ابو اسلام
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
كثير من الأزواج يشتكون ويكثرون الشكوى : لا نشعر بسعادة في حياتنا الزوجية.. زوجتي لا تبادلني الشعور بالحب.. زوجتي سريعة الغضب.. زوجتي لا تهتم بمظهرها أمامي.. زوجتي أنانية.. زوجتي كثيرة الطلبات.. زوجتي لا تهتم بالفرائض الدينية.. زوجتي ليست على قدر من العلم والثقافة.. زوجتي تفتعل المشكلات.. زوجتي كثيرة الشكوك والظنون.. زوجتي تتأخر في تلبية طلباتي.. زوجتي لا تهتم إلا بأبنائها.. زوجتي تكره عائلتي... وهكذا دواليك.. سلسلة من الأسباب التي يجعلها الأزواج سبباً في فشلهم وفقدانهم السعادة الزوجية التي كانوا ينشدونها..
ولو نظرنا في واقع الأمر لوجدنا أن الخطأ ابتدأً هو من الأزواج أنفسهم، إذ لم يحسنوا الاختيار ولم يدققوا في صفات من ستشاركهم حياتهم، وستتحمل مسئولية تنظيم حياتهم وتربية أبنائهم.
قال الشاعر:
فكيف نظن بالأبناء خيراً إذا نشئوا بحضن الجاهلات؟!
وهل يرجى لأطفال كمال إذا ارتضعوا ثديَّ الناقصات؟!
لا تصنع الأخطاء ولا تضخمها
• وقد تكون أخطاء الزوجة من صنع الزوج نفسه، بحيث يكون هو المتسبب في حدوث تلك الأخطاء وافتعال تلك المشكلات.
• وقد يكون الزوج من النوع الذي يضخم الأخطاء وينسى المحاسن، فيجعل من الحبة قبة، ويبني من التصرفات العادية تلالاً من الأوهام والظنون الفاسدة والشكوك المدمرة، وعلى من هذا حاله أن يعيد النظر في نفسه أولاً، ويقوم بإصلاحها وتقويمها حتى تكون جديرة بالحكم على الآخرين، فمن لم يستطع قيادة نفسه أنىّ له أن يتمكن من قيادة غيره!
• وعلى كل الأحوال فالصبر على أخطاء الزوجة وهفواتها أمر مطلوب، وكل إنسان معرض للخطأ والزلل والنسيان.
قال الشاعر:
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط؟
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن النقص والاعوجاج من طبيعة المرأة، وأن المتعامل معها ينبغي ألا يجهل هذه الطبيعة فيحسن إليها مهما كانت تصرفاتها، قال صلى الله عليه وسلم : "استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا" [متفق عليه].
وفي رواية لمسلم: "إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها،. وكسرها طلاقها".
قال النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث: ملاطفة النساء، والإحسان إليهن، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا يطمع باستقامتها، والله أعلم. [شرح صحيح مسلم]
دليلك إلى السعادة الزوجية
كثير من الناس يشعرون أنهم كانوا في عزوبيتهم أسعد حالا منهم بعد زواجهم، ويكفي أن نعرف أن زيجتين من كل ثلاث تبوء بالفشل، وذلك للأخطاء التي يرتكبها الزوجان قبل وبعد الزواج، وإن الزيادة المتنامية في نسب الطلاق- ناهيك عن الخيانات الزوجية- لتدل بوضوح على تعاظم هذه المشكلة وحاجتنا جميعا- رجالا ونساء- إلى أسس واضحة يقوم عليها بناء الحياة الزوجية.
وهذه بعض الخطوات العملية- أقدمها للأزواج- أرجو أن تكون معينا لهم على نجاحهم في حياتهم الزوجية، هاديا لهم السعادة الزوجية التي طالما كانوا ينشدونها
قـبل الـزواج
(1) حدد هدفك من الزواج:
هناك فئات كثيرة تفهم الزواج فهما خاطئا أو قاصرا، ولا تتصور الحكم العظيمة التي شرع من أجلها:
- فمنهم من يرى أنه متعة وشهوة جسدية فحسب.
- ومنهم من يرى أنه سبيل للإنجاب والتفاخر بكثرة الأولاد.
- ومنهم من يرى أنه فرصة للسيطرة والقيادة وبسط النفوذ.
- ومنهم من يرى أنه فرصة لإعفاف النفس وتكثير سواد المؤمنين.
- ومنهم من يرى أنه عادة توارثها الأبناء عن الآباء.
وقليل منهم من يرى أنه رسالة! ومسئولية عظمى، وتعاون مستمر، وتضحية دائمة في سبيل إسعاد البشرية وتوجيهها إلى الطريق السليم.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات
وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم
(2) اظفر بذات الدين:
• قال النبي صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " [متفق عليه].
• وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة" [رواه مسلم].
• وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنئ. وأربع من الشقاء المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق " [رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني].
(3) الودود الولود العؤود:
• وقال صلى الله عليه وسلم :"ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود، التي إذا طلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضاً حتى ترضى" [رواه الدارقطني والطبراني وحسنه الالباني].
(4) الهينة اللينة السهلة:
• قال صلى الله عليه وسلم : "ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً؟ على كل هين لين، قريب سهل " [ أخرجه الترمذي وصححه الألباني ].
(5) العابدة المطيعة:
• قال صلى الله عليه وسلم : "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " [رواه ابن حبان وصححه الألباني].
(6) الطاهرة العفيفة:
قيل لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أي النساء أفضل؟ فقالت: التي لا تعرف عيب المقال، ولا تهتدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، ولإبقاء الصيانة على أهلها.
(7) إياك وهؤلاء:
قال بعض العرب: لا تنكحوا من النساء ستة: لا أنانة، ولا منانة، ولا حنانة ولا تنكحوا حداقة، ولا براقة، ولا شداقة.
• والأنانة: هي التي تكثر التشكي والأنين، وتعصب رأسها كل ساعة.
• المنانة: التي تمن على زوجها فتقول: فعلت لأجلك كذا وكذا.
• والحنانة: التي تحن إلى زوج آخر، أو ولدها من زوج آخر.
• والحداقة: التي ترمي إلى كل شيء بحدقتها فتشتهيه، وتكلف الزوج شراءه.
• والبراقة: تحتمل معنيين:
أحدهما: أن تمضي معظم وقتها في تصقيل وجهها وتزيينه ليكون لوجهها بريق محصل بالصنع.
والثاني: أن تغضب على الطعام، فلا تأكل إلا وحدها، وتستقل نصيبها من كل شيء.
• والشداقة: المتشدقة الكثيرة الكلام.
ولو نظرنا في واقع الأمر لوجدنا أن الخطأ ابتدأً هو من الأزواج أنفسهم، إذ لم يحسنوا الاختيار ولم يدققوا في صفات من ستشاركهم حياتهم، وستتحمل مسئولية تنظيم حياتهم وتربية أبنائهم.
قال الشاعر:
فكيف نظن بالأبناء خيراً إذا نشئوا بحضن الجاهلات؟!
وهل يرجى لأطفال كمال إذا ارتضعوا ثديَّ الناقصات؟!
لا تصنع الأخطاء ولا تضخمها
• وقد تكون أخطاء الزوجة من صنع الزوج نفسه، بحيث يكون هو المتسبب في حدوث تلك الأخطاء وافتعال تلك المشكلات.
• وقد يكون الزوج من النوع الذي يضخم الأخطاء وينسى المحاسن، فيجعل من الحبة قبة، ويبني من التصرفات العادية تلالاً من الأوهام والظنون الفاسدة والشكوك المدمرة، وعلى من هذا حاله أن يعيد النظر في نفسه أولاً، ويقوم بإصلاحها وتقويمها حتى تكون جديرة بالحكم على الآخرين، فمن لم يستطع قيادة نفسه أنىّ له أن يتمكن من قيادة غيره!
• وعلى كل الأحوال فالصبر على أخطاء الزوجة وهفواتها أمر مطلوب، وكل إنسان معرض للخطأ والزلل والنسيان.
قال الشاعر:
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط؟
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن النقص والاعوجاج من طبيعة المرأة، وأن المتعامل معها ينبغي ألا يجهل هذه الطبيعة فيحسن إليها مهما كانت تصرفاتها، قال صلى الله عليه وسلم : "استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا" [متفق عليه].
وفي رواية لمسلم: "إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها،. وكسرها طلاقها".
قال النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث: ملاطفة النساء، والإحسان إليهن، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا يطمع باستقامتها، والله أعلم. [شرح صحيح مسلم]
دليلك إلى السعادة الزوجية
كثير من الناس يشعرون أنهم كانوا في عزوبيتهم أسعد حالا منهم بعد زواجهم، ويكفي أن نعرف أن زيجتين من كل ثلاث تبوء بالفشل، وذلك للأخطاء التي يرتكبها الزوجان قبل وبعد الزواج، وإن الزيادة المتنامية في نسب الطلاق- ناهيك عن الخيانات الزوجية- لتدل بوضوح على تعاظم هذه المشكلة وحاجتنا جميعا- رجالا ونساء- إلى أسس واضحة يقوم عليها بناء الحياة الزوجية.
وهذه بعض الخطوات العملية- أقدمها للأزواج- أرجو أن تكون معينا لهم على نجاحهم في حياتهم الزوجية، هاديا لهم السعادة الزوجية التي طالما كانوا ينشدونها
قـبل الـزواج
(1) حدد هدفك من الزواج:
هناك فئات كثيرة تفهم الزواج فهما خاطئا أو قاصرا، ولا تتصور الحكم العظيمة التي شرع من أجلها:
- فمنهم من يرى أنه متعة وشهوة جسدية فحسب.
- ومنهم من يرى أنه سبيل للإنجاب والتفاخر بكثرة الأولاد.
- ومنهم من يرى أنه فرصة للسيطرة والقيادة وبسط النفوذ.
- ومنهم من يرى أنه فرصة لإعفاف النفس وتكثير سواد المؤمنين.
- ومنهم من يرى أنه عادة توارثها الأبناء عن الآباء.
وقليل منهم من يرى أنه رسالة! ومسئولية عظمى، وتعاون مستمر، وتضحية دائمة في سبيل إسعاد البشرية وتوجيهها إلى الطريق السليم.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات
وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم
(2) اظفر بذات الدين:
• قال النبي صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " [متفق عليه].
• وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة" [رواه مسلم].
• وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنئ. وأربع من الشقاء المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق " [رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني].
(3) الودود الولود العؤود:
• وقال صلى الله عليه وسلم :"ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود، التي إذا طلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضاً حتى ترضى" [رواه الدارقطني والطبراني وحسنه الالباني].
(4) الهينة اللينة السهلة:
• قال صلى الله عليه وسلم : "ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً؟ على كل هين لين، قريب سهل " [ أخرجه الترمذي وصححه الألباني ].
(5) العابدة المطيعة:
• قال صلى الله عليه وسلم : "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " [رواه ابن حبان وصححه الألباني].
(6) الطاهرة العفيفة:
قيل لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أي النساء أفضل؟ فقالت: التي لا تعرف عيب المقال، ولا تهتدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، ولإبقاء الصيانة على أهلها.
(7) إياك وهؤلاء:
قال بعض العرب: لا تنكحوا من النساء ستة: لا أنانة، ولا منانة، ولا حنانة ولا تنكحوا حداقة، ولا براقة، ولا شداقة.
• والأنانة: هي التي تكثر التشكي والأنين، وتعصب رأسها كل ساعة.
• المنانة: التي تمن على زوجها فتقول: فعلت لأجلك كذا وكذا.
• والحنانة: التي تحن إلى زوج آخر، أو ولدها من زوج آخر.
• والحداقة: التي ترمي إلى كل شيء بحدقتها فتشتهيه، وتكلف الزوج شراءه.
• والبراقة: تحتمل معنيين:
أحدهما: أن تمضي معظم وقتها في تصقيل وجهها وتزيينه ليكون لوجهها بريق محصل بالصنع.
والثاني: أن تغضب على الطعام، فلا تأكل إلا وحدها، وتستقل نصيبها من كل شيء.
• والشداقة: المتشدقة الكثيرة الكلام.
ابو اسلام
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
(8) حسنة الخلق صابرة:
عن ابن جعدبة قال: كان في قريش رجل في خلقه سوء، وفي يده سماح، وكان ذا مال، فكان لا يكاد يتزوج امرأة إلا فارقها لسوء خلقه وقلة احتمالها، فخطب امرأة من قريش جليلة القدر، وبلغها عنه سوء- فلما انقطع ما بينهما من المهر قال لها يا هذه! إن في سوء خلق، فإن كان بك صبر، وإلا فلست أغرك بي. فقالت له أسوأ خلقاً منك لمن يحوجك إلى سوء الخلق، ثم تزوجته، فما جرى بينهما كلمة حتى فرق بينهما الموت.
(9) التكافؤ:
لا تتزوج امرأة ترى أنها تسدي إليك معروفاً بزواجها منك، واعلم أنك إذا فعلت ذلك فسوف تثحول حياتكما الزوجية إلى نكل دائم وتعاسة مستمرة. فإما أن ترضخ لزوجتك باعتبارها صاحبة المعروف والشريك الأعلى، وبذلك تفقد اعتبارك وإحساسك بالأهمية، وإما أن تطالب بحقك في القوامة والريادة والمسئولية، وعند ذلك لن تخضع لك شريكتك لأنها تنظر إليك على الدوام نظرة الشريك الأدنى، ففي كلا الحالين سوف تنشأ المشكلات، والسلامة ألا تقدم على مثل هذا الزواج.
(10) التقارب:
لا تتزوج امرأة على نقيضك تماما في الذوق والمشارب والاهتمامات؛ لأن هذه الأشياء هي التي تكوّن حياتكما الزوجية متعتها فكلما كانت الشقة بينكما بعيدة كلما فقدت حياتكما الزوجية متعتها. وكلما تزايدت عاداتكما وصفاتكما واهتماماتكما المتشابهة كلما قويت سعادتكما وازدادت فرص نجاحكما.
(11) لا تخفي عيوبك عمن اخترتها أن تكون شريكه حياتك، بل أطلعها على عيوبك كلها، كحدة الطبع، وسرعة الغضب، وشدة الغيرة التي تجاوز الحد المحمود، والحرص الشديد، وغير ذلك، فإن رضيت بك على ذلك فهذا شأنها، وربما استطاعت أن تغير فيك هذه الصفات السلبية وتجعل عوضا عنها صفات إيجابية. أما إذا لم تظهر سوى صفاتك الحميدة، وطباعك الرشيدة، وبالغت في كتمان العيوب، فسرعان ما سيتكشف أمرك بعد الزواج، وستظهر بصورة الكاذب المخادع أمام زوجتك، وهذا نذير بالخطر المحدق بحياتكما الزوجية.
(13) اتفقا على كل شيء قبل الزواج حتى لا تكثر بينكما الخلافات بعد الزواج، ومن الأشياء التي يجب الاتفاق بشأنها:
• طبيعة ومكان وأثاث منزل الزوجية
• كيفية الإنفاق.
• عمل الزوجة.
• خروج الزوجة.
• نظرتكما للمناسبات والعادات الاجتماعية.
• وقبل ذلك الاتفاق على هدفكما من الزواج، بل في الحياة كلها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات
من صور الإتفاق
روي أن شريحاً القاضي قابل الشعبي يوماً، فسأله الشعبي عن حاله في بيته فقال له: من عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي!
قال له: وكيف ذلك؟
قال شريح: من أول ليلة دخلت على امرأتي رأيت فيها حسناً فاتناً، وجمالاً نادراً، قلت في نفسي: سوف أتطهر وأصلي ركعتين شكراً لله، فلما سلمت وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي. فلما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء قمت إليها فمددت يدي نحوها، فقالت: على رسلك يا أبا أمية، كما أنت، ثم قالت الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، أما بعد: إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه وما تكره فأتركه، وقالت: إنه كان في قومك من تتزوجه من نسائكم، وفي قومي من الرجال من هو كفء لي، ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً، وقد ملكت فاصنع ما أمرك به الله، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولك.
قال شريح: فأحوجتني- والله- يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على النبي وآله وسلم، وبعد: فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك حظك، وإن تدّعيه يكن حجة عليك. أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما رأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها.
فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟
قلت: ما أحب أن يملني أصهاري.
فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له، ومن تكره فأكره؟
قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء.
قال شريح: فبت معها بأنعم ليلة، فمكثت معي عشرين عاماً لم أعقب عليها في شيء إلا مرة، وكنت لها ظالماً.
بـعـد الـزواج
(1) ارض بما قسم الله لك:
إذا تزوجت امرأة فيجب عليك أن ترضى بها زوجة لك، إذ لا مفر لك من ذلك، ولن تجني من وراء بغضك لها وكرهك إياها إلا الحسرة والتعاسة والفشل في الحياة.
أين نحن من هؤلاء؟
قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عمل عندك؟
قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبي. فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان! أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرت أباها، وكان فقيراً فزوّجني منها، وفرح بذلك.
فلما دخلت إليّ رأيتها عوراء، عرجاء مشومة!! قال: وكانت لمحبتها لي تمنعني الخروج فأقعد حفظا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئا. فبقيت هكذا خمس عشر حتى ماتت، فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي لقلبها. [صيد الخاطر].
(2) اعلم أن أهم ما ينبغي لك إدراكه هو أن سعادتك في الزواج تتوقف على ما تفعله بعد زواجك، فإذا كنت شخصاً متزناً عاقلاً خالياً من العقد النفسية، مستقيماً على شرع الله، ففي استطاعتك أن تحقق لنفسك السعادة في الزواج، فالزواج برغم مشكلاته ومصاعبه هو أفضل طرق الحياة وأرضاها.
(3) جدد حبك لزوجتك:
لا يمكن أن تستمر سعادتك الزوجية إلا بتجديد حبك لزوجتك، فالحب هو الذي يصنع الزواج السعيد، بل هو الباعث على كل التصرفات الحميدة.
(4) اعلم أن زوجتك ليست أنت:
على الرغم من نقاط الاتفاق التي تجمع بينك وبين زوجتك، فينبغي عليك أن تقدر ما تنفرد به عنك زوجتك من نقاط اختلاف فلا يمكن لاثنين يجتمعان في خلية زوجية أن يكونا متطابقين تماماً تطابق نصفي الكرة ولابد أن يكون كل منهما متفرداً بشخصية مميزة وذاتية محددة، تجعله بعيداً عن التماثل مع صاحبه.
(5) لا تظن أن الكارثة قد وقعت عند أي خلاف:
قد تنشأ الخلافات والمنغصات والمشكلات في أي لحظة، ولأي سبب، وذلك لاختلاف رغبات كل من الزوجين، وعند ذلك عليك أن تتقبل هذه الاختلافات على أنها أمر طبيعي لابد منه، وتحاول علاجها بالنقاش الهادئ والحوار البنّاء فلكل داء دواء، ولكل مشكلة علاج، فلا تيأس من علاج أي مشكلة إذا كنت تتطلع إلى تأسيس حياة زوجية سعيدة.
(6) حاول تحاشي إثارة الموضوعات التي تثير حساسية زوجتك، وتستدعي غضبها، واجتنب القيام أمامها بعمل شيء تعرف سلفاً أنها لا ترضى عنه.
(7) لا تكن معارضاً لكل اقتراح أو رأي يصدر عن زوجتك، فإن ذلك يؤلمها ويفقدها الإحساس بقيمتها عندك، مما يؤثر على سعادتكما الزوجية، وعليك- بدلاً من ذلك- أن
تشجعها على إبداء رأيها، وتحمد الصواب من آرائها، ولا تظهر المعارضة لأمور تعرف أنها محبوبة ومرغوبة لديها إلا ما كان فيه محذور شرعي، وفي هذه الحالة عليك التوجيه بلطف ولين ورفق.
(8) اعلم أن قوامة الرجل على زوجته لا تعني البطش والتعالي والتكبر، وإنما تعني الرعاية والحفظ والرأفة والرحمة ووضع كل أمر في موضعه شدة وليناً، ولا شك أن سوء استخدام الرجل لصلاحياته المعطاة له يؤدي إلى نقيض السعادة. [انظر الخلافات الزوجية في ضوء الكتاب والسنة].
(9) اعرف طبيعة زوجتك:
إن جانب العاطفة لدى المرأة أقوى منه لدى الرجل، وقد يطغى عليها هذا الجانب فتقوم بتصرفات خاطئة، والواجب عليك عندئذ ألا تقابل هذه الثورة العاطفية بثورة أخرى غضبية منشؤها إرادتك إظهار رجولتك، فإن الرجولة الحقيقية تعني التعقل في جميع التصرفات، ووضع الأمور في نصابها، وقيادة سفينة الحياة حتى تصل إلى بر الأمان.
(10) أشعر نفسك بالرضا والسعادة:
لا تكن كهؤلاء الرجال الذين لا يرون ما عند زوجاتهم من الإيجابيات والفضائل ولا ينظرون إليهن إلا بعين التقصير والانتقاص
قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا
وقال آخر:
نظروا بعين عداوة لو أنها عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا
(11) لا تتخيل أن امرأة أحسن من زوجتك:
قال ابن الجوزي: "أكثر شهوات الحسن النساء. وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج والتسري، فإذا حصل له مراده لم يزل ينظر في عيوب الحاصل التي ما كان يتفكر فيها، فيمل ويطلب شيئاً آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها أو لا عقل، أو لا محبة لها أو لا تدبير، فيفوِّت أكثر مما حصل!
وهذا المعنى هو الذي أوقع الزناة في الفواحش، لأنهم يجالسون المرأة حال استتار عيوبها عنهم، وظهور محاسنها، فتلذهم تلك الساعة ثم ينتقلون إلى أخرى.
فليعلم العاقل أن لا سبيل إلى! مراد تام كما يريد: { وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } (267) سورة البقرة وذو الأنفة يأنف من الوسخ صورة وعيب الخلق معنى، فليقنع بما باطنه
الدين وظاهره الستر والقناعة، فإنه يعيش مرفه السر طيب القلب. ومتى استكثر فإنما يستكثر من شغل قلبه ورقة دينه "[صيد الخاطر].
(12) لا تفتش عن العيوب الخفية:
قال ابن الجوزي: "ينبغي للعاقل أن يكون له وقت معلوم يأمر زوجته بالتصنع له فيه، ثم يغمض عن التفتيش، ليطيب له عيشه، وينبغي لها أن تتفقد من نفسها هذا، فلا تحضره إلا على أحسن حال، وبمثل هذا يدوم العيش.
فأما إذا حصلت البذلة بانت بها العيوب، فنبت- أي نفرت- النفس وطلبت الاستبدال، ثم يقع في الثانية مثل ما يقع في الأولى.
وكذلك ينبغي أن يتصنع لها كتصنعها له ليدوم الود بحسن الائتلاف.
ومتى لم يجر الأمر على هذا في حق من له أنفة من شيء تنبو عنه النفس، وقع في أحد أمرين: إما الإعراض عنها، وإما الاستبدال بها.
ويحتاج في حالة الإعراض إلى صبر عن أغراضه. وفي حالة الاستبدال إلى فضل مؤنة، وكلاهما يؤذي.
ومتى لم يستعمل ما وصفنا لم يطب له عيش في متعة، ولم يقدر على دفع الزمان كما ينبغي.
(13) أسعد زوجتك تسعد:
أعط لتأخذ، هذا هو أحد قوانين الحياة، فإذا أعطيت لزوجتك السعادة حصلت عليها، واعلم أن المستفيد الأول من سعادة زوجتك هو أنت، لأنك إذا نجحت في إسعادها فسوف لا تدخر وسعاً لإسعادك ورد الجميل إليك، فإحساس المرأة المرهف يأبى أن يأخذ ولا يعطي؛ لأنها بطبيعتها تحب العطاء والبذل والتضحية من أجل من تحب.
ولإسعاد زوجتك:
• قم باستشارتها في أمورك.
• استخدم معها الأسلوب الرقيق.
• تلطف في الأوامر ولا تقرن أوامرك بالتعالي والتكبر.
• وفر لها ما يلزمها من نفقة وما تحتاجه من أجهزة منزلية.
• مازحها ولاعبها وضاحكها في بعض الأوقات.
• اجعل لها جزءاً من وقتك، ولا تجعل عملك يلهيك عن إيناسها.
• أعلمها بحبك لها وغيرتك عليها.
• قدم لها الهدايا.
• راع توترها صحياً ونفسياً واجتهد في حل مشكلاتها.
• تجاوز عن هفواتها ولا تكثر عليها الطلبات.
(14) اهتم بالنظافة:
من أهم الأمور التي يسعد بها الرجل مع المرأة وتسعد بها المرأة مع الرجل النظافة، وإن إهمال هذا الجانب يوجب نفور كل من الطرفين من الآخر، وقد نشأت خلافات زوجية ومشكلات أدت إلى الطلاق بسبب إهمال الرجل تنظيف فمه أو بدنه أو إبطه أو إصراره على التدخين، أو تركه تنظيف الحمام بعد قضاء حاجته، أو غير ذلك من الأمور التي تدل على عدم اكتراث الرجل بأمر النظافة.
عن ابن جعدبة قال: كان في قريش رجل في خلقه سوء، وفي يده سماح، وكان ذا مال، فكان لا يكاد يتزوج امرأة إلا فارقها لسوء خلقه وقلة احتمالها، فخطب امرأة من قريش جليلة القدر، وبلغها عنه سوء- فلما انقطع ما بينهما من المهر قال لها يا هذه! إن في سوء خلق، فإن كان بك صبر، وإلا فلست أغرك بي. فقالت له أسوأ خلقاً منك لمن يحوجك إلى سوء الخلق، ثم تزوجته، فما جرى بينهما كلمة حتى فرق بينهما الموت.
(9) التكافؤ:
لا تتزوج امرأة ترى أنها تسدي إليك معروفاً بزواجها منك، واعلم أنك إذا فعلت ذلك فسوف تثحول حياتكما الزوجية إلى نكل دائم وتعاسة مستمرة. فإما أن ترضخ لزوجتك باعتبارها صاحبة المعروف والشريك الأعلى، وبذلك تفقد اعتبارك وإحساسك بالأهمية، وإما أن تطالب بحقك في القوامة والريادة والمسئولية، وعند ذلك لن تخضع لك شريكتك لأنها تنظر إليك على الدوام نظرة الشريك الأدنى، ففي كلا الحالين سوف تنشأ المشكلات، والسلامة ألا تقدم على مثل هذا الزواج.
(10) التقارب:
لا تتزوج امرأة على نقيضك تماما في الذوق والمشارب والاهتمامات؛ لأن هذه الأشياء هي التي تكوّن حياتكما الزوجية متعتها فكلما كانت الشقة بينكما بعيدة كلما فقدت حياتكما الزوجية متعتها. وكلما تزايدت عاداتكما وصفاتكما واهتماماتكما المتشابهة كلما قويت سعادتكما وازدادت فرص نجاحكما.
(11) لا تخفي عيوبك عمن اخترتها أن تكون شريكه حياتك، بل أطلعها على عيوبك كلها، كحدة الطبع، وسرعة الغضب، وشدة الغيرة التي تجاوز الحد المحمود، والحرص الشديد، وغير ذلك، فإن رضيت بك على ذلك فهذا شأنها، وربما استطاعت أن تغير فيك هذه الصفات السلبية وتجعل عوضا عنها صفات إيجابية. أما إذا لم تظهر سوى صفاتك الحميدة، وطباعك الرشيدة، وبالغت في كتمان العيوب، فسرعان ما سيتكشف أمرك بعد الزواج، وستظهر بصورة الكاذب المخادع أمام زوجتك، وهذا نذير بالخطر المحدق بحياتكما الزوجية.
(13) اتفقا على كل شيء قبل الزواج حتى لا تكثر بينكما الخلافات بعد الزواج، ومن الأشياء التي يجب الاتفاق بشأنها:
• طبيعة ومكان وأثاث منزل الزوجية
• كيفية الإنفاق.
• عمل الزوجة.
• خروج الزوجة.
• نظرتكما للمناسبات والعادات الاجتماعية.
• وقبل ذلك الاتفاق على هدفكما من الزواج، بل في الحياة كلها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات
من صور الإتفاق
روي أن شريحاً القاضي قابل الشعبي يوماً، فسأله الشعبي عن حاله في بيته فقال له: من عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي!
قال له: وكيف ذلك؟
قال شريح: من أول ليلة دخلت على امرأتي رأيت فيها حسناً فاتناً، وجمالاً نادراً، قلت في نفسي: سوف أتطهر وأصلي ركعتين شكراً لله، فلما سلمت وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي. فلما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء قمت إليها فمددت يدي نحوها، فقالت: على رسلك يا أبا أمية، كما أنت، ثم قالت الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، أما بعد: إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه وما تكره فأتركه، وقالت: إنه كان في قومك من تتزوجه من نسائكم، وفي قومي من الرجال من هو كفء لي، ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً، وقد ملكت فاصنع ما أمرك به الله، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولك.
قال شريح: فأحوجتني- والله- يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على النبي وآله وسلم، وبعد: فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك حظك، وإن تدّعيه يكن حجة عليك. أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما رأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها.
فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟
قلت: ما أحب أن يملني أصهاري.
فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له، ومن تكره فأكره؟
قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء.
قال شريح: فبت معها بأنعم ليلة، فمكثت معي عشرين عاماً لم أعقب عليها في شيء إلا مرة، وكنت لها ظالماً.
بـعـد الـزواج
(1) ارض بما قسم الله لك:
إذا تزوجت امرأة فيجب عليك أن ترضى بها زوجة لك، إذ لا مفر لك من ذلك، ولن تجني من وراء بغضك لها وكرهك إياها إلا الحسرة والتعاسة والفشل في الحياة.
أين نحن من هؤلاء؟
قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عمل عندك؟
قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبي. فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان! أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرت أباها، وكان فقيراً فزوّجني منها، وفرح بذلك.
فلما دخلت إليّ رأيتها عوراء، عرجاء مشومة!! قال: وكانت لمحبتها لي تمنعني الخروج فأقعد حفظا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئا. فبقيت هكذا خمس عشر حتى ماتت، فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي لقلبها. [صيد الخاطر].
(2) اعلم أن أهم ما ينبغي لك إدراكه هو أن سعادتك في الزواج تتوقف على ما تفعله بعد زواجك، فإذا كنت شخصاً متزناً عاقلاً خالياً من العقد النفسية، مستقيماً على شرع الله، ففي استطاعتك أن تحقق لنفسك السعادة في الزواج، فالزواج برغم مشكلاته ومصاعبه هو أفضل طرق الحياة وأرضاها.
(3) جدد حبك لزوجتك:
لا يمكن أن تستمر سعادتك الزوجية إلا بتجديد حبك لزوجتك، فالحب هو الذي يصنع الزواج السعيد، بل هو الباعث على كل التصرفات الحميدة.
(4) اعلم أن زوجتك ليست أنت:
على الرغم من نقاط الاتفاق التي تجمع بينك وبين زوجتك، فينبغي عليك أن تقدر ما تنفرد به عنك زوجتك من نقاط اختلاف فلا يمكن لاثنين يجتمعان في خلية زوجية أن يكونا متطابقين تماماً تطابق نصفي الكرة ولابد أن يكون كل منهما متفرداً بشخصية مميزة وذاتية محددة، تجعله بعيداً عن التماثل مع صاحبه.
(5) لا تظن أن الكارثة قد وقعت عند أي خلاف:
قد تنشأ الخلافات والمنغصات والمشكلات في أي لحظة، ولأي سبب، وذلك لاختلاف رغبات كل من الزوجين، وعند ذلك عليك أن تتقبل هذه الاختلافات على أنها أمر طبيعي لابد منه، وتحاول علاجها بالنقاش الهادئ والحوار البنّاء فلكل داء دواء، ولكل مشكلة علاج، فلا تيأس من علاج أي مشكلة إذا كنت تتطلع إلى تأسيس حياة زوجية سعيدة.
(6) حاول تحاشي إثارة الموضوعات التي تثير حساسية زوجتك، وتستدعي غضبها، واجتنب القيام أمامها بعمل شيء تعرف سلفاً أنها لا ترضى عنه.
(7) لا تكن معارضاً لكل اقتراح أو رأي يصدر عن زوجتك، فإن ذلك يؤلمها ويفقدها الإحساس بقيمتها عندك، مما يؤثر على سعادتكما الزوجية، وعليك- بدلاً من ذلك- أن
تشجعها على إبداء رأيها، وتحمد الصواب من آرائها، ولا تظهر المعارضة لأمور تعرف أنها محبوبة ومرغوبة لديها إلا ما كان فيه محذور شرعي، وفي هذه الحالة عليك التوجيه بلطف ولين ورفق.
(8) اعلم أن قوامة الرجل على زوجته لا تعني البطش والتعالي والتكبر، وإنما تعني الرعاية والحفظ والرأفة والرحمة ووضع كل أمر في موضعه شدة وليناً، ولا شك أن سوء استخدام الرجل لصلاحياته المعطاة له يؤدي إلى نقيض السعادة. [انظر الخلافات الزوجية في ضوء الكتاب والسنة].
(9) اعرف طبيعة زوجتك:
إن جانب العاطفة لدى المرأة أقوى منه لدى الرجل، وقد يطغى عليها هذا الجانب فتقوم بتصرفات خاطئة، والواجب عليك عندئذ ألا تقابل هذه الثورة العاطفية بثورة أخرى غضبية منشؤها إرادتك إظهار رجولتك، فإن الرجولة الحقيقية تعني التعقل في جميع التصرفات، ووضع الأمور في نصابها، وقيادة سفينة الحياة حتى تصل إلى بر الأمان.
(10) أشعر نفسك بالرضا والسعادة:
لا تكن كهؤلاء الرجال الذين لا يرون ما عند زوجاتهم من الإيجابيات والفضائل ولا ينظرون إليهن إلا بعين التقصير والانتقاص
قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا
وقال آخر:
نظروا بعين عداوة لو أنها عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا
(11) لا تتخيل أن امرأة أحسن من زوجتك:
قال ابن الجوزي: "أكثر شهوات الحسن النساء. وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج والتسري، فإذا حصل له مراده لم يزل ينظر في عيوب الحاصل التي ما كان يتفكر فيها، فيمل ويطلب شيئاً آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها أو لا عقل، أو لا محبة لها أو لا تدبير، فيفوِّت أكثر مما حصل!
وهذا المعنى هو الذي أوقع الزناة في الفواحش، لأنهم يجالسون المرأة حال استتار عيوبها عنهم، وظهور محاسنها، فتلذهم تلك الساعة ثم ينتقلون إلى أخرى.
فليعلم العاقل أن لا سبيل إلى! مراد تام كما يريد: { وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } (267) سورة البقرة وذو الأنفة يأنف من الوسخ صورة وعيب الخلق معنى، فليقنع بما باطنه
الدين وظاهره الستر والقناعة، فإنه يعيش مرفه السر طيب القلب. ومتى استكثر فإنما يستكثر من شغل قلبه ورقة دينه "[صيد الخاطر].
(12) لا تفتش عن العيوب الخفية:
قال ابن الجوزي: "ينبغي للعاقل أن يكون له وقت معلوم يأمر زوجته بالتصنع له فيه، ثم يغمض عن التفتيش، ليطيب له عيشه، وينبغي لها أن تتفقد من نفسها هذا، فلا تحضره إلا على أحسن حال، وبمثل هذا يدوم العيش.
فأما إذا حصلت البذلة بانت بها العيوب، فنبت- أي نفرت- النفس وطلبت الاستبدال، ثم يقع في الثانية مثل ما يقع في الأولى.
وكذلك ينبغي أن يتصنع لها كتصنعها له ليدوم الود بحسن الائتلاف.
ومتى لم يجر الأمر على هذا في حق من له أنفة من شيء تنبو عنه النفس، وقع في أحد أمرين: إما الإعراض عنها، وإما الاستبدال بها.
ويحتاج في حالة الإعراض إلى صبر عن أغراضه. وفي حالة الاستبدال إلى فضل مؤنة، وكلاهما يؤذي.
ومتى لم يستعمل ما وصفنا لم يطب له عيش في متعة، ولم يقدر على دفع الزمان كما ينبغي.
(13) أسعد زوجتك تسعد:
أعط لتأخذ، هذا هو أحد قوانين الحياة، فإذا أعطيت لزوجتك السعادة حصلت عليها، واعلم أن المستفيد الأول من سعادة زوجتك هو أنت، لأنك إذا نجحت في إسعادها فسوف لا تدخر وسعاً لإسعادك ورد الجميل إليك، فإحساس المرأة المرهف يأبى أن يأخذ ولا يعطي؛ لأنها بطبيعتها تحب العطاء والبذل والتضحية من أجل من تحب.
ولإسعاد زوجتك:
• قم باستشارتها في أمورك.
• استخدم معها الأسلوب الرقيق.
• تلطف في الأوامر ولا تقرن أوامرك بالتعالي والتكبر.
• وفر لها ما يلزمها من نفقة وما تحتاجه من أجهزة منزلية.
• مازحها ولاعبها وضاحكها في بعض الأوقات.
• اجعل لها جزءاً من وقتك، ولا تجعل عملك يلهيك عن إيناسها.
• أعلمها بحبك لها وغيرتك عليها.
• قدم لها الهدايا.
• راع توترها صحياً ونفسياً واجتهد في حل مشكلاتها.
• تجاوز عن هفواتها ولا تكثر عليها الطلبات.
(14) اهتم بالنظافة:
من أهم الأمور التي يسعد بها الرجل مع المرأة وتسعد بها المرأة مع الرجل النظافة، وإن إهمال هذا الجانب يوجب نفور كل من الطرفين من الآخر، وقد نشأت خلافات زوجية ومشكلات أدت إلى الطلاق بسبب إهمال الرجل تنظيف فمه أو بدنه أو إبطه أو إصراره على التدخين، أو تركه تنظيف الحمام بعد قضاء حاجته، أو غير ذلك من الأمور التي تدل على عدم اكتراث الرجل بأمر النظافة.
ابو اسلام
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الإسلام دين النظافة
قال ابن الجوزي: ((تلمحت على خلق كثير من الناس إهمال أبدانهم، فمنهم من لا ينظف فمه بالخلال بعد الأكل، ومنهم من لا ينقي يديه بغسلهما من الزهم- رائحة اللحم والدهون- ومنهم من لا يكاد يستاك، وفيهم من لا يكتحل، ومنهم من لا يراعي الإبط إلى غير ذلك، فيعود هذا الإهمال بالخلل في الدين والدنيا.
أما الدين، فإنه قد أمر المؤمن بالتنظف والاغتسال للجمعة لأجل اجتماعه بالناس،ونهى عن دخول المسجد إذا أكل الثوم، أمر الشرع بتنقية البراجم وقص الأظفار والسواك والاستحداد (حلق العانة) وغير ذلك ا لآداب.
و أما الدنيا(( فإني رأيت جماعة المهملين أنفسهم يتقدمون إلى السرار- المناجاة عن قرب- والغفلة التي أوجبت إهمالهم أنفسهم أوجبت جهلهم بالأذى الحادث عنهم، فإذا أخذوا في مناجاة السر يمكن أن أصدف عنهم، لأنهم يقصد السر، فألقى الشدائد من ريح أفواههم.
ثم يوجب مثل هذا نفور المرأة، وقد لا تستحسن ذكر ذلك الرجل، فيثمر ذلك التفاتها عنه.
وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أنظف الناس وأطيب الناس، وكان يكره أن يشم منه ريح ليست طيبة.
وقد قالت الحكماء: من نظف ثوبه قلّ همه، ومن طاب ريحه زاد عقله.
ثم إنه يقرب من قلوب الخلق، وتحبه النفوس لنظافته وطيبه.
ثم إنه يؤنس الزوجة بتلك الحال، النساء شقائق الرجال، فكما أنه يكره الشيء منها، فكذلك هي تكرهه، وربما صبر هو على ما يكره وهي لا تصبر" [ صيد الخاطر باختصار ]
(15) تخلص من القلق:
القلق عدو السعادة وقاتلها، ومن عاش في أسر القلق النفسي لا ترجى له سعادة وكثير من الناس ينتابهم القلق خوفاً على حياتهم الزوجية من التصدع والانهيار فينبغي على هؤلاء أن يعلموا أن القلق لا يفيد شيئاً، ولا يحل مشكلة، بل إنه على العكس من ذلك يزيد المشكلات ويشل العقل عن التفكير في الحلول الصحيحة، ولأنه مشكلة في حد ذاته فينبغي علاجه أولاً ثم علاج باقي المشكلات بعد ذلك.
ويكون القلق المرتبط بالحياة الزوجية عادة بسبب ما يلي:
أ- الخوف من عدم القدرة على الإنفاق.
ب- الخوف من حدوث مشكلات مالية.
ج- الخوف من تغيير سلوك الزوجة وحدوث ما يوجب الشقاق.
د- الخوف من عدم القدرة على التوافق الجنسي وإشباع حاجة الزوجة في هذا الجانب.
هـ- الخوف من حدوث وفاة مفاجئة فتضيع الأسرة.
فهذا النوع من القلق لا داعي له وهو يصيب أولئك المذبذبين الذين يعتمدون على الأسباب ولا يتوكلون على مسبب الأسباب، فالواجب أن يعمل الإنسان ويترك النتائج على الله تعالى، وأن يرضى بالقضاء والقدر ولا بأس أن يأخذ بالأسباب، ويدفع القدر بالقدر، مع التوكل التام على الله واللجوء والتضرع إليه، وسؤاله العفو والعافية.
(16) لا تكن سريع الغضب:
إن التخلص من الغضب بالكلية أمر عسير، إلا أن العاقل لا يكون سريع الغضب بحيث يستفزه أي تصرف، وكذلك فإنه لا يسيطر عليه الغضب بحيث يصبح من سماته، فإنه إذا كان كذلك فقد السعادة، وامتلأت حياته بالنكد والأحزان، لأن الغضب إذا زاد عن حده خرج عن حدود العدل والرحمة والإنصاف، إلى الظلم والقسوة والإجحاف.
قال النبي صلى الله عليه : "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب [متفق عليه].
إن كثيراً من حالات الطلاق تقع تحت تأثير الغضب، ولذلك فإن الرجل إذا هدأت ثورة غضبه ندم على هذا التصرف الذي وقع منه وقد يكون طلاقاً بائناً فلا ينفع ندمه حينئذ ويخسر زوجته التي يحبها، ولا يمكن استدراك أمره إلا أن ينكحها رجل آخر وطلقها، وهذا من أشق الأمور على ذي الأنفة.
(17) لا تحتفظ بذكريات الآلام:
بعض الرجال يجعلون لأخطاء زوجاتهم وهفواتهن وسوء تصرفاتهن خزانة في صدورهم، ويظلون يجمعون هذه الأخطاء والهنات والكلمات المؤلمة خطأ خطأ وكلمة كلمة، حتى إذا وقع خلاف ما فتحوا تلك الخزانة وأخرجوا ما بداخلها من ذكريات الآلام مما يزيد حجم المشكلة ويوسع رقعة الخلاف.
ولا يمكن لهؤلاء أن يسعدوا في حياتهم الزوجية طالما أنهم يحتفظون بهذه الذكريات المؤلمة، والواجب عليهم أن يفتحوا تلك الخزانة ويلقوا ما بداخلها ولا يحتفظوا إلا بالذكريات السعيدة، والأيام الجميلة، والليالي الرائعة التي قضوها مع زوجاتهم،فالحر من راعى وداد لحظة!!
(18) ابتغ الأجر من الله:
ولكي تشعر بالسعادة الزوجية عليك أن تعرف ما ينتظرك من أجر وثواب على إحسانك لزوجتك ورفقك بها، ومحبتك لها؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أجراً في اللقاء بين الزوجين، فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وفي بضع أحدكم صدقة)) قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" [رواه مسلم].
قال الإمام النووي: "وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه، أو إعفاف الزوجة، ومنعهما جميعاً من النظر إلى حرام أو الفكر فيه، أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة". وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "... ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك " [متفق عليه].
(19) تخلص من التصورات الخاطئة عن النساء:
بعض الرجال يعاملون زوجاتهم من خلال تصورات خاطئة توارثوها عن آبائهم، مثل اعتقاد البعض أن المرأة لا وفاء لها ولا أمان أو أنها تأخذ ولا تعطي، أو أنها تتمتع بقدر كبير من الحقد والكراهية، وتصور مثل هذه الأمور وجعلها مقياساً للتعامل بين الزوجين كفيل بإفساد الحياة الزوجية وإفشالها.
(30) لا تنتظر السآمة والفشل:
هناك أناس كان يمكنهم أن يكونوا في قمة السعادة مع زوجاتهم لولا اعتقاد خاطئ يملك عليهم تفكيرهم، وهو أنه سيأتي اليوم الذي ستتمكن فيه المشكلات من الوصول إلى هذه السعادة وتدميرها، وستحصل يومئذ السآمة والملل من هذه الحياة.
والحقيقة أنه ليس حتماً أن يأتي ذلك ليوم، فهناك نماذج كثيرة من البشر ظلت على سعادتها إلى أن فرق بينهما الموت، ولم يسمحوا لشيء ذي بال أن يعكر عليهم صفو حياتهم أو يفقدهم بريق سعادتهم.
(21) عليك بالصمت:
قد ينشأ بينك وبين زوجتك خلاف ما فيعلوا صوتكما وتلجآن إلى الصياح، ويضيع الحق وسط صراخكما، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يكون هناك حل لتلك المشكلة وحسم لذاك الخلاف، والحل الأمثل للخروج من هذه الورطة أن تقترح هذا الاقتراح:
لنحاول الصمت لحظة بدلاً من الاسترسال في هذا الصراخ. وسترى مفعول هذه اللحظات من الصمت، إنه مفعول عظيم، أما إذا استطعت أن تحول الصمت إلى ابتسام فتكون قد بلغت غاية الأمل.
إن الصمت علاج فعال يهيئ الإنسان للتفكير السليم والحكم الصحيح على الأحداث، وقد يكون سببا في اعتراف المخطئ بخطئه وإنهاء المشكلة قبل تطورها .
(22) اجتنب النقد العقيم:
هناك فرق بين النصح والإرشاد الذي تفوح منه رائحة المحبة والاحترام وبين النقد العقيم الذي هو نوع من التوبيخ والتعيير.
إن هذا النوع من النقد سهم قاتل للسعادة الزوجية إذا تكرر وانعدمت فيه اللباقة واللطف.
إن على الزوج أن يتحلى بالكياسة عند نصح زوجته وإرشادها إلى أمر ما، فمع أنها أقدر على تحمل أخطاء زوجها من الغير، إلا أنها إنسانة ذات مشاعر، فإذا ما نفر قلبها صعب رده إلى مكانه، وعندئذ تبدأ منغصات الحياة في العمل.
تقول الكاتبة دورتي ديكس الأخصائية في البحث وتقصي أسباب الطلاق: (إن أكثر من نصف الزوجات اللواتي يمكن أن يحظين بالسعادة يتحطمن في العادة على صخور محاكم الطلاق بسبب النقد وحده) وهي تعني النقد العقيم الذي يكسر القلب، ويذل النفس. [انظر كيف تكسب الأصدقاء دايل كارنيجي]
(23) لا تكن زوجاً جاهلاً:
إن الجاهل بالحياة الجنسية بين الزوجين يؤدي إلى النفور المتبادل بينهما، وقد يتعذر مع ذلك استمرار تلك الحياة الزوجية، فيلجأ الزوجان إلى الانفصال.
لقد أعلنت الدكتورة (كاترين ديفيز) السكرتيرة العامة لمكتب الصحة الاجتماعية أن أهم أسباب الطلاق في أمريكا هو عدم التوافق الجنسي بين الأزواج.
وقد بحث الدكتور "بول بوبينو" مدير معهد الصلات العائلية في لوس أنجلوس آلافاً من الزيجات، وخرج من بحثه الواسع بأربعة أسباب رئيسية للإخفاق في الزواج ؟ هي على هذا الترتيب:
أ- عدم التوافق الجنسي.
ب- تضارب الآراء والمشارب.
ج- المشكلات المادية.
د- الشذوذ العقلي، أو العاطفي، أو الجثماني.
فالناحية الجنسية- بلا شك- من أهم الأمور التي تجعل الزواج ناجحاً أو مائلاً إلى الفشل. فعلى الزوجين أن يدرسا الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الناحية، ولا يهملا كذلك الجوانب النفسية لهذه العلاقة حتى يسعدا في زواجهما ويظلل حياتهما المودة والرحمة.
(24) لا تحاول فرض رأيك بالقوة:
إن الإقناع شيء وفرض الرأي بالقوة شيء آخر، ولا يلجأ إلى هذا الأخير إلا من قصر رأيه، وضعفت حجته، وزل منطقه ، وما أجمل هذه الحكاية التي يروى فيها أن زوجا قبض على طائر صغير، وأخذ يتأمله مع زوجته، ثم قال: ما أجمل هذا العصفور! فأجابت الزوجة: عفواً إنها عصفورة.
فقال الزوج: عصفور.
فقالت الزوجة: عصفورة.
وتشبث كل منهما برأيه، واحتدم الجدال، وتحول إلى مناقشة، فمشاجرة لم تهدأ نارها إلا بعد وقت طويل.
وبعد مضي سنة تذكر الزوج هذه الحادثة فقال لزوجته ضاحكاً: أتذكرين تلك المشاجرة البلهاء بخصوص العصفور؟
قالت: نعم أذكر، وقد فكرت بالطلاق يومذاك، ولكنني أشكر الله على النهاية السعيدة، وأعترف لك يا عزيزي أنك كنت على خطأ في إحداث كل هذه الأزمة بسبب عصفورة.
فقال الزوج: عصفورة! ولكنه عصفور
قالت: كلا! بل عصفورة.
واحتدم القتال من جديد!!
كم هناك من عصفور وعصفورة وراء المشاجرات!
حاول ألا تفرض رأيك، وإذا رأيت عدم استعداد الطرف الآخر لقبوله فاسكت لتوفر على نفسك متاعب لا حاجة لك بها. [انظر الموسوعة النفسية].
(25) لا تغذ نفسك بالأفكار السوداء:
بعض الناس يجاهدون ضد السعادة كما يجاهد الغريق ضد من يسعى لإنقاذه.
لا تقل إن السعادة والتفاؤل ضرب من الوهم، بل قل: إن على عينيك غشاوة تمنعك من رؤية السرور حيث هو.
ارفع هذه الغشاوة، وثق بما يساعدك على رؤية ما هو جميل وجيد في نفسك وفي غيرك وفي العالم من حولك، ولا تسترسل وراء ضلالك وأوهامك. [الموسوعة النفسية].
(26) لمُ نفسك أولاً:
يعجبني قول أحد السلف رحمه الله : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وزوجتي.
وقال آخر: نظرت نظرة محرمة فنسيت القرآن بعد أربعين سنة!
إن هؤلاء العقلاء إذا رأوا تغيراً في حياتهم، وضيقاً في معيشتهم، وتعسيراً في أمورهم ألقوا باللوم على أنفسهم وحاسبوها محاسبة الشريك الشحيح لشريكه، ورأوا أنهم ما أوتوا إلا من قبل التفريط في طاعة الله وركوب معصيته.
ومن ذلك أنهم إذا رأوا تغييرا في سلوك زوجاتهم قاموا بإصلاح ما بينهم وبين ربهم، وطلبوا منه تعالى أن يصلح زوجاتهم وذرياتهم، وهؤلاء حقيقة هم السعداء في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
(37) اشترك مع زوجتك في الأعمال الخيرية:
إن اشتراكك مع زوجتك في أعمال خيرية تزيد المحبة بينكما، فالعطاء من الأمور الهامة التي تؤدي إلى مزيد من الترابط بين الزوجين، فعليكما أن تتناقشا بشأن يتيم تكفلونه، أو أسرة فقيرة تدعمونها، أو مشروع خيري كبناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى أو حفر بئر أو غير ذلك من المشروعات الخيرية التي يمكن أن تسهمون فيها معاً.
(38) شارك زوجتك متعتها:
إذا كان لزوجتك هواية من الهوايات كالعناية بالزهور وزراعتها، أو القراءة، أو رسم بعض اللوحات الجميلة، أو صناعة بعض التحف البسيطة، فمن الأفضل أن تشاركها في ذلك ولو لبعض الوقت، فإن ذلك يسعدها كثيراً ويقوي ثقتها فيك وفي نفسها.
وإذا اشتركتما في قراءة كتاب وتناقشتما حول قضاياه كان ذلك جيداً، وكذلك إذا اشتركتما في حفظ بعض سور القرآن وتسابقتما فيمن يسبق الآخر بالحفظ ازدادت سعادتكما، مع ما ستحصلان عليه من فائدة وأجر كبير.
(29) ثق بزوجتك:
إن أولى الناس بثقتك فيهم هي زوجتك لأنكما ترتبطان برباط قوي هو رباط الزوجية، فلا ينبغي عليك أن تترصد كل تصرفات زوجتك وترتاب في أفعالها، طالما أنها من أهل الصيانة والتدين ولم يصدر منها ما يخالف ذلك، فقد أساء كثير من الناس ظنونهم بزوجاتهم ولم يجنوا من وراء ذلك إلا نكد العيش والتعاسة المستمرة.
(30) كن متقبلاً للتغيير:
من المهم دائماً أن تقبل التغيير، وإذا نظرت حولك فسوف ترى أن كل شيء يتغير، أطفالك يكبرون، وآباؤك يموتون، وأنت نفسك تتغير، واهتماماتك تتغير بمرور الوقت، وهذا يساعدك على أن تتقبل تغيير كل سلوك سلبي لديك واستبداله بسلوك إيجابي ومن ذلك:
عادة التدخين التي ثبت ضررها صحياً وحرمتها دينياً، فلماذا لا تقبل تغيير هذه العادة القبيحة بممارسة الرياضة مثلا؟!
تذكر أنك كلما ازدادت قدرتك على تغيير عاداتك السلبية كلما ازدادت فرص سعادتك وراحتك النفسية ونجاحك في الحياة.
(31) مارس السعادة الزوجية:
إن معرفة كل شيء عن قيادة الطائرات لا يؤهل المرء لكي يقود طائرة، ولكن عليه أن يتدرب على ذلك ويطبق ما تعلمه نظرياً. كذلك الأمر في جانب السعادة الزوجية، حيث لا يكفي معرفة قوانين هذه السعادة في حصولها، والمفيد في ذلك لمن ينشد السعادة الزوجية أن يمارس بصورة فعلية هذه السعادة، وذلك بتطبيق قواعدها وتنفيذ قواعدها بصورة فعلية في حياته الزوجية.
(32) انظر إلى من هو أسفل منك:
إذا أردت أن تدوم عليك سعادتك الزوجية فانظر إلى من يعاني فقدان هذه السعادة بصورة دائمة.
- انظر إلى من يعيش في نكد دائم وتعاسة مستمرة.
- انظر إلى من لا يستطيع توفير ضرورات الحياة لزوجته وأولاده.
- انظر إلى أصحاب الأمراض المزمنة التي أفقدتهم الفرح والبهجة والاستمتاع بالحياة
- انظر إلى غيرك ممن تعدوا سن الزواج- رجالاً ونساء- ومع ذلك لم يجدوا طريقاً للزواج والاستقرار.
(33) تغيب قليلاً:
قد تحدث المشكلات بسبب وجود الرجل في البيت بصورة دائمة، فهو دائماً يرى امرأته وتراه، ويخالطها وتخالطه، مما ينتج في بعض الأحيان الملل والسآمة، فتفقد الحياة الزوجية بريقها نتيجة ذلك، ولكي ينجح الزوج في إعادة السعادة إلى حياته الزوجية يمكنه أن يتغيب عن زوجته ولو لعدة أيام، يسافر خلالها لأمور تجارية، أو يذهب إلى مكة لأداء العمرة، أو يترك زوجته عند أهلها يومين أو ثلاثة، فهذه الغيبة- بلا شك- سوف تشعره بالاشتياق إلى زوجته، وسوف تشتاق هي أيضاً إليه، وعندئذ سيكون اللقاء بينهما متجدداً، كأنه أول لقاء
بينهما!!
(34) اجعل لك أهدافاً عليا في الحياة:
فإن صاحب الأهداف العليا والمقاصد السامية يعرف أن استقراره في الحياة هو السبيل الموصل لتلك الأهداف والمقاصد، وعندئذ يسعى جاهداً لكي يكون مستقراً وسعيداً في حياته.
(35) وأخيراً: كن دائم الاتصال بربك:
إن دوام الاتصال بالله تعالى كفيل بإسعادك، وإن انقطاع صلتك بالله عز وجل كفيل بشقائك، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 128]. ولكي تكون دائم الصلة بالله عز وجل:
أ- حافظ على الصلوات الخمس في جماعة .
ب- اجتهد في أداء النوافل.
ب- أكثر من ذكر الله عز وجل.
د- عليك بكثرة الدعاء والثناء والتضرع إلى الله.
هـ- أكثر من الاستغفار.
و- أكثر من تلاوة القرآن.
ز- أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ح- التزم التزاماً كلياً بأداء الفرائض وترك المحرمات.
ط- صاحب من يذكرك بالله.
ي- احضر مجالس العلم والذكر.
ك- طهر بيتك من المنكرات.
أسأل الله أن يرزقنا السعادة في الدنيا والآخرة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قال ابن الجوزي: ((تلمحت على خلق كثير من الناس إهمال أبدانهم، فمنهم من لا ينظف فمه بالخلال بعد الأكل، ومنهم من لا ينقي يديه بغسلهما من الزهم- رائحة اللحم والدهون- ومنهم من لا يكاد يستاك، وفيهم من لا يكتحل، ومنهم من لا يراعي الإبط إلى غير ذلك، فيعود هذا الإهمال بالخلل في الدين والدنيا.
أما الدين، فإنه قد أمر المؤمن بالتنظف والاغتسال للجمعة لأجل اجتماعه بالناس،ونهى عن دخول المسجد إذا أكل الثوم، أمر الشرع بتنقية البراجم وقص الأظفار والسواك والاستحداد (حلق العانة) وغير ذلك ا لآداب.
و أما الدنيا(( فإني رأيت جماعة المهملين أنفسهم يتقدمون إلى السرار- المناجاة عن قرب- والغفلة التي أوجبت إهمالهم أنفسهم أوجبت جهلهم بالأذى الحادث عنهم، فإذا أخذوا في مناجاة السر يمكن أن أصدف عنهم، لأنهم يقصد السر، فألقى الشدائد من ريح أفواههم.
ثم يوجب مثل هذا نفور المرأة، وقد لا تستحسن ذكر ذلك الرجل، فيثمر ذلك التفاتها عنه.
وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أنظف الناس وأطيب الناس، وكان يكره أن يشم منه ريح ليست طيبة.
وقد قالت الحكماء: من نظف ثوبه قلّ همه، ومن طاب ريحه زاد عقله.
ثم إنه يقرب من قلوب الخلق، وتحبه النفوس لنظافته وطيبه.
ثم إنه يؤنس الزوجة بتلك الحال، النساء شقائق الرجال، فكما أنه يكره الشيء منها، فكذلك هي تكرهه، وربما صبر هو على ما يكره وهي لا تصبر" [ صيد الخاطر باختصار ]
(15) تخلص من القلق:
القلق عدو السعادة وقاتلها، ومن عاش في أسر القلق النفسي لا ترجى له سعادة وكثير من الناس ينتابهم القلق خوفاً على حياتهم الزوجية من التصدع والانهيار فينبغي على هؤلاء أن يعلموا أن القلق لا يفيد شيئاً، ولا يحل مشكلة، بل إنه على العكس من ذلك يزيد المشكلات ويشل العقل عن التفكير في الحلول الصحيحة، ولأنه مشكلة في حد ذاته فينبغي علاجه أولاً ثم علاج باقي المشكلات بعد ذلك.
ويكون القلق المرتبط بالحياة الزوجية عادة بسبب ما يلي:
أ- الخوف من عدم القدرة على الإنفاق.
ب- الخوف من حدوث مشكلات مالية.
ج- الخوف من تغيير سلوك الزوجة وحدوث ما يوجب الشقاق.
د- الخوف من عدم القدرة على التوافق الجنسي وإشباع حاجة الزوجة في هذا الجانب.
هـ- الخوف من حدوث وفاة مفاجئة فتضيع الأسرة.
فهذا النوع من القلق لا داعي له وهو يصيب أولئك المذبذبين الذين يعتمدون على الأسباب ولا يتوكلون على مسبب الأسباب، فالواجب أن يعمل الإنسان ويترك النتائج على الله تعالى، وأن يرضى بالقضاء والقدر ولا بأس أن يأخذ بالأسباب، ويدفع القدر بالقدر، مع التوكل التام على الله واللجوء والتضرع إليه، وسؤاله العفو والعافية.
(16) لا تكن سريع الغضب:
إن التخلص من الغضب بالكلية أمر عسير، إلا أن العاقل لا يكون سريع الغضب بحيث يستفزه أي تصرف، وكذلك فإنه لا يسيطر عليه الغضب بحيث يصبح من سماته، فإنه إذا كان كذلك فقد السعادة، وامتلأت حياته بالنكد والأحزان، لأن الغضب إذا زاد عن حده خرج عن حدود العدل والرحمة والإنصاف، إلى الظلم والقسوة والإجحاف.
قال النبي صلى الله عليه : "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب [متفق عليه].
إن كثيراً من حالات الطلاق تقع تحت تأثير الغضب، ولذلك فإن الرجل إذا هدأت ثورة غضبه ندم على هذا التصرف الذي وقع منه وقد يكون طلاقاً بائناً فلا ينفع ندمه حينئذ ويخسر زوجته التي يحبها، ولا يمكن استدراك أمره إلا أن ينكحها رجل آخر وطلقها، وهذا من أشق الأمور على ذي الأنفة.
(17) لا تحتفظ بذكريات الآلام:
بعض الرجال يجعلون لأخطاء زوجاتهم وهفواتهن وسوء تصرفاتهن خزانة في صدورهم، ويظلون يجمعون هذه الأخطاء والهنات والكلمات المؤلمة خطأ خطأ وكلمة كلمة، حتى إذا وقع خلاف ما فتحوا تلك الخزانة وأخرجوا ما بداخلها من ذكريات الآلام مما يزيد حجم المشكلة ويوسع رقعة الخلاف.
ولا يمكن لهؤلاء أن يسعدوا في حياتهم الزوجية طالما أنهم يحتفظون بهذه الذكريات المؤلمة، والواجب عليهم أن يفتحوا تلك الخزانة ويلقوا ما بداخلها ولا يحتفظوا إلا بالذكريات السعيدة، والأيام الجميلة، والليالي الرائعة التي قضوها مع زوجاتهم،فالحر من راعى وداد لحظة!!
(18) ابتغ الأجر من الله:
ولكي تشعر بالسعادة الزوجية عليك أن تعرف ما ينتظرك من أجر وثواب على إحسانك لزوجتك ورفقك بها، ومحبتك لها؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أجراً في اللقاء بين الزوجين، فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وفي بضع أحدكم صدقة)) قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" [رواه مسلم].
قال الإمام النووي: "وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه، أو إعفاف الزوجة، ومنعهما جميعاً من النظر إلى حرام أو الفكر فيه، أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة". وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "... ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك " [متفق عليه].
(19) تخلص من التصورات الخاطئة عن النساء:
بعض الرجال يعاملون زوجاتهم من خلال تصورات خاطئة توارثوها عن آبائهم، مثل اعتقاد البعض أن المرأة لا وفاء لها ولا أمان أو أنها تأخذ ولا تعطي، أو أنها تتمتع بقدر كبير من الحقد والكراهية، وتصور مثل هذه الأمور وجعلها مقياساً للتعامل بين الزوجين كفيل بإفساد الحياة الزوجية وإفشالها.
(30) لا تنتظر السآمة والفشل:
هناك أناس كان يمكنهم أن يكونوا في قمة السعادة مع زوجاتهم لولا اعتقاد خاطئ يملك عليهم تفكيرهم، وهو أنه سيأتي اليوم الذي ستتمكن فيه المشكلات من الوصول إلى هذه السعادة وتدميرها، وستحصل يومئذ السآمة والملل من هذه الحياة.
والحقيقة أنه ليس حتماً أن يأتي ذلك ليوم، فهناك نماذج كثيرة من البشر ظلت على سعادتها إلى أن فرق بينهما الموت، ولم يسمحوا لشيء ذي بال أن يعكر عليهم صفو حياتهم أو يفقدهم بريق سعادتهم.
(21) عليك بالصمت:
قد ينشأ بينك وبين زوجتك خلاف ما فيعلوا صوتكما وتلجآن إلى الصياح، ويضيع الحق وسط صراخكما، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يكون هناك حل لتلك المشكلة وحسم لذاك الخلاف، والحل الأمثل للخروج من هذه الورطة أن تقترح هذا الاقتراح:
لنحاول الصمت لحظة بدلاً من الاسترسال في هذا الصراخ. وسترى مفعول هذه اللحظات من الصمت، إنه مفعول عظيم، أما إذا استطعت أن تحول الصمت إلى ابتسام فتكون قد بلغت غاية الأمل.
إن الصمت علاج فعال يهيئ الإنسان للتفكير السليم والحكم الصحيح على الأحداث، وقد يكون سببا في اعتراف المخطئ بخطئه وإنهاء المشكلة قبل تطورها .
(22) اجتنب النقد العقيم:
هناك فرق بين النصح والإرشاد الذي تفوح منه رائحة المحبة والاحترام وبين النقد العقيم الذي هو نوع من التوبيخ والتعيير.
إن هذا النوع من النقد سهم قاتل للسعادة الزوجية إذا تكرر وانعدمت فيه اللباقة واللطف.
إن على الزوج أن يتحلى بالكياسة عند نصح زوجته وإرشادها إلى أمر ما، فمع أنها أقدر على تحمل أخطاء زوجها من الغير، إلا أنها إنسانة ذات مشاعر، فإذا ما نفر قلبها صعب رده إلى مكانه، وعندئذ تبدأ منغصات الحياة في العمل.
تقول الكاتبة دورتي ديكس الأخصائية في البحث وتقصي أسباب الطلاق: (إن أكثر من نصف الزوجات اللواتي يمكن أن يحظين بالسعادة يتحطمن في العادة على صخور محاكم الطلاق بسبب النقد وحده) وهي تعني النقد العقيم الذي يكسر القلب، ويذل النفس. [انظر كيف تكسب الأصدقاء دايل كارنيجي]
(23) لا تكن زوجاً جاهلاً:
إن الجاهل بالحياة الجنسية بين الزوجين يؤدي إلى النفور المتبادل بينهما، وقد يتعذر مع ذلك استمرار تلك الحياة الزوجية، فيلجأ الزوجان إلى الانفصال.
لقد أعلنت الدكتورة (كاترين ديفيز) السكرتيرة العامة لمكتب الصحة الاجتماعية أن أهم أسباب الطلاق في أمريكا هو عدم التوافق الجنسي بين الأزواج.
وقد بحث الدكتور "بول بوبينو" مدير معهد الصلات العائلية في لوس أنجلوس آلافاً من الزيجات، وخرج من بحثه الواسع بأربعة أسباب رئيسية للإخفاق في الزواج ؟ هي على هذا الترتيب:
أ- عدم التوافق الجنسي.
ب- تضارب الآراء والمشارب.
ج- المشكلات المادية.
د- الشذوذ العقلي، أو العاطفي، أو الجثماني.
فالناحية الجنسية- بلا شك- من أهم الأمور التي تجعل الزواج ناجحاً أو مائلاً إلى الفشل. فعلى الزوجين أن يدرسا الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الناحية، ولا يهملا كذلك الجوانب النفسية لهذه العلاقة حتى يسعدا في زواجهما ويظلل حياتهما المودة والرحمة.
(24) لا تحاول فرض رأيك بالقوة:
إن الإقناع شيء وفرض الرأي بالقوة شيء آخر، ولا يلجأ إلى هذا الأخير إلا من قصر رأيه، وضعفت حجته، وزل منطقه ، وما أجمل هذه الحكاية التي يروى فيها أن زوجا قبض على طائر صغير، وأخذ يتأمله مع زوجته، ثم قال: ما أجمل هذا العصفور! فأجابت الزوجة: عفواً إنها عصفورة.
فقال الزوج: عصفور.
فقالت الزوجة: عصفورة.
وتشبث كل منهما برأيه، واحتدم الجدال، وتحول إلى مناقشة، فمشاجرة لم تهدأ نارها إلا بعد وقت طويل.
وبعد مضي سنة تذكر الزوج هذه الحادثة فقال لزوجته ضاحكاً: أتذكرين تلك المشاجرة البلهاء بخصوص العصفور؟
قالت: نعم أذكر، وقد فكرت بالطلاق يومذاك، ولكنني أشكر الله على النهاية السعيدة، وأعترف لك يا عزيزي أنك كنت على خطأ في إحداث كل هذه الأزمة بسبب عصفورة.
فقال الزوج: عصفورة! ولكنه عصفور
قالت: كلا! بل عصفورة.
واحتدم القتال من جديد!!
كم هناك من عصفور وعصفورة وراء المشاجرات!
حاول ألا تفرض رأيك، وإذا رأيت عدم استعداد الطرف الآخر لقبوله فاسكت لتوفر على نفسك متاعب لا حاجة لك بها. [انظر الموسوعة النفسية].
(25) لا تغذ نفسك بالأفكار السوداء:
بعض الناس يجاهدون ضد السعادة كما يجاهد الغريق ضد من يسعى لإنقاذه.
لا تقل إن السعادة والتفاؤل ضرب من الوهم، بل قل: إن على عينيك غشاوة تمنعك من رؤية السرور حيث هو.
ارفع هذه الغشاوة، وثق بما يساعدك على رؤية ما هو جميل وجيد في نفسك وفي غيرك وفي العالم من حولك، ولا تسترسل وراء ضلالك وأوهامك. [الموسوعة النفسية].
(26) لمُ نفسك أولاً:
يعجبني قول أحد السلف رحمه الله : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وزوجتي.
وقال آخر: نظرت نظرة محرمة فنسيت القرآن بعد أربعين سنة!
إن هؤلاء العقلاء إذا رأوا تغيراً في حياتهم، وضيقاً في معيشتهم، وتعسيراً في أمورهم ألقوا باللوم على أنفسهم وحاسبوها محاسبة الشريك الشحيح لشريكه، ورأوا أنهم ما أوتوا إلا من قبل التفريط في طاعة الله وركوب معصيته.
ومن ذلك أنهم إذا رأوا تغييرا في سلوك زوجاتهم قاموا بإصلاح ما بينهم وبين ربهم، وطلبوا منه تعالى أن يصلح زوجاتهم وذرياتهم، وهؤلاء حقيقة هم السعداء في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
(37) اشترك مع زوجتك في الأعمال الخيرية:
إن اشتراكك مع زوجتك في أعمال خيرية تزيد المحبة بينكما، فالعطاء من الأمور الهامة التي تؤدي إلى مزيد من الترابط بين الزوجين، فعليكما أن تتناقشا بشأن يتيم تكفلونه، أو أسرة فقيرة تدعمونها، أو مشروع خيري كبناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى أو حفر بئر أو غير ذلك من المشروعات الخيرية التي يمكن أن تسهمون فيها معاً.
(38) شارك زوجتك متعتها:
إذا كان لزوجتك هواية من الهوايات كالعناية بالزهور وزراعتها، أو القراءة، أو رسم بعض اللوحات الجميلة، أو صناعة بعض التحف البسيطة، فمن الأفضل أن تشاركها في ذلك ولو لبعض الوقت، فإن ذلك يسعدها كثيراً ويقوي ثقتها فيك وفي نفسها.
وإذا اشتركتما في قراءة كتاب وتناقشتما حول قضاياه كان ذلك جيداً، وكذلك إذا اشتركتما في حفظ بعض سور القرآن وتسابقتما فيمن يسبق الآخر بالحفظ ازدادت سعادتكما، مع ما ستحصلان عليه من فائدة وأجر كبير.
(29) ثق بزوجتك:
إن أولى الناس بثقتك فيهم هي زوجتك لأنكما ترتبطان برباط قوي هو رباط الزوجية، فلا ينبغي عليك أن تترصد كل تصرفات زوجتك وترتاب في أفعالها، طالما أنها من أهل الصيانة والتدين ولم يصدر منها ما يخالف ذلك، فقد أساء كثير من الناس ظنونهم بزوجاتهم ولم يجنوا من وراء ذلك إلا نكد العيش والتعاسة المستمرة.
(30) كن متقبلاً للتغيير:
من المهم دائماً أن تقبل التغيير، وإذا نظرت حولك فسوف ترى أن كل شيء يتغير، أطفالك يكبرون، وآباؤك يموتون، وأنت نفسك تتغير، واهتماماتك تتغير بمرور الوقت، وهذا يساعدك على أن تتقبل تغيير كل سلوك سلبي لديك واستبداله بسلوك إيجابي ومن ذلك:
عادة التدخين التي ثبت ضررها صحياً وحرمتها دينياً، فلماذا لا تقبل تغيير هذه العادة القبيحة بممارسة الرياضة مثلا؟!
تذكر أنك كلما ازدادت قدرتك على تغيير عاداتك السلبية كلما ازدادت فرص سعادتك وراحتك النفسية ونجاحك في الحياة.
(31) مارس السعادة الزوجية:
إن معرفة كل شيء عن قيادة الطائرات لا يؤهل المرء لكي يقود طائرة، ولكن عليه أن يتدرب على ذلك ويطبق ما تعلمه نظرياً. كذلك الأمر في جانب السعادة الزوجية، حيث لا يكفي معرفة قوانين هذه السعادة في حصولها، والمفيد في ذلك لمن ينشد السعادة الزوجية أن يمارس بصورة فعلية هذه السعادة، وذلك بتطبيق قواعدها وتنفيذ قواعدها بصورة فعلية في حياته الزوجية.
(32) انظر إلى من هو أسفل منك:
إذا أردت أن تدوم عليك سعادتك الزوجية فانظر إلى من يعاني فقدان هذه السعادة بصورة دائمة.
- انظر إلى من يعيش في نكد دائم وتعاسة مستمرة.
- انظر إلى من لا يستطيع توفير ضرورات الحياة لزوجته وأولاده.
- انظر إلى أصحاب الأمراض المزمنة التي أفقدتهم الفرح والبهجة والاستمتاع بالحياة
- انظر إلى غيرك ممن تعدوا سن الزواج- رجالاً ونساء- ومع ذلك لم يجدوا طريقاً للزواج والاستقرار.
(33) تغيب قليلاً:
قد تحدث المشكلات بسبب وجود الرجل في البيت بصورة دائمة، فهو دائماً يرى امرأته وتراه، ويخالطها وتخالطه، مما ينتج في بعض الأحيان الملل والسآمة، فتفقد الحياة الزوجية بريقها نتيجة ذلك، ولكي ينجح الزوج في إعادة السعادة إلى حياته الزوجية يمكنه أن يتغيب عن زوجته ولو لعدة أيام، يسافر خلالها لأمور تجارية، أو يذهب إلى مكة لأداء العمرة، أو يترك زوجته عند أهلها يومين أو ثلاثة، فهذه الغيبة- بلا شك- سوف تشعره بالاشتياق إلى زوجته، وسوف تشتاق هي أيضاً إليه، وعندئذ سيكون اللقاء بينهما متجدداً، كأنه أول لقاء
بينهما!!
(34) اجعل لك أهدافاً عليا في الحياة:
فإن صاحب الأهداف العليا والمقاصد السامية يعرف أن استقراره في الحياة هو السبيل الموصل لتلك الأهداف والمقاصد، وعندئذ يسعى جاهداً لكي يكون مستقراً وسعيداً في حياته.
(35) وأخيراً: كن دائم الاتصال بربك:
إن دوام الاتصال بالله تعالى كفيل بإسعادك، وإن انقطاع صلتك بالله عز وجل كفيل بشقائك، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 128]. ولكي تكون دائم الصلة بالله عز وجل:
أ- حافظ على الصلوات الخمس في جماعة .
ب- اجتهد في أداء النوافل.
ب- أكثر من ذكر الله عز وجل.
د- عليك بكثرة الدعاء والثناء والتضرع إلى الله.
هـ- أكثر من الاستغفار.
و- أكثر من تلاوة القرآن.
ز- أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ح- التزم التزاماً كلياً بأداء الفرائض وترك المحرمات.
ط- صاحب من يذكرك بالله.
ي- احضر مجالس العلم والذكر.
ك- طهر بيتك من المنكرات.
أسأل الله أن يرزقنا السعادة في الدنيا والآخرة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ابو اسلام
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
القصة الثالثة والعشرون :
وأخرى كانت تنصح زوجها حتى يترك هذه العادة السيئة (( التدخين )) ، ولا يقبل ولا يهتم ولا كأنها تُكلمه ، ففي ذات مرة تقول : دخل علينا ابننا البالغ من العمر ثلاث سنوات وفي فمه سيجارة ، وبدون شعور من والده قام وصَفَعَ ابنه ، وهي أول مرة يضرب فيها زوجي أحد أبناءه ، لأنه رحيمٌ بهم يحبهم ويعطف عليهم ، فقالت الزوجة : بهذه الكلمات القليلة اليسيرة ، استغلتْ هذه الفرصة ودعت زوجها إلى الله عز وجل ، فقالت له : إنه يعتبرك القدوة لذلك يعمل مثل هذا العمل ، فخرجتْ هذه الكلمات من قلبٍ صادقٍ ناصح فَوقَعَتْ في قلبه ، فأقلع من ذلك اليوم عن التدخين .
القصة الرابعة والعشرون :
كلمة مؤثرة ، كانت هناك امرأة متهاونة في الصلاة ، زوجها كثير السفر ، ولِذَا فإنها اعتادت على الخروج دائماً من المنزل بلا استئذان ، حتى مع وجود زوجها تخرج بدون استئذان ، وكان إذا قَدِمَ من السفر يغضب إذا رأى خروجها وينصحها بعدم الخروج ، ويحُثَّها كثيراً على تربية الأولاد ، تقول هذه المرأة : لم أهتم كثيراً بما كان يقول ، وكُنْتُ أخرجُ بدون استئذان ، وكُنْتُ أَلْبَس الملابس الفاخرة ، وأتعطر بأحسنِ العطور ، وسَمِعتُ ذات مرة أنه سيُقام في منزل أحد الأقارب مُحاضرةً لإحدى الداعيات ، فذهبتُ إلى حضورها حُبَّاً للإستطلاع ، فَتَحَدَثَتْ هذه المرأة الداعية الحكيمة عن بعض مُخالفات النساء ، حتى أَبْكَتِ الحاضرات ، قالت هذه المرأة المُتهاونة : فتأثرتُ بها وسَأَلْتُها عن حُكْمِ الخروج من البيت من غير إذنِ الزوج ، فَبيَّنتْ لي أنَّ هذا حرام إلا بإذنِ الزوج ، وأَرشَدَتها أن لا تتبرج ، وأن تُحافظ على نفسها ، قالت : لمّا قَدِمَ زوجي من السفر اعتذرتُ منه وطلبتُ منه السماح والعفو ، واستأذنته للخروج مرَّةً من المرات فقال : مُُنذُ متى وأنتِ تستأذنين مني ، فقالت : له هذا الخبر وهذه القصة ، فَحَمِدَ الله عز وجل على نعمة الهداية
لا تُنْكِروا أَثَرَ الكلامِ فإنَّهُ أَثَرٌ عَجِيبٌ في النُفُوسِ مُجَرَّبُ
القصة الخامسة والعشرون :
امرأةٌ حفظها حجابها ، سافر زوجها وتركها مع أولادها وأوصى أخاه الكبير بأن يأتي إلى زوجته ، وأن يقوم بأعمال البيت ، ويُتابع الأولاد ، تقول هذه المرأة : كان يأتي هذا الأخ الكبير كل يوم تقريباً ، وكان لطيفاً في أولِّ أيامه ، لكن لمّا أكْثَرَ التردد علينا وليس عندي محرم ولم أتحجب بدأت تظهر منه تصرفاتٍ غريبة حتى قَدِمَ زوجي ، وكنتُ أريد أن أُفاتح زوجي في الموضوع ، لكن خِفْتُ من المشاكل ، ثم سافر زوجي مَرَّةً أُخرى ورجع أخوه إلى حالته الأولى ، من الحركات الغريبة ، والكلام العاطفي ، وبدأ يُعاكس زوجةَ أخيه ، وبدأ يحضر في كل وقت ، لِـسـببٍ أو بدون سـبب ، تقول هذه المرأة : لقد تَعِبْتُ من تصرُفاته ، فَكَّرتُ في الكتابة إلى زوجي لكن تَراجَعْتْ حتى لا أُضايقه لأنه في بلدٍ آخر ، يبحث عن المَعِيشَة ، وحتى لا تحصل المشاكل ، وقُلتُ لابد من نَصِيحَةِ هذا الخَائِنْ الغادر ، ونَصَحَتْ هذا الرجل الذي هو ليس برجل ، لكن لم ينفع فيه النُصح ، وتقول : كنتُ أدعوا الله عز وجل كثيراً أن يحفظني منه ، تقول فَطَرَأتْ عليَّ فكرة ، ففكرتُ في لبسِ الحجاب ، وتغطية وجهي ، وكتبتُ لزوجي بأنَّي سأتركُ مُصافحةَ الرجال الأجانب ، فشجعني زوجي ، وأرسَلَ لي كُتُباً وأشرطة ، وتقول هذه المرأة بعدما لبِسَتِ الحجاب : وعندما جاء شقيقُ زوجي كعادته ذلك الخائن ورآنِّي وَقَفَ بعيداً ، وقال : ماذا حصل ؟ قُلْتُ لن أُصافح الرجال ، إلاَّ محارمي ، فوقف قليلاً ثم نَكَّسَّ رأسه فَقُلْتُ له : إذا أردتَ شيئاً فَكَلِّمني من وراء حجاب فانصرفْ ، فَكَفَّ الله عز وجل شرَّهُ عنها .
القصة السادسة والعشرون :
أمّا ما جاء عن أُمِّ صالح ، امرأةٌ بلغت الثمانين من عمرها تتفرغُ لحفظ الأحاديث ، إنَّها نموذجٌ فريد من أعاجيب النساء ، أَجرتْ مجلة الدعوة حوارًا معها فقالتْ هذه المرأة إنّها بَدَأتْ بحفظ القرآن في السبعين من عمرها ، امرأةٌ صابرة ، عاليةُ الهمّة ، قالت هذه الحافظة الصابرة : كانت أُمنيتي أن أحفظ القرآن الكريم من صِغَري ، وكان أبي يدعوا لي دائماً بأن أحفظ القرآن كإخوتي الكبار ، فحَفِظتُ (3) أجزاء ، ثم تزوجتُ وأنا في الثالثة عشر من عمري ، وانشغلتُ بالزوج والأولاد ، ثم توفي زوجي ولي سبعةٌ من الأولاد كانوا صِغَاراً ، تقول : فانشغلتُ بهم ، بتربيتهم وتعليمهم والقيام بشؤونهم ، وحين رَبّتهم وتَقَدمتْ بهم الأعمار ، وتزوج أكثرُهُمْ ، تَفَرَغَتْ هذه المرأة لِنَفْسِها ، وأول ما سَعَتْ إليه أنَّها بدأتْ بحفظ القرآن ، وكانت تُعينها ابنتها في الثانوية ، وكانت المُعلمات يُشجعنَ البنت على حِفْظِ القرآن ، فَبَدَأتْ مع أُمِّها كُلَّ يوم تحفظ عشرة آيات ..
أمَّا طريقة الحفظ : كانت ابنتها تقرأ لها كل يوم بعد العصر عشر آيات ، ثم تُرددها الأُم ثلاث مرات ، ثم تشرح لها البنت بعض المعاني ، ثم تردد هذه الأم الآيات العشر ثلاث مرات أخرى ، ثلاث ثم تشرح ثم ثلاث ، وفي صباح اليوم الثاني تُعيدها البنت لأُمها قبل أن تذهب إلى المدرسة ، وكانت هذه المرأة الكبيرة في السِّن تستمع لقراءة الحُصَري كثيراً وتُكرر الآيات أَغْلَبَ الوقتْ حتى تحفظ ، فإن حَفِظَتْ أَكْمَلَتْ ، وإن لم تحفظ فإنها تُعاقب نفسها وتُعيد حفظ الأمس ، تُعيده في اليوم مع ابنتها ، وبعد أربع سنوات ونصف حَفِظَتْ هذه الأم اثنا عشر جزءاً ، ثم تزوجتْ البنت ، ولمّا عَلِمَ الزوج بشأن زوجته مع أمها وطريقة الحفظ ، استأجرَ بيتاً بالقُربِ من منزل الأم ، وكان يُشَجِّعُ البنت وأمها ، وكان يَحضُرُ معهن أحياناً ويُفَسِّرُ لَهُنَّ الآيات ، ويستمع لحفظهن ، واستمرتْ هذه البنت مع أمها ثلاثة أعوام أيضاً ثم انشغلت بأولادها هذه البنت ، ثم بَحَثَتْ البنت عن مُدَّرِسَةْ تُكْمِلُ المشوار مع أمها ، فأتت لها بِمُدَرِّسَة ، فَأَتَمَّتْ حفظ القرآن الكريم ، هذه المرأة الكبيرة أَتَمَّتْ حفظ القرآن وما زالت ابنتها إلى إجراء الحوار مع أُمها تواصل الحفظ حتى تلحق بالأم الكبيرة في السِّنْ ، وقد حَفِظتْ القرآن بعد أكثر من عشر سنوات ، أمَّا النِّساء حولها فَتَأَثرنَ بها ، فبناتها وزوجات أبناءها تَحَمَّسْنَ كثيراً وكُنَّ دائماً يضربنَ المثل بهذه الأم العجيبة ، وبَدَأْنَ بحلقة أسبوعية في منزل الأم للحفظ ، فصارت هي العالِمة بينهُنْ ، أو الحافظة بينهُنْ ...
وقد أَثَّرتْ هذه المرأة بحفيداتها ، فكانت تُشجعُهُنَّ بالإلتحاق بحلقات التحفيظ ، وتُقدم لهُنَّ الهدايا المُتنوعة ، أمَّا جاراتها فأول الأمر كُنَّ يُحْبِطْنَ عزيمتها ويُرددنَ إصرارها على الحفظ لِضَعْفِ حِفْظِها ، ولمَّا رأَينَ استمرارها وصبرها ، بَدَأنَ يُشَجِعْنها ، تقول هذه الأم المُربية العجيبة التي حَفِظَتْ القرآن بعد الثمانين : حينما عَلِمَتْ هؤلاء النِسْوة أَنِّي حَفِظْتُ القرآن رَأَيْتُ دُمُوعَ الفَرَحِ منهُنْ ، وهذه المرأة تَسْتَمِعْ كثيراً إلى إذاعة القرآن الكريم ، وتَقْرَأُ في صلاتها السور الطويلة ، بَدَأَتْ بالحفظ وعُمْرَهَا تجاوز السبعين ، ثمَّ لم تكتفي هذه المرأة بحفظ القرآن فقط ـــ بل انْتَقَلَتْ إلى حفظِ الأحاديث النبوية ، فهي تحفظ إلى إجراءِ الحوار (90) تسعين حديثاً ، وتحفظ مع إحدى بناتها ، وتعتمد على الأشرطة ، وتُسَمِّعْ لها ابنتها كل أسبوع ثلاثة أحاديث ، اسْتَمَرَّتْ هذه المرأة أكثر من عشر سنوات في الحفظ ، تقـــول : أَحْسَـسْتُ بِإِرْتِياحٍ عجيب بعد حفظِ القرآن ، وغَابَتْ عَنِّي الهموم والأفكار ، ومَلأْتُ وقْتَ فراغي بطاعة ربي ، اقْتَرَحَتْ عليها بعض النسوة أَنْ تَدخُلَ في دُورِ تحفيظ القرآن ، فَأجَابتْ هذه المرأة وَرَدَّتْ فقالت : إِنِّي امرأةٌ تَعَودتُ على الجُلُوس في البيت ولا أَتَحَمْلُ الخروج ، وتدعُوا كثيراً لإبنتها وتَشْكُرها بأنَّها بَذَلَتْ معها الكثير الكثير ، تقول : وهذا من أَعْظَمِ البِرِّ و الإحْسَانْ ، خَاصَّةً أَنَّ البنت كانت في مرحلة المُراهقة ، التي يشكوا منها الكثير ، فكانت البنت تضغط على نَفْسِهَا وعلى دراستها لِتُفَرِّغَ نَفْسَهَا لِتَعْلِيمِ أُمِّها بِصَبْرٍ و حِكْمَة ، وثُمَّ خَتَمَتْ هذه المرأة الصالحة وقالتْ : لا يأْسَ مع العَزِيمَةِ الصَادِقَة ، ولا يَأْسَ مع قُوةِ الإرادة والعَزمِ والدعاء ، ثُمَّ البداية في حفظِ القرآن ، ثُمَّ قالتْ : والله ما رُزِقَتْ الأُمُّ بِنِعْمَةٍ أَحَبِّ إليها من ولدٍ صالحٍ يُعِنُها على التَقَرُّبَ إلى الله عز وجل .
صَدَقَ الشاعِرُ حينَ قال :
بَصُرْتُ بِالرَّاحَةِ الكُبْرى فَلَمْ أُرَها *** تُنَالُ إلاَّ على جِسْرٍ مِنَ التَعَبِ
القصة السابعة والعشرون :
مُعلِمةٌ ماتت ، تُوفيت إحدى المُعَلِّمَاتْ الدَّاعِياتْ مَعَ زَوجِهَا في حَادِثْ ، وكَتَبَتْ عَنْها بعض الطَالِبَاتْ ، بعض المَقَالاتْ في إِحْدَى الصُحُفْ ، فَمِنْ ذَلِكَ قالتْ إِحْدَاهُنْ : رَحِمَكِ الله أُسْتَاذَتِي ، جَعَلْتِ جُلَّ اهتِمَامَكِ الدعوة ، وجَعَلتِ نَصْبَ عينيكِ إيقاظُ القُلُوبِ الغافِلَة ، فَأَنْتِ المَنَارُ الذي أَضَاءَ لنا الطريق ، لَنْ يَنْسَاكِ مُصَلَّى المدرسة ، لكن سَيَفْقِدُ صَوتَكِ العَذْبْ ، وكَلامَكِ الرَّصِينْ ، والقِصَصَ الهادِفَة التي تَأْتِينَ بها ، والمَواعِظَ الحَسَنَة ، ولَنْ أَنْسى جُمُوعَ الكَلِمات التي تَصْدُرُ منها ، ولن أنسى المُعلمات ولا الطالبات اللاتي يُسْرِعْنَ لِحُضُورِ درسَكِ في وقْتِ الإِسْتِراحة ، فَسَتَبْقَى كَلِمَاتُكِ ونَصَائِحُكِ مَحْفُوظَةً في جُعْبَتِي لن أَنْساها ما حييتْ .
لا تُنكِروا أَثَرَ الكَلامِ فَإِنَّه ُ أَثَرٌ عَجِيبٌ في النُفُوسِ مُجَرَّبُ
ومَهْما كَتَبْتُ أو دَوّنْتُ فَلَنْ أَصِلَ إلى نِصْفِ ما بذلتيه لنا .
وقالت طالبةٌ أخرى عن هذه المعلمة : ما زَالَتْ كَلِمَاتُها في قلبي إلى الآن ، لمّا قالت لي ناصحةً لي : إنَّ للإيمانِ طَعْمَاً حُلْواً لَنْ يَتَذَوقْهُ إلاَّ مَنْ أَطَاعَ الله عز وجل . مازالتِ القِصَصْ التي قُلْتِيها في قلبي ووجداني ، لقد رأيتُها في المنام قبل وفاتها ، سَمِعْتُ صوتاً حول هذه المُعَلّمَة يقول : هذه المرأة على طريقِ العُلَمَاءْ ، تقول هذه الطالبة : فلمّا أَخْبَرتُها تَبَسْمَّتْ . ـــ رَحِمها الله ـــ على ما بذلته من أعمال الخير .
القصة الثامنة والعشرون :
تقول الفنانة التائبة سُهير رمزي : لأول مرة أذوقُ طعم النوم ، قريرةَ العين ، مُطْمَئِنَةَ البَالْ ، مُرتَاحةَ الضمير ، وأمّا سبب هدايتها فعجيب : ــ كانت قبل أن تتحجب ، ولمّا كانت تُزاولُ الفَنْ ، حَضَرتْ على مركزٍ لِتَعْلِيمِ القرآن ، ولإجتماع الدُعاة والداعيات في مصر ، وكان هذا المركز بِمَالِ إحدى التائبات من الفنانات ، وهي ابنة الشيخ الحُصَرِي ــ رحمه الله ــ تقول : إنَّ هذه الفنانة التائبة أو المُمَثلة التائبة ، لمّا تابت أقامت هذا المركز وجعلت شيئاً من الوقف لأبيها المُتَوفَّى القاريء الحُصَرِي ــ رحمه الله ــ وثَبَّتَ ابنته على الحق والخير ، تقول : كانت هذه الشَابَّة البَارَّة بأَبيها ــ رحمه الله ــ تُحْضِر بعض الدُعاة ، فَحَضر أحدُ الدُعاة ، لبعضِ النِّسْوة وكانت هذه ( سُهير رمزي ) حاضِرة بين النساء ، وهي غير مُتَحجِّبة ، تقول : أَوّل ما بدأ المُلقي يتكلم ، تَكَلَّمَ وقال : إنَّ تسعةً وتسعين من أشراطِ الساعة الصُغْرى قد ظَهَرتْ ، وإنَّ هذه الزلازل التي نَراها في العالم إنَّها تُؤْذِنُ بِقُربِ القيامة الكُبرى .
ثُمَّ تلا قول الله تعالى : {إذا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنْسَانُ مَالَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهْ} [ سورة الزلزلة ] .
تقول : فلم أتمالك نفسي وبكيتُ كثيراً كثيراً ، وعَرفْتُ أنِّي ضائعةٌ تائهة ، ثُمَّ أسندتُ رأسي على كَتِفِ أمي وقلت : إنِّي أُعْلِنُ الرجوع إلى الله عز وجل ، ثُمَّ لمّا تَابَتْ تقول : لأول مرة أذوقُ طعم النوم ، قريرةَ العين ، مُطْمَئِنَةَ البَالْ ، مُرتَاحةَ الضمير .
القصة التاسعة والعشرون :
منى عبد الغني ، فنانةٌ سابقة ، أَعْلَنَتْ توبتها إلى الله عز وجل ، لَبِسَتْ الحجاب ، وطالَبَتْ وسائل الإعلام ألاَّ تُخْرِجُ شيئاً من أغانيها ولا صورها ، تقول أمّا بداية هدايتي فقالت : كنتُ أُفَكِّرُ دائماً لو جاء الموت إليَّ وأنا على هذه الحال ، وأنا غير مُستعدة للقاء ربي ، فماذا أفعل ؟ وكُنتُ أصحوا فَزِعَةً من النوم أحياناً ، لأُحاسبَ نفسي بشدة ، أُريدُ جواباً لهذا السؤال ؟ أُريدُ تطبيقاً لهذا السؤال ؟ قالت : كانت أخواتي يرتدين الحجاب ، وعائلتي مُتَدَينَةْ ، وأخي ممدوح ــ رحمه الله ــ يُلِحُّ عليَّ دائماً بأن ألبس الحجاب ، لا تُنكرُ أثر الكلام تـقول : قبل وفاته بأربعين يوماً كان يُحضِرُ لها الأشرطة الدينية ، والمواعظ عن الموت وعن الآخرة ، وبعد الحج رجع إلى مقرِّ عمله في باريس ، ومات وهو ساجد ، نسألُ الله من فضله ، فلمّا مات تقول : أفَقْتُّ من هذا السُباتِ العظيم ، وأَفَقْتُ على هذا النور الذي بَزَغَ لي وسَطَ الظلام ، وقبل أن يُوارى جُثْمَانُ أخي قررتُ ارتداء الحجاب واعتزال الفن ، بعد ذلك تَحَسَّنَتْ أَحْوالَهَا مع الله عز وجل ، وأَقْبَلَتْ عليه بالعبادات ، وتَرَكَتْ العمل في معهد المُوسِيقى ، وتَفَرَّغَتْ لابنتها ، لِتَربيتها تربيةً صالِحة ، وتقول : لَنْ أَعُودَ لِلْفَنِّ مهما كانت المُغْريات ، وأقول أخيراً : والكلام لها : ربنا لا تُزِغْ قلوبنا بعد إذ هديتنا .
وأمّا أخوها ممدوح ــ رحمةُ الله عليه ــ فَيَحْسُنُ أَنْ يُقالُ عنه ما قال الشاعر :
يا رُبَّ حيٍ رُخَامُ القبرِ مَسْكَنَهُ *** ورُبَّ مَيْتٍ على أَقْدامِهِ انْتَصَبَا
القصة الثلاثون :
امرأةٌ أخرى تتمنى أنَّها إذا دَخَلَتِ الجَنَّة ، أَنْ تَجْلِسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ ، وتُصَلِّي وتَعْبُدُ الله عز وجل ، لِحُبِّها للصلاة وتَعَلُقِها بها .
أَشْرِقِي يا مَعْدَنَ الطُهْرِ الثَمِينْ دُرَّةً بالحَــقِّ غَــرَّاءَ الجَـبِيـنْ
شُعْلَـةً تُوقــِظُ فـي أَرْواحِنـَا خَامـِدَ العَــزْمِ وأَنْـوارَ اليَقِيــنْ
يــا ابْنةَ الإِسْلامِ يا نَسْـلَ الهُلى سََطَّروا الأَمْجَاد بِالفَتْحِ المُبـــِينْ
فَتَّحُوا الأَقَفَالَ في وجْهِ الضُحـى أَسْعَدُوا الإِنْسَانَ في دُنْيا و دِينْ
فَجَّـروا تِلْكَ الينَـابِيع التي تَسْتَقِي مِنْهَا قُلُــــوبُ المُؤمِنِين
أَبْشِرِي يا أُخْـتُ بالفَجْـرِ الـذي سَوفَ يأْتِي في عُيونِ القاَدِمين
مُـحْـصَـناَتٍ فـي خـدُوُرٍ زُودَتْ بِالـتُقَى و الخـلُـقِ البَرِّ الثَمِينْ
امْـلَئِي الأَرْضَ سَـلامَاً وآ سَلام وازْرَعِي الدُنْيا ورُودَ اليَاسَمِينْ
أَنْتِي يا أُخْـتَاه إِشْـراقَ المُنَى فَاصْعَدِي العَلياءَ بِالدِينِ الحَصِينْ
كُلُّ مَـا نَرجُوهُ يا ذَاتَ الضِــياء أَنْ تَكُــونِي شَرَفَــاً في العَالَمِـين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . . .
وأخرى كانت تنصح زوجها حتى يترك هذه العادة السيئة (( التدخين )) ، ولا يقبل ولا يهتم ولا كأنها تُكلمه ، ففي ذات مرة تقول : دخل علينا ابننا البالغ من العمر ثلاث سنوات وفي فمه سيجارة ، وبدون شعور من والده قام وصَفَعَ ابنه ، وهي أول مرة يضرب فيها زوجي أحد أبناءه ، لأنه رحيمٌ بهم يحبهم ويعطف عليهم ، فقالت الزوجة : بهذه الكلمات القليلة اليسيرة ، استغلتْ هذه الفرصة ودعت زوجها إلى الله عز وجل ، فقالت له : إنه يعتبرك القدوة لذلك يعمل مثل هذا العمل ، فخرجتْ هذه الكلمات من قلبٍ صادقٍ ناصح فَوقَعَتْ في قلبه ، فأقلع من ذلك اليوم عن التدخين .
القصة الرابعة والعشرون :
كلمة مؤثرة ، كانت هناك امرأة متهاونة في الصلاة ، زوجها كثير السفر ، ولِذَا فإنها اعتادت على الخروج دائماً من المنزل بلا استئذان ، حتى مع وجود زوجها تخرج بدون استئذان ، وكان إذا قَدِمَ من السفر يغضب إذا رأى خروجها وينصحها بعدم الخروج ، ويحُثَّها كثيراً على تربية الأولاد ، تقول هذه المرأة : لم أهتم كثيراً بما كان يقول ، وكُنْتُ أخرجُ بدون استئذان ، وكُنْتُ أَلْبَس الملابس الفاخرة ، وأتعطر بأحسنِ العطور ، وسَمِعتُ ذات مرة أنه سيُقام في منزل أحد الأقارب مُحاضرةً لإحدى الداعيات ، فذهبتُ إلى حضورها حُبَّاً للإستطلاع ، فَتَحَدَثَتْ هذه المرأة الداعية الحكيمة عن بعض مُخالفات النساء ، حتى أَبْكَتِ الحاضرات ، قالت هذه المرأة المُتهاونة : فتأثرتُ بها وسَأَلْتُها عن حُكْمِ الخروج من البيت من غير إذنِ الزوج ، فَبيَّنتْ لي أنَّ هذا حرام إلا بإذنِ الزوج ، وأَرشَدَتها أن لا تتبرج ، وأن تُحافظ على نفسها ، قالت : لمّا قَدِمَ زوجي من السفر اعتذرتُ منه وطلبتُ منه السماح والعفو ، واستأذنته للخروج مرَّةً من المرات فقال : مُُنذُ متى وأنتِ تستأذنين مني ، فقالت : له هذا الخبر وهذه القصة ، فَحَمِدَ الله عز وجل على نعمة الهداية
لا تُنْكِروا أَثَرَ الكلامِ فإنَّهُ أَثَرٌ عَجِيبٌ في النُفُوسِ مُجَرَّبُ
القصة الخامسة والعشرون :
امرأةٌ حفظها حجابها ، سافر زوجها وتركها مع أولادها وأوصى أخاه الكبير بأن يأتي إلى زوجته ، وأن يقوم بأعمال البيت ، ويُتابع الأولاد ، تقول هذه المرأة : كان يأتي هذا الأخ الكبير كل يوم تقريباً ، وكان لطيفاً في أولِّ أيامه ، لكن لمّا أكْثَرَ التردد علينا وليس عندي محرم ولم أتحجب بدأت تظهر منه تصرفاتٍ غريبة حتى قَدِمَ زوجي ، وكنتُ أريد أن أُفاتح زوجي في الموضوع ، لكن خِفْتُ من المشاكل ، ثم سافر زوجي مَرَّةً أُخرى ورجع أخوه إلى حالته الأولى ، من الحركات الغريبة ، والكلام العاطفي ، وبدأ يُعاكس زوجةَ أخيه ، وبدأ يحضر في كل وقت ، لِـسـببٍ أو بدون سـبب ، تقول هذه المرأة : لقد تَعِبْتُ من تصرُفاته ، فَكَّرتُ في الكتابة إلى زوجي لكن تَراجَعْتْ حتى لا أُضايقه لأنه في بلدٍ آخر ، يبحث عن المَعِيشَة ، وحتى لا تحصل المشاكل ، وقُلتُ لابد من نَصِيحَةِ هذا الخَائِنْ الغادر ، ونَصَحَتْ هذا الرجل الذي هو ليس برجل ، لكن لم ينفع فيه النُصح ، وتقول : كنتُ أدعوا الله عز وجل كثيراً أن يحفظني منه ، تقول فَطَرَأتْ عليَّ فكرة ، ففكرتُ في لبسِ الحجاب ، وتغطية وجهي ، وكتبتُ لزوجي بأنَّي سأتركُ مُصافحةَ الرجال الأجانب ، فشجعني زوجي ، وأرسَلَ لي كُتُباً وأشرطة ، وتقول هذه المرأة بعدما لبِسَتِ الحجاب : وعندما جاء شقيقُ زوجي كعادته ذلك الخائن ورآنِّي وَقَفَ بعيداً ، وقال : ماذا حصل ؟ قُلْتُ لن أُصافح الرجال ، إلاَّ محارمي ، فوقف قليلاً ثم نَكَّسَّ رأسه فَقُلْتُ له : إذا أردتَ شيئاً فَكَلِّمني من وراء حجاب فانصرفْ ، فَكَفَّ الله عز وجل شرَّهُ عنها .
القصة السادسة والعشرون :
أمّا ما جاء عن أُمِّ صالح ، امرأةٌ بلغت الثمانين من عمرها تتفرغُ لحفظ الأحاديث ، إنَّها نموذجٌ فريد من أعاجيب النساء ، أَجرتْ مجلة الدعوة حوارًا معها فقالتْ هذه المرأة إنّها بَدَأتْ بحفظ القرآن في السبعين من عمرها ، امرأةٌ صابرة ، عاليةُ الهمّة ، قالت هذه الحافظة الصابرة : كانت أُمنيتي أن أحفظ القرآن الكريم من صِغَري ، وكان أبي يدعوا لي دائماً بأن أحفظ القرآن كإخوتي الكبار ، فحَفِظتُ (3) أجزاء ، ثم تزوجتُ وأنا في الثالثة عشر من عمري ، وانشغلتُ بالزوج والأولاد ، ثم توفي زوجي ولي سبعةٌ من الأولاد كانوا صِغَاراً ، تقول : فانشغلتُ بهم ، بتربيتهم وتعليمهم والقيام بشؤونهم ، وحين رَبّتهم وتَقَدمتْ بهم الأعمار ، وتزوج أكثرُهُمْ ، تَفَرَغَتْ هذه المرأة لِنَفْسِها ، وأول ما سَعَتْ إليه أنَّها بدأتْ بحفظ القرآن ، وكانت تُعينها ابنتها في الثانوية ، وكانت المُعلمات يُشجعنَ البنت على حِفْظِ القرآن ، فَبَدَأتْ مع أُمِّها كُلَّ يوم تحفظ عشرة آيات ..
أمَّا طريقة الحفظ : كانت ابنتها تقرأ لها كل يوم بعد العصر عشر آيات ، ثم تُرددها الأُم ثلاث مرات ، ثم تشرح لها البنت بعض المعاني ، ثم تردد هذه الأم الآيات العشر ثلاث مرات أخرى ، ثلاث ثم تشرح ثم ثلاث ، وفي صباح اليوم الثاني تُعيدها البنت لأُمها قبل أن تذهب إلى المدرسة ، وكانت هذه المرأة الكبيرة في السِّن تستمع لقراءة الحُصَري كثيراً وتُكرر الآيات أَغْلَبَ الوقتْ حتى تحفظ ، فإن حَفِظَتْ أَكْمَلَتْ ، وإن لم تحفظ فإنها تُعاقب نفسها وتُعيد حفظ الأمس ، تُعيده في اليوم مع ابنتها ، وبعد أربع سنوات ونصف حَفِظَتْ هذه الأم اثنا عشر جزءاً ، ثم تزوجتْ البنت ، ولمّا عَلِمَ الزوج بشأن زوجته مع أمها وطريقة الحفظ ، استأجرَ بيتاً بالقُربِ من منزل الأم ، وكان يُشَجِّعُ البنت وأمها ، وكان يَحضُرُ معهن أحياناً ويُفَسِّرُ لَهُنَّ الآيات ، ويستمع لحفظهن ، واستمرتْ هذه البنت مع أمها ثلاثة أعوام أيضاً ثم انشغلت بأولادها هذه البنت ، ثم بَحَثَتْ البنت عن مُدَّرِسَةْ تُكْمِلُ المشوار مع أمها ، فأتت لها بِمُدَرِّسَة ، فَأَتَمَّتْ حفظ القرآن الكريم ، هذه المرأة الكبيرة أَتَمَّتْ حفظ القرآن وما زالت ابنتها إلى إجراء الحوار مع أُمها تواصل الحفظ حتى تلحق بالأم الكبيرة في السِّنْ ، وقد حَفِظتْ القرآن بعد أكثر من عشر سنوات ، أمَّا النِّساء حولها فَتَأَثرنَ بها ، فبناتها وزوجات أبناءها تَحَمَّسْنَ كثيراً وكُنَّ دائماً يضربنَ المثل بهذه الأم العجيبة ، وبَدَأْنَ بحلقة أسبوعية في منزل الأم للحفظ ، فصارت هي العالِمة بينهُنْ ، أو الحافظة بينهُنْ ...
وقد أَثَّرتْ هذه المرأة بحفيداتها ، فكانت تُشجعُهُنَّ بالإلتحاق بحلقات التحفيظ ، وتُقدم لهُنَّ الهدايا المُتنوعة ، أمَّا جاراتها فأول الأمر كُنَّ يُحْبِطْنَ عزيمتها ويُرددنَ إصرارها على الحفظ لِضَعْفِ حِفْظِها ، ولمَّا رأَينَ استمرارها وصبرها ، بَدَأنَ يُشَجِعْنها ، تقول هذه الأم المُربية العجيبة التي حَفِظَتْ القرآن بعد الثمانين : حينما عَلِمَتْ هؤلاء النِسْوة أَنِّي حَفِظْتُ القرآن رَأَيْتُ دُمُوعَ الفَرَحِ منهُنْ ، وهذه المرأة تَسْتَمِعْ كثيراً إلى إذاعة القرآن الكريم ، وتَقْرَأُ في صلاتها السور الطويلة ، بَدَأَتْ بالحفظ وعُمْرَهَا تجاوز السبعين ، ثمَّ لم تكتفي هذه المرأة بحفظ القرآن فقط ـــ بل انْتَقَلَتْ إلى حفظِ الأحاديث النبوية ، فهي تحفظ إلى إجراءِ الحوار (90) تسعين حديثاً ، وتحفظ مع إحدى بناتها ، وتعتمد على الأشرطة ، وتُسَمِّعْ لها ابنتها كل أسبوع ثلاثة أحاديث ، اسْتَمَرَّتْ هذه المرأة أكثر من عشر سنوات في الحفظ ، تقـــول : أَحْسَـسْتُ بِإِرْتِياحٍ عجيب بعد حفظِ القرآن ، وغَابَتْ عَنِّي الهموم والأفكار ، ومَلأْتُ وقْتَ فراغي بطاعة ربي ، اقْتَرَحَتْ عليها بعض النسوة أَنْ تَدخُلَ في دُورِ تحفيظ القرآن ، فَأجَابتْ هذه المرأة وَرَدَّتْ فقالت : إِنِّي امرأةٌ تَعَودتُ على الجُلُوس في البيت ولا أَتَحَمْلُ الخروج ، وتدعُوا كثيراً لإبنتها وتَشْكُرها بأنَّها بَذَلَتْ معها الكثير الكثير ، تقول : وهذا من أَعْظَمِ البِرِّ و الإحْسَانْ ، خَاصَّةً أَنَّ البنت كانت في مرحلة المُراهقة ، التي يشكوا منها الكثير ، فكانت البنت تضغط على نَفْسِهَا وعلى دراستها لِتُفَرِّغَ نَفْسَهَا لِتَعْلِيمِ أُمِّها بِصَبْرٍ و حِكْمَة ، وثُمَّ خَتَمَتْ هذه المرأة الصالحة وقالتْ : لا يأْسَ مع العَزِيمَةِ الصَادِقَة ، ولا يَأْسَ مع قُوةِ الإرادة والعَزمِ والدعاء ، ثُمَّ البداية في حفظِ القرآن ، ثُمَّ قالتْ : والله ما رُزِقَتْ الأُمُّ بِنِعْمَةٍ أَحَبِّ إليها من ولدٍ صالحٍ يُعِنُها على التَقَرُّبَ إلى الله عز وجل .
صَدَقَ الشاعِرُ حينَ قال :
بَصُرْتُ بِالرَّاحَةِ الكُبْرى فَلَمْ أُرَها *** تُنَالُ إلاَّ على جِسْرٍ مِنَ التَعَبِ
القصة السابعة والعشرون :
مُعلِمةٌ ماتت ، تُوفيت إحدى المُعَلِّمَاتْ الدَّاعِياتْ مَعَ زَوجِهَا في حَادِثْ ، وكَتَبَتْ عَنْها بعض الطَالِبَاتْ ، بعض المَقَالاتْ في إِحْدَى الصُحُفْ ، فَمِنْ ذَلِكَ قالتْ إِحْدَاهُنْ : رَحِمَكِ الله أُسْتَاذَتِي ، جَعَلْتِ جُلَّ اهتِمَامَكِ الدعوة ، وجَعَلتِ نَصْبَ عينيكِ إيقاظُ القُلُوبِ الغافِلَة ، فَأَنْتِ المَنَارُ الذي أَضَاءَ لنا الطريق ، لَنْ يَنْسَاكِ مُصَلَّى المدرسة ، لكن سَيَفْقِدُ صَوتَكِ العَذْبْ ، وكَلامَكِ الرَّصِينْ ، والقِصَصَ الهادِفَة التي تَأْتِينَ بها ، والمَواعِظَ الحَسَنَة ، ولَنْ أَنْسى جُمُوعَ الكَلِمات التي تَصْدُرُ منها ، ولن أنسى المُعلمات ولا الطالبات اللاتي يُسْرِعْنَ لِحُضُورِ درسَكِ في وقْتِ الإِسْتِراحة ، فَسَتَبْقَى كَلِمَاتُكِ ونَصَائِحُكِ مَحْفُوظَةً في جُعْبَتِي لن أَنْساها ما حييتْ .
لا تُنكِروا أَثَرَ الكَلامِ فَإِنَّه ُ أَثَرٌ عَجِيبٌ في النُفُوسِ مُجَرَّبُ
ومَهْما كَتَبْتُ أو دَوّنْتُ فَلَنْ أَصِلَ إلى نِصْفِ ما بذلتيه لنا .
وقالت طالبةٌ أخرى عن هذه المعلمة : ما زَالَتْ كَلِمَاتُها في قلبي إلى الآن ، لمّا قالت لي ناصحةً لي : إنَّ للإيمانِ طَعْمَاً حُلْواً لَنْ يَتَذَوقْهُ إلاَّ مَنْ أَطَاعَ الله عز وجل . مازالتِ القِصَصْ التي قُلْتِيها في قلبي ووجداني ، لقد رأيتُها في المنام قبل وفاتها ، سَمِعْتُ صوتاً حول هذه المُعَلّمَة يقول : هذه المرأة على طريقِ العُلَمَاءْ ، تقول هذه الطالبة : فلمّا أَخْبَرتُها تَبَسْمَّتْ . ـــ رَحِمها الله ـــ على ما بذلته من أعمال الخير .
القصة الثامنة والعشرون :
تقول الفنانة التائبة سُهير رمزي : لأول مرة أذوقُ طعم النوم ، قريرةَ العين ، مُطْمَئِنَةَ البَالْ ، مُرتَاحةَ الضمير ، وأمّا سبب هدايتها فعجيب : ــ كانت قبل أن تتحجب ، ولمّا كانت تُزاولُ الفَنْ ، حَضَرتْ على مركزٍ لِتَعْلِيمِ القرآن ، ولإجتماع الدُعاة والداعيات في مصر ، وكان هذا المركز بِمَالِ إحدى التائبات من الفنانات ، وهي ابنة الشيخ الحُصَرِي ــ رحمه الله ــ تقول : إنَّ هذه الفنانة التائبة أو المُمَثلة التائبة ، لمّا تابت أقامت هذا المركز وجعلت شيئاً من الوقف لأبيها المُتَوفَّى القاريء الحُصَرِي ــ رحمه الله ــ وثَبَّتَ ابنته على الحق والخير ، تقول : كانت هذه الشَابَّة البَارَّة بأَبيها ــ رحمه الله ــ تُحْضِر بعض الدُعاة ، فَحَضر أحدُ الدُعاة ، لبعضِ النِّسْوة وكانت هذه ( سُهير رمزي ) حاضِرة بين النساء ، وهي غير مُتَحجِّبة ، تقول : أَوّل ما بدأ المُلقي يتكلم ، تَكَلَّمَ وقال : إنَّ تسعةً وتسعين من أشراطِ الساعة الصُغْرى قد ظَهَرتْ ، وإنَّ هذه الزلازل التي نَراها في العالم إنَّها تُؤْذِنُ بِقُربِ القيامة الكُبرى .
ثُمَّ تلا قول الله تعالى : {إذا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنْسَانُ مَالَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهْ} [ سورة الزلزلة ] .
تقول : فلم أتمالك نفسي وبكيتُ كثيراً كثيراً ، وعَرفْتُ أنِّي ضائعةٌ تائهة ، ثُمَّ أسندتُ رأسي على كَتِفِ أمي وقلت : إنِّي أُعْلِنُ الرجوع إلى الله عز وجل ، ثُمَّ لمّا تَابَتْ تقول : لأول مرة أذوقُ طعم النوم ، قريرةَ العين ، مُطْمَئِنَةَ البَالْ ، مُرتَاحةَ الضمير .
القصة التاسعة والعشرون :
منى عبد الغني ، فنانةٌ سابقة ، أَعْلَنَتْ توبتها إلى الله عز وجل ، لَبِسَتْ الحجاب ، وطالَبَتْ وسائل الإعلام ألاَّ تُخْرِجُ شيئاً من أغانيها ولا صورها ، تقول أمّا بداية هدايتي فقالت : كنتُ أُفَكِّرُ دائماً لو جاء الموت إليَّ وأنا على هذه الحال ، وأنا غير مُستعدة للقاء ربي ، فماذا أفعل ؟ وكُنتُ أصحوا فَزِعَةً من النوم أحياناً ، لأُحاسبَ نفسي بشدة ، أُريدُ جواباً لهذا السؤال ؟ أُريدُ تطبيقاً لهذا السؤال ؟ قالت : كانت أخواتي يرتدين الحجاب ، وعائلتي مُتَدَينَةْ ، وأخي ممدوح ــ رحمه الله ــ يُلِحُّ عليَّ دائماً بأن ألبس الحجاب ، لا تُنكرُ أثر الكلام تـقول : قبل وفاته بأربعين يوماً كان يُحضِرُ لها الأشرطة الدينية ، والمواعظ عن الموت وعن الآخرة ، وبعد الحج رجع إلى مقرِّ عمله في باريس ، ومات وهو ساجد ، نسألُ الله من فضله ، فلمّا مات تقول : أفَقْتُّ من هذا السُباتِ العظيم ، وأَفَقْتُ على هذا النور الذي بَزَغَ لي وسَطَ الظلام ، وقبل أن يُوارى جُثْمَانُ أخي قررتُ ارتداء الحجاب واعتزال الفن ، بعد ذلك تَحَسَّنَتْ أَحْوالَهَا مع الله عز وجل ، وأَقْبَلَتْ عليه بالعبادات ، وتَرَكَتْ العمل في معهد المُوسِيقى ، وتَفَرَّغَتْ لابنتها ، لِتَربيتها تربيةً صالِحة ، وتقول : لَنْ أَعُودَ لِلْفَنِّ مهما كانت المُغْريات ، وأقول أخيراً : والكلام لها : ربنا لا تُزِغْ قلوبنا بعد إذ هديتنا .
وأمّا أخوها ممدوح ــ رحمةُ الله عليه ــ فَيَحْسُنُ أَنْ يُقالُ عنه ما قال الشاعر :
يا رُبَّ حيٍ رُخَامُ القبرِ مَسْكَنَهُ *** ورُبَّ مَيْتٍ على أَقْدامِهِ انْتَصَبَا
القصة الثلاثون :
امرأةٌ أخرى تتمنى أنَّها إذا دَخَلَتِ الجَنَّة ، أَنْ تَجْلِسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ ، وتُصَلِّي وتَعْبُدُ الله عز وجل ، لِحُبِّها للصلاة وتَعَلُقِها بها .
أَشْرِقِي يا مَعْدَنَ الطُهْرِ الثَمِينْ دُرَّةً بالحَــقِّ غَــرَّاءَ الجَـبِيـنْ
شُعْلَـةً تُوقــِظُ فـي أَرْواحِنـَا خَامـِدَ العَــزْمِ وأَنْـوارَ اليَقِيــنْ
يــا ابْنةَ الإِسْلامِ يا نَسْـلَ الهُلى سََطَّروا الأَمْجَاد بِالفَتْحِ المُبـــِينْ
فَتَّحُوا الأَقَفَالَ في وجْهِ الضُحـى أَسْعَدُوا الإِنْسَانَ في دُنْيا و دِينْ
فَجَّـروا تِلْكَ الينَـابِيع التي تَسْتَقِي مِنْهَا قُلُــــوبُ المُؤمِنِين
أَبْشِرِي يا أُخْـتُ بالفَجْـرِ الـذي سَوفَ يأْتِي في عُيونِ القاَدِمين
مُـحْـصَـناَتٍ فـي خـدُوُرٍ زُودَتْ بِالـتُقَى و الخـلُـقِ البَرِّ الثَمِينْ
امْـلَئِي الأَرْضَ سَـلامَاً وآ سَلام وازْرَعِي الدُنْيا ورُودَ اليَاسَمِينْ
أَنْتِي يا أُخْـتَاه إِشْـراقَ المُنَى فَاصْعَدِي العَلياءَ بِالدِينِ الحَصِينْ
كُلُّ مَـا نَرجُوهُ يا ذَاتَ الضِــياء أَنْ تَكُــونِي شَرَفَــاً في العَالَمِـين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . . .
ابو اسلام
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
لاحظ أن الإنسان كلما كان أفقه واسعاً ونظرته بعيدة، وتفكيره ناضجاً، لم ينظر إلى المرأة من جهة واحدة أو كما يقال من بعد واحد. وإنما ينظر إليها نظرة تكاملية من جميع الزوايا.
وفي ذلك سبب للتآلف والتقارب والود والرحمة والصفح والعفو. روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ أَوْ قَالَ غَيْرَهُ "
فهنا يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تلك النظرة البعيدة المدى النظرة العادلة التي لا تتنكر للحسنات، ولا تطوي ملفات الإيجابيات، نظرة القسط والتوسط والتعقل، نظرة واعية متكاملة واسعة تدرك جميع الجوانب، فمتى نظر الرجل إلى زوجته من هذا البعد تقلصت عنده السلبيات، وتوسعت عنده نقاط القوة وغلبت على نقاط الضعف والنقص، وانغمرت السيئات في بحار الحسنات، فتمتع بحياة أسرية هادئة.
وبعكسه صاحب النظرة الآحادية الحادة التي لا تنظر إلا الجوانب السلبية، ونقاط الضعف، وأوجه التقصير، فيتحول إلى العدسة المكبرة التي تعظم الخطأ وتقلل من الصواب، فيعيش حياة القلق والنكد.
والمرأة العاقلة الواعية الراغبة في حياة أسرية هادئة تحاول وتجاهد نفسها على أن تتمثل بهذه الصفات التي أشار إليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَلا فِي مَالِهِ "
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ "
ففي هذين الحديثين يبرز لنا كمال المرأة وتوازن شخصيتها:
1 ـ فهي تسره إذا نظر وهذا بمعنى العناية في الجمال وحسن المظهر، وهذه أشياء مستلزمة لكل إنسان وهي فطرة فطر عليها الرجل والمرأة على حد سواء.
2 ـ وتطيعه إذا أمر: فهي موافقة للرجل وتوافقها معه في جميع أحواله، فملائمة المرأة للرجل وانسجامها معه ومعرفتها بطبع زوجها وتكيفها له من أقوى أسباب السعادة الزوجية وهو من أبرز جوانب المرأة.
3 ـ بعدها عن مواطن الريب ومواضع التهم، وفي هذا أمان لقلب زوجها وبعدا للشك فيها، وحماية لها من القلوب المريضة وهذا أصل أركان المرأة المثالية. فلا تخلو برجل غير محرم لها، ولا تخضع له بالقول، ولا تتكلم معه في غير ضرورة، ولا تطيل معه الحديث.
4 ـ ليست مسرفة في طعامها وشرابها ولباسها، وليست متكلفة لزوجها ما لا يطيق، وليست تقليدية تابعة في مؤخرة الركب همها ماذا لبست فلانة واشترت علانة. بل تعتبر نفسها راعية ومحافظة على مال زوجها.
5 ـ تضفي حنانها على أولادها فتكسب البيت كلها حنانا، فليست شتامة لأولادها ولا غليظة همها الدعاء عليهم، ولا مضيعة لتربيتهم، ولا تترك أولادها للخدم أو الشارع مقابل أن ترتاح من شغبهم وأذاهم، فهي راعية في البيت وحق على الراعي العناية برعيته: " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " وقد جعل الإسلام لها مقابل أتعابها ورعايتها ثلاثة حقوق على الأبناء، بينما فاز الأب بنصيب واحد.
ومن صفات المرأة الفاعلة الواعية الراغبة في جو أسري هادئ:
6 ـ ليست أنانة ومتمارضة فلا تكثر الشكوى ولا تتمارض من كل عارض أو وعكة خفيفة، فالزوج لا يرغب أن يعيش في مستشفى، ولا يتطلع عند رجوعه من البيت إلى امرأة تزيد من همه وغمه، وإنما يتطلع إلى زوجة يسكن إليها ويفضي عندها همه وأتعابه.
7 ـ ليست منانة تذكر كل حسناته وما فعلته وتجير بعض مصالحها وأعمالها الشخصية بأنها من أجل زوجها. فإن صنعت طعاما تريده قالت: من أجلك فعلته، وإن لبست ثوبا ترغبه، قالت: لأجلك لبست ….
8 ـ بعيدة عن الروتين والجمود على حال واحدة.
إن تغيير الروتين في المنزل من أسباب تنقية الأجواء وتحسينها سواء كان ذلك في أثاث المنزل، أو في اللباس، أوالعادات في الأكل والشرب، فمرة موقع الدولاب هنا ومرة هناك، ومرة غرفة النوم في زاوية ومرة في أخرى وهكذا، فهي امرأة متجددة دائما.
9 ـ ليس للفراغ إليها سبيل، فلا تعيش في كوكبة من الخدم، بل تقوم بأعمال بيتها بنفسها، وأين الفراغ لمثل هذه وكيف سبيله إليها؟ إذ أن الفراغ والكسل من أكبر أسباب الركود في العلاقات الزوجية، ومن دواعي الشيطان في التذكير بالحقوق المضاعة وتضخيمها، ومن المعلوم أن من طبيعة الإنسان العمل " وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، فإما إلى تقدم وإلا إلى تأخر، وإما إلى الأمام وإما إلى الخلف، وإما إلى العلو وإما إلى النزول " فمن لم يشغل نفسه بالخير شغلته نفسه بالشر، فإذا قضت المرأة وقتها في تدبير بيتها، وتربية أولادها، دون مساعد أو بديل عنها، صفا جو الأسر، وارتفعت عنه المشاكل والخلافات، فليس هناك وقت للمحادثة مع الصديقة، وليس هناك فرصة للمجالسة مع زميلة، وليس هناك ساعات للتفكير والتخيلات ووساوس الشيطان.
10 ـ تتمثل عمليا قول ابن عمر: " البر شيء هين وجه طليق وكلام لين " فهي بشوشة طليقة الوجه حلوة الخطاب والحديث، لا يعرف التعبيس له طريقا إليها، ولا الخشونة سبيل عليها.
11 ـ إن المرأة الواعية هي التي تجدد من حياة زوجها وتبعث الهمة والثقة والطمأنينة في قلبه، وتحثه على الإقدام على الخير وترغبه فيه وتقف بجانبه، كما قالت خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلا لا يخزيك الله أبدا "
12 ـ كلما حقق زوجها هدفا تفتح له أفاقا أخرى وهدفا آخر ليرتقي في تحقيقه، وتقف بجانبه حتى يتحقق هدفه، وتبث فيه روح الحماسة والأمل، كما وقفت خديجة رضي الله عنها، ووقفت زوجات المهاجرين إلى أرض الحبشة مع أزواجهن مؤيدات ومشجعات وباعثات للأمل.
ومن البلاء تباين الأهداف والهمم فيما بين الرجل والمرأة فبينما أحدهما همته رفيعة عالية إذا بالآخر همته دنيئة ساقطة، همة في الثريا وهمة في الثرى.
13 ـ تتفهم الرجل وتحاول التكيف معه، وتحسن الاستماع إليه، فهي تدرك بأنه لا يمكن التوافق والتماثل في جميع الصفات بين أي رجل وامرأة، فلابد من التنازل وتخطي العقبات وتجاوز الهنات وعدم المحاسبة على الصغير والقطمير.
فهي مرنة مع زوجها داخل في حسابها جميع الطوارئ مستعدة للتكيف معها، فإن نقل إلى مكان انتقلت معه، وإن لم يستطع البقاء في منزل ارتحلت معه، غير متشبثة ببلد، ولا متمسكة بمكان.
14 ـ كتومة لا تفشي له سراً، حديثها مع زوجها لا يتعدى حيطان حجرتها، تستصغر أولئك النسوة اللاتي حديث زوجها عند كل الناس في العطاء والمنع، والفرح والحزن، وهذا من أقبح الصفات.
أسلوب حل الخلافات الزوجية:
ومع تلك الصفات الجميلة في الرجل والمرأة، تبقى الطبيعة البشرية، في الغضب وتكدر الخواطر، والأخطاء غير المقصودة، ووساوس الشيطان، وشياطين الإنس والجن المتربصين بكل بيت سعيد هادئ، وفوق ذلك الحياة الدنيا الدنية التي من طبيعتها التعب والنكد، قال تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.البلد
فينبغي على الزوجين أن يأخذا هذه المسائل بالحسبان، وأن يتعاملا معها بتعقل ووعي وهدوء وحسن ظن وأن ينظر نظرة واقعية إلى الخلافات الزوجية إذ أنها من الممكن أن تكون عاملا من عوامل الحوار والتفاهم إذا أحسن التعامل معها.
والأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي عليه أو يضخمه ويوسع نطاقه، وقبل الدخول في حل الخلافات يحسن التنبه إلى هذه الضوابط:
أولاً: لاشك أن للكلمات الحادة، والعبارات العنيفة، والكلمات غير الموزونة والمحسوبة، لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس، لهذا ينبغي البعد عن الكلام الفاحش، والحط من النسب أو الجاه أو المكانة، أو سب الأسرة والأهل والأقارب.
ثانياً: لزوم الصمت والسكوت على الخلاف حل سلبي مؤقت للخلاف، إذا سرعان ما يثور البركان عند دواعيه. وعند أدنى اصطدام.
فكبت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة ، فإما أن تتناسى وتترك ويعفى عنها ويرضى الطرفان بذلك، وإما تطرح للحل.
ولابد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يتخالج في النفس، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر.
ثالثاً: البعد عن أساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر، لكنها تعمق الخلاف وتجذره: مثل أساليب التهكم والسخرية، أو التعالي والغرور.
روى أبو داود والترمذي وأحمد عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلاً يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ لا يَقُولُ شَيْئًا إِلا صَدَرُوا عَنْهُ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ … اعْهَدْ إِلَيَّ قَالَ لا تَسُبَّنَّ أَحَدًا قَالَ فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا وَلا عَبْدًا وَلا بَعِيرًا وَلا شَاةً قَالَ وَلا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنَ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ "
وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا "
وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلاً يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ.
وروى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَّابًا وَلا فَحَّاشًا وَلا لَعَّانًا كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتِبَةِ مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ.
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ.
روى الترمذي عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ يَقُولُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ بْنُ عَبْدٍ وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ.
وقول أنس خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي يوما لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء تركته لما تركته "
رابعاً: معرفة أثر الخلاف وشدة وطئته على الطرفين: فلا شك أن اختلاف المرأة مع زوجها الذي تحبه وتقدره وتدلي عليه، يسبب لها كثيرا من الإرباك والقلق والانزعاج، وبخاصة إذا كانت ذات طبيعة حساسة.
خامساً: البعد عن التعالي بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة، فإن هذا من أكبر أسباب فصم العلاقات بين الزوجين. قال صلى الله عليه وسلم " الكبر بطر الحق وغمط الناس " أي رد الحق واحتقار الناس.
وروى مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ"
سادساً: عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته، فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور لا. أو نعم. وهو لم يدرس الموضوع ولم يعلم خلفياته، ولم يقدر المصالح والمفاسد فيه، وهذا المتعجل سبيله دائما التردد وتغيير القرار بعد الإلحاح، فتصبح كل الطلبات لا تأتي إلى بعد مشادة، وتعالي الأصوات في النقاش.
أو أنه يعرف خطأ قراره، وسوء تصرفه، وضعف تقديره للأمور فيلجأ إلى اللجاجة والمخاصمة.
الخطوات العملية في حل الخلافات الزوجية :
فإذا ما وقع خلاف ـ وهذا أمر حتمي إلا ما شاء الله ـ فينبغي اتباع الخطوات التالية:
1 ـ تفهم الأمر هل هو خلاف أم أنه سوء فهم فقط، فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم، فربما أنه لمن يكن هناك خلاف حقيقي وإنما سوء في الفهم، كأن يخاطب أحدهما الآخر بكنية أو يناديه باسم يقصد بذلك احترامه وتقديره، فيفهم المقابل أن هذا من باب الازدراء والاحتقار.
2 ـ تحديد موضع النزاع والتركيز عليه، وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة، أو فتح ملفات قديمة، ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف.
3 ـ أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها، ولا يجعل فهمه صوابا غير قابل للخطأ أو أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش. فإن هذا قتل للحل في مهده، حيث أنه قد يكون فهمه هذا مبنيا على أوهام وسوء ظن، ومن أساسيات الحوار أن تجعل فهمك صوابا قابل للخطأ، وفهم غيرك خطأ قابل للصواب.
4ـ يحسن تقديم بين يدي الحوار ذكر نقاط الاتفاق فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس. قال تعالى: { ولا تنسوا الفضل بينكم } البقرة ، فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا، ولم يغب عن بالي تلك الإيجابيات عندك، ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا. فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المحاور.
5 ـ لا تجعل الحقوق ماثلة دائما أمام العين، وأخطر من ذلك تضخيم تلك الحقوق، أو جعل حقوقا ليست واجبة في قنوات الواجب فتتأصل في النفس ويتم المطالب بها.
6ـ إدراك كل الجانبين حق الآخر ووظيفته وحدود مسؤولياته.
7 ـ الاعتراف بالخطأ عند استبانته وعدم اللجاجة فيه، وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك. وينبغي للطرف الآخر شكره على ذلك وأن يثني عليه لاعترافه بالخطأ (فالاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل ) والاعتراف بالخطأ طريق الصواب.
فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها.
بعض الناس يجعل الاعتراف بالخطأ في سجل السيئات فكلما حدثت مشادة، أو سوء فهم، قال الزوج أو الزوجة للآخر: تذكر المشادة الفلانية لما اعترفت أنك مخطئ فيها وتبين صواب قولي وسلامة تصرفي! وهذا مما يحمل الآخر على عدم الاعتراف مرة ثانية واللجوء إلى اللجاجة والمراء والمخاصمة ومحاولة الانتصار بحق أو باطل.
8 ـ الصبر على الطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة. كما قال صلى الله عليه وسلم " غارت أمكم " وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في تقدير الظروف والأحوال ومعرفة طبائع النفوس وما لا يمكن التغلب عليه.
روى البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ * وفي رواية للنسائي قال: " كلوا غارت أمكم"
روى النسائي وأبو داود والترمذي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَاءً فِيهِ طَعَامٌ فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ كَسَرْتُهُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَفَّارَتِهِ فَقَالَ إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ *
9 ـ الرضا بما قسم الله تعالى فإن رأت خيراً حمدت، وإن رأت غير ذلك صبرت . وأن يعلم الزوج والزوجة أنهما ليسا هما الوحيدين في مثل هذه المشاكل واختلاف وجهات النظر.
10 ـ لا يبادر في حل الخلاف وقت الغضب وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس وتبرد الأعصاب. فإن الحل في مثل هذه الحال كثيرا ما يكون متشنجا بعيدا عن الصواب.
ويحسن أن يسجل العلاج الذي يراه وهو غضبان، فإذا هدأت الأعصاب يسجل الحل الذي يراه لتلك المشكلة، ثم يقارن بين الأمرين فسيجد بينهما بونا شاسعا، وأن تقديره أثناء الغضب بعيد كل البعد عن معالجة القضية بل يزيدها تعقيدا.
11 ـ ضرورة التنازل عن بعض الحقوق فإنه من الصعب جدا حل الخلاف إذا تشبث كل الطرفين بحقوقه.
12 ـ دائما نتحدث عن بعض المهارات ومنها مهارة كسب الآخرين، والزوجان أحوج الناس إلى هذه المهارات.
13 ـ ضرورة التكيف مع جميع الظروف والأحوال، وأن يكون هادئا، غير متهور ولا متعجل، ولا متأفف ولا متضجر. فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة.
14 ـ يجب أن يعلم ويستيقن الزوجان بأن المال ليس سبب للسعادة، وليس النجاح في الدور والقصور والسير أمام الخدم والحشم، إنما النجاح في الحياة الهادئة السليمة من القلق البعيدة من الطمع ، الحياة المبنية على أساس طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد
15ـ غض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ غير المقصود.
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
من الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
16 ـ تقدير حجم الخطأ وعدم تضخيمه، ويعالج بقدره ولا يزاد عليه ويتمادى فيه فلا يتعدى الحدود المعقولة في معالجة الخطأ. انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد من بعض زوجاته خطأ ومخالفة فيعالجها في لحظات ولا يبقى لها أثرا بعد ذلك، لا كمن يطيل أمد الغضب والهجر أياما في أمر لا يستحق كل هذا.
روى مسلم في صحيحه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ أُمِّي قَالَ فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أُمَّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا بَلَى قَالَ قَالَتْ لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ فَأَخَذَ رِدَاءهُ رُوَيْدًا وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إِلا أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ فَقَالَ مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً قَالَتْ قُلْتُ لا شَيْءَ قَالَ لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي قُلْتُ نَعَمْ فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي ثُمَّ قَالَ أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ قَالَتْ مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِي فَأَخْفَاهُ مِنْكِ فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَتْ قُلْتُ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولِي السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ .
وفي ذلك سبب للتآلف والتقارب والود والرحمة والصفح والعفو. روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ أَوْ قَالَ غَيْرَهُ "
فهنا يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تلك النظرة البعيدة المدى النظرة العادلة التي لا تتنكر للحسنات، ولا تطوي ملفات الإيجابيات، نظرة القسط والتوسط والتعقل، نظرة واعية متكاملة واسعة تدرك جميع الجوانب، فمتى نظر الرجل إلى زوجته من هذا البعد تقلصت عنده السلبيات، وتوسعت عنده نقاط القوة وغلبت على نقاط الضعف والنقص، وانغمرت السيئات في بحار الحسنات، فتمتع بحياة أسرية هادئة.
وبعكسه صاحب النظرة الآحادية الحادة التي لا تنظر إلا الجوانب السلبية، ونقاط الضعف، وأوجه التقصير، فيتحول إلى العدسة المكبرة التي تعظم الخطأ وتقلل من الصواب، فيعيش حياة القلق والنكد.
والمرأة العاقلة الواعية الراغبة في حياة أسرية هادئة تحاول وتجاهد نفسها على أن تتمثل بهذه الصفات التي أشار إليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَلا فِي مَالِهِ "
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ "
ففي هذين الحديثين يبرز لنا كمال المرأة وتوازن شخصيتها:
1 ـ فهي تسره إذا نظر وهذا بمعنى العناية في الجمال وحسن المظهر، وهذه أشياء مستلزمة لكل إنسان وهي فطرة فطر عليها الرجل والمرأة على حد سواء.
2 ـ وتطيعه إذا أمر: فهي موافقة للرجل وتوافقها معه في جميع أحواله، فملائمة المرأة للرجل وانسجامها معه ومعرفتها بطبع زوجها وتكيفها له من أقوى أسباب السعادة الزوجية وهو من أبرز جوانب المرأة.
3 ـ بعدها عن مواطن الريب ومواضع التهم، وفي هذا أمان لقلب زوجها وبعدا للشك فيها، وحماية لها من القلوب المريضة وهذا أصل أركان المرأة المثالية. فلا تخلو برجل غير محرم لها، ولا تخضع له بالقول، ولا تتكلم معه في غير ضرورة، ولا تطيل معه الحديث.
4 ـ ليست مسرفة في طعامها وشرابها ولباسها، وليست متكلفة لزوجها ما لا يطيق، وليست تقليدية تابعة في مؤخرة الركب همها ماذا لبست فلانة واشترت علانة. بل تعتبر نفسها راعية ومحافظة على مال زوجها.
5 ـ تضفي حنانها على أولادها فتكسب البيت كلها حنانا، فليست شتامة لأولادها ولا غليظة همها الدعاء عليهم، ولا مضيعة لتربيتهم، ولا تترك أولادها للخدم أو الشارع مقابل أن ترتاح من شغبهم وأذاهم، فهي راعية في البيت وحق على الراعي العناية برعيته: " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " وقد جعل الإسلام لها مقابل أتعابها ورعايتها ثلاثة حقوق على الأبناء، بينما فاز الأب بنصيب واحد.
ومن صفات المرأة الفاعلة الواعية الراغبة في جو أسري هادئ:
6 ـ ليست أنانة ومتمارضة فلا تكثر الشكوى ولا تتمارض من كل عارض أو وعكة خفيفة، فالزوج لا يرغب أن يعيش في مستشفى، ولا يتطلع عند رجوعه من البيت إلى امرأة تزيد من همه وغمه، وإنما يتطلع إلى زوجة يسكن إليها ويفضي عندها همه وأتعابه.
7 ـ ليست منانة تذكر كل حسناته وما فعلته وتجير بعض مصالحها وأعمالها الشخصية بأنها من أجل زوجها. فإن صنعت طعاما تريده قالت: من أجلك فعلته، وإن لبست ثوبا ترغبه، قالت: لأجلك لبست ….
8 ـ بعيدة عن الروتين والجمود على حال واحدة.
إن تغيير الروتين في المنزل من أسباب تنقية الأجواء وتحسينها سواء كان ذلك في أثاث المنزل، أو في اللباس، أوالعادات في الأكل والشرب، فمرة موقع الدولاب هنا ومرة هناك، ومرة غرفة النوم في زاوية ومرة في أخرى وهكذا، فهي امرأة متجددة دائما.
9 ـ ليس للفراغ إليها سبيل، فلا تعيش في كوكبة من الخدم، بل تقوم بأعمال بيتها بنفسها، وأين الفراغ لمثل هذه وكيف سبيله إليها؟ إذ أن الفراغ والكسل من أكبر أسباب الركود في العلاقات الزوجية، ومن دواعي الشيطان في التذكير بالحقوق المضاعة وتضخيمها، ومن المعلوم أن من طبيعة الإنسان العمل " وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، فإما إلى تقدم وإلا إلى تأخر، وإما إلى الأمام وإما إلى الخلف، وإما إلى العلو وإما إلى النزول " فمن لم يشغل نفسه بالخير شغلته نفسه بالشر، فإذا قضت المرأة وقتها في تدبير بيتها، وتربية أولادها، دون مساعد أو بديل عنها، صفا جو الأسر، وارتفعت عنه المشاكل والخلافات، فليس هناك وقت للمحادثة مع الصديقة، وليس هناك فرصة للمجالسة مع زميلة، وليس هناك ساعات للتفكير والتخيلات ووساوس الشيطان.
10 ـ تتمثل عمليا قول ابن عمر: " البر شيء هين وجه طليق وكلام لين " فهي بشوشة طليقة الوجه حلوة الخطاب والحديث، لا يعرف التعبيس له طريقا إليها، ولا الخشونة سبيل عليها.
11 ـ إن المرأة الواعية هي التي تجدد من حياة زوجها وتبعث الهمة والثقة والطمأنينة في قلبه، وتحثه على الإقدام على الخير وترغبه فيه وتقف بجانبه، كما قالت خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلا لا يخزيك الله أبدا "
12 ـ كلما حقق زوجها هدفا تفتح له أفاقا أخرى وهدفا آخر ليرتقي في تحقيقه، وتقف بجانبه حتى يتحقق هدفه، وتبث فيه روح الحماسة والأمل، كما وقفت خديجة رضي الله عنها، ووقفت زوجات المهاجرين إلى أرض الحبشة مع أزواجهن مؤيدات ومشجعات وباعثات للأمل.
ومن البلاء تباين الأهداف والهمم فيما بين الرجل والمرأة فبينما أحدهما همته رفيعة عالية إذا بالآخر همته دنيئة ساقطة، همة في الثريا وهمة في الثرى.
13 ـ تتفهم الرجل وتحاول التكيف معه، وتحسن الاستماع إليه، فهي تدرك بأنه لا يمكن التوافق والتماثل في جميع الصفات بين أي رجل وامرأة، فلابد من التنازل وتخطي العقبات وتجاوز الهنات وعدم المحاسبة على الصغير والقطمير.
فهي مرنة مع زوجها داخل في حسابها جميع الطوارئ مستعدة للتكيف معها، فإن نقل إلى مكان انتقلت معه، وإن لم يستطع البقاء في منزل ارتحلت معه، غير متشبثة ببلد، ولا متمسكة بمكان.
14 ـ كتومة لا تفشي له سراً، حديثها مع زوجها لا يتعدى حيطان حجرتها، تستصغر أولئك النسوة اللاتي حديث زوجها عند كل الناس في العطاء والمنع، والفرح والحزن، وهذا من أقبح الصفات.
أسلوب حل الخلافات الزوجية:
ومع تلك الصفات الجميلة في الرجل والمرأة، تبقى الطبيعة البشرية، في الغضب وتكدر الخواطر، والأخطاء غير المقصودة، ووساوس الشيطان، وشياطين الإنس والجن المتربصين بكل بيت سعيد هادئ، وفوق ذلك الحياة الدنيا الدنية التي من طبيعتها التعب والنكد، قال تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.البلد
فينبغي على الزوجين أن يأخذا هذه المسائل بالحسبان، وأن يتعاملا معها بتعقل ووعي وهدوء وحسن ظن وأن ينظر نظرة واقعية إلى الخلافات الزوجية إذ أنها من الممكن أن تكون عاملا من عوامل الحوار والتفاهم إذا أحسن التعامل معها.
والأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي عليه أو يضخمه ويوسع نطاقه، وقبل الدخول في حل الخلافات يحسن التنبه إلى هذه الضوابط:
أولاً: لاشك أن للكلمات الحادة، والعبارات العنيفة، والكلمات غير الموزونة والمحسوبة، لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس، لهذا ينبغي البعد عن الكلام الفاحش، والحط من النسب أو الجاه أو المكانة، أو سب الأسرة والأهل والأقارب.
ثانياً: لزوم الصمت والسكوت على الخلاف حل سلبي مؤقت للخلاف، إذا سرعان ما يثور البركان عند دواعيه. وعند أدنى اصطدام.
فكبت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة ، فإما أن تتناسى وتترك ويعفى عنها ويرضى الطرفان بذلك، وإما تطرح للحل.
ولابد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يتخالج في النفس، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر.
ثالثاً: البعد عن أساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر، لكنها تعمق الخلاف وتجذره: مثل أساليب التهكم والسخرية، أو التعالي والغرور.
روى أبو داود والترمذي وأحمد عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلاً يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ لا يَقُولُ شَيْئًا إِلا صَدَرُوا عَنْهُ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ … اعْهَدْ إِلَيَّ قَالَ لا تَسُبَّنَّ أَحَدًا قَالَ فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا وَلا عَبْدًا وَلا بَعِيرًا وَلا شَاةً قَالَ وَلا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنَ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ "
وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا "
وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلاً يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ.
وروى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَّابًا وَلا فَحَّاشًا وَلا لَعَّانًا كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتِبَةِ مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ.
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ.
روى الترمذي عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ يَقُولُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ بْنُ عَبْدٍ وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ.
وقول أنس خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي يوما لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء تركته لما تركته "
رابعاً: معرفة أثر الخلاف وشدة وطئته على الطرفين: فلا شك أن اختلاف المرأة مع زوجها الذي تحبه وتقدره وتدلي عليه، يسبب لها كثيرا من الإرباك والقلق والانزعاج، وبخاصة إذا كانت ذات طبيعة حساسة.
خامساً: البعد عن التعالي بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة، فإن هذا من أكبر أسباب فصم العلاقات بين الزوجين. قال صلى الله عليه وسلم " الكبر بطر الحق وغمط الناس " أي رد الحق واحتقار الناس.
وروى مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ"
سادساً: عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته، فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور لا. أو نعم. وهو لم يدرس الموضوع ولم يعلم خلفياته، ولم يقدر المصالح والمفاسد فيه، وهذا المتعجل سبيله دائما التردد وتغيير القرار بعد الإلحاح، فتصبح كل الطلبات لا تأتي إلى بعد مشادة، وتعالي الأصوات في النقاش.
أو أنه يعرف خطأ قراره، وسوء تصرفه، وضعف تقديره للأمور فيلجأ إلى اللجاجة والمخاصمة.
الخطوات العملية في حل الخلافات الزوجية :
فإذا ما وقع خلاف ـ وهذا أمر حتمي إلا ما شاء الله ـ فينبغي اتباع الخطوات التالية:
1 ـ تفهم الأمر هل هو خلاف أم أنه سوء فهم فقط، فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم، فربما أنه لمن يكن هناك خلاف حقيقي وإنما سوء في الفهم، كأن يخاطب أحدهما الآخر بكنية أو يناديه باسم يقصد بذلك احترامه وتقديره، فيفهم المقابل أن هذا من باب الازدراء والاحتقار.
2 ـ تحديد موضع النزاع والتركيز عليه، وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة، أو فتح ملفات قديمة، ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف.
3 ـ أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها، ولا يجعل فهمه صوابا غير قابل للخطأ أو أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش. فإن هذا قتل للحل في مهده، حيث أنه قد يكون فهمه هذا مبنيا على أوهام وسوء ظن، ومن أساسيات الحوار أن تجعل فهمك صوابا قابل للخطأ، وفهم غيرك خطأ قابل للصواب.
4ـ يحسن تقديم بين يدي الحوار ذكر نقاط الاتفاق فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس. قال تعالى: { ولا تنسوا الفضل بينكم } البقرة ، فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا، ولم يغب عن بالي تلك الإيجابيات عندك، ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا. فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المحاور.
5 ـ لا تجعل الحقوق ماثلة دائما أمام العين، وأخطر من ذلك تضخيم تلك الحقوق، أو جعل حقوقا ليست واجبة في قنوات الواجب فتتأصل في النفس ويتم المطالب بها.
6ـ إدراك كل الجانبين حق الآخر ووظيفته وحدود مسؤولياته.
7 ـ الاعتراف بالخطأ عند استبانته وعدم اللجاجة فيه، وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك. وينبغي للطرف الآخر شكره على ذلك وأن يثني عليه لاعترافه بالخطأ (فالاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل ) والاعتراف بالخطأ طريق الصواب.
فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها.
بعض الناس يجعل الاعتراف بالخطأ في سجل السيئات فكلما حدثت مشادة، أو سوء فهم، قال الزوج أو الزوجة للآخر: تذكر المشادة الفلانية لما اعترفت أنك مخطئ فيها وتبين صواب قولي وسلامة تصرفي! وهذا مما يحمل الآخر على عدم الاعتراف مرة ثانية واللجوء إلى اللجاجة والمراء والمخاصمة ومحاولة الانتصار بحق أو باطل.
8 ـ الصبر على الطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة. كما قال صلى الله عليه وسلم " غارت أمكم " وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في تقدير الظروف والأحوال ومعرفة طبائع النفوس وما لا يمكن التغلب عليه.
روى البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ * وفي رواية للنسائي قال: " كلوا غارت أمكم"
روى النسائي وأبو داود والترمذي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَاءً فِيهِ طَعَامٌ فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ كَسَرْتُهُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَفَّارَتِهِ فَقَالَ إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ *
9 ـ الرضا بما قسم الله تعالى فإن رأت خيراً حمدت، وإن رأت غير ذلك صبرت . وأن يعلم الزوج والزوجة أنهما ليسا هما الوحيدين في مثل هذه المشاكل واختلاف وجهات النظر.
10 ـ لا يبادر في حل الخلاف وقت الغضب وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس وتبرد الأعصاب. فإن الحل في مثل هذه الحال كثيرا ما يكون متشنجا بعيدا عن الصواب.
ويحسن أن يسجل العلاج الذي يراه وهو غضبان، فإذا هدأت الأعصاب يسجل الحل الذي يراه لتلك المشكلة، ثم يقارن بين الأمرين فسيجد بينهما بونا شاسعا، وأن تقديره أثناء الغضب بعيد كل البعد عن معالجة القضية بل يزيدها تعقيدا.
11 ـ ضرورة التنازل عن بعض الحقوق فإنه من الصعب جدا حل الخلاف إذا تشبث كل الطرفين بحقوقه.
12 ـ دائما نتحدث عن بعض المهارات ومنها مهارة كسب الآخرين، والزوجان أحوج الناس إلى هذه المهارات.
13 ـ ضرورة التكيف مع جميع الظروف والأحوال، وأن يكون هادئا، غير متهور ولا متعجل، ولا متأفف ولا متضجر. فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة.
14 ـ يجب أن يعلم ويستيقن الزوجان بأن المال ليس سبب للسعادة، وليس النجاح في الدور والقصور والسير أمام الخدم والحشم، إنما النجاح في الحياة الهادئة السليمة من القلق البعيدة من الطمع ، الحياة المبنية على أساس طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد
15ـ غض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ غير المقصود.
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
من الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
16 ـ تقدير حجم الخطأ وعدم تضخيمه، ويعالج بقدره ولا يزاد عليه ويتمادى فيه فلا يتعدى الحدود المعقولة في معالجة الخطأ. انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد من بعض زوجاته خطأ ومخالفة فيعالجها في لحظات ولا يبقى لها أثرا بعد ذلك، لا كمن يطيل أمد الغضب والهجر أياما في أمر لا يستحق كل هذا.
روى مسلم في صحيحه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ أُمِّي قَالَ فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أُمَّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا بَلَى قَالَ قَالَتْ لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ فَأَخَذَ رِدَاءهُ رُوَيْدًا وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إِلا أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ فَقَالَ مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً قَالَتْ قُلْتُ لا شَيْءَ قَالَ لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي قُلْتُ نَعَمْ فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي ثُمَّ قَالَ أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ قَالَتْ مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِي فَأَخْفَاهُ مِنْكِ فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَتْ قُلْتُ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولِي السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى