عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
مــفــاســد الــغــنــاء
خطبة جمعة في مسجد خالد بن الوليد
8/شوال/1428هـ
الحمد لله الذي نزه عن اللغو أسماع الصالحين، ونفر عن الباطل طباع المؤمنين، و طهر عن اللهو قلوب المتقين؛ فأغناها بحب القرآن عن صوت الشيطان، واطمأنت بالذكر بدلاً عن الفُحش و الـهُجر.
والصلاة و السلام على من سدّ عن المزمار مسامعه، و هجر الباطل ومواضعه، وحُفظ عن اللهو المحرم منذ صِغَرِه فلم يواقعْه. صلى الله عليه وعلى أصحابه الموصوفين بقوله تعالى: [وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا]([1]) وعلى آله أرفع الناس منزلةً وأعلاهم مقاماً، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
- الوصية بالتقوى.
عباد الله:
لا يخفى على عاقل ما للغناء الماجن المصحوب بالآلات الموسيقية المثيرة من إثارة للشهوات، ودفع نحو الفواحش والمنكرات، وصدٌّ عن ذكر الله و إقام الصلاة، فهو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط و الزنا، و به ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى.
لقد قرر العلماء أنه مقصود بقوله تعالى مخاطباً الشيطان: [وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا]([2]). قال غير واحد من السلف: صوته الغناء، فهو يستفز به محبيه إلى الفواحش والفجور وترك الصلوات وهجر القرآن ومجانبة الصالحين ومصاحبة الفسقة والمنحرفين، وفسر ابن مسعود وغيره قوله تعالى: [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ] ([3]).فسروها بأن لهو الحديث هنا هو الغناء، فمن استبدله بذكر الله وسماع القرآن فهو موعود بالعذاب المهين.
وروى البخاري في صحيحه عن أبي مالك الأشعري t عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: (ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحِر و الحرير و الخمر و المعازف، و لينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة فيقولون ارجع إلينا غداً فيبيتهم الله ويضيع العلم و يمسخ آخرين قردة و خنازير إلى يوم القيامة) ([4]) و هذا الحديث من أقوى الأحاديث سنداً و دلالة على تحريم الغنى المصحوب بالآلات الموسيقية التي هي المعازف، وفيه: إنه متى كثر و انتشر في الناس و ضُمّ إليه استحلال الزنا و الخمر و الحرير حلت به عقوبة عاجلة هي الخسف و المسخ، فالخسف بوقوع الجبل عليهم، و المسخ بتحويلهم أو تحويل بعضهم قردة وخنازير، أعاذنا الله من ذلك.
ويؤيد ذلك حديث أبي أمامة t أن رسول الله r قال: ( يبيت قوم من هذه الأمة على طعام وشراب فيصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير) فسئل عن سبب ذلك فقال: (بشربهم الخمر وأكلهم الربا و اتخاذهم القينات و لبسهم الحرير وقطعهم الرحم ) ([5]). وفي حديث عمران بن حصين قال: قال رسول الله r: ( يكون في أمتي قذف و مسخ وخسف) قيل: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: (إذا ظهرت المعازف و كثرت القيان و شربت الخمور ) ([6]).
فالقِيانُ المغنيات، و المعازف الآلات الموسيقية، وهي سبب من أسباب سخط الله واستجلاب عقوبته، وما كان كذلك فهو من كبائر الذنوب لا من صغائرها. ولذا عدَّ ابن حجر في "الزواجر" وابن النحاس في " تنبه الغافلين " ذلك من الكبائر، و صحح الألباني عن ابن عباس أنه قال:(الدف حرام و المعازف حرام و الكوبة حرام و المزمار حرام) ([7]). وقال ابن مسعود t (الغناء ينب النفاق في القلب) ([8]) ومثله قال الشعبي ([9]). وقال الفضيل بن عياض: ( الغناء رقية الزنا) ([10]).
وروى ابن أبي الدنيا عن يزيد بن الوليد أحد خلفاء بني أمية أنه قال: (يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، و يهدم المروءة، و أنه ينوب عن الخمر و يفعل ما يفعل المسكر فإن كنتم فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء داعية الزنا) ([11]) وروي كذلك أن الحطيئة الشاعر المشهور نزل برجل من العرب و معه ابنته مليكة، فلما جن الليل سمع غناءً فقال: لصاحب المنزل كف هذا عني فقال: وما تكره من ذلك؟ فقال: (إن الغناء رائد من رواد الفجور، ولا أحب أن تسمعه هذه - يعني ابنته - فإن كففت وإلا خرجت عنك) ([12]).
قال ابن القيم رحمه الله: (فإذا كان هذا الشاعر المفتون اللسان الذي هابت العرب هجاءه خاف عاقبة الغناء وأن تصل رقيته إلى حرمته فما الظن بغيره، ولا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء كما يجنبهن أسباب الريب، ومن طرق أهله إلى سماع رقية الزنى فهم أعلم بالإثم الذي يستحقه ومن الأمر المعلوم عند القوم أن المرأة إذا استصعبت على الرجل اجتهد أن يسمعها صوت الغناء فحينئذ تعطي الليان ) ([13]).
إلى أن قال: ( فأما إذا اجتمع إلى هذه الرقية الدف والشبابة والرقص بالتخنث والتكسر فلو حبلت المرأة من غناء لحبلت من هذا الغناء، فلعمر الله كم من حرة صارت بالغناء من البغايا، وكم من حر أصبح به عبداً للصبيان أو الصبايا، وكم من غيور تبدل به اسماً، قبيحاً بين البرايا، وكم من ذي غنى وثروة أصبح بسببه على الأرض بعد المطارف والحشايا، وكم من معافى تعرض له فأمسى وقد حلت به أنواع البلايا، وكم أهدى للمشغوف به من أشجان وأحزان فلم يجد بُداً من قبول تلك الهدايا، وكم جرَّع من غَصةٍ وأزال من نعمة وجلب من نقمة وذلك منه من إحدى العطايا، وكم خبأ لأهله من آلام منتظرة وغموم متوقعة وهموم مستقبلة ) ([14]).
أيها الإخوة المؤمنون:
هذه بعض أضرار و آثار الغناء ومن أجلها جاء ما جاء من الزجر و التحذير، و النهي الشديد والوعيد والتهديد، فاتقوا الله واجتبوه وجنبوه أهلكم ونساءكم سواءً في البيوت أو خارجها.
[1] {الفرقان:72}
[2] {الإسراء:64}
[3] {لقمان:6}
[4] صحيح البخاري ج/5 – ص ــ2123ــ رقم 5268
[5]الحاكم في المستدرك 4/560 برقم 8572 مسند الطيالسي ج1 صــــ155 والسلسلة الصحيحة ج/4 ص ــ187ــــ رقم 1604
[6] سنن الترمذي ج4 – صـ150ـــــ رقم 2212وصححه الألباني.
[7] رواه البيهقي ج10 ص ـ222 رقم 20789، تحريم آلات الطرب ج1 ص ـ.99
[8] تلبيس ابليس ج10 ص 209
[9] المرجع السابق بلفظ (وعن الشعبي قال لعن المغني والمغنى له)
[10] المرجع السابق ص ــ210
[11] ذم الملاهي لابن ابي الدنيا ج1 ص-ـ50 رقم 51
[12] المرجع السابق ص -ـ51 رقم 52
[13] إغاثة اللهفان ج1 ص ـ 246- 247.
[14] إغاثة اللهفان ج1 ص 247.
مــفــاســد الــغــنــاء
خطبة جمعة في مسجد خالد بن الوليد
8/شوال/1428هـ
الحمد لله الذي نزه عن اللغو أسماع الصالحين، ونفر عن الباطل طباع المؤمنين، و طهر عن اللهو قلوب المتقين؛ فأغناها بحب القرآن عن صوت الشيطان، واطمأنت بالذكر بدلاً عن الفُحش و الـهُجر.
والصلاة و السلام على من سدّ عن المزمار مسامعه، و هجر الباطل ومواضعه، وحُفظ عن اللهو المحرم منذ صِغَرِه فلم يواقعْه. صلى الله عليه وعلى أصحابه الموصوفين بقوله تعالى: [وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا]([1]) وعلى آله أرفع الناس منزلةً وأعلاهم مقاماً، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
- الوصية بالتقوى.
عباد الله:
لا يخفى على عاقل ما للغناء الماجن المصحوب بالآلات الموسيقية المثيرة من إثارة للشهوات، ودفع نحو الفواحش والمنكرات، وصدٌّ عن ذكر الله و إقام الصلاة، فهو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط و الزنا، و به ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى.
لقد قرر العلماء أنه مقصود بقوله تعالى مخاطباً الشيطان: [وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا]([2]). قال غير واحد من السلف: صوته الغناء، فهو يستفز به محبيه إلى الفواحش والفجور وترك الصلوات وهجر القرآن ومجانبة الصالحين ومصاحبة الفسقة والمنحرفين، وفسر ابن مسعود وغيره قوله تعالى: [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ] ([3]).فسروها بأن لهو الحديث هنا هو الغناء، فمن استبدله بذكر الله وسماع القرآن فهو موعود بالعذاب المهين.
وروى البخاري في صحيحه عن أبي مالك الأشعري t عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: (ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحِر و الحرير و الخمر و المعازف، و لينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة فيقولون ارجع إلينا غداً فيبيتهم الله ويضيع العلم و يمسخ آخرين قردة و خنازير إلى يوم القيامة) ([4]) و هذا الحديث من أقوى الأحاديث سنداً و دلالة على تحريم الغنى المصحوب بالآلات الموسيقية التي هي المعازف، وفيه: إنه متى كثر و انتشر في الناس و ضُمّ إليه استحلال الزنا و الخمر و الحرير حلت به عقوبة عاجلة هي الخسف و المسخ، فالخسف بوقوع الجبل عليهم، و المسخ بتحويلهم أو تحويل بعضهم قردة وخنازير، أعاذنا الله من ذلك.
ويؤيد ذلك حديث أبي أمامة t أن رسول الله r قال: ( يبيت قوم من هذه الأمة على طعام وشراب فيصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير) فسئل عن سبب ذلك فقال: (بشربهم الخمر وأكلهم الربا و اتخاذهم القينات و لبسهم الحرير وقطعهم الرحم ) ([5]). وفي حديث عمران بن حصين قال: قال رسول الله r: ( يكون في أمتي قذف و مسخ وخسف) قيل: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: (إذا ظهرت المعازف و كثرت القيان و شربت الخمور ) ([6]).
فالقِيانُ المغنيات، و المعازف الآلات الموسيقية، وهي سبب من أسباب سخط الله واستجلاب عقوبته، وما كان كذلك فهو من كبائر الذنوب لا من صغائرها. ولذا عدَّ ابن حجر في "الزواجر" وابن النحاس في " تنبه الغافلين " ذلك من الكبائر، و صحح الألباني عن ابن عباس أنه قال:(الدف حرام و المعازف حرام و الكوبة حرام و المزمار حرام) ([7]). وقال ابن مسعود t (الغناء ينب النفاق في القلب) ([8]) ومثله قال الشعبي ([9]). وقال الفضيل بن عياض: ( الغناء رقية الزنا) ([10]).
وروى ابن أبي الدنيا عن يزيد بن الوليد أحد خلفاء بني أمية أنه قال: (يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، و يهدم المروءة، و أنه ينوب عن الخمر و يفعل ما يفعل المسكر فإن كنتم فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء داعية الزنا) ([11]) وروي كذلك أن الحطيئة الشاعر المشهور نزل برجل من العرب و معه ابنته مليكة، فلما جن الليل سمع غناءً فقال: لصاحب المنزل كف هذا عني فقال: وما تكره من ذلك؟ فقال: (إن الغناء رائد من رواد الفجور، ولا أحب أن تسمعه هذه - يعني ابنته - فإن كففت وإلا خرجت عنك) ([12]).
قال ابن القيم رحمه الله: (فإذا كان هذا الشاعر المفتون اللسان الذي هابت العرب هجاءه خاف عاقبة الغناء وأن تصل رقيته إلى حرمته فما الظن بغيره، ولا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء كما يجنبهن أسباب الريب، ومن طرق أهله إلى سماع رقية الزنى فهم أعلم بالإثم الذي يستحقه ومن الأمر المعلوم عند القوم أن المرأة إذا استصعبت على الرجل اجتهد أن يسمعها صوت الغناء فحينئذ تعطي الليان ) ([13]).
إلى أن قال: ( فأما إذا اجتمع إلى هذه الرقية الدف والشبابة والرقص بالتخنث والتكسر فلو حبلت المرأة من غناء لحبلت من هذا الغناء، فلعمر الله كم من حرة صارت بالغناء من البغايا، وكم من حر أصبح به عبداً للصبيان أو الصبايا، وكم من غيور تبدل به اسماً، قبيحاً بين البرايا، وكم من ذي غنى وثروة أصبح بسببه على الأرض بعد المطارف والحشايا، وكم من معافى تعرض له فأمسى وقد حلت به أنواع البلايا، وكم أهدى للمشغوف به من أشجان وأحزان فلم يجد بُداً من قبول تلك الهدايا، وكم جرَّع من غَصةٍ وأزال من نعمة وجلب من نقمة وذلك منه من إحدى العطايا، وكم خبأ لأهله من آلام منتظرة وغموم متوقعة وهموم مستقبلة ) ([14]).
أيها الإخوة المؤمنون:
هذه بعض أضرار و آثار الغناء ومن أجلها جاء ما جاء من الزجر و التحذير، و النهي الشديد والوعيد والتهديد، فاتقوا الله واجتبوه وجنبوه أهلكم ونساءكم سواءً في البيوت أو خارجها.
[1] {الفرقان:72}
[2] {الإسراء:64}
[3] {لقمان:6}
[4] صحيح البخاري ج/5 – ص ــ2123ــ رقم 5268
[5]الحاكم في المستدرك 4/560 برقم 8572 مسند الطيالسي ج1 صــــ155 والسلسلة الصحيحة ج/4 ص ــ187ــــ رقم 1604
[6] سنن الترمذي ج4 – صـ150ـــــ رقم 2212وصححه الألباني.
[7] رواه البيهقي ج10 ص ـ222 رقم 20789، تحريم آلات الطرب ج1 ص ـ.99
[8] تلبيس ابليس ج10 ص 209
[9] المرجع السابق بلفظ (وعن الشعبي قال لعن المغني والمغنى له)
[10] المرجع السابق ص ــ210
[11] ذم الملاهي لابن ابي الدنيا ج1 ص-ـ50 رقم 51
[12] المرجع السابق ص -ـ51 رقم 52
[13] إغاثة اللهفان ج1 ص ـ 246- 247.
[14] إغاثة اللهفان ج1 ص 247.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى