عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
ستظل القضية الفلسطينية جرحاً لا يندمل في وجدان المسلمين جميعاً، وسيستمر أمل تحرير القدس والصلاة في المسجد الأقصى حياً في نبض أفرادهم وجماعاتهم. ولكن في كل يوم بل في كل ساعة تزداد العقبات والعثرات حائلة بينهم وبين تحقيق هذا الهدف الذي يعيش بين الجوانح والخفقات، والدافع الأكبر الذي يستميت في دفع هذه العقبات ورد الطعنات المهلكات هو (شعب الصابرين) الذي جعل من أجساد أبنائه وأرواحهم أسلحة حيرت المحتلين في كيفية مقاومتها، حتى أصبح وأمسى في الساحة وحيداً يدرأ المحتل عنا جميعاً، فهو بمثابة (الدرع العنيد) الذي منع ببسالته المنقطعة النظير الأطماع اليهودية أن تندفع لديارنا بطوفانها الهادر، لا سيما وهي التي تحلم حلمها التوسعي بدولة (النهر إلى النهر) من النيل إلى الفرات، متخذة عاصمتيها القدس وخيبر!
ولا تكاد تمر لحظة زمنية إلا ويفجر لهذا العدو التاريخي اللدود قنبلة قهر تدوي في جميع أصقاع المعمورة ولكن ما من مجيب، بل إن كان هناك كلام فهو للمزيد من الاستثارة والتأييد للمحتل الطامع الظالم، الذي زرعه مؤيدوه عنوة في بلاد المسلمين باسم (اتحاد العقيدتين) اليهودية والصليبية.
وآخر هذه الأحداث الأليمة المهينة هي حادثة خطف الجندي الإسرائيلي، التي صعدت وضخمت واستغلت من قبل القوة الأقوى ضد شعب الصابرين، وأيدت بتحد سافر من قبل القوى العظمى ضد الأمة المستهانة، ومع أن الخطف تم من قبل أفراد للمفاوضة عليه مقابل (جماعات) من النساء والشيوخ والأطفال المسجونين منذ زمن طويل، إلا أن الغطرسة الإسرائيلية التي اطمأنت لتفوقها وأمنت شر عدوها، أقامت الدنيا ولم تقعدها، مستخدمةً جميع وسائل الإذلال لإخواننا، إلى حد اختطاف وزراء سياسيين صالحين وقورين في حكومة شرعية منتخبة باسم الديموقراطية، التي أضحوا وبطريقة فجة يلوحون بها كعصا غليظة أمام مَنْ يعارضهم من حكومات وشعوب؟!
ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يضربون البنية الأساسية لهذا الشعب المضطهد وحرموه من أهم متطلباته الضرورية، رغم أن الدولة الفلسطينية ترزح تحت حصار اقتصادي طاغٍ ظالم، كل ذلك من أجل إسقاط الحكومة الإسلامية التي وصلت لسدة الحكم بخيار شعبي!
ثم صرنا نرى عياناً بياناً القصف العشوائي المتعمد، والخراب المضاعف المقصود، كل ذلك من أجل الإنسان الإسرائيلي صاحب الدماء الزرقاء المحمية الثمينة، أما دم المسلم، وعرض المسلمة، وذل الطفولة البريئة، فهذا كله (واجبهم المقدس) الذي يتوهمونه!
هذه المناظر التي لا يحصيها الوصف، وهي نموذج صارخ لنماذج متعددة متشابهة عبر سني الاحتلال الموجعة الطويلة، أعادت الذاكرة إلى ذكريات تاريخية هي العظمى في تاريخ الإسلام، ولكن شتان ما بين المنظرين، فقد تبادل كل من الفريقين مكانه مع منافسه، إنها لوحة نصر الخليفة العباسي المسلم المعتصم وجيشه البطل في (موقعة عمورية) على أعداء الدين والشرف، حينما استغاثت به المرأة المسلمة المهانة: وا معتصماه، فثار الدم الملتهب في عروقه ولبى نداءها في عقر دار الظالمين رغم تثبيط المثبطين ومنهم المنجمون الذين تنبؤوا بهزيمة المعتصم وجييشه، إلا أن النتيجة جاءت راية عملاقة في ذاكرة التاريخ الإسلامي الخالد دنيا وآخرة، وخلد ذلك كله بدقة متناهية شاعر الحماسة العربية أبو تمام الذي ما زالت قصيدته تلهب وجداننا الذي طال انتظاره لنصر موعود.
والقصيدة ملحمة عظيمة ما زال صداها يتردد بين جنبات الزمان وأحداثه العظام، وكل بيت من أبياتها، يلامس شغاف الأفئدة، ويلهب عواطفها، نختار منها هذه الأبيات التي تتلظى نشوةً:
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به *** نظمٌ من الشعر أو نثر من الخطب
فتح تفتّح أبواب السماءِ له *** وتبرز الأرض في أثوابها القشب
لقد تركت أمير المؤمنين بها *** للنار يوماً ذليل الصخر والخشب
غادرتَ فيها بهيم الليل وهو ضحى *** يشلّهُ وبسطها صبح من اللهب
حتى كأن جلابيب الدجى رغبت *** عن لونها وكأن الشمس لم تغب
ضوءٌ من النار والظلماء عاكفةٌ *** وظلمة من دخان في ضحى شحب
فالشمس طالعةٌ من ذا وقد أفلتْ *** والشمس واجبة في ذا ولم تجبِ
تمعنوا في هذا التصوير الفني الدقيق الذي نقل إلينا ساحة المعركة الظافرة المظفرة، ألا تجدونها تتكرر؟ ولكن - مع الأسى البالغ - تبادل الطرفان موقعيهما فبات المنتصر مهزوماً مغلوباً على أمره، وأصبح المهزوم منتصراً منتشياً، بيد أن السؤال الأهم: إلى متى؟!
ولكن تمهلوا فهناك إشارة احتراس تمنع اختلاط الأوراق في أذهان البعض، وهي أن الجهاد لا يكون في بلاد المسلمين الآمنة المستقرة، فهذا ليس جهاداً أبداً إنما هو خروج على الحاكم المسلم، وعن جماعة المسلمين، أما تلك المعركة العظيمة فكانت في حقيقتها:
تدبيرُ معتصمٍ، باللهِ منتقمٍ *** للهِ مرتقبٍ، في الله مرتغب
ما بال المعتصم بدّل فريقه؟!
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ
ولا تكاد تمر لحظة زمنية إلا ويفجر لهذا العدو التاريخي اللدود قنبلة قهر تدوي في جميع أصقاع المعمورة ولكن ما من مجيب، بل إن كان هناك كلام فهو للمزيد من الاستثارة والتأييد للمحتل الطامع الظالم، الذي زرعه مؤيدوه عنوة في بلاد المسلمين باسم (اتحاد العقيدتين) اليهودية والصليبية.
وآخر هذه الأحداث الأليمة المهينة هي حادثة خطف الجندي الإسرائيلي، التي صعدت وضخمت واستغلت من قبل القوة الأقوى ضد شعب الصابرين، وأيدت بتحد سافر من قبل القوى العظمى ضد الأمة المستهانة، ومع أن الخطف تم من قبل أفراد للمفاوضة عليه مقابل (جماعات) من النساء والشيوخ والأطفال المسجونين منذ زمن طويل، إلا أن الغطرسة الإسرائيلية التي اطمأنت لتفوقها وأمنت شر عدوها، أقامت الدنيا ولم تقعدها، مستخدمةً جميع وسائل الإذلال لإخواننا، إلى حد اختطاف وزراء سياسيين صالحين وقورين في حكومة شرعية منتخبة باسم الديموقراطية، التي أضحوا وبطريقة فجة يلوحون بها كعصا غليظة أمام مَنْ يعارضهم من حكومات وشعوب؟!
ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يضربون البنية الأساسية لهذا الشعب المضطهد وحرموه من أهم متطلباته الضرورية، رغم أن الدولة الفلسطينية ترزح تحت حصار اقتصادي طاغٍ ظالم، كل ذلك من أجل إسقاط الحكومة الإسلامية التي وصلت لسدة الحكم بخيار شعبي!
ثم صرنا نرى عياناً بياناً القصف العشوائي المتعمد، والخراب المضاعف المقصود، كل ذلك من أجل الإنسان الإسرائيلي صاحب الدماء الزرقاء المحمية الثمينة، أما دم المسلم، وعرض المسلمة، وذل الطفولة البريئة، فهذا كله (واجبهم المقدس) الذي يتوهمونه!
هذه المناظر التي لا يحصيها الوصف، وهي نموذج صارخ لنماذج متعددة متشابهة عبر سني الاحتلال الموجعة الطويلة، أعادت الذاكرة إلى ذكريات تاريخية هي العظمى في تاريخ الإسلام، ولكن شتان ما بين المنظرين، فقد تبادل كل من الفريقين مكانه مع منافسه، إنها لوحة نصر الخليفة العباسي المسلم المعتصم وجيشه البطل في (موقعة عمورية) على أعداء الدين والشرف، حينما استغاثت به المرأة المسلمة المهانة: وا معتصماه، فثار الدم الملتهب في عروقه ولبى نداءها في عقر دار الظالمين رغم تثبيط المثبطين ومنهم المنجمون الذين تنبؤوا بهزيمة المعتصم وجييشه، إلا أن النتيجة جاءت راية عملاقة في ذاكرة التاريخ الإسلامي الخالد دنيا وآخرة، وخلد ذلك كله بدقة متناهية شاعر الحماسة العربية أبو تمام الذي ما زالت قصيدته تلهب وجداننا الذي طال انتظاره لنصر موعود.
والقصيدة ملحمة عظيمة ما زال صداها يتردد بين جنبات الزمان وأحداثه العظام، وكل بيت من أبياتها، يلامس شغاف الأفئدة، ويلهب عواطفها، نختار منها هذه الأبيات التي تتلظى نشوةً:
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به *** نظمٌ من الشعر أو نثر من الخطب
فتح تفتّح أبواب السماءِ له *** وتبرز الأرض في أثوابها القشب
لقد تركت أمير المؤمنين بها *** للنار يوماً ذليل الصخر والخشب
غادرتَ فيها بهيم الليل وهو ضحى *** يشلّهُ وبسطها صبح من اللهب
حتى كأن جلابيب الدجى رغبت *** عن لونها وكأن الشمس لم تغب
ضوءٌ من النار والظلماء عاكفةٌ *** وظلمة من دخان في ضحى شحب
فالشمس طالعةٌ من ذا وقد أفلتْ *** والشمس واجبة في ذا ولم تجبِ
تمعنوا في هذا التصوير الفني الدقيق الذي نقل إلينا ساحة المعركة الظافرة المظفرة، ألا تجدونها تتكرر؟ ولكن - مع الأسى البالغ - تبادل الطرفان موقعيهما فبات المنتصر مهزوماً مغلوباً على أمره، وأصبح المهزوم منتصراً منتشياً، بيد أن السؤال الأهم: إلى متى؟!
ولكن تمهلوا فهناك إشارة احتراس تمنع اختلاط الأوراق في أذهان البعض، وهي أن الجهاد لا يكون في بلاد المسلمين الآمنة المستقرة، فهذا ليس جهاداً أبداً إنما هو خروج على الحاكم المسلم، وعن جماعة المسلمين، أما تلك المعركة العظيمة فكانت في حقيقتها:
تدبيرُ معتصمٍ، باللهِ منتقمٍ *** للهِ مرتقبٍ، في الله مرتغب
ما بال المعتصم بدّل فريقه؟!
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى