لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

هل أنت ممن يحبهم الله  Empty هل أنت ممن يحبهم الله {الأربعاء 16 نوفمبر - 23:49}

الشيخ / عبد الله بن محمد البصري
هل أنت ممن يحبهم الله

أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، في أَزمِنَةِ الفِتَنِ الَّتي تَمُوجُ بِالنَّاسِ يَمنَةً وَيَسرَةً ، فَتُزَعزِعُ ثَوَابِتَهُم وَتُخَلخِلُ عَقَائِدَهُم ، وَيَتَخَلَّونَ بِسَبَبِهَا عَن مَبَادِئِهِم وَشَيءٍ مِن أُصُولِ دِينِهِم ، وَيَزهَدُونَ في قِيَمِهِمُ العَالِيَةِ وَيُجَانِبُونَ أَخلاقَهُمُ السَّامِيَةَ ، فَإِنَّ للهِ أَقوَامًا يَمُنُّ عَلَيهِم بِعَظِيمِ فَضلِهِ وَوَاسِعِ رَحمَتِهِ ، فَيَصنَعُهُم عَلَى عَينِهِ وَيَكلَؤُهُم بِحِفظِهِ ، وَيُثَبِّتُهُم بِالقَولِ الثَّابِتِ وَيُسَلِّمُهُم مِنَ الآفَاتِ ، إِنَّهُم قَومٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَيُحِبُّونَهُ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرتَدَّ مِنكُم عَن دِينِهِ فَسَوفَ يَأتي اللهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَومَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ حِينَمَا تَتَرَاجَعُ قُلُوبٌ عَن مَحَبَّةِ خَالِقِهَا فَتُقَصِّرُ في عِبَادَتِهِ ، وَتَلتَفِتُ أَفئِدَةٌ عَنِ التَّوَجُّهِ لِرَازِقِهَا فَتَزهَدُ في طَاعَتِهِ ، وَتَمَلُّ نُفُوسٌ مِن طُولِ الطَّرِيقِ المُوصِلِ إِلى رِضَاهُ وَجَنَّتِهِ ، فَتَتَسَاقَطُ عَلَى جَانِبَيهِ بَينَ صَرِيعِ شُبهَةٍ وَصَرِيعِ شَهوَةٍ ، إِذْ ذَاكَ يَأتي اللهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ ، وَلَيسَتِ العِبرَةُ في أَنَّهُم يُحِبُّونَهُ ، فَتِلكَ فِطرَةٌ في كُلِّ نَفسٍ عَرَفَت رَبَّهَا وَمَولاهَا ، وَأَقَرَّ صَاحِبُهَا بِأَنَّهُ ـ تَعَالى ـ خَالِقُهُ وَرَازِقُهُ وَمُحيِيهِ وَمُمِيتُهُ ، وَمَالِكُ جَمِيعِ أَمرِهِ وَالمُتَصَرِّفُ في كُلِّ شَأنِهِ ، وَإِنَّمَا العِبرَةُ في أَنَّهُ ـ تَعَالى ـ يُحِبُّهُم ، نَعَم ، العِبرَةُ في أَنَّهُ وَهُوَ رَبُّهُم الغَنيُّ عَنهُم يُحِبُّهُم ، فَهَل فَكَّرَ أَحَدُنَا يَومًا وتَأَمَّلَ في نَفسِهِ وَتَسَاءَلَ : هَلِ أَنَا ممَّن يُحِبُّهُمُ اللهُ ؟ وَمَاذَا أَفعَلُ لأَنَالَ هَذَا الشَّرَفَ العَظِيمَ ؟ إِنَّهُ لَمَطلَبٌ مُهِمٌّ وَمُبتَغًى جَلِيلٌ يَصبُو إِلَيهِ كُلُّ تَقِيٍّ صَالِحٍ يَحذَرُ الآخِرَةَ وَيَرجُو رَحمَةَ رَبِّهِ ، وَيُرِيدُ الفَوزَ بِالجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ ، إِذْ إِنَّ مِنَ المُتَقَرِّرِ أَنَّ اللهَ ـ تَعَالى ـ إِذَا أَحَبَّ أَحَدًا لم يُعَذِّبْهُ ، وَلَمَّا عَلِمَ الصَّحَابَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُم ـ ذَلِكَ حَرِصُوا عَلَيهِ وَتَطَلَّعَت نُفُوسُهُم إِلَيهِ ، فَعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِدِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلتُهُ أَحَبَّنِي اللهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ . فَقَالَ : " ازهَدْ في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ ، وَازهَدْ فِيمَا عِندَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ " وَإِذَا كَانَ العَاقِلُ السَّوِيُّ يَفرَحُ بِمَحَبَّةِ النَّاسِ لَهُ وَثَنَائِهِم عَلَيهِ ، فَكَيفَ بِمَحَبَّةِ الخَالِقِ المُنعِمِ المُتَفَضِّلِ ، الَّذِي إِذَا أَحَبَّ عَبدًا قَذَفَ في قُلُوبِ العِبَادِ مَحَبَّتَهُ ، وَأَلزَمَ الأَلسِنَةَ الثَّنَاءَ عَلَيهِ ، وَإِذَا أَبغَضَ عَبدًا مَلأَ صُدُورَ العِبَادِ لَهُ بُغضًا ، فَشَنِئَتهُ قُلُوبُهُم وَسَلَقُوهُ بِأَلسِنَتِهِم ، وَمَجَّتهُ عُيُونُهُم وَمَلَّتهُ مَجَالِسُهُم .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ مَحَبَّةَ اللهِ ـ تَعَالى ـ لِعَبدِهِ لا تَكُونُ إِلاَّ بِالزُّهدِ في الدُّنيَا وَالحِرصِ عَلَى مَا عِندَ اللهِ ، وَالإِكثَارِ مِنَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ وَالاتِّصَافِ بِالصِّفَاتِ الَّتي يُحِبُّهَا اللهُ ، وَالَّتي مِن أَهمِّهِا مَا ذَكَرَهُ ـ تَعَالى ـ في قَولِهِ في وَصفِ الَّذِينَ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ حَيثُ قَالَ عَنهُمُ : " أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَومَةَ لائِمٍ " نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّ أَحبَابَ اللهِ أَقوَامٌ جَعَلُوهُ ـ تَعَالى ـ نُصبَ أَعيُنِهِم في كُلِّ مَا يَأتُونَ وَيَذَرُونَ ، فَأَخلَصُوا لَهُ وَحدَهُ العِبَادَةَ ، وَوَجَّهُوا لَهُ الأَعمَالَ دُونَ مَن سِوَاهُ ، فَلَم يَكتَرِثُوا لِمَدحِ المَادِحِينَ وَلا ذَمِّ القَادِحِينَ ، ذَلِكَ أَنَّهُم عَلِمُوا أَن مَدحَ العِبَادِ يَزُولُ وَيَحُولُ ، وَيَنقَضِي مَعَ الأَيَّامِ وَيُنسَى ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَنفَعُ مَدحُهُ وَيَضُرُّ ذَمُهُ ، إِنَّمَا هُوَ اللهُ الَّذِي بِيَدِهِ الخَلقُ وَالأَمرُ ، وَمِن ثَمَّ فَقَد حَرِصُوا عَلَى الاتِّصَالِ بِهِ ـ سُبحَانَهُ ـ وَمَحَبَّةِ مَن يُحِبُّه مِنَ المُؤمِنِينَ وَنَصرِ أَولِيَائِهِ ، وَبُغضِ مَن يُبغِضُ مِنَ الكَافِرِينَ وَعَدَاوَةِ أَعدَائِهِ .

أَحبَابُ اللهِ قَومٌ حَرِصُوا عَلَى اتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِم ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ في كُلِّ شَأنٍ مِن شُؤُونِ حَيَاتِهِم ، وَأَخَذُوا عَلَى أَنفُسِهِمُ السَّيرَ عَلَى هَديِهِ وَالتِزَامَ طَرِيقَتِهِ ، فَاستَحَقُّوا بِذَلِكَ مَحَبَّةَ رَبِّهِمُ القَائِلِ ـ سُبحَانَهُ ـ : " قُلْ إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُوني يُحبِبْكُمُ اللهُ وَيَغفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " أَحبَابُ اللهِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ قَومٌ وَاظَبُوا عَلَى أَدَاءِ الفَرَائِضِ وَتَزَوَّدُوا بِالنَّوَافِلِ ، فَاستَحَقُّوا بِذَلِكَ مَحَبَّتَهُ لَهُم وَتَوفِيقَهُ إِيَّاهُم ، وَحِفظَهُ لِجَوَارِحِهِم مِنَ المَعَاصِي وَالذُّنُوبِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فِيمَا يَروِيهِ عَن رَبِّهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ : " مَن عَادَى لي وَلِيًّا فَقَد آذَنتُهُ بِالحَربِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِليَّ مِمَّا افتَرَضتُهُ عَلَيهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بِهَا وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ ، وَإِنِ استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ . وَأَحبَابُ اللهِ ـ عِبَادَ اللهِ ـ قَومٌ إِذَا أَحَبُّوا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ وَقَدَّرُوهُ ، فَإِنَّمَا يَفعَلُونَ ذَلِكَ لأَنَّهُم يَرَونَهُ لِرَبِّهِ مُتَّقِيًا طَائِعًا ، لا يَرجُونَ مِنهُ عَطَاءً وَلا نَفعًا ، وَلا يَخشَونَ مِنهُ سَطوَةً وَلا سُلطَانًا ، وَإِنَّمَا حُبُّهُم للهِ وَبِاللهِ ، إِن تُوَاصَلُوا فَلِلَّهِ ، وَإِن تَزَاوَرُوا فَلِلَّهِ ، وَإِن تَنَاصَحُوا فَلِلَّهِ ، وَإِن أَعطَوا مِن أَموَالِهِم شَيئًا بَذَلُوهُ طَلَبًا لما عِندَ اللهِ ، وَمِن ثَمَّ استَحَقُّوا مَحَبَّتَهُ ، وَكَانَ جَزَاؤُهُم عِندَهُ رَفَعَ مَنَازِلِهِم وَإِعلاءَ أَقدَارِهِم ، قَالَ ـ تَعَالى ـ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ : " حُقَّت مَحَبَّتي لِلمُتَحَابِّينَ فيَّ ، وَحُقَّت مَحَبَّتي لِلمُتَوَاصِلِينَ فيَّ ، وَحُقَّت مَحَبَّتي لِلمُتَنَاصِحِينَ فيَّ ، وَحُقَّت مَحَبَّتي لِلمُتَزَاوِرِينَ فيَّ ، وَحُقَّت مَحَبَّتي لِلمُتَبَاذِلِينَ فيَّ ; المُتَحَابُّونَ فيَّ عَلَى مَنَابِرَ مِن نُورٍ يَغبِطُهُم بِمَكَانِهِمُ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ " وَمِن أَسبَابِ مَحَبَّةِ اللهِ لِلعَبدِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ التَّقوَى وَالصَّبرُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " بَلَى مَن أَوفى بِعَهدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ " وَمِن أَسبَابِ مَحَبَّةِ اللهِ لِلعَبدِ أَن يَبذُلَ نَفسَهُ وَمَالَهُ لِنَفعِ الخَلقِ وَالإِحسَانِ إِلَيهِمُ ابتِغَاءَ وَجهِ اللهِ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " أَحَبُّ النَّاسِ إِلى اللهِ أَنفَعُهُم لِلنَّاسِ " وَمِنَ العَلامَاتِ الَّتي يُستَدَلُّ بها عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ لِلعَبدِ أَن يَنَالَ مَحَبَّةَ الصَّالحِينَ وَيَكسِبَ مَوَدَّتَهُم ، وَيُحِبَّ مُجَالَسَتَهُم وَيَرَغَبَ في مُصَاحَبَتِهِم ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ . قَالَ : فَيُحِبُّهُ جِبرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي في السَّمَاءِ فَيَقُولُ : إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأَرضِ . وَإِذَا أَبغَضَ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَيَقُولُ : إِنِّي أُبغِضُ فُلانًا فَأَبغِضْهُ . فَيُبغِضُهُ جِبرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي في أَهلِ السَّمَاءِ : إِنَّ اللهَ يُبغِضُ فُلانًا فَأَبغِضُوهُ . قَالَ : فَيُبغِضُونَهُ . ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ البَغضَاءُ في الأَرضِ " وَمِمَّن يُحِبُّهُمُ اللهُ مَا جَاءَ في قَولِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ وَثَلاثَةٌ يَشنَؤُهُمُ اللهُ : الرَّجُلُ يَلقَى العَدُوَّ في فِئَةٍ فَيَنصِبُ لهم نَحرَهُ حَتى يُقتَلَ أَو يُفتَحَ لأَصحَابِهِ ، وَالقَومُ يُسَافِرُونَ فَيَطُولُ سُرَاهُم حَتى يُحِبُّوا أَن يَمَسُّوا الأَرضَ ، فَيَنزِلُونَ فَيَتَنَحَّى أَحَدُهُم فَيُصَلِّي حَتى يُوقِظَهُم لِرَحِيلِهِم ، وَالرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الجَارُ ، يُؤذِيهِ جَارُهُ فَيَصبِرُ عَلَى أَذَاهُ حَتى يُفَرِّقَ بَينَهُمَا مَوتٌ أَو ظَعْنٌ ، وَالَّذِينَ يَشنَؤُهُمُ اللهُ : التَّاجِرُ الحَلاَّفُ وَالفَقِيرُ المُختَالُ ، وَالبَخِيلُ المَنَّانُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَمِن عَلامَاتِ مَحَبَّةِ اللهِ لِلعَبدِ أَن يَبتَلِيَهُ في مَالِهِ وَنَفسِهِ وَأَهلِهِ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاءِ ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَومًا ابتَلاهُم ، فَمَن رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَن سَخِطَ فَلَهُ السُّخطُ " وَبِالجُملَةِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ فَإِنَّ مَحَبَّةَ اللهِ لا تُنالُ إِلاَّ بِتَقوَاهُ ـ سُبحَانَهُ ـ وَالتِزَامِ طَاعَتِهِ وَذَكَرِهِ وَالإِحسَانِ إِلى خَلقِهِ ، وَالزُّهدِ في الدُّنيَا وَالتَّعَلُّقِ بِالآخِرَةِ ، وَالطَّمَعِ فِيمَا عِندَ اللهِ ، وَالإِعطَاءِ للهِ وَالمَنعِ للهِ ، وَالحِرصِ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ اللهُ وَالابتِعَادِ عَمَّا نَهَى عَنهُ . فَمَن كَانَ مُلتَزِمًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَو بَعضِهَا فَلْيَهنَأْ بِمَحَبَّةِ اللهُِ لَهُ مَا أَخلَصَ وَأَحسَنَ عَمَلَهُ وَثَبَتَ عَلَى الحَقِّ ، أَلا فَاحرِصُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ عَلَى أَن تَكُونُوا رَبَّانِيِّينَ مُخلِصِينَ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابتَغُوا إِلَيهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا في سَبِيلِهِ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ . إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَو أَنَّ لَهُم مَا في الأَرضِ جَمِيعًا وَمِثلَهُ مَعَهُ لِيَفتَدُوا بِهِ مِن عَذَابِ يَومِ القِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنهُم وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ . يُرِيدُونَ أَن يَخرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنهَا وَلَهُم عَذَابٌ مُقِيمٌ "



أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ،

وَاعلَمُوا أَنَّ كَثرَةَ المَالِ وَتَتَابُعَ الغِنَى وَعُلُوَّ الجَاهِ وَرِفعَةَ الشَّأنِ ، وَمُصَاحَبَةَ العِلْيَةِ وَنَيلَ رِضَا الكُبَرَاءِ ، لَيسَ دَلِيلاً عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ لِمَن مَلَكَهَا ، فَإِنَّ اللهَ يُعطِي الدُّنيَا مَن يُحِبُّ وَمَن لا يُحِبُّ ، وَلَو كَانَت تُسَاوِي عِندَهُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنهَا شَربَةَ مَاءٍ ، وَقَد مَنَعَهَا ـ سُبحَانَهُ ـ خَلِيلَهُ وَصَفِيَّهُ وَأَشرَفَ خَلَقِهِ مُحَمَّدًا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَآثَرَ لَهُ الفَقرَ وَالجُوعَ وَقَالَ لَهُ : " وَلَلآخِرَةُ خَيرٌ لَكَ مِنَ الأُولى " بَل إِنَّ مِمَّا يُستَدلُّ بِهِ عَلَى غَفلَةِ العَبدِ وَبُعدِهِ عَنِ اللهِ ، أَن تُبسَطَ لَهُ الدُّنيَا وَتَتَتَابَعَ عَلَيهِ الخَيرَاتُ وَيَتَوالى عَلَيهِ نُزُولُ النِّعَمِ ، وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى المَعَاصِي مُعرِضٌ عَنِ اتِّبَاعِ الحَقِّ ، مُبَدِّدٌ لِلنِّعَمِ غَيرُ شَاكِرٍ لَهَا ، كَحَالِ الكُفَّارِ الَّذِينَ عُجِّلَت لَهُم طَيِّبَاتُهُم في الحَيَاةِ الدُّنيَا ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " إِذَا رَأَيتَ اللهَ يُعطِي العَبدَ مِنَ الدُّنيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ ، فَإِنَّمَا هُوَ استِدرَاجٌ " ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحنَا عَلَيهِم أَبوَابَ كُلِّ شَيءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بما أُوتُوا أَخَذنَاهُم بَغتَةً فَإِذَا هُم مُبلِسُونَ " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَتُوبُوا إِلَيهِ مِنَ المَعَاصِي وَالذُّنُوبِ ، وَتَطَهَّرُوا مِنَ الأَحدَاثِ وَالأَنجَاسِ الحِسِّيَّةِ وَالمَعنَوِيَّةِ ، وَنَقُّوا ظَواهِرَكُم وَبَواطِنَكُم ، فَقَد قَالَ رَبُّكُم ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ : " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ " اللَّهُمَّ اجعَلْنَا مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجعَلْنَا مِنَ المُتَطَهِّرِينَ . اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى