لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
ام الشهيد
ام الشهيد
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

صدمة! Empty صدمة! {الخميس 29 سبتمبر - 19:06}

أكتُبُ الآن مذكراتي... لستُ أدري لماذا أكتب؟! ليس ذلك من عادتي... لكني مصدوم!


عقلي مشتَّت الفكر... مبلبل...


لولا بقايا كبرياء الرجولة في أعماقي لبكيت!


تتعجب أيها القارئ لمذكراتي... أن تجد رجلاً له حسٌّ مرهف!!


حسنًا لن أطيلَ التساؤلاتِ، ولن أضيع الوقت في وصف شعوري، سأتركك مع مذكراتي... أو في الواقع مع ورقات قليلة منها...


"تبدأ القصة منذ أن كنتُ شابًّا في ريعان الصِّبا... في الثانوية العامة... هداني الله للالتزام، فأطلقت لحيتي، وواظبتُ على الصلاة في المسجد... هذه المظاهر العامَّة.


أمَّا المظاهر الخاصَّة فلن أحدِّثك عنها أيها القارئ، يكفي أن تعلم أنني التزمتُ حقًّا وصدقًا، قلبًا وقالبًا.


لا تصدق؟! سأُثبتُ لك... صوتي الذي كان يجلجل في المنزل منازعًا أهلي صار منخفضًا مهذبًا. عيناي التي كنتُ أطلِقُها يمنةً ويسرة صارت غضيضة. قلبي الذي كان يغلي بغضب الانتقام مِن كل مَن تسوِّل له نفسُه النظرَ إليَّ شذرًا صار رؤوفًا رحيمًا يتألم لألم المسلمين، ويفرح لفرحهم.


هل أزيدك؟! أَقتنعتَ؟! حسنًا، يكفي هذا.


دخلتُ الجامعة وكُلِّي أمل في الحياة. قضيت أعوامي في كلية القمة أدعو إلى الله، ولا آلو جهدًا في مساعدة المسلمين، وتخرَّجت.


أنتَ انتقلتَ من سطر إلى سطر بسلاسة قارئ محنَّك يجيد العربية، أما أنا فأذكُر كلَّ لحظة مرَّت من عمري حتى... تخرجت؛ لأنَّ الجامعة كانت أفراحًا وأتراحًا... مُعيدٌ يستفزُّه مظهري الملتزم، وأستاذ يغيظه أن يتفوَّق... إرهابيٌّ!


لا عليك من كل تلك التفاصيل، المهم أنني تخرجت.


التحقتُ بعدَّة أعمال مناسبة لتخصّصي، حتى وجدت ضالَّتي في شركةٍ مديرُها ملتزم يصلي في المسجد؛ بل يصلي كلّ العاملين في المسجد وتغلق أبواب الشركة. الشركة إدارتها وأغلب العاملين فيها ملتزمون؛ بل ومالِكُها الأصلي ملتزم جدًّا، أحسبه على خير، ولا أزكي على الله أحدًا.


كنت سعيدًا كطير يحلِّق في أجواء السماء، أخيرًا أنا الآن في مكان يلائِمُني، أخيرًا أنا في مكان يحتويني... الحمد لله!


كنتُ أعمل بكل همَّة ونشاط واجتهاد، مهما وصفتُ لك مشاعري في العمل لن أوفيها أبدًا. ترقَّيتُ في عملي لمَّا رأى المدير همَّتي ودقتي في العمل... العمل الذي أعطيتُه روحي... أصدُقُك القول، لم أكن أستطيع إلا أن أعطيَه روحي؛ فالله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه، كما أنه كان عملاً يخدم المسلمين بحق، ولم أكن أستطيع ألا أن أتقنه.


أبلغني رئيس القسم بالترقية في رسالة على البريد الداخلي للشركة، وفيها تفاصيل كل العمل المتعلّق بهذه الترقية. كان العمل الثاني أشدَّ من الأول، ويحتاج لدقَّة أكبر، أذكر ها هنا ملحوظة: أن راتبي متغير؛ بمعني أنَّ الراتب متعلق طرديًّا بالعمل، ليس على الوقت الذي أقضيه في العمل؛ بل على نوعية العمل الذي أؤديه، وهناك أعمال إضافية، لكن ليس لها مقابل؛ يعني تُعَدُّ ضمنيًّا من العمل، ولا يمكن إنجاز العمل بدونها، وتستهلك وقتًا وجهدًا، لكن عند احتساب الراتب المتغير لا تدخل في تقييمه.


ملحوظة أخرى: أنَّ الراتب ليس كمثيله في الشركات الأخرى، لكنني كنت سعيدًا جدًّا، لا يهم الراتب، سيزيد مع الوقت، ويكفيني فخرًا أنهم اختاروني لهذه الترقية برغم صغر سني، وحداثة تخرجي.


قضيت الشهر الأول أعمل وأعمل و... أعمل!


هل رأيت ثورًا في ساقية؟! هل رأيت العبيد في السخرة؟!


لكني كنت سعيدًا. إلى هنا أنت لا تَجِدُ مشكلة.


ربَّما تتَّهمني كما اتهمني أبي وأمي أنني ساذج، وأنني لم أسأل عن حقوقي، ربَّما أنت مُحقٌّ؛ ولكن تذكَّر أنت لستَ أنا، وأنت لم تكن في موضعي، لعلَّك لو كنتَ في موضعي، ورأيتَ مَن أتحدَّث عنهم؛ لمَا توقَّعت إلا الخير... والخير... والخير!


ثم جاء الأسبوع الأخير في الشهر...


نسيتُ أن أُخْبِرك أنَّ كمَّ العملِ اليومي صار ضِعفين من العمل الذي كنتُ أمارسه قبل الترقية، ونسيتُ أيضًا أن أخبرك أنَّ مقدِّمات العمل التي يجب إنجازها؛ ليتمَّ العمل - والذي لا يتعلَّق به المرتب - قدِ ازداد إلى حدٍّ مخيف... لا يمكنني إلا أن أقوم بهذه الأعمال الإضافية وإلا فسَدَ العمل، وفي الوقت نفسه لن يَزيد مرتَّبي لهذه الأعمال، إذًا وقت إضافي بدون مقابل!


كل هذا لا يهم يا صديقي!


الأسبوع الأخير... آه! نعود للأسبوع الأخير، كان هذا الأسبوع هو أسبوع التسليم العاجل لبعض الأعمال بالإضافة للعمل الأساسي.


تضحك؟!


نعم... أنا أيضًا كنت أضحك!


لا تَسألْني عن المنطق، ولا تسألني كيف تمكنت من إتمام العمل... هل أخبرك أنني كنتُ أعمل من السابعة صباحًا إلى الثانية بعد منتصف الليل؟!!


نعم... حدث هذا!


ثُمَّ جاء يوم قبض المرتَّب... ذهبت للعمل ومررتُ على الخزانة؛ لأخذ مرتبي... الحقيقة لن أذكر المبلغ الذي تقاضيته، ولن أذكر مفردات المرتب، ولن أذكر أي شيءٍ لك يا صديقي، فقط أخبرك - وقولي ثقة - أنَّ المقابل كان أقلَّ من أن يسد رمقي في هذا الشهر.


تضحك؟! أما أنا فلم أضحك!


دخلت للمدير العام للشركة، فقد كان ثَمَّ اجتماعٌ مطول هذا اليوم بينه وبيني، دار بيننا حوار في العمل... الغريب أنَّه كان يذكر لي أشياء متعلّقةً بالعمل تُناقِض ما كان يخبرني به رئيس القسم!


أخبرتُه بموضوع المرتَّب على استحياء، وشرحت له الموقف، أظهر تعاطُفًا معي، وقال لي بعدما راجعَ بعضَ التقارير: إنَّ المرتَّب كان على هذه الصورة؛ لأنَّ الكمَّ اليومي الذي يعتمد عليه المرتب، والذي حققته - كان قليلاً!


شرحتُ له أنَّ العمل كان كثيرًا، وأنني قضيت الوقت ساهرًا لإنجازه... تخيَّل ماذا كان ردُّه؟!


قال لي: أعتقد أنك تدقِّق في عملك بصورةٍ مبالغ فيها!


قلتُ له مندهِشًا: أنا أراعي جودة العمل؛ لأني لن أقف أمام الله يوم القيامة متَّهمًا بعدم إتقان العمل!


قال: نعم أتقنْ كما تشاء؛ لكن أنت تتقن بطريقة زائدة جدًّا!


سكتُّ مندهشًا!! ثم قلت: الحقيقة أنَّ الأعمال التي كنت أقوم بها هذا الشهر بالذات كانت تحتاج ما هو أكثر مما بذلتُه.


قال لينهي اللقاء: على أي حال سأراجع الحسابات مرَّة أخرى.


انصرفتُ.


في المساء تحدَّثت إلى بعض زملائي في الشركة، أخبرت صاحبي هذا بما حدث، قال لي: عجبًا برغم أنَّ الترقية التي حصلتَ عليها تعني زيادة في المرتب!


قلت له: لا، لا يوجد زيادة في المرتَّب الأساسي، ومعي ورقة الحسابات، الكم اليومي المطلوب الضعف والمقابل هو نفس المقابل!


نسيتُ أن أُخْبِرك أخي القارئ أنَّ المرتَّب يُعدُّ سرًّا حربيًّا في هذه الشركة، يَدَّعون أن إفشاءه يحدث مشاكلَ!


أعلم أنَّ هذا قد يكون صحيحًا في الشركات التي لا يحكمها الالتزامُ، ولا يراعي العاملون فيها ربَّ العزة؛ لكننا جميعًا... ملتزمون!


المهم... اتَّصلتُ بالمُحاسب ودار بيننا حوار طويل... لم أفهم منه أيَّ شيء؛ لأنَّ الرجل لم يَبُحْ بأسرار العمل! كنت فقط أريد أن أفهم هل المفروض أن يزيد مرتبي مع الترقية أم لا؟!


أنهى حوارَه: أنَّ المدير العامَّ على علم بكل شيء، وأنه هو مَن يبلغ قسم الحسابات بمرتبات العمَّال، تعجبت!! فالمدير أظهر لي جهلاً بالغًا بِما حدث! تحدَّثت مع السكرتير، وتحدثت مع رئيس القسم...


حسنًا! أظنّكم تدركون الآن! كذب... وكذب... وكذب!


لحظة! ليس السكرتير هو مَن يكذب، وليس المُحاسب، لا والله حتى لحظة كتابة هذه السطور ما جرَّبتُ على أحدهما كذبًا قط، ليس فقط فيما يتعلَّق بالمرتب؛ بل في كثير من الحوار الذي دار بيننا، والذي لم أذكره؛ لأنَّه متعلّق بأسرار العمل.


اتَّصلتُ برئيس القسم مرَّة أخرى، وتحدَّثْتُ معه طويلاً، أمور كثيرة بدَتْ لي في تلك المُهاتفة، علِمْتُ أنَّ كلاًّ من المدير ورئيس القسم قد استمرآ الكذبَ، حتى صار خُلقًا أصيلاً لديهما، أخبرْتُه أنَّني اكتشفتُ أنَّ مرتَّبي لم يزدَدْ مع الترقية وزيادة العمل، تعجبَ (والله أنا الذي أتعجب أن يبلغ الجهل برئيس القسم ألا يعلم مرتَّبي!!) ووعدني أنه سينظر الأمر.


مرَّ يومان وأنا مستمرّ في عملي، ثُمَّ سألْتُ رئيسَ القسم إن كان تَحدَّث مع المدير، فماطَلنِي، فأرسلتُ بريدًا داخليًّا للمدير أستفهِم منه الأمر، وقلت له: إنَّني أريد أن أعرف موقفي؛ لأنَّ قرارَكم الموقَّر سيتوقَّف عليه استِمراري في العمل من عدمه، ماذا كان جوابه؟!!


استهزاء... سخرية... إهانة!!!


رددت عليه بكل أدب أنَّني مستمرّ في العمل حتى انتهاء المشروع الذي أعمل عليه، ثم لن أستمرَّ في العمل، اتَّصل بي رئيس القسم وهو في قمَّة التوتّر، ووبَّخني على ما فعلت، وعاتبني على عدم صبري، وقال لي أنه متمسّك بي... إلخ هذا الكلام.


ولِمَ لا يتمسَّكون بي؟؟؟ هل سيجدون أحدًا أكثر سذاجةً مني يلقون عليه أعباء العمل، ويلقون له بالفتات؟؟ بالإضافة إلى توبيخِه على مهارته وإتقانه، وأنَّهما أكثر من المطلوب!!


سكتُّ ثم قلت له: إنني أُهِنت وأنا لا أقبل الإهانة، ظلَّ يعتذِر لي، فوعدتُه بالتفكير في الاستمرار في العمل.


في اليوم التالي جاءنا بريد داخلي من بعض الإخوة يشتكون كثرة العمل اليومي المطلوب وقلَّة المرتَّب، ماذا كان الرَّدّ؟!


إهانة من المدير العام شخصيًّا، وختم إهاناته بقوله: مَن أراد الاستمرار فليستمرَّ بغير شكوى، ومَن أراد أن يترك العمل فليفعل بدون شوشرة!


هنا، وهنا فقط طفَح الكيل! أرسلت رسالة أنَّني تاركٌ العملَ بغير رجعة.


إلى هذا الحد؟! ظلم، كذب، إهانة، استغلال!! إنا لله وإنا إليه راجعون!


انتظر! لا تظلم الملتزمين!


مرَّت الشهور، ثُمَّ علِمت أنَّ هذا المدير ورئيس القسم قد تمَّ فصلُهما من العمل، وأنَّ صاحب الشركة قد اكتشف التَّجاوُزات التي مارسها كلاهما، والكذب، والظلم...


أتعرف مِن أين عرفتُ؟! من المدير الجديد الذي راح يتَّصل بالكفاءات القديمة؛ لتعود للشركة مرة أخرى.


أتعرف؟! كان المدير العام يتقاضى راتبه بالدولار! وراتبه أعلى من رواتبنا مجتمعةً! وكان كذابًا. وإني لأتساءلُ الآن وأنا أعمل في الشركة من جديد وقد وُفيتُ حقي: كيف سيقابل أيُّ شخص استرعاه الله رعيةً ربَّه يوم القيامة وقد خان رعيتَه، وكذَب عليهم، وظلمهم، واستغلَّهم؟!


كيف سيقابل الله - عز وجل - وهو يعلم عقاب الظالم والكذاب؟!


يا ليت قومي يعلمون!!







صدمة!

سارة بنت محمد حسن
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى