إليه. ابتسم بلال بسخرية من هذا التصرف المستهجَن، ثم قال لها: لا أريد منك شيئاً... اجلسي أريد أن أتكلم معك..
جلست الزوجة أمام زوجها الذي بادرها قائلاً: اسمعيني أنا أعرف بأنك أخطأت، واعترافك بهذا الأمر يُخفف من جُرمك قليلاً ... وأنا أسامحك على ما فعلته لأنك كنت ضحية وأُرغمت على الزواج مني، شرط أن تجيبيني بصراحة...
- اسأل ما بدا لك...
- هل صحيح ما قلته لي بأن علاقتكما كانت علاقة بريئة، وأنكما لم تقعل في الزنا؟
ارتبكت الزوجة وحاولت أن تتهرب من السؤال بالكذب... ولكن إصرار الزوج واستحلافه إياها بالله وتطميناته جعلها تخضع له وتعترف بحصول علاقة مع عشيقها مرة أو مرتين فقط:
- فقط هاتين المرتين أُقسم لك كان هذا في بداية زواجنا... وبعد ذلك لم يحدث بيننا أي شيء رغم إلحاحه...
- يعني أولادي ليسوا من صلبي...
وقام بلال عن كرسيه وعلامات الغضب بادية على وجهه.
- من صلبك... أُقسم بالله العظيم أنهم من صُلبك... أُنظر إلى الشبه الكبير بينكم... إنهم يُشبهونك أكثر مما يشبهونني... يمكنك أن تُجري فحص الحِمض النووي للتأكد... من صلبك والله...
لم يسمح بلال لزوجته بأن تكمل حديثها، وانهال عليها ضرباً كالوحش الكاسر حتى أنه خَشي على نفسه من أن يرتكب جناية وتموت بين يديه... لذلك توقف عن ضربها بعد أن ارتفع صراخ وبكاء ولديه، ثم نظر إليها بشرر وغضب شديديْن ورمى عليها يمين الطلاق، وأسرع نحو الباب قائلاً لها: عندما أعود لا أريد أن أراك في البيت.
***
غادر بلال البيت ولم يعد إليه في تلك الليلة... ولم يعرف ماذا حلّ بأولاده... وكانت زوجته خلال تلك الفترة ترسل الرسالة تلو الأخرى على جواله تتمنى عليه أن يسامحها ويَستر عليها، وأن يأخذ الجوّال منها، وأن يمنعها من الخروح من البيت إلا برفقته، وأن يتركها في البيت تعمل خادمة لديه ولأولاده... وما إلى ذلك من وعود لم يُجب بلال عليها، وإن كان يشعر بأن قلبه قد رقّ لحال زوجته. وبدأ يفكر بينه وبين نفسه: ماذا يفعل؟ كيف يمكن أن يعيش معها مجدّداً بعد الذي كان منها؟ ألا يُعدّ ديوثاً في مثل هذه الحالة؟! وكيف يجدِّد ثقته بها؟ كل هذه الأسئلة الملحّة دفعت ببلال إلى العودة إلى الشيخ حتى يستفتيه...
عندما دخل بلال على الشيخ بعد أن حدّد له موعداً.. جلس أمامه وبادره بالقول: لقد سألتها يا شيخ... سألتها واعترفت لي بأنها زنت.. ولكن لمرة ومرتين في بداية زواجنا فقط... ولكنها الآن تابت توبةً نصوحاً... أعلم يا شيخ أني أحمِّلك هماً كبيراً، ولكن لا تقُل لي اتركها، فأنا لا أستطيع ذلك... ثم إن الله عز وجل يقبل توبة عباده.. أليس كذلك؟ ساعدني يا شيخ... ساعدني على أن أجد سَكينتي وطمأنينتي.
- ابتسم الشيخ ابتسامة صغيرة ونظر إلى الشاب الملهوف، وقال له: اسمع يا ابني، أنا لن أقول لك طلِّقها أو حافظ عليها، لأن هذا القرار بيدك وحدك، ومهما استشرتَ أو طلبتَ النصيحة من الناس، فإن أحداً لا يمكن أن يعيش معاناتك، ومجرد أنك جئت تستشيرني، معناه أنك تريد أن تُرجع زوجتك، وتبحث عن فتوى في هذا المجال... من هنا فأنا أقترح عليك إذا أحببت أن تُبقي على زوجتك أن تبحث من داخلك عن العفو الذي يريحك، العفو الذي يكون خالصاً لله تعالى لتنال رضاه سبحانه، أما إن لم تتمكن من ذلك عندئذ فلا بد من الطلاق حتى لا تظلم زوجتك وتظلم نفسك، والله عز وجل يقول: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، فالحياة الزوجية لا تستقيم مع العذاب والشك وفقدان الثقة... أعطِ لنفسك المزيد من الوقت حتى تنضج خياراتك... وتأكد بأنك لا بدّ أن تصل إلى الحل الذي ترتاح إليه...
- معك حق... الأمر بيدي... أشكرك يا شيخ... أشكرك.
قام بلال وتوجه مسرعاً إلى الباب وكأنه يخشى بأن يغيِّر الشيخ فتواه ويُلزمه بتطليق زوجته، فتح الباب دون أن يلتفت إلى الوراء... فقلبه الذي عجز عن مسامحة زوجته يعجز في المقابل عن اتخاذ قرار الفراق.
بلال وقرار الطلاق
د. نهى قاطرجي
عندما دخل الشيخ إلى المركز لاحظ أن بلال، أحد طلابه النجباء، يمشي ذهاباً وإياباً وعلامات الاضطراب بادية على وجهه... اقترب الشيخ منه مبتسماً، وسأله سؤال الأب الحنون العارف بحال أبنائه: خير يا بني ما بك؟ ولماذا هذا الوجَل؟... هوِّن عليك... هوِّن عليك.. لا يوجد مشكلة من غير حل... ما القصة؟
- قصتي معقّدة يا شيخ ولا أدري من أين أبدأ... ويا ليتني أجد عندك ما يريحني من عذاباتي... قصتي تتعلق بزوجتي... كان كل شيء في حياتنا طبيعياً إلى أن كان ذلك اليوم المشؤوم منذ حوالي الشهر تقريباً، عندما عُدت إلى بيتي باكراً على غير عادتي، وكانت زوجتي مشغولة، فلم تشعر بدخولي... وبما أنه لم يكن لديّ وحدات في جهاز المحمول فكرتُ بالاتصال من هاتف زوجتي، وما أن هممتُ بفتح الخط حتى رُن هاتفها، وضعتُ سماعة الهاتف على أذني لأسمع كلاماً فاجأني وأفقدني عقلي... كان المتصل رجلاً... وقد نادى زوجتي بالاسم وقال لها: حبيبتي...
سكت بلال قليلاً ليستردّ أنفاسه ويستجمع قواه من جديد، ثم قال: الغريب يا شيخ أن رقم الهاتف كان مسجّلاً باسم امرأة وليس باسم رجل... ومناداة الرجل لزوجتي باسمها دليل على أنه يعرفها ويقصدها...
- قد تتشابه الأسماء... أو قد يكون الهاتف لأحد أشقائها مثلاً...
- يا شيخ... أنا أعرف أرقام إخوتها كلهم... المهم... بقيت واجماً فترة من الزمن إلى أن خرجتْ زوجتي من الحمام.. ولمّا رأتني ممسكاً بالهاتف بيدي بدا الاضطراب عليها وثارت عليّ. ولما أخبرتها بأنه جاءها اتصال من امرأة اسمها مريم بادرتني بالقول بأنها صديقتها وأنها ستعاود الاتصال بها. ولما أبديت استغرابي كون صوتها يشبه صوت الرجال، حاولت أن تأخذ الموضوع بالضحك، وقالت: تصوّر أنّ كل من يتكلم معها يحسبها رجلاً؟... حاولتْ أن تُظهر كأن الأمر عادي، إلا أنه لم يكن كذلك بالنسبة لي لأن الشكوك بدأت تساورني... لذلك بعد الحوار القصير نسبياً بيني وبين زوجتي، حاولتُ ألاّ أفتح معها الموضوع حتى أقوم بتحرياتي، ولما انتهيتُ من المهمة وعرفتُ هوية المتصل وجمعتُ المعلومات الكافية عنه... عدتُ إلى البيت لأواجه زوجتي بما أعرف.
- ماذا حدث بعد ذلك؟؟؟ اهدأ.. لا تنفعل... هل تشرب فنجان قهوة؟
***
رشف بلال فنجان القهوة بسرعة ثم تابع حديثه قائلاً: لقد قمتُ بمواجهتها بما لديّ بعد عدة أيام... وقد واجهتُها بصرامة وحدّة إلى أن انهارت واعترفت بذنبها... لقد اعترفت يا شيخ.. اعترفتْ بكل وقاحة أنها تحب رجلاً غيري، رجل تعرّفت عليه قبل زواجنا، ولكن أهلها رفضوا أن يزوِّجوها إياه... يعني لا يكفي أنها تعترف بخيانتها لي، ولكن تعترف أيضا بأنها تزوجتني رغماً عنها...
- حسبنا الله ونِعْم الوكيل... ولكن ألم تشعر طوال الفترة الماضية بحبِّها لغيرك...
- بلى يا شيخ، شعرت بهذا منذ اليوم الأول لزواجي، وعلى رغم إنجابي لطفلين، كنت أشعر دوماً بوجود هوة عميقة بيني وبين زوجتي، ولقد حاولت معرفة السبب... ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل... كنت أشعر دائماً بأن لديها ما تُخفيه عني... وكنت دائماً أدافع الشك، ليس فقط لأنها زوجتي، بل لأنها ابنة عمي بالدرجة الأولى.
- المهم بماذا اعترفت أيضاً؟ وما حدود وطبيعة العلاقة بينها وبين عشيقها؟ ألم تسألها؟
- سألتها وقالت إن الموضوع مجرد مشاعر...
- صراحة يا بُني إن الموضوع يحتاج إلى مزيد من التحقق قبل أن أعطيك رأيي... وأنا لا أستطيع أن أُفتيك بشيء في ضوء هذه المعطيات.
***
شكر بلال الشيخ واعداً إياه بمزيد من التحقيقات... وعاد إلى بيته ليجد زوجته جالسة في بهو غرفة الجلوس وعلامات القلق بادية عليها... ما أن فتح بلال الباب حتى سارعت نحوه تستقبله على غير عادة منها، وتُبدي استعدادها لتقديم الخدمات إليه. ابتسم بلال بسخرية من هذا التصرف المستهجَن، ثم قال لها: لا أريد منك شيئاً... اجلسي أريد أن أتكلم معك..
جلست الزوجة أمام زوجها الذي بادرها قائلاً: اسمعيني أنا أعرف بأنك أخطأت، واعترافك بهذا الأمر يُخفف من جُرمك قليلاً ... وأنا أسامحك على ما فعلته لأنك كنت ضحية وأُرغمت على الزواج مني، شرط أن تجيبيني بصراحة...
- اسأل ما بدا لك...
- هل صحيح ما قلته لي بأن علاقتكما كانت علاقة بريئة، وأنكما لم تقعل في الزنا؟
ارتبكت الزوجة وحاولت أن تتهرب من السؤال بالكذب... ولكن إصرار الزوج واستحلافه إياها بالله وتطميناته جعلها تخضع له وتعترف بحصول علاقة مع عشيقها مرة أو مرتين فقط:
- فقط هاتين المرتين أُقسم لك كان هذا في بداية زواجنا... وبعد ذلك لم يحدث بيننا أي شيء رغم إلحاحه...
- يعني أولادي ليسوا من صلبي...
وقام بلال عن كرسيه وعلامات الغضب بادية على وجهه.
- من صلبك... أُقسم بالله العظيم أنهم من صُلبك... أُنظر إلى الشبه الكبير بينكم... إنهم يُشبهونك أكثر مما يشبهونني... يمكنك أن تُجري فحص الحِمض النووي للتأكد... من صلبك والله...
لم يسمح بلال لزوجته بأن تكمل حديثها، وانهال عليها ضرباً كالوحش الكاسر حتى أنه خَشي على نفسه من أن يرتكب جناية وتموت بين يديه... لذلك توقف عن ضربها بعد أن ارتفع صراخ وبكاء ولديه، ثم نظر إليها بشرر وغضب شديديْن ورمى عليها يمين الطلاق، وأسرع نحو الباب قائلاً لها: عندما أعود لا أريد أن أراك في البيت.
***
غادر بلال البيت ولم يعد إليه في تلك الليلة... ولم يعرف ماذا حلّ بأولاده... وكانت زوجته خلال تلك الفترة ترسل الرسالة تلو الأخرى على جواله تتمنى عليه أن يسامحها ويَستر عليها، وأن يأخذ الجوّال منها، وأن يمنعها من الخروح من البيت إلا برفقته، وأن يتركها في البيت تعمل خادمة لديه ولأولاده... وما إلى ذلك من وعود لم يُجب بلال عليها، وإن كان يشعر بأن قلبه قد رقّ لحال زوجته. وبدأ يفكر بينه وبين نفسه: ماذا يفعل؟ كيف يمكن أن يعيش معها مجدّداً بعد الذي كان منها؟ ألا يُعدّ ديوثاً في مثل هذه الحالة؟! وكيف يجدِّد ثقته بها؟ كل هذه الأسئلة الملحّة دفعت ببلال إلى العودة إلى الشيخ حتى يستفتيه...
عندما دخل بلال على الشيخ بعد أن حدّد له موعداً.. جلس أمامه وبادره بالقول: لقد سألتها يا شيخ... سألتها واعترفت لي بأنها زنت.. ولكن لمرة ومرتين في بداية زواجنا فقط... ولكنها الآن تابت توبةً نصوحاً... أعلم يا شيخ أني أحمِّلك هماً كبيراً، ولكن لا تقُل لي اتركها، فأنا لا أستطيع ذلك... ثم إن الله عز وجل يقبل توبة عباده.. أليس كذلك؟ ساعدني يا شيخ... ساعدني على أن أجد سَكينتي وطمأنينتي.
- ابتسم الشيخ ابتسامة صغيرة ونظر إلى الشاب الملهوف، وقال له: اسمع يا ابني، أنا لن أقول لك طلِّقها أو حافظ عليها، لأن هذا القرار بيدك وحدك، ومهما استشرتَ أو طلبتَ النصيحة من الناس، فإن أحداً لا يمكن أن يعيش معاناتك، ومجرد أنك جئت تستشيرني، معناه أنك تريد أن تُرجع زوجتك، وتبحث عن فتوى في هذا المجال... من هنا فأنا أقترح عليك إذا أحببت أن تُبقي على زوجتك أن تبحث من داخلك عن العفو الذي يريحك، العفو الذي يكون خالصاً لله تعالى لتنال رضاه سبحانه، أما إن لم تتمكن من ذلك عندئذ فلا بد من الطلاق حتى لا تظلم زوجتك وتظلم نفسك، والله عز وجل يقول: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، فالحياة الزوجية لا تستقيم مع العذاب والشك وفقدان الثقة... أعطِ لنفسك المزيد من الوقت حتى تنضج خياراتك... وتأكد بأنك لا بدّ أن تصل إلى الحل الذي ترتاح إليه...
- معك حق... الأمر بيدي... أشكرك يا شيخ... أشكرك.
قام بلال وتوجه مسرعاً إلى الباب وكأنه يخشى بأن يغيِّر الشيخ فتواه ويُلزمه بتطليق زوجته، فتح الباب دون أن يلتفت إلى الوراء... فقلبه الذي عجز عن مسامحة زوجته يعجز في المقابل عن اتخاذ قرار الفراق.
بلال وقرار الطلاق
د. نهى قاطرجي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى