خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ طائر "السوالو" - أو (السنونو) - يقول لنا بطريقته الخاصة: لا تكن عملاقًا في جانب، وقزمًا في جانب آخر.
ذلكم أنه يهاجر سنويًّا من "الأرجنتين" إلى "كاليفورنيا"، قاطعًا آلاف الأميال، حاملاً معه عودًا أو خشبة في فمه، ما بظنكم هو فاعلٌ بها؟
إنه يستعملها حين يتعب من الطيران، فيحط على متنها فوق المحيط.
وقد أفاد الإداريون من عقلية "السوالو"؛ حيث جعلوها من مؤكِّدات الإدارة بمفهوم "الجودة الشاملة"، والتي تعني ألاَّ تكون عملاقًا في جانب، وقزمًا في آخر؛ إن أولئك ليسوا عمالقةً في الحقيقة، ولكنهم عمالقة الأقزام فحسب.
هذه "الجودة الشاملة" هي التي أُريد لنا أن نُدير ذواتِنا بها؛ لنكون عمالقةً دون تقزُّم، ويتأكَّد ذلك في شهر رمضان؛ يقول - صلَّى الله عليه وآله وسلم –: ((مَن لم يدعْ قولَ الزور والعمل به، فليس لله حاجةٌ في أن يدَعَ طعامَه وشرابه))؛ البخاري (1908)، ولكم أن تتبحروا في استكناه معنى قول الزور، من أصغر منكر ومخالفة لأمر الله، إلى إشاعة الفاحشة بألوانها الباهتة والدعوة إليها عبر نوافذ إعلامية تتسابق وتتنافس في نشرها في هذا الشهر الكريم، مرورًا بأخذ أموال الناس بالباطل، وانتقاص الحقوق، والظلم بأنواعه، وانتهاءً بأكبر ذنب ومعصية؛ كالشرك والفواحش وعقوق الوالدين وشهادة الزور؛ كلُّه يدخل في عموم قول الزور والعمل به.
إن الذين يصومون ويفعلون شيئًا من ذلك ولا ينتهون عنه - لم يحققوا مفهوم "الجودة الشاملة"، التي من أجلها كُتب الصيام؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183].
هذه "الجودة الشاملة" التي تُعنى باستقامة الصائم، وصون قلبه وجوارحه عما ينقص صومَه - هي التي تحقِّق فضيلة التقوى.
إن مفهوم "الجودة الشاملة" في رمضان تعني أنك كما تكون عملاقًا في عبادتك من صيام وقيام، ينبغي أن تكون كذلك في تعدية خيرك إلى غيرك، من أهل وقرابة، وكلِّ ذي حاجة من المسلمين؛ "كان - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - أجودَ الناس بالخير، وكان أجودَ ما يكون في رمضان"؛ البخاري (1902)، ومسلم (2308)، فتهتمُّ لأمرهم، وتبحث عن حاجاتهم، وتحاول سدَّ خلَّتهم، إنه معنى راقٍ من معاني التكافل الاجتماعيِّ، أجود بالخير من الريح المرسلة.
ومنها: أن تبلغ غاية التهذيب الذاتي للأهواء والشهوات؛ فلا إطلاقَ لسمعٍ، ولا لبصر، ولا السير نحو... ولا ممارسة شيء مما يؤجِّج... وقد جعل الله الصوم وِجَاءً؛ ((فإنه له وجاء))، وسيخسر سماسرة الفجور، وتكسب أنت، فاحفظ وِجَاءَك لا تهتكْه.
ومنها: أنك تحافظ على مجتمعك فلا تُحْدث فيه ما يُسبِّب خلخلته، أو إحداث بلبلة فيه، وعند اختلاف الرأي، فإنه يتعاذر الناس بينهم طالما أنه بمسوغ شرعيٍّ معتبر؛ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((كنا نسافر مع النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلم يَعِبِ الصائمُ على المُفْطِر، ولا المفطرُ على الصائم))؛ أخرجاه.
ومنها: الأخذ على المُخالف الذي ناقض مقصود الشريعة، والرد والإنكار عليه؛ قال عمر - رضي الله عنه - لنشوان في رمضان: "ويلك، وصِبيانُنَا صِيامٌ!" وضربه، قالها لمن شرب الخمر في نهار رمضان، فكم ممن هو بحاجة ليُقال له: ويلك لا تفعل!
ومنها: العناية بالتربية، تربية النشء والاهتمام بهم، وتنشئتهم على القيم الشرعية والاجتماعية، واحترام النسق العام، والتدريب على ذلك، ويكفي فيه قول عمر - رضي الله عنه – آنفًا: "وصبياننا صيام".
ومنها: الضرب في الأرض والعمل والإنتاج، واطِّراح الكسل والبطالة، ولو أدَّى إلى السفر الذي به يُستباح الفطر؛ كان رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - في سفر، فرأى زحامًا ورجلاً قد ظُلِّل عليه، فقال: ((ما هذا؟))، فقالوا: صائم، فقال: ((ليس من البِرِّ الصَّومُ في السفر))؛ البخاري (1946)، ومسلم (1115).
هذه بعض ملامح لتسليط الضوء على أننا بحاجة إلى إدارة شهرنا بمفهوم "الجودة الشاملة" (عقلية سوالو)؛ حتى نكون عمالقةً على الحقيقة، نحاول أن نكون سبَّاقين بالخير في كلِّ مجال نستطيعه، إذا صمنا تصوم معنا جوارحنا وأسماعنا وأبصارنا، ويستطير خيرنا، ونكفُّ عن الناس الشر، وإن أرادنا أحدًا بسوء وأثار حفيظتنا، فلنقل: إني صائم، إني صائم، ولا يكن يومُ صومِنا ويومُ فطرنا سواء.
وفَّقنا الله وإيَّاكم لكلِّ خير، وتقبَّل صالح العمل.
رمضان وعقلية السوالو.. وما أكثر عمالقة الأقزام!
حوآء آل جدة
إنَّ طائر "السوالو" - أو (السنونو) - يقول لنا بطريقته الخاصة: لا تكن عملاقًا في جانب، وقزمًا في جانب آخر.
ذلكم أنه يهاجر سنويًّا من "الأرجنتين" إلى "كاليفورنيا"، قاطعًا آلاف الأميال، حاملاً معه عودًا أو خشبة في فمه، ما بظنكم هو فاعلٌ بها؟
إنه يستعملها حين يتعب من الطيران، فيحط على متنها فوق المحيط.
وقد أفاد الإداريون من عقلية "السوالو"؛ حيث جعلوها من مؤكِّدات الإدارة بمفهوم "الجودة الشاملة"، والتي تعني ألاَّ تكون عملاقًا في جانب، وقزمًا في آخر؛ إن أولئك ليسوا عمالقةً في الحقيقة، ولكنهم عمالقة الأقزام فحسب.
هذه "الجودة الشاملة" هي التي أُريد لنا أن نُدير ذواتِنا بها؛ لنكون عمالقةً دون تقزُّم، ويتأكَّد ذلك في شهر رمضان؛ يقول - صلَّى الله عليه وآله وسلم –: ((مَن لم يدعْ قولَ الزور والعمل به، فليس لله حاجةٌ في أن يدَعَ طعامَه وشرابه))؛ البخاري (1908)، ولكم أن تتبحروا في استكناه معنى قول الزور، من أصغر منكر ومخالفة لأمر الله، إلى إشاعة الفاحشة بألوانها الباهتة والدعوة إليها عبر نوافذ إعلامية تتسابق وتتنافس في نشرها في هذا الشهر الكريم، مرورًا بأخذ أموال الناس بالباطل، وانتقاص الحقوق، والظلم بأنواعه، وانتهاءً بأكبر ذنب ومعصية؛ كالشرك والفواحش وعقوق الوالدين وشهادة الزور؛ كلُّه يدخل في عموم قول الزور والعمل به.
إن الذين يصومون ويفعلون شيئًا من ذلك ولا ينتهون عنه - لم يحققوا مفهوم "الجودة الشاملة"، التي من أجلها كُتب الصيام؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183].
هذه "الجودة الشاملة" التي تُعنى باستقامة الصائم، وصون قلبه وجوارحه عما ينقص صومَه - هي التي تحقِّق فضيلة التقوى.
إن مفهوم "الجودة الشاملة" في رمضان تعني أنك كما تكون عملاقًا في عبادتك من صيام وقيام، ينبغي أن تكون كذلك في تعدية خيرك إلى غيرك، من أهل وقرابة، وكلِّ ذي حاجة من المسلمين؛ "كان - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - أجودَ الناس بالخير، وكان أجودَ ما يكون في رمضان"؛ البخاري (1902)، ومسلم (2308)، فتهتمُّ لأمرهم، وتبحث عن حاجاتهم، وتحاول سدَّ خلَّتهم، إنه معنى راقٍ من معاني التكافل الاجتماعيِّ، أجود بالخير من الريح المرسلة.
ومنها: أن تبلغ غاية التهذيب الذاتي للأهواء والشهوات؛ فلا إطلاقَ لسمعٍ، ولا لبصر، ولا السير نحو... ولا ممارسة شيء مما يؤجِّج... وقد جعل الله الصوم وِجَاءً؛ ((فإنه له وجاء))، وسيخسر سماسرة الفجور، وتكسب أنت، فاحفظ وِجَاءَك لا تهتكْه.
ومنها: أنك تحافظ على مجتمعك فلا تُحْدث فيه ما يُسبِّب خلخلته، أو إحداث بلبلة فيه، وعند اختلاف الرأي، فإنه يتعاذر الناس بينهم طالما أنه بمسوغ شرعيٍّ معتبر؛ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((كنا نسافر مع النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلم يَعِبِ الصائمُ على المُفْطِر، ولا المفطرُ على الصائم))؛ أخرجاه.
ومنها: الأخذ على المُخالف الذي ناقض مقصود الشريعة، والرد والإنكار عليه؛ قال عمر - رضي الله عنه - لنشوان في رمضان: "ويلك، وصِبيانُنَا صِيامٌ!" وضربه، قالها لمن شرب الخمر في نهار رمضان، فكم ممن هو بحاجة ليُقال له: ويلك لا تفعل!
ومنها: العناية بالتربية، تربية النشء والاهتمام بهم، وتنشئتهم على القيم الشرعية والاجتماعية، واحترام النسق العام، والتدريب على ذلك، ويكفي فيه قول عمر - رضي الله عنه – آنفًا: "وصبياننا صيام".
ومنها: الضرب في الأرض والعمل والإنتاج، واطِّراح الكسل والبطالة، ولو أدَّى إلى السفر الذي به يُستباح الفطر؛ كان رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - في سفر، فرأى زحامًا ورجلاً قد ظُلِّل عليه، فقال: ((ما هذا؟))، فقالوا: صائم، فقال: ((ليس من البِرِّ الصَّومُ في السفر))؛ البخاري (1946)، ومسلم (1115).
هذه بعض ملامح لتسليط الضوء على أننا بحاجة إلى إدارة شهرنا بمفهوم "الجودة الشاملة" (عقلية سوالو)؛ حتى نكون عمالقةً على الحقيقة، نحاول أن نكون سبَّاقين بالخير في كلِّ مجال نستطيعه، إذا صمنا تصوم معنا جوارحنا وأسماعنا وأبصارنا، ويستطير خيرنا، ونكفُّ عن الناس الشر، وإن أرادنا أحدًا بسوء وأثار حفيظتنا، فلنقل: إني صائم، إني صائم، ولا يكن يومُ صومِنا ويومُ فطرنا سواء.
وفَّقنا الله وإيَّاكم لكلِّ خير، وتقبَّل صالح العمل.
رمضان وعقلية السوالو.. وما أكثر عمالقة الأقزام!
حوآء آل جدة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى