رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل
من أسباب الخذلان .. حب الدنيا وكراهية الموت
الخطبة الأولى:
الحمد لله العزيز الحكيم؛ قضى بالعز والرفعة للمؤمنين، وكتب الذل والصغار على الكافرين [وَلله العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ] {المنافقون:8} نحمده على هدايته ورعايته، ونشكره على إمداده وكفايته، ونسأله المزيد من فضله، ونعوذ به من سخطه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ عز جاره، وجلّ ثناؤه، وتقدست أسماؤه، لا يذل من والاه، ولا يعز من عاده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ خاف على أمته الدنيا فحذرهم من فتنتها، وكشف لهم حقيقتها، وبين لهم أنها متاع الغرور، فلا يغتر بزخرفها إلا مغرور؛ فكان لأمته ناصحاً أميناً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ احتقروا الدنيا فجاءتهم تحت أقدمهم، واعتزوا بدينهم فذلت أمم الأرض لهيبتهم، وملَّكهم الله تعالى مشارقها ومغاربها؛ فرفعوا الظلم، وبسطوا العدل، وحكموا بالشريعة، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأسلموا له وجوهكم، وأخلصوا له دينكم، ولا تغرنكم الدنيا وما فيها من زينة ومتاع [إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِالله الغَرُورُ ] {لقمان:33}.
أيها الناس: من سنة الله تعالى في عباده أنه سبحانه يبوئ أهل الإيمان إمامة البشر، ويرفعهم إلى مراقي الكرامة والعزة، ويظهرهم على غيرهم، وينصرهم على أعدائهم، ولو كانوا أقل من غيرهم [كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ] {البقرة:249} وتاريخ المعارك يثبت غلبة أهل الإيمان ولو كانوا أقل عدداً وأضعف عدة.
ولكن هذا القانون الرباني القدري له أسباب شرعية لا يتحقق إلا بها، وهذه الأسباب تتمثل في إقامة دين الله تعالى، وأخذه كاملاً دون تجزئة ولا انتقاء. وغالب ما يحصل من ترك الدين أو بعضه سببه الهوى، والهوى يكون في الناس بسبب الافتتان بالدنيا وزينتها، وتعظيم حظوظ النفس وشهواتها؛ ولذا كان تقديم الآخرة على الدنيا أهم سبب للتوفيق والنصر والعزة، كما كان التعلق بالدنيا أهم سبب للخذلان والذل والهزيمة، والوحي والتاريخ والواقع المعاصر كلها تشهد بهذه الحقيقة التي ينبغي أن لا يجادل فيها مجادل.
أما الوحي فقول الله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ] {محمد:7} فجعل سبحانه نصره لعباده وتأييده لهم مشروطاً بنصر دينه وإقامته في الأرض، وجعله حكماً على الناس.
وأما التاريخ فما عزَّ الصحابة رضي الله عنهم ولا انتصروا هم ومن بعدهم من قادة المسلمين وجندهم على أعتى أمم الأرض بعدة ولا عتاد، وإنما بإيمانٍ ملأ قلوبهم، فأزاح منها الدنيا وزينتها وملذاتها، فما وقفت أمامهم قوة.
ولما حاصر المسلمون بلاد فارس وكان الفرس أقوى أمة آنذاك جرت لقاءات ومفاوضات بين قادة المسلمين وقادة فارس أراد رستم أن يظهر قوة الفرس وغناهم أمام ضعف العرب وفقرهم، فأمر بفرش البسط والنمارق، ووضع له سرير من ذهب، وأحاط به حاشيته وهم في كمال زينتهم وأبهتهم وسلاحهم؛ فتعاقب ثلاثة من المفاوضين المسلمين على رستم يفاوضونه، فما غرتهم دنيا الفرس، ولا نظروا إليها إلا نظرة ازدراء واحتقار، فكان أولَ الداخلين ربعيُ بن عامر دخل بفرسه يطأ بها بسطهم ووسائدهم، حتى ربط فرسه ببعضها، ونزل يتكئ بسيفٍ لم يجد له غمداً فلفه بخرقة، حتى بلغ سرير رستم، وجلس على الأرض ولم يجلس على زينتهم عزة وإباءً، وبلّغه بما جاء به، وفي اليوم الثاني جاء للمفاوضة سعد بن حذيفة بن محصن ورفض النزول عن فرسه حتى بلغ بها سرير رستم فكلمه برسالته وهو على فرسه، وفي اليوم الثالث جاءهم المغيرة بن شعبة فجلس مع رستم على سريره غير آبه به، فهرع إليه جنده حتى أنزلوه، فعرض رستم على المغيرة شيئاً من الدنيا له وللمسلمين ليرجعوا عن غزو فارس، ولكن المغيرة عرض عليه الإسلام أو الجزية أو السيف بكل عزة وإباء. فما غرَّت جند الإسلام بهرجة فارس ودنياها وقوتها وغناها؛ لأن الدنيا ما كانت في قلوبهم، فسقطت بلاد الفرس في أيديهم، ونقل ذهبها إلى المدينة.
وأما الواقع فإن الأعداء ما تمكنوا من المسلمين في العصور المتأخرة، ولا ضاعت الحقوق، واحتلت البلدان، ونهبت الثروات، وامتهنت الكرامة إلا بعد أن عظمت الدنيا عند كثير من المسلمين، وتمكنت من قلوبهم، فتنافسوها واختلفوا عليها، واقتتلوا من أجلها، ووجد الأعداء مداخل عليهم من قبلها؛ حتى كان في المسلمين من خان دينه وأمته ووطنه وأهله لمصلحة أعدائه من أجل شيء من الدنيا. ووقع ما خافه النبي ^ على أمته حين أقسم فقال:«فَوَ الله لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ على من كان قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كما أَهْلَكَتْهُمْ»رواه الشيخان، وفي حديث آخر قال ^: «تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ»رواه مسلم.
إن الله عز وجل جعل الذل والهوان في الكافرين [ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الكَافِرِينَ] {الأنفال:18} ونهى المؤمنين عن الهوان لأنهم الأعلون [وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] {آل عمران:139} ونهوا عن الهوان لأن الله تعالى معهم [فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ] {محمد:35} ولأنهم يرجون ثواب الله تعالى، وغايتهم الآخرة وليست الدنيا [وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ القَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لَا يَرْجُونَ] {النساء:104} ولأنهم يعلمون أن الله تعالى يحب الثابتين على دينه، الصابرين في مواجهة أعدائه [وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ] {آل عمران:146}.
إن من تعلق قلبه بالدنيا أخلد إلى الأرض، ورضي بالذل، وأصابه الهوان والخذلان ولو كان مؤمناً، وقد عاتب الله تعالى من أقعدهم حبُّ الدنيا عن الهجرة إليه، والجهاد في سبيله، والتضحية لدينه، وتوعدهم على ذلك [قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ] {التوبة:24} ولا يعوق عن النفير في سبيل الله تعالى، وابتغاء مرضاته إلا حب الدنيا كما في قول الله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ] {التوبة:38}. وهو واقع المسلمين اليوم. والهزيمة التي حاقت بالفئة المؤمنة في أحد إنما كان سببها حب الدنيا المتمثل في الغنائم؛ ونجد في الآيات التي عرضت للهزيمة في أحد قول الله تعالى [مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآَخِرَةَ] {آل عمران:152}.
وجاء في السنة النبوية ما يدل على أن حب الدنيا يقود إلى أكل الحرام، والرضى بالملذات، وهجر مواطن العزة والإباء، فتضرب الذلة والهوان على الأمة بسبب ذلك؛ كما في حديث ابن عُمَرَ قال سمعت رَسُولَ الله ^ يقول:«إذا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ الله عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حتى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُمْ»رواه أبو داود.
ومهما بلغت كثرة المسلمين وعدتهم فلن تنفعهم شيئاً إذا امتلأت قلوبهم بحب الدنيا والإخلاد إليها، كما في حديث ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ^:« يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِهَا فقال قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قال: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ الله من صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ الله في قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ، فقال قَائِلٌ: يا رَسُولَ الله، وما الْوَهْنُ؟ قال: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»رواه أبو داود.
فبان بذلك أن من أعظم أسباب الذل والهوان والخذلان حب الدنيا، وتعلق القلوب بها، والإخلاد إلى زخرفها وزينتها، وقد قال الله تعالى عن الكفار [وَفَرِحُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ] {الرعد:26} وقال العبد الصالح يحذر قومه [يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآَخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ] {غافر:39}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ] {البقرة:223}.
أيها المسلمون: هوان الدنيا وحقارتها عند أسلافنا، وعدم اغترارهم بها هو السبب الأهم بعد إيمانهم لعزتهم وأنفتهم وقوتهم، فذلت لهم الدنيا، وخضع أهلها تحت حكمهم.
إن استرخاص الدنيا وملذاتها هو الذي جعل أبا بكر رضي الله عنه يقدم ماله كله، وعمر رضي الله عنه قدم نصفه، وعثمان رضي الله عنه جهز جيش العسرة، ومصعب بن عمير رضي الله عنه ترك النعيم بمكة ليلحق بدار الهجرة فيعيش فقيراً ويقتل في أحد فقيراً، فلا يجدون له كفناً كاملاً، وبهذه النفوس الكبيرة عز المسلمون، وانتشر الإسلام في الأرض.
وإن استعظام أمر الدنيا، والغرق في ملذاتها، والغرور بزينتها هو الذي أضاع الأندلس يوم ضاعت، وهو السبب في تسلط الصليبيين في القرن الخامس فاحتلوا بيت المقدس تسعين سنة، وهو الذي بسببه سُلط التتر حتى استباحوا دار الخلافة الإسلامية. وبسبب حب الدنيا ضُرب الاستعمار على جُلِّ بلاد المسلمين، وسقطت حواضر الإسلام في أيدي الأعداء، وبسبب حب الدنيا وما فيها من جاه ومال نشأت العصبيات العرقية في المسلمين، وكان الولاء لها أعظم من الولاء للدين، ففاخر كل جنس بجنسه، وعلى إثر ذلك مزقت دولة الإسلام العظيمة، وفرقت إلى دول صغيرة يحرش الأعداء بينها.
إن حب الدنيا أدى إلى خذلان الإخوان، وممالأة الأعداء، وبيع الأوطان، واليهود ما كان لهم أن ينجحوا في احتلال فلسطين والبقاء فيها إلى الآن لولا خيانة العرب بعضهم بعضاً في الحرب وفي السلم، وكل ذلك بسبب حب الدنيا، وكل بلاد المسلمين التي احتلت في القديم والحديث ما كان للأعداء أن يستولوا عليها لولا الخيانات، والخونة دائماً مع من يدفع لهم أكثر، فكان حب الدنيا هو حجر الأساس في ذلك كله.
وحوصرت غزة حصاراً طويلاً شديداً ثم دكت بالقنابل والصواريخ وأحرقت، وتوصلت لجان دولية إلى إدانة اليهود في تلك الجريمة، وشهد بعض العرب على ذلك، وطالبوا بالتحقيق والعقاب لولا أن اليهود لوحوا بكشف أوراقهم التي تثبت تورط بعض العرب بتأييد هذه الجريمة ومعونة اليهود فيها على إخوانهم، فانقلب بعض العرب يدافعون عن اليهود، ويجعلون الضحايا مدانين.
ومع هذا الخذلان العظيم فإنه لا يستبعد أبداً أن يبيع بعض العرب القدس وأهلها ومسجدها المبارك لليهود بعرض من الدنيا ليقيموا على أرضها المباركة أحلامهم التوراتية..
ويتمادى حب الدنيا بصاحبه حتى لا يُبقي له ديناً ولا دنيا، وإن أهم سبب لخذلان المسلمين في عصرنا هذا وضعفهم وهوانهم وذلتهم على مستوى الأفراد والدول هو حب الدنيا، وتعلق القلوب بزينتها، وصدق الحسن البصري رحمه الله تعالى حين قال:«حب الدنيا رأس كل خطيئة» ولو أيقن المسلمون بحقيقة الدنيا، وعملوا بمقتضى يقينهم فيها؛ لما جعلوها أكبر همهم، ولا غاية قصدهم؛ فإنها إلى زوال، وإن الآخرة هي دار القرار [أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ] {الشعراء:205-207}.
وصلوا وسلموا...
من أسباب الخذلان .. حب الدنيا وكراهية الموت
الخطبة الأولى:
الحمد لله العزيز الحكيم؛ قضى بالعز والرفعة للمؤمنين، وكتب الذل والصغار على الكافرين [وَلله العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ] {المنافقون:8} نحمده على هدايته ورعايته، ونشكره على إمداده وكفايته، ونسأله المزيد من فضله، ونعوذ به من سخطه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ عز جاره، وجلّ ثناؤه، وتقدست أسماؤه، لا يذل من والاه، ولا يعز من عاده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ خاف على أمته الدنيا فحذرهم من فتنتها، وكشف لهم حقيقتها، وبين لهم أنها متاع الغرور، فلا يغتر بزخرفها إلا مغرور؛ فكان لأمته ناصحاً أميناً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ احتقروا الدنيا فجاءتهم تحت أقدمهم، واعتزوا بدينهم فذلت أمم الأرض لهيبتهم، وملَّكهم الله تعالى مشارقها ومغاربها؛ فرفعوا الظلم، وبسطوا العدل، وحكموا بالشريعة، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأسلموا له وجوهكم، وأخلصوا له دينكم، ولا تغرنكم الدنيا وما فيها من زينة ومتاع [إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِالله الغَرُورُ ] {لقمان:33}.
أيها الناس: من سنة الله تعالى في عباده أنه سبحانه يبوئ أهل الإيمان إمامة البشر، ويرفعهم إلى مراقي الكرامة والعزة، ويظهرهم على غيرهم، وينصرهم على أعدائهم، ولو كانوا أقل من غيرهم [كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ] {البقرة:249} وتاريخ المعارك يثبت غلبة أهل الإيمان ولو كانوا أقل عدداً وأضعف عدة.
ولكن هذا القانون الرباني القدري له أسباب شرعية لا يتحقق إلا بها، وهذه الأسباب تتمثل في إقامة دين الله تعالى، وأخذه كاملاً دون تجزئة ولا انتقاء. وغالب ما يحصل من ترك الدين أو بعضه سببه الهوى، والهوى يكون في الناس بسبب الافتتان بالدنيا وزينتها، وتعظيم حظوظ النفس وشهواتها؛ ولذا كان تقديم الآخرة على الدنيا أهم سبب للتوفيق والنصر والعزة، كما كان التعلق بالدنيا أهم سبب للخذلان والذل والهزيمة، والوحي والتاريخ والواقع المعاصر كلها تشهد بهذه الحقيقة التي ينبغي أن لا يجادل فيها مجادل.
أما الوحي فقول الله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ] {محمد:7} فجعل سبحانه نصره لعباده وتأييده لهم مشروطاً بنصر دينه وإقامته في الأرض، وجعله حكماً على الناس.
وأما التاريخ فما عزَّ الصحابة رضي الله عنهم ولا انتصروا هم ومن بعدهم من قادة المسلمين وجندهم على أعتى أمم الأرض بعدة ولا عتاد، وإنما بإيمانٍ ملأ قلوبهم، فأزاح منها الدنيا وزينتها وملذاتها، فما وقفت أمامهم قوة.
ولما حاصر المسلمون بلاد فارس وكان الفرس أقوى أمة آنذاك جرت لقاءات ومفاوضات بين قادة المسلمين وقادة فارس أراد رستم أن يظهر قوة الفرس وغناهم أمام ضعف العرب وفقرهم، فأمر بفرش البسط والنمارق، ووضع له سرير من ذهب، وأحاط به حاشيته وهم في كمال زينتهم وأبهتهم وسلاحهم؛ فتعاقب ثلاثة من المفاوضين المسلمين على رستم يفاوضونه، فما غرتهم دنيا الفرس، ولا نظروا إليها إلا نظرة ازدراء واحتقار، فكان أولَ الداخلين ربعيُ بن عامر دخل بفرسه يطأ بها بسطهم ووسائدهم، حتى ربط فرسه ببعضها، ونزل يتكئ بسيفٍ لم يجد له غمداً فلفه بخرقة، حتى بلغ سرير رستم، وجلس على الأرض ولم يجلس على زينتهم عزة وإباءً، وبلّغه بما جاء به، وفي اليوم الثاني جاء للمفاوضة سعد بن حذيفة بن محصن ورفض النزول عن فرسه حتى بلغ بها سرير رستم فكلمه برسالته وهو على فرسه، وفي اليوم الثالث جاءهم المغيرة بن شعبة فجلس مع رستم على سريره غير آبه به، فهرع إليه جنده حتى أنزلوه، فعرض رستم على المغيرة شيئاً من الدنيا له وللمسلمين ليرجعوا عن غزو فارس، ولكن المغيرة عرض عليه الإسلام أو الجزية أو السيف بكل عزة وإباء. فما غرَّت جند الإسلام بهرجة فارس ودنياها وقوتها وغناها؛ لأن الدنيا ما كانت في قلوبهم، فسقطت بلاد الفرس في أيديهم، ونقل ذهبها إلى المدينة.
وأما الواقع فإن الأعداء ما تمكنوا من المسلمين في العصور المتأخرة، ولا ضاعت الحقوق، واحتلت البلدان، ونهبت الثروات، وامتهنت الكرامة إلا بعد أن عظمت الدنيا عند كثير من المسلمين، وتمكنت من قلوبهم، فتنافسوها واختلفوا عليها، واقتتلوا من أجلها، ووجد الأعداء مداخل عليهم من قبلها؛ حتى كان في المسلمين من خان دينه وأمته ووطنه وأهله لمصلحة أعدائه من أجل شيء من الدنيا. ووقع ما خافه النبي ^ على أمته حين أقسم فقال:«فَوَ الله لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ على من كان قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كما أَهْلَكَتْهُمْ»رواه الشيخان، وفي حديث آخر قال ^: «تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ»رواه مسلم.
إن الله عز وجل جعل الذل والهوان في الكافرين [ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الكَافِرِينَ] {الأنفال:18} ونهى المؤمنين عن الهوان لأنهم الأعلون [وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] {آل عمران:139} ونهوا عن الهوان لأن الله تعالى معهم [فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ] {محمد:35} ولأنهم يرجون ثواب الله تعالى، وغايتهم الآخرة وليست الدنيا [وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ القَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لَا يَرْجُونَ] {النساء:104} ولأنهم يعلمون أن الله تعالى يحب الثابتين على دينه، الصابرين في مواجهة أعدائه [وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ] {آل عمران:146}.
إن من تعلق قلبه بالدنيا أخلد إلى الأرض، ورضي بالذل، وأصابه الهوان والخذلان ولو كان مؤمناً، وقد عاتب الله تعالى من أقعدهم حبُّ الدنيا عن الهجرة إليه، والجهاد في سبيله، والتضحية لدينه، وتوعدهم على ذلك [قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ] {التوبة:24} ولا يعوق عن النفير في سبيل الله تعالى، وابتغاء مرضاته إلا حب الدنيا كما في قول الله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ] {التوبة:38}. وهو واقع المسلمين اليوم. والهزيمة التي حاقت بالفئة المؤمنة في أحد إنما كان سببها حب الدنيا المتمثل في الغنائم؛ ونجد في الآيات التي عرضت للهزيمة في أحد قول الله تعالى [مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآَخِرَةَ] {آل عمران:152}.
وجاء في السنة النبوية ما يدل على أن حب الدنيا يقود إلى أكل الحرام، والرضى بالملذات، وهجر مواطن العزة والإباء، فتضرب الذلة والهوان على الأمة بسبب ذلك؛ كما في حديث ابن عُمَرَ قال سمعت رَسُولَ الله ^ يقول:«إذا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ الله عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حتى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُمْ»رواه أبو داود.
ومهما بلغت كثرة المسلمين وعدتهم فلن تنفعهم شيئاً إذا امتلأت قلوبهم بحب الدنيا والإخلاد إليها، كما في حديث ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ^:« يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِهَا فقال قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قال: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ الله من صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ الله في قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ، فقال قَائِلٌ: يا رَسُولَ الله، وما الْوَهْنُ؟ قال: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»رواه أبو داود.
فبان بذلك أن من أعظم أسباب الذل والهوان والخذلان حب الدنيا، وتعلق القلوب بها، والإخلاد إلى زخرفها وزينتها، وقد قال الله تعالى عن الكفار [وَفَرِحُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ] {الرعد:26} وقال العبد الصالح يحذر قومه [يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآَخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ] {غافر:39}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ] {البقرة:223}.
أيها المسلمون: هوان الدنيا وحقارتها عند أسلافنا، وعدم اغترارهم بها هو السبب الأهم بعد إيمانهم لعزتهم وأنفتهم وقوتهم، فذلت لهم الدنيا، وخضع أهلها تحت حكمهم.
إن استرخاص الدنيا وملذاتها هو الذي جعل أبا بكر رضي الله عنه يقدم ماله كله، وعمر رضي الله عنه قدم نصفه، وعثمان رضي الله عنه جهز جيش العسرة، ومصعب بن عمير رضي الله عنه ترك النعيم بمكة ليلحق بدار الهجرة فيعيش فقيراً ويقتل في أحد فقيراً، فلا يجدون له كفناً كاملاً، وبهذه النفوس الكبيرة عز المسلمون، وانتشر الإسلام في الأرض.
وإن استعظام أمر الدنيا، والغرق في ملذاتها، والغرور بزينتها هو الذي أضاع الأندلس يوم ضاعت، وهو السبب في تسلط الصليبيين في القرن الخامس فاحتلوا بيت المقدس تسعين سنة، وهو الذي بسببه سُلط التتر حتى استباحوا دار الخلافة الإسلامية. وبسبب حب الدنيا ضُرب الاستعمار على جُلِّ بلاد المسلمين، وسقطت حواضر الإسلام في أيدي الأعداء، وبسبب حب الدنيا وما فيها من جاه ومال نشأت العصبيات العرقية في المسلمين، وكان الولاء لها أعظم من الولاء للدين، ففاخر كل جنس بجنسه، وعلى إثر ذلك مزقت دولة الإسلام العظيمة، وفرقت إلى دول صغيرة يحرش الأعداء بينها.
إن حب الدنيا أدى إلى خذلان الإخوان، وممالأة الأعداء، وبيع الأوطان، واليهود ما كان لهم أن ينجحوا في احتلال فلسطين والبقاء فيها إلى الآن لولا خيانة العرب بعضهم بعضاً في الحرب وفي السلم، وكل ذلك بسبب حب الدنيا، وكل بلاد المسلمين التي احتلت في القديم والحديث ما كان للأعداء أن يستولوا عليها لولا الخيانات، والخونة دائماً مع من يدفع لهم أكثر، فكان حب الدنيا هو حجر الأساس في ذلك كله.
وحوصرت غزة حصاراً طويلاً شديداً ثم دكت بالقنابل والصواريخ وأحرقت، وتوصلت لجان دولية إلى إدانة اليهود في تلك الجريمة، وشهد بعض العرب على ذلك، وطالبوا بالتحقيق والعقاب لولا أن اليهود لوحوا بكشف أوراقهم التي تثبت تورط بعض العرب بتأييد هذه الجريمة ومعونة اليهود فيها على إخوانهم، فانقلب بعض العرب يدافعون عن اليهود، ويجعلون الضحايا مدانين.
ومع هذا الخذلان العظيم فإنه لا يستبعد أبداً أن يبيع بعض العرب القدس وأهلها ومسجدها المبارك لليهود بعرض من الدنيا ليقيموا على أرضها المباركة أحلامهم التوراتية..
ويتمادى حب الدنيا بصاحبه حتى لا يُبقي له ديناً ولا دنيا، وإن أهم سبب لخذلان المسلمين في عصرنا هذا وضعفهم وهوانهم وذلتهم على مستوى الأفراد والدول هو حب الدنيا، وتعلق القلوب بزينتها، وصدق الحسن البصري رحمه الله تعالى حين قال:«حب الدنيا رأس كل خطيئة» ولو أيقن المسلمون بحقيقة الدنيا، وعملوا بمقتضى يقينهم فيها؛ لما جعلوها أكبر همهم، ولا غاية قصدهم؛ فإنها إلى زوال، وإن الآخرة هي دار القرار [أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ] {الشعراء:205-207}.
وصلوا وسلموا...
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى