رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
صمت الكنيسة المطبق عن مقتل سلوى عادل وزوجها وابنها, وكذا إصابة الليبراليين بالشلل الرباعي المفاجئ إزاء هذه الحادثة, فلا تسمع لهم ركزاً, ومطالبة الأغلبية المسلمة بتقديم القرابين والاعتذارات عن أي حادث لنصراني أصابته شوكة, أو قطع جيرانه أذنه بسبب قلة حيائه وعدم احترامه للأخلاق العامة, وتعنت الكنيسة في قضية المسلمات الأسيرات في الأديرة, وعدم احترامها لكبير أو مهاب في أكبر دولة عربية مسلمة, كل ذلك إنما ينبئ باقتراب الصدام المقصود الذي يؤجج أنبا النصارى الديكتاتور له منذ أمد بعيد طمعاً في سبب يستقوي به الغرب ليقطعوا له من جسد مصر قطعة يترأسها ويمارس فيها نرجسيته المعهودة.
إن لم يقف المجلس العسكري الحاكم لمصر في الوقت الراهن لهذا الرجل كما وقف له الرئيس السادات من قبل وقفة رجل فكانت وقفته سبباً لحفظ مصر من كوارث ومحن محققة, فعلى مصر السلام من فتنة متوقعة يشعلها هذا النرجسي المريض.
الكنيسة تقدم رسالة إلى المسلمات الجديدات بأن مصيرهن هو نفس مصير سلوى رحمها الله, وتقدم رسالة واضحة لكل من يحاول إيواء مسلمة جديدة بأن مصيره مصير زوجها, ولكن فات الكنيسة وأهلها أن الإسلام فيه عقيدة راسخة وهي أن الشهيد حي يرزق, في جنان عرضها السماوات والأرض, فالمسلم الحق لن يبالي على أي جنب يقتل في سبيل الله.
فلست أبالي حين أقتل مسلماً *** على أي جنب كان في الله مصرعي
قال تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران : 169]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "يخبر تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار".
قال محمد بن جرير، حدثنا محمد بن مرزوق، حدثنا عمرو بن يونس عن عكرمة، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة، حدثني أنس بن مالك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم نبي الله إلى أهل بئر معونة قال: "لا أدري أربعين أو سبعين وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري فخرج أولئك النفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتوا غارا مشرفا على الماء فقعدوا فيه ثم قال بعضهم لبعض أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذا الماء؟ فقال - أراه أبو ملحان الأنصاري - أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج حتى أتى حول بيتهم فاجتثى أمام البيوت ثم قال: "يا أهل بئر معونة إني رسول الله إليكم إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فآمنوا بالله ورسوله"، فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح فضربه في جنبه حتى خرج من الشق الآخر فقال: "الله أكبر فزت ورب الكعبة"، فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه في الغار فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل.
وقال ابن إسحاق، حدثني أنس بن مالك أن الله أنزل فيهم قرآنا "بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه" ثم نسخت فرفعت بعد ما قرأناها زمانا وأنزل الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]، وقد قال مسلم في صحيحه: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال: إنا سألنا عبد الله عن هذه الآية {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع عليهم ربهم إطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا؟ فقالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا ».
- وقد روي نحوه من حديث أنس وأبي سعيد حديث آخر: قال الإمام أحمد حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها أن ترجع إلى الدنيا إلا الشهيد فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى مما يرى من فضل الشهادة» [تفرد به مسلم من طريق حماد].
- حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عبد الله المديني حدثنا سفيان بن محمد بن علي بن ربيعة السلمي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أعلمت أن الله أحيا أباك فقال له: تمن، فقال له: أرد الدنيا فأقتل فيك مرة أخرى، قال: إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون » [تفرد به أحمد من هذا الوجه]، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن أبا جابر وهو عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري رضي الله عنه قتل يوم أحد شهيدا، قال البخاري: وقال أبو الوليد عن شعبة عن ابن المنكدر سمعت جابرا قال: لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوني والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تبكه - أو ما تبكيه - ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع » [وقد أسنده هو ومسلم والنسائي من طرق]، عن شعبة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: لما قتل أبي يوم أحد جعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي وذكر تمامة بنحوه، حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن أبي إسحاق حدثنا إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير المكي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله هذه الآيات { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } وما بعدها »، [وهكذا رواه أحمد ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن إسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق به، ورواه أبو داود والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق به، ورواه أبو داود والحاكم عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكره وهذا أثبت، وكذا رواه سفيان الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس].
- وروى الحاكم في مستدركه من حديث أبي إسحاق الفزاري عن سفيان بن إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وكذا قال قتادة والربيع والضحاك أنها نزلت في قتلى أحد].
- حديث آخر: قال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا هارون بن سليمان أنبأنا علي بن عبد الله المديني أنبأنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن الفاكه الأنصاري سمعت طلحة بن خراش بن عبد الرحمن بن خراش بن الصمت الأنصاري قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: نظر إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: « يا جابر ما لي أراك مهتما ؟»، قلت يا رسول الله استشهد أبي وترك دينا وعيالا، قال: فقال: « ألا أخبرك ما كلم الله أحد قط إلا من وراء حجاب وإنه كلم أباك كفاحا »، قال علي: والكفاح المواجهة، « قال سلني أعطك، قال: أسألك أن أرد إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية، فقال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون، قال: أي رب فأبلغ من ورائي فأنزل الله {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا }» الآية [ثم رواه من طريق أخرى عن محمد بن سليمان بن سليط الأنصاري عن أبيه عن جابر به نحوه وكذا رواه البيهقي في دلائل النبوة من طريق علي بن المديني به].
- وقد رواه البيهقي أيضا من حديث أبي عبادة الأنصاري وهو عيسى بن عبد الله إن شاء الله عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر: «يا جابر ألا أبشرك » قال: بلى بشرك الله بالخير، قال: « شعرت بأن الله أحيا أباك فقال تمن علي عبدي ما شئت أعطكه، قال: يا رب ما عبدتك حق عبادتك أتمنى عليك أن تردني إلى الدنيا فأقاتل مع نبيك وأقتل فيك مرة أخرى، قال: إنه سلف مني أنه إليها لا يرجع».
- حديث آخر: قال الإمام أحمد حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثنا الحارث بن فضيل الأنصاري عن محمود بن لبيد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهداء على بارق نهر بباب الجنة فيه قبة خضراء يخرج إليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية » [تفرد به أحمد وقد رواه ابن جريج عن أبي كريب حدثنا عبد الرحمن بن سليمان وعبيدة عن محمد بن إسحاق وبه وهو إسناد جيد] وكأن الشهداء أقسام: منهم من تسرح أرواحهم في الجنة، ومنهم من يكون على هذا النهر بباب الجنة وقد يحتمل أن يكون منتهى سيرهم إلى هذا النهر فيجتمعون هنالك ويغدى عليهم برزقهم هناك ويراح والله أعلم.
وقد روينا في مسند الإمام أحمد حديثا فيه البشارة لكل مؤمن بأن روحه تكون في الجنة تسرح أيضا فيها وتأكل من ثمارها وترى ما فيها من النضرة والسرور وتشاهد ما أعد الله لها من الكرامة وهو بإسناد صحيح عزيز عظيم اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة فإن الإمام أحمد رحمه الله رواه عن محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله عن مالك بن أنس الأصبحي رحمه الله عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه» قوله « يعلق» أي يأكل، وفي هذا الحديث إن روح المؤمن تكون على شكل طائر في الجنة، وأما أرواح الشهداء فكما تقدم في حواصل طير خضر فهي كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين، فإنها تطير بأنفسها، فنسأل الله الكريم المنان أن يميتنا على الإيمان. (أ.هـ. من تفسير ابن كثير).
- إن لأخواتنا المسلمات الجديدات حق الإيواء والستر والمساعدة, حق واجب على المسلمين, فلا يحل إرجاعهن إلى الكفار بحال، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: 10].
جاء في التفسير الميسر:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا جاءكم النساء المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام, فاختبروهن؛ لتعلموا صدق إيمانهن, الله أعلم بحقيقة إيمانهن, فإن علمتموهن مؤمنات بحسب ما يظهر لكم من العلامات والبينات, فلا تردُّوهن إلى أزواجهن الكافرين, فالنساء المؤمنات لا يحلُّ لهن أن يتزوجن الكفار, ولا يحلُّ للكفار أن يتزوجوا المؤمنات, وأعطوا أزواج اللاتي أسلمن مثل ما أنفقوا عليهن من المهور, ولا إثم عليكم أن تتزوجوهن إذا دفعتم لهنَّ مهورهن، ولا تمسكوا بنكاح أزواجكم الكافرات, واطلبوا من المشركين ما أنفقتم من مهور نسائكم اللاتي ارتددن عن الإسلام ولحقن بهم, وليطلبوا هم ما أنفقوا من مهور نسائهم المسلمات اللاتي أسلمن ولحقن بكم, ذلكم الحكم المذكور في الآية هو حكم الله يحكم به بينكم فلا تخالفوه، والله عليم لا يخفى عليه شيء, حكيم في أقواله وأفعاله.
- أين زكاة المسلمين للمؤلفة قلوبهم؟ إزاء رجال ونساء تركوا دنياهم لله فاضطهدوا وطردوا وطوردوا وأغلقت أمامهم الأبواب، قال تعالى: { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة: 60].
وكأننا لم نقرأ ونسمع أو نقرأ قوله تعالى: { فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ }.
يا أهل الإسلام: جاهدوا في سبيل الله بإيواء إخوانكم وأخواتكم ولا تخشوا في الله أحداً.
والله المستعان وعليه التكلان وهو نعم المولى ونعم النصير.
إن لم يقف المجلس العسكري الحاكم لمصر في الوقت الراهن لهذا الرجل كما وقف له الرئيس السادات من قبل وقفة رجل فكانت وقفته سبباً لحفظ مصر من كوارث ومحن محققة, فعلى مصر السلام من فتنة متوقعة يشعلها هذا النرجسي المريض.
الكنيسة تقدم رسالة إلى المسلمات الجديدات بأن مصيرهن هو نفس مصير سلوى رحمها الله, وتقدم رسالة واضحة لكل من يحاول إيواء مسلمة جديدة بأن مصيره مصير زوجها, ولكن فات الكنيسة وأهلها أن الإسلام فيه عقيدة راسخة وهي أن الشهيد حي يرزق, في جنان عرضها السماوات والأرض, فالمسلم الحق لن يبالي على أي جنب يقتل في سبيل الله.
فلست أبالي حين أقتل مسلماً *** على أي جنب كان في الله مصرعي
قال تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران : 169]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "يخبر تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار".
قال محمد بن جرير، حدثنا محمد بن مرزوق، حدثنا عمرو بن يونس عن عكرمة، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة، حدثني أنس بن مالك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم نبي الله إلى أهل بئر معونة قال: "لا أدري أربعين أو سبعين وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري فخرج أولئك النفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتوا غارا مشرفا على الماء فقعدوا فيه ثم قال بعضهم لبعض أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذا الماء؟ فقال - أراه أبو ملحان الأنصاري - أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج حتى أتى حول بيتهم فاجتثى أمام البيوت ثم قال: "يا أهل بئر معونة إني رسول الله إليكم إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فآمنوا بالله ورسوله"، فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح فضربه في جنبه حتى خرج من الشق الآخر فقال: "الله أكبر فزت ورب الكعبة"، فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه في الغار فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل.
وقال ابن إسحاق، حدثني أنس بن مالك أن الله أنزل فيهم قرآنا "بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه" ثم نسخت فرفعت بعد ما قرأناها زمانا وأنزل الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]، وقد قال مسلم في صحيحه: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال: إنا سألنا عبد الله عن هذه الآية {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع عليهم ربهم إطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا؟ فقالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا ».
- وقد روي نحوه من حديث أنس وأبي سعيد حديث آخر: قال الإمام أحمد حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها أن ترجع إلى الدنيا إلا الشهيد فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى مما يرى من فضل الشهادة» [تفرد به مسلم من طريق حماد].
- حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عبد الله المديني حدثنا سفيان بن محمد بن علي بن ربيعة السلمي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أعلمت أن الله أحيا أباك فقال له: تمن، فقال له: أرد الدنيا فأقتل فيك مرة أخرى، قال: إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون » [تفرد به أحمد من هذا الوجه]، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن أبا جابر وهو عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري رضي الله عنه قتل يوم أحد شهيدا، قال البخاري: وقال أبو الوليد عن شعبة عن ابن المنكدر سمعت جابرا قال: لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوني والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تبكه - أو ما تبكيه - ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع » [وقد أسنده هو ومسلم والنسائي من طرق]، عن شعبة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: لما قتل أبي يوم أحد جعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي وذكر تمامة بنحوه، حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن أبي إسحاق حدثنا إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير المكي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله هذه الآيات { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } وما بعدها »، [وهكذا رواه أحمد ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن إسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق به، ورواه أبو داود والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق به، ورواه أبو داود والحاكم عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكره وهذا أثبت، وكذا رواه سفيان الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس].
- وروى الحاكم في مستدركه من حديث أبي إسحاق الفزاري عن سفيان بن إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وكذا قال قتادة والربيع والضحاك أنها نزلت في قتلى أحد].
- حديث آخر: قال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا هارون بن سليمان أنبأنا علي بن عبد الله المديني أنبأنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن الفاكه الأنصاري سمعت طلحة بن خراش بن عبد الرحمن بن خراش بن الصمت الأنصاري قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: نظر إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: « يا جابر ما لي أراك مهتما ؟»، قلت يا رسول الله استشهد أبي وترك دينا وعيالا، قال: فقال: « ألا أخبرك ما كلم الله أحد قط إلا من وراء حجاب وإنه كلم أباك كفاحا »، قال علي: والكفاح المواجهة، « قال سلني أعطك، قال: أسألك أن أرد إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية، فقال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون، قال: أي رب فأبلغ من ورائي فأنزل الله {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا }» الآية [ثم رواه من طريق أخرى عن محمد بن سليمان بن سليط الأنصاري عن أبيه عن جابر به نحوه وكذا رواه البيهقي في دلائل النبوة من طريق علي بن المديني به].
- وقد رواه البيهقي أيضا من حديث أبي عبادة الأنصاري وهو عيسى بن عبد الله إن شاء الله عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر: «يا جابر ألا أبشرك » قال: بلى بشرك الله بالخير، قال: « شعرت بأن الله أحيا أباك فقال تمن علي عبدي ما شئت أعطكه، قال: يا رب ما عبدتك حق عبادتك أتمنى عليك أن تردني إلى الدنيا فأقاتل مع نبيك وأقتل فيك مرة أخرى، قال: إنه سلف مني أنه إليها لا يرجع».
- حديث آخر: قال الإمام أحمد حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثنا الحارث بن فضيل الأنصاري عن محمود بن لبيد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهداء على بارق نهر بباب الجنة فيه قبة خضراء يخرج إليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية » [تفرد به أحمد وقد رواه ابن جريج عن أبي كريب حدثنا عبد الرحمن بن سليمان وعبيدة عن محمد بن إسحاق وبه وهو إسناد جيد] وكأن الشهداء أقسام: منهم من تسرح أرواحهم في الجنة، ومنهم من يكون على هذا النهر بباب الجنة وقد يحتمل أن يكون منتهى سيرهم إلى هذا النهر فيجتمعون هنالك ويغدى عليهم برزقهم هناك ويراح والله أعلم.
وقد روينا في مسند الإمام أحمد حديثا فيه البشارة لكل مؤمن بأن روحه تكون في الجنة تسرح أيضا فيها وتأكل من ثمارها وترى ما فيها من النضرة والسرور وتشاهد ما أعد الله لها من الكرامة وهو بإسناد صحيح عزيز عظيم اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة فإن الإمام أحمد رحمه الله رواه عن محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله عن مالك بن أنس الأصبحي رحمه الله عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه» قوله « يعلق» أي يأكل، وفي هذا الحديث إن روح المؤمن تكون على شكل طائر في الجنة، وأما أرواح الشهداء فكما تقدم في حواصل طير خضر فهي كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين، فإنها تطير بأنفسها، فنسأل الله الكريم المنان أن يميتنا على الإيمان. (أ.هـ. من تفسير ابن كثير).
- إن لأخواتنا المسلمات الجديدات حق الإيواء والستر والمساعدة, حق واجب على المسلمين, فلا يحل إرجاعهن إلى الكفار بحال، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: 10].
جاء في التفسير الميسر:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا جاءكم النساء المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام, فاختبروهن؛ لتعلموا صدق إيمانهن, الله أعلم بحقيقة إيمانهن, فإن علمتموهن مؤمنات بحسب ما يظهر لكم من العلامات والبينات, فلا تردُّوهن إلى أزواجهن الكافرين, فالنساء المؤمنات لا يحلُّ لهن أن يتزوجن الكفار, ولا يحلُّ للكفار أن يتزوجوا المؤمنات, وأعطوا أزواج اللاتي أسلمن مثل ما أنفقوا عليهن من المهور, ولا إثم عليكم أن تتزوجوهن إذا دفعتم لهنَّ مهورهن، ولا تمسكوا بنكاح أزواجكم الكافرات, واطلبوا من المشركين ما أنفقتم من مهور نسائكم اللاتي ارتددن عن الإسلام ولحقن بهم, وليطلبوا هم ما أنفقوا من مهور نسائهم المسلمات اللاتي أسلمن ولحقن بكم, ذلكم الحكم المذكور في الآية هو حكم الله يحكم به بينكم فلا تخالفوه، والله عليم لا يخفى عليه شيء, حكيم في أقواله وأفعاله.
- أين زكاة المسلمين للمؤلفة قلوبهم؟ إزاء رجال ونساء تركوا دنياهم لله فاضطهدوا وطردوا وطوردوا وأغلقت أمامهم الأبواب، قال تعالى: { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة: 60].
وكأننا لم نقرأ ونسمع أو نقرأ قوله تعالى: { فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ }.
يا أهل الإسلام: جاهدوا في سبيل الله بإيواء إخوانكم وأخواتكم ولا تخشوا في الله أحداً.
والله المستعان وعليه التكلان وهو نعم المولى ونعم النصير.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى