خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
وهلَّ هلال رمضان.. وانتشَت القلوب المتعطِّشة لرحمات زائرٍ يأتي في كل عام مرة.. فيوقِظ الغافلين ويحيي اليائسين ويُبهِج المؤمنين وينشر عطره فيعبق الكون.. ويا سعدى من عانق فأحسن العِناق.. وطوبى لمن استغل نفحاته والتزم طريق الحق وأناب..
وفي رمضان.. موائد عامرة بما لذّ وطاب.. طعامٌ طيِّبٌ وشراب.. وإن هجم الحرّ فمكيِّفاتٌ ومصايف.. وبيوتٌ تقي وتستر وتُريح.. ولعلّ أروع ما في رمضان اجتماع العائلة على طاولة الإفطار قلباً واحداً يلهجون بالدعاء أن يا ربنا تقبل.. وأكرِم وتفضَّل!
أما في فلسطين فلكل شيءٍ طعمٌ مختلف.. ونكهةٌ خاصة.. هنا يُفطِر الصائمون على المدافع الصهيونية والدبابات المنتشرة وأصوات القيود الصَدئة.. ويعيشون شتّى أنواع التهديد والوعيد من تشريدٍ واغتيال وتدميرٍ واعتقال ونفيٍ وحصار.. وأكثر!
هنا تتزيّن الجدران والساحات بصور الشهداء لا بفوانيس رمضان وزينة الأعياد..
هنا تتداخل الأصوات بعضها ببعض فلا يُعرف صوت مدفع الإفطار من صوت مدفعٍ صهيوني يدكّ بيوت الآمنين.. ولا يُميَّز صوت التكبير كشعيرة من شعائر الله تعالى يوم العيد من صوت التكبير إثر اعتقالٍ أو تشريدٍ أو شهادة..
وهنا.. دمارٌ وأنينٌ وحصار.. وشهداءٌ ومرضى وأَسرى.. ومَن لا يزَل ينعم ببيتٍ يأويه فأنينه يدوِّي عند كل غروب من ذكرى غائب طواه الموت أو جدران السجون!
وهنا.. ينتظر الناس إعاشات ومعونات توزّعها الجمعيات الخيرية من الداخل والخارج بعد أن كانوا يتمتعون بكفاف عيش.. ولكن الصهاينة اغتالوا الأرض والنَفس.. وهيهات أن يغتالوا العزيمة والحُلُم!
هل تخيّلت يوماً أن تستيقظ لتجد صاروخاً قد التهم بيتك ونصف عائلتك؟ هل تصوَّرتَ كيف يكون حالك وقد بتّ بلا مأوى واستحال منزلك الذي بنيته بعرق السنين كومة أحجار متراكمة ملطّخة بدماء الأحباب؟! أو ربما أتوك يوماً بصكوك ملكيّة مزوّرة لبيتك تنسف عقود التمليك التي توارثتموها عن أجدادكم جيلاً بعد جيل وألقَوا بك في الشارع دون أن يرفّ لهم جفن؟! هل خِلتَ يوماً أن ينتشل الجنود ابنك من سريره فتظلّ تتحسَّس مكانه عقداً من زمنٍ دون أثرٍ إلا في القلب والخيال؟! هل أتى عليك حينٌ من الدّهر –طويل- لم تجد في محفظتك ما تسدّ به رمق أطفالك؟ أو ماء.. أو كهرباء.. أو وقود.. أو دواء!.. أو!!!
كثيرةٌ هي المشاهد المؤلمة في فلسطين.. كثيرةٌ والعالم قد كفَّن ضميره بالصمت.. وغاب في غياهب الأموات!!
ويأتي رمضان في فلسطين لترتبط القلوب الموحِّدة بربها أكثر.. وتحمده جلّ وعلا على ما ابتلاها من فتنٍ تترى وتجدِّد العهد له سبحانه أن مهما ضيَّقت الأزماتُ الخِناقَ فإنّا صابرون.. وفي أرضنا مزروعون كشجر الزيتون المبارك.. ولن يقتلعنا منها خوفٌ أو تهديدٌ أو حصار.. قابعون هنا على صدورهم مهما جعنا أو عُرِّينا أو اعتُقِلنا.. سنبقى صامدون برغم الجراح..
كم من آهٍ تصدر من قلبِ محرومٍ أو معنَّى!
يمرّ يتيمٌ أمام بائع الحلوى.. يشتهي منها قطعة يأكلها بعد إفطاره.. يغصّ لرؤية القطايف والخرّوب ولكن ممّن يطلبها وقد غاب المعيل؟!
يجرّ بائعٌ عربته تحت وطأة الحرّ وتبقى بضاعته كاسدة فالبيع قليل حتى يكاد ينعدم من الفقر الذي اجتاح فلم يذر من الفلسطينيين أحدا..
تفتّش أمّ العيال عن ما تُطعِمهم فلا تجد إلا بضع تمراتٍ.. وكسرات خبز وشربة ماء!
يختنق الصائم منتظراً عند المعابر والحواجز التي ضربها الصهاينة عند أعتاب مدينته فيمرّ الوقت ويؤذّن المغرب معلناً دخول الوقت فيُفطِر من دون أهله، مقصد الأعداء في محاولة حثيثة لإذلال شعبنا..
يضيق الوالد ذرعاً بالبطالة التي أقعدته في البيت دون مالٍ أو إنتاج.. فيختنق ولا يجد ملجأً إلا الله ليشكو إليه بثّه وحزنه..
تُلملِم بقايا روحها المتناثرة على أعتاب مقبرةٍ ضمّت زوجها الشهيد وحول جدران سجنٍ غيَّب ابنها الأسير.. تنظر بحسرةٍ على أطفالها وقد غاب الأكّال والرفيق.. وتتدافعها مشاعر شتّى ما بين ألمٍ وأسىً وتوكّلٍ ورضا! وتعلم أن الفرج لا بد آت.. وأنّها ستزاحم الحبيب عليه الصلاة والسلام على باب الجنان! فترتسم ابتسامة حنين على وجهها الحزين..
وتشكو أزقّة القدس ونابلس وحيفا وغزّة والضفّة من فقدان الازدحام وقلّة الإقدام للتبضّع استقبالاً لرمضان.. ارتفاعٌ في الأسعار وانعدامٌ في الموارد وشحٌ في الرواتب.. معاناةٌ حقيقيةٌ تتفجّر عند أبواب شهرٍ فضيل تستصرخ فيه نخوة المسلمين في كل مكان..
يقولون أنّ رمضان شهر التكافل والتآخي والتعاضد.. ففي هذا الشهر يصوم المسلمون جميعهم ويشعر الغني بجوع الفقير.. وإن كان الغني يفطر على ألوانٍ من الطعام شتّى فإن الفقير قد لا يجد في رمضان ما يُفطِر عليه! فهو صابرٌ في رمضان وراضٍ قبله وبعده!
إسرافٌ وتبذيرٌ هناك.. وتقشّف وضيق ذات اليد هنا.. وصبرٌ ومصابرةٌ واصطبار.. بغية رضا الرحمن.. وشتّان بين هذا وذاك!
ولكن تبقى ومضات الأمل في عمق القلوب.. ففلسطين عصيّة على الأعداء.. وقدرها أن تحطّم مخطاطاتهم على صخرة صمودها وعنفوانها.. وكما تعوّدناها في المحن، فستعضّ على جراحها وتتعدّى الصِعاب.. ولن تسمح لأحدٍ أن يسرق بهجة رمضان وفرحة العيد منها.. فرحة طاعة أبنائها وصبرهم وثباتهم.. فرحة استغلال رمضان لتسري بهمّتهم وروحانياتهم إلى العلياء.. بالرغم من كل المآسي والخطوب.. فهي مؤمنة بالقضاء راضية بالقدر!
ولا بد أن تلتئم الجراح في شهر الطاعة والمغفرة والرحمات.. وقد استقى المرابطون هناك من شهر بدرٍ وفتح مكة نفحات العزّة والانتصار.. ومع الصبر والتحدي والصمود لا بد من نصرٍ وتحرير! ويقولون متى هو.. قل عسى أن يكون قريبا!
وهمسة لي ولك.. هل سيكون لفلسطين نصيب من دعائك وعونك ونصرتك؟!
كيف النصرة؟! فكِّر قليلاً.. ولن تعدم الوسيلة.. وكلٌّ يجاهد في موقعه.. فانظر فيما أقامك.. وأعِن إخوة لك في الدِّين والإيمان..
وتقبل الله سلفاً!
رمضان.. بنكهة فلسطينية!
أ.سحر المصري
وفي رمضان.. موائد عامرة بما لذّ وطاب.. طعامٌ طيِّبٌ وشراب.. وإن هجم الحرّ فمكيِّفاتٌ ومصايف.. وبيوتٌ تقي وتستر وتُريح.. ولعلّ أروع ما في رمضان اجتماع العائلة على طاولة الإفطار قلباً واحداً يلهجون بالدعاء أن يا ربنا تقبل.. وأكرِم وتفضَّل!
أما في فلسطين فلكل شيءٍ طعمٌ مختلف.. ونكهةٌ خاصة.. هنا يُفطِر الصائمون على المدافع الصهيونية والدبابات المنتشرة وأصوات القيود الصَدئة.. ويعيشون شتّى أنواع التهديد والوعيد من تشريدٍ واغتيال وتدميرٍ واعتقال ونفيٍ وحصار.. وأكثر!
هنا تتزيّن الجدران والساحات بصور الشهداء لا بفوانيس رمضان وزينة الأعياد..
هنا تتداخل الأصوات بعضها ببعض فلا يُعرف صوت مدفع الإفطار من صوت مدفعٍ صهيوني يدكّ بيوت الآمنين.. ولا يُميَّز صوت التكبير كشعيرة من شعائر الله تعالى يوم العيد من صوت التكبير إثر اعتقالٍ أو تشريدٍ أو شهادة..
وهنا.. دمارٌ وأنينٌ وحصار.. وشهداءٌ ومرضى وأَسرى.. ومَن لا يزَل ينعم ببيتٍ يأويه فأنينه يدوِّي عند كل غروب من ذكرى غائب طواه الموت أو جدران السجون!
وهنا.. ينتظر الناس إعاشات ومعونات توزّعها الجمعيات الخيرية من الداخل والخارج بعد أن كانوا يتمتعون بكفاف عيش.. ولكن الصهاينة اغتالوا الأرض والنَفس.. وهيهات أن يغتالوا العزيمة والحُلُم!
هل تخيّلت يوماً أن تستيقظ لتجد صاروخاً قد التهم بيتك ونصف عائلتك؟ هل تصوَّرتَ كيف يكون حالك وقد بتّ بلا مأوى واستحال منزلك الذي بنيته بعرق السنين كومة أحجار متراكمة ملطّخة بدماء الأحباب؟! أو ربما أتوك يوماً بصكوك ملكيّة مزوّرة لبيتك تنسف عقود التمليك التي توارثتموها عن أجدادكم جيلاً بعد جيل وألقَوا بك في الشارع دون أن يرفّ لهم جفن؟! هل خِلتَ يوماً أن ينتشل الجنود ابنك من سريره فتظلّ تتحسَّس مكانه عقداً من زمنٍ دون أثرٍ إلا في القلب والخيال؟! هل أتى عليك حينٌ من الدّهر –طويل- لم تجد في محفظتك ما تسدّ به رمق أطفالك؟ أو ماء.. أو كهرباء.. أو وقود.. أو دواء!.. أو!!!
كثيرةٌ هي المشاهد المؤلمة في فلسطين.. كثيرةٌ والعالم قد كفَّن ضميره بالصمت.. وغاب في غياهب الأموات!!
ويأتي رمضان في فلسطين لترتبط القلوب الموحِّدة بربها أكثر.. وتحمده جلّ وعلا على ما ابتلاها من فتنٍ تترى وتجدِّد العهد له سبحانه أن مهما ضيَّقت الأزماتُ الخِناقَ فإنّا صابرون.. وفي أرضنا مزروعون كشجر الزيتون المبارك.. ولن يقتلعنا منها خوفٌ أو تهديدٌ أو حصار.. قابعون هنا على صدورهم مهما جعنا أو عُرِّينا أو اعتُقِلنا.. سنبقى صامدون برغم الجراح..
كم من آهٍ تصدر من قلبِ محرومٍ أو معنَّى!
يمرّ يتيمٌ أمام بائع الحلوى.. يشتهي منها قطعة يأكلها بعد إفطاره.. يغصّ لرؤية القطايف والخرّوب ولكن ممّن يطلبها وقد غاب المعيل؟!
يجرّ بائعٌ عربته تحت وطأة الحرّ وتبقى بضاعته كاسدة فالبيع قليل حتى يكاد ينعدم من الفقر الذي اجتاح فلم يذر من الفلسطينيين أحدا..
تفتّش أمّ العيال عن ما تُطعِمهم فلا تجد إلا بضع تمراتٍ.. وكسرات خبز وشربة ماء!
يختنق الصائم منتظراً عند المعابر والحواجز التي ضربها الصهاينة عند أعتاب مدينته فيمرّ الوقت ويؤذّن المغرب معلناً دخول الوقت فيُفطِر من دون أهله، مقصد الأعداء في محاولة حثيثة لإذلال شعبنا..
يضيق الوالد ذرعاً بالبطالة التي أقعدته في البيت دون مالٍ أو إنتاج.. فيختنق ولا يجد ملجأً إلا الله ليشكو إليه بثّه وحزنه..
تُلملِم بقايا روحها المتناثرة على أعتاب مقبرةٍ ضمّت زوجها الشهيد وحول جدران سجنٍ غيَّب ابنها الأسير.. تنظر بحسرةٍ على أطفالها وقد غاب الأكّال والرفيق.. وتتدافعها مشاعر شتّى ما بين ألمٍ وأسىً وتوكّلٍ ورضا! وتعلم أن الفرج لا بد آت.. وأنّها ستزاحم الحبيب عليه الصلاة والسلام على باب الجنان! فترتسم ابتسامة حنين على وجهها الحزين..
وتشكو أزقّة القدس ونابلس وحيفا وغزّة والضفّة من فقدان الازدحام وقلّة الإقدام للتبضّع استقبالاً لرمضان.. ارتفاعٌ في الأسعار وانعدامٌ في الموارد وشحٌ في الرواتب.. معاناةٌ حقيقيةٌ تتفجّر عند أبواب شهرٍ فضيل تستصرخ فيه نخوة المسلمين في كل مكان..
يقولون أنّ رمضان شهر التكافل والتآخي والتعاضد.. ففي هذا الشهر يصوم المسلمون جميعهم ويشعر الغني بجوع الفقير.. وإن كان الغني يفطر على ألوانٍ من الطعام شتّى فإن الفقير قد لا يجد في رمضان ما يُفطِر عليه! فهو صابرٌ في رمضان وراضٍ قبله وبعده!
إسرافٌ وتبذيرٌ هناك.. وتقشّف وضيق ذات اليد هنا.. وصبرٌ ومصابرةٌ واصطبار.. بغية رضا الرحمن.. وشتّان بين هذا وذاك!
ولكن تبقى ومضات الأمل في عمق القلوب.. ففلسطين عصيّة على الأعداء.. وقدرها أن تحطّم مخطاطاتهم على صخرة صمودها وعنفوانها.. وكما تعوّدناها في المحن، فستعضّ على جراحها وتتعدّى الصِعاب.. ولن تسمح لأحدٍ أن يسرق بهجة رمضان وفرحة العيد منها.. فرحة طاعة أبنائها وصبرهم وثباتهم.. فرحة استغلال رمضان لتسري بهمّتهم وروحانياتهم إلى العلياء.. بالرغم من كل المآسي والخطوب.. فهي مؤمنة بالقضاء راضية بالقدر!
ولا بد أن تلتئم الجراح في شهر الطاعة والمغفرة والرحمات.. وقد استقى المرابطون هناك من شهر بدرٍ وفتح مكة نفحات العزّة والانتصار.. ومع الصبر والتحدي والصمود لا بد من نصرٍ وتحرير! ويقولون متى هو.. قل عسى أن يكون قريبا!
وهمسة لي ولك.. هل سيكون لفلسطين نصيب من دعائك وعونك ونصرتك؟!
كيف النصرة؟! فكِّر قليلاً.. ولن تعدم الوسيلة.. وكلٌّ يجاهد في موقعه.. فانظر فيما أقامك.. وأعِن إخوة لك في الدِّين والإيمان..
وتقبل الله سلفاً!
رمضان.. بنكهة فلسطينية!
أ.سحر المصري
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى