رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
مشاعل
عرفت مشاعل عندما كانت في السابعة عشر من عمرها , و كانت تأتي لزيارتنا مع والدتها فهي صديقة لأختي الكبرى . كانت شديدة الطول أو هكذا بدا لي بحجمي الطفولي أنذاك فكنت أشرأب بعنقي حتى تؤلمني رقبتي حين تكلمني . كنت أسمع أمي و أخواتي يصفنها بالملتزمة و الذكية و الجميلة و لم أفقه سوى وصف الجمال .
زارتنا ذات يوم و كنت أشاهد جراندايزر في التلفزيون فنادتني بصوت عذب تسألني عما أشاهد . أخبرتها , فقالت لي : اطفئ هذا الجهاز و تعالي أقص عليك قصصاً أجمل . أطفأت الجهاز على مضض و أقتربت منها . حلّقت بي في عالم الخيال و هي تحكي لي قصصاً كالأساطير عن شاب صغير أنتصر على مارد بضربة حجر و امرأة تنكرت في زي رجل و حاربت حتى حررت أخيها من الأسر و غيرها و غيرها . ما أعذب حديثها ... فليخسأ جراندايزر ليس بطلاً كهؤلاء الأبطال بل رجل عادي يختفي خلف عملاق آلي . ثم شرحت لي أن تلك القصص حقيقة و أن هؤلاء الأبطال انتصروا بسبب قوة ايمانهم بالله .
سمعت أخواتي ذات يوم يتحدثن عن زواج وشيك لمشاعل , و كانت أختي تستنكر هذا الزواج لصغر سن مشاعل و لنبوغها في التعليم . ذهبنا نبارك لمشاعل في خطبتها و تحدثت معنا عن الدور الحقيقي للمرأة المسلمة المتعلمه الا و هو إنشاء عائله و تربية أطفال تربية صالحة . كالعادة اسرتنا بعذوبة حديثها و قوة حجتها و سلامة منطقها فتزوجت اختي بعدها بشهور !!!
تزوجت مشاعل من رجل فاضل عرف بتقواه و صلاحه و حرصه على أمور دينه و سافرت معه لبلاد الغربة حتى تسانده في رحلته العلمية لنيل الماجستير و الدكتوراه . و في خلال أربع سنوات رزقت مشاعل بثلاثة أطفال ... ولدان و بنت . كانت شديدة السعاده بحياتها , مزوهة بزوجها و فرحة بأطفالها . و لكن ... متى كملت الدنيا لأنسان ؟ أشتكت مشاعل من كثرة بكاء الولدين و إنطواء ابنتها . حاولت جل جهدها لتعرف ما بهم , طافت بهم على الأطباء و عملت لهم التحاليل و لكن كل شئ بدا سليماً !!! تراجعت الحصيلة اللغويه لإطفالها و إزدادت عزلتهم و كرهوا كل ما يحيط بهم . سهرت مشاعل الليالي الطوال تصلي و تدعي حتى بدأت تتضح الرؤيا . أفادها طبيب مصري مقيم ببريطانيا أن اطفالها الثلاثه يعانون من مرض اكتشف حديثاً و لم تكتشف بعد اسبابه و لا علاجه ... مرض لا علاقة للوراثة به و إصابة ثلاثة أخوة به أمر محيّر . كان اطفالها جميعاً مصابون بمرض " التوحد " .
أدركت مشاعل أنه من الممكن تلقين أولادها مبادئ القراءة و الكتابه و تعلميهم الصلاة و امور الدين الأساسية و لكن لم تقدر على هذا لوحدها , فزوجها كان مشغول على الدوام بدراسته و أمور الدعوة إلى الإسلام و إلقاء المحاضرات . و لما كانت مشاعل تدرك أهمية عمل زوجها قررت أن تحمل عبء الأولاد لوحدها . عادت مشاعل الى الوطن تستجدي مساعدة الأهل و لكن عانت الأمرّين في البحث عن مدرسة تليق بحالتهم فهم فئة ضائعه ليسوا مع المعاقين و لا ينتمون للبقيه , كما أن مرضهم يمنعهم من الإختلاط ببقية الأطفال أو التخاطب مع أي شخص لا يألفونه . أحست مشاعل بالوحدة بعيداً عن زوجها و بالحسره لما آل عليه أطفالها . بدأت مشاعلها تطفأ المشعل تلو المشعل حتى بقي المشعل الأخير يصارع الريح ... تنتظر بفارغ الصبر عودة زوجها الحبيب مظفراً حاملاً شهادته العليا ليعينها على وحدتها و على أمور أطفالها . و عاد الزوج محملاً بالحب و الشوق و الأخبار !!! أبلغ الجميع أنه قرر العمل في مجال الدعوة بما أنه يجيد اللغه الأنجليزيه و خبير بنوعية حياة الأجانب . أستعد للرحيل و أبلغ زوجته بذلك و لكنها لا تستطيع ترك أطفالها و لا تستطيع إصطحابهم فأكبرهم أقترب من المراهقه و الحياة هناك خطرة على أخلاقه و معتقداته مع بطء إدراكه . كما أنها لا تستطيع وحدها العناية بالأطفال فأهلها يحملون العبء الأكبر عنها . هنا خيّرها زوجها : إما أن تذهب معه أو .......... يتزوج بغيرها !!! ذهبت مشاعل إلى مكة لمدة ثلاثة أيام أعتمرت فيها و استخارت و دعت ربها ثم عادت لتبارك لزوجها مقدماً زواجه الجديد . هو رجل من حقه أن تكون زوجته معه لتعصمه في بلاد الغربة و هي لا تستطيع ترك أطفالها و لا أصطحابهم معها . و بعد فترة قصيرة سافر زوجها بصحبة عروسه و بقت هي مع أطفالها .
لم أعرفها عندما رأيتها ... ذبلت مشاعل و صارت كالخيال , تغيرت تماماً أصبحت عصبية المزاج دائمة القلق متشائمة الطبع . أحسست بالشفقة عليها و أستشرت طبيبة نفسانيه صديقة لي عن حالها . أخبرتني أن مشاعل تعاني من الأكتئاب و لابد لها من تناول دواء مضاد يساعدها على المضي بحياتها . زارت مشاعل الطبيبة و بدأت تعاطي الدواء الذي سرعان ما بدأ أثره فتورد وجهها و رجعت لها ابتسامتها و أقبلت بشغف على تعليم أطفالها . أحسست بالسعاده لأني ساعدت مشاعل في محنتها و لكن هيهات ليست مشاعل من ترضى الهزيمه .
أشغلتني أمور الدنيا عن مشاعل ستة أشهر و فوجئت بها تخاطبني عبر الهاتف تسألني الحضور لندوة تلقيها عن الإبتلاء و الإيمان بالقضاء و القدر . ذهبت مبكرة للندوه حتى استطيع السلام على مشاعل . سألت عنها و لم تصدق عيناي ما رأت ... كأن الزمن عاد إلى الوراء سبعة عشر عاماً و هذه العروس الجميله مشاعل أمامي . أحتضنتها و أنا فرحه و سألتها : كل هذا من أثر الحبوب المهدئه ؟ فردت بهدوء : بل بفضل الله سبحانه و تعالى . أستمريت في تعاطي المهدئات لمدة شهرين خدرت فيها أحاسيسي و أنامت مشاعري . أصبحت أمشي في الحياة كجسد بلا روح و لا هدف . ثم سهرت ليلة أصلي و أبكي و عندما بددت الشمس ظلمات الليل كانت رحمة ربي قد أنارت لي دربي . منذ طفولتي كان ربي بي رحيماًُ كريماً , منحني أقصى أحلامي و أمنياتي ... منحني جسداً صحيحاً و عقلاً راجحاً و أسرة متماسكة محبه . منحني زوجاً مؤمناً أعانني على التقرب من الله أكثر فأكثر . ثم عندما حانت لحظة الإبتلاء أجزع ؟؟؟ أنسى كل فضله و نعمه علي و أدور في حلقة الإبتلاء بجزع و إنكار !!! يجب أن أشكر الله الذي منحني القدرة على رعايتهم و منحني أسرة تعينني عليهم لا أن الجأ إلى غيره ... إلى تلك الحبوب الصماء . ربما تكون تلك الحبوب أعانتي في بداية الأمر على التفكير بهدوء في أمري و لكن الأيمان بالله منحني الصبر و تقبل المصيبه بل و شكر الله عليها .
عندما كانت مشاعل تتحدث كانت قامتها تطول و تطول و قامتي تقصر و تقصر فأرفع رأسي و اشرأب بعنقي حتى أستطيع النظر اليها حتى آلمتني رقبتي فأطرقت أرضاً و أغلقت عيني لأسرح في عالم الخيال و دنيا الأساطير و لكن ... هذه المرة كنت أعرف أنها حقائق
عرفت مشاعل عندما كانت في السابعة عشر من عمرها , و كانت تأتي لزيارتنا مع والدتها فهي صديقة لأختي الكبرى . كانت شديدة الطول أو هكذا بدا لي بحجمي الطفولي أنذاك فكنت أشرأب بعنقي حتى تؤلمني رقبتي حين تكلمني . كنت أسمع أمي و أخواتي يصفنها بالملتزمة و الذكية و الجميلة و لم أفقه سوى وصف الجمال .
زارتنا ذات يوم و كنت أشاهد جراندايزر في التلفزيون فنادتني بصوت عذب تسألني عما أشاهد . أخبرتها , فقالت لي : اطفئ هذا الجهاز و تعالي أقص عليك قصصاً أجمل . أطفأت الجهاز على مضض و أقتربت منها . حلّقت بي في عالم الخيال و هي تحكي لي قصصاً كالأساطير عن شاب صغير أنتصر على مارد بضربة حجر و امرأة تنكرت في زي رجل و حاربت حتى حررت أخيها من الأسر و غيرها و غيرها . ما أعذب حديثها ... فليخسأ جراندايزر ليس بطلاً كهؤلاء الأبطال بل رجل عادي يختفي خلف عملاق آلي . ثم شرحت لي أن تلك القصص حقيقة و أن هؤلاء الأبطال انتصروا بسبب قوة ايمانهم بالله .
سمعت أخواتي ذات يوم يتحدثن عن زواج وشيك لمشاعل , و كانت أختي تستنكر هذا الزواج لصغر سن مشاعل و لنبوغها في التعليم . ذهبنا نبارك لمشاعل في خطبتها و تحدثت معنا عن الدور الحقيقي للمرأة المسلمة المتعلمه الا و هو إنشاء عائله و تربية أطفال تربية صالحة . كالعادة اسرتنا بعذوبة حديثها و قوة حجتها و سلامة منطقها فتزوجت اختي بعدها بشهور !!!
تزوجت مشاعل من رجل فاضل عرف بتقواه و صلاحه و حرصه على أمور دينه و سافرت معه لبلاد الغربة حتى تسانده في رحلته العلمية لنيل الماجستير و الدكتوراه . و في خلال أربع سنوات رزقت مشاعل بثلاثة أطفال ... ولدان و بنت . كانت شديدة السعاده بحياتها , مزوهة بزوجها و فرحة بأطفالها . و لكن ... متى كملت الدنيا لأنسان ؟ أشتكت مشاعل من كثرة بكاء الولدين و إنطواء ابنتها . حاولت جل جهدها لتعرف ما بهم , طافت بهم على الأطباء و عملت لهم التحاليل و لكن كل شئ بدا سليماً !!! تراجعت الحصيلة اللغويه لإطفالها و إزدادت عزلتهم و كرهوا كل ما يحيط بهم . سهرت مشاعل الليالي الطوال تصلي و تدعي حتى بدأت تتضح الرؤيا . أفادها طبيب مصري مقيم ببريطانيا أن اطفالها الثلاثه يعانون من مرض اكتشف حديثاً و لم تكتشف بعد اسبابه و لا علاجه ... مرض لا علاقة للوراثة به و إصابة ثلاثة أخوة به أمر محيّر . كان اطفالها جميعاً مصابون بمرض " التوحد " .
أدركت مشاعل أنه من الممكن تلقين أولادها مبادئ القراءة و الكتابه و تعلميهم الصلاة و امور الدين الأساسية و لكن لم تقدر على هذا لوحدها , فزوجها كان مشغول على الدوام بدراسته و أمور الدعوة إلى الإسلام و إلقاء المحاضرات . و لما كانت مشاعل تدرك أهمية عمل زوجها قررت أن تحمل عبء الأولاد لوحدها . عادت مشاعل الى الوطن تستجدي مساعدة الأهل و لكن عانت الأمرّين في البحث عن مدرسة تليق بحالتهم فهم فئة ضائعه ليسوا مع المعاقين و لا ينتمون للبقيه , كما أن مرضهم يمنعهم من الإختلاط ببقية الأطفال أو التخاطب مع أي شخص لا يألفونه . أحست مشاعل بالوحدة بعيداً عن زوجها و بالحسره لما آل عليه أطفالها . بدأت مشاعلها تطفأ المشعل تلو المشعل حتى بقي المشعل الأخير يصارع الريح ... تنتظر بفارغ الصبر عودة زوجها الحبيب مظفراً حاملاً شهادته العليا ليعينها على وحدتها و على أمور أطفالها . و عاد الزوج محملاً بالحب و الشوق و الأخبار !!! أبلغ الجميع أنه قرر العمل في مجال الدعوة بما أنه يجيد اللغه الأنجليزيه و خبير بنوعية حياة الأجانب . أستعد للرحيل و أبلغ زوجته بذلك و لكنها لا تستطيع ترك أطفالها و لا تستطيع إصطحابهم فأكبرهم أقترب من المراهقه و الحياة هناك خطرة على أخلاقه و معتقداته مع بطء إدراكه . كما أنها لا تستطيع وحدها العناية بالأطفال فأهلها يحملون العبء الأكبر عنها . هنا خيّرها زوجها : إما أن تذهب معه أو .......... يتزوج بغيرها !!! ذهبت مشاعل إلى مكة لمدة ثلاثة أيام أعتمرت فيها و استخارت و دعت ربها ثم عادت لتبارك لزوجها مقدماً زواجه الجديد . هو رجل من حقه أن تكون زوجته معه لتعصمه في بلاد الغربة و هي لا تستطيع ترك أطفالها و لا أصطحابهم معها . و بعد فترة قصيرة سافر زوجها بصحبة عروسه و بقت هي مع أطفالها .
لم أعرفها عندما رأيتها ... ذبلت مشاعل و صارت كالخيال , تغيرت تماماً أصبحت عصبية المزاج دائمة القلق متشائمة الطبع . أحسست بالشفقة عليها و أستشرت طبيبة نفسانيه صديقة لي عن حالها . أخبرتني أن مشاعل تعاني من الأكتئاب و لابد لها من تناول دواء مضاد يساعدها على المضي بحياتها . زارت مشاعل الطبيبة و بدأت تعاطي الدواء الذي سرعان ما بدأ أثره فتورد وجهها و رجعت لها ابتسامتها و أقبلت بشغف على تعليم أطفالها . أحسست بالسعاده لأني ساعدت مشاعل في محنتها و لكن هيهات ليست مشاعل من ترضى الهزيمه .
أشغلتني أمور الدنيا عن مشاعل ستة أشهر و فوجئت بها تخاطبني عبر الهاتف تسألني الحضور لندوة تلقيها عن الإبتلاء و الإيمان بالقضاء و القدر . ذهبت مبكرة للندوه حتى استطيع السلام على مشاعل . سألت عنها و لم تصدق عيناي ما رأت ... كأن الزمن عاد إلى الوراء سبعة عشر عاماً و هذه العروس الجميله مشاعل أمامي . أحتضنتها و أنا فرحه و سألتها : كل هذا من أثر الحبوب المهدئه ؟ فردت بهدوء : بل بفضل الله سبحانه و تعالى . أستمريت في تعاطي المهدئات لمدة شهرين خدرت فيها أحاسيسي و أنامت مشاعري . أصبحت أمشي في الحياة كجسد بلا روح و لا هدف . ثم سهرت ليلة أصلي و أبكي و عندما بددت الشمس ظلمات الليل كانت رحمة ربي قد أنارت لي دربي . منذ طفولتي كان ربي بي رحيماًُ كريماً , منحني أقصى أحلامي و أمنياتي ... منحني جسداً صحيحاً و عقلاً راجحاً و أسرة متماسكة محبه . منحني زوجاً مؤمناً أعانني على التقرب من الله أكثر فأكثر . ثم عندما حانت لحظة الإبتلاء أجزع ؟؟؟ أنسى كل فضله و نعمه علي و أدور في حلقة الإبتلاء بجزع و إنكار !!! يجب أن أشكر الله الذي منحني القدرة على رعايتهم و منحني أسرة تعينني عليهم لا أن الجأ إلى غيره ... إلى تلك الحبوب الصماء . ربما تكون تلك الحبوب أعانتي في بداية الأمر على التفكير بهدوء في أمري و لكن الأيمان بالله منحني الصبر و تقبل المصيبه بل و شكر الله عليها .
عندما كانت مشاعل تتحدث كانت قامتها تطول و تطول و قامتي تقصر و تقصر فأرفع رأسي و اشرأب بعنقي حتى أستطيع النظر اليها حتى آلمتني رقبتي فأطرقت أرضاً و أغلقت عيني لأسرح في عالم الخيال و دنيا الأساطير و لكن ... هذه المرة كنت أعرف أنها حقائق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى