حبيبه الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / عبد الله بن محمد البصري
حقيقة الرافضة والتحذير منهم
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، دِينُ اللهِ الحَقُّ وَاحِدٌ هُوَ الإسلامُ ، لا يَرضَى ـ سُبحَانَهُ ـ بِغَيرِهِ وَلا يَقبَلُ سِوَاهُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسلامُ} وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دِينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ} وَكَمَا حَصَلَ التَّفَرُّقُ في الأَديَانِ السَّابِقَةِ ، وَخُرُوجُ فِرَقٍ شَاذَّةٍ تُخَالِفُ المَنهَجَ الصَّحِيحَ وَتُنَاصِبُ الأَنبِيَاءَ وَالمُؤمِنِينَ العِدَاءَ ، فَقَد حَصَلَ الأَمرُ نَفسُهُ في هَذَا الدِّينِ ، مِصدَاقًا لِقَولِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " اِفتَرَقَتِ اليَهُودُ عَلَى إِحدَى وَسَبعِينَ فِرقَةً ، فَوَاحِدَةٌ في الجَنَّةِ وَسَبعُونَ في النَّارِ ، وَافتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى اثنتَينِ وَسَبعِينَ فِرقَةً ، فَوَاحِدَةٌ في الجَنَّةِ وَإِحدَى وَسَبعُونَ في النَّارِ ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَتَفتَرِقَنَّ أُمَّتي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبعِينَ فِرقَةً ، فَوَاحِدَةٌ في الجَنَّةِ ، وَثِنتَانِ وَسَبعُونَ في النَّارِ " قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ مَن هُم ؟ قَالَ : " هُمُ الجَمَاعَةُ " رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبانيُّ ، وَهَذَا لَفظُ ابنِ مَاجَه .
وَالكَلامُ في الفِرَقِ الَّتي نَشَأَت مُنذُ عَهدٍ مُبَكِّرٍ وفي صَدرِ الإِسلامِ يَطُولُ ، غَيرَ أَنَّ مِن أَشهَرِهَا وَأَنكَرِهَا وَأَخطَرِهَا ، وَأَلَدِّهَا لأَهلِ الحَقِّ عِدَاءً وَبُغضًا ، وَأَشَدِّهَا بِأهلِ السُّنَّةِ تَرَبُّصًا وَفَتكًا ، تِلكُمُ الفِرقَةُ البَاطِنِيَّةُ المُسَمَّاةُ زُورًا بِالشِّيعَةِ ، وَإِنَّمَا هِيَ في حَقِيقَتِهَا نَبتَةٌ يَهُودِيَّةٌ خَبِيثَةٌ ، سَقَتهَا دِمَاءُ كَربَلاءَ وَالجَمَلِ وَصِفِّينَ ، وَلم تَزَلْ أَحقَادُهَا تُشَبُّ في عَاشُورَاءَ مِن كُلِّ عَامٍ ، في مَنَاحَاتٍ يَهرَمُ فِيهَا الكَبِيرُ وَيُرَبىَّ عَلَيهَا الصَّغِيرُ ، تُشَقُّ فِيهَا الثِّيَابُ وَالجُيُوبُ ، وَتُلطَمُ الصَّدُورُ وَالخُدُودُ ، وَيُحلَقُ وَيُصلَقُ وَيُتَوَعَّدُ وَيُتَهَدَّدُ ، في بُكَاءٍ وَصُرَاخٍ وَعَوِيلٍ ، وَإِلفٍ لِمَشَاهِدِ الدِّمَاءِ تَسِيلُ ، وَتَغَنٍّ بِالانتِقَامِ وَحُلمٍ بِالثَّأرِ . إِنَّهُمُ الرَّافِضَةُ ، سَرَطَانُ الأُمَّةِ وَمَرَضُهَا العُضَالُ ، خَدَعُوا بِالتُّقيَةِ حَتى العُلَمَاءَ ، فَتَأَلَّفُوا عَلَى بَاطِلِهِم قُلُوبَهُم ، وَأَعمَوا عَنِ الحَقِّ عُيُونَهُم ، حَتى شَغَلُوا الأُمَّةَ عَشَرَاتِ السِّنِينَ بِدَعَوَاتِ التَّقرِيبِ بَينَ أَهلِ السُّنَّةِ وَالرَّافِضَةِ ، مُتَنَاسِينَ أَنَّهُ وَمُنذُ أَنِ انتَصَرَ المُسلِمُونَ في مَعرَكَةِ القَادِسِيَّةِ عَلَى أَجدَادِ الرَّافِضَةِ مِنَ الفُرسِ المَجُوسِ ، وَمُنذُ أَن أَسقَطُوا المَدَائِنَ الَّتي كَانَت عَاصِمَةَ مُلكِهِم ، وَهُم يَحمِلُونَ الحِقدَ في نُفُوسِهِم وَتَمتَلِئُ بِالغَيظِ صُدُورُهُم ، غَيرَ أَنَّهُم بَدؤُوا بِالثَّأرِ مُبَكِّرِينَ ، فَقَتَلَ أَبُو لُؤلُؤَةَ المَجُوسِيُّ الخَلِيفَةَ الرَّاشِدَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ ، ثم ظَهَرَ عَبدُاللهِ بنُ سبأٍ اليَهُودِيُّ ، فَادَّعَى الإِسلامَ ظَاهِرًا مَعَ كُفرِهِ بَاطِنًا ، وَلم يَزَلْ حَتى أَلَّبَ الثُّوَّارَ عَلَى ثَالِثِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عُثَمَانَ بنِ عَفَّانَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ فَقَتَلُوهُ ، ثم مَا زَالَ حَتى جَعَلَ عَلِيًّا ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ إِلَهًا ، وَلَمَّا استَنكَرَ عَلَيهِ عَلِيٌّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَعَلَى فِرقَتِهِ مَقَالَتَهُم وَنَفَاهُ وَحَرَّقَ قَومَهُ بِالنَّارِ ، طَفِقَ الخَبِيثُ يَكِيدُ لِلمُسلِمِينَ ، وَيَشُبُّ بَينَهُمُ الفِتَنَ وَيُوقِعُ المَعَارِكَ ، وَلَمَّا اجتَمَعَت كَلِمَتُهُم عَلَى يَدِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ إِذْ تَنَازَلَ لِمُعَاوَيَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ بِالخِلافَةِ ، تَخَلَّى الشِّيعَةُ عَنِ الحُسَينِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَأَسلَمُوهُ ، فَقُتِلَ في يَومِ عَاشُورَاءَ ، ثم مَا زَالُوا بَعدُ يَكِيدُونَ لِلمُسلِمِينَ وَيُؤَسِّسُونَ لِحَربِهِم ، فَظَهَرَ القَرَامِطَةُ في الأَحسَاءِ وَالبَحرَينِ ، وَنَشَأَتِ الزَّيدِيَّةُ في اليَمَنِ ، وَقَامَت دَولَةُ العُبَيدِيِّينَ الرَّافِضِيَّةُ في مِصرَ وَالمَغرِبِ ، وفي القَرنِ الرَّابِعِ ظَهَرَتِ الدَّولَةُ البُوَيهِيَّةُ الرَّافِضِيَّةُ في الدَّيلَمِ . وَقَد كَانَ لِكُلٍّ مِن تِلكَ الفِرَقِ وَالدُّوَلِ نَصِيبٌ مِن عِدَاءِ أَهلِ السُّنَّةِ ، فَالقَرَامِطَةُ قَتَلُوا الحُجَّاجَ في المَسجِدِ الحَرَامِ في إِحدَى السَّنَوَاتِ في يَومِ التَّروِيَةِ ، وَاقتَلَعُوا الحَجَرَ الأَسوَدَ مِن مَكَانِهِ وَأَبقَوهُ بِحَوزَتِهِم في الأَحسَاءِ أَكثَرَ مِن عِشرِينَ عَامًا ، وَالبُوَيهِيُّونَ أَظهَرُوا الفَسَادَ في بَغدَادَ ، وَتَجَرَّأَ السُّفَهَاءُ في عَهدِهِم عَلَى شَتمِ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُم ـ وَكَانَ مِن أَمرِهِم أَن أَمَرُوا بِإِغلاقِ الأَسوَاقِ في يَومِ عَاشُورَاءَ وَعَطَّلُوا البَيعَ ، وَظَهَرَتِ النِّسَاءُ نَاشِرَاتٍ لِشُعُورِهِنَّ يَلطِمنَ في الأَسوَاقِ ، وَأُقِيمَتِ النَّائِحَةُ عَلَى الحُسَينِ لأَوَّلِ مَرَّةٍ في تَارِيخِ بَغدَادَ ، وَأَمَّا العُبَيدِيُّونَ المُسَمَّونَ زُورًا بِالفَاطِمِيِّينَ ، فَقَد كَانَ أَبرَزُ حُكَّامِهِمُ الحَاكِمَ بِأَمرِ اللهِ ، الَّذِي ادَّعَى الأُلُوهِيَّةَ ، وَدَعَا إِلى القَولِ بِتَنَاسُخِ الأَروَاحِ ، وَعَزَمَ مَرَّتَينِ عَلَى نَبشِ قَبرِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَنَقلِهِ إِلى مِصرَ ، وَبَنى لِذَلِكَ مَكَانًا وَأَنفَقَ عَلَيهِ مَالاً ، فَأَخزَاهُ اللهُ وَأَذَلَّهُ ، وَفي تِلكَ الدَّولَةِ نَشَأَت بِدعَةُ المَولِدِ النَّبَوِيِّ ، وَمِن مَسَاوِئِهَا أَن بَنَت مَشهَدًا بِمِصرَ يُقَالُ لَهُ ( تَاجُ الحُسَينِ ) حَيثُ زَعَمُوا أَنَّ بِهِ رَأسَ الحُسَينِ ، وَمَازَالَ كَثِيرٌ مِنَ الرَّافِضَةِ يَزُورُونَهُ إِلى يَومِنَا هَذَا . وَأَمَّا خِيَانَةُ الرَّافِضَةِ العُظمَى لِلمُسلِمِينَ وَبَلِيَّتُهُم الكُبرَى عَلَيهِم ، فَقَد حَصَلَت بِقِيَادَةِ نُصَيرِ الدِّينِ الطُّوسِيِّ وَابنِ العَلقَمِيِّ الرَّافِضِيَّينِ ، حَيثُ تَعَاوَنَا مَعَ التَّتَارِ وَأَدخَلُوهُم بِلادَ الإِسلامِ ، فَقُتِلَ بِسَبَبِهِم أَكثَرُ مِن مِليُوني مُسلِمٍ في بَغدَادَ وَحدَهَا ، وَسَقَطَتِ الدَّولَةُ العَبَّاسِيَّةُ السُّنِّيَّةُ ، وَخَرَجَتِ الفِرقَةُ النُّصَيرِيَّةُ الخَبِيثَةُ ، وَالَّتي مَا زَالَ إِخوَانُنَا في سُورِيَّةَ يَذوقُونَ الأَمَرَّينِ مِنهَا إِلى اليَومَ . وَفي القَرنِ العَاشِرِ قَامَتِ الدَّولَةُ الصَّفوِيَّةُ الرَّافِضِيَّةُ في إِيرَانَ عَلَى يَدِ الشَّاه إِسمَاعِيلَ الصَّفوِيِّ الرَّافِضِيِّ ، الَّذِي قَتَلَ مَا يَقرُبُ مِن مِليُونَ مُسلِمٍ ، لا لِشَيءٍ إِلاَّ أَنهَّم لا يَعتَنِقُونَ مَذهَبَ الرَّفضِ ، وَلَمَّا قَدِمَ بَغدَادَ أَعلَنَ سَبَّهُ لِلخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، وَنَبَشَ قُبُورَ كَثِيرٍ مِن أَموَاتِ أَهلِ السُّنَّةِ ، وَمِنهَا قَبرُ الإِمَامِ أَبي حَنِيفَةَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ . وَفي عَهدِ الدَّولَةِ السُّعُودِيَّةِ الأُولى قَدِمَ رَافِضِيٌ خَبِيثٌ مِنَ العِرَاقِ إِلى الدِّرعِيَّةِ ، وَأَظهَرَ الزُّهدَ وَالتَّنَسُّكَ ، وَلم يَزَلْ حَتى طَعَنَ الإِمَامَ عَبدَالعزِيزِ بنَ محمدِ بنِ سُعُودٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ وَهُوَ سَاجِدٌ في صَلاةِ العَصرِ بِخِنجَرٍ فَقَتَلَهُ ، وَفي عَهدِ مُؤَسِّسِ هَذِهِ الدَّولَةِ المَلِكِ عَبدِالعَزِيزِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ حَاوَلَ رَافِضِيٌّ أَن يَغتَالَهُ وَهُوَ يَطُوفُ في الحَرَمِ ، فَقَتَلَ اثنَينِ مِن حُرَّاسِهِ ، وَلَكِنَّ اللهَ أَخزَاهُ وَأَبطَلَ كَيدَهُ . وَفي نِهَايَةِ القَرنِ المَاضِي وَبِدَايَةِ هَذَا القَرنِ ، قَامَت جُمهُورِيَّةُ الرَّفضِ في إِيرَانَ عَلَى يَدِ الهَالِكِ الخُمَينيِّ ، وَبِاسمِ الثَّورَةِ الإِسلامِيَّةِ قَامَت تِلكَ الدَّولَةُ وَمَا زَالَت تَقُومُ بِالإِفسَادِ ، بَل جَعَلَت أَطهَرَ بِقَاعِ الأَرضِ وَأَشرَفَهَا وَهِيَ مَكَّةُ وَالمَدِينَةُ ، وَأَشرَفَ الأَزمِنَةِ وَهُوَ مَوسِمُ الحَجِّ ، جَعَلَت ذَلِكَ مَكَانًا وَزَمَانًا لإِفسَادِهَا ، فَنَظَّمُوا المَسِيرَاتِ الغَوغَائِيَّةَ ، وَحَاوَلُوا أَن يَعِيثُوا في حَرَمِ اللهِ وَفِيمَا حَولَهُ فَسَادًا ، فَقَتَلُوا في إِحدَى السَّنَوَاتِ عَدَدًا مِن رِجَالِ الأَمنِ وَالحُجَّاجِ ، وَكَسَّرُوا أَبوَابَ المَتَاجِرِ وَحَطَّمُوا السَّيَّارَاتِ ، وَأَوقَدُوا النَّارَ فِيهَا وَفي أَهلِهَا ، ثم لم يَألُوا جُهدًا حَتى زَرَعَ جَمَاعَةٌ مِن مُخَرِّبِيهِم المُتَفَجِّرَاتِ حَولَ المَسجِدِ الحَرَامِ في سَنَةٍ أُخرَى ، وَلَمَّا أَمكَنَ اللهُ مِنهُم وَقُتِلُوا ، قَامَ آخَرُونَ انتِقَامًا لهم بِنَشرِ غَازٍ سَامٍّ في أَحَدِ الأَنفَاقِ في مِنى في السَّنَةِ الَّتي تَلِيهَا ، وَقَتَلُوا مِنَ الحُجَّاجِ مَن قَتَلُوا ، وَهَكَذَا مَا زَالُوا يُحَاوِلُونَ الإِفسَادَ قَدرَ استِطَاعَتِهِم ، حَيثُ نَبَشُوا بَعضَ القُبُورِ قَبلَ عِدَّةِ أَعوَامٍ في البَقِيعِ ، وَرَفَعُوا الأَهَازِيجَ الَّتي تُعلِنُ بُغضَ هَذِهِ الدَّولَةِ وَحُكَّامِهَا مِن أَهلِ السُّنَّةِ ، وَنَظَّمُوا المَسِيرَاتِ حَولَ المَسجِدِ النَّبَوِيِّ وَاعتَدُوا عَلَى رِجَالِ الأَمنِ وَالهَيئَةِ ، وَهَا هُم بَينَ حِينٍ وَآخَرَ في مُدُنِهِم في شَرقِ هَذِهِ البِلادِ يُنَظِّمُونَ مَسِيرَاتٍ وَيَرفَعُونَ أَصوَاتًا ، فَعَلِيهِم مِنَ اللهِ مَا يَستَحِقُّونَ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، وَمَعَ أَنَّ الشِّيعَةَ أَوهَمُوا المُسلِمِينَ في أَوَّلِ الأَمرِ أَنَّهُم مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ إِلاَّ أَنَّهُم في النِّهَايَةِ خَذَلُوهُ وَعَصَوهُ وَتَرَكُوهُ ، بَل قَتَلَهُ مَن كَانَ يَدَّعِي التَّشَيُّعَ لَهُ بَعدَ أَن خَرَجَ عَلَيهِ ، وَبَعدَ أَن كَانَ التَّشَيُّعُ لُعبَةً ظَاهِرُهَا الاختِلافُ حَولَ أَحقِيَّةِ عَلِيٍّ في الخِلافَةِ أَو تَفضِيلِهِ عَلَى عُثمَانَ ، أَصبَحَ يَحمِلُ في طَيَّاتِهِ عَقَائِدَ بَاطِلَةً ، كَانَ لِليَهُودِ يَدٌ مُبَاشِرَةٌ في إِقحَامِهَا في الإِسلامِ ، وَقَد تَفَرَّقَتِ الشِّيعَةُ فِرَقًا شَتىَّ ، غَيرَ أَنَّ الرَّافِضَةَ الاثني عَشَرِيَّةَ الإِمَامِيَّةَ ، هِيَ أَشهَرُهَا وَأَكثَرُهَا انتِشَارًا ، وَهُمُ الَّذِينَ يَسعَونَ لِتَشيِيعِ أَهلِ السُّنَّةِ ، وَيُسَخِّرُونَ في ذَلِكَ القَنَوَاتِ الإِذَاعِيَّةَ وَالمَرئِيَّةَ . وَلِهَؤُلاءِ الأَنجَاسِ الأَرجَاسِ اعتِقَادَاتٌ كُفرِيَّةٌ ، حَيثُ يُجَاوِزُونَ بِأَئِمَّتِهِم القِيَادَةَ الدُّنيَوِيَّةَ وَالسِّيَاسِيَّةَ ، فَيَجعَلُونَ أَحَدَهُم كَالنَّبيِّ ، زَاعِمِينَ أَنَّ صِفَاتِهِ كِصِفَاتِهِ ، وَأَنَّ لَهُ مُعجِزَاتٍ كَمُعجِزَاتِهِ ، بَل يَزعُمُونَ أَنَّ أَئِمَّتَهُم يَعلَمُونَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ ، وَأَنَّهُم يَطَّلِعُونَ عَلَى اللَّوحِ المَحفُوظِ ، وَأَنَّهُم لا يَمُوتُونَ إِلاَّ بِاختِيَارِهِم ، وَأَنَّ تَعيِينَهُم كَتَعيِينِ النَّبيِّ لا يَتِمُّ إِلاَّ بِاختِيَارٍ إِلَهِيٍّ . وَقَد تَجَرَّؤُوا عَلَى تَكفِيرِ الصَّحَابةِ إِلاَّ نَفَرًا قَلِيلاً ، وَكَفَّرُوا حَفصَةَ وَعَائِشَةَ زَوجَتيِ النَّبيِّ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ ، بَل وَاتَّهَمُوا عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةَ بِالزِّنَا . ثم هُم يُؤمِنُونَ بِوُجُودِ إِمَامٍ هُوَ الثَّانيَ عَشَرَ ، وَيُلَقِّبُونَهُ بِصَاحِبِ الزَّمَانِ ، وَيَعتَقِدُونَ أَنَّهُ مُختَفٍ في سِردَابٍ بِمَدِينَةِ سَامُرَّاءَ ، وَهُم يَنتَظِرُونَ خُرُوجَهُ . وَالرَّافِضَةُ يُعرِضُونَ عَنِ القُرآنِ وَالسُّنَّةِ ، وَيَعتَمِدُونَ عَلَى كَذِبِ أَئِمَّتِهِم ، وَلَهُم عَقَائِدُ فَاسِدَةٌ حَتى في حَقِّ اللهِ ـ تَعَالى ـ حَيثُ يُشرِكُونَ بِهِ ، وَيَزعُمُونَ أَنَّهُ ـ تَعَالى ـ يَبدُو لَهُ الشَّيءُّ فَيُغَيِّرُ مَا كَانَ قَد سَبَقَ لَهُ تَقدِيرُهُ ، وَهَذِهِ عَقِيدَةٌ يَهُودِيَّةٌ تُسَمَّى البَدَاءَ ، وَمِن عَقَائِدِهِمُ التُّقيَةُ ، حَيثُ يُجَوِّزُونَ لأَنفُسِهِم أَن يُظهِرُوا لِغَيرِهِم مَا لا يُبطِنُونَ ، وَهِيَ فِكرَةٌ استَفَادُوهَا مِنَ اليَهُودِ ، الَّذِينَ هُم مِن أَخبَثِ الخَلقِ وَأَشَدِّهِم إِتقَانًا لِلتَّخَفِّي وَالبَقَاءِ ، وَعَلَى التُّقيَةِ تَرَبىَّ الرَّافِضَةُ مُنذُ نُعُومَةِ أَظَفَارِهِم ، وَبها يَدَّعوُنَ الوَطَنِيَّةَ وَحُبَّ الوَطَنِ ، وَهُم في الحَقِيقَةِ مِن أَشَدِّ النَّاسِ عَدَاوَةً لأَهلِ السُّنَّةِ وُلاةً وَعُلَمَاءَ وَعَامَّةً . وَمِن عَقَائِدِهِمُ الفَاسِدَةِ القَولُ بِتَحرِيفِ القُرآنِ ، حَيثُ يَرَونَ أَنَّ هَذَا القُرآنَ المَوجُودَ بَينَ أَيدِي النَّاسِ مُحَرَّفٌ ، وَأَنَّهُ قَد ذَهَبَ مِنهُ أَكثَرُ مِنَ الثُّلُثَينِ ، ثم هُم بِتَكفِيرِهِم لِصَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ ، قَد أَدَارُوا ظُهُورَهُم لِكُلِّ مَا رَوَاهُ أُولَئِكَ الصَّحبُ الكِرَامُ مِن أَحَادِيثِ المُصطَفَى ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَفعَالِهِ وَأَحوَالِهِ وَسِيَرِهِ وَأَيَّامِهِ ، وَلِهَذَا لا يَقبَلُونَ الأَحَادِيثَ الَّتي يَروِيهَا أَهلُ السُّنَّةِ في كُتُبِهِم ، وَبِهَذَا هَدَمُوا الإِسلامَ مِن أَسَاسِهِ ، فَعَلَيهِم مِنَ اللهِ مَا يَستَحِقُّونَ . وَمِن فَسَادِ أُولَئِكَ الرَّافِضَةِ تَحلِيلُهُم زَوَاجَ المُتعَةِ ، وَبِهِ جَعَلُوا الزَّوَاجَ عِلاقَةً جِنسِيَّةً مَحضَةً ، تَربُطُ رَجُلاً بِامرَأَةٍ دُونَ أَن تَكفَلَ لها أَيَّ حَقٍّ مِنَ الحُقُوقِ الَّتي يِكفَلُهَا لها الزَّوَاجُ ، وَبِذَلِكَ صَارَتِ المَرأَةُ لَدَيهِم مُجَرَّدَ وَسِيلَةٍ لِلمُتعَةِ وَقَضَاءِ الوَطَرِ ، بِلا شَرطٍ سِوَى صِيغَةِ العَقدِ وَذِكرِ المَهرِ وَالمُدَّةِ وَلَو يَومًا وَاحِدًا أَو سَاعَاتٍ مَعدُودَةً ، وَهَذِهِ دَعوَةٌ مُبَاشِرَةٌ إِلى الفَسَادِ ، وَنَشرٌ عَرِيضٌ لِلفَاحَشَةِ ، بَلْ لم يَكتَفُوا بها حَتى رَتَّبُوا عَلَيهَا الثَّوَابَ وَالمَغفِرَةَ ، حَيثُ يَزعُمُونَ أَنَّ الرَّجُلَ لا يُكَلِّمُ مَن يَتَمَتَّعُ بها كَلِمَةً إِلاَّ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ ، وَإِذَا دَنَا مِنهَا غُفِرَ لَهُ بِذَلِكَ ذَنبٌ ، فَإِذَا اغتَسَلَ غُفِرَ لَهُ بِعَدَدِ مَا مَرَّ المَاءُ عَلَى شَعرِهِ . وَالرَّافِضَةُ ـ أُمَّةَ الإِسلامِ ـ يُبغِضُونَ أَهلَ السُّنَّةِ ، وَيُسَمُّونَهُمُ النَّوَاصِبَ ، وَيُكَفِّرُونَهُم وَيَرَونَ قَتلَهُم ، وَلا يُجِيزُونَ مُنَاكَحَتَهُم وَلا أَكلَ ذَبَائِحِهِم وَلا السَّكَنَ مَعَهُم ، وَيَنهَونَ عَنِ الصَّلاةِ خَلفَهُم وَعَلَى أَموَاتِهِم إِلاَّ تُقيَةً أَو لِكَي يَدعُوا عَلَيهِم بَدلاً مِنَ الدُّعَاءِ لهم ، كَمَا يَحكُمُونَ بِنَجَاسَة السُّنِّيِّ ، وَأَنَّ اليَدَ تُغسَلُ مِن مُصَافَحَتِهِ ، بَلْ وُتَمسَحُ بَالتُّرَابِ . فَمَاذَا بَعدَ كُلِّ هَذَا ؟! إِنَّهُ مَا بَعدَهُ إِلاَّ الحَذَرُ منهم ، وَمَعرِفَةُ أَنَّهُ لا مَجَالَ لِقَبُولِهِم إِخوَةً وَلا مُوَاطِنِينَ ، وَالعِلمُ بِحَقِيقَةِ المَعرَكَةِ بَينَنَا وَبَينَهُم ، وَفَهمُ طَبِيعَةِ الصِّرَاعِ مَعَهُم ، وَأَلاَّ يَخفَى عَلَينَا خُبثُهُم ، وَأَنَّهُ مَهمَا زَعَمُوا أَنَّهُم يُحِبُّونَ هَذَا الوَطَنَ أَو يَدِينُونَ بِالوَلاءِ لِوُلاةِ أَمرِهِ ، فَإِنَّهُم إِنما يَتَحَيَّنُونَ كُلَّ فُرصَةٍ لِلإِيقَاعِ بِأَهلِهِ ، وَإِنَّ مَا نَشَرَتهُ وِزَارَةُ الدَّاخِلِيَّةِ ممَّا حَدَث في هَذَا الأُسبُوعِ مِنهُم مِن إِثَارَةٍ وَبَلبَلَةٍ في إِحدَى مُدُنِهِم ، إِنَّمَا هُوَ غَيضٌ مِن فَيضٍ ممَّا تَحتَقِنُ بِهِ صُدُورُهُم ، وَالوَاجِبُ عَلَى أَهلِ هَذِهِ البِلادِ الاعتِصَامُ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَلُزُومُ جماعَةِ المُسلِمِينَ وَإِمَامِهِم ، وَالحِرصُ عَلَى وِحدَةِ أَهلِ السُّنَّةِ وَائتِلافِهِم ، وَالحَذرُ مِنَ التَّنَازُعِ وَالاختِلافِ بَينَهُم ، عَمَلاً بِقَولِ اللهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا " وَقَولِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " تَرَكتُ فِيكُم أَمرَينِ لَن تَضِلُّوا مَا إِنْ تَمَسَّكتُم بهما : كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتي " رَوَاهُ الحَاكِمُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ . بَارَكَ اللهُ لي وَلَكُم في القُرآنِ وَالسُّنَّةِ ...
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى أَهلِ السُّنَّةِ جَمِيعًا ، حُكَّامًا وَمَحكُومِينَ ، عُلَمَاءَ وَمُفَكِّرِينَ ، وَقَادَةً وَعَامَّةً ، أَن يَتَصَدَّوا لِهَذِهِ الفِرقَةِ الخَبِيثَةِ ، وَأَن يَعلَمُوا أَنَّ هُنَالِكَ مُخَطَّطًا رَافِضِيًّا يُرَوَّجُ لَهُ لإِسقَاطِ أَهلِ السُّنَّةِ ، وَمِمَّا ظَهَرَ مِن أَجزَائِهِ شِرَاءُ الأَرَاضِي في مُدُنِ أَهلِ السُّنَّةِ ، وَهُوَ الأَمرُ الَّذِي أَفتى عُلَمَاؤُنَا بِعَدَمِ جَوَازِهِ ، فَالحَذَرَ الحَذَرَ ، وَلا تَكُنِ الدُّنيَا عِندَ أَحَدِنَا أَهَمَّ مِن دِينِهِ وَعَقِيدَتِهِ ، وَعَلَينَا الالتِفَافُ حَولَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ وَالدُّعَاةِ الصَّادِقِينَ وَخَاصَّةً في أَزمِنَةِ الفِتَنِ ، فَقَد قَالَ ـ تَعَالى ـ : {وَإِذَا جَاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم} وَإِنَّ لَنَا فِيمَا حَصَلَ في لِبنَانَ عَلَى يَدِ حَرَكَةِ أَمَلٍ الرَّافِضِيَّةِ قَبلَ أَكثَرَ مِن عِشرِينَ عَامًا مِن قَتلٍ ذَرِيعٍ لِلمُسلِمِينَ الفِلَسطِينِيِّينَ ، وَمَا حَصَلَ في العِرَاقِ مِن تَعَاوُنِ الرَّافِضَةِ مَعَ دَولَةِ الكُفرِ وَرَائِدَةِ الطُّغيَانِ ، وَمَا يَحصُلُ الآنَ في سُورِيَّةَ مِن حَربِ النُّصَيرِيَّةِ عَلَى أَهلِ السُّنَّةِ ، إِنَّ لَنَا في ذَلِكَ لِعِبرَةً ، فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَهلَ السُّنَّةِ ـ وَلْنَحذَرْ هَؤُلاءِ وَإِن أَظهَرُوا الوَطَنِيَّةَ أَوِ ادَّعُوا أَنَّهُم مَعَنَا ، فَوَاللهِ إِنَّهُم لَيَدِينُونَ بِالوَلاءِ لِدَولَةِ الرَّفضِ إِيرَانَ ، فَلْنَنتَبِهْ وَلْنَنْصُرِ اللهَ بِنَصرِ دِينِهِ وَالمُؤمِنِينَ بِهِ ، وَلْنُبشِرْ بَعدَ ذَلِكَ بِنَصرِ اللهِ لَنَا حَيثُ قَالَ ـ سُبحَانَهُ {وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِن مَكَّنَّاهُم في الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}
حقيقة الرافضة والتحذير منهم
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، دِينُ اللهِ الحَقُّ وَاحِدٌ هُوَ الإسلامُ ، لا يَرضَى ـ سُبحَانَهُ ـ بِغَيرِهِ وَلا يَقبَلُ سِوَاهُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسلامُ} وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دِينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ} وَكَمَا حَصَلَ التَّفَرُّقُ في الأَديَانِ السَّابِقَةِ ، وَخُرُوجُ فِرَقٍ شَاذَّةٍ تُخَالِفُ المَنهَجَ الصَّحِيحَ وَتُنَاصِبُ الأَنبِيَاءَ وَالمُؤمِنِينَ العِدَاءَ ، فَقَد حَصَلَ الأَمرُ نَفسُهُ في هَذَا الدِّينِ ، مِصدَاقًا لِقَولِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " اِفتَرَقَتِ اليَهُودُ عَلَى إِحدَى وَسَبعِينَ فِرقَةً ، فَوَاحِدَةٌ في الجَنَّةِ وَسَبعُونَ في النَّارِ ، وَافتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى اثنتَينِ وَسَبعِينَ فِرقَةً ، فَوَاحِدَةٌ في الجَنَّةِ وَإِحدَى وَسَبعُونَ في النَّارِ ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَتَفتَرِقَنَّ أُمَّتي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبعِينَ فِرقَةً ، فَوَاحِدَةٌ في الجَنَّةِ ، وَثِنتَانِ وَسَبعُونَ في النَّارِ " قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ مَن هُم ؟ قَالَ : " هُمُ الجَمَاعَةُ " رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبانيُّ ، وَهَذَا لَفظُ ابنِ مَاجَه .
وَالكَلامُ في الفِرَقِ الَّتي نَشَأَت مُنذُ عَهدٍ مُبَكِّرٍ وفي صَدرِ الإِسلامِ يَطُولُ ، غَيرَ أَنَّ مِن أَشهَرِهَا وَأَنكَرِهَا وَأَخطَرِهَا ، وَأَلَدِّهَا لأَهلِ الحَقِّ عِدَاءً وَبُغضًا ، وَأَشَدِّهَا بِأهلِ السُّنَّةِ تَرَبُّصًا وَفَتكًا ، تِلكُمُ الفِرقَةُ البَاطِنِيَّةُ المُسَمَّاةُ زُورًا بِالشِّيعَةِ ، وَإِنَّمَا هِيَ في حَقِيقَتِهَا نَبتَةٌ يَهُودِيَّةٌ خَبِيثَةٌ ، سَقَتهَا دِمَاءُ كَربَلاءَ وَالجَمَلِ وَصِفِّينَ ، وَلم تَزَلْ أَحقَادُهَا تُشَبُّ في عَاشُورَاءَ مِن كُلِّ عَامٍ ، في مَنَاحَاتٍ يَهرَمُ فِيهَا الكَبِيرُ وَيُرَبىَّ عَلَيهَا الصَّغِيرُ ، تُشَقُّ فِيهَا الثِّيَابُ وَالجُيُوبُ ، وَتُلطَمُ الصَّدُورُ وَالخُدُودُ ، وَيُحلَقُ وَيُصلَقُ وَيُتَوَعَّدُ وَيُتَهَدَّدُ ، في بُكَاءٍ وَصُرَاخٍ وَعَوِيلٍ ، وَإِلفٍ لِمَشَاهِدِ الدِّمَاءِ تَسِيلُ ، وَتَغَنٍّ بِالانتِقَامِ وَحُلمٍ بِالثَّأرِ . إِنَّهُمُ الرَّافِضَةُ ، سَرَطَانُ الأُمَّةِ وَمَرَضُهَا العُضَالُ ، خَدَعُوا بِالتُّقيَةِ حَتى العُلَمَاءَ ، فَتَأَلَّفُوا عَلَى بَاطِلِهِم قُلُوبَهُم ، وَأَعمَوا عَنِ الحَقِّ عُيُونَهُم ، حَتى شَغَلُوا الأُمَّةَ عَشَرَاتِ السِّنِينَ بِدَعَوَاتِ التَّقرِيبِ بَينَ أَهلِ السُّنَّةِ وَالرَّافِضَةِ ، مُتَنَاسِينَ أَنَّهُ وَمُنذُ أَنِ انتَصَرَ المُسلِمُونَ في مَعرَكَةِ القَادِسِيَّةِ عَلَى أَجدَادِ الرَّافِضَةِ مِنَ الفُرسِ المَجُوسِ ، وَمُنذُ أَن أَسقَطُوا المَدَائِنَ الَّتي كَانَت عَاصِمَةَ مُلكِهِم ، وَهُم يَحمِلُونَ الحِقدَ في نُفُوسِهِم وَتَمتَلِئُ بِالغَيظِ صُدُورُهُم ، غَيرَ أَنَّهُم بَدؤُوا بِالثَّأرِ مُبَكِّرِينَ ، فَقَتَلَ أَبُو لُؤلُؤَةَ المَجُوسِيُّ الخَلِيفَةَ الرَّاشِدَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ ، ثم ظَهَرَ عَبدُاللهِ بنُ سبأٍ اليَهُودِيُّ ، فَادَّعَى الإِسلامَ ظَاهِرًا مَعَ كُفرِهِ بَاطِنًا ، وَلم يَزَلْ حَتى أَلَّبَ الثُّوَّارَ عَلَى ثَالِثِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عُثَمَانَ بنِ عَفَّانَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ فَقَتَلُوهُ ، ثم مَا زَالَ حَتى جَعَلَ عَلِيًّا ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ إِلَهًا ، وَلَمَّا استَنكَرَ عَلَيهِ عَلِيٌّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَعَلَى فِرقَتِهِ مَقَالَتَهُم وَنَفَاهُ وَحَرَّقَ قَومَهُ بِالنَّارِ ، طَفِقَ الخَبِيثُ يَكِيدُ لِلمُسلِمِينَ ، وَيَشُبُّ بَينَهُمُ الفِتَنَ وَيُوقِعُ المَعَارِكَ ، وَلَمَّا اجتَمَعَت كَلِمَتُهُم عَلَى يَدِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ إِذْ تَنَازَلَ لِمُعَاوَيَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ بِالخِلافَةِ ، تَخَلَّى الشِّيعَةُ عَنِ الحُسَينِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَأَسلَمُوهُ ، فَقُتِلَ في يَومِ عَاشُورَاءَ ، ثم مَا زَالُوا بَعدُ يَكِيدُونَ لِلمُسلِمِينَ وَيُؤَسِّسُونَ لِحَربِهِم ، فَظَهَرَ القَرَامِطَةُ في الأَحسَاءِ وَالبَحرَينِ ، وَنَشَأَتِ الزَّيدِيَّةُ في اليَمَنِ ، وَقَامَت دَولَةُ العُبَيدِيِّينَ الرَّافِضِيَّةُ في مِصرَ وَالمَغرِبِ ، وفي القَرنِ الرَّابِعِ ظَهَرَتِ الدَّولَةُ البُوَيهِيَّةُ الرَّافِضِيَّةُ في الدَّيلَمِ . وَقَد كَانَ لِكُلٍّ مِن تِلكَ الفِرَقِ وَالدُّوَلِ نَصِيبٌ مِن عِدَاءِ أَهلِ السُّنَّةِ ، فَالقَرَامِطَةُ قَتَلُوا الحُجَّاجَ في المَسجِدِ الحَرَامِ في إِحدَى السَّنَوَاتِ في يَومِ التَّروِيَةِ ، وَاقتَلَعُوا الحَجَرَ الأَسوَدَ مِن مَكَانِهِ وَأَبقَوهُ بِحَوزَتِهِم في الأَحسَاءِ أَكثَرَ مِن عِشرِينَ عَامًا ، وَالبُوَيهِيُّونَ أَظهَرُوا الفَسَادَ في بَغدَادَ ، وَتَجَرَّأَ السُّفَهَاءُ في عَهدِهِم عَلَى شَتمِ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُم ـ وَكَانَ مِن أَمرِهِم أَن أَمَرُوا بِإِغلاقِ الأَسوَاقِ في يَومِ عَاشُورَاءَ وَعَطَّلُوا البَيعَ ، وَظَهَرَتِ النِّسَاءُ نَاشِرَاتٍ لِشُعُورِهِنَّ يَلطِمنَ في الأَسوَاقِ ، وَأُقِيمَتِ النَّائِحَةُ عَلَى الحُسَينِ لأَوَّلِ مَرَّةٍ في تَارِيخِ بَغدَادَ ، وَأَمَّا العُبَيدِيُّونَ المُسَمَّونَ زُورًا بِالفَاطِمِيِّينَ ، فَقَد كَانَ أَبرَزُ حُكَّامِهِمُ الحَاكِمَ بِأَمرِ اللهِ ، الَّذِي ادَّعَى الأُلُوهِيَّةَ ، وَدَعَا إِلى القَولِ بِتَنَاسُخِ الأَروَاحِ ، وَعَزَمَ مَرَّتَينِ عَلَى نَبشِ قَبرِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَنَقلِهِ إِلى مِصرَ ، وَبَنى لِذَلِكَ مَكَانًا وَأَنفَقَ عَلَيهِ مَالاً ، فَأَخزَاهُ اللهُ وَأَذَلَّهُ ، وَفي تِلكَ الدَّولَةِ نَشَأَت بِدعَةُ المَولِدِ النَّبَوِيِّ ، وَمِن مَسَاوِئِهَا أَن بَنَت مَشهَدًا بِمِصرَ يُقَالُ لَهُ ( تَاجُ الحُسَينِ ) حَيثُ زَعَمُوا أَنَّ بِهِ رَأسَ الحُسَينِ ، وَمَازَالَ كَثِيرٌ مِنَ الرَّافِضَةِ يَزُورُونَهُ إِلى يَومِنَا هَذَا . وَأَمَّا خِيَانَةُ الرَّافِضَةِ العُظمَى لِلمُسلِمِينَ وَبَلِيَّتُهُم الكُبرَى عَلَيهِم ، فَقَد حَصَلَت بِقِيَادَةِ نُصَيرِ الدِّينِ الطُّوسِيِّ وَابنِ العَلقَمِيِّ الرَّافِضِيَّينِ ، حَيثُ تَعَاوَنَا مَعَ التَّتَارِ وَأَدخَلُوهُم بِلادَ الإِسلامِ ، فَقُتِلَ بِسَبَبِهِم أَكثَرُ مِن مِليُوني مُسلِمٍ في بَغدَادَ وَحدَهَا ، وَسَقَطَتِ الدَّولَةُ العَبَّاسِيَّةُ السُّنِّيَّةُ ، وَخَرَجَتِ الفِرقَةُ النُّصَيرِيَّةُ الخَبِيثَةُ ، وَالَّتي مَا زَالَ إِخوَانُنَا في سُورِيَّةَ يَذوقُونَ الأَمَرَّينِ مِنهَا إِلى اليَومَ . وَفي القَرنِ العَاشِرِ قَامَتِ الدَّولَةُ الصَّفوِيَّةُ الرَّافِضِيَّةُ في إِيرَانَ عَلَى يَدِ الشَّاه إِسمَاعِيلَ الصَّفوِيِّ الرَّافِضِيِّ ، الَّذِي قَتَلَ مَا يَقرُبُ مِن مِليُونَ مُسلِمٍ ، لا لِشَيءٍ إِلاَّ أَنهَّم لا يَعتَنِقُونَ مَذهَبَ الرَّفضِ ، وَلَمَّا قَدِمَ بَغدَادَ أَعلَنَ سَبَّهُ لِلخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، وَنَبَشَ قُبُورَ كَثِيرٍ مِن أَموَاتِ أَهلِ السُّنَّةِ ، وَمِنهَا قَبرُ الإِمَامِ أَبي حَنِيفَةَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ . وَفي عَهدِ الدَّولَةِ السُّعُودِيَّةِ الأُولى قَدِمَ رَافِضِيٌ خَبِيثٌ مِنَ العِرَاقِ إِلى الدِّرعِيَّةِ ، وَأَظهَرَ الزُّهدَ وَالتَّنَسُّكَ ، وَلم يَزَلْ حَتى طَعَنَ الإِمَامَ عَبدَالعزِيزِ بنَ محمدِ بنِ سُعُودٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ وَهُوَ سَاجِدٌ في صَلاةِ العَصرِ بِخِنجَرٍ فَقَتَلَهُ ، وَفي عَهدِ مُؤَسِّسِ هَذِهِ الدَّولَةِ المَلِكِ عَبدِالعَزِيزِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ حَاوَلَ رَافِضِيٌّ أَن يَغتَالَهُ وَهُوَ يَطُوفُ في الحَرَمِ ، فَقَتَلَ اثنَينِ مِن حُرَّاسِهِ ، وَلَكِنَّ اللهَ أَخزَاهُ وَأَبطَلَ كَيدَهُ . وَفي نِهَايَةِ القَرنِ المَاضِي وَبِدَايَةِ هَذَا القَرنِ ، قَامَت جُمهُورِيَّةُ الرَّفضِ في إِيرَانَ عَلَى يَدِ الهَالِكِ الخُمَينيِّ ، وَبِاسمِ الثَّورَةِ الإِسلامِيَّةِ قَامَت تِلكَ الدَّولَةُ وَمَا زَالَت تَقُومُ بِالإِفسَادِ ، بَل جَعَلَت أَطهَرَ بِقَاعِ الأَرضِ وَأَشرَفَهَا وَهِيَ مَكَّةُ وَالمَدِينَةُ ، وَأَشرَفَ الأَزمِنَةِ وَهُوَ مَوسِمُ الحَجِّ ، جَعَلَت ذَلِكَ مَكَانًا وَزَمَانًا لإِفسَادِهَا ، فَنَظَّمُوا المَسِيرَاتِ الغَوغَائِيَّةَ ، وَحَاوَلُوا أَن يَعِيثُوا في حَرَمِ اللهِ وَفِيمَا حَولَهُ فَسَادًا ، فَقَتَلُوا في إِحدَى السَّنَوَاتِ عَدَدًا مِن رِجَالِ الأَمنِ وَالحُجَّاجِ ، وَكَسَّرُوا أَبوَابَ المَتَاجِرِ وَحَطَّمُوا السَّيَّارَاتِ ، وَأَوقَدُوا النَّارَ فِيهَا وَفي أَهلِهَا ، ثم لم يَألُوا جُهدًا حَتى زَرَعَ جَمَاعَةٌ مِن مُخَرِّبِيهِم المُتَفَجِّرَاتِ حَولَ المَسجِدِ الحَرَامِ في سَنَةٍ أُخرَى ، وَلَمَّا أَمكَنَ اللهُ مِنهُم وَقُتِلُوا ، قَامَ آخَرُونَ انتِقَامًا لهم بِنَشرِ غَازٍ سَامٍّ في أَحَدِ الأَنفَاقِ في مِنى في السَّنَةِ الَّتي تَلِيهَا ، وَقَتَلُوا مِنَ الحُجَّاجِ مَن قَتَلُوا ، وَهَكَذَا مَا زَالُوا يُحَاوِلُونَ الإِفسَادَ قَدرَ استِطَاعَتِهِم ، حَيثُ نَبَشُوا بَعضَ القُبُورِ قَبلَ عِدَّةِ أَعوَامٍ في البَقِيعِ ، وَرَفَعُوا الأَهَازِيجَ الَّتي تُعلِنُ بُغضَ هَذِهِ الدَّولَةِ وَحُكَّامِهَا مِن أَهلِ السُّنَّةِ ، وَنَظَّمُوا المَسِيرَاتِ حَولَ المَسجِدِ النَّبَوِيِّ وَاعتَدُوا عَلَى رِجَالِ الأَمنِ وَالهَيئَةِ ، وَهَا هُم بَينَ حِينٍ وَآخَرَ في مُدُنِهِم في شَرقِ هَذِهِ البِلادِ يُنَظِّمُونَ مَسِيرَاتٍ وَيَرفَعُونَ أَصوَاتًا ، فَعَلِيهِم مِنَ اللهِ مَا يَستَحِقُّونَ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، وَمَعَ أَنَّ الشِّيعَةَ أَوهَمُوا المُسلِمِينَ في أَوَّلِ الأَمرِ أَنَّهُم مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ إِلاَّ أَنَّهُم في النِّهَايَةِ خَذَلُوهُ وَعَصَوهُ وَتَرَكُوهُ ، بَل قَتَلَهُ مَن كَانَ يَدَّعِي التَّشَيُّعَ لَهُ بَعدَ أَن خَرَجَ عَلَيهِ ، وَبَعدَ أَن كَانَ التَّشَيُّعُ لُعبَةً ظَاهِرُهَا الاختِلافُ حَولَ أَحقِيَّةِ عَلِيٍّ في الخِلافَةِ أَو تَفضِيلِهِ عَلَى عُثمَانَ ، أَصبَحَ يَحمِلُ في طَيَّاتِهِ عَقَائِدَ بَاطِلَةً ، كَانَ لِليَهُودِ يَدٌ مُبَاشِرَةٌ في إِقحَامِهَا في الإِسلامِ ، وَقَد تَفَرَّقَتِ الشِّيعَةُ فِرَقًا شَتىَّ ، غَيرَ أَنَّ الرَّافِضَةَ الاثني عَشَرِيَّةَ الإِمَامِيَّةَ ، هِيَ أَشهَرُهَا وَأَكثَرُهَا انتِشَارًا ، وَهُمُ الَّذِينَ يَسعَونَ لِتَشيِيعِ أَهلِ السُّنَّةِ ، وَيُسَخِّرُونَ في ذَلِكَ القَنَوَاتِ الإِذَاعِيَّةَ وَالمَرئِيَّةَ . وَلِهَؤُلاءِ الأَنجَاسِ الأَرجَاسِ اعتِقَادَاتٌ كُفرِيَّةٌ ، حَيثُ يُجَاوِزُونَ بِأَئِمَّتِهِم القِيَادَةَ الدُّنيَوِيَّةَ وَالسِّيَاسِيَّةَ ، فَيَجعَلُونَ أَحَدَهُم كَالنَّبيِّ ، زَاعِمِينَ أَنَّ صِفَاتِهِ كِصِفَاتِهِ ، وَأَنَّ لَهُ مُعجِزَاتٍ كَمُعجِزَاتِهِ ، بَل يَزعُمُونَ أَنَّ أَئِمَّتَهُم يَعلَمُونَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ ، وَأَنَّهُم يَطَّلِعُونَ عَلَى اللَّوحِ المَحفُوظِ ، وَأَنَّهُم لا يَمُوتُونَ إِلاَّ بِاختِيَارِهِم ، وَأَنَّ تَعيِينَهُم كَتَعيِينِ النَّبيِّ لا يَتِمُّ إِلاَّ بِاختِيَارٍ إِلَهِيٍّ . وَقَد تَجَرَّؤُوا عَلَى تَكفِيرِ الصَّحَابةِ إِلاَّ نَفَرًا قَلِيلاً ، وَكَفَّرُوا حَفصَةَ وَعَائِشَةَ زَوجَتيِ النَّبيِّ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ ، بَل وَاتَّهَمُوا عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةَ بِالزِّنَا . ثم هُم يُؤمِنُونَ بِوُجُودِ إِمَامٍ هُوَ الثَّانيَ عَشَرَ ، وَيُلَقِّبُونَهُ بِصَاحِبِ الزَّمَانِ ، وَيَعتَقِدُونَ أَنَّهُ مُختَفٍ في سِردَابٍ بِمَدِينَةِ سَامُرَّاءَ ، وَهُم يَنتَظِرُونَ خُرُوجَهُ . وَالرَّافِضَةُ يُعرِضُونَ عَنِ القُرآنِ وَالسُّنَّةِ ، وَيَعتَمِدُونَ عَلَى كَذِبِ أَئِمَّتِهِم ، وَلَهُم عَقَائِدُ فَاسِدَةٌ حَتى في حَقِّ اللهِ ـ تَعَالى ـ حَيثُ يُشرِكُونَ بِهِ ، وَيَزعُمُونَ أَنَّهُ ـ تَعَالى ـ يَبدُو لَهُ الشَّيءُّ فَيُغَيِّرُ مَا كَانَ قَد سَبَقَ لَهُ تَقدِيرُهُ ، وَهَذِهِ عَقِيدَةٌ يَهُودِيَّةٌ تُسَمَّى البَدَاءَ ، وَمِن عَقَائِدِهِمُ التُّقيَةُ ، حَيثُ يُجَوِّزُونَ لأَنفُسِهِم أَن يُظهِرُوا لِغَيرِهِم مَا لا يُبطِنُونَ ، وَهِيَ فِكرَةٌ استَفَادُوهَا مِنَ اليَهُودِ ، الَّذِينَ هُم مِن أَخبَثِ الخَلقِ وَأَشَدِّهِم إِتقَانًا لِلتَّخَفِّي وَالبَقَاءِ ، وَعَلَى التُّقيَةِ تَرَبىَّ الرَّافِضَةُ مُنذُ نُعُومَةِ أَظَفَارِهِم ، وَبها يَدَّعوُنَ الوَطَنِيَّةَ وَحُبَّ الوَطَنِ ، وَهُم في الحَقِيقَةِ مِن أَشَدِّ النَّاسِ عَدَاوَةً لأَهلِ السُّنَّةِ وُلاةً وَعُلَمَاءَ وَعَامَّةً . وَمِن عَقَائِدِهِمُ الفَاسِدَةِ القَولُ بِتَحرِيفِ القُرآنِ ، حَيثُ يَرَونَ أَنَّ هَذَا القُرآنَ المَوجُودَ بَينَ أَيدِي النَّاسِ مُحَرَّفٌ ، وَأَنَّهُ قَد ذَهَبَ مِنهُ أَكثَرُ مِنَ الثُّلُثَينِ ، ثم هُم بِتَكفِيرِهِم لِصَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ ، قَد أَدَارُوا ظُهُورَهُم لِكُلِّ مَا رَوَاهُ أُولَئِكَ الصَّحبُ الكِرَامُ مِن أَحَادِيثِ المُصطَفَى ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَفعَالِهِ وَأَحوَالِهِ وَسِيَرِهِ وَأَيَّامِهِ ، وَلِهَذَا لا يَقبَلُونَ الأَحَادِيثَ الَّتي يَروِيهَا أَهلُ السُّنَّةِ في كُتُبِهِم ، وَبِهَذَا هَدَمُوا الإِسلامَ مِن أَسَاسِهِ ، فَعَلَيهِم مِنَ اللهِ مَا يَستَحِقُّونَ . وَمِن فَسَادِ أُولَئِكَ الرَّافِضَةِ تَحلِيلُهُم زَوَاجَ المُتعَةِ ، وَبِهِ جَعَلُوا الزَّوَاجَ عِلاقَةً جِنسِيَّةً مَحضَةً ، تَربُطُ رَجُلاً بِامرَأَةٍ دُونَ أَن تَكفَلَ لها أَيَّ حَقٍّ مِنَ الحُقُوقِ الَّتي يِكفَلُهَا لها الزَّوَاجُ ، وَبِذَلِكَ صَارَتِ المَرأَةُ لَدَيهِم مُجَرَّدَ وَسِيلَةٍ لِلمُتعَةِ وَقَضَاءِ الوَطَرِ ، بِلا شَرطٍ سِوَى صِيغَةِ العَقدِ وَذِكرِ المَهرِ وَالمُدَّةِ وَلَو يَومًا وَاحِدًا أَو سَاعَاتٍ مَعدُودَةً ، وَهَذِهِ دَعوَةٌ مُبَاشِرَةٌ إِلى الفَسَادِ ، وَنَشرٌ عَرِيضٌ لِلفَاحَشَةِ ، بَلْ لم يَكتَفُوا بها حَتى رَتَّبُوا عَلَيهَا الثَّوَابَ وَالمَغفِرَةَ ، حَيثُ يَزعُمُونَ أَنَّ الرَّجُلَ لا يُكَلِّمُ مَن يَتَمَتَّعُ بها كَلِمَةً إِلاَّ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ ، وَإِذَا دَنَا مِنهَا غُفِرَ لَهُ بِذَلِكَ ذَنبٌ ، فَإِذَا اغتَسَلَ غُفِرَ لَهُ بِعَدَدِ مَا مَرَّ المَاءُ عَلَى شَعرِهِ . وَالرَّافِضَةُ ـ أُمَّةَ الإِسلامِ ـ يُبغِضُونَ أَهلَ السُّنَّةِ ، وَيُسَمُّونَهُمُ النَّوَاصِبَ ، وَيُكَفِّرُونَهُم وَيَرَونَ قَتلَهُم ، وَلا يُجِيزُونَ مُنَاكَحَتَهُم وَلا أَكلَ ذَبَائِحِهِم وَلا السَّكَنَ مَعَهُم ، وَيَنهَونَ عَنِ الصَّلاةِ خَلفَهُم وَعَلَى أَموَاتِهِم إِلاَّ تُقيَةً أَو لِكَي يَدعُوا عَلَيهِم بَدلاً مِنَ الدُّعَاءِ لهم ، كَمَا يَحكُمُونَ بِنَجَاسَة السُّنِّيِّ ، وَأَنَّ اليَدَ تُغسَلُ مِن مُصَافَحَتِهِ ، بَلْ وُتَمسَحُ بَالتُّرَابِ . فَمَاذَا بَعدَ كُلِّ هَذَا ؟! إِنَّهُ مَا بَعدَهُ إِلاَّ الحَذَرُ منهم ، وَمَعرِفَةُ أَنَّهُ لا مَجَالَ لِقَبُولِهِم إِخوَةً وَلا مُوَاطِنِينَ ، وَالعِلمُ بِحَقِيقَةِ المَعرَكَةِ بَينَنَا وَبَينَهُم ، وَفَهمُ طَبِيعَةِ الصِّرَاعِ مَعَهُم ، وَأَلاَّ يَخفَى عَلَينَا خُبثُهُم ، وَأَنَّهُ مَهمَا زَعَمُوا أَنَّهُم يُحِبُّونَ هَذَا الوَطَنَ أَو يَدِينُونَ بِالوَلاءِ لِوُلاةِ أَمرِهِ ، فَإِنَّهُم إِنما يَتَحَيَّنُونَ كُلَّ فُرصَةٍ لِلإِيقَاعِ بِأَهلِهِ ، وَإِنَّ مَا نَشَرَتهُ وِزَارَةُ الدَّاخِلِيَّةِ ممَّا حَدَث في هَذَا الأُسبُوعِ مِنهُم مِن إِثَارَةٍ وَبَلبَلَةٍ في إِحدَى مُدُنِهِم ، إِنَّمَا هُوَ غَيضٌ مِن فَيضٍ ممَّا تَحتَقِنُ بِهِ صُدُورُهُم ، وَالوَاجِبُ عَلَى أَهلِ هَذِهِ البِلادِ الاعتِصَامُ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَلُزُومُ جماعَةِ المُسلِمِينَ وَإِمَامِهِم ، وَالحِرصُ عَلَى وِحدَةِ أَهلِ السُّنَّةِ وَائتِلافِهِم ، وَالحَذرُ مِنَ التَّنَازُعِ وَالاختِلافِ بَينَهُم ، عَمَلاً بِقَولِ اللهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا " وَقَولِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " تَرَكتُ فِيكُم أَمرَينِ لَن تَضِلُّوا مَا إِنْ تَمَسَّكتُم بهما : كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتي " رَوَاهُ الحَاكِمُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ . بَارَكَ اللهُ لي وَلَكُم في القُرآنِ وَالسُّنَّةِ ...
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى أَهلِ السُّنَّةِ جَمِيعًا ، حُكَّامًا وَمَحكُومِينَ ، عُلَمَاءَ وَمُفَكِّرِينَ ، وَقَادَةً وَعَامَّةً ، أَن يَتَصَدَّوا لِهَذِهِ الفِرقَةِ الخَبِيثَةِ ، وَأَن يَعلَمُوا أَنَّ هُنَالِكَ مُخَطَّطًا رَافِضِيًّا يُرَوَّجُ لَهُ لإِسقَاطِ أَهلِ السُّنَّةِ ، وَمِمَّا ظَهَرَ مِن أَجزَائِهِ شِرَاءُ الأَرَاضِي في مُدُنِ أَهلِ السُّنَّةِ ، وَهُوَ الأَمرُ الَّذِي أَفتى عُلَمَاؤُنَا بِعَدَمِ جَوَازِهِ ، فَالحَذَرَ الحَذَرَ ، وَلا تَكُنِ الدُّنيَا عِندَ أَحَدِنَا أَهَمَّ مِن دِينِهِ وَعَقِيدَتِهِ ، وَعَلَينَا الالتِفَافُ حَولَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ وَالدُّعَاةِ الصَّادِقِينَ وَخَاصَّةً في أَزمِنَةِ الفِتَنِ ، فَقَد قَالَ ـ تَعَالى ـ : {وَإِذَا جَاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم} وَإِنَّ لَنَا فِيمَا حَصَلَ في لِبنَانَ عَلَى يَدِ حَرَكَةِ أَمَلٍ الرَّافِضِيَّةِ قَبلَ أَكثَرَ مِن عِشرِينَ عَامًا مِن قَتلٍ ذَرِيعٍ لِلمُسلِمِينَ الفِلَسطِينِيِّينَ ، وَمَا حَصَلَ في العِرَاقِ مِن تَعَاوُنِ الرَّافِضَةِ مَعَ دَولَةِ الكُفرِ وَرَائِدَةِ الطُّغيَانِ ، وَمَا يَحصُلُ الآنَ في سُورِيَّةَ مِن حَربِ النُّصَيرِيَّةِ عَلَى أَهلِ السُّنَّةِ ، إِنَّ لَنَا في ذَلِكَ لِعِبرَةً ، فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَهلَ السُّنَّةِ ـ وَلْنَحذَرْ هَؤُلاءِ وَإِن أَظهَرُوا الوَطَنِيَّةَ أَوِ ادَّعُوا أَنَّهُم مَعَنَا ، فَوَاللهِ إِنَّهُم لَيَدِينُونَ بِالوَلاءِ لِدَولَةِ الرَّفضِ إِيرَانَ ، فَلْنَنتَبِهْ وَلْنَنْصُرِ اللهَ بِنَصرِ دِينِهِ وَالمُؤمِنِينَ بِهِ ، وَلْنُبشِرْ بَعدَ ذَلِكَ بِنَصرِ اللهِ لَنَا حَيثُ قَالَ ـ سُبحَانَهُ {وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِن مَكَّنَّاهُم في الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى