رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
أبواب الصلاة
113- باب ما جاء في مواقيت الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
149- حدثنا هناد بن السري حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم، وهو ابن عباد بن حنيف، أخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال أخبرني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشرك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله، لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة، وبريدة وأبي موسى، وأبي مسعود الأنصاري وأبي سعيد، وجابر، وعمرو بن حزم، والبراء، وأنس.
150- أخبرني أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حسين بن علي بن حسين أخبرني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمني جبريل" فذكر نحو حديث ابن عباس بمعناه، ولم يذكر فيه "لوقت العصر بالأمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وقال محمد: أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وحديث جابر في المواقيت قد رواه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وأبو الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث وهب بن كيسان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
114- باب منه
151- حدثنا هناد حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس وآخر وقت حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت صلاة العصر حين يدخل وقتها، وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس".
قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت: أصح من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، وحديث محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فضيل.
حدثنا هناد حدثنا أبو أسامة عن أبي إسحق الفزاري عن الأعمش عن مجاهد قال: كان يقال: إن للصلاة أولا وآخرا، فذكر نحو حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، نحوه بمعناه.
115- باب منه
152- حدثنا أحمد بن منيع والحسن بن الصباح البزار وأحمد بن محمد بن موسى، المعنى واحد، قالوا: حدثنا إسحق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال:
- "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله عن مواقيت الصلاة فقال: أقم معنا إن شاء الله، فأمر بلالا فأقام حين طلع الفجر، ثم أمره فأقام حين زالت الشمش فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر والشمس بيضاء مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس، ثم أمره بالعشاء فأقام حين غاب الشفق، ثم أمره من الغد فنور بالفجر، ثم أمره بالظهر فأبرد وأنعم أن يبرد، ثم أمره بالعصر فأقام والشمس آخر وقتها فوق ما كانت، ثم أمره فأخر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشفق، ثم أمره بالعشاء فأقام حين ذهب ثلث الليل. ثم قال: أين السائل عن مواقيت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا، فقال: مواقيت الصلاة كما بين هذين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح.
قال: وقد رواه شعبة عن علقمة بن مرثد أيضا.
116- باب ما جاء في التغليس بالفجر
153- حدثنا قتيبة عن مالك بن أنس قال: وحدثنا الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت:
- "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء قال الأنصاري: فيمر النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس". وقال قتيبة: "متلفعات".
قال: وفي الباب عن ابن عمر، وأنس، وقيلة بنت مخرمة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وقد رواه الزهري عن عروة عن عائشة نحوه.
وهو الذي اختاره غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو بكر، وعمر، ومن بعدهم من التابعين.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق: يستحبون التغليس بصلاة الفجر.
117- باب ما جاء في الإسفار بالفجر
154- حدثنا هناد حدثنا عبدة هو ابن سليمان عن محمد بن إسحق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر".
قال: وقد روى شعبة والثوري هذا الحديث عن محمد بن إسحق.
قال: ورواه محمد بن عجلان أيضا عن عاصم بن عمر بن قتادة.
قال: وفي الباب عن أبي برزة الأسلمي وجابر، وبلال.
قال أبو عيسى: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح.
وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفار بصلاة الفجر.
وبه يقول سفيان الثوري.
وقال الشافعي وأحمد وإسحق: معنى الإسفار: أن يضح الفجر فلا يشك فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة.
118- باب ما جاء في التعجيل بالظهر
155- حدثنا هناد بن السري حدثنا وكيع عن سفيان عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
- "ما رأيت أحدا أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا من أبي بكر، ولا من عمر".
قال: وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وخباب، وأبي برزة، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وجابر بن سمرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن.
وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل حديثه الذي روى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "من سأل الناس وله ما يغنيه".
قال يحيى: وروى له سفيان وزائدة، ولم ير يحيى بحديثه بأسا.
قال محمد: وقد روي عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل الظهر.
156- حدثنا الحسن بن علي الحلواني أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين زالت الشمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح. وهو أحسن حديث في هذا الباب وفي الباب عن جابر.
119- باب ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر
157- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وأبي ذر، وابن عمر، والمغيرة، والقاسم بن صفوان عن أبيه وأبي موسى، وابن عباس وأنس.
قال: وروي عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد اختار قوم من أهل العلم تأخير صلاة الظهر في شدة الحر.
وهو قول ابن المبارك وأحمد، وإسحق.
قال الشافعي: إنما الإبراد بصلاة الظهر إذا كان مسجدا ينتاب أهله من البعد فأما المصلي وحده والذي يصلي في مسجد قومه فالذي أحب له أن لا يؤخر الصلاة في شدة الحر.
قال أبو عيسى: ومعنى من ذهب إلى تأخير الظهر في شدة الحر هو أولى وأشبه بالإتباع.
وأما ما ذهب إليه الشافعي أن الرخصة لمن ينتاب من البعد وللمشقة على الناس: فإن في حديث أبي ذر ما يدل على خلاف ما قال الشافعي.
قال أبو ذر:
- "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأذن بلال بصلاة الظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بلال أبرد ثم أبرد".
فلو كان الأمر على ما ذهب إليه الشافعي: لم يكن للإبراد في ذلك الوقت معنى، لاجتماعهم في السفر، وكانوا لا يحتاجون أن ينتابوا من البعد.
158- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي قال: أنبأنا شعبة عن مهاجر أبي الحسن عن زيد بن وهب عن أبي ذر:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه بلال، فأراد أن يقيم، فقال: أبرد، ثم أراد أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبرد في الظهر، قال: حتى رأينا فيء التلول، ثم أقام فصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا عن الصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.
120- باب ما جاء في تعجيل العصر
159- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء من حجرتها".
قال: وفي الباب عن أنس، وأبي أروى، وجابر، ورافع بن خديج، قال: ويروى عن رافع أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وأنس، وغير واحد من التابعين: تعجيل صلاة العصر، وكرهوا تأخيرها.
وبه يقول عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحق.
160- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن
- "أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد، فقال: قوموا فصلوا العصر، قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
121- باب ما جاء في تأخير صلاة العصر
161- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أنها قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه".
قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة نحوه.
162- ووجدت في كتابي: أخبرني علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج.
163- وحدثنا بشر بن معاذ البصري قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن جريج بهذا الإسناد نحوه وهذا أصح.
122- باب ما جاء ما جاء في وقت المغرب
164- حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا غربت الشمش وتوارت بالحجاب".
قال: وفي الباب عن جابر، والصنابحي، وزيد بن خالد، وأنس، ورافع بن خديج، وأبي أيوب، وأم حبيبة، وعباس بن عبد المطلب وابن عباس.
وحديث العباس قد روي موقوفا عنه، وهو أصح.
والصنابحي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم: وهو صاحب أبي بكر رضي الله عنه.
قال أبو عيسى: حديث سلمة بن الأكوع حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين: اختاروا تعجيل صلاة المغرب، وكرهوا تأخيرها، حتى قال بعض أهل العلم: ليس لصلاة المغرب إلا وقت واحد، وذهبوا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى به جبريل.
وهو قول ابن المبارك والشافعي.
123- باب ما جاء في وقت صلاة العشاء الآخرة
165- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال:
- "أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة".
166- حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن أبي عوانة، بهذا الإسناد نحوه.
قال أبو عيسى: روى هذا الحديث هشيم عن أبي بشر عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير. ولم يذكر فيه هشيم "عن بشير بن ثابت".
وحديث أبي عوانة أصح عندنا، لأن يزيد بن هارون روى عن شعبة عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة.
124- باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة
167- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه".
قال: وفي الباب عن جابر بن سمرة، وجابر بن عبد الله، وأبي برزة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن خالد، وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم: رأوا تأخير صلاة العشاء الآخرة.
وبه يقول أحمد وإسحق.
125- باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسمر بعدها
168- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا عوف.
قال أحمد: وحدثنا عباد بن عباد هو المهلبي وإسماعيل بن علية: جميعا عن عوف عن سيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي عن أبي برزة قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم: يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها".
قال وفي الباب عن عائشة، وعبد الله بن مسعود، وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي برزة حديث حسن صحيح.
وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها ورخص في ذلك بعضهم.
وقال عبد الله بن المبارك: أكثر الأحاديث على الكراهية.
ورخص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان.
وسيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي.
126- باب ما جاء من الرخصة في السمر بعد العشاء
169- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عمر بن الخطاب قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين وأنا معهما".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وأوس بن حذيفة، وعمران بن حصين. قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن.
وقد روى هذا الحديث الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن رجل من جعفي يقال له "قيس" أو "ابن قبس" عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: هذا الحديث في قصة طويلة.
وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم في السمر بعد صلاة العشاء الآخرة: فكره قوم منهم السمر بعد صلاة العشاء، ورخص بعضهم إذا كان في معنى العلم وما لا بد منه من الحوائج. وأكثر الحديث على الرخصة.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا سمر إلا لمصل أو مسافر".
127- باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل
170- حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة، وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
- "سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن.
171- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال: وفي الباب عن علي، وابن عمر، وعائشة، وابن مسعود.
172- حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
- "يا علي: ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا".
قال أبو عيسى: حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث. واضطربوا عنه في هذا الحديث وهو صدوق، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه.
173- حدثنا قتيبة حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن أبي يعفور عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني: "أن رجلا قال لابن مسعود: أي العمل أفضل؟ قال سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
- "الصلاة على مواقيتها قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: وبر الوالدين. قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: والجهاد في سبيل الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى المسعودي وشعبة وسليمان هو أبو إسحق الشيباني وغير واحد عن الوليد بن العيزار: هذا الحديث.
174- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن خالد بن بزيد عن سعيد ابن أبي هلال عن إسحق بن عمر عن عائشة قالت:
- "ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، غريب، وليس إسناده بمتصل.
قال الشافعي: والوقت الأول من الصلاة أفضل. ومما يدل على فضل أول الوقت على آخره: اختيار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يختارون إلا ما هو أفضل ولم يكونوا يدعون الفضل، وكانوا يصلون في أول الوقت.
قال: حدثنا بذلك أبو الوليد المكي عن الشافعي.
128- باب ما جاء في السهو عن وقت صلاة العصر
175- حدثنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
وفي الباب عن بريدة، ونوفل بن معاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وقد روى الزهري أيضا عن سالم عن أبيه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
129- باب ما جاء في تعجيل الصلاة إذا أخرها الإمام
176- حدثنا محمد بن موسى البصري حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "يا أبا ذر أمراء يكونون بعدي يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك".
وفي الباب عن عبد الله بن الصامت.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن.
وهو قول غير واحد من أهل العلم: يستحبون أن يصلي الرجل الصلاة لميقاتها إذا أخرها الإمام، والصلاة الأولى هي المكتوبة عند أكثر أهل العلم. وأبو عمران الجوني اسمه "عبد الملك بن حبيب".
113- باب ما جاء في مواقيت الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
149- حدثنا هناد بن السري حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم، وهو ابن عباد بن حنيف، أخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال أخبرني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشرك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله، لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة، وبريدة وأبي موسى، وأبي مسعود الأنصاري وأبي سعيد، وجابر، وعمرو بن حزم، والبراء، وأنس.
150- أخبرني أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حسين بن علي بن حسين أخبرني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمني جبريل" فذكر نحو حديث ابن عباس بمعناه، ولم يذكر فيه "لوقت العصر بالأمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وقال محمد: أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وحديث جابر في المواقيت قد رواه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وأبو الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث وهب بن كيسان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
114- باب منه
151- حدثنا هناد حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس وآخر وقت حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت صلاة العصر حين يدخل وقتها، وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس".
قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت: أصح من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، وحديث محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فضيل.
حدثنا هناد حدثنا أبو أسامة عن أبي إسحق الفزاري عن الأعمش عن مجاهد قال: كان يقال: إن للصلاة أولا وآخرا، فذكر نحو حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، نحوه بمعناه.
115- باب منه
152- حدثنا أحمد بن منيع والحسن بن الصباح البزار وأحمد بن محمد بن موسى، المعنى واحد، قالوا: حدثنا إسحق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال:
- "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله عن مواقيت الصلاة فقال: أقم معنا إن شاء الله، فأمر بلالا فأقام حين طلع الفجر، ثم أمره فأقام حين زالت الشمش فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر والشمس بيضاء مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس، ثم أمره بالعشاء فأقام حين غاب الشفق، ثم أمره من الغد فنور بالفجر، ثم أمره بالظهر فأبرد وأنعم أن يبرد، ثم أمره بالعصر فأقام والشمس آخر وقتها فوق ما كانت، ثم أمره فأخر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشفق، ثم أمره بالعشاء فأقام حين ذهب ثلث الليل. ثم قال: أين السائل عن مواقيت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا، فقال: مواقيت الصلاة كما بين هذين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح.
قال: وقد رواه شعبة عن علقمة بن مرثد أيضا.
116- باب ما جاء في التغليس بالفجر
153- حدثنا قتيبة عن مالك بن أنس قال: وحدثنا الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت:
- "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء قال الأنصاري: فيمر النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس". وقال قتيبة: "متلفعات".
قال: وفي الباب عن ابن عمر، وأنس، وقيلة بنت مخرمة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وقد رواه الزهري عن عروة عن عائشة نحوه.
وهو الذي اختاره غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو بكر، وعمر، ومن بعدهم من التابعين.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق: يستحبون التغليس بصلاة الفجر.
117- باب ما جاء في الإسفار بالفجر
154- حدثنا هناد حدثنا عبدة هو ابن سليمان عن محمد بن إسحق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر".
قال: وقد روى شعبة والثوري هذا الحديث عن محمد بن إسحق.
قال: ورواه محمد بن عجلان أيضا عن عاصم بن عمر بن قتادة.
قال: وفي الباب عن أبي برزة الأسلمي وجابر، وبلال.
قال أبو عيسى: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح.
وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفار بصلاة الفجر.
وبه يقول سفيان الثوري.
وقال الشافعي وأحمد وإسحق: معنى الإسفار: أن يضح الفجر فلا يشك فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة.
118- باب ما جاء في التعجيل بالظهر
155- حدثنا هناد بن السري حدثنا وكيع عن سفيان عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
- "ما رأيت أحدا أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا من أبي بكر، ولا من عمر".
قال: وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وخباب، وأبي برزة، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وجابر بن سمرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن.
وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل حديثه الذي روى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "من سأل الناس وله ما يغنيه".
قال يحيى: وروى له سفيان وزائدة، ولم ير يحيى بحديثه بأسا.
قال محمد: وقد روي عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل الظهر.
156- حدثنا الحسن بن علي الحلواني أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين زالت الشمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح. وهو أحسن حديث في هذا الباب وفي الباب عن جابر.
119- باب ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر
157- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وأبي ذر، وابن عمر، والمغيرة، والقاسم بن صفوان عن أبيه وأبي موسى، وابن عباس وأنس.
قال: وروي عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد اختار قوم من أهل العلم تأخير صلاة الظهر في شدة الحر.
وهو قول ابن المبارك وأحمد، وإسحق.
قال الشافعي: إنما الإبراد بصلاة الظهر إذا كان مسجدا ينتاب أهله من البعد فأما المصلي وحده والذي يصلي في مسجد قومه فالذي أحب له أن لا يؤخر الصلاة في شدة الحر.
قال أبو عيسى: ومعنى من ذهب إلى تأخير الظهر في شدة الحر هو أولى وأشبه بالإتباع.
وأما ما ذهب إليه الشافعي أن الرخصة لمن ينتاب من البعد وللمشقة على الناس: فإن في حديث أبي ذر ما يدل على خلاف ما قال الشافعي.
قال أبو ذر:
- "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأذن بلال بصلاة الظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بلال أبرد ثم أبرد".
فلو كان الأمر على ما ذهب إليه الشافعي: لم يكن للإبراد في ذلك الوقت معنى، لاجتماعهم في السفر، وكانوا لا يحتاجون أن ينتابوا من البعد.
158- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي قال: أنبأنا شعبة عن مهاجر أبي الحسن عن زيد بن وهب عن أبي ذر:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه بلال، فأراد أن يقيم، فقال: أبرد، ثم أراد أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبرد في الظهر، قال: حتى رأينا فيء التلول، ثم أقام فصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا عن الصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.
120- باب ما جاء في تعجيل العصر
159- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء من حجرتها".
قال: وفي الباب عن أنس، وأبي أروى، وجابر، ورافع بن خديج، قال: ويروى عن رافع أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وأنس، وغير واحد من التابعين: تعجيل صلاة العصر، وكرهوا تأخيرها.
وبه يقول عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحق.
160- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن
- "أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد، فقال: قوموا فصلوا العصر، قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
121- باب ما جاء في تأخير صلاة العصر
161- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أنها قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه".
قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة نحوه.
162- ووجدت في كتابي: أخبرني علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج.
163- وحدثنا بشر بن معاذ البصري قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن جريج بهذا الإسناد نحوه وهذا أصح.
122- باب ما جاء ما جاء في وقت المغرب
164- حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا غربت الشمش وتوارت بالحجاب".
قال: وفي الباب عن جابر، والصنابحي، وزيد بن خالد، وأنس، ورافع بن خديج، وأبي أيوب، وأم حبيبة، وعباس بن عبد المطلب وابن عباس.
وحديث العباس قد روي موقوفا عنه، وهو أصح.
والصنابحي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم: وهو صاحب أبي بكر رضي الله عنه.
قال أبو عيسى: حديث سلمة بن الأكوع حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين: اختاروا تعجيل صلاة المغرب، وكرهوا تأخيرها، حتى قال بعض أهل العلم: ليس لصلاة المغرب إلا وقت واحد، وذهبوا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى به جبريل.
وهو قول ابن المبارك والشافعي.
123- باب ما جاء في وقت صلاة العشاء الآخرة
165- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال:
- "أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة".
166- حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن أبي عوانة، بهذا الإسناد نحوه.
قال أبو عيسى: روى هذا الحديث هشيم عن أبي بشر عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير. ولم يذكر فيه هشيم "عن بشير بن ثابت".
وحديث أبي عوانة أصح عندنا، لأن يزيد بن هارون روى عن شعبة عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة.
124- باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة
167- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه".
قال: وفي الباب عن جابر بن سمرة، وجابر بن عبد الله، وأبي برزة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن خالد، وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم: رأوا تأخير صلاة العشاء الآخرة.
وبه يقول أحمد وإسحق.
125- باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسمر بعدها
168- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا عوف.
قال أحمد: وحدثنا عباد بن عباد هو المهلبي وإسماعيل بن علية: جميعا عن عوف عن سيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي عن أبي برزة قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم: يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها".
قال وفي الباب عن عائشة، وعبد الله بن مسعود، وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي برزة حديث حسن صحيح.
وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها ورخص في ذلك بعضهم.
وقال عبد الله بن المبارك: أكثر الأحاديث على الكراهية.
ورخص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان.
وسيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي.
126- باب ما جاء من الرخصة في السمر بعد العشاء
169- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عمر بن الخطاب قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين وأنا معهما".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وأوس بن حذيفة، وعمران بن حصين. قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن.
وقد روى هذا الحديث الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن رجل من جعفي يقال له "قيس" أو "ابن قبس" عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: هذا الحديث في قصة طويلة.
وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم في السمر بعد صلاة العشاء الآخرة: فكره قوم منهم السمر بعد صلاة العشاء، ورخص بعضهم إذا كان في معنى العلم وما لا بد منه من الحوائج. وأكثر الحديث على الرخصة.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا سمر إلا لمصل أو مسافر".
127- باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل
170- حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة، وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
- "سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن.
171- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال: وفي الباب عن علي، وابن عمر، وعائشة، وابن مسعود.
172- حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
- "يا علي: ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا".
قال أبو عيسى: حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث. واضطربوا عنه في هذا الحديث وهو صدوق، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه.
173- حدثنا قتيبة حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن أبي يعفور عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني: "أن رجلا قال لابن مسعود: أي العمل أفضل؟ قال سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
- "الصلاة على مواقيتها قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: وبر الوالدين. قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: والجهاد في سبيل الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى المسعودي وشعبة وسليمان هو أبو إسحق الشيباني وغير واحد عن الوليد بن العيزار: هذا الحديث.
174- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن خالد بن بزيد عن سعيد ابن أبي هلال عن إسحق بن عمر عن عائشة قالت:
- "ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، غريب، وليس إسناده بمتصل.
قال الشافعي: والوقت الأول من الصلاة أفضل. ومما يدل على فضل أول الوقت على آخره: اختيار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يختارون إلا ما هو أفضل ولم يكونوا يدعون الفضل، وكانوا يصلون في أول الوقت.
قال: حدثنا بذلك أبو الوليد المكي عن الشافعي.
128- باب ما جاء في السهو عن وقت صلاة العصر
175- حدثنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
وفي الباب عن بريدة، ونوفل بن معاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وقد روى الزهري أيضا عن سالم عن أبيه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
129- باب ما جاء في تعجيل الصلاة إذا أخرها الإمام
176- حدثنا محمد بن موسى البصري حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "يا أبا ذر أمراء يكونون بعدي يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك".
وفي الباب عن عبد الله بن الصامت.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن.
وهو قول غير واحد من أهل العلم: يستحبون أن يصلي الرجل الصلاة لميقاتها إذا أخرها الإمام، والصلاة الأولى هي المكتوبة عند أكثر أهل العلم. وأبو عمران الجوني اسمه "عبد الملك بن حبيب".
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
- باب ما جاء في النوم عن الصلاة
177- حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة قال:
- "ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة فقال: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي مريم، وعمران بن حصين، وجبير بن مطعم، وأبي جحيفة، وأبي سعيد، وعمرو بن أمية الضمري وذي مخبر ويقال: ذي مخمر وهو ابن أخي النجاشي.
قال أبو عيسى: وحديث أبي قتادة حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ أو يذكر وهو في غير وقت صلاة، عند طلوع الشمس أو عند غروبها.
فقال بعضهم: يصليها إذا استيقظ أو ذكر، وإن كان عند طلوع الشمس أو عند غروبها. وهو قول أحمد، وإسحق، والشافعي، ومالك. وقال بعضهم: لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب.
131- باب ما جاء الرجل ينسى الصلاة
187- حدثنا قتيبة وبشر بن معاذ قالا: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن سمرة، وأبي قتادة.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
ويروى عن علي بن أبي طالب: أنه قال في الرجل ينسى الصلاة قال: يصليها متى ذكرها في وقت أو في غير وقت. وهو قول الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحق.
ويروى عن أبي بكرة: أنه نام عن صلاة العصر، فاستيقظ عند غروب الشمس، فلم يصل حتى غربت الشمس.
وقد ذهب قوم من أهل الكوفة إلى هذا.
وأما أصحابنا فذهبوا إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
132- باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ
179- حدثنا هناد حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: قال عبد الله بن مسعود:
- "إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالا فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وجابر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم في الفوائت: أن يقيم الرجل لكل صلاة إذا قضاها. وإن لم يقم أجزأه. وهو قول الشافعي.
180- وحدثنا محمد بن بشار بندار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله:
- "أن عمر بن الخطاب قال يوم الخندق، وجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله؟ ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إن صليتها قال: فنزلنا بطحان، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما غربت الشمش ثم صلى بعدها المغرب".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
133- باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر وقد قيل: إنها الظهر
181- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي وأبو النضر عن محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
182- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر".
قال: وفي الباب عن علي وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعائشة، وحفصة، وأبي هريرة، وأبي هاشم بن عتبة.
قال أبو عيسى: قال محمد: قال علي بن عبد الله حديث الحسن عن سمرة بن جندب حديث صحيح، وقد سمع منه.
قال أبو عيسى: حديث سمرة في صلاة الوسطى حديث حسن.
وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وقال زيد بن ثابت وعائشة صلاة الوسطى صلاة الظهر.
وقال ابن عباس وابن عمر. صلاة الصبح.
حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته، فقال سمعته من سمرة بن جندب.
قال أبو عيسى: وأخبرني محمد بن إسماعيل حدثنا علي بن عبد الله بن المديني عن قريش بن أنس بهذا الحديث.
قال محمد: قال علي: وسماع الحسن من سمرة صحيح. واحتج بهذا الحديث.
134- باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر
183- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا منصور، وهو ابن زاذان عن قتادة قال: أخبرنا أبو العالية عن ابن عباس قال: سمعت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: منهم عمر بن الخطاب، وكان من أحبهم إلي:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
قال: وفي الباب عن علي، وابن مسعود، وعقبة بن عامر، وأبي هريرة، وابن عمر، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن عمرو، ومعاذ بن عفراء، الصنابحي. ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن ثابت، وعائشة، وكعب بن مرة، وأبي أمامة، وعمرو بن عبسة، ويعلى بن أمية، ومعاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس عن عمر حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أنهم كرهوا الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس. وأما الصلوات الفوائت فلا بأس أن تقضى بعد العصر وبعد الصبح.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء: حديث عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس"، وحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى"، وحديث علي: "القضاة ثلاثة".
135- باب ما جاء في الصلاة بعد العصر
184- حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم لم يعدلهما".
وفي الباب عن عائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأبي موسى.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.
وقد روى غير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه صلى بعد العصر ركعتين".
وهذا خلاف ما روي عنه: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
وحديث ابن عباس أصح حيث قال: "لم يعد لهما".
وقد روي عن زيد بن ثابت نحو حديث ابن عباس.
وقد روي عن عائشة في هذا الباب روايات:
روي عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل عليها بعد العصر إلا صلى ركعتين".
وروي عنها عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس".
والذي اجتمع عليه أكثر أهل العلم: على كراهية الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، إلا ما استثني من ذلك، مثل الصلاة بمكة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس بعد الطواف، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك.
وقد قال به قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم الصلاة بمكة أيضا بعد العصر وبعد الصبح.
وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس، وبعض أهل الكوفة.
136- باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب
185- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "بين كل آذانين صلاة لمن شاء".
وفي الباب عن عبد الله بن الزبير.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قبل المغرب فلم ير بعضهم الصلاة قبل المغرب.
وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين، بين الأذان والإقامة.
وقال أحمد وإسحق: إن صلاهما فحسن. وهذا عندهما على الاستحباب.
137- باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل تغرب الشمس
186- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وبه يقول أصحابنا والشافعي، وأحمد، وإسحق.
ومعنى هذا الحديث عندهم لصاحب العذر، مثل الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ ويذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها.
138- باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر
187- حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر.
قال: فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".
وفي الباب عن أبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس قد روي عنه من غير وجه: رواه جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعبد الله بن شقيق العقيلي.
وقد روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا:
188- حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر".
قال أبو عيسى: وحنش هذا هو: "أبو علي الرحبي" وهو "حسين بن قيس" وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره.
والعمل على هذا عند أهل العلم: أن لا يجمع بين الصلاتين إلا في السفر أو بعرفة.
ورخص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقال بعض أهل العلم: يجمع بين الصلاتين في المطر.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
ولم ير الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين.
139- باب ما جاء في بدء الأذان
189- حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال:
- "لما أصبحنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بالرؤيا، فقال: إن هذه لرؤيا حق، فقم مع بلال، فإنه أندى وأمد صوتا منك، فألق عليه ما قيل لك، وليناد بذلك، قال فلما سمع عمر بن الخطاب نداء بلال بالصلاة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يجر إزاره، وهو يقول: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي قال، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد، فذلك أثبت".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح.
وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحق أتم من هذا الحديث وأطول، وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة.
وعبد الله بن زيد هو ابن عبد، ويقال ابن عبد عبد ربه.
ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان.
وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني له أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عم عباد بن تميم.
190- حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرنا نافع عن ابن عمر قال:
- "كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: اتخذوا قرنا مثل قرن اليهود، قال: فقال عمر بن الخطاب: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ ! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال قم فناد بالصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، غريب من حديث ابن عمر.
140- باب ما جاء في الترجيع في الأذان
191- حدثنا بشر بن معاد البصري حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: أخبرني أبي وجدي جميعا عن أبي محذورة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده وألقى عليه الأذان حرفا حرفا. قال إبراهيم: مثل أذاننا. قال بشر. فقلت له: أعد علي فوصف الأذان بالترجيع".
قال أبو عيسى: حديث أبي محذورة في الأذان حديث صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
وعليه العمل بمكة، وهو قول الشافعي.
192- حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا عفان حدثنا همام عن عامر بن عبد الواحد الأحول عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو محذورة اسمه "سمرة بن معير".
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا في الأذان.
وقد روي عن أبي محذورة أنه كان يفرد الإقامة.
141- باب ما جاء في إفراد الإقامة
193- حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال:
- "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة". وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وهو قول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين. وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحق.
142- باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى
194- حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عقبة بن خالد عن ابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال:
- "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا: في الأذان والإقامة".
قال أبو عيسى: حديث عبد الإله بن زيد رواه وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وهذا أصح من حديث ابن أبي ليلى.
وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد.
وقال بعض أهل العلم: الأذان مثنى مثنى، والإقامة مثنى مثنى.
قال أبو عيسى: ابن أبي ليلى هو: "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى" كان قاضي الكوفة، ولم يسمع من أبيه شيئا، إلا أنه يروي عن رجل عن أبيه.
وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأهل الكوفة.
143- باب ما جاء في الترسل في الأذان
195- حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا المعلى بن أسد حدثنا عبد المنعم هو صاحب السقاء، قال: حدثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال:
- "يا بلال، إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحذر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني".
196- حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد عن عبد المنعم نحوه.
قال أبو عيسى: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم: وهو إسناد مجهول.
وعبد المنعم شيخ بصري.
144- باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان
197- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:
- "رأيت بلالا يؤذن ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في أذنيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له حمراء، أراه قال: من أدم، فخرج بلال بين يديه بالعنزة فركزها بالبطحاء، فصلى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بين يديه الكلب والحمار، وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه، قال سفيان: نراه حبرة".
قال أبو عيسى: حديث أبي جحيفة حديث حسن صحيح.
وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان.
وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضا، يدخل إصبعيه في أذنيه وهو قول ألأوزاعي.
وأبو جحيفة اسمه "وهب بن عبد الله السوائي".
145- باب ما جاء في التثويب في الفجر
198- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لاتثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر". قال: وفي الباب عن أبي محذورة.
قال أبو عيسى: حديث بلال لا نعرفه إلا من حديث أبي إسرائيل الملائي.
وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة قال: إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة.
وأبو إسرائيل اسمه "إسماعيل بن أبي إسحق". وليس هو بذاك القوي عند أهل الحديث.
وقد اختلف أهل العلم في تفسير التثويب.
قال بعضهم: التثويب أن يقول في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم". وهو قول ابن المبارك وأحمد.
وقال إسحق في التثويب غير هذا، قال: التثويب المكروه هو شيء أحدثه الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال بين الأذان والإقامة: "قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح".
قال: وهذا الذي قال إسحق: هو التثويب الذي قد كرهه أهل العلم، والذي أحدثوه بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
والذي فسر ابن المبارك وأحمد: أن التثويب أن يقول المؤذن في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم".
وهو قول صحيح، ويقال له "التثويب أيضا".
وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه.
وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في صلاة الفجر "الصلاة خير من النوم".
وروي عن مجاهد قال: دخلت مع عبد الله بن عمر مسجدا وقد أذن فيه، ونحن نريد أن نصلي فيه، فثوب المؤذن، فخرج عبد الله بن عمر من المسجد وقال: اخرج بنا من عند هذا المبتدع! ولم يصل فيه.
قال وإنما كره عبد الله التثويب الذي أحدثه الناس بعد.
146- باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم
199- حدثنا هناد حدثنا عبدة ويعلى بن عبيد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي قال:
- "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوذن في صلاة الفجر، فأذنت، فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخا صداء قد أذن فهو يقيم".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي.
والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي.
قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: أن من أذن فهو يقيم.
147- باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء
200- حدثنا علي بن حجر حدثنا الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا يؤذن إلا متوضىء".
201- حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الله بن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: قال أبو هريرة: لا ينادي بالصلاة إلا متوضىء.
قال أبو عيسى: وهذا أصح من الحديث الأول.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة لم يرفعه ابن وهب، وهو أصح من حديث الوليد بن مسلم.
والزهري لم يسمع من أبي هريرة.
واختلف أهل العلم في الأذان على غير وضوء:
فكرهه بعض أهل العلم، وبه يقول الشافعي، وإسحق.
ورخص في ذلك بعض أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد.
148- باب ما جاء في أن الإمام أحق بالإقامة
202- حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا إسرائيل أخبرني سماك بن حرب سمع جابر بن سمرة يقول: كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمهل فلا يقيم، حتى إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة حين يراه.
قال أبو عيسى: حديث جابر بن سمرة هو حديث حسن صحيح.
وحديث إسرائيل عن سماك لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وهكذا قال بعض أهل العلم: إن المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة.
149- باب ما جاء في الأذان في الليل
203- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود، وعائشة، وأنيسة، وأنس، وأبي ذر، وسمرة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل:
فقال بعض أهل العلم: إذا أذن المؤذن بالليل أجزأه ولا يعيد وهو قول مالك، وابن المبارك، وأحمد، وإسحق.
وقال بعض أهل العلم: إذا أذن بليل أعاد. وبه يقول سفيان الثوري.
وروى حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر:
- "أن بلالا أذن بليل، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي إن العبد نام".
قال أبو عيسى: هذا حديث غير محفوظ.
والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم".
قال: وروى عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع: أن مؤذنا لعمر أذن بليل، فأمره عمر أن يعيد الأذان.
وهذا لا يصح أيضا، لأنه عن نافع عن عمر: منقطع.
ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث.
والصحيح رواية عبيد الله وغير واحد عن نافع عن ابن عمر، والزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن بلالا يؤذن بليل".
قال أبو عيسى: ولو كان حديث حماد صحيحا لم يكن لهذا الحديث معنى، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إن بلالا يؤذن بليل".
فإنما أمرهم فيما يستقبل، قال: "إن بلالا يؤذن بليل" ولو أنه أمره بإعادة الأذان حين أذن قبل طلوع الفجر. لم يقل: "إن بلالا يؤذن بليل".
قال علي بن المديني: حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: غير محفوظ، وأخطأ فيه حماد بن سلمة.
150- باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان
204- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء قال:
- "خرج رجل من المسجد بعد ما أذن فيه بالعصر، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عثمان.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر: أن يكون على غير وضوء، أو أمر لا بد منه.
ويروى عن إبراهيم النخعي أنه قال: يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة.
قال أبو عيسى: وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه.
وأبو الشعثاء اسمه "سليم بن أسود" وهو والد أشعث بن أبي الشعثاء.
وقد روى أشعث بن أبي الشعثاء هذا الحديث عن أبيه.
151- باب ما جاء في الأذان في السفر
205- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال:
- "قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي، فقال لنا: إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم: اختاروا الأذان في السفر.
وقال بعضهم: تجزئ الإقامة، إنما الأذان على من يريد أن يجمع الناس.
والقول الأول أصح. وبه يقول أحمد، وإسحق.
152- باب ما جاء في فضل الأذان
206- حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا أبو تميلة حدثنا أبو حمزة عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من أذن سبع سنين محتسبا كتبت له براءة من النار".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود، وثوبان، ومعاوية، وأنس، وأبي هريرة، وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث غريب.
وأبو تميلة اسمه "يحيى بن واضح".
وأبو حمزة السكري اسمه "محمد بن ميمون".
وجابر بن يزيد الجعفي ضعفوه، تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي.
قال أبو عيسى: سمعت جارود يقول: سمعت وكيعا يقول: لولا جابر الجعفي لكان أهل الكوفة بغير حديث، ولولا حماد لكان أهل الكوفة بغير فقه.
153- باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن
207- حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عائشة، وسهل بن سعد، وعقبة بن عامر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة رواه سفيان الثوري وحفص بن غياث، وغير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى أسباط بن محمد عن الأعمش قال: حدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى نافع بن سليمان عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.
قال أبو عيسى: وسمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي صالح عن أبي هريرة أصح من حديث أبي صالح عن عائشة.
قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث أبي صالح عن عائشة أصح، وذكر عن علي بن المديني أنه لم يثبت حديث أبي صالح عن أبي هريرة، ولا حديث أبي صالح عن عائشة في هذا.
154- باب ما جاء في ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن
177- حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة قال:
- "ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة فقال: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي مريم، وعمران بن حصين، وجبير بن مطعم، وأبي جحيفة، وأبي سعيد، وعمرو بن أمية الضمري وذي مخبر ويقال: ذي مخمر وهو ابن أخي النجاشي.
قال أبو عيسى: وحديث أبي قتادة حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ أو يذكر وهو في غير وقت صلاة، عند طلوع الشمس أو عند غروبها.
فقال بعضهم: يصليها إذا استيقظ أو ذكر، وإن كان عند طلوع الشمس أو عند غروبها. وهو قول أحمد، وإسحق، والشافعي، ومالك. وقال بعضهم: لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب.
131- باب ما جاء الرجل ينسى الصلاة
187- حدثنا قتيبة وبشر بن معاذ قالا: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن سمرة، وأبي قتادة.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
ويروى عن علي بن أبي طالب: أنه قال في الرجل ينسى الصلاة قال: يصليها متى ذكرها في وقت أو في غير وقت. وهو قول الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحق.
ويروى عن أبي بكرة: أنه نام عن صلاة العصر، فاستيقظ عند غروب الشمس، فلم يصل حتى غربت الشمس.
وقد ذهب قوم من أهل الكوفة إلى هذا.
وأما أصحابنا فذهبوا إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
132- باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ
179- حدثنا هناد حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: قال عبد الله بن مسعود:
- "إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالا فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وجابر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم في الفوائت: أن يقيم الرجل لكل صلاة إذا قضاها. وإن لم يقم أجزأه. وهو قول الشافعي.
180- وحدثنا محمد بن بشار بندار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله:
- "أن عمر بن الخطاب قال يوم الخندق، وجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله؟ ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إن صليتها قال: فنزلنا بطحان، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما غربت الشمش ثم صلى بعدها المغرب".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
133- باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر وقد قيل: إنها الظهر
181- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي وأبو النضر عن محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
182- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر".
قال: وفي الباب عن علي وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعائشة، وحفصة، وأبي هريرة، وأبي هاشم بن عتبة.
قال أبو عيسى: قال محمد: قال علي بن عبد الله حديث الحسن عن سمرة بن جندب حديث صحيح، وقد سمع منه.
قال أبو عيسى: حديث سمرة في صلاة الوسطى حديث حسن.
وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وقال زيد بن ثابت وعائشة صلاة الوسطى صلاة الظهر.
وقال ابن عباس وابن عمر. صلاة الصبح.
حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته، فقال سمعته من سمرة بن جندب.
قال أبو عيسى: وأخبرني محمد بن إسماعيل حدثنا علي بن عبد الله بن المديني عن قريش بن أنس بهذا الحديث.
قال محمد: قال علي: وسماع الحسن من سمرة صحيح. واحتج بهذا الحديث.
134- باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر
183- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا منصور، وهو ابن زاذان عن قتادة قال: أخبرنا أبو العالية عن ابن عباس قال: سمعت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: منهم عمر بن الخطاب، وكان من أحبهم إلي:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
قال: وفي الباب عن علي، وابن مسعود، وعقبة بن عامر، وأبي هريرة، وابن عمر، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن عمرو، ومعاذ بن عفراء، الصنابحي. ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن ثابت، وعائشة، وكعب بن مرة، وأبي أمامة، وعمرو بن عبسة، ويعلى بن أمية، ومعاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس عن عمر حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أنهم كرهوا الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس. وأما الصلوات الفوائت فلا بأس أن تقضى بعد العصر وبعد الصبح.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء: حديث عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس"، وحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى"، وحديث علي: "القضاة ثلاثة".
135- باب ما جاء في الصلاة بعد العصر
184- حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم لم يعدلهما".
وفي الباب عن عائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأبي موسى.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.
وقد روى غير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه صلى بعد العصر ركعتين".
وهذا خلاف ما روي عنه: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
وحديث ابن عباس أصح حيث قال: "لم يعد لهما".
وقد روي عن زيد بن ثابت نحو حديث ابن عباس.
وقد روي عن عائشة في هذا الباب روايات:
روي عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل عليها بعد العصر إلا صلى ركعتين".
وروي عنها عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس".
والذي اجتمع عليه أكثر أهل العلم: على كراهية الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، إلا ما استثني من ذلك، مثل الصلاة بمكة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس بعد الطواف، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك.
وقد قال به قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم الصلاة بمكة أيضا بعد العصر وبعد الصبح.
وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس، وبعض أهل الكوفة.
136- باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب
185- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "بين كل آذانين صلاة لمن شاء".
وفي الباب عن عبد الله بن الزبير.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قبل المغرب فلم ير بعضهم الصلاة قبل المغرب.
وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين، بين الأذان والإقامة.
وقال أحمد وإسحق: إن صلاهما فحسن. وهذا عندهما على الاستحباب.
137- باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل تغرب الشمس
186- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وبه يقول أصحابنا والشافعي، وأحمد، وإسحق.
ومعنى هذا الحديث عندهم لصاحب العذر، مثل الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ ويذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها.
138- باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر
187- حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر.
قال: فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".
وفي الباب عن أبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس قد روي عنه من غير وجه: رواه جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعبد الله بن شقيق العقيلي.
وقد روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا:
188- حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر".
قال أبو عيسى: وحنش هذا هو: "أبو علي الرحبي" وهو "حسين بن قيس" وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره.
والعمل على هذا عند أهل العلم: أن لا يجمع بين الصلاتين إلا في السفر أو بعرفة.
ورخص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقال بعض أهل العلم: يجمع بين الصلاتين في المطر.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
ولم ير الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين.
139- باب ما جاء في بدء الأذان
189- حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال:
- "لما أصبحنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بالرؤيا، فقال: إن هذه لرؤيا حق، فقم مع بلال، فإنه أندى وأمد صوتا منك، فألق عليه ما قيل لك، وليناد بذلك، قال فلما سمع عمر بن الخطاب نداء بلال بالصلاة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يجر إزاره، وهو يقول: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي قال، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد، فذلك أثبت".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح.
وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحق أتم من هذا الحديث وأطول، وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة.
وعبد الله بن زيد هو ابن عبد، ويقال ابن عبد عبد ربه.
ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان.
وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني له أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عم عباد بن تميم.
190- حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرنا نافع عن ابن عمر قال:
- "كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: اتخذوا قرنا مثل قرن اليهود، قال: فقال عمر بن الخطاب: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ ! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال قم فناد بالصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، غريب من حديث ابن عمر.
140- باب ما جاء في الترجيع في الأذان
191- حدثنا بشر بن معاد البصري حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: أخبرني أبي وجدي جميعا عن أبي محذورة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده وألقى عليه الأذان حرفا حرفا. قال إبراهيم: مثل أذاننا. قال بشر. فقلت له: أعد علي فوصف الأذان بالترجيع".
قال أبو عيسى: حديث أبي محذورة في الأذان حديث صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
وعليه العمل بمكة، وهو قول الشافعي.
192- حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا عفان حدثنا همام عن عامر بن عبد الواحد الأحول عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو محذورة اسمه "سمرة بن معير".
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا في الأذان.
وقد روي عن أبي محذورة أنه كان يفرد الإقامة.
141- باب ما جاء في إفراد الإقامة
193- حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال:
- "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة". وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وهو قول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين. وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحق.
142- باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى
194- حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عقبة بن خالد عن ابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال:
- "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا: في الأذان والإقامة".
قال أبو عيسى: حديث عبد الإله بن زيد رواه وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وهذا أصح من حديث ابن أبي ليلى.
وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد.
وقال بعض أهل العلم: الأذان مثنى مثنى، والإقامة مثنى مثنى.
قال أبو عيسى: ابن أبي ليلى هو: "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى" كان قاضي الكوفة، ولم يسمع من أبيه شيئا، إلا أنه يروي عن رجل عن أبيه.
وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأهل الكوفة.
143- باب ما جاء في الترسل في الأذان
195- حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا المعلى بن أسد حدثنا عبد المنعم هو صاحب السقاء، قال: حدثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال:
- "يا بلال، إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحذر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني".
196- حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد عن عبد المنعم نحوه.
قال أبو عيسى: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم: وهو إسناد مجهول.
وعبد المنعم شيخ بصري.
144- باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان
197- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:
- "رأيت بلالا يؤذن ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في أذنيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له حمراء، أراه قال: من أدم، فخرج بلال بين يديه بالعنزة فركزها بالبطحاء، فصلى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بين يديه الكلب والحمار، وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه، قال سفيان: نراه حبرة".
قال أبو عيسى: حديث أبي جحيفة حديث حسن صحيح.
وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان.
وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضا، يدخل إصبعيه في أذنيه وهو قول ألأوزاعي.
وأبو جحيفة اسمه "وهب بن عبد الله السوائي".
145- باب ما جاء في التثويب في الفجر
198- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لاتثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر". قال: وفي الباب عن أبي محذورة.
قال أبو عيسى: حديث بلال لا نعرفه إلا من حديث أبي إسرائيل الملائي.
وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة قال: إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة.
وأبو إسرائيل اسمه "إسماعيل بن أبي إسحق". وليس هو بذاك القوي عند أهل الحديث.
وقد اختلف أهل العلم في تفسير التثويب.
قال بعضهم: التثويب أن يقول في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم". وهو قول ابن المبارك وأحمد.
وقال إسحق في التثويب غير هذا، قال: التثويب المكروه هو شيء أحدثه الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال بين الأذان والإقامة: "قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح".
قال: وهذا الذي قال إسحق: هو التثويب الذي قد كرهه أهل العلم، والذي أحدثوه بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
والذي فسر ابن المبارك وأحمد: أن التثويب أن يقول المؤذن في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم".
وهو قول صحيح، ويقال له "التثويب أيضا".
وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه.
وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في صلاة الفجر "الصلاة خير من النوم".
وروي عن مجاهد قال: دخلت مع عبد الله بن عمر مسجدا وقد أذن فيه، ونحن نريد أن نصلي فيه، فثوب المؤذن، فخرج عبد الله بن عمر من المسجد وقال: اخرج بنا من عند هذا المبتدع! ولم يصل فيه.
قال وإنما كره عبد الله التثويب الذي أحدثه الناس بعد.
146- باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم
199- حدثنا هناد حدثنا عبدة ويعلى بن عبيد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي قال:
- "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوذن في صلاة الفجر، فأذنت، فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخا صداء قد أذن فهو يقيم".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي.
والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي.
قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: أن من أذن فهو يقيم.
147- باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء
200- حدثنا علي بن حجر حدثنا الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا يؤذن إلا متوضىء".
201- حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الله بن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: قال أبو هريرة: لا ينادي بالصلاة إلا متوضىء.
قال أبو عيسى: وهذا أصح من الحديث الأول.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة لم يرفعه ابن وهب، وهو أصح من حديث الوليد بن مسلم.
والزهري لم يسمع من أبي هريرة.
واختلف أهل العلم في الأذان على غير وضوء:
فكرهه بعض أهل العلم، وبه يقول الشافعي، وإسحق.
ورخص في ذلك بعض أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد.
148- باب ما جاء في أن الإمام أحق بالإقامة
202- حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا إسرائيل أخبرني سماك بن حرب سمع جابر بن سمرة يقول: كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمهل فلا يقيم، حتى إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة حين يراه.
قال أبو عيسى: حديث جابر بن سمرة هو حديث حسن صحيح.
وحديث إسرائيل عن سماك لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وهكذا قال بعض أهل العلم: إن المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة.
149- باب ما جاء في الأذان في الليل
203- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود، وعائشة، وأنيسة، وأنس، وأبي ذر، وسمرة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل:
فقال بعض أهل العلم: إذا أذن المؤذن بالليل أجزأه ولا يعيد وهو قول مالك، وابن المبارك، وأحمد، وإسحق.
وقال بعض أهل العلم: إذا أذن بليل أعاد. وبه يقول سفيان الثوري.
وروى حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر:
- "أن بلالا أذن بليل، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي إن العبد نام".
قال أبو عيسى: هذا حديث غير محفوظ.
والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم".
قال: وروى عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع: أن مؤذنا لعمر أذن بليل، فأمره عمر أن يعيد الأذان.
وهذا لا يصح أيضا، لأنه عن نافع عن عمر: منقطع.
ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث.
والصحيح رواية عبيد الله وغير واحد عن نافع عن ابن عمر، والزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إن بلالا يؤذن بليل".
قال أبو عيسى: ولو كان حديث حماد صحيحا لم يكن لهذا الحديث معنى، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إن بلالا يؤذن بليل".
فإنما أمرهم فيما يستقبل، قال: "إن بلالا يؤذن بليل" ولو أنه أمره بإعادة الأذان حين أذن قبل طلوع الفجر. لم يقل: "إن بلالا يؤذن بليل".
قال علي بن المديني: حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: غير محفوظ، وأخطأ فيه حماد بن سلمة.
150- باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان
204- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء قال:
- "خرج رجل من المسجد بعد ما أذن فيه بالعصر، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عثمان.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر: أن يكون على غير وضوء، أو أمر لا بد منه.
ويروى عن إبراهيم النخعي أنه قال: يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة.
قال أبو عيسى: وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه.
وأبو الشعثاء اسمه "سليم بن أسود" وهو والد أشعث بن أبي الشعثاء.
وقد روى أشعث بن أبي الشعثاء هذا الحديث عن أبيه.
151- باب ما جاء في الأذان في السفر
205- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال:
- "قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي، فقال لنا: إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم: اختاروا الأذان في السفر.
وقال بعضهم: تجزئ الإقامة، إنما الأذان على من يريد أن يجمع الناس.
والقول الأول أصح. وبه يقول أحمد، وإسحق.
152- باب ما جاء في فضل الأذان
206- حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا أبو تميلة حدثنا أبو حمزة عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من أذن سبع سنين محتسبا كتبت له براءة من النار".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود، وثوبان، ومعاوية، وأنس، وأبي هريرة، وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث غريب.
وأبو تميلة اسمه "يحيى بن واضح".
وأبو حمزة السكري اسمه "محمد بن ميمون".
وجابر بن يزيد الجعفي ضعفوه، تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي.
قال أبو عيسى: سمعت جارود يقول: سمعت وكيعا يقول: لولا جابر الجعفي لكان أهل الكوفة بغير حديث، ولولا حماد لكان أهل الكوفة بغير فقه.
153- باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن
207- حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عائشة، وسهل بن سعد، وعقبة بن عامر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة رواه سفيان الثوري وحفص بن غياث، وغير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى أسباط بن محمد عن الأعمش قال: حدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى نافع بن سليمان عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.
قال أبو عيسى: وسمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي صالح عن أبي هريرة أصح من حديث أبي صالح عن عائشة.
قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث أبي صالح عن عائشة أصح، وذكر عن علي بن المديني أنه لم يثبت حديث أبي صالح عن أبي هريرة، ولا حديث أبي صالح عن عائشة في هذا.
154- باب ما جاء في ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
275- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود أخبرنا شعبة عن قتادة. قال: سمعت أنسا يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "اعتدلوا في السجود ولا يبسطن أحدكم ذراعيه في الصلاة بسط الكلب".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
204- باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود
276- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا المعلى بن أسيد أخبرنا وهيب عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين ونصب القدمين".
قال عبد الله: وقال المعلى: أخبرنا حماد بن مسعدة عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين" فذكر نحوه، ولم يذكر فيه "عن أبيه".
قال أبو عيسى: وروى يحيى بن سعد القطان وغير واحد عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين ونصب القدمين" : مرسل.
وهذا أصح من حديث وهيب.
وهو الذي أجمع عليه أهل العلم واختاروه.
205- باب ما جاء في إقامة الصلب إذا رفع رأسه من السجود والركوع
278- حدثنا أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا ابن المبارك أخبرنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال:
- "كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود قريبا من السواء".
قال: وفي الباب عن أنس.
279- حدثنا محمد بن بشار أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن الحكم نحوه.
قال أبو عيسى: حديث البراء حديث حسن صحيح.
206- باب ما جاء في كراهية أن يبادر الإمام في الركوع والسجود
280- حدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا سفيان عن أبي إسحق عن عبد الله عن يزيد قال: حدثنا البراء - وهو غير كذوب - قال:
- "كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه من الركوع لم يحن رجل منا ظهره حتى يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسجد".
قال: وفي الباب عن أنس ومعاوية وابن مسعدة صاحب الجيوش وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث البراء حديث حسن صحيح.
وبه يقول أهل العلم: إن من خلف الإمام إنما يتبعون الإمام فيما يصنع ولا يركعون إلا بعد ركوعه، ولا يرفعون إلا بعد رفعه. ولا نعلم بينهم في ذلك اختلافا.
207- باب ما جاء في كراهية الإقعاء بين السجدتين
281- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا عبيد الله بن موسى أخبرنا إسرائيل بن أبي إسحق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "يا علي، أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تقع بين السجدتين".
قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه من حديث علي، إلا من حديث أبي إسحق عن الحارث عن علي.
وقد ضعف بعض أهل العلم الحارث الأعور.
والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم: يكرهون الإقعاء.
وفي الباب عن عائشة وأنس وأبي هريرة.
208- باب في الرخصة في الإقعاء
282- حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريح قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسا يقول:
- "قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ قال: هي السنة، فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل؟ قال هي سنة نبيكم".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرون بالإقعاء بأسا.
وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه والعلم. وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين السجدتين.
209- باب ما يقول بين السجدتين
283- حدثنا سلمة بن شبيب أخبرنا زيد بن حباب عن كامل أبي العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني".
284- حدثنا الحسن بن علي الخلال أخبرنا يزيد بن هارون عن زيد بن حباب عن كامل أبي العلاء: نحوه.
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب. وهكذا روي عن علي.
وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحق: يرون هذا جائزا في المكتوبة والتطوع. وروى بعضهم هذا الحديث عن كامل أبي العلاء مرسلا.
210- باب ما جاء في الاعتماد على السجود
285 حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن عجلان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
- "اشتكى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مشقة السجود عليهم إذا تفرجوا فقال: استعينوا بالركب".
قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، من حديث الليث عن ابن عجلان. وقد روى هذا الحديث سفيان بن عيينة وغير واحد عن سمي عن النعمان بن أبي عياش عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. وكأن رواية هؤلاء أصح من رواية الليث.
211- باب كيف النهوض من السجود
286- حدثنا علي بن حجر أخبرنا هشيم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث الليثي:
- "أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فكان إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي جالسا".
قال أبو عيسى: حديث مالك بن الحويرث حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند بعض أهل العلم. وبه يقول أصحابنا.
212- باب منه أيضا
287- حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا أبو معاوية، أخبرنا خالد بن إياس.
ويقال خالد بن إلياس، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهض في الصلاة على صدور قدميه".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة عليه العمل عند أهل العلم: يختارون أن ينهض الرجل في الصلاة على صدور قدميه.
وخالد بن إياس ضعيف عند أهل الحديث. ويقال خالد بن إلياس. وصالح مولى التوأمة هو صالح بن أبي صالح. وأبو صالح اسمه نبهان مدني.
213- باب ما جاء في التشهد
288- حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي أخبرنا عبيد الله الأشجعي عن سفيان الثوري عن أبي إسحق عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال:
- "علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعدنا في الركعتين أن نقول: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
قال: وفي الباب عن ابن عمر وجابر وأبي موسى وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود قد روي عنه من غير وجه. وهو أصح من حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحق.
214- باب منه أيضا
289- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله".
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب.
وقد روى عبد الرحمن بن حميد الرواسي هذا الحديث عن أبي الزبير نحو حديث الليث بن سعد.
وروى أيمن بن نابل المكي هذا الحديث عن أبي الزبير عن جابر، وهو غير محفوظ.
وذهب الشافعي إلى حديث ابن عباس في التشهد.
215- باب ما جاء أنه يخفي التشهد
290- حدثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود قال:
- "من السنة أن يخفي التشهد".
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن غريب. والعمل عليه عند أهل العلم.
216- باب كيف الجلوس في التشهد
291- حدثنا أبو كريب أخبرنا عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال:
- "قدمت المدينة، قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلس - يعني - للتشهد افترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى - يعني - على فخذه اليسرى، ونصب رجله اليمنى".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأهل الكوفة.
217- باب منه أيضا
292- حدثنا بندار أخبرنا أبو عامر العقدي أخبرنا فليح بن سليمان المدني أخبرنا عباس بن سهل الساعدي قال:
- "اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس - يعني للتشهد - فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بإصبعه، يعني السبابة".
قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح.
وبه يقول بعض أهل العلم.
وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق، قالوا: يقعد في التشهد الآخر على وركه واحتجوا بحديث أبي حميد وقالوا: يقعد في التشهد الأول على رجله اليسرى وينصب اليمنى.
218- باب ما جاء في الإشارة
293- حدثنا محمود بن غيلان ويحيى بن موسى قالا أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته ورفع أصبعه التي تلي الإبهام يدعو بها، ويده اليسرى على ركبته باسطها عليه".
قال: وفي الباب عن عبد الله بن الزبير ونمير الخزاعي وأبي هريرة وأبي حميد ووائل بن حجر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث عبيد الله بن عمر إلا من هذا الوجه.
والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين: يختارون الإشارة في التشهد. وهو قول أصحابنا.
219- باب ما جاء في التسليم في الصلاة
294- حدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا سفيان عن أبي إسحق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابر بن سمرة والبراء وعمار ووائل بن حجر وعدي بن عميرة وجابر بن عبد الله.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحق.
220- باب منه أيضا
295- حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه، ثم يميل إلى الشق الأيمن شيئا".
وفي الباب عن سهل بن سعد.
قال أبو عيسى: وحديث عائشة لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.
قال محمد بن إسماعيل: زهير بن محمد أهل الشأم يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق أشبه.
قال محمد: وقال أحمد بن حنبل: كأن زهير بن محمد الذي كان وقع عندهم ليس هو هذا الذي يروى عنه بالعراق، كأنه رجل آخر، قلبوا اسمه: وقد قال بعض أهل العلم في التسليم في الصلاة: وأصح الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليمتان. وعليه أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم.
ورأى قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم تسليمة واحدة في المكتوبة.
قال الشافعي: إن شاء سلم تسليمة واحدة، وإن شاء سلم تسليمتين.
221- باب ما جاء أن حذف السلام سنة
296- حدثنا علي بن حجر حدثنا عبد الله بن المبارك والهقل بن زياد عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: "حذف السلام سنة".
قال علي بن حجر: وقال ابن المبارك: يعني أن لا تمده مدا.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وهو الذي يستحبه أهل العلم.
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: التكبير جزم، والسلام جزم. وهقل يقال كان كاتب الأوزاعي.
222- باب ما يقول إذا سلم
297- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام".
298- حدثنا هناد حدثنا مروان بن معاوية وأبو معاوية عن عاصم الأحول بهذا الإسناد نحوه، وقال: "تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
قال: وفي الباب عن ثوبان وابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأبي هريرة والمغيرة بن شعبة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول بعد التسليم:
- "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وروي أنه كان يقول:
- "سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين".
299- حدثنا أحمد بن محمد بن موسى قال: أخبرني ابن المبارك حدثنا الأوزاعي أخبرنا شداد أبو عمار قال حدثني أبو أسماء الرحبي قال حدثني ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر ثلاث مرات ثم قال: أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
قال: هذا حديث صحيح. وأبو عمار اسمه شداد بن عبد الله.
223- باب ما جاء في الانصراف عن يمينه وعن يساره
300- حدثنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن قبيصة ابن هلب عن أبيه قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فينصرف على جانبيه جميعا على يمينه وعلى شماله".
وفي الباب: عن عبد الله بن مسعود وأنس وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث هلب حديث حسن.
والعمل عليه عند أهل العلم: أنه ينصرف على أي جانبيه شاء، إن شاء عن يمينه، وإن شاء عن يساره.
وقد صح الأمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويروى عن علي بن أبي طالب أنه قال: إن كانت حاجته عن يمينه أخذ عن يمينه، وإن كانت حاجته عن يساره أخذ عن يساره.
224- باب ما جاء في وصف الصلاة
301- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي عن ابن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن جده عن رفاعة بن رافع
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد يوما قال رفاعة: ونحن معه. إذ جاءه رجل كالبدوي، فصلى، فأخف صلاته، ثم انصرف فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى، ثم جاء فسلم عليه، فقال: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل، مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل، فعاف الناس وكبر عليهم أن يكون من أخف صلاته لم يصل، فقال الرجل في آخر ذلك فأرني وعلمني، فإنما أنا بشر أصيب وأخطيء، فقال: أجل، إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله به، ثم تشهد فأقم أيضا، فإن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله، ثم اركع فاطمئن راكعا، ثم اعتدل قائما، ثم اسجد فاعتدل ساجدا، ثم اجلس فاطمئن جالسا، ثم قم، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإن انتقصت منه شيئا انتقصت من صلاتك، قال: وكان هذا أهون عليهم من الأولى أنه من انتقص من ذلك شيئا انتقص من صلاته، ولم تذهب كلها".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعمار بن ياسر.
قال أبو عيسى: حديث رفاعة بن رافع حديث حسن.
وقد روي عن رفاعة هذا الحديث من غير وجه.
302- حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا عبيد الله بن عمر قال: أخبرني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة.
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه السلام، فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فرد عليه، فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فقال له الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا، فعلمني، فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، وافعل ذلك في صلاتك كلها".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وروى ابن نمير هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، ولم يذكر فيه "عن أبيه" عن أبي هريرة.
ورواية يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر أصح.
وسعيد المقبري قد سمع من أبي هريرة، وروى عن أبيه عن أبي هريرة.
وأبو سعيد المقبري اسمه كيسان. وسعيد المقبري يكنى أبا سعد.
303- حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: أخبرنا يحيى بن سعيد القطان أخبرنا عبد الحميد بن جعفر أخبرنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي قال: سمعته وهو في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعي يقول: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ما كنت أقدمنا له صحبة ولا أكثرنا له إتيانا، قال: بلى، قالوا: فاعرض، فقال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: الله أكبر، وركع، ثم اعتدل، فلم يصوب رأسه ولم يقنع، ووضع يديه على ركبتيه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ورفع يديه واعتدل، حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا، ثم هوى إلى الأرض ساجدا، ثم قال: الله أكبر، ثم جافى عضديه عن إبطيه، وفتح أصابع رجليه، ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا ثم هوى ساجدا، ثم قال: الله أكبر، ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه، ثم نهض، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك، حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة، ثم صنع كذلك حتى كانت الركعة التي تنقضي فيها صلاته أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركا، ثم سلم".
- "اعتدلوا في السجود ولا يبسطن أحدكم ذراعيه في الصلاة بسط الكلب".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
204- باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود
276- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا المعلى بن أسيد أخبرنا وهيب عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين ونصب القدمين".
قال عبد الله: وقال المعلى: أخبرنا حماد بن مسعدة عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين" فذكر نحوه، ولم يذكر فيه "عن أبيه".
قال أبو عيسى: وروى يحيى بن سعد القطان وغير واحد عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين ونصب القدمين" : مرسل.
وهذا أصح من حديث وهيب.
وهو الذي أجمع عليه أهل العلم واختاروه.
205- باب ما جاء في إقامة الصلب إذا رفع رأسه من السجود والركوع
278- حدثنا أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا ابن المبارك أخبرنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال:
- "كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود قريبا من السواء".
قال: وفي الباب عن أنس.
279- حدثنا محمد بن بشار أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن الحكم نحوه.
قال أبو عيسى: حديث البراء حديث حسن صحيح.
206- باب ما جاء في كراهية أن يبادر الإمام في الركوع والسجود
280- حدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا سفيان عن أبي إسحق عن عبد الله عن يزيد قال: حدثنا البراء - وهو غير كذوب - قال:
- "كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه من الركوع لم يحن رجل منا ظهره حتى يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسجد".
قال: وفي الباب عن أنس ومعاوية وابن مسعدة صاحب الجيوش وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث البراء حديث حسن صحيح.
وبه يقول أهل العلم: إن من خلف الإمام إنما يتبعون الإمام فيما يصنع ولا يركعون إلا بعد ركوعه، ولا يرفعون إلا بعد رفعه. ولا نعلم بينهم في ذلك اختلافا.
207- باب ما جاء في كراهية الإقعاء بين السجدتين
281- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا عبيد الله بن موسى أخبرنا إسرائيل بن أبي إسحق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "يا علي، أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تقع بين السجدتين".
قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه من حديث علي، إلا من حديث أبي إسحق عن الحارث عن علي.
وقد ضعف بعض أهل العلم الحارث الأعور.
والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم: يكرهون الإقعاء.
وفي الباب عن عائشة وأنس وأبي هريرة.
208- باب في الرخصة في الإقعاء
282- حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريح قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسا يقول:
- "قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ قال: هي السنة، فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل؟ قال هي سنة نبيكم".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرون بالإقعاء بأسا.
وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه والعلم. وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين السجدتين.
209- باب ما يقول بين السجدتين
283- حدثنا سلمة بن شبيب أخبرنا زيد بن حباب عن كامل أبي العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني".
284- حدثنا الحسن بن علي الخلال أخبرنا يزيد بن هارون عن زيد بن حباب عن كامل أبي العلاء: نحوه.
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب. وهكذا روي عن علي.
وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحق: يرون هذا جائزا في المكتوبة والتطوع. وروى بعضهم هذا الحديث عن كامل أبي العلاء مرسلا.
210- باب ما جاء في الاعتماد على السجود
285 حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن عجلان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
- "اشتكى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مشقة السجود عليهم إذا تفرجوا فقال: استعينوا بالركب".
قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، من حديث الليث عن ابن عجلان. وقد روى هذا الحديث سفيان بن عيينة وغير واحد عن سمي عن النعمان بن أبي عياش عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. وكأن رواية هؤلاء أصح من رواية الليث.
211- باب كيف النهوض من السجود
286- حدثنا علي بن حجر أخبرنا هشيم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث الليثي:
- "أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فكان إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي جالسا".
قال أبو عيسى: حديث مالك بن الحويرث حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند بعض أهل العلم. وبه يقول أصحابنا.
212- باب منه أيضا
287- حدثنا يحيى بن موسى أخبرنا أبو معاوية، أخبرنا خالد بن إياس.
ويقال خالد بن إلياس، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهض في الصلاة على صدور قدميه".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة عليه العمل عند أهل العلم: يختارون أن ينهض الرجل في الصلاة على صدور قدميه.
وخالد بن إياس ضعيف عند أهل الحديث. ويقال خالد بن إلياس. وصالح مولى التوأمة هو صالح بن أبي صالح. وأبو صالح اسمه نبهان مدني.
213- باب ما جاء في التشهد
288- حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي أخبرنا عبيد الله الأشجعي عن سفيان الثوري عن أبي إسحق عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال:
- "علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعدنا في الركعتين أن نقول: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
قال: وفي الباب عن ابن عمر وجابر وأبي موسى وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود قد روي عنه من غير وجه. وهو أصح من حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحق.
214- باب منه أيضا
289- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله".
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب.
وقد روى عبد الرحمن بن حميد الرواسي هذا الحديث عن أبي الزبير نحو حديث الليث بن سعد.
وروى أيمن بن نابل المكي هذا الحديث عن أبي الزبير عن جابر، وهو غير محفوظ.
وذهب الشافعي إلى حديث ابن عباس في التشهد.
215- باب ما جاء أنه يخفي التشهد
290- حدثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود قال:
- "من السنة أن يخفي التشهد".
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن غريب. والعمل عليه عند أهل العلم.
216- باب كيف الجلوس في التشهد
291- حدثنا أبو كريب أخبرنا عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال:
- "قدمت المدينة، قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلس - يعني - للتشهد افترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى - يعني - على فخذه اليسرى، ونصب رجله اليمنى".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأهل الكوفة.
217- باب منه أيضا
292- حدثنا بندار أخبرنا أبو عامر العقدي أخبرنا فليح بن سليمان المدني أخبرنا عباس بن سهل الساعدي قال:
- "اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس - يعني للتشهد - فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بإصبعه، يعني السبابة".
قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح.
وبه يقول بعض أهل العلم.
وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق، قالوا: يقعد في التشهد الآخر على وركه واحتجوا بحديث أبي حميد وقالوا: يقعد في التشهد الأول على رجله اليسرى وينصب اليمنى.
218- باب ما جاء في الإشارة
293- حدثنا محمود بن غيلان ويحيى بن موسى قالا أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته ورفع أصبعه التي تلي الإبهام يدعو بها، ويده اليسرى على ركبته باسطها عليه".
قال: وفي الباب عن عبد الله بن الزبير ونمير الخزاعي وأبي هريرة وأبي حميد ووائل بن حجر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث عبيد الله بن عمر إلا من هذا الوجه.
والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين: يختارون الإشارة في التشهد. وهو قول أصحابنا.
219- باب ما جاء في التسليم في الصلاة
294- حدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا سفيان عن أبي إسحق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابر بن سمرة والبراء وعمار ووائل بن حجر وعدي بن عميرة وجابر بن عبد الله.
قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحق.
220- باب منه أيضا
295- حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه، ثم يميل إلى الشق الأيمن شيئا".
وفي الباب عن سهل بن سعد.
قال أبو عيسى: وحديث عائشة لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.
قال محمد بن إسماعيل: زهير بن محمد أهل الشأم يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق أشبه.
قال محمد: وقال أحمد بن حنبل: كأن زهير بن محمد الذي كان وقع عندهم ليس هو هذا الذي يروى عنه بالعراق، كأنه رجل آخر، قلبوا اسمه: وقد قال بعض أهل العلم في التسليم في الصلاة: وأصح الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليمتان. وعليه أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم.
ورأى قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم تسليمة واحدة في المكتوبة.
قال الشافعي: إن شاء سلم تسليمة واحدة، وإن شاء سلم تسليمتين.
221- باب ما جاء أن حذف السلام سنة
296- حدثنا علي بن حجر حدثنا عبد الله بن المبارك والهقل بن زياد عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: "حذف السلام سنة".
قال علي بن حجر: وقال ابن المبارك: يعني أن لا تمده مدا.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وهو الذي يستحبه أهل العلم.
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: التكبير جزم، والسلام جزم. وهقل يقال كان كاتب الأوزاعي.
222- باب ما يقول إذا سلم
297- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام".
298- حدثنا هناد حدثنا مروان بن معاوية وأبو معاوية عن عاصم الأحول بهذا الإسناد نحوه، وقال: "تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
قال: وفي الباب عن ثوبان وابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأبي هريرة والمغيرة بن شعبة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول بعد التسليم:
- "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وروي أنه كان يقول:
- "سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين".
299- حدثنا أحمد بن محمد بن موسى قال: أخبرني ابن المبارك حدثنا الأوزاعي أخبرنا شداد أبو عمار قال حدثني أبو أسماء الرحبي قال حدثني ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر ثلاث مرات ثم قال: أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
قال: هذا حديث صحيح. وأبو عمار اسمه شداد بن عبد الله.
223- باب ما جاء في الانصراف عن يمينه وعن يساره
300- حدثنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن قبيصة ابن هلب عن أبيه قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فينصرف على جانبيه جميعا على يمينه وعلى شماله".
وفي الباب: عن عبد الله بن مسعود وأنس وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث هلب حديث حسن.
والعمل عليه عند أهل العلم: أنه ينصرف على أي جانبيه شاء، إن شاء عن يمينه، وإن شاء عن يساره.
وقد صح الأمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويروى عن علي بن أبي طالب أنه قال: إن كانت حاجته عن يمينه أخذ عن يمينه، وإن كانت حاجته عن يساره أخذ عن يساره.
224- باب ما جاء في وصف الصلاة
301- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي عن ابن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن جده عن رفاعة بن رافع
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد يوما قال رفاعة: ونحن معه. إذ جاءه رجل كالبدوي، فصلى، فأخف صلاته، ثم انصرف فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى، ثم جاء فسلم عليه، فقال: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل، مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل، فعاف الناس وكبر عليهم أن يكون من أخف صلاته لم يصل، فقال الرجل في آخر ذلك فأرني وعلمني، فإنما أنا بشر أصيب وأخطيء، فقال: أجل، إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله به، ثم تشهد فأقم أيضا، فإن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله، ثم اركع فاطمئن راكعا، ثم اعتدل قائما، ثم اسجد فاعتدل ساجدا، ثم اجلس فاطمئن جالسا، ثم قم، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإن انتقصت منه شيئا انتقصت من صلاتك، قال: وكان هذا أهون عليهم من الأولى أنه من انتقص من ذلك شيئا انتقص من صلاته، ولم تذهب كلها".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعمار بن ياسر.
قال أبو عيسى: حديث رفاعة بن رافع حديث حسن.
وقد روي عن رفاعة هذا الحديث من غير وجه.
302- حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا عبيد الله بن عمر قال: أخبرني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة.
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه السلام، فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فرد عليه، فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فقال له الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا، فعلمني، فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، وافعل ذلك في صلاتك كلها".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وروى ابن نمير هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، ولم يذكر فيه "عن أبيه" عن أبي هريرة.
ورواية يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر أصح.
وسعيد المقبري قد سمع من أبي هريرة، وروى عن أبيه عن أبي هريرة.
وأبو سعيد المقبري اسمه كيسان. وسعيد المقبري يكنى أبا سعد.
303- حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: أخبرنا يحيى بن سعيد القطان أخبرنا عبد الحميد بن جعفر أخبرنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي قال: سمعته وهو في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعي يقول: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ما كنت أقدمنا له صحبة ولا أكثرنا له إتيانا، قال: بلى، قالوا: فاعرض، فقال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: الله أكبر، وركع، ثم اعتدل، فلم يصوب رأسه ولم يقنع، ووضع يديه على ركبتيه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ورفع يديه واعتدل، حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا، ثم هوى إلى الأرض ساجدا، ثم قال: الله أكبر، ثم جافى عضديه عن إبطيه، وفتح أصابع رجليه، ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا ثم هوى ساجدا، ثم قال: الله أكبر، ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه، ثم نهض، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك، حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة، ثم صنع كذلك حتى كانت الركعة التي تنقضي فيها صلاته أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركا، ثم سلم".
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
قال: ومعنى قوله: "إذا قام من السجدتين رفع يديه" يعني إذا قام من الركعتين.
304- حدثنا محمد بن بشار والحسن بن علي الحلواني وغير واحد قالوا: أخبرنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر أخبرنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو قتادة بن ربعي، فذكر نحو حديث يحيى بن سعيد بمعناه وزاد فيه [أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر هذا الحرف]: قالوا: "صدقت هكذا صلى النبي صلى الله عليه وسلم".
225- باب ما جاء في القراءة في الصبح
305- حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن مسعر وسفيان عن زياد بن علاقة عن عمه قطبة بن مالك قال:
- "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر {والنخل باسقات} في الركعة الأولى".
قال: وفي الباب عن عمرو بن حريث وجابر بن سمرة وعبد الله بن السائب وأبي برزة وأم سلمة.
قال أبو عيسى: حديث قطبة بن مالك حديث حسن صحيح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الصبح بالواقعة.
وروي عنه أنه كان يقرأ في الفجر من ستين آية إلى مائة.
وروي عنه أنه قرأ {إذا الشمس كورت}.
وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في الصبح بطوال المفصل.
قال أبو عيسى: وعلى هذا العمل عند أهل العلم.
وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي.
226- باب ما جاء في القراءة في الظهر والعصر
306- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء ذات البروج، والسماء والطارق وشبههما".
قال: وفي الباب عن خباب وأبي سعيد وأبي قتادة وزيد بن ثابت والبراء.
قال أبو عيسى: حديث جابر بن سمرة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه قرأ في الظهر قدر تنزيل السجدة".
وروي عنه: "أنه كان يقرأ في الركعة الأولى من الظهر قدر ثلاثين آية، وفي الركعة الثانية قدر خمسة عشر آية".
وروي عن عمر: أنه كتب إلى أبي موسى: أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل.
ورأى بعض أهل العلم: أن قراءة صلاة العصر كنحو القراءة في صلاة المغرب: يقرأ بقصار المفصل.
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: تعدل صلاة العصر بصلاة المغرب في القراءة.
وقال إبراهيم: تضعف صلاة الظهر على صلاة العصر في القراءة أربع مرار.
227- باب في القراءة في المغرب
307- حدثنا هناد أخبرنا عبدة عن محمد بن إسحق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أمه أم الفضل قالت:
- "خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه في مرضه فصلى المغرب، فقرأ بالمرسلات، فما صلاها بعد حتى لقي الله عز وجل".
وفي الباب عن جبير بن مطعم وابن عمر وأبي أيوب وزيد بن ثابت.
قال: حديث أم الفضل حديث حسن صحيح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين كلتيهما.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بالطور.
وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل.
وروي عن أبي بكر أنه قرأ في المغرب بقصار المفصل.
قال: وعلى هذا العمل عند أهل العلم.
وبه يقول ابن المبارك وأحمد وإسحق.
وقال الشافعي: وذكر عن مالك أنه يكره أن يقرأ في صلاة المغرب بالسور الطوال، نحو الطور والمرسلات.
قال الشافعي: لا أكره ذلك بل أستحب أن يقرأ بهذه السور في صلاة المغرب.
228- باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء
308- حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي أخبرنا زيد بن الحباب أخبرنا ابن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء الآخرة بالشمس وضحاها ونحوها من السور".
وفي الباب عن البراء بن عازب.
قال أبو عيسى: حديث بريدة حديث حسن.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه قرأ في العشاء الآخرة بسورة والتين والزيتون".
وروي عن عثمان بن عفان: أنه كان يقرأ في العشاء بسور من أوساط المفصل نحو سورة المنافقين وأشباهها.
وروي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين: أنهم قرؤوا بأكثر من هذا وأقل: كأن الأمر عندهم واسع في هذا - وأحسن شيء في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالشمس وضحاها، والتين والزيتون.
309- حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء الآخرة بالتين والزيتون".
وهذا حديث حسن صحيح.
229- باب ما جاء في القراءة خلف الإمام
310- حدثنا هناد أخبرنا عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم؟ قال: قلنا: يا رسول الله إي والله، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة وأنس وأبي قتادة وعبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث عبادة حديث حسن.
وروى هذا الحديث الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".
وهذا أصح.
والعمل على هذا الحديث في القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين.
وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق: يرون القراءة خلف الإمام.
230- باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة
311- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: إني أقول مالي أنازع القرآن؟! قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلوات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وفي الباب: عن ابن مسعود وعمران ابن حصين وجابر بن عبد الله.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
وابن أكيمة الليثي اسمه عمارة، ويقال عمرو بن أكيمة.
وروى بعض أصحاب الزهري هذا الحديث وذكروا هذا الحرف: "قال: قال الزهري: فانتهى الناس عن القراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وليس في هذا الحديث ما يدخل على من رأى القراءة خلف الإمام لأن أبا هريرة هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام".
فقال له حامل الحديث: إني أكون أحيانا وراء الإمام؟ قال: اقرأ بها في نفسك.
وروى أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة قال: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أنادي أن لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب".
واختار أصحاب الحديث أن لا يقرأ الرجل إذا جهر الإمام بالقراءة، وقالوا: يتبع سكتات الإمام.
وقد اختلف أهل العلم في القراءة خلف الإمام فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم القراءة خلف الإمام.
وبه يقول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق.
وروي عن عبد الله أنه قال: أنا أقرأ خلف الإمام والناس يقرؤون، إلا قوم من الكوفيين. وأرى أن من لم يقرأ صلاته جائزة.
وشدد قوم من أهل العلم في ترك قراءة فاتحة الكتاب، وإن كان خلف الإمام، فقالوا: لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، وحده كان أو خلف الإمام. وذهبوا إلى ما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقرأ عبادة بن الصامت بعد النبي صلى الله عليه وسلم خلف الإمام، وتأول قول النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب".
وبه يقول الشافعي وإسحق وغيرهما.
وأما أحمد بن حنبل فقال: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب": إذا كان وحده. واحتج بحديث جابر بن عبد الله حيث قال: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل، إلا أن يكون وراء الإمام. قال أحمد: فهذا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأول قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب": أن هذا إذا كان وحده. واختار أحمد من هذا القراءة خلف الإمام، وأن لا يترك الرجل فاتحة الكتاب وإن كان خلف الإمام.
312- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا أن يكون وراء الإمام.
هذا حديث حسن صحيح.
231- باب ما جاء ما يقول عند دخوله المسجد
313- حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن ليث عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج صلى على محمد وسلم، وقال: رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك".
314- وقال علي بن حجر: قال إسماعيل بن إبراهيم: فلقيت عبد الله بن الحسن بمكة فسألته عن هذا الحديث فحدثني به. قال: "كان إذا دخل قال: رب افتح باب رحمتك، وإذا خرج قال: رب افتح لي باب فضلك".
وفي الباب عن أبي حميد وأبي أسيد وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث فاطمة حديث حسن، وليس إسناده بمتصل وفاطمة ابنة الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى، إنما عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشهرا.
232- باب ما جاء إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين
315- حدثنا قتيبة بن سعيد أخبرنا مالك بن أنس عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا جاء أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس".
قال: وفي الباب عن جابر وأبي أمامة وأبي هريرة وأبي ذر وكعب بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث أبي قتادة حديث حسن صحيح.
وقد روى هذا الحديث محمد بن عجلان وغير واحد عن عامر بن عبد الله بن الزبير نحو رواية مالك بن أنس.
وروى سهيل بن أبي صالح هذا الحديث عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا حديث غير محفوظ، والصحيح حديث أبي قتادة.
والعمل على هذا الحديث عند أصحابنا: استحبوا إذا دخل الرجل المسجد أن لا يجلس حتى يصلي الركعتين، إلا أن يكون له عذر.
قال علي بن المديني: وحديث سهيل بن أبي صالح خطأ، أخبرني بذلك إسحق بن إبراهيم بن المديني.
233- باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام
316- حدثنا ابن أبي عمر وأبو عمار الحسين بن حريث قالا: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو ويحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام".
وفي الباب عن علي وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة وجابر وابن عباس وحذيفة وأنس وأبي أمامة وأبي ذر، قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "جعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا".
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد قد روي عن عبد العزيز بن محمد روايتين:
منهم من ذكر عن أبي سعيد، ومنهم من لم يذكره.
وهذا حديث فيه اضطراب.
روى سفيان الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: مرسلا.
ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه محمد بن إسحق عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال. وكان عامة روايته عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يذكر فيه عن أبي سعيد.
وكأن رواية الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه. عن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت وأصح.
234- باب ما جاء في فضل بنيان المسجد
317- حدثنا بندار أخبرنا أبو بكر الحنفي أخبرنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة".
وفي الباب عن أبي بكر وعمر وعلي وعبد الله بن عمرو وأنس وابن عباس وعائشة وأم حبيبة وأبي ذر وعمرو بن عبسة وواثلة بن الأسقع وأبي هريرة وجابر بن عبد الله.
قال أبو عيسى: حديث عثمان حديث حسن صحيح.
318- وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من بنى لله مسجدا صغيرا كان أو كبيرا بنى الله له بيتا في الجنة". حدثنا بذلك قتيبة بن سعيد أخبرنا نوح بن قيس عن عبد الرحمن مولى قيس عن زياد النميري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
ومحمود بن لبيد قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
ومحمود بن الربيع قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهما غلامان صغيران مدنيان.
235- باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا
319- حدثنا قتيبة أخبرنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن أبي صالح عن ابن عباس قال:
- "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.
236- باب ما جاء في النوم في المسجد
320- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال:
- "كنا ننام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ونحن شباب".
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وقد رخص قوم من أهل العلم في النوم في المسجد.
قال ابن عباس: لا يتخذه مبيتا ومقيلا.
وذهب قوم من أهل العلم إلى قول ابن عباس.
237- باب ما جاء في كراهية البيع والشراء وإنشاد الضالة والشعر في المسجد
321- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلق الناس فيه يوم الجمعة قبل الصلاة".
وفي الباب عن بريدة وجابر وأنس.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص حديث حسن.
وعمرو بن شعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قال محمد بن إسماعيل: رأيت أحمد وإسحق، وذكر غيرهما، يحتجون بحديث عمرو بن شعيب.
قال محمد: وقد سمع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: ومن تكلم في حديث عمرو بن شعيب إنما ضعفه لأنه يحدث عن صحيفة جده، كأنهم رأوا أنه لم يسمع هذه الأحاديث من جده.
قال علي بن عبد الله: وذكر عن يحيى بن سعيد أنه قال: حديث عمرو بن شعيب عندنا واه.
وقد كره قوم من أهل العلم البيع والشراء في المسجد.
وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقد روي عن بعض أهل العلم من التابعين رخصة في البيع والشراء في المسجد.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير حديث رخصة في إنشاد الشعر في المسجد.
238- باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى
322- حدثنا قتيبة أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال:
- "امترى رجل من بني خدرة ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى فقال الخدري: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر هو مسجد قبا، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال: هو هذا يعني مسجده، وفي ذلك خير كثير".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
حدثنا أبو بكر عن علي بن عبد الله قال: سألت يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، فقال: لم يكن به بأس، وأخوه أنيس بن أبي يحيى أثبت منه.
239- باب ما جاء في الصلاة في مسجد قبا
323- حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب وسفيان بن وكيع قالا: أخبرنا أبو أسامة عن عبد الحميد بن جعفر أخبرنا أبو الأبرد مولى بني خطمة أنه سمع أسيد بن ظهير الأنصاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الصلاة في مسجد قبا كعمرة".
وفي الباب عن سهل بن حنيف.
قال: حديث أسيد حديث حسن غريب.
ولا نعرف لأسيد بن ظهير شيئا يصح غير هذا الحديث، ولا نعرفه إلا من حديث أبي أسامة عن عبد الحميد بن جعفر. وأبو الأبرد اسمه "زياد" مديني.
240- باب ما جاء في أي المساجد أفضل
324- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك [ح] وحدثنا قتيبة عن مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام".
قال أبو عيسى: ولم يذكر قتيبة في حديثه عن عبيد الله وإنما ذكر عن زيد بن رباح عن أبي عبد الله الأغر.
قال: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو عبد الله الأغر اسمه "سلمان".
وقد روي عن أبي هريرة من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الباب عن علي وميمونة وأبي سعيد وجبير بن مطعم وعبد الله بن الزبير وابن عمر وابن ذر.
325- حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد الأقصى".
قال: هذا حديث حسن صحيح.
241- باب ما جاء في المشي إلى المسجد
326- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن ائتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".
وفي الباب عن أبي قتادة وأبي بن كعب وأبي سعيد وزيد بن ثابت وجابر وأنس.
قال أبو عيسى: اختلف أهل العلم في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت تكبيرة الأولى، حتى ذكر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة، ومنهم من كره الإسراع، واختار أن يمشي على تؤدة ووقار.
وبه يقول أحمد واسحق، وقالا: العمل على حديث أبي هريرة.
وقال إسحق: إن خاف فوت تكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشي.
327- حدثنا الحسن بن علي الخلال أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث أبي سلمة عن أبي هريرة بمعناه. هكذا قال عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. وهذا أصح من حديث يزيد بن زريع.
328- حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
242- باب ما جاء في القعود في المسجد وانتظار الصلاة من الفضل
329- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها، ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث. فقال رجل من حضرموت: وما الحدث يا أبا هريرة؟ فقال: فساء أو ضراط".
وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأنس وعبد الله بن مسعود وسهل بن سعد.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
243- باب ما جاء في الصلاة على الخمرة
330- حدثنا قتيبة أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة".
وفي الباب عن أم حبيبة وابن عمر وأم سلمة، وعائشة، وميمونة وأم كلثوم بنت أبي سلمة بن عبد الأسد. ولم تسمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وبه يقول بعض أهل العلم.
وقال أحمد وإسحق: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على الخمرة.
قال أبو عيسى: والخمرة هو حصير صغير.
244- باب ما جاء في الصلاة على الحصير
331- حدثنا نصر بن علي أخبرنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أبي سعيد:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حصير".
وفي الباب عن أنس والمغيرة بن شعبة.
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، إلا أن قوما من أهل العلم اختاروا الصلاة على الأرض استحبابا.
245- باب ما جاء في الصلاة على البسط
332- حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن شعبة عن أبي التياح الضبعي قال: سمعت أنس بن مالك يقول:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالطنا حتى كان يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير ما فعل النغير؟ قال: ونضح بساط لنا فصلى عليه".
وفي الباب عن ابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم. ولم يروا بالصلاة على البساط والطنفسة بأسا.
وبه يقول أحمد وإسحق.
واسم أبي التياح: يزيد بن حميد.
246- باب ما جاء في الصلاة في الحيطان
333- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود أخبرنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب الصلاة في الحيطان".
قال أبو داود: يعني البساتين.
قال أبو عيسى: حديث معاذ حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن أبي جعفر. والحسن بن أبي جعفر قد ضعفه يحيى بن سعيد وغيره. وأبو الزبير اسمه محمد بن مسلم بن تدرس. وأبو الطفيل اسمه "عامر بن وائلة".
247- باب ما جاء في سترة المصلي
334- حدثنا قتيبة وهناد قالا: أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر من وراء ذلك".
وفي الباب عن أبي هريرة وسهل بن أبي حثمة وابن عمر وسبرة بن معبد وأبي جحيفة وعائشة.
وقال أبو عيسى: حديث طلحة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. وقالوا: سترة الإمام سترة لمن خلفه.
248- باب ما جاء في كراهية المرور بين يدي المصلي
335- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك بن أنس عن أبي النضر عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسل إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي؟ فقال أبو جهيم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه".
قال أبو النضر: لا أدري قال أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين سنة.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عمر وعبد الله بن عمرو. قال أبو عيسى: حديث أبي جهيم حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "لأن يقف أحدكم مائة عام خير له من أن يمر بين يدي أخيه وهو يصلي".
والعمل عليه عند أهل العلم: كرهوا المرور بين يدي المصلي، ولم يروا أن ذلك يقطع صلاة الرجل.
249- باب ما جاء لا يقطع الصلاة شيء
336- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال:
- "كنت رديف الفضل على أتان فجئنا والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه بمنى، قال: فنزلنا عنها، فوصلنا الصف فمرت بين أيديهم فلم تقطع صلاتهم".
وفي الباب عن عائشة والفضل بن عباس وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين. قالوا: لا يقطع الصلاة شيء.
وبه يقول سفيان والشافعي.
250- باب ما جاء أنه لا يقطع الصلاة إلا الكلب والحمار والمرأة
337- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا هشيم أخبرنا يونس ومنصور بن زاذان عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال: سمعت أبا ذر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا صلى الرجل وليس بين يديه كآخرة الرحل أو كواسطة الرحل قطع صلاته الكلب الأسود والمرأة والحمار".
فقلت لأبي ذر: ما بال الأسود من الأحمر ومن الأبيض؟ فقال: يا ابن أخي سألتني كما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الكلب الأسود شيطان.
وفي الباب عن أبي سعيد والحكم الغفاري وأبي هريرة وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن صحيح.
وقد ذهب بعض أهل العلم إليه قالوا: يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب الأسود. قال أحمد: الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصلاة، وفي نفسي من الحمار والمرأة شيء.
قال إسحق: لا يقطعها شيء إلا الكلب الأسود.
251- باب ما جاء في الصلاة في الثوب الواحد
338- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن هشام هو ابن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيت أم سلمة مشتملا في ثوب واحد.
وفي الباب عن أبي هريرة وجابر وسلمة بن الأكوع وأنس وعمرو بن أبي أسيد وأبي سعيد وكيسان وابن عباس وعائشة وأم هانئ وعمار بن ياسر وطلق بن علي وعبادة بن الصامت الأنصاري.
قال أبو عيسى: حديث عمر بن أبي سلمة حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم. قالوا: لا بأس بالصلاة في الثوب الواحد.
وقد قال بعض أهل العلم: يصلي الرجل في ثوبين.
252- باب ما جاء في الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام
قال: ومعنى قوله: "إذا قام من السجدتين رفع يديه" يعني إذا قام من الركعتين.
304- حدثنا محمد بن بشار والحسن بن علي الحلواني وغير واحد قالوا: أخبرنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر أخبرنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو قتادة بن ربعي، فذكر نحو حديث يحيى بن سعيد بمعناه وزاد فيه [أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر هذا الحرف]: قالوا: "صدقت هكذا صلى النبي صلى الله عليه وسلم".
225- باب ما جاء في القراءة في الصبح
305- حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن مسعر وسفيان عن زياد بن علاقة عن عمه قطبة بن مالك قال:
- "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر {والنخل باسقات} في الركعة الأولى".
قال: وفي الباب عن عمرو بن حريث وجابر بن سمرة وعبد الله بن السائب وأبي برزة وأم سلمة.
قال أبو عيسى: حديث قطبة بن مالك حديث حسن صحيح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الصبح بالواقعة.
وروي عنه أنه كان يقرأ في الفجر من ستين آية إلى مائة.
وروي عنه أنه قرأ {إذا الشمس كورت}.
وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في الصبح بطوال المفصل.
قال أبو عيسى: وعلى هذا العمل عند أهل العلم.
وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي.
226- باب ما جاء في القراءة في الظهر والعصر
306- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء ذات البروج، والسماء والطارق وشبههما".
قال: وفي الباب عن خباب وأبي سعيد وأبي قتادة وزيد بن ثابت والبراء.
قال أبو عيسى: حديث جابر بن سمرة حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه قرأ في الظهر قدر تنزيل السجدة".
وروي عنه: "أنه كان يقرأ في الركعة الأولى من الظهر قدر ثلاثين آية، وفي الركعة الثانية قدر خمسة عشر آية".
وروي عن عمر: أنه كتب إلى أبي موسى: أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل.
ورأى بعض أهل العلم: أن قراءة صلاة العصر كنحو القراءة في صلاة المغرب: يقرأ بقصار المفصل.
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: تعدل صلاة العصر بصلاة المغرب في القراءة.
وقال إبراهيم: تضعف صلاة الظهر على صلاة العصر في القراءة أربع مرار.
227- باب في القراءة في المغرب
307- حدثنا هناد أخبرنا عبدة عن محمد بن إسحق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أمه أم الفضل قالت:
- "خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه في مرضه فصلى المغرب، فقرأ بالمرسلات، فما صلاها بعد حتى لقي الله عز وجل".
وفي الباب عن جبير بن مطعم وابن عمر وأبي أيوب وزيد بن ثابت.
قال: حديث أم الفضل حديث حسن صحيح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين كلتيهما.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بالطور.
وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل.
وروي عن أبي بكر أنه قرأ في المغرب بقصار المفصل.
قال: وعلى هذا العمل عند أهل العلم.
وبه يقول ابن المبارك وأحمد وإسحق.
وقال الشافعي: وذكر عن مالك أنه يكره أن يقرأ في صلاة المغرب بالسور الطوال، نحو الطور والمرسلات.
قال الشافعي: لا أكره ذلك بل أستحب أن يقرأ بهذه السور في صلاة المغرب.
228- باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء
308- حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي أخبرنا زيد بن الحباب أخبرنا ابن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء الآخرة بالشمس وضحاها ونحوها من السور".
وفي الباب عن البراء بن عازب.
قال أبو عيسى: حديث بريدة حديث حسن.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه قرأ في العشاء الآخرة بسورة والتين والزيتون".
وروي عن عثمان بن عفان: أنه كان يقرأ في العشاء بسور من أوساط المفصل نحو سورة المنافقين وأشباهها.
وروي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين: أنهم قرؤوا بأكثر من هذا وأقل: كأن الأمر عندهم واسع في هذا - وأحسن شيء في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالشمس وضحاها، والتين والزيتون.
309- حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء الآخرة بالتين والزيتون".
وهذا حديث حسن صحيح.
229- باب ما جاء في القراءة خلف الإمام
310- حدثنا هناد أخبرنا عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم؟ قال: قلنا: يا رسول الله إي والله، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة وأنس وأبي قتادة وعبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث عبادة حديث حسن.
وروى هذا الحديث الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".
وهذا أصح.
والعمل على هذا الحديث في القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين.
وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق: يرون القراءة خلف الإمام.
230- باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة
311- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: إني أقول مالي أنازع القرآن؟! قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلوات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وفي الباب: عن ابن مسعود وعمران ابن حصين وجابر بن عبد الله.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
وابن أكيمة الليثي اسمه عمارة، ويقال عمرو بن أكيمة.
وروى بعض أصحاب الزهري هذا الحديث وذكروا هذا الحرف: "قال: قال الزهري: فانتهى الناس عن القراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وليس في هذا الحديث ما يدخل على من رأى القراءة خلف الإمام لأن أبا هريرة هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام".
فقال له حامل الحديث: إني أكون أحيانا وراء الإمام؟ قال: اقرأ بها في نفسك.
وروى أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة قال: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أنادي أن لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب".
واختار أصحاب الحديث أن لا يقرأ الرجل إذا جهر الإمام بالقراءة، وقالوا: يتبع سكتات الإمام.
وقد اختلف أهل العلم في القراءة خلف الإمام فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم القراءة خلف الإمام.
وبه يقول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق.
وروي عن عبد الله أنه قال: أنا أقرأ خلف الإمام والناس يقرؤون، إلا قوم من الكوفيين. وأرى أن من لم يقرأ صلاته جائزة.
وشدد قوم من أهل العلم في ترك قراءة فاتحة الكتاب، وإن كان خلف الإمام، فقالوا: لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، وحده كان أو خلف الإمام. وذهبوا إلى ما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقرأ عبادة بن الصامت بعد النبي صلى الله عليه وسلم خلف الإمام، وتأول قول النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب".
وبه يقول الشافعي وإسحق وغيرهما.
وأما أحمد بن حنبل فقال: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب": إذا كان وحده. واحتج بحديث جابر بن عبد الله حيث قال: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل، إلا أن يكون وراء الإمام. قال أحمد: فهذا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأول قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب": أن هذا إذا كان وحده. واختار أحمد من هذا القراءة خلف الإمام، وأن لا يترك الرجل فاتحة الكتاب وإن كان خلف الإمام.
312- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا أن يكون وراء الإمام.
هذا حديث حسن صحيح.
231- باب ما جاء ما يقول عند دخوله المسجد
313- حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن ليث عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج صلى على محمد وسلم، وقال: رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك".
314- وقال علي بن حجر: قال إسماعيل بن إبراهيم: فلقيت عبد الله بن الحسن بمكة فسألته عن هذا الحديث فحدثني به. قال: "كان إذا دخل قال: رب افتح باب رحمتك، وإذا خرج قال: رب افتح لي باب فضلك".
وفي الباب عن أبي حميد وأبي أسيد وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث فاطمة حديث حسن، وليس إسناده بمتصل وفاطمة ابنة الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى، إنما عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشهرا.
232- باب ما جاء إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين
315- حدثنا قتيبة بن سعيد أخبرنا مالك بن أنس عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا جاء أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس".
قال: وفي الباب عن جابر وأبي أمامة وأبي هريرة وأبي ذر وكعب بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث أبي قتادة حديث حسن صحيح.
وقد روى هذا الحديث محمد بن عجلان وغير واحد عن عامر بن عبد الله بن الزبير نحو رواية مالك بن أنس.
وروى سهيل بن أبي صالح هذا الحديث عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا حديث غير محفوظ، والصحيح حديث أبي قتادة.
والعمل على هذا الحديث عند أصحابنا: استحبوا إذا دخل الرجل المسجد أن لا يجلس حتى يصلي الركعتين، إلا أن يكون له عذر.
قال علي بن المديني: وحديث سهيل بن أبي صالح خطأ، أخبرني بذلك إسحق بن إبراهيم بن المديني.
233- باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام
316- حدثنا ابن أبي عمر وأبو عمار الحسين بن حريث قالا: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو ويحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام".
وفي الباب عن علي وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة وجابر وابن عباس وحذيفة وأنس وأبي أمامة وأبي ذر، قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "جعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا".
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد قد روي عن عبد العزيز بن محمد روايتين:
منهم من ذكر عن أبي سعيد، ومنهم من لم يذكره.
وهذا حديث فيه اضطراب.
روى سفيان الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: مرسلا.
ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه محمد بن إسحق عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال. وكان عامة روايته عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يذكر فيه عن أبي سعيد.
وكأن رواية الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه. عن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت وأصح.
234- باب ما جاء في فضل بنيان المسجد
317- حدثنا بندار أخبرنا أبو بكر الحنفي أخبرنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة".
وفي الباب عن أبي بكر وعمر وعلي وعبد الله بن عمرو وأنس وابن عباس وعائشة وأم حبيبة وأبي ذر وعمرو بن عبسة وواثلة بن الأسقع وأبي هريرة وجابر بن عبد الله.
قال أبو عيسى: حديث عثمان حديث حسن صحيح.
318- وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من بنى لله مسجدا صغيرا كان أو كبيرا بنى الله له بيتا في الجنة". حدثنا بذلك قتيبة بن سعيد أخبرنا نوح بن قيس عن عبد الرحمن مولى قيس عن زياد النميري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
ومحمود بن لبيد قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
ومحمود بن الربيع قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهما غلامان صغيران مدنيان.
235- باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا
319- حدثنا قتيبة أخبرنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن أبي صالح عن ابن عباس قال:
- "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.
236- باب ما جاء في النوم في المسجد
320- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال:
- "كنا ننام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ونحن شباب".
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وقد رخص قوم من أهل العلم في النوم في المسجد.
قال ابن عباس: لا يتخذه مبيتا ومقيلا.
وذهب قوم من أهل العلم إلى قول ابن عباس.
237- باب ما جاء في كراهية البيع والشراء وإنشاد الضالة والشعر في المسجد
321- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلق الناس فيه يوم الجمعة قبل الصلاة".
وفي الباب عن بريدة وجابر وأنس.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص حديث حسن.
وعمرو بن شعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قال محمد بن إسماعيل: رأيت أحمد وإسحق، وذكر غيرهما، يحتجون بحديث عمرو بن شعيب.
قال محمد: وقد سمع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: ومن تكلم في حديث عمرو بن شعيب إنما ضعفه لأنه يحدث عن صحيفة جده، كأنهم رأوا أنه لم يسمع هذه الأحاديث من جده.
قال علي بن عبد الله: وذكر عن يحيى بن سعيد أنه قال: حديث عمرو بن شعيب عندنا واه.
وقد كره قوم من أهل العلم البيع والشراء في المسجد.
وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقد روي عن بعض أهل العلم من التابعين رخصة في البيع والشراء في المسجد.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير حديث رخصة في إنشاد الشعر في المسجد.
238- باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى
322- حدثنا قتيبة أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال:
- "امترى رجل من بني خدرة ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى فقال الخدري: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر هو مسجد قبا، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال: هو هذا يعني مسجده، وفي ذلك خير كثير".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
حدثنا أبو بكر عن علي بن عبد الله قال: سألت يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، فقال: لم يكن به بأس، وأخوه أنيس بن أبي يحيى أثبت منه.
239- باب ما جاء في الصلاة في مسجد قبا
323- حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب وسفيان بن وكيع قالا: أخبرنا أبو أسامة عن عبد الحميد بن جعفر أخبرنا أبو الأبرد مولى بني خطمة أنه سمع أسيد بن ظهير الأنصاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الصلاة في مسجد قبا كعمرة".
وفي الباب عن سهل بن حنيف.
قال: حديث أسيد حديث حسن غريب.
ولا نعرف لأسيد بن ظهير شيئا يصح غير هذا الحديث، ولا نعرفه إلا من حديث أبي أسامة عن عبد الحميد بن جعفر. وأبو الأبرد اسمه "زياد" مديني.
240- باب ما جاء في أي المساجد أفضل
324- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك [ح] وحدثنا قتيبة عن مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام".
قال أبو عيسى: ولم يذكر قتيبة في حديثه عن عبيد الله وإنما ذكر عن زيد بن رباح عن أبي عبد الله الأغر.
قال: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو عبد الله الأغر اسمه "سلمان".
وقد روي عن أبي هريرة من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الباب عن علي وميمونة وأبي سعيد وجبير بن مطعم وعبد الله بن الزبير وابن عمر وابن ذر.
325- حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد الأقصى".
قال: هذا حديث حسن صحيح.
241- باب ما جاء في المشي إلى المسجد
326- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن ائتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".
وفي الباب عن أبي قتادة وأبي بن كعب وأبي سعيد وزيد بن ثابت وجابر وأنس.
قال أبو عيسى: اختلف أهل العلم في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت تكبيرة الأولى، حتى ذكر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة، ومنهم من كره الإسراع، واختار أن يمشي على تؤدة ووقار.
وبه يقول أحمد واسحق، وقالا: العمل على حديث أبي هريرة.
وقال إسحق: إن خاف فوت تكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشي.
327- حدثنا الحسن بن علي الخلال أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث أبي سلمة عن أبي هريرة بمعناه. هكذا قال عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. وهذا أصح من حديث يزيد بن زريع.
328- حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
242- باب ما جاء في القعود في المسجد وانتظار الصلاة من الفضل
329- حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها، ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث. فقال رجل من حضرموت: وما الحدث يا أبا هريرة؟ فقال: فساء أو ضراط".
وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأنس وعبد الله بن مسعود وسهل بن سعد.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
243- باب ما جاء في الصلاة على الخمرة
330- حدثنا قتيبة أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة".
وفي الباب عن أم حبيبة وابن عمر وأم سلمة، وعائشة، وميمونة وأم كلثوم بنت أبي سلمة بن عبد الأسد. ولم تسمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وبه يقول بعض أهل العلم.
وقال أحمد وإسحق: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على الخمرة.
قال أبو عيسى: والخمرة هو حصير صغير.
244- باب ما جاء في الصلاة على الحصير
331- حدثنا نصر بن علي أخبرنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أبي سعيد:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حصير".
وفي الباب عن أنس والمغيرة بن شعبة.
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، إلا أن قوما من أهل العلم اختاروا الصلاة على الأرض استحبابا.
245- باب ما جاء في الصلاة على البسط
332- حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن شعبة عن أبي التياح الضبعي قال: سمعت أنس بن مالك يقول:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالطنا حتى كان يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير ما فعل النغير؟ قال: ونضح بساط لنا فصلى عليه".
وفي الباب عن ابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم. ولم يروا بالصلاة على البساط والطنفسة بأسا.
وبه يقول أحمد وإسحق.
واسم أبي التياح: يزيد بن حميد.
246- باب ما جاء في الصلاة في الحيطان
333- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود أخبرنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب الصلاة في الحيطان".
قال أبو داود: يعني البساتين.
قال أبو عيسى: حديث معاذ حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن أبي جعفر. والحسن بن أبي جعفر قد ضعفه يحيى بن سعيد وغيره. وأبو الزبير اسمه محمد بن مسلم بن تدرس. وأبو الطفيل اسمه "عامر بن وائلة".
247- باب ما جاء في سترة المصلي
334- حدثنا قتيبة وهناد قالا: أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر من وراء ذلك".
وفي الباب عن أبي هريرة وسهل بن أبي حثمة وابن عمر وسبرة بن معبد وأبي جحيفة وعائشة.
وقال أبو عيسى: حديث طلحة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم. وقالوا: سترة الإمام سترة لمن خلفه.
248- باب ما جاء في كراهية المرور بين يدي المصلي
335- حدثنا الأنصاري أخبرنا معن أخبرنا مالك بن أنس عن أبي النضر عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسل إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي؟ فقال أبو جهيم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه".
قال أبو النضر: لا أدري قال أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين سنة.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عمر وعبد الله بن عمرو. قال أبو عيسى: حديث أبي جهيم حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "لأن يقف أحدكم مائة عام خير له من أن يمر بين يدي أخيه وهو يصلي".
والعمل عليه عند أهل العلم: كرهوا المرور بين يدي المصلي، ولم يروا أن ذلك يقطع صلاة الرجل.
249- باب ما جاء لا يقطع الصلاة شيء
336- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال:
- "كنت رديف الفضل على أتان فجئنا والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه بمنى، قال: فنزلنا عنها، فوصلنا الصف فمرت بين أيديهم فلم تقطع صلاتهم".
وفي الباب عن عائشة والفضل بن عباس وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين. قالوا: لا يقطع الصلاة شيء.
وبه يقول سفيان والشافعي.
250- باب ما جاء أنه لا يقطع الصلاة إلا الكلب والحمار والمرأة
337- حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا هشيم أخبرنا يونس ومنصور بن زاذان عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال: سمعت أبا ذر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا صلى الرجل وليس بين يديه كآخرة الرحل أو كواسطة الرحل قطع صلاته الكلب الأسود والمرأة والحمار".
فقلت لأبي ذر: ما بال الأسود من الأحمر ومن الأبيض؟ فقال: يا ابن أخي سألتني كما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الكلب الأسود شيطان.
وفي الباب عن أبي سعيد والحكم الغفاري وأبي هريرة وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن صحيح.
وقد ذهب بعض أهل العلم إليه قالوا: يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب الأسود. قال أحمد: الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصلاة، وفي نفسي من الحمار والمرأة شيء.
قال إسحق: لا يقطعها شيء إلا الكلب الأسود.
251- باب ما جاء في الصلاة في الثوب الواحد
338- حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن هشام هو ابن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيت أم سلمة مشتملا في ثوب واحد.
وفي الباب عن أبي هريرة وجابر وسلمة بن الأكوع وأنس وعمرو بن أبي أسيد وأبي سعيد وكيسان وابن عباس وعائشة وأم هانئ وعمار بن ياسر وطلق بن علي وعبادة بن الصامت الأنصاري.
قال أبو عيسى: حديث عمر بن أبي سلمة حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم. قالوا: لا بأس بالصلاة في الثوب الواحد.
وقد قال بعض أهل العلم: يصلي الرجل في ثوبين.
252- باب ما جاء في الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى