بنت الاسلام
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
لقد
تبين لي من خلال التجربة العملية، والممارسة الميدانية، مع عوام الناس ومع
مثقفيهم، مع الغافلين منهم، ومع العاملين في الجماعات الإسلامية المختلفة،
أن الجميع أفقر ما يكونون إلى تربية إيمانية صادقة، تغسل قلوبهم من حب
الدنيا، ومن حب أنفسهم، وتأخذ بأيديهم إلى الله تبارك وتعالى، وتحررهم من
العبودية للأشياء وللأهواء وللأوهام، ليعتصموا بالعبودية لله وحده، وبذلك
يطهرون عقولهم من الشرك، وقلوبهم من النفاق، وألسنتهم من الكذب، وأعينهم من
الخيانة، وأقوالهم من اللغو، وعباداتهم من الرياء، ومعاملاتهم من الغش،
وحياتهم من التناقض.
وبعبارة أخرى: هم في حاجة إلى "التزكية" للنفوس، التي لا فلاح بغيرها، كما قال تعالى: (لقد
منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسول من أنفسهم يتلو عليهم آياته
ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)
ولقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بمهمته خير قيام، وربى أفضل جيل عرفته
البشرية: إيمانا وتعبدا، وخلقا وبذلا، وجهادا في سبيل الله، وكان هذا الجيل
النموذجي معلما للبشرية كلها من بعد.
والناس أحوج ما يكونون إلى التأسي بهذا الجيل الرباني، والتخلق بأخلاقه
التي وصفها الله في آخر سورة الفتح، وتحقيق "شعب الإيمان" السبعة والسبعين
في حياتهم حتى يرضى الله عنهم، وحتى يصلوا إلى درجة "الإحسان" الذي عرفه
الرسول الكريم بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه
يراك" كما جاء في حديث جبريل المشهور.
إنهم في حاجة إلى معرفة عيوب النفس، وأمراض القلوب، ومجامع الهوى، ومداخل
الشيطان، وكيف يتقيها المسلم ما استطاع، فالوقاية أسلم، وكيف يعالجها إذا
سقط فيها، فما جعل الله داء إلا جعل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله.
ولكن الخطر هو اهتمام الناس بأمراض أبدانهم، وغفلتهم عن أمراض قلوبهم، وإذا
تنبهوا لها، فأين يجدون أطباء القلوب؟ والمفروض أنهم العلماء، بيد أن
العلماء أنفسهم باتوا من جملة المرضى، فلا حول ولا قوة إلا بالله!
وقد قال الشاعر:
بالملح يصلح ما يخشى تغيّره **** فكيف بالملح إن حلّت به الغير؟!
لكن الخير لن ينقطع عن هذه الأمة، ولا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة.
إن الحياة المادية المعاصرة: رحى طحون، والناس هم الحَب المحصور بين حجريها
الكبيرين، تطحنهم طحنا، ثم بعد ذلك يعجنون ويخبزون، ولا تنضجهم إلا النار!
ولا سبيل أمام البشرية عامة، والمسلمين خاصة، إلا بالحياة الربانية.
إنهم في حاجة إلى "ربانية نقية" ترفعهم من حضيض عباد الشيطان، إلى ذرى عباد
الرحمن، وتنقلهم من تعاسة عبودية الدينار والدرهم، وعبودية الدنيا، إلى
سعادة التحرر منها، وعز طالب الآخرة.
إنهم في حاجة إلى "الصدق مع الحق، والخُلق مع الخَلق"، وهذا ملخص التصوف،
أو هو تقوى الله والإحسان إلى خلقه، وهذا هو الدين كله، وإليه الإشارة
بقوله تعالى في ختام سورة النحل: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
نريدها "ربانية نقية" واضحة الغاية، بينة الطريق، مستقيمة على أمر الله،
متبعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماضية على نهج السلف، بعيدة عن
بدع القول والعمل، وانحراف الاعتقاد والسلوك، تسمو بالروح، وتزكي النفس،
وتحيي الضمير، تجدد الإيمان، وتصلح العمل، وترقى بالأخلاق، وتنمي حقيقة
الإنسان!
لا نريدها دروشة منحرفة، ولا رهبانية مغالية، ولا مظهرية زائفة، ولا نظريات فلسفية بعيدة عن روح الإسلام، ووسطية الإسلام.
التوحيد:
للحياة الربانية أو الروحية في الإسلام خصائص تميزها عن أي حياة تنسب إلى الروح في الأديان الأخرى، كتابية أو وضعية.
التوحيد هو أول خصائص الحياة الروحية في الإسلام، وهو أيضا أول مقوماتها،
فلا وجود لهذه الحياة بغير التوحيد، ولا تميز لها بغير التوحيد.
ومعنى التوحيد هو: إفراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة، فلا يعبد إلا الله، ولا يستعان إلا بالله، وهذا مقتضى قوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين)
الآية التي جعلها الله تعالى واسطة عقد فاتحة الكتاب وأم القرآن، وجعلها
الإمام الهروي محور رسالته "منازل السائرين، إلى مقامات: إياك نعبد وإياك
نستعين"، والتي شرحها ابن القيم في "مدارج السالكين".
والعبادة معنى مركب من عنصرين: غاية الخضوع للمعبود، مع غاية الحب له، كما
شرحنا ذلك في كتابنا "العبادة في الإسلام". وهي الغاية من خلق المكلفين
جميعا: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
لقد بين القرآن أن الأنبياء جميعا بعثوا إلى أقوامهم برسالة التوحيد: (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)، وتحريرهم من عبادة الطاغوت أيا كان اسمه وعنوانه، وأيا كان شكله وصورته: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت).
قد يكون هذا الطاغوت المعبود من دون الله بشرا أو جنا مختفيا عن الأعين.
وقد يكون حيوانا كالبقرة والعجل، وقد يكون قوة من قوى الطبيعة، وقد يكون
حجرا من الأحجار، نحته الناس وصوروه ثم عبدوه! قد يكون شيطانا مريدا، وقد
يكون نبيا معصوما أو وليا صالحا، ولا ذنب له في عبادتهم إياه.
جاء الإسلام يحرر الناس من عبادة غير الله: عبادة الأشخاص، وعبادة الأشياء،
وعبادة الأهواء، وقد قال ابن عباس: "شر إله عبد في الأرض الهوى".
وكانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك النصارى وأمراء أهل الكتاب تختم بهذه الآية الكريمة: (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله).
إن الذي أفسد الحياة، وأضل الناس، ليس هو الإلحاد، فقد كان الملحدون
الجاحدون لوجود الله قلة لا وزن لها طوال عصور التاريخ، إنما هو الشرك،
الذي جعل الناس يعبدون مع الله آلهة أخرى، يزعمون أنها شفعاؤهم عند الله.
وقد غدا هذا الشرك وكرا للكهانة والدجل، و مباءة للخرافات والأباطيل. و
الانحطاط بالإنسان من ذرا الكرامة إلى حضيض الهوان: (ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق) .
إن الحياة الروحية كما يريدها الإسلام تقوم على التوحيد الخالص لله، وهذا
التوحيد يقوم على عناصر أربعة، أشارت إليها سورة الأنعام، وهي سورة
التوحيد:
أولها: ألا يبغي غير الله ربا: (قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء).
وثانيهما: ألا يتخذ غير الله وليا: (قل أغير الله اتخذ وليا فاطر السموات والأرض).
وثالثهما: ألا يبتغي غير الله حكما: (أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا).
ورابعها: ألا يبتغي غير رضا الله غاية: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له).
فإذا اكتملت هذه العناصر علما وحالا وعملا، تحقق التوحيد، الذي هو أساس الحياة الروحية، بل هو روح الوجود الإسلامي كله.
تبين لي من خلال التجربة العملية، والممارسة الميدانية، مع عوام الناس ومع
مثقفيهم، مع الغافلين منهم، ومع العاملين في الجماعات الإسلامية المختلفة،
أن الجميع أفقر ما يكونون إلى تربية إيمانية صادقة، تغسل قلوبهم من حب
الدنيا، ومن حب أنفسهم، وتأخذ بأيديهم إلى الله تبارك وتعالى، وتحررهم من
العبودية للأشياء وللأهواء وللأوهام، ليعتصموا بالعبودية لله وحده، وبذلك
يطهرون عقولهم من الشرك، وقلوبهم من النفاق، وألسنتهم من الكذب، وأعينهم من
الخيانة، وأقوالهم من اللغو، وعباداتهم من الرياء، ومعاملاتهم من الغش،
وحياتهم من التناقض.
وبعبارة أخرى: هم في حاجة إلى "التزكية" للنفوس، التي لا فلاح بغيرها، كما قال تعالى: (لقد
منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسول من أنفسهم يتلو عليهم آياته
ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)
ولقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بمهمته خير قيام، وربى أفضل جيل عرفته
البشرية: إيمانا وتعبدا، وخلقا وبذلا، وجهادا في سبيل الله، وكان هذا الجيل
النموذجي معلما للبشرية كلها من بعد.
والناس أحوج ما يكونون إلى التأسي بهذا الجيل الرباني، والتخلق بأخلاقه
التي وصفها الله في آخر سورة الفتح، وتحقيق "شعب الإيمان" السبعة والسبعين
في حياتهم حتى يرضى الله عنهم، وحتى يصلوا إلى درجة "الإحسان" الذي عرفه
الرسول الكريم بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه
يراك" كما جاء في حديث جبريل المشهور.
إنهم في حاجة إلى معرفة عيوب النفس، وأمراض القلوب، ومجامع الهوى، ومداخل
الشيطان، وكيف يتقيها المسلم ما استطاع، فالوقاية أسلم، وكيف يعالجها إذا
سقط فيها، فما جعل الله داء إلا جعل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله.
ولكن الخطر هو اهتمام الناس بأمراض أبدانهم، وغفلتهم عن أمراض قلوبهم، وإذا
تنبهوا لها، فأين يجدون أطباء القلوب؟ والمفروض أنهم العلماء، بيد أن
العلماء أنفسهم باتوا من جملة المرضى، فلا حول ولا قوة إلا بالله!
وقد قال الشاعر:
بالملح يصلح ما يخشى تغيّره **** فكيف بالملح إن حلّت به الغير؟!
لكن الخير لن ينقطع عن هذه الأمة، ولا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة.
إن الحياة المادية المعاصرة: رحى طحون، والناس هم الحَب المحصور بين حجريها
الكبيرين، تطحنهم طحنا، ثم بعد ذلك يعجنون ويخبزون، ولا تنضجهم إلا النار!
ولا سبيل أمام البشرية عامة، والمسلمين خاصة، إلا بالحياة الربانية.
إنهم في حاجة إلى "ربانية نقية" ترفعهم من حضيض عباد الشيطان، إلى ذرى عباد
الرحمن، وتنقلهم من تعاسة عبودية الدينار والدرهم، وعبودية الدنيا، إلى
سعادة التحرر منها، وعز طالب الآخرة.
إنهم في حاجة إلى "الصدق مع الحق، والخُلق مع الخَلق"، وهذا ملخص التصوف،
أو هو تقوى الله والإحسان إلى خلقه، وهذا هو الدين كله، وإليه الإشارة
بقوله تعالى في ختام سورة النحل: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
نريدها "ربانية نقية" واضحة الغاية، بينة الطريق، مستقيمة على أمر الله،
متبعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماضية على نهج السلف، بعيدة عن
بدع القول والعمل، وانحراف الاعتقاد والسلوك، تسمو بالروح، وتزكي النفس،
وتحيي الضمير، تجدد الإيمان، وتصلح العمل، وترقى بالأخلاق، وتنمي حقيقة
الإنسان!
لا نريدها دروشة منحرفة، ولا رهبانية مغالية، ولا مظهرية زائفة، ولا نظريات فلسفية بعيدة عن روح الإسلام، ووسطية الإسلام.
التوحيد:
للحياة الربانية أو الروحية في الإسلام خصائص تميزها عن أي حياة تنسب إلى الروح في الأديان الأخرى، كتابية أو وضعية.
التوحيد هو أول خصائص الحياة الروحية في الإسلام، وهو أيضا أول مقوماتها،
فلا وجود لهذه الحياة بغير التوحيد، ولا تميز لها بغير التوحيد.
ومعنى التوحيد هو: إفراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة، فلا يعبد إلا الله، ولا يستعان إلا بالله، وهذا مقتضى قوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين)
الآية التي جعلها الله تعالى واسطة عقد فاتحة الكتاب وأم القرآن، وجعلها
الإمام الهروي محور رسالته "منازل السائرين، إلى مقامات: إياك نعبد وإياك
نستعين"، والتي شرحها ابن القيم في "مدارج السالكين".
والعبادة معنى مركب من عنصرين: غاية الخضوع للمعبود، مع غاية الحب له، كما
شرحنا ذلك في كتابنا "العبادة في الإسلام". وهي الغاية من خلق المكلفين
جميعا: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
لقد بين القرآن أن الأنبياء جميعا بعثوا إلى أقوامهم برسالة التوحيد: (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)، وتحريرهم من عبادة الطاغوت أيا كان اسمه وعنوانه، وأيا كان شكله وصورته: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت).
قد يكون هذا الطاغوت المعبود من دون الله بشرا أو جنا مختفيا عن الأعين.
وقد يكون حيوانا كالبقرة والعجل، وقد يكون قوة من قوى الطبيعة، وقد يكون
حجرا من الأحجار، نحته الناس وصوروه ثم عبدوه! قد يكون شيطانا مريدا، وقد
يكون نبيا معصوما أو وليا صالحا، ولا ذنب له في عبادتهم إياه.
جاء الإسلام يحرر الناس من عبادة غير الله: عبادة الأشخاص، وعبادة الأشياء،
وعبادة الأهواء، وقد قال ابن عباس: "شر إله عبد في الأرض الهوى".
وكانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك النصارى وأمراء أهل الكتاب تختم بهذه الآية الكريمة: (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله).
إن الذي أفسد الحياة، وأضل الناس، ليس هو الإلحاد، فقد كان الملحدون
الجاحدون لوجود الله قلة لا وزن لها طوال عصور التاريخ، إنما هو الشرك،
الذي جعل الناس يعبدون مع الله آلهة أخرى، يزعمون أنها شفعاؤهم عند الله.
وقد غدا هذا الشرك وكرا للكهانة والدجل، و مباءة للخرافات والأباطيل. و
الانحطاط بالإنسان من ذرا الكرامة إلى حضيض الهوان: (ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق) .
إن الحياة الروحية كما يريدها الإسلام تقوم على التوحيد الخالص لله، وهذا
التوحيد يقوم على عناصر أربعة، أشارت إليها سورة الأنعام، وهي سورة
التوحيد:
أولها: ألا يبغي غير الله ربا: (قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء).
وثانيهما: ألا يتخذ غير الله وليا: (قل أغير الله اتخذ وليا فاطر السموات والأرض).
وثالثهما: ألا يبتغي غير الله حكما: (أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا).
ورابعها: ألا يبتغي غير رضا الله غاية: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له).
فإذا اكتملت هذه العناصر علما وحالا وعملا، تحقق التوحيد، الذي هو أساس الحياة الروحية، بل هو روح الوجود الإسلامي كله.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى