خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
هل حقا أن إباحة الشارع للتعدد فيه حيف وجور على المرأة المسلمة ؟
وهل أضحى التعدد نقطة ضعف في تشريعات الأسرة المسلمة مما أتاح لأعداء هذا الدين النيل منه والقدح في عدالته وادعاء أن المراة المسلمة مهضومة الحق ,مهيضة الجانب في دين الإسلام؟
وهل هو فعلا ,كما يردد البعض لم يعد صالحا للتطبيق في زماننا هذا ,حيث صارت المرأة في مجتمعات عدة هي الركيزة الأقوى في منظومة الزواج ,أو على الأقل أصبحت تمثل الداعم الرئيسي لمؤسسة الأسرة ماديا واجتماعيا؟
وهل اضمحلت سلطة الرجل في إطار المجتمع والأسرة بسبب انتشار ثقافة العولمة والتفسخ الخلقي ,وارتفلع أصوات المطالبة بالمساواة بين الجنسين ,وكذا بسبب الإنهزام النفسي الذي يحياه الرجل والمجتمع المسلم ككل أمام سطوة العالم المتقدم؟؟
بداية:
وقبل الولوج في صلب الموضوع لابد لنا من معرفة حكم الشارع في التعدد.
دار خلاف منذ القدم بين الفقهاء حول حكم التعدد, والذي أميل إليه أن التعدد تجري عليه الأحكام الخمسة شأنه شأن النكاح فهو فرع منه .
فالتعدد قد يكون واجبا ,وذلك في حق الرجل الذي لاتعفه زوجته إما لمرضها أو لشبقه أو لأن نفسه عافتها لأي سبب من الأسباب ولا يرغب في طلاقها لأنها أم ولده أو غير ذلك.. فيبقى مطلقا بصره متطلعا على الدوام لغيرها مما يوقعه في المحذور .فهذا يجب عليه أن يتزوج صيانة لدينه ومروءته .
وإما ان يكون التعدد مندوبا, كحال البلد التي تقل فيها نسبة الذكور لأي سبب كان.. فتكثر فيها الأيامى والأرامل والمطلقات ,فهنا يندب للرجل القادر على التعدد أن يعدد وذلك لحفظ المجتمع المسلم من الفساد الذي قد يستشري فيه بسبب هذا الخلل في هيكله البشري .
وإما أن يكون التعدد مباحا وذلك عندما لا تترتب عليه أي مفسدة ويفي الرجل بشروطه...
وقد يصير التعدد مكروها وذلك في حق الرجل الذي يقدم على هذه الخطوة دون تمحيص لحاله , يتزوج الثانية فيجافي الأولى أويهمل الثانية صارفا جل وقته واهتمامه لأسرته الأولى أو يطلق إحداهما لاستثقاله القيام بمؤنة زوجتين ,فيظلم بذلك امرأة مسلمة لا حول لها ولا قوة ويلحقها بركب المطلقات ..
وأخيرا قد يصير التعدد محرما وذلك في حق الرجل الذي يعلم من نفسه ضعفا أوعجزا جسديا أوماديا أونفسيا فيحرم عليه التغرير بزوجة واحدة فمابالك باثنتين أو أكثر؟؟
والآن يلح علينا سؤال محوري ويحتاج منا إلى وقفة تأملية ..وهو:
هل التعدد تشريع يصب في مصلحة الرجل أم أنه يصب في مصلحة المرأة؟
ربما سيكون جواب الغالبية للوهلة الأولى أنه تشريع يصب في كفة الرجل وستقول النساء :أنه زيادة تدليل من الشارع لجنس الذكور.
ولكن وبشيء من العمق والإنصاف وبنظرة تأملية سنجد أن التعدد ماشرع إلا لمصلحة النساء ورفقا بهن ومن عدة أوجه..لماذا نقول ذلك؟
لأن التعدد قبل كل شيئ هو زيادة في التكاليف الملقاة على عاتق الرجل واستنزاف له سواء في الجانب المادي أو الجسدي أو النفسي ..
فالمرأة قد كفل الشارع لها حقها من الرجل كاملا سواء أكانت زوجة أولى أم رابعة ,ولسوف يتحمل الرجل وزر خطيئته إن قصر معها إلى يوم الدين .
إلا أن التفكير الفردي الأناني القاصر لدى الكثيرات يمنعهن من بلوغ هذه النتيجة, فالمرأة حينما تعارض التعدد تنسى أوتتناسى بأنها قد تعنس أو تصبح في يوم ما أرملة أو مطلقة فتقل فرصها في الحصول على رجل غير متزوج ,وقد يحدث هذا لإحدى أخواتها أوبناتها في يوم ما فيكون تشريع التعدد هو الحل الأمثل لمثل هذه الحالات, إلا أن هذا لا ينفي دور الرجل المعدد بممارساته الخاطئة في تنفير النساء من التعدد.
أهم أسباب نفور النساء من التعدد:
1_ غياب العدل:
قال تعالى :(فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة أو ماملكت أيمانكم ذلك أدنى الا تعولوا( النساء_3_)
بعيدا عن الخلاف حول هل العدل شرط لإباحة التعدد ؟ فإن غيابه يعد السبب الأول لنفور النساء من التعدد.فلا أحد ينكر تفشي صور الظلم من كثير من الأزواج المعددين ,فتراه يميل بالكلية إلى واحدة منهن دون الأخريات ,ويعتذر بعضهم بقوله جل وعلا(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما(النساء_129_) فالمقصود بها أن بعض الميل وبالأخص الميل القلبي مسامح فيه أما كل الميل بحيث تغدواكأنها غير ذات زوج فلا يجوز إلا أن يصلحا بينهما صلحا فتتنازل إحدى الزوجات عن بعض حقها لشريكتها عن رضى ,ومفهوم العدل هنا يقع فيه خطأ من الكثير فليس المقصود به المساواة في كل جزئيات التعامل بل إعطاء كل واحدة مايشبع احتياجاتها بقدر استطاعة الرجل مع مراعاة التباين في الحاجات بين زوجة وأخرى ,وتلك الحكمة التي من يؤتاها فقد أوتي خيرا كثيرا.
وهنا لانغفل دور الزوجة في تنفير الزوج منها, فبعض النساء .هداهن الله. ماإن يتزوج زوجها بأخرى حتى تشحذ له سن الأذى وتكيد له كيدا وتحيل حياته لجحيم لايطاق وتشعل معاركا لانهاية لها ظنا منها أن ذلك سيدفعه لترك الزوجة الجديدة فتكون عاقبة ذلك وخيمة على الأسرة عموما وعلى هذه الزوجة خصوصا ,فالرجل إما أن ينصرف عنها بالكلية ويمضي جل أوقاته مع الأخرى التي تغدق عليه بالحب والرعاية وتعامله بالرضى والمهادنة, وإما إن رضخ لضغوط زوجته الأولى وترك الثانية مكرها عاد للأولى حاملا لها في حنايا نفسه حقدا سيحيل حياته الباقية معها لصراع لانهائي..وهذا مجرب ومشاهد.
2_ نظرة المجتمع الظالمة لأطراف التعدد :
هناك تعميمات وأحكام خاطئة سائدة في المجتمع بالنسبة للرجل المعدد , والزوجة الأولى , وكذا الزوجة الثانية تدفع بالجميع للابتعاد والامتناع عن خوض غمار التعدد, منها :
**اعتبار الرجل الراغب في التعدد نهم جنسيا ,أناني لا يفكر سوى بمتعته ولذته الشخصية ,غير آبه بمصير زوجته الأولى وأبنائه المساكين!!
فترى الرجل يتردد مئة مرة قبل أن يبوح برغبته في التعدد حتى وإن كانت دوافعه سامية ونبيلة وذلك خشية أن يرمى بهذه التهم.
**وأما الزوجة الأولى فينظر المجتمع إليها بتنقص وازدراء معتقدين أنه ماكان زوجها ليفكر بالزواج بأخرى إلا لوجود عيب فيها!!
فيضاعفون بحكمهم هذا من ألامها ويدفعونها دفعا للوقوف أمام قرار الزوج حتى لو كانت النتيجة تركها للبيت وطلاقها.
**أما الزوجة الثانية فلها نصيب الأسد من الاتهامات الظالمة ,فهي بنظر المجتمع امرأة(خرابة بيوت)(سارقة رجال) أنانية ,تسعى لتحصيل مأربها على حساب دمار أسرة !!
هذا إن لم تتهم بأنها ساحرة,أو امرأة لعوب..!!
3_وثم سبب أخر لايقل أهمية عماقبله يدفع النساء للنفور من التعدد:
ألا وهو تجارب التعدد المتكررة الفاشلة في زماننا, وأعزو ذلك لغياب المواصفات الكفيلة بنجاح تجربة التعدد في شخص الرجل ,والتي تتمثل في التالي:
1_ القدرة على اتخاذ القرارالصحيح وإنفاذه.
2_ سعة الصدر وحسن الخلق الكفيل باحتواء الجميع.
3_ الإستقلالية وقدرته على فرض احتارم احتياجاته الإنسانية على الجميع.
4_ قوة الشخصية الكافية لحسم مادة الخلاف إذا نشب.
5_ القدرة على حمل ميزان العدل بحكمة وذلك بإعطاء كل زوجة ماتحتاجه لتكتمل سعادتها.
6_ الاكتفاء الذاتي ماديا ومعنويامما يضمن بقاء سلطته على جميع أفراد الأسرة.
فعلى كل امرأة قبل أن تقبل بالزواج من رجل متزوج إخضاعه لهذا التقييم لضمان نجاح التجربة بإذن الله.
أخيرا: ما الذي خسره المجتمع بمحاربته للتعدد؟:
يذكر صاحب كتاب(التحرير والتنوير ) عند تفسيره لأية التعدد في أول سورة النساء:
وقد شرع الله تعدد النساء للقادر العادل لمصالح جمة:
منها أن في ذلك وسيلة إلى تكثير عدد الأمة بازدياد المواليد فيها ,ومنها أن ذلك يعين على كفالة النساء أللاتي هن أكثر من الرجال في كل أمة لأن الأنوثة في المواليد أكثر من الذكورة ,ولأن الرجال يعرض لهم من أسباب الهلاك في الحروب والشدائد مالايعرض للنساء ولأن النساء أطول عمرا من الرجال غالبا بما فطرهن الله عليه ,ومنه أن الشريعة قد حرمت الزنا وضيقت في تحريمه لما يجر إليه من الفساد في الأخلاق والأنساب ونظام العائلات ,فناسب أن توسع على الناس في تعدد النساء لمن كان ميالا من الرجال للتعدد مجبولا عليه ومنها قصد الابتعاد عن الطلاق إلا لضرورة.
شاهد من الواقع:
وبناء على ماذكره الشيخ الجليل رحمه الله وبقراءة عميقة لحال المجتمع ندرك أن اندثار التعدد ومحاربة المجتمع له أفرز العديد من الآفات الاجتماعية منها:
*انتشار ظاهرة ممارسة الزنا بين فئة المتزوجين من الرجال.
*تفشي صور من العلاقات المحرمة بين الجنسين بوسائل شتى سهلتها تقنية الاتصال الحديثة من أنترنت وجوال ,فكثيرا مانسمع زوجات يشكين من المعاكسات التي يمارسها الزوج مع النساء وحتى على مرأى ومسمع منها!!!
*التهاون فيما يسمى بعلاقات الحب العذري بين الجنسين والصداقة البريئة والتي قد تودي في أحيان كثيرة للوقوع في المحذور.
*ظهور وتزايد حالات الخيانة الزوجية من قبل المرأة بسبب انصراف الزوج عنها أو سؤ خلقه ,وهي تفضل البقاء معه لتحافظ على مظهرها الاجتماعي ولعلمها أنها لن تحصل بسهولة على فرصة زواج أخرى إن تركته ,فتختار الإبقاء على علا قة ميتة لا روح فيها وتعمل على إشباع عاطفتها بالعلاقات المحرمة سرا!!
*ارتفاع معدلات الإصابة بالاكتئاب في أوساط الفتيات اللاتي فاتهن قطار الزواج بسبب الجوع والحرمان العاطفي الذي تعانيه الفتاة مع تفاقم أسباب الفتنة من حولها ونظرة المجتمع الظالمة لها,والاكتئاب يعد الأول من مسببات الانتحار عالميا.
ولكن ورغم أن المرأة هي من يقع على عاتقها الخسارة العظمى لاندثار التعدد ,فالمفارقة العجيبة أنها
الأشد كراهية لهذا التشريع والأعظم محاربة له !
مما دفع بالرجال لكراهيته والابتعاد عنه وصار لسان حال الجميع: فر من التعدد فرارك من الأسد !!
(ماذا خسر المجتمع باندثار التعدد؟)
نبيلة الوليدي
هل حقا أن إباحة الشارع للتعدد فيه حيف وجور على المرأة المسلمة ؟
وهل أضحى التعدد نقطة ضعف في تشريعات الأسرة المسلمة مما أتاح لأعداء هذا الدين النيل منه والقدح في عدالته وادعاء أن المراة المسلمة مهضومة الحق ,مهيضة الجانب في دين الإسلام؟
وهل هو فعلا ,كما يردد البعض لم يعد صالحا للتطبيق في زماننا هذا ,حيث صارت المرأة في مجتمعات عدة هي الركيزة الأقوى في منظومة الزواج ,أو على الأقل أصبحت تمثل الداعم الرئيسي لمؤسسة الأسرة ماديا واجتماعيا؟
وهل اضمحلت سلطة الرجل في إطار المجتمع والأسرة بسبب انتشار ثقافة العولمة والتفسخ الخلقي ,وارتفلع أصوات المطالبة بالمساواة بين الجنسين ,وكذا بسبب الإنهزام النفسي الذي يحياه الرجل والمجتمع المسلم ككل أمام سطوة العالم المتقدم؟؟
بداية:
وقبل الولوج في صلب الموضوع لابد لنا من معرفة حكم الشارع في التعدد.
دار خلاف منذ القدم بين الفقهاء حول حكم التعدد, والذي أميل إليه أن التعدد تجري عليه الأحكام الخمسة شأنه شأن النكاح فهو فرع منه .
فالتعدد قد يكون واجبا ,وذلك في حق الرجل الذي لاتعفه زوجته إما لمرضها أو لشبقه أو لأن نفسه عافتها لأي سبب من الأسباب ولا يرغب في طلاقها لأنها أم ولده أو غير ذلك.. فيبقى مطلقا بصره متطلعا على الدوام لغيرها مما يوقعه في المحذور .فهذا يجب عليه أن يتزوج صيانة لدينه ومروءته .
وإما ان يكون التعدد مندوبا, كحال البلد التي تقل فيها نسبة الذكور لأي سبب كان.. فتكثر فيها الأيامى والأرامل والمطلقات ,فهنا يندب للرجل القادر على التعدد أن يعدد وذلك لحفظ المجتمع المسلم من الفساد الذي قد يستشري فيه بسبب هذا الخلل في هيكله البشري .
وإما أن يكون التعدد مباحا وذلك عندما لا تترتب عليه أي مفسدة ويفي الرجل بشروطه...
وقد يصير التعدد مكروها وذلك في حق الرجل الذي يقدم على هذه الخطوة دون تمحيص لحاله , يتزوج الثانية فيجافي الأولى أويهمل الثانية صارفا جل وقته واهتمامه لأسرته الأولى أو يطلق إحداهما لاستثقاله القيام بمؤنة زوجتين ,فيظلم بذلك امرأة مسلمة لا حول لها ولا قوة ويلحقها بركب المطلقات ..
وأخيرا قد يصير التعدد محرما وذلك في حق الرجل الذي يعلم من نفسه ضعفا أوعجزا جسديا أوماديا أونفسيا فيحرم عليه التغرير بزوجة واحدة فمابالك باثنتين أو أكثر؟؟
والآن يلح علينا سؤال محوري ويحتاج منا إلى وقفة تأملية ..وهو:
هل التعدد تشريع يصب في مصلحة الرجل أم أنه يصب في مصلحة المرأة؟
ربما سيكون جواب الغالبية للوهلة الأولى أنه تشريع يصب في كفة الرجل وستقول النساء :أنه زيادة تدليل من الشارع لجنس الذكور.
ولكن وبشيء من العمق والإنصاف وبنظرة تأملية سنجد أن التعدد ماشرع إلا لمصلحة النساء ورفقا بهن ومن عدة أوجه..لماذا نقول ذلك؟
لأن التعدد قبل كل شيئ هو زيادة في التكاليف الملقاة على عاتق الرجل واستنزاف له سواء في الجانب المادي أو الجسدي أو النفسي ..
فالمرأة قد كفل الشارع لها حقها من الرجل كاملا سواء أكانت زوجة أولى أم رابعة ,ولسوف يتحمل الرجل وزر خطيئته إن قصر معها إلى يوم الدين .
إلا أن التفكير الفردي الأناني القاصر لدى الكثيرات يمنعهن من بلوغ هذه النتيجة, فالمرأة حينما تعارض التعدد تنسى أوتتناسى بأنها قد تعنس أو تصبح في يوم ما أرملة أو مطلقة فتقل فرصها في الحصول على رجل غير متزوج ,وقد يحدث هذا لإحدى أخواتها أوبناتها في يوم ما فيكون تشريع التعدد هو الحل الأمثل لمثل هذه الحالات, إلا أن هذا لا ينفي دور الرجل المعدد بممارساته الخاطئة في تنفير النساء من التعدد.
أهم أسباب نفور النساء من التعدد:
1_ غياب العدل:
قال تعالى :(فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة أو ماملكت أيمانكم ذلك أدنى الا تعولوا( النساء_3_)
بعيدا عن الخلاف حول هل العدل شرط لإباحة التعدد ؟ فإن غيابه يعد السبب الأول لنفور النساء من التعدد.فلا أحد ينكر تفشي صور الظلم من كثير من الأزواج المعددين ,فتراه يميل بالكلية إلى واحدة منهن دون الأخريات ,ويعتذر بعضهم بقوله جل وعلا(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما(النساء_129_) فالمقصود بها أن بعض الميل وبالأخص الميل القلبي مسامح فيه أما كل الميل بحيث تغدواكأنها غير ذات زوج فلا يجوز إلا أن يصلحا بينهما صلحا فتتنازل إحدى الزوجات عن بعض حقها لشريكتها عن رضى ,ومفهوم العدل هنا يقع فيه خطأ من الكثير فليس المقصود به المساواة في كل جزئيات التعامل بل إعطاء كل واحدة مايشبع احتياجاتها بقدر استطاعة الرجل مع مراعاة التباين في الحاجات بين زوجة وأخرى ,وتلك الحكمة التي من يؤتاها فقد أوتي خيرا كثيرا.
وهنا لانغفل دور الزوجة في تنفير الزوج منها, فبعض النساء .هداهن الله. ماإن يتزوج زوجها بأخرى حتى تشحذ له سن الأذى وتكيد له كيدا وتحيل حياته لجحيم لايطاق وتشعل معاركا لانهاية لها ظنا منها أن ذلك سيدفعه لترك الزوجة الجديدة فتكون عاقبة ذلك وخيمة على الأسرة عموما وعلى هذه الزوجة خصوصا ,فالرجل إما أن ينصرف عنها بالكلية ويمضي جل أوقاته مع الأخرى التي تغدق عليه بالحب والرعاية وتعامله بالرضى والمهادنة, وإما إن رضخ لضغوط زوجته الأولى وترك الثانية مكرها عاد للأولى حاملا لها في حنايا نفسه حقدا سيحيل حياته الباقية معها لصراع لانهائي..وهذا مجرب ومشاهد.
2_ نظرة المجتمع الظالمة لأطراف التعدد :
هناك تعميمات وأحكام خاطئة سائدة في المجتمع بالنسبة للرجل المعدد , والزوجة الأولى , وكذا الزوجة الثانية تدفع بالجميع للابتعاد والامتناع عن خوض غمار التعدد, منها :
**اعتبار الرجل الراغب في التعدد نهم جنسيا ,أناني لا يفكر سوى بمتعته ولذته الشخصية ,غير آبه بمصير زوجته الأولى وأبنائه المساكين!!
فترى الرجل يتردد مئة مرة قبل أن يبوح برغبته في التعدد حتى وإن كانت دوافعه سامية ونبيلة وذلك خشية أن يرمى بهذه التهم.
**وأما الزوجة الأولى فينظر المجتمع إليها بتنقص وازدراء معتقدين أنه ماكان زوجها ليفكر بالزواج بأخرى إلا لوجود عيب فيها!!
فيضاعفون بحكمهم هذا من ألامها ويدفعونها دفعا للوقوف أمام قرار الزوج حتى لو كانت النتيجة تركها للبيت وطلاقها.
**أما الزوجة الثانية فلها نصيب الأسد من الاتهامات الظالمة ,فهي بنظر المجتمع امرأة(خرابة بيوت)(سارقة رجال) أنانية ,تسعى لتحصيل مأربها على حساب دمار أسرة !!
هذا إن لم تتهم بأنها ساحرة,أو امرأة لعوب..!!
3_وثم سبب أخر لايقل أهمية عماقبله يدفع النساء للنفور من التعدد:
ألا وهو تجارب التعدد المتكررة الفاشلة في زماننا, وأعزو ذلك لغياب المواصفات الكفيلة بنجاح تجربة التعدد في شخص الرجل ,والتي تتمثل في التالي:
1_ القدرة على اتخاذ القرارالصحيح وإنفاذه.
2_ سعة الصدر وحسن الخلق الكفيل باحتواء الجميع.
3_ الإستقلالية وقدرته على فرض احتارم احتياجاته الإنسانية على الجميع.
4_ قوة الشخصية الكافية لحسم مادة الخلاف إذا نشب.
5_ القدرة على حمل ميزان العدل بحكمة وذلك بإعطاء كل زوجة ماتحتاجه لتكتمل سعادتها.
6_ الاكتفاء الذاتي ماديا ومعنويامما يضمن بقاء سلطته على جميع أفراد الأسرة.
فعلى كل امرأة قبل أن تقبل بالزواج من رجل متزوج إخضاعه لهذا التقييم لضمان نجاح التجربة بإذن الله.
أخيرا: ما الذي خسره المجتمع بمحاربته للتعدد؟:
يذكر صاحب كتاب(التحرير والتنوير ) عند تفسيره لأية التعدد في أول سورة النساء:
وقد شرع الله تعدد النساء للقادر العادل لمصالح جمة:
منها أن في ذلك وسيلة إلى تكثير عدد الأمة بازدياد المواليد فيها ,ومنها أن ذلك يعين على كفالة النساء أللاتي هن أكثر من الرجال في كل أمة لأن الأنوثة في المواليد أكثر من الذكورة ,ولأن الرجال يعرض لهم من أسباب الهلاك في الحروب والشدائد مالايعرض للنساء ولأن النساء أطول عمرا من الرجال غالبا بما فطرهن الله عليه ,ومنه أن الشريعة قد حرمت الزنا وضيقت في تحريمه لما يجر إليه من الفساد في الأخلاق والأنساب ونظام العائلات ,فناسب أن توسع على الناس في تعدد النساء لمن كان ميالا من الرجال للتعدد مجبولا عليه ومنها قصد الابتعاد عن الطلاق إلا لضرورة.
شاهد من الواقع:
وبناء على ماذكره الشيخ الجليل رحمه الله وبقراءة عميقة لحال المجتمع ندرك أن اندثار التعدد ومحاربة المجتمع له أفرز العديد من الآفات الاجتماعية منها:
*انتشار ظاهرة ممارسة الزنا بين فئة المتزوجين من الرجال.
*تفشي صور من العلاقات المحرمة بين الجنسين بوسائل شتى سهلتها تقنية الاتصال الحديثة من أنترنت وجوال ,فكثيرا مانسمع زوجات يشكين من المعاكسات التي يمارسها الزوج مع النساء وحتى على مرأى ومسمع منها!!!
*التهاون فيما يسمى بعلاقات الحب العذري بين الجنسين والصداقة البريئة والتي قد تودي في أحيان كثيرة للوقوع في المحذور.
*ظهور وتزايد حالات الخيانة الزوجية من قبل المرأة بسبب انصراف الزوج عنها أو سؤ خلقه ,وهي تفضل البقاء معه لتحافظ على مظهرها الاجتماعي ولعلمها أنها لن تحصل بسهولة على فرصة زواج أخرى إن تركته ,فتختار الإبقاء على علا قة ميتة لا روح فيها وتعمل على إشباع عاطفتها بالعلاقات المحرمة سرا!!
*ارتفاع معدلات الإصابة بالاكتئاب في أوساط الفتيات اللاتي فاتهن قطار الزواج بسبب الجوع والحرمان العاطفي الذي تعانيه الفتاة مع تفاقم أسباب الفتنة من حولها ونظرة المجتمع الظالمة لها,والاكتئاب يعد الأول من مسببات الانتحار عالميا.
ولكن ورغم أن المرأة هي من يقع على عاتقها الخسارة العظمى لاندثار التعدد ,فالمفارقة العجيبة أنها
الأشد كراهية لهذا التشريع والأعظم محاربة له !
مما دفع بالرجال لكراهيته والابتعاد عنه وصار لسان حال الجميع: فر من التعدد فرارك من الأسد !!
(ماذا خسر المجتمع باندثار التعدد؟)
نبيلة الوليدي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى