عبد الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فتنة الإخلال بالأمن
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
عباد الله..إن الأمن نعمة عظيمة امتن الله بها على عباده الذين أمنوا، قال الله عزوجل : {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}.
وإنما كان نعمة لأنه لا يتمكن مع الخوف من عبادة الله عزوجل، والقيام بعمارة الأرض و العيش فيها وخلافة الله فيها، إن الأمن هو زوال الخوف والطمأنينة على النفس والمال والعرض.
وإذا كان العمل على تحقيق الأمن واجبا على الحكام والمحكومين في كل بلد فهو في مثل بلادنا هذه بلد الحرمين أعظم وجوبا وأكثر تأكيدا إذ إن المسلمين يؤمونها لتأدية ركن من أركان الإسلام لابد لهم منه لتمام إسلامهم.
ولهذا في الحرمين جاء الشرع بالأمن حتى للشجر والحيوان ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حرم مكة: ( لا ينفر صيدها ولا يختلى خلاها و لايعضد شجرها).
إن مما يخل بالأمن انحراف الفكر والغلو الذي يتولد عنه ما يسمى في يومنا هذا بالإرهاب، إن الإرهاب هو الاعتداء المنظم من فرد أو جماعة أو دولة على النفوس البشرية أو الأموال العامة أو الخاصة بالترويع والإيذاء والإفساد من غير وجه حق .
وحكم هذا الاعتداء في الشريعة معروف فهو محرم شرعاً و ممنوع عرفاً وعقلاً؛ لأنه عدوان على النفس و سعي في الأرض بالفساد قال الله عز وجل: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً }
و قد جاءت الشريعة بالمصالح الثلاث المصالح الضرورية والحاجية والتحسينية، والمصالح الضرورية: هي حفظ الدين والنفس والمال والعرض والعقل .
قال القرطبي رحمه الله: نهى سبحانه عن كل فساد قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر فهو على العموم .
وإذا تأملنا عباد الله هذا الانحراف في الفكر وما تولد عنه من اعتداء نجد أن له أسبابا فمن أسبابه:
- الخلل في منهج التلقي وأخذ العلم عند كثير ممن انحرف فكره فتجده يأخذون العلم ممن لا علم عنده و يتركون الراسخين في العلم فلا يقتدون و لا يهتدون بما هم عليه وقد دلت النصوص على وجوب تعظيم العلماء والتوجيه إلى سؤالهم، قال الله عزوجل: { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } كما أن على العلماء أن يوسعوا للشباب صدورهم وأن يتلقفوهم بأيديهم حانية تدللهم للحق وتصرف عاطفتهم إلى ما يرضي الله تعالى وتوجه طاقتهم إلى ما يعود عليهم وعلى المجتمع بالخير والنفع .
- ومن الأسباب الجهل والأخذ بظواهر النصوص دون فقه للمعاني ولا اعتبار بدلالة المفهوم ولا قواعد الاستدلال التي يعرفها العلماء ويجمعون بسببها بين النصوص وذلك برد المتشابه إلى المحكم والمجمل إلى المبين ويقيدون المطلق بالمقيد ويخصصون العام بالخاص .
- ومن ذلك الجهل بمقاصد الشريعة وهي غاياتها و الحكم والمعاني والمصالح التي شرعت الأحكام من أجلها، فتجد عند من ظل في فكره التسرع وعدم التأني وعدم الموازنة بين المصالح والمفاسد.
- و من الأسباب أيضا كيد الأعداء وظلمهم للمسلمين، إن العداء بين الحق والباطل قديم إلى أن يرث الله الأرض و من عليها.
قال الله عزوجل : { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} قال ابن كثير رحمه الله تعالى: أي هم مقيمون على ذلك غير تائبين ولا نازعين .
وهذا التسلط والظلم من الكفار للمسلمين يحدث عند بعض المسلمين غيرة غير مرشدة فيتولد عنها هذا الاعتداء .
إن على الأمة المسلمة حكاماً ومحكومين الثبات على الدين و قيمه ومبادئه فهو أساس وجودها وسبيل نصرتها على أعدائها .
وعلينا عباد الله عند حدوث هذا التسلط و الظلم من الكفار أن نجتمع وألا نفترق ، وأن نتوجه إلى الله عزوجل بالدعاء ، وأن نأخذ بأسباب النصر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والدعوة إلى الله عزوجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما ما يتعلق بالتفرق و الاختلاف فهو سبيل الانهزام وهذا ما يريده الأعداء .
- ومن الأسباب التأثير السلبي لبعض وسائل الإعلام، فبعض وسائل الإعلام سواء كانت مقروءة أو مرئية أو مسموعة في بعض البلاد الإسلامية نجدها تهزأ بالدين وأهله وتسخر من القيم الإسلامية وبعض أحكام الشريعة.
إن الإعلام بهذا التوجه يستثير مشاعر المسلمين ويؤجج بواعث الغضب في نفوسهم حمية لدينهم وانتصاراً لقيمهم الإسلامية, والواجب أن يقوم الإعلام عند حدود رسالته مصدر خير وإشعاع ومنبر دعوة من قيم و فضائل لا يقدم من خلاله إلا ما ينفع الناس في دينهم و دنياهم.
- ومن أسباب هذا الاعتداء التعصب لجماعة أو لأفراد معينين فتجد من ضل في فكره لا يأخذ من الدين والعلم والرأي إلا ما جاء عن طريق أولئك الذين يتعصب له لا يصدر إلا عن رأيهم ومثل هذا التعصب من التفرق الذي ذمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو من فعل أهل الجاهلية.
ومما اتفقت عليه الأمة الإسلامية أن كل فرد من الناس يؤخذ من قوله و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال الإمام مالك رحمه الله تعالى:" كل يؤخذ من قوله و يرد إلا صاحب هذا القبر" يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشوكاني رحمه الله تعالى : " واعلم أنه كما يتسبب عن التعصب محق بركة العلم وذهاب رونقه وزوال ما يترتب عليه من الثواب كذلك يترتب عليه من الفتن المفضية إلى سفك الدماء وهتك الحرم وتمزيق الأعراض".
والواجب أن يغرس في النفوس تعظيم الحق الذي منبعه الكتاب والسنة والصدورعنهما والرد عند الاختلاف إليهما قال الله عزوجل: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ }.
- ومن الأسباب أيضا التقصير في بعض بيان المسائل الشرعية الملحة ومعرفتها عند كثير من الشباب كقضية التكفير والولاء والبراء والجهاد وضوابطه لاسيما مع تسلط الكفار على بعض بلاد المسلمين .
إن الواجب علينا أن نعرف مثل هذه الأشياء وأن نتقنها وأن نسأل عنها .
- ومن الأسباب أيضا عيش بعض من انحرف فكره في بيئة تحمل أفكار الغلو والتكفير والاتصال بهذه الفئات عن طريق وسائل الاتصال المختلفة والواجب التحذير منها صيانة لأبناء الأمة من مسالك الضلال.
من ذلك الشحن العاطفي غير الموجه والواجب على من يتصدى للتعليم والتربية الموازنة بين المصالح والمفاسد والعناية بالتوازن في البيان والبناء حتى يكون أثره في من تحت يديه ايجابية يجمع بين تعظيم الحق والرحمة بالخلق.
- ومن الأسباب معاناة كثير من الشباب من الفراغ بأبعاده المختلفة، فهذا الفراغ في حياة الشباب يوجد لديهم القابلية لسائر المؤثرات سواء المتجهة إلى التفريق و الانحلال أو إلى الإفراط والغلو فلا بد من إيجاد المحاضن التربوية من أندية تربوية و مراكز علمية و برامج متكاملة تنمي العقول وتزكي النفوس وترقى بالمواهب وتسهم في غرس القيم الفاضلة في ظل عناية تامة بالإشراف والمتابعة هنا ينشأ الشباب نشأة سوية متوازية تبعثهم نحو الأعمال الايجابية و تحميهم من التوجهات المنحرفة.
أسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه أن يحفظ علينا ديننا وأمننا و بلادنا إنه ولي ذلك والقادر عليه اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله اللهم صل وسلم و بارك على نبينا محمد .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
عباد الله .. إن رجال الدولة وموظفيها سواء علت رتبهم كالأمراء والوزراء أو العلماء أو كانت دون ذلك كرجال الأمن والتعليم وسائر الموظفين لهم حقوق علينا فمن حقوقهم زيارتهم والنصيحة لهم ففي حديث أبي رقية تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصحية قالوا لمن يا رسول الله قال لله و لكتابه ولرسوله و لأئمة المسلمين وعامتهم).
ومن حقهم: التعاون معهم في تنفيذ أوامرهم وإرشاداتهم لما فيه من مصلحة العباد والبلاد.
ومن حقهم: الدعاء لهم بالتوفيق والسداد ومن حقهم عدم الاعتداء عليهم والرد عن أعراضهم ومن رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة .
إن الاعتداء على رجل الدولة اعتداء على المجتمع كله و يعظم جرمه إذا كان هذا الاعتداء على مسؤول له رتبة عالية لما يترتب عليه من اختلال النظام و فساد الأمن وحلول الفوضى و يأبى الله و المؤمنون تسويق مثل هذه الأعمال والرضا بها فنسأل الله عزوجل أن يحفظ علينا بلادنا وأن يصلح ولاة أمرنا أنه ولي ذلك والقادر عليه
اللهم آمنا في أوطاننا اللهم آمنا في أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا .
عباد الله.. اللجة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم لجنة خيرية تعتمد في إنفاذ برامجها على الله عزوجل ثم على ما يأتيها من المسلمين من هبات و زكوات ووصايا وأوقاف وقد صدرت فتوى سماحة المفتي العام بجواز صرف الزكاة لهذه اللجنة ومن أهدافها تطوير البرامج داخل المؤسسات الإصلاحية ومنها اتخاذ الوسائل الكفيلة لرعاية السجناء ونزلاء الإصلاحيات ومنها رعاية المفرج عنهم وأسرهم ومنها الدراسات العلمية المتخصصة التي تهتم بشؤون السجناء ومن البرامج الموجهة إليهم أيضا مما تقوم به هذه اللجنة المساهمة في السداد عن بعض السجناء الغارمين المعسرين ومن ذلك دعم برامج التدريب المهني و الفني داخل السجون ومن ذلك دعم الأنشطة الوعظية والثقافية و الرياضية ومن ذلك برامج الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية ، فحري بالمسلم و جدير به أن يضع يده مع أيدي إخوانه في هذه اللجنة وأن يبارك في أعمالهم وأن يصرف لهم شيئاً من زكواته و صدقاته حتى تقوم بإنفاذ أهدافها.
نسأل الله عزوجل بمنه و كرمه أن يبارك في جهودهم اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك و المشركين.
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
عباد الله..إن الأمن نعمة عظيمة امتن الله بها على عباده الذين أمنوا، قال الله عزوجل : {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}.
وإنما كان نعمة لأنه لا يتمكن مع الخوف من عبادة الله عزوجل، والقيام بعمارة الأرض و العيش فيها وخلافة الله فيها، إن الأمن هو زوال الخوف والطمأنينة على النفس والمال والعرض.
وإذا كان العمل على تحقيق الأمن واجبا على الحكام والمحكومين في كل بلد فهو في مثل بلادنا هذه بلد الحرمين أعظم وجوبا وأكثر تأكيدا إذ إن المسلمين يؤمونها لتأدية ركن من أركان الإسلام لابد لهم منه لتمام إسلامهم.
ولهذا في الحرمين جاء الشرع بالأمن حتى للشجر والحيوان ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حرم مكة: ( لا ينفر صيدها ولا يختلى خلاها و لايعضد شجرها).
إن مما يخل بالأمن انحراف الفكر والغلو الذي يتولد عنه ما يسمى في يومنا هذا بالإرهاب، إن الإرهاب هو الاعتداء المنظم من فرد أو جماعة أو دولة على النفوس البشرية أو الأموال العامة أو الخاصة بالترويع والإيذاء والإفساد من غير وجه حق .
وحكم هذا الاعتداء في الشريعة معروف فهو محرم شرعاً و ممنوع عرفاً وعقلاً؛ لأنه عدوان على النفس و سعي في الأرض بالفساد قال الله عز وجل: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً }
و قد جاءت الشريعة بالمصالح الثلاث المصالح الضرورية والحاجية والتحسينية، والمصالح الضرورية: هي حفظ الدين والنفس والمال والعرض والعقل .
قال القرطبي رحمه الله: نهى سبحانه عن كل فساد قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر فهو على العموم .
وإذا تأملنا عباد الله هذا الانحراف في الفكر وما تولد عنه من اعتداء نجد أن له أسبابا فمن أسبابه:
- الخلل في منهج التلقي وأخذ العلم عند كثير ممن انحرف فكره فتجده يأخذون العلم ممن لا علم عنده و يتركون الراسخين في العلم فلا يقتدون و لا يهتدون بما هم عليه وقد دلت النصوص على وجوب تعظيم العلماء والتوجيه إلى سؤالهم، قال الله عزوجل: { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } كما أن على العلماء أن يوسعوا للشباب صدورهم وأن يتلقفوهم بأيديهم حانية تدللهم للحق وتصرف عاطفتهم إلى ما يرضي الله تعالى وتوجه طاقتهم إلى ما يعود عليهم وعلى المجتمع بالخير والنفع .
- ومن الأسباب الجهل والأخذ بظواهر النصوص دون فقه للمعاني ولا اعتبار بدلالة المفهوم ولا قواعد الاستدلال التي يعرفها العلماء ويجمعون بسببها بين النصوص وذلك برد المتشابه إلى المحكم والمجمل إلى المبين ويقيدون المطلق بالمقيد ويخصصون العام بالخاص .
- ومن ذلك الجهل بمقاصد الشريعة وهي غاياتها و الحكم والمعاني والمصالح التي شرعت الأحكام من أجلها، فتجد عند من ظل في فكره التسرع وعدم التأني وعدم الموازنة بين المصالح والمفاسد.
- و من الأسباب أيضا كيد الأعداء وظلمهم للمسلمين، إن العداء بين الحق والباطل قديم إلى أن يرث الله الأرض و من عليها.
قال الله عزوجل : { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} قال ابن كثير رحمه الله تعالى: أي هم مقيمون على ذلك غير تائبين ولا نازعين .
وهذا التسلط والظلم من الكفار للمسلمين يحدث عند بعض المسلمين غيرة غير مرشدة فيتولد عنها هذا الاعتداء .
إن على الأمة المسلمة حكاماً ومحكومين الثبات على الدين و قيمه ومبادئه فهو أساس وجودها وسبيل نصرتها على أعدائها .
وعلينا عباد الله عند حدوث هذا التسلط و الظلم من الكفار أن نجتمع وألا نفترق ، وأن نتوجه إلى الله عزوجل بالدعاء ، وأن نأخذ بأسباب النصر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والدعوة إلى الله عزوجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما ما يتعلق بالتفرق و الاختلاف فهو سبيل الانهزام وهذا ما يريده الأعداء .
- ومن الأسباب التأثير السلبي لبعض وسائل الإعلام، فبعض وسائل الإعلام سواء كانت مقروءة أو مرئية أو مسموعة في بعض البلاد الإسلامية نجدها تهزأ بالدين وأهله وتسخر من القيم الإسلامية وبعض أحكام الشريعة.
إن الإعلام بهذا التوجه يستثير مشاعر المسلمين ويؤجج بواعث الغضب في نفوسهم حمية لدينهم وانتصاراً لقيمهم الإسلامية, والواجب أن يقوم الإعلام عند حدود رسالته مصدر خير وإشعاع ومنبر دعوة من قيم و فضائل لا يقدم من خلاله إلا ما ينفع الناس في دينهم و دنياهم.
- ومن أسباب هذا الاعتداء التعصب لجماعة أو لأفراد معينين فتجد من ضل في فكره لا يأخذ من الدين والعلم والرأي إلا ما جاء عن طريق أولئك الذين يتعصب له لا يصدر إلا عن رأيهم ومثل هذا التعصب من التفرق الذي ذمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو من فعل أهل الجاهلية.
ومما اتفقت عليه الأمة الإسلامية أن كل فرد من الناس يؤخذ من قوله و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال الإمام مالك رحمه الله تعالى:" كل يؤخذ من قوله و يرد إلا صاحب هذا القبر" يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشوكاني رحمه الله تعالى : " واعلم أنه كما يتسبب عن التعصب محق بركة العلم وذهاب رونقه وزوال ما يترتب عليه من الثواب كذلك يترتب عليه من الفتن المفضية إلى سفك الدماء وهتك الحرم وتمزيق الأعراض".
والواجب أن يغرس في النفوس تعظيم الحق الذي منبعه الكتاب والسنة والصدورعنهما والرد عند الاختلاف إليهما قال الله عزوجل: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ }.
- ومن الأسباب أيضا التقصير في بعض بيان المسائل الشرعية الملحة ومعرفتها عند كثير من الشباب كقضية التكفير والولاء والبراء والجهاد وضوابطه لاسيما مع تسلط الكفار على بعض بلاد المسلمين .
إن الواجب علينا أن نعرف مثل هذه الأشياء وأن نتقنها وأن نسأل عنها .
- ومن الأسباب أيضا عيش بعض من انحرف فكره في بيئة تحمل أفكار الغلو والتكفير والاتصال بهذه الفئات عن طريق وسائل الاتصال المختلفة والواجب التحذير منها صيانة لأبناء الأمة من مسالك الضلال.
من ذلك الشحن العاطفي غير الموجه والواجب على من يتصدى للتعليم والتربية الموازنة بين المصالح والمفاسد والعناية بالتوازن في البيان والبناء حتى يكون أثره في من تحت يديه ايجابية يجمع بين تعظيم الحق والرحمة بالخلق.
- ومن الأسباب معاناة كثير من الشباب من الفراغ بأبعاده المختلفة، فهذا الفراغ في حياة الشباب يوجد لديهم القابلية لسائر المؤثرات سواء المتجهة إلى التفريق و الانحلال أو إلى الإفراط والغلو فلا بد من إيجاد المحاضن التربوية من أندية تربوية و مراكز علمية و برامج متكاملة تنمي العقول وتزكي النفوس وترقى بالمواهب وتسهم في غرس القيم الفاضلة في ظل عناية تامة بالإشراف والمتابعة هنا ينشأ الشباب نشأة سوية متوازية تبعثهم نحو الأعمال الايجابية و تحميهم من التوجهات المنحرفة.
أسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه أن يحفظ علينا ديننا وأمننا و بلادنا إنه ولي ذلك والقادر عليه اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله اللهم صل وسلم و بارك على نبينا محمد .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
عباد الله .. إن رجال الدولة وموظفيها سواء علت رتبهم كالأمراء والوزراء أو العلماء أو كانت دون ذلك كرجال الأمن والتعليم وسائر الموظفين لهم حقوق علينا فمن حقوقهم زيارتهم والنصيحة لهم ففي حديث أبي رقية تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصحية قالوا لمن يا رسول الله قال لله و لكتابه ولرسوله و لأئمة المسلمين وعامتهم).
ومن حقهم: التعاون معهم في تنفيذ أوامرهم وإرشاداتهم لما فيه من مصلحة العباد والبلاد.
ومن حقهم: الدعاء لهم بالتوفيق والسداد ومن حقهم عدم الاعتداء عليهم والرد عن أعراضهم ومن رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة .
إن الاعتداء على رجل الدولة اعتداء على المجتمع كله و يعظم جرمه إذا كان هذا الاعتداء على مسؤول له رتبة عالية لما يترتب عليه من اختلال النظام و فساد الأمن وحلول الفوضى و يأبى الله و المؤمنون تسويق مثل هذه الأعمال والرضا بها فنسأل الله عزوجل أن يحفظ علينا بلادنا وأن يصلح ولاة أمرنا أنه ولي ذلك والقادر عليه
اللهم آمنا في أوطاننا اللهم آمنا في أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا .
عباد الله.. اللجة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم لجنة خيرية تعتمد في إنفاذ برامجها على الله عزوجل ثم على ما يأتيها من المسلمين من هبات و زكوات ووصايا وأوقاف وقد صدرت فتوى سماحة المفتي العام بجواز صرف الزكاة لهذه اللجنة ومن أهدافها تطوير البرامج داخل المؤسسات الإصلاحية ومنها اتخاذ الوسائل الكفيلة لرعاية السجناء ونزلاء الإصلاحيات ومنها رعاية المفرج عنهم وأسرهم ومنها الدراسات العلمية المتخصصة التي تهتم بشؤون السجناء ومن البرامج الموجهة إليهم أيضا مما تقوم به هذه اللجنة المساهمة في السداد عن بعض السجناء الغارمين المعسرين ومن ذلك دعم برامج التدريب المهني و الفني داخل السجون ومن ذلك دعم الأنشطة الوعظية والثقافية و الرياضية ومن ذلك برامج الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية ، فحري بالمسلم و جدير به أن يضع يده مع أيدي إخوانه في هذه اللجنة وأن يبارك في أعمالهم وأن يصرف لهم شيئاً من زكواته و صدقاته حتى تقوم بإنفاذ أهدافها.
نسأل الله عزوجل بمنه و كرمه أن يبارك في جهودهم اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك و المشركين.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى