لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
خلود
خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

عذراً حبيبتي.. Empty عذراً حبيبتي.. {السبت 1 أكتوبر - 18:22}

كم مرة قلتها لشريكك في الحياة؟ وكم مرة عنيتها من أعماقك؟ وكم مرة خشيت أن لا يسامحك فانقبض قلبك؟!
الاعتذار.. الفن السحريّ المفقود في بيوتنا.. متى يعود؟!
نشر ثقافةِ الاعتذار في مجتمعاتنا باتت حاجة مُلِحّة وخاصة في الحياة الزوجية.. الكثيرُ من الأزواجِ للأسف يعتقدون أنهم إذا اعتذروا فمعنى هذا أن كرامتَهم قد تلطّخت وعزّةَ أنفسِهم قد واراها الثرى.. وربما يشعرون بعدها بدونيّة أو باحتقار لذواتِهم لمجرد أنهم اعتذروا.. مع أن الاعتذارَ هو رمزٌ للقوّة.. فليس أيُّ أحدِ يستطيع تحمّلَ مسؤوليةِ ما اقترفه من سوءٍ تجاه الشريكِ ليبادرَ بالاعترافِ والاعتذار..
تخيّلوا لو أنّ الزوج –أو الزوجةَ طبعاً- أساءَ التصرفَ وضايق الطرفَ الآخرَ ثم لم يعتذرْ.. ولم يعترفْ أصلاً بذنبِه واستمر بالتعاملِ معه وكأنّ شيئاً لم يكن.. لا شك أنَّ الطرفَ الآخرَ سيشعرُ بالغبنِ وبلا مبالاةِ شريكِه وبعدمِ احترامِ مشاعِرِه.. ما قد يجعلُهُ يتصرفُ بشكلٍ سلبيٍ.. وهذا الأمرُ يؤثّرُ طبعاً على العلاقةِ الزوجيةِ واستقرارِها.. كما أنه يُنقِصُ من رصيدِ الحبّ في قلبِه تجاه شريكِه.. ومع الوقتِ ستكبرُ الهوّةُ أكثرُ وربما يصلُ الطرفان إلى الطلاقِ الروحي.. بينما لو اعتذرَ كلُّ من أخطأ لشعرَ الآخرُ بالسكينةِ والمودةِ وبقيمته عند الشريك..
تُرى ما هي الأسبابُ التي تجعلُ الزوجَ أو الزوجةَ يُعرِضون عن هذه الثقافةِ المهمةِ في حياتِهِمُ الزوجية.. في الوقتِ الذي يمكن للبعضِ منهم الاعتذارُ لشخصٍ غريبٍ بسهولةٍ ويسر!

لا شك أن الأسباب كثيرة ولعل أهمها:
- الموروثُ الشرقيُ من أن الرجلَ لا يجب أن يخضعَ لزوجتِه حتى لو كان قد أساء فهو القوّامُ ويجب أن يبقى رأسُه شامخاً..
- التوهّمُ أن الاعتذارَ هو ضعفٌ وذلٌ ودونية.. وهو لا يليق!.. وأنهُ ما إن يعتذرُ الزوجُ أو الزوجةُ حتى يصبحَ منقاداً للآخرِ ويفقدَ الاحترامَ!
- غيابُ ثقافةِ الاعتذارِ في التربيةِ الأُسريةِ وعدمُ غرسِ هذا الخُلُقِ منذُ الصِغَر..
- إنكارُ الحدثِ الخاطئ من قولٍ أو فعلٍ والتغاضي عنهُ أسهلُ من الاعترافِ به وتحملِ المسؤوليةِ تجاهَهُ ومن ثمّ الاعتذار..
- الشعورُ أن المعتذِرَ هو الخاسرُ وأن الطرفَ الآخرَ هو الرابح!
- الكِبِر حيث لا يريد المخطئ الاعترافَ بالخطأ وتحملِ مسؤوليته..
- الخوفُ من النقدِ..
- كرهُ الشريكِ وعدمُ احترامِه من الأساسِ وعدمُ الاهتمامِ بصلابةِ الزواجِ ودعمِه..

يؤكّد الدكتور جون غراي الخبيرُ العالميُ في مجالِ التواصلِ والعلاقات أن الرجالَ نادراً ما يقولون “أنا آسف” لأنها تعني بالنسبة إليهم أنهم ارتكبوا خطأً ما وعليهم الاعتذار.. ولكن النساء يقلن “أنا آسفة” كطريقة أُخرى لقول: “أنا أهتم بما تشعر به”!
وفي الواقعِ كلُّ ابنِ آدمَ خطّاءٌ.. وخيرُ الخطّائين التوّابون.. هذه قاعدةٌ عامّةٌ في الحياةِ.. وكذلكَ في الحياة الزوجية.. فالخطأُ واردٌ دائماً وهو أمرٌ طبيعيٌ.. وهذا لا يحيلُ المخطئَ إلى شيطان.. وإنما قد يحيلُ الزواجَ إلى بؤرةٍ من التعاسةِ إن لم يتّخذِ الأزواجُ الخطواتِ المناسبةَ للحفاظِ على الأسرةِ ولعلّ أولَها هو الاعتذارُ والتغافر حال حدوث الخطأ.. وليكن حاضراً في الوجدانِ أن الاعتذارَ ليس ضعفاً وإنما شجاعةٌ وقوةٌ وجرأة.. وإن صعُب على النّاس باختلاف مشاربهم الدينية والثقافية والاجتماعيةِ فلا يجب أن يصعُبَ على المؤمنِ الذي يدركُ أنّه مأجورٌ على اعتذاره إن أخطأ حيث أنّه يُنهي خصومةً ويُسعِد قلباً ويتقرّب من مولاه جلّ وعلا..
قد نخطئ في تصرفٍ.. في قولٍ.. في إساءة ظنٍ.. في حُكمٍ.. أو ربما الخطأُ يكون في أننا لا يهمُنا أصلاً إن كانت أقوالُنا أو أفعالُنا تؤذي الشريك!
وقد نخطئُ من دونِ قصدٍ أو ربما عن سوءِ نيّة.. ولئن كان الخطأُ أمرا طبيعياً في الحياة الزوجية.. إلا أنه إذا لم يتمَ الاعتذارُ وتُرِك الأمرُ من دون علاجٍ فإن شيئاً ما في العواطفِ والمشاعرِ يكون قد خُدِش ولا بد من إصلاحِه حتى لو أقرّ الزوجانِ أن الأمورَ تحت السيطرةِ وأن كلَ شيءٍ على ما يرام.. ولا شكَ أن الاعتذارَ هو إحدى الطرقِ الفعّالةِ لتسويةِ الأمورِ العاطفية..
أما طريقةُ الاعتذارِ فتختلفُ.. فليس اعتذارُ نسيانِ شراءِ سلعةٍ معيّنةٍ للبيت أو ملحٍ زائدٍ في الطعام كمثلِ اعتذارِ إهانةِ الزوجةِ واحتقارِها في موقفٍ ما أو إحراجِ الزوجِ أمامَ الأهل.. وقد يرافقُ الاعتذارَ هديةٌ أو دعوةٌ إلى الغداء في المطعم أو نزهةٌ عند الشاطئِ وغيرُها من الأمورِ التي تُرضي الشريكَ ويسعدُ بها..
المهمُ وما يعنينا في هذا الموضوع هو اعترافُ المخطئ بخطئه والاعتذارُ عنه وتحملُ مسؤوليةِ هذا الخطأ بنضج..
ومن جهةٍ أُخرى.. ليس من الحكمة أن يبرِّر المخطئ ويُكثِرَ من محاولات تبرئةِ نفسِه من الخطأ فهذا لن يزيدَ الطرفَ الآخرَ إلا نفوراً من شريكه.. بينما الاعترافُ بالخطأِ والاعتذارُ سيؤديان بلا أدنى شك إلى إعادةِ الحيويةِ للعلاقة بل وتزكيتِها أكثرَ من ذي قبل والتأكيدِ للشريك أن مشاعرَه هي محطُ اهتمامٍ وتقدير..
أما لهجةُ الاعتذارِ فيجب أن تكون مفعمةً بالحبِ حتى يؤتي الأمرُ أكلَه.. فإن شعر الشريك أن الاعتذارَ صادرٌ من اللسان فقط لتبرئة ساحة المخطئ وللدفاع عن نفسه فهذا سيضايقُه أكثرَ من عدم الاعتذار من الأصل.. وإن حصل وشعر الزوج –أو الزوجة طبعاً- أن الشريكَ يعتذرُ فقط ليُغلقَ صفحةً أثارت الجدلَ والأرقَ فحينها سيشعر بمزيدِ ألمٍ وضغط! أما إن كانت اللهجةُ حنونةً وسليمةً وكذلك خاليةً من عباراتِ اللومِ وإلقاءِ الذنب على الآخر فإنها تمتصُ غضبَ وحنقَ الشريك.. ولذلك يجب أن تكون من الأعماقِ لتصلَ إلى القلب!
وبلا أدنى شكٍ إن صدرَت كلماتُ الاعتذارِ بتلقائيةٍ وبدافع العادةِ فهذا لن يؤثّرَ في قلبِ ووجدانِ الطرفِ الآخر.. فحين يقومُ طرفٌ ما بتصرف أو يتلفّظُ بقولٍ يجرحُ الشريكَ ثم يعتذرُ ليُعيدَ نفسَ الخطأ مراراً وتكراراً بعدَها.. فالاعتذارُ الذي يصدر منه يساوي بكل بساطة: لا شيء! وإنما سيثمِّنُ الشريكُ هذا الاعتذارَ حين يشعرُ أن الطرفَ الآخرَ يقوم بجهدٍ لتفادي حصولِ مثل هذا التصرفِ الخاطئ مرة أُخرى..
ولئن كان الاعتذارُ هو العلاجُ للأخطاء التي تحدثُ بشكلٍ طبيعي بين الزوجين.. فالاعترافُ بالخطأ وتحملُ المسؤولية وإظهارُ الندم على الإساءة للشريك والتعهدُ بتغيير السلوك الذي نتج عنه هذا الخطأُ كلُ ذلك لا شك أنها عواملُ مفيدةٌ وأساسيةٌ لاستقرار العلاقةِ الزوجية خاصةً بعدَ الهوّةِ التي تحدث حينها..
وتجدرُ الإشارةُ هنا إلى أن الاعتذارَ المباشرَ بين الزوجين هو أنجعُ.. ولكن إن استثقلَ المخطئُ هذه الخطوةَ فبإمكانه التعبيرُ عن ندمِه وأسفه بطرق غيرِ مباشرةٍ وابتكارُ طرقٍ مميزةٍ للتعبير.. فيمكن أن تكونَ رسالةً أو دعوةً إلى الغداء أو إحضارَ هديةٍ أو لمسةً حانية ونظرةً دافئةً أو القيامَ بأي تصرفٍ يُسعِد الشريك.. المهم في الأمر أخذُ المبادرةِ بعد الإساءةِ لإصلاحِ الخلل..
وطبعاً حين نتكلمُ عن الاعتذارِ فإننا نتكلمُ أيضاً عن التغافر.. حتى لو ضايقنا الفِعلُ أو القولُ للشريكِ إلا أن هذا التغافرُ بعدَ الاعتذارِ هو المفتاحُ لإعادةِ بناءِ العلاقةِ المضطربة.. وليس من الخطأ أن يقبلَ الطرفُ اعتذارَ الطرفِ الآخرِ ويخبرَه في نفسِ الوقتِ أنه بحاجةٍ إلى وقتٍ أطول ليتخلّصَ من المشاعرِ السلبية تجاهَ ما حدث..
ومن الجميل أن تكون لفتةٌ مميّزةٌ من الطرفِ غيرِ المخطئ أن يُتبِع اعتذارَ المخطئ اعتذاراً منه أيضاً حول ما حصلَ خاصةً إن رافقَ سوءَ التفاهم جدالٌ واتهاماتٌ وشجار.. فهذا من شأنه أن يقلِّلَ من شعورِ المخطئ بِثِقَلِ الاعتذار وكذلك يجعلَه يوقنُ أن ثقافةَ الاعتذار هي متساويةٌ عند الطرفين..
ويبقى أن نؤكّدَ أنه إن تعذّرَ الاعتذارُ لسببٍ ما فليسَ معنى هذا أن الحبَ مفقودٌ بين الطرفين..
لفتني في مقالٍ للشيخ عصام تليمة عن ثقافة الاعتذار تناولُه للموضوع من الجانب الشرعيّ حيث قال أن “الإسلام شرّع عدة تشريعات هي في حقيقتها اعتذارات.. فإذا صلى المسلم في صلاته، وسها فيها وفَقَدَ خشوعَه وتركيزَه في الصلاة بين يديّ ربه، سَنَّ الإسلام علاجا لهذا الخلل والخطأ، فشرّع (سجود السهو)، وهو اعتذار لله عز وجل من المسلم الذي بدر منه تقصير بنسيان، بزيادة أو نقص، أو تقديم أو تأخير.. وكذلك ديّة القتل الخطأ هو بمثابة اعتذار لأهل الميّت على شكل تعويض مادي”.. وفي الواقع أيّها الأحبّة أنّ ديننا قد وجّهنا إلى فضائل الأخلاق والأعمال وليس علينا إلا أن نستقي منه ونتّبع تشريعه لنسعد دنيا وأُخرى..
قد تُنقذُ كلمةُ اعتذارٍ بيتاً على وشكِ الانهيار.. أو تمنعُ مشاكلَ عميقةً تنخرُ على المدى الطويل دعائمَ البنيان الزوجيّ.. هي كلماتٌ بسيطةٌ لا تكلّف شيئاً ولكنها ثمينةٌ وثقيلةٌ في الموازين.. ترقُّ بها القلوبُ وتُجلى بها الصدور.. ويعودُ الودُّ لينتشرَ في الحياة..
أفلا تستحق منا هذه الأسرة سلوك كل السبل للحفاظ عليها وعلى كينونتها من الضياع أو التفكك؟!



عذراً حبيبتي..

أ.سحر المصري
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى