ابو اسلام
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
إضاءة:
"أما تستحيي أن تعبُد خشبةً من نبات الأرض نَجَرَها عبدٌ حبشي؟!".
أم سليم لخاطبها أبي طلحة - رضِي الله عنْهما.
• • • • •
تراها قذفت في قلبِه الطَّاهر جمرة أحْرقت الكفر وسبله، وأشعلت للإيمان نورًا ودروبًا، عندما قالت لفارس بني النَّجَّار وأحد رماة يثرِب المعدودين عِبارةً بعيدة الآثار، ريَّة الثِّمار، حوَّلت حياة أبي طلحة من مواتٍ إلى نضارةٍ وحيويَّة.
إنَّ أُمَّ سليم - رضي الله عنْها - كانت تُدْرِك جيِّدًا أنَّها تُخاطب أحدَ أثرياء قومِها، وهي على يقين بأنَّه لا ثروته الطَّائلة ولا مكانته المرْموقة ستقفان حاجزًا أمام نبْع الخير الذي فجَّرتْه في قلْبِه الصَّادق.
ولِمن لا يعرف أم سليم - رضي الله عنْها - نقول: إنَّها صاحبة سيرة عطرة، وعقل راجح، وسلوك قويم؛ فقد تراءت كأرْوع القُدوات في تربِيَتها لابنها الصَّحابي الجليل أنس بن مالك - رضِي الله عنْه - ولها مواقف تربويَّة رائعة مع أبنائِها، كما كانت زوْجة ودودًا للصَّحابي الجليل أبي طلحة، وكانت مُجاهدة أبلت بلاءً حسنًا في معركة أُحد، ثمَّ هي بعدُ طالبةُ علمٍ مهذَّبة؛ رُوي أنَّها كانت تسأل في مسائلَ دقيقة من أحكام النِّساء وتستفتح سؤالَها بقولِها: "يا رسول الله، إنَّ الله لا يستحيي من الحقِّ".
فالحياء الذي كان شعارَها و دثارَها لم يمنعها أبدًا من المشاركة في الحياة العامَّة، وتقْوية دعائم الخير في أمَّتها.
كانت - رضِي الله عنْها - تُدرك أنَّ الَّذي يستحْيي أن يأتِي الباطل هو الَّذي يدافع عن الحق ببسالة.
ربَّما أرْشَدَنَا قولُها إلى أنَّه: إمَّا أن تكون قويًّا في الباطل أو شجاعًا في الحق؛ إذ لا مستنقعَ راكدًا بيْنهما، فهما تيَّاران متحرِّكان عنيفان، لا وقوف في المنتصف كما يحدُث في زماننا، فكم من الرجال والنساء يقْضون حياتَهم في المنتصف الرَّاكد ذاك دون هويَّة واضحة، أو هدف واضح!
ألا ما أرْوَعَ لغتَنا العربيَّة الَّتي جعلت بين لفْظَي الحياة والحياء وشائجَ قويَّة! وكما قال الرَّاغب الأصفهاني في مفردات ألْفاط القرآن الكريم: "يقال: حييّ فهو حي".
فالحياء يحجِز عن كثيرٍ من خوارم المُروءة، وكأنَّ الحياء قنطرة إلى الخير كما أنَّ ترْكه قنطرة للشَّرِّ.
فلو كلَّل الحياءُ حياتَنا، لَما رأيْنا أحدَهم يُلْقِي والدَيْه في دار العجَزة!
ولو أضاء الحياءُ دروبَنا، لما رأينا شوارعَنا مزدحِمة بِمَن يلبس كلَّ زيٍّ ولوْن وشكل، وربَّما تتكرَّر بعض الصُّور في قاعات الدَّرس الجامعيَّة، ولو اتَّخذت الفتيات الحياء لهنَّ حليًّا، لاستغنين به عن مزالق الأصفر والأبيض.
ألا ليتَ الحياءَ يعود يومًا، لعلَّنا ننعم بوجنات فتياتٍ كساها الحياء احمِرارًا، بدلاً من أن تغصَّ حلوقنا حين نرى أحمر الخدود والشفاه منتشرة في الأزقة والطرقات!
ولو كان هناك جبين يندى، لَما سلَب أخٌ أَموالَ أَخيه، ولا حجر ابنٌ على أموال أبيه.
آه لو رُوِيَت حقولُنا بقطرات الحياء، لحصدْنا غلال الخير صباح مساء، ولو كان هناك جبين يندَى، لندى وتقطَّر وتفطَّر لِمَا وصل إليْه حالُنا، إنَّما أملُنا بالله ثمَّ بالقلوب التي تقْطر حياء لا ينضب، وهي أهل للتَّخطيط للخُروج من مزالق البذاء.
أم حسان الخير
**********************************
المراجع:
معجم ألفاظ مفردات القرآن الكريم، راغب الأصفهاني
صور من حياة الصَّحابة، محمَّد رأفت الباشا.
هذه أخلاقنا، محمود الخزندار.
"أما تستحيي أن تعبُد خشبةً من نبات الأرض نَجَرَها عبدٌ حبشي؟!".
أم سليم لخاطبها أبي طلحة - رضِي الله عنْهما.
• • • • •
تراها قذفت في قلبِه الطَّاهر جمرة أحْرقت الكفر وسبله، وأشعلت للإيمان نورًا ودروبًا، عندما قالت لفارس بني النَّجَّار وأحد رماة يثرِب المعدودين عِبارةً بعيدة الآثار، ريَّة الثِّمار، حوَّلت حياة أبي طلحة من مواتٍ إلى نضارةٍ وحيويَّة.
إنَّ أُمَّ سليم - رضي الله عنْها - كانت تُدْرِك جيِّدًا أنَّها تُخاطب أحدَ أثرياء قومِها، وهي على يقين بأنَّه لا ثروته الطَّائلة ولا مكانته المرْموقة ستقفان حاجزًا أمام نبْع الخير الذي فجَّرتْه في قلْبِه الصَّادق.
ولِمن لا يعرف أم سليم - رضي الله عنْها - نقول: إنَّها صاحبة سيرة عطرة، وعقل راجح، وسلوك قويم؛ فقد تراءت كأرْوع القُدوات في تربِيَتها لابنها الصَّحابي الجليل أنس بن مالك - رضِي الله عنْه - ولها مواقف تربويَّة رائعة مع أبنائِها، كما كانت زوْجة ودودًا للصَّحابي الجليل أبي طلحة، وكانت مُجاهدة أبلت بلاءً حسنًا في معركة أُحد، ثمَّ هي بعدُ طالبةُ علمٍ مهذَّبة؛ رُوي أنَّها كانت تسأل في مسائلَ دقيقة من أحكام النِّساء وتستفتح سؤالَها بقولِها: "يا رسول الله، إنَّ الله لا يستحيي من الحقِّ".
فالحياء الذي كان شعارَها و دثارَها لم يمنعها أبدًا من المشاركة في الحياة العامَّة، وتقْوية دعائم الخير في أمَّتها.
كانت - رضِي الله عنْها - تُدرك أنَّ الَّذي يستحْيي أن يأتِي الباطل هو الَّذي يدافع عن الحق ببسالة.
ربَّما أرْشَدَنَا قولُها إلى أنَّه: إمَّا أن تكون قويًّا في الباطل أو شجاعًا في الحق؛ إذ لا مستنقعَ راكدًا بيْنهما، فهما تيَّاران متحرِّكان عنيفان، لا وقوف في المنتصف كما يحدُث في زماننا، فكم من الرجال والنساء يقْضون حياتَهم في المنتصف الرَّاكد ذاك دون هويَّة واضحة، أو هدف واضح!
ألا ما أرْوَعَ لغتَنا العربيَّة الَّتي جعلت بين لفْظَي الحياة والحياء وشائجَ قويَّة! وكما قال الرَّاغب الأصفهاني في مفردات ألْفاط القرآن الكريم: "يقال: حييّ فهو حي".
فالحياء يحجِز عن كثيرٍ من خوارم المُروءة، وكأنَّ الحياء قنطرة إلى الخير كما أنَّ ترْكه قنطرة للشَّرِّ.
فلو كلَّل الحياءُ حياتَنا، لَما رأيْنا أحدَهم يُلْقِي والدَيْه في دار العجَزة!
ولو أضاء الحياءُ دروبَنا، لما رأينا شوارعَنا مزدحِمة بِمَن يلبس كلَّ زيٍّ ولوْن وشكل، وربَّما تتكرَّر بعض الصُّور في قاعات الدَّرس الجامعيَّة، ولو اتَّخذت الفتيات الحياء لهنَّ حليًّا، لاستغنين به عن مزالق الأصفر والأبيض.
ألا ليتَ الحياءَ يعود يومًا، لعلَّنا ننعم بوجنات فتياتٍ كساها الحياء احمِرارًا، بدلاً من أن تغصَّ حلوقنا حين نرى أحمر الخدود والشفاه منتشرة في الأزقة والطرقات!
ولو كان هناك جبين يندى، لَما سلَب أخٌ أَموالَ أَخيه، ولا حجر ابنٌ على أموال أبيه.
آه لو رُوِيَت حقولُنا بقطرات الحياء، لحصدْنا غلال الخير صباح مساء، ولو كان هناك جبين يندَى، لندى وتقطَّر وتفطَّر لِمَا وصل إليْه حالُنا، إنَّما أملُنا بالله ثمَّ بالقلوب التي تقْطر حياء لا ينضب، وهي أهل للتَّخطيط للخُروج من مزالق البذاء.
أم حسان الخير
**********************************
المراجع:
معجم ألفاظ مفردات القرآن الكريم، راغب الأصفهاني
صور من حياة الصَّحابة، محمَّد رأفت الباشا.
هذه أخلاقنا، محمود الخزندار.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى