رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / عبد الله بن محمد البصري
واتقوا الشح
الخطبة الأولى:
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لِكُلِّ امرِئٍ في هَذِهِ الدُّنيَا قِيمَتُهُ وَمَكَانَتُهُ ، لَكِنَّ قِيمَةَ المَرءِ الحَقِيقِيَّةَ لَيسَت في زِيَادَةِ عُمُرٍ أَو طُولِ بَقَاءٍ ، وَمَكَانَتُهُ الرَّفِيعَةُ لَيسَت بِكَثرَةِ مَالٍ أَو عُلُوِّ جَاهٍ ، فَالمَالَ عَارِيَّةٌ وَالعُمرُ رَحَّالُ ، وَإِنما يَظهَرُ تَفَاوُتُ الرِّجَالِ بَعدَ إِخلاصِ العَمَلِ للهِ وَصَلاحِهِ ، في حَمِيدِ فِعَالِهِم وَكَرِيمِ خِصَالِهِم ، وَفِيمَا يَبذُلُونَهُ لأُمَّتِهِم وَيُقَدِّمُونَهُ لِمُجتَمَعَاتِهِم رَاضِيَةً بِهِ نُفُوسُهُم ، وَالنَّاسُ تُحِبُّ كُلَّ كَرِيمٍ جَوَادٍ سَمْحٍ بَاذِلٍ مِعطَاءٍ ، وَتَكرَهُ كُلَّ شَحِيحٍ بَخِيلٍ مُمْسِكٍ مَانِعٍ ، وَالشُّحُّ وَالبُخلُ صِفَتَانِ مَذمُومَتَانِ ، طَهَّرَ اللهُ مِنهُمَا رُسُلَهُ وَأَنبِيَاءَهُ ، وَوَقَاهُمَا المُفلِحِينَ مِن عِبَادِهِ وَأَولِيَاءَهُ ، وَوَصَفَ بهما أَهلَ الكِبرِ وَالفَخرِ وَالخُيَلاءِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ . الَّذِينَ يَبخَلُونَ وَيَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبُخلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ " وَقَد كَانَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ في دُعَائِهِ : " اللَّهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخلِ وَالكَسَلِ وَأَرذَلِ العُمُرِ وَعَذَابِ القَبرِ وَفِتنَةِ المَحيَا وَالمَمَاتِ " وَعَدَّ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ البُخلَ وَالشُّحَّ شَرَّ صِفَاتِ الرَّجُلِ وَأَدوَى الأَدوَاءِ فِيهِ ، ممَّا يَمنَعُهُ السِّيَادَةَ وَيُقعِدُهُ عَنِ القِيَادَةِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " شَرُّ مَا في الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبنٌ خَالِعٌ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مَن سَيِّدُكُم يَا بَني سَلِمَةَ ؟ " قُلنَا : جَدُّ بنُ قَيسٍ عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ . قَالَ : " وَأَيُّ دَاءٍ أَدوَى مِنَ البُخلِ ؟ بَلْ سَيِّدُكُم عَمرُو بنُ الجَمُوحِ " وَكَانَ عَمرٌو عَلَى أَصنَامِهِم في الجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ يُولِمُ عَن رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ إِذَا تَزَوَّجُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ لِقُوَّةِ الإِيمَانِ وَضَعفِهِ أَثَرًا في سَلامَةِ الأُمَّةِ مِن هَاتَينِ الصِّفَتَينِ الذَّمِيمَتَينِ أَو اتِّصَافِهَا بِهِمَا ، فَكُلَّمَا ازدَادَ إِيمَانُ العَبدِ وَكَمُلَ يَقِينُهُ ، زَادَ كَرَمُهُ وَكَثُرَ إِنفَاقُهُ ، وَسَمَحَت نَفسُهُ وَانبَسَطَت يَدُهُ ، وَكُلَّمَا قَلَّ إِيمَانُهُ وَضَعُفَ يَقِينُهُ ، زَادَ انقِبَاضًا وَشُحًّا ، ومُلِئَ بُخلاً وَلُؤمًا . وَالآمِرُ بِالإِنفَاقِ هُوَ اللهُ الغَنيُّ الحَمِيدُ الَّذِي لا يُخلِفُ المِيعَادَ ، وَالآمِرُ بِالبُخلِ هُوَ الشَّيطَانُ العَدُوُّ المُبِينُ " الشَّيطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَفَضلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " لا يَجتَمِعُ غُبَارٌ في سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ في جَوفِ عَبدٍ أَبَدًا ، وَلا يَجتَمِعُ شُحٌّ وَإِيمَانٌ في قَلبِ عَبدٍ أَبَدًا " هَذَا ، وَإِنَّ لِلشُّحِّ وَالبُخلِ في دُنيَا النَّاسِ مَظَاهِرَ كَثِيرَةً ، مِنهَا البُخلُ بِأَدَاءِ الحَقِّ الوَاجِبِ في المَالِ مِن زَكَاةٍ وَنَفَقَةٍ ، حَيثُ يَمنَعُهَا المَرءُ خَوفاً عَلَى مَالِهِ مِنَ النَّفَادِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَن آتَاهُ اللهُ مَالاً فَلَم يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوِّقُهُ يَومَ القِيَامَةِ ، ثم يَأخُذُ بِلِهزِمَتَيهِ ـ يَعني شِدقَيهِ ـ ثم يَقُولُ : أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنزُكَ ... " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " تَأتي الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيرِ مَا كَانَت إِذَا هُوَ لم يُعطِ فِيهَا حَقَّهَا تَطَؤُهُ بِأَخفَافِهَا ، وَتَأتي الغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيرِ مَا كَانَت إِذَا لم يُعطِ فِيهَا حَقَّهَا تَطَؤُهُ بِأَظلافِهَا وَتَنطَحُهُ بِقُُروُنِهَا ..." وفي حَدِيثِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت : قَالَت هِندٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : إِنَّ أَبَا سُفيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ ، فَهَل عَلَيَّ جُنَاحٌ أَن آخُذَ مِن مَالِهِ سِرًّا ؟ قَالَ : " خُذِي أَنتِ وَبَنُوكِ مَا يَكفِيكِ بِالمَعرُوفِ " وَمِن مَظَاهِرِ البُخلِ وَالشُّحِّ مَنعُ الصَّدَقَةِ عَنِ الأَقَارَبِ المُحتَاجِينَ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا يَسأَلُ رَجُلٌ مَولاهُ مِن فَضلٍ هُوَ عِندَهُ فَيَمنَعُهُ إِيَّاهُ ، إِلاَّ دُعِيَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ فَضلُهُ الَّذِي مَنَعَهُ شُجَاعًا أَقرَعَ " وَقَالَ : " مَا مِن ذِي رَحِمٍ يَأتي ذَا رَحِمِهِ ، فَيَسأَلُهُ فَضلاً أَعطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ فَيَبخَلُ عَلَيهِ ، إِلاَّ أَخرَجَ اللهُ لَهُ مِن جَهَنَّمَ حَيَّةً يُقَالُ لها شُجَاعٌ يَتَلَمَّظُ فَيُطَوَّقُ بِهِ " وَمِن مَظَاهِرِ الشُّحِّ وَالبُخلِ تَركُ الإِنفَاقِ في سَبِيلِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَالَ ـ تَعَالى ـ : " هَا أَنتُم هَؤُلاءِ تُدعَونَ لِتُنفِقُوا في سَبِيلِ اللهِ فَمِنكُم مَن يَبخَلُ وَمَن يَبخَلْ فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَن نَفسِهِ وَاللهُ الغَنِيُّ وَأَنتُمُ الفُقَرَاءُ " وَمِن مَظَاهِرِ الشُّحِّ وَالبُخلِ الامتِنَاعُ عَن نَفعِ النَّاسِ بِالبَدَنِ وَالنَّفسِ وَالجَاهِ ؛ حَيثُ تَجِدُ ممَّنِ اتَّصَفَ بِالبُخلِ وَالشُّحِّ مَن لا يُوَاسِي مُصَابًا وَلا يَجبُرُ مَكسُورًا ، وَلا يَقضِي حَاجَةَ مُحتَاجٍ وَلا يُفَرِّجُ كُربَةَ مَكرُوبٍ ، وَلا يُنظِرُ مُعسِرًا وَلا يَضَعُ عَن مَدِينٍ ، وَلا يُرشِدُ ضَالاًّ وَلا يَنصَحُ غَاوِيًا ، وَلا يُفسِحُ في مَجلِسٍ وَلا يُمِيطُ أَذًى عَن طَرِيقٍ ، وَلا يَجُودُ بِنَفسٍ وَلا يَنفَعُ بِجَاهٍ . وَقَد مَدَحَ الشَّاعِرُ مَن جَادَ بِنَفسِهِ فَقَالَ :
يَجُودُ بِالنَّفسِ إِنْ ضَنَّ البَخِيلُ بِهَا وَالجُودُ بِالنَّفسِ أَعلَى غَايَةِ الجُودِ
وَقَالَ آخَرُ :
كَم بَينَ قَومٍ إِنما نَفَقَاتُهُم مَالٌ وَقَومٍ يُنفِقُونَ نُفُوسَا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ـ رحمهُ اللهُ ـ :
وَأَدِّ زَكَاةَ الجَاهِ فَإِنَّهَا كَمِثلِ زَكَاةِ المَالِ تَمَّ نِصَابُهَا
وَقَالَتِ العَرَبُ في حِكَمِهَا : أَبخَلُ النَّاسِ مَن بَخِلَ بِجَاهِهِ .
وَمِن مَظَاهِرِ الشُّحِّ وَالبُخلِ الزُّهدُ في الصَّلاةِ عَلَى النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ عِندَ ذِكرِهِ ، وَتَركُ السَّلامِ عَلَى النَّاسِ عِندَ لِقَائِهِم ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " البَخِيلُ مَن ذُكِرتُ عِندَهُ فَلَم يُصَلِّ عَلَيَّ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " وَأَبخَلَ النَّاسِ مَن بَخِلَ بِالسَّلامِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ لِلشُّحِّ وَالبُخلِ آثَارًا ضَارَّةً وَعَوَاقِبَ مُهلِكَةً ، وَمِن تِلكَ العَوَاقِبِ : إِصَابَةُ البَخِيلِ بِالنِّفَاقِ وَالشَّقَاءِ ؛ قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَمِنهُم مَن عَاهَدَ اللهَ لَئِن آتَانَا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ . فَلَمَّا آتَاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضُونَ . فَأَعقَبَهُم نِفَاقًا في قُلُوبِهِم إِلى يَومِ يَلقَونَهُ بما أَخلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكذِبُونَ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " اِعمَلُوا ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ؛ أَمَّا مَن كَانَ مِن أَهلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهلِ السَّعَادَةِ ، وَأَمَّا مَن كَانَ مِن أَهلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهلِ الشَّقَاوَةِ ، ثم قَرَأَ : " فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالحُسنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرَى . وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاستَغنَى . وَكَذَّبَ بِالحُسنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسرَى " قَالَ ابنُ القَيِّمِ ـ رَحمَهُ اللهُ ـ : وَالتَّيسِيرُ لِلعُسرَى يَكُونُ بِأَمرَينِ : أَحَدُهُمَا : أَن يَحُولَ بَينَهُ وَبَينَ أَسبَابِ الخَيرِ ، فَيُجرِيَ الشَّرَّ عَلَى قَلبِهِ وَنِيَّتِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ . وَالثَّاني : أَن يَحُولَ بَينَهُ وَبَينَ الجَزَاءِ الأَيسَرِ ، كَمَا حَالَ بَينَهُ وَبَينَ أَسبَابِهِ . وَمِن آثَارِ الشُّحِّ وَالبُخلِ الهَلاكُ ، وَظُلمُ النَّاسِ بَعضَهُم وَقَطعُهُم أَرحَامَهُم ؛ قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " صَلاحُ أَوَّلِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِالزُّهدِ وَاليَقِينِ ، وَيَهلِكُ آخِرُهَا بِالبُخلِ وَالأَمَلِ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " ثَلاثٌ مُهلِكَاتٌ : شُحٌّ مُطَاعٌ ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ ، وَإِعجَابُ المَرءِ بِنَفسِهِ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " وَاتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُم ؛ حَمَلَهُم عَلَى أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُم وَاستَحَلُّوا مَحَارِمَهُم " وَمِن آثَارِ الشُّحِّ وَالبُخلِ حِرمَانُ النَّفسِ مِنَ الأَجرِ وَحُسنِ الثَّنَاءِ ، وَحِرمَانُ المَالِ من حُلُولِ البَرَكَةِ ، وَاكتِسَابُ بُغضِ اللهِ وَبُغضِ النَّاسِ ، فَإِنَّ الجَزَاءَ مِن جِنسِ العَمَلِ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَمَن يَبخَلْ فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَن نَفسِهِ " وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمَا أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " ثَلاثَةٌ يَحِبُّهُمُ اللهُ ، وَثَلاثَةٌ يُبغِضُهُمُ اللهُ " إِلى أَن قَالَ : " وَيُبغِضُ الشَّيخَ الزَّانيَ ، وَالبَخِيلَ ، وَالمُتَكَبِّرَ " وَمِن آثَارِ البُخلِ وَالشُّحِّ إِصَابَةُ البَخِيلِ بِالقَلَقِ وَالاضطِرَابِ وَضِيقِ الصَّدرِ وَضَنكِ العَيشِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَثَلُ البَخِيلِ وَالمُنفِقِ ، كَمَثَلِ رَجُلَينِ عَلَيهِمَا جُبَّتَانِ مِن حَدِيدٍ مِن ثُدِيِّهِمَا إِلى تَرَاقِيهِمَا ، فَأَمَّا المُنفِقُ فَلا يُنفِقُ إِلاَّ سَبَغَت أَو وَفَرَت عَلَى جِلدِهِ حَتى تُخفِيَ بَنَانَهُ وَتَعفُوَ أَثَرَهُ ، وَأَمَّا البَخِيلُ فَلا يُرِيدُ أَن يُنفِقَ شَيئًا إِلاَّ لَزِقَت كُلُّ حَلَقَةٍ مَكَانَهَا ، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلا تَتَّسِعُ " قَالَ الخَطَّابيُّ : وَالمُرَادُ أَنَّ الجَوَادَ إِذَا هَمَّ بِالصَّدَقَةِ انفَسَحَ لها صَدرُهُ وَطَابَت نَفسُهُ ، فَتَوَسَّعَت في الإِنفَاقِ ، وَالبَخِيلُ إِذَا حَدَّثَ نَفسَهُ بِالصَّدَقَةِ شَحَّت نَفسُهُ فَضَاقَ صَدرُهُ وَانقَبَضَت يَدَاهُ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَاحذَرُوا الشُّحَّ وَالبُخلَ ، فَإِنَّهُ لَن تَمُوتَ نَفسٌ حَتى تَستَكمِلَ رِزقَهَا وَأَجَلَهَا ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " وَاعبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا وَبِذِي القُربى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُربى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَت أَيمَانُكُم إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُختَالاً فَخُورًا . الَّذِينَ يَبخَلُونَ وَيَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبُخلِ وَيَكتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ وَأَعتَدنَا لِلكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا . وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَموَالَهُم رِئَـاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَومِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قِرِينًا . وَمَاذَا عَلَيهِم لَو آمَنُوا بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكَانَ اللهُ بِهِم عَلِيمًا . إِنَّ اللهَ لاَ يَظلِمُ مِثقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤتِ مِن لَدُنهُ أَجرًا عَظِيمًا "
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنَهيَهُ وَلا تَعصُوهُ " وَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ " وَاحذَرُوا الشُّحَّ وَإِيَّاكُم وَالُبخلَ ، فَقَدِ امتَدَحَ اللهُ الأَنصَارَ بِجُودِهِم وَإِيثَارِهِم ، عَلَى مَا كَانُوا عَلَيهِ مِن فَقرٍ وَقِلَّةٍ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبلِهِم يُحِبُّونَ مَن هَاجَرَ إِلَيهِم وَلا يَجِدُونَ في صُدُورِهِم حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ "
وَإِنَّ مَا يُرَى في عَالمِ اليَومِ مِن شُحٍّ في النُّفُوسِ مَعَ تَوَفُّرِ الأَموَالِ ، وَمَا يُلحَظُ مِن أَثَرَةٍ مَعَ تَوَسُّعِ الأَرزَاقِ ، لَهُوَ سَبَبُ كَثِيرٍ مِنَ المُشكِلاتِ التي تَطُولُ بها الأَيَّامُ وَلا يُوجَدُ لها حَلٌّ وَلا نِهَايَةٌ ، فَكَم مِن أَخٍ أَدخَلَ أَخَاهُ المَحكَمَةَ ! وَقَرِيبٍ نَازَعَ قَرِيبَهُ وَخَاصَمَهُ ! وَكَم مِن جَارٍ أَسَاءَ إِلى جَارِهِ ! وَكَم مِن شَقَاءٍ في النَّاسِ وَضَنكٍ وَضِيقٍ ، كُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ الاتِّصَافِ بِالبُخلِ وَالشُّحِّ ، وَانعِدَامِ رُوحِ التَّسَامُحِ وَالنُّكُوصِ عن العَطَاءِ ، وَوَاللهِ لَو كُنَّا مُخَلَّدِينَ وَالمالُ بَاقِيًا ، لَكَانَ لَنَا شَيءٌ مِن العُذرِ في البُخلِ بِهِ وَحُبِّهِ وَإِمسَاكِهِ ، أَمَّا وَقَد وَثِقنَا بِأَنَّنَا عَنِ الدُّنيَا رَاحِلُونَ ، وَلِلمَالِ شِئنَا أَم أَبينَا تَارِكُونَ ، فَإِلامَ تَضِيِيعُ الدِّينِ مِن أَجلِ الدُّنيَا ؟! وَحَتَّامَ إِفسَادُ الآخِرَةِ بِطَلَبِ الأُولى ؟! يُوشِكُ وَاللهِ أَيُّهَا الأَخُ أَن تَفقِدَ أَخَاكَ ، وَأَن تَقُومَ أَيُّهَا الابنُ فَلا تَرَى أَبَاكَ ، وَإِذْ ذَاكَ تَتَمَنَّى لَو أُعِيدَ أَبُوكَ إِلى الدُّنيَا فَأَحسَنتَ صُحبَتَهُ وَبَرَرتَهُ ، أَو أَنَّ الرُّوحَ عَادَت لأَخِيكَ فَأَكرَمتَهُ وَمَا أَهنتَهُ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَعُودُوا إِلى اللهِ ، وَأَنفِقُوا ممَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ، وَاحذَرُوا مَن يُرِيدُونَ أَن يَحُولُوا بَينَكُم وَبَينَ اللهِ وَلَو كَانُوا مِن أَقرَبِ أَقَارِبِكُم ، فَلا بَارَكَ اللهُ في مَالٍ لا يُدخِلُ الجَنَّةَ ، وَلا في عِيَالٍ يُورِدُونَ النَّارَ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِن أَزوَاجِكُم وَأَولادِكُم عَدُوًّا لَكُم فَاحذَرُوهُم وَإِن تَعفُوا وَتَصفَحُوا وَتَغفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . إِنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ وَاللهُ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ . فَاتَّقُوا اللهَ مَا استَطَعتُم وَاسمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيرًا لأَنفُسِكُم وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ . إِن تُقرِضُوا اللهَ قَرضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ . عَالِمُ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ العَزِيزُ الحَكِيمُ "
واتقوا الشح
الخطبة الأولى:
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لِكُلِّ امرِئٍ في هَذِهِ الدُّنيَا قِيمَتُهُ وَمَكَانَتُهُ ، لَكِنَّ قِيمَةَ المَرءِ الحَقِيقِيَّةَ لَيسَت في زِيَادَةِ عُمُرٍ أَو طُولِ بَقَاءٍ ، وَمَكَانَتُهُ الرَّفِيعَةُ لَيسَت بِكَثرَةِ مَالٍ أَو عُلُوِّ جَاهٍ ، فَالمَالَ عَارِيَّةٌ وَالعُمرُ رَحَّالُ ، وَإِنما يَظهَرُ تَفَاوُتُ الرِّجَالِ بَعدَ إِخلاصِ العَمَلِ للهِ وَصَلاحِهِ ، في حَمِيدِ فِعَالِهِم وَكَرِيمِ خِصَالِهِم ، وَفِيمَا يَبذُلُونَهُ لأُمَّتِهِم وَيُقَدِّمُونَهُ لِمُجتَمَعَاتِهِم رَاضِيَةً بِهِ نُفُوسُهُم ، وَالنَّاسُ تُحِبُّ كُلَّ كَرِيمٍ جَوَادٍ سَمْحٍ بَاذِلٍ مِعطَاءٍ ، وَتَكرَهُ كُلَّ شَحِيحٍ بَخِيلٍ مُمْسِكٍ مَانِعٍ ، وَالشُّحُّ وَالبُخلُ صِفَتَانِ مَذمُومَتَانِ ، طَهَّرَ اللهُ مِنهُمَا رُسُلَهُ وَأَنبِيَاءَهُ ، وَوَقَاهُمَا المُفلِحِينَ مِن عِبَادِهِ وَأَولِيَاءَهُ ، وَوَصَفَ بهما أَهلَ الكِبرِ وَالفَخرِ وَالخُيَلاءِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ . الَّذِينَ يَبخَلُونَ وَيَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبُخلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ " وَقَد كَانَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ في دُعَائِهِ : " اللَّهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخلِ وَالكَسَلِ وَأَرذَلِ العُمُرِ وَعَذَابِ القَبرِ وَفِتنَةِ المَحيَا وَالمَمَاتِ " وَعَدَّ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ البُخلَ وَالشُّحَّ شَرَّ صِفَاتِ الرَّجُلِ وَأَدوَى الأَدوَاءِ فِيهِ ، ممَّا يَمنَعُهُ السِّيَادَةَ وَيُقعِدُهُ عَنِ القِيَادَةِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " شَرُّ مَا في الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبنٌ خَالِعٌ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مَن سَيِّدُكُم يَا بَني سَلِمَةَ ؟ " قُلنَا : جَدُّ بنُ قَيسٍ عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ . قَالَ : " وَأَيُّ دَاءٍ أَدوَى مِنَ البُخلِ ؟ بَلْ سَيِّدُكُم عَمرُو بنُ الجَمُوحِ " وَكَانَ عَمرٌو عَلَى أَصنَامِهِم في الجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ يُولِمُ عَن رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ إِذَا تَزَوَّجُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ لِقُوَّةِ الإِيمَانِ وَضَعفِهِ أَثَرًا في سَلامَةِ الأُمَّةِ مِن هَاتَينِ الصِّفَتَينِ الذَّمِيمَتَينِ أَو اتِّصَافِهَا بِهِمَا ، فَكُلَّمَا ازدَادَ إِيمَانُ العَبدِ وَكَمُلَ يَقِينُهُ ، زَادَ كَرَمُهُ وَكَثُرَ إِنفَاقُهُ ، وَسَمَحَت نَفسُهُ وَانبَسَطَت يَدُهُ ، وَكُلَّمَا قَلَّ إِيمَانُهُ وَضَعُفَ يَقِينُهُ ، زَادَ انقِبَاضًا وَشُحًّا ، ومُلِئَ بُخلاً وَلُؤمًا . وَالآمِرُ بِالإِنفَاقِ هُوَ اللهُ الغَنيُّ الحَمِيدُ الَّذِي لا يُخلِفُ المِيعَادَ ، وَالآمِرُ بِالبُخلِ هُوَ الشَّيطَانُ العَدُوُّ المُبِينُ " الشَّيطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَفَضلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " لا يَجتَمِعُ غُبَارٌ في سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ في جَوفِ عَبدٍ أَبَدًا ، وَلا يَجتَمِعُ شُحٌّ وَإِيمَانٌ في قَلبِ عَبدٍ أَبَدًا " هَذَا ، وَإِنَّ لِلشُّحِّ وَالبُخلِ في دُنيَا النَّاسِ مَظَاهِرَ كَثِيرَةً ، مِنهَا البُخلُ بِأَدَاءِ الحَقِّ الوَاجِبِ في المَالِ مِن زَكَاةٍ وَنَفَقَةٍ ، حَيثُ يَمنَعُهَا المَرءُ خَوفاً عَلَى مَالِهِ مِنَ النَّفَادِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَن آتَاهُ اللهُ مَالاً فَلَم يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوِّقُهُ يَومَ القِيَامَةِ ، ثم يَأخُذُ بِلِهزِمَتَيهِ ـ يَعني شِدقَيهِ ـ ثم يَقُولُ : أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنزُكَ ... " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " تَأتي الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيرِ مَا كَانَت إِذَا هُوَ لم يُعطِ فِيهَا حَقَّهَا تَطَؤُهُ بِأَخفَافِهَا ، وَتَأتي الغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيرِ مَا كَانَت إِذَا لم يُعطِ فِيهَا حَقَّهَا تَطَؤُهُ بِأَظلافِهَا وَتَنطَحُهُ بِقُُروُنِهَا ..." وفي حَدِيثِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت : قَالَت هِندٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : إِنَّ أَبَا سُفيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ ، فَهَل عَلَيَّ جُنَاحٌ أَن آخُذَ مِن مَالِهِ سِرًّا ؟ قَالَ : " خُذِي أَنتِ وَبَنُوكِ مَا يَكفِيكِ بِالمَعرُوفِ " وَمِن مَظَاهِرِ البُخلِ وَالشُّحِّ مَنعُ الصَّدَقَةِ عَنِ الأَقَارَبِ المُحتَاجِينَ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا يَسأَلُ رَجُلٌ مَولاهُ مِن فَضلٍ هُوَ عِندَهُ فَيَمنَعُهُ إِيَّاهُ ، إِلاَّ دُعِيَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ فَضلُهُ الَّذِي مَنَعَهُ شُجَاعًا أَقرَعَ " وَقَالَ : " مَا مِن ذِي رَحِمٍ يَأتي ذَا رَحِمِهِ ، فَيَسأَلُهُ فَضلاً أَعطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ فَيَبخَلُ عَلَيهِ ، إِلاَّ أَخرَجَ اللهُ لَهُ مِن جَهَنَّمَ حَيَّةً يُقَالُ لها شُجَاعٌ يَتَلَمَّظُ فَيُطَوَّقُ بِهِ " وَمِن مَظَاهِرِ الشُّحِّ وَالبُخلِ تَركُ الإِنفَاقِ في سَبِيلِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَالَ ـ تَعَالى ـ : " هَا أَنتُم هَؤُلاءِ تُدعَونَ لِتُنفِقُوا في سَبِيلِ اللهِ فَمِنكُم مَن يَبخَلُ وَمَن يَبخَلْ فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَن نَفسِهِ وَاللهُ الغَنِيُّ وَأَنتُمُ الفُقَرَاءُ " وَمِن مَظَاهِرِ الشُّحِّ وَالبُخلِ الامتِنَاعُ عَن نَفعِ النَّاسِ بِالبَدَنِ وَالنَّفسِ وَالجَاهِ ؛ حَيثُ تَجِدُ ممَّنِ اتَّصَفَ بِالبُخلِ وَالشُّحِّ مَن لا يُوَاسِي مُصَابًا وَلا يَجبُرُ مَكسُورًا ، وَلا يَقضِي حَاجَةَ مُحتَاجٍ وَلا يُفَرِّجُ كُربَةَ مَكرُوبٍ ، وَلا يُنظِرُ مُعسِرًا وَلا يَضَعُ عَن مَدِينٍ ، وَلا يُرشِدُ ضَالاًّ وَلا يَنصَحُ غَاوِيًا ، وَلا يُفسِحُ في مَجلِسٍ وَلا يُمِيطُ أَذًى عَن طَرِيقٍ ، وَلا يَجُودُ بِنَفسٍ وَلا يَنفَعُ بِجَاهٍ . وَقَد مَدَحَ الشَّاعِرُ مَن جَادَ بِنَفسِهِ فَقَالَ :
يَجُودُ بِالنَّفسِ إِنْ ضَنَّ البَخِيلُ بِهَا وَالجُودُ بِالنَّفسِ أَعلَى غَايَةِ الجُودِ
وَقَالَ آخَرُ :
كَم بَينَ قَومٍ إِنما نَفَقَاتُهُم مَالٌ وَقَومٍ يُنفِقُونَ نُفُوسَا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ـ رحمهُ اللهُ ـ :
وَأَدِّ زَكَاةَ الجَاهِ فَإِنَّهَا كَمِثلِ زَكَاةِ المَالِ تَمَّ نِصَابُهَا
وَقَالَتِ العَرَبُ في حِكَمِهَا : أَبخَلُ النَّاسِ مَن بَخِلَ بِجَاهِهِ .
وَمِن مَظَاهِرِ الشُّحِّ وَالبُخلِ الزُّهدُ في الصَّلاةِ عَلَى النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ عِندَ ذِكرِهِ ، وَتَركُ السَّلامِ عَلَى النَّاسِ عِندَ لِقَائِهِم ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " البَخِيلُ مَن ذُكِرتُ عِندَهُ فَلَم يُصَلِّ عَلَيَّ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " وَأَبخَلَ النَّاسِ مَن بَخِلَ بِالسَّلامِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ لِلشُّحِّ وَالبُخلِ آثَارًا ضَارَّةً وَعَوَاقِبَ مُهلِكَةً ، وَمِن تِلكَ العَوَاقِبِ : إِصَابَةُ البَخِيلِ بِالنِّفَاقِ وَالشَّقَاءِ ؛ قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَمِنهُم مَن عَاهَدَ اللهَ لَئِن آتَانَا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ . فَلَمَّا آتَاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضُونَ . فَأَعقَبَهُم نِفَاقًا في قُلُوبِهِم إِلى يَومِ يَلقَونَهُ بما أَخلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكذِبُونَ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " اِعمَلُوا ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ؛ أَمَّا مَن كَانَ مِن أَهلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهلِ السَّعَادَةِ ، وَأَمَّا مَن كَانَ مِن أَهلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهلِ الشَّقَاوَةِ ، ثم قَرَأَ : " فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالحُسنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرَى . وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاستَغنَى . وَكَذَّبَ بِالحُسنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسرَى " قَالَ ابنُ القَيِّمِ ـ رَحمَهُ اللهُ ـ : وَالتَّيسِيرُ لِلعُسرَى يَكُونُ بِأَمرَينِ : أَحَدُهُمَا : أَن يَحُولَ بَينَهُ وَبَينَ أَسبَابِ الخَيرِ ، فَيُجرِيَ الشَّرَّ عَلَى قَلبِهِ وَنِيَّتِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ . وَالثَّاني : أَن يَحُولَ بَينَهُ وَبَينَ الجَزَاءِ الأَيسَرِ ، كَمَا حَالَ بَينَهُ وَبَينَ أَسبَابِهِ . وَمِن آثَارِ الشُّحِّ وَالبُخلِ الهَلاكُ ، وَظُلمُ النَّاسِ بَعضَهُم وَقَطعُهُم أَرحَامَهُم ؛ قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " صَلاحُ أَوَّلِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِالزُّهدِ وَاليَقِينِ ، وَيَهلِكُ آخِرُهَا بِالبُخلِ وَالأَمَلِ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " ثَلاثٌ مُهلِكَاتٌ : شُحٌّ مُطَاعٌ ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ ، وَإِعجَابُ المَرءِ بِنَفسِهِ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " وَاتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُم ؛ حَمَلَهُم عَلَى أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُم وَاستَحَلُّوا مَحَارِمَهُم " وَمِن آثَارِ الشُّحِّ وَالبُخلِ حِرمَانُ النَّفسِ مِنَ الأَجرِ وَحُسنِ الثَّنَاءِ ، وَحِرمَانُ المَالِ من حُلُولِ البَرَكَةِ ، وَاكتِسَابُ بُغضِ اللهِ وَبُغضِ النَّاسِ ، فَإِنَّ الجَزَاءَ مِن جِنسِ العَمَلِ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَمَن يَبخَلْ فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَن نَفسِهِ " وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمَا أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " ثَلاثَةٌ يَحِبُّهُمُ اللهُ ، وَثَلاثَةٌ يُبغِضُهُمُ اللهُ " إِلى أَن قَالَ : " وَيُبغِضُ الشَّيخَ الزَّانيَ ، وَالبَخِيلَ ، وَالمُتَكَبِّرَ " وَمِن آثَارِ البُخلِ وَالشُّحِّ إِصَابَةُ البَخِيلِ بِالقَلَقِ وَالاضطِرَابِ وَضِيقِ الصَّدرِ وَضَنكِ العَيشِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَثَلُ البَخِيلِ وَالمُنفِقِ ، كَمَثَلِ رَجُلَينِ عَلَيهِمَا جُبَّتَانِ مِن حَدِيدٍ مِن ثُدِيِّهِمَا إِلى تَرَاقِيهِمَا ، فَأَمَّا المُنفِقُ فَلا يُنفِقُ إِلاَّ سَبَغَت أَو وَفَرَت عَلَى جِلدِهِ حَتى تُخفِيَ بَنَانَهُ وَتَعفُوَ أَثَرَهُ ، وَأَمَّا البَخِيلُ فَلا يُرِيدُ أَن يُنفِقَ شَيئًا إِلاَّ لَزِقَت كُلُّ حَلَقَةٍ مَكَانَهَا ، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلا تَتَّسِعُ " قَالَ الخَطَّابيُّ : وَالمُرَادُ أَنَّ الجَوَادَ إِذَا هَمَّ بِالصَّدَقَةِ انفَسَحَ لها صَدرُهُ وَطَابَت نَفسُهُ ، فَتَوَسَّعَت في الإِنفَاقِ ، وَالبَخِيلُ إِذَا حَدَّثَ نَفسَهُ بِالصَّدَقَةِ شَحَّت نَفسُهُ فَضَاقَ صَدرُهُ وَانقَبَضَت يَدَاهُ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَاحذَرُوا الشُّحَّ وَالبُخلَ ، فَإِنَّهُ لَن تَمُوتَ نَفسٌ حَتى تَستَكمِلَ رِزقَهَا وَأَجَلَهَا ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " وَاعبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا وَبِذِي القُربى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُربى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَت أَيمَانُكُم إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُختَالاً فَخُورًا . الَّذِينَ يَبخَلُونَ وَيَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبُخلِ وَيَكتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ وَأَعتَدنَا لِلكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا . وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَموَالَهُم رِئَـاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَومِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قِرِينًا . وَمَاذَا عَلَيهِم لَو آمَنُوا بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكَانَ اللهُ بِهِم عَلِيمًا . إِنَّ اللهَ لاَ يَظلِمُ مِثقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤتِ مِن لَدُنهُ أَجرًا عَظِيمًا "
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنَهيَهُ وَلا تَعصُوهُ " وَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ " وَاحذَرُوا الشُّحَّ وَإِيَّاكُم وَالُبخلَ ، فَقَدِ امتَدَحَ اللهُ الأَنصَارَ بِجُودِهِم وَإِيثَارِهِم ، عَلَى مَا كَانُوا عَلَيهِ مِن فَقرٍ وَقِلَّةٍ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبلِهِم يُحِبُّونَ مَن هَاجَرَ إِلَيهِم وَلا يَجِدُونَ في صُدُورِهِم حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ "
وَإِنَّ مَا يُرَى في عَالمِ اليَومِ مِن شُحٍّ في النُّفُوسِ مَعَ تَوَفُّرِ الأَموَالِ ، وَمَا يُلحَظُ مِن أَثَرَةٍ مَعَ تَوَسُّعِ الأَرزَاقِ ، لَهُوَ سَبَبُ كَثِيرٍ مِنَ المُشكِلاتِ التي تَطُولُ بها الأَيَّامُ وَلا يُوجَدُ لها حَلٌّ وَلا نِهَايَةٌ ، فَكَم مِن أَخٍ أَدخَلَ أَخَاهُ المَحكَمَةَ ! وَقَرِيبٍ نَازَعَ قَرِيبَهُ وَخَاصَمَهُ ! وَكَم مِن جَارٍ أَسَاءَ إِلى جَارِهِ ! وَكَم مِن شَقَاءٍ في النَّاسِ وَضَنكٍ وَضِيقٍ ، كُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ الاتِّصَافِ بِالبُخلِ وَالشُّحِّ ، وَانعِدَامِ رُوحِ التَّسَامُحِ وَالنُّكُوصِ عن العَطَاءِ ، وَوَاللهِ لَو كُنَّا مُخَلَّدِينَ وَالمالُ بَاقِيًا ، لَكَانَ لَنَا شَيءٌ مِن العُذرِ في البُخلِ بِهِ وَحُبِّهِ وَإِمسَاكِهِ ، أَمَّا وَقَد وَثِقنَا بِأَنَّنَا عَنِ الدُّنيَا رَاحِلُونَ ، وَلِلمَالِ شِئنَا أَم أَبينَا تَارِكُونَ ، فَإِلامَ تَضِيِيعُ الدِّينِ مِن أَجلِ الدُّنيَا ؟! وَحَتَّامَ إِفسَادُ الآخِرَةِ بِطَلَبِ الأُولى ؟! يُوشِكُ وَاللهِ أَيُّهَا الأَخُ أَن تَفقِدَ أَخَاكَ ، وَأَن تَقُومَ أَيُّهَا الابنُ فَلا تَرَى أَبَاكَ ، وَإِذْ ذَاكَ تَتَمَنَّى لَو أُعِيدَ أَبُوكَ إِلى الدُّنيَا فَأَحسَنتَ صُحبَتَهُ وَبَرَرتَهُ ، أَو أَنَّ الرُّوحَ عَادَت لأَخِيكَ فَأَكرَمتَهُ وَمَا أَهنتَهُ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَعُودُوا إِلى اللهِ ، وَأَنفِقُوا ممَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ، وَاحذَرُوا مَن يُرِيدُونَ أَن يَحُولُوا بَينَكُم وَبَينَ اللهِ وَلَو كَانُوا مِن أَقرَبِ أَقَارِبِكُم ، فَلا بَارَكَ اللهُ في مَالٍ لا يُدخِلُ الجَنَّةَ ، وَلا في عِيَالٍ يُورِدُونَ النَّارَ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِن أَزوَاجِكُم وَأَولادِكُم عَدُوًّا لَكُم فَاحذَرُوهُم وَإِن تَعفُوا وَتَصفَحُوا وَتَغفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . إِنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ وَاللهُ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ . فَاتَّقُوا اللهَ مَا استَطَعتُم وَاسمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيرًا لأَنفُسِكُم وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ . إِن تُقرِضُوا اللهَ قَرضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ . عَالِمُ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ العَزِيزُ الحَكِيمُ "
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى