عابر سبيل
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الأمور التي تحرم بسبب الإحرام
يحرم بالإحرام الأمور الآتية
(1) الجماع ودواعيه
مثل القبلة ، واللمس بشهوة ، والتعرض للنساء بفحش القول .
(2) الخروج عن طاعة الله تعالى
وهو قبيح في غير الإحرام ، ولكنه أثناء الإحرام أقبح وفي الحرم مع الإحرام أشد قبحا ، مما لو كان مع الإحرام فقط ، أو في الحرم فقط .
(3) المخاصمة مع الرفقة والخدم وغيرهم لقوله تعالى
فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج
ولأن الجدال المثير للغضب ممنوع شرعا .
(4) لبس المخيط بجميع أنواعه
والمراد بالمخيط في الملبس هو ما يحيط بالجسد أو بعضه بخياطة أو غيرها .
والأصل في هذا الباب حديث ابن عمر المتفق عليه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس
قال الإمام النووي في شرح مسلم وهو يشرح هذا الحديث : قال العلماء : هذا من بديع الكلام وجزله ، فإنه صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبسه المحرم فقال : لا يلبس كذا وكذا فحصل في الجواب أنه لا يلبس المذكورات ويلبس ما سوى ذلك - وهذا من الأسلوب الحكيم - وكان التصريح بما لا يلبس أولى لأنه منحصر ، وأما الملبوس الجائز للمحرم فغير منحصر فضبط الجميع بقوله صلى الله عليه وسلم : لا يلبس كذا وكذا : يعني ويلبس ما سواه ، وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحرم لبس هذه الأشياء وأنه نبه بالقميص والسراويل على جميع ما في معناهما وهو كل ما كان محيطا (أي أعد من الأصل ليكون محيطا بالجسم مثل القميص والسروال والجلباب ، بخلاف إزار الإحرام فإنه لم يفصل ليكون محيطا إذا لبس ولكننا نجعله محيطا بصنعتنا ولفنا إياه حول أجسامنا) وكذلك نبه بهما على ما كان مخيطا (خياطة مفصلة بحيث يكون) معمولا على قدر البدن أو قدر عضو منه (مثل الملابس التي تفصل على قدر الرأس أو الصدر أو الساق أو الذراع إلخ) .
ونبه بالعمائم والبرانس - نوع يغطى به الرأس - على كل ساتر للرأس مخيطا كان أو غير مخيط حتى العصابة (التي تلف حول الرأس مثل الرباط) . فإنها حرام ، فإن احتاج إليها لشجة أو صداع أو غيرهما شدها ولزمته الفدية .
ونبه بالخفاف على كل ساتر للرجل من مداس وحذاء وجورب وغيرهما...
وهذا كله حكم الرجال ، وأما المرأة . فيباح لها ستر جميع بدنها بكل ساتر من مخيط وغيره إلا ستر وجهها فإنه حرام بكل ساتر ويعفى عن جزء يتم به ستر شعر رأسها ، لأن كشف الشعر حرام ولا يتم ستر جميعه إلا بستر جزء من أعلى الجبهة . أما ستر يديها ففيه خلاف بين العلماء وهما قولان للشافعي أصحهما تحريمه ، ولذلك يحرم عليها لبس القفازين.. ورخص فيهما علي وعائشة وعطاء والثوري وأبو حنيفة .
ونبه صلى الله عليه وسلم بالورس والزعفران على ما في معناهما ، وهو الطيب فيحرم على الرجل والمرأة جميعا في الإحرام جميع أنواع الطيب ، والمراد : ما يقصد به الطيب ، وأما الفواكه كالأترج والتفاح وأزهار البراري كالشيح والقيصوم ونحوهما فليس بحرام ، لأنه لا يقصد للطيب...
قال العلماء : والحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم وفي لباسه : الإزار والرداء أن يبعد عن الترفه ويتصف بصفة الخاشع الذليل ، وليتذكر أنه محرم في كل وقت فيكون أقرب إلى كثرة الذكر ، وأبلغ في المراقبة وصيانة العبادة والامتناع عن إرتكاب المحظورات ، وليتذكر به الموت ولباس الأكفان ، ويتذكر البعث يوم القيامة والناس حفاة عراة مهطعون إلى الداعي.... والحكمة في تحريم الطيب والنساء أن يبعد عن الترفه والتلذذ وزينة الدنيا ويجتمع ، همه لمقاصد الآخرة .
وأمر صلى الله عليه وسلم بلبس النعلين - وهما لا يصلان إلى الكعبين ، ويمسكان في الرجل بسيور- فمن لم يجد نعلين فليلبس خفين - وهما يخفيان القدم بجلدهما ويرتفعان أعلى من الكعبين - وقال صلى الله عليه وسلم : وليقطعهما أسفل من الكعبين (ليكون فيهما شبه بالنعلين) .
وجاءت روايتان في صحيح مسلم إحداهما عن ابن عباس والأخرى عن جابر رضي الله عنهما ، مفادهما أن من لم يجد إزارا فليلبس سروالا ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين ، ولم تذكر الروايتان الأمر بقطع الخفين ولذنك اختلف العلماء في الحديثين فقال أحمد : يجوز لبس الخفين بحالهما ، ولا يجب قطعهما ، لأن القطع منسوخ بالحديثين المذكورين .
وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : لا يجوز لبسهما إلا بعد قطعهما ؛ لأن المطلق يحمل على المقيد ، كما اختلف العلماء فيمن يلبس الخفين بدلا من النعلين لعدمهما ، هل عليه فدية أم لا ؟ فقال مالك والشافعي ومن وافقهما : لا شيء عليه ؛ لأنه لو وجبت فدية لبينها النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أبو حنيفة وأصحابه عليه الفدية . ا هـ بتصرف قليل .
(هذا) ومن لم يجد إزارا فلبس سراويل هل يشقها أو لا يشقها ؟ قال الشافعي وأحمد لا يشقها ولا فدية عليه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن بلبسها ولم يذكر فدية وقال مالك والأحناف إن لم يشقها وجبت الفدية .
فوائد
(الأولى) أفادت الأحاديث أن اللبس المعتاد محرم على المحرم ، فلو شق القميص وجعله إزارا أو رداء جاز ، وكذلك السراويل ، ولو كان فيهما خياطة ، لأن الخياطة ليست هي الممنوعة ، إنما الممنوع خياطة بتفصيل على قدر الجسم أو عضو منه كما سبق ، ولو أبقى القميص أو الجبة ، أو السروال ، أو الجلباب كما هو لم يشقه والتف به كإزار أو رداء فإن ذلك جائز ، ولا شيء فيه .
(الثانية) قال مالك وأحمد ، وهو الأصح عند الشافعية ، والمشهور عند الأحناف أن لبس المرأة المحرمة للقفازين حرام وفيهما الفدية ، وقال محمد بن الحسن وهو رواية المزني عن الشافعي ، وقول لمالك : يجوز لها ذلك بدون فدية ، والرأي الأول هو الراجح .
(الثالثة) الثوب المصبوغ بغير طيب مكروه للمحرم وليس بحرام ، لأن السنة لبس الأبيض للرجل المحرم ، أما المرأة فتلبس من الألوان ما تشاء .
(الرابعة) من وجد حذاء أو مداسا تحت الكعبين ، هل يجوز له لبسه مع وجود النعلين ؟ الجواب : لا يجوز عند أحمد ومالك وقول للشافعي ، لأنهما مخيطان لعضو على قدره ، وقال الأحناف يجوز ولا فدية على اللابس وهو رأي للشافعي .
(5) لبس ما صبغ بطيب أو بمطيب :
يحرم على المحرم ذكرا كان أو أنثى لبس ثوب صبغ بما له رائحة طيبة مثل الورس والزعفران اتفاقا إلا إن كان مغسولا بحيث لا ينفض المادة التي صبغ بها ، ولا توجد منه رائحة طيبة فيحل لبسه .
(6) التطيب عمدا
المحرم يتطيب عند الإحرام فقط كما مر، ولا يحل له أن يمس طيبا بعد الإحرام فإن تطيب أثم ، وعليه الفدية ويستوي في ذلك الذكر والأنثى وأن يكون الطيب في الثوب ، أو في البدن ، أو في الشعر، أو في الفراش .
ومن تطيب أو لبس ما حرم عليه وهو محرم لزمته الفدية إن كان متعمدا بالإجماع ، وكذا إذا كان ناسيا عند الأحناف والمالكية .
وقال الشافعي وأحمد لا شيء على الناسي ، إنما الفدية على المتعمد .
وعلى هذا فمن غطى رأسه يوما إلى الليل فعليه الفدية عند الأحناف ولو كان ناسيا ، وإن كان أقل من يوم فعليه صدقة ، وعن مالك يلزمه صدقة إذا انتفع بذلك أو طال لبسه ولو كان ناسيا .
وإن مس من الطيب ما لا يعلق بيده كالمسك غير المسحوق وقطع الكافور والعنبر، فلا شيء في ذلك ، لأنه غير مستعمل للطيب ، فإن شمه فعليه الفدية ، لأنه يستعمل لشم ، وإن كان الطيب يعلق بيده كالغالية وماء الورد والمسك المسحوق ففيه الفدية .
ولو جعل شيء من الطيب في مأكول أو مشروب كالمسك والزعفران فلم تذهب رائحته لم يبح للمحرم تناوله نيئا كان أو مطبوخا قد مسته النار عند الشافعي وأحمد .
وقال مالك والأحناف : لا بأس بما مسته النار وإن بقيت رائحته وطعمه ولونه لأنه بالطبخ استحال عن كونه طيبا .
ولا يجوز أن يستعط بالطيب (يدخله في أنفه) ولا يحتقن به ، لأن ذلك استعمال له .
والأصل في منع الطيب قول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن وقصته ناقته فمات لا تمسوه بطيب رواه مسلم وفي لفظ ولا تخيطوه متفق عليه ويحرم دواء فيه طيب كالأكل .
(7) الادهان
الدهن الذي لا طيب فيه ولا رائحة له طيبة كالزيت والشيرج والسمن والشحم وغيرها . قال ابن المنذر فيه : أجمع عامة أهل العلم على أن للمحرم أن يدهن - بفتح الهاء وضمها - بدنه بالشحم والزيت والسمن ونقل جواز ذلك عن ابن عباس وأبي ذر والأسود بن يزيد وعطاء والضحاك ، غير أنه لا يجوز أن يدهن به رأسه عند عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور والأحناف لأنه يزيل الشعث ويسكن الشعر .
وظاهر كلام أحمد بن حنبل أنه لو دهن رأسه به فلا فدية عليه...
ومن قصد شم الطيب من غيره بفعل منه مثل أن يجلس لذلك عند العطار ، أو يدخل الكعبة حال تجميرها ليشمها ، أو يحمل معه عقدة فيها مسك ليجد ريحها ، وشم الريح منها فإن عليه الفدية ، وأباح الشافعي ذلك إلا العقدة التي يشمها وفيها مسك .
فأما من لم يقصد شمه فلا شيء عليه لو شمه ؛ وذلك مثل الجالس عند العطارين لحاجته ، والذي يدخل السوق كذلك ، والذي يدخل الكعبة للتبرك بها ، ومن يشتري طيبا لنفسه أو للتجارة ولا يمسه ، لأنه لا يمكن التحرز عن الشم في ذلك كله فعفي عنه .
(8) التخضيب بالحناء
يحرم التخضيب بالحناء على المحرم والمحرمة عند الأحناف لأنه زينة عندهم وطيب .
وقال المالكية والشافعية والحنابلة : الحناء ليس بطيب فلا شيء فيه .
(9) شم الورد ونحوه
ما يستنبته الآدمي للطيب ويتخذ منه طيبا مثل الورد ، والبنفسج ، والنرجس والياسمين ، لا يجوز شمه عند الشافعي وأحمد ، وعلى من شمه فدية .
وقال الأحناف ومالك يكره شم ما ذكر ولا فدية فيه ، وهو قول أكثر الفقهاء .
(10) إزالة الشعر
يحرم على المحرم بإجماع الفقهاء إزالة شعره بلا عذر لقوله تعالى : ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله
والمراد إزالة الشعر كيفما كان حلقا وقصا ونتفا وغيرها وشعر باقي البدن ملحق بشعر الرأس ، ويجب على ولي الصغير منعه من إزالة شعره ، وتجب الفدية بإزالة الشعر سواء في ذلك شعر الرأس واللحية والشارب والإبط والعانة وسائر البدن .
وإن آذته شعرة داخل جفنه أو شعر حاجبه أزالها ولا فدية عليه ولو حلق المحرم رأس الحلال فلا شيء عليه عند مالك والشافعي وأحمد ، وعند الأحناف تجب الفدية . وحك المحرم رأسه برفق جائز بالإجماع . ويحرم على المحرم بناء على ما سبق مشط لحيته ورأسه إن أدى إلى نتف شيء من الشعر فإن لم يؤد إليه لم يحرم ، لكن يكره ، فإن مشط فنتف المشط شعرة لزمته نتيجة النتف حسب اختلاف الفقهاء .
والشعر الذي يسقط منتسلا - بنفسه - لا فدية فيه ، ولو كشط جلد رأسه وعليه شعر فلا فدية عليه .
يحرم بالإحرام الأمور الآتية
(1) الجماع ودواعيه
مثل القبلة ، واللمس بشهوة ، والتعرض للنساء بفحش القول .
(2) الخروج عن طاعة الله تعالى
وهو قبيح في غير الإحرام ، ولكنه أثناء الإحرام أقبح وفي الحرم مع الإحرام أشد قبحا ، مما لو كان مع الإحرام فقط ، أو في الحرم فقط .
(3) المخاصمة مع الرفقة والخدم وغيرهم لقوله تعالى
فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج
ولأن الجدال المثير للغضب ممنوع شرعا .
(4) لبس المخيط بجميع أنواعه
والمراد بالمخيط في الملبس هو ما يحيط بالجسد أو بعضه بخياطة أو غيرها .
والأصل في هذا الباب حديث ابن عمر المتفق عليه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس
قال الإمام النووي في شرح مسلم وهو يشرح هذا الحديث : قال العلماء : هذا من بديع الكلام وجزله ، فإنه صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبسه المحرم فقال : لا يلبس كذا وكذا فحصل في الجواب أنه لا يلبس المذكورات ويلبس ما سوى ذلك - وهذا من الأسلوب الحكيم - وكان التصريح بما لا يلبس أولى لأنه منحصر ، وأما الملبوس الجائز للمحرم فغير منحصر فضبط الجميع بقوله صلى الله عليه وسلم : لا يلبس كذا وكذا : يعني ويلبس ما سواه ، وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحرم لبس هذه الأشياء وأنه نبه بالقميص والسراويل على جميع ما في معناهما وهو كل ما كان محيطا (أي أعد من الأصل ليكون محيطا بالجسم مثل القميص والسروال والجلباب ، بخلاف إزار الإحرام فإنه لم يفصل ليكون محيطا إذا لبس ولكننا نجعله محيطا بصنعتنا ولفنا إياه حول أجسامنا) وكذلك نبه بهما على ما كان مخيطا (خياطة مفصلة بحيث يكون) معمولا على قدر البدن أو قدر عضو منه (مثل الملابس التي تفصل على قدر الرأس أو الصدر أو الساق أو الذراع إلخ) .
ونبه بالعمائم والبرانس - نوع يغطى به الرأس - على كل ساتر للرأس مخيطا كان أو غير مخيط حتى العصابة (التي تلف حول الرأس مثل الرباط) . فإنها حرام ، فإن احتاج إليها لشجة أو صداع أو غيرهما شدها ولزمته الفدية .
ونبه بالخفاف على كل ساتر للرجل من مداس وحذاء وجورب وغيرهما...
وهذا كله حكم الرجال ، وأما المرأة . فيباح لها ستر جميع بدنها بكل ساتر من مخيط وغيره إلا ستر وجهها فإنه حرام بكل ساتر ويعفى عن جزء يتم به ستر شعر رأسها ، لأن كشف الشعر حرام ولا يتم ستر جميعه إلا بستر جزء من أعلى الجبهة . أما ستر يديها ففيه خلاف بين العلماء وهما قولان للشافعي أصحهما تحريمه ، ولذلك يحرم عليها لبس القفازين.. ورخص فيهما علي وعائشة وعطاء والثوري وأبو حنيفة .
ونبه صلى الله عليه وسلم بالورس والزعفران على ما في معناهما ، وهو الطيب فيحرم على الرجل والمرأة جميعا في الإحرام جميع أنواع الطيب ، والمراد : ما يقصد به الطيب ، وأما الفواكه كالأترج والتفاح وأزهار البراري كالشيح والقيصوم ونحوهما فليس بحرام ، لأنه لا يقصد للطيب...
قال العلماء : والحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم وفي لباسه : الإزار والرداء أن يبعد عن الترفه ويتصف بصفة الخاشع الذليل ، وليتذكر أنه محرم في كل وقت فيكون أقرب إلى كثرة الذكر ، وأبلغ في المراقبة وصيانة العبادة والامتناع عن إرتكاب المحظورات ، وليتذكر به الموت ولباس الأكفان ، ويتذكر البعث يوم القيامة والناس حفاة عراة مهطعون إلى الداعي.... والحكمة في تحريم الطيب والنساء أن يبعد عن الترفه والتلذذ وزينة الدنيا ويجتمع ، همه لمقاصد الآخرة .
وأمر صلى الله عليه وسلم بلبس النعلين - وهما لا يصلان إلى الكعبين ، ويمسكان في الرجل بسيور- فمن لم يجد نعلين فليلبس خفين - وهما يخفيان القدم بجلدهما ويرتفعان أعلى من الكعبين - وقال صلى الله عليه وسلم : وليقطعهما أسفل من الكعبين (ليكون فيهما شبه بالنعلين) .
وجاءت روايتان في صحيح مسلم إحداهما عن ابن عباس والأخرى عن جابر رضي الله عنهما ، مفادهما أن من لم يجد إزارا فليلبس سروالا ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين ، ولم تذكر الروايتان الأمر بقطع الخفين ولذنك اختلف العلماء في الحديثين فقال أحمد : يجوز لبس الخفين بحالهما ، ولا يجب قطعهما ، لأن القطع منسوخ بالحديثين المذكورين .
وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : لا يجوز لبسهما إلا بعد قطعهما ؛ لأن المطلق يحمل على المقيد ، كما اختلف العلماء فيمن يلبس الخفين بدلا من النعلين لعدمهما ، هل عليه فدية أم لا ؟ فقال مالك والشافعي ومن وافقهما : لا شيء عليه ؛ لأنه لو وجبت فدية لبينها النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أبو حنيفة وأصحابه عليه الفدية . ا هـ بتصرف قليل .
(هذا) ومن لم يجد إزارا فلبس سراويل هل يشقها أو لا يشقها ؟ قال الشافعي وأحمد لا يشقها ولا فدية عليه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن بلبسها ولم يذكر فدية وقال مالك والأحناف إن لم يشقها وجبت الفدية .
فوائد
(الأولى) أفادت الأحاديث أن اللبس المعتاد محرم على المحرم ، فلو شق القميص وجعله إزارا أو رداء جاز ، وكذلك السراويل ، ولو كان فيهما خياطة ، لأن الخياطة ليست هي الممنوعة ، إنما الممنوع خياطة بتفصيل على قدر الجسم أو عضو منه كما سبق ، ولو أبقى القميص أو الجبة ، أو السروال ، أو الجلباب كما هو لم يشقه والتف به كإزار أو رداء فإن ذلك جائز ، ولا شيء فيه .
(الثانية) قال مالك وأحمد ، وهو الأصح عند الشافعية ، والمشهور عند الأحناف أن لبس المرأة المحرمة للقفازين حرام وفيهما الفدية ، وقال محمد بن الحسن وهو رواية المزني عن الشافعي ، وقول لمالك : يجوز لها ذلك بدون فدية ، والرأي الأول هو الراجح .
(الثالثة) الثوب المصبوغ بغير طيب مكروه للمحرم وليس بحرام ، لأن السنة لبس الأبيض للرجل المحرم ، أما المرأة فتلبس من الألوان ما تشاء .
(الرابعة) من وجد حذاء أو مداسا تحت الكعبين ، هل يجوز له لبسه مع وجود النعلين ؟ الجواب : لا يجوز عند أحمد ومالك وقول للشافعي ، لأنهما مخيطان لعضو على قدره ، وقال الأحناف يجوز ولا فدية على اللابس وهو رأي للشافعي .
(5) لبس ما صبغ بطيب أو بمطيب :
يحرم على المحرم ذكرا كان أو أنثى لبس ثوب صبغ بما له رائحة طيبة مثل الورس والزعفران اتفاقا إلا إن كان مغسولا بحيث لا ينفض المادة التي صبغ بها ، ولا توجد منه رائحة طيبة فيحل لبسه .
(6) التطيب عمدا
المحرم يتطيب عند الإحرام فقط كما مر، ولا يحل له أن يمس طيبا بعد الإحرام فإن تطيب أثم ، وعليه الفدية ويستوي في ذلك الذكر والأنثى وأن يكون الطيب في الثوب ، أو في البدن ، أو في الشعر، أو في الفراش .
ومن تطيب أو لبس ما حرم عليه وهو محرم لزمته الفدية إن كان متعمدا بالإجماع ، وكذا إذا كان ناسيا عند الأحناف والمالكية .
وقال الشافعي وأحمد لا شيء على الناسي ، إنما الفدية على المتعمد .
وعلى هذا فمن غطى رأسه يوما إلى الليل فعليه الفدية عند الأحناف ولو كان ناسيا ، وإن كان أقل من يوم فعليه صدقة ، وعن مالك يلزمه صدقة إذا انتفع بذلك أو طال لبسه ولو كان ناسيا .
وإن مس من الطيب ما لا يعلق بيده كالمسك غير المسحوق وقطع الكافور والعنبر، فلا شيء في ذلك ، لأنه غير مستعمل للطيب ، فإن شمه فعليه الفدية ، لأنه يستعمل لشم ، وإن كان الطيب يعلق بيده كالغالية وماء الورد والمسك المسحوق ففيه الفدية .
ولو جعل شيء من الطيب في مأكول أو مشروب كالمسك والزعفران فلم تذهب رائحته لم يبح للمحرم تناوله نيئا كان أو مطبوخا قد مسته النار عند الشافعي وأحمد .
وقال مالك والأحناف : لا بأس بما مسته النار وإن بقيت رائحته وطعمه ولونه لأنه بالطبخ استحال عن كونه طيبا .
ولا يجوز أن يستعط بالطيب (يدخله في أنفه) ولا يحتقن به ، لأن ذلك استعمال له .
والأصل في منع الطيب قول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن وقصته ناقته فمات لا تمسوه بطيب رواه مسلم وفي لفظ ولا تخيطوه متفق عليه ويحرم دواء فيه طيب كالأكل .
(7) الادهان
الدهن الذي لا طيب فيه ولا رائحة له طيبة كالزيت والشيرج والسمن والشحم وغيرها . قال ابن المنذر فيه : أجمع عامة أهل العلم على أن للمحرم أن يدهن - بفتح الهاء وضمها - بدنه بالشحم والزيت والسمن ونقل جواز ذلك عن ابن عباس وأبي ذر والأسود بن يزيد وعطاء والضحاك ، غير أنه لا يجوز أن يدهن به رأسه عند عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور والأحناف لأنه يزيل الشعث ويسكن الشعر .
وظاهر كلام أحمد بن حنبل أنه لو دهن رأسه به فلا فدية عليه...
ومن قصد شم الطيب من غيره بفعل منه مثل أن يجلس لذلك عند العطار ، أو يدخل الكعبة حال تجميرها ليشمها ، أو يحمل معه عقدة فيها مسك ليجد ريحها ، وشم الريح منها فإن عليه الفدية ، وأباح الشافعي ذلك إلا العقدة التي يشمها وفيها مسك .
فأما من لم يقصد شمه فلا شيء عليه لو شمه ؛ وذلك مثل الجالس عند العطارين لحاجته ، والذي يدخل السوق كذلك ، والذي يدخل الكعبة للتبرك بها ، ومن يشتري طيبا لنفسه أو للتجارة ولا يمسه ، لأنه لا يمكن التحرز عن الشم في ذلك كله فعفي عنه .
(8) التخضيب بالحناء
يحرم التخضيب بالحناء على المحرم والمحرمة عند الأحناف لأنه زينة عندهم وطيب .
وقال المالكية والشافعية والحنابلة : الحناء ليس بطيب فلا شيء فيه .
(9) شم الورد ونحوه
ما يستنبته الآدمي للطيب ويتخذ منه طيبا مثل الورد ، والبنفسج ، والنرجس والياسمين ، لا يجوز شمه عند الشافعي وأحمد ، وعلى من شمه فدية .
وقال الأحناف ومالك يكره شم ما ذكر ولا فدية فيه ، وهو قول أكثر الفقهاء .
(10) إزالة الشعر
يحرم على المحرم بإجماع الفقهاء إزالة شعره بلا عذر لقوله تعالى : ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله
والمراد إزالة الشعر كيفما كان حلقا وقصا ونتفا وغيرها وشعر باقي البدن ملحق بشعر الرأس ، ويجب على ولي الصغير منعه من إزالة شعره ، وتجب الفدية بإزالة الشعر سواء في ذلك شعر الرأس واللحية والشارب والإبط والعانة وسائر البدن .
وإن آذته شعرة داخل جفنه أو شعر حاجبه أزالها ولا فدية عليه ولو حلق المحرم رأس الحلال فلا شيء عليه عند مالك والشافعي وأحمد ، وعند الأحناف تجب الفدية . وحك المحرم رأسه برفق جائز بالإجماع . ويحرم على المحرم بناء على ما سبق مشط لحيته ورأسه إن أدى إلى نتف شيء من الشعر فإن لم يؤد إليه لم يحرم ، لكن يكره ، فإن مشط فنتف المشط شعرة لزمته نتيجة النتف حسب اختلاف الفقهاء .
والشعر الذي يسقط منتسلا - بنفسه - لا فدية فيه ، ولو كشط جلد رأسه وعليه شعر فلا فدية عليه .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى