لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

أهمية صلاة الفجر  Empty أهمية صلاة الفجر {الخميس 17 نوفمبر - 23:47}

مراد عياش اللحياني
أهمية صلاة الفجر

الخطبة الأولى :

أما بعد: وبعد ظلام الليل الحالك يتنفس الصبح بضيائه، ويرسل إلى الكون خيوط الصباح الأولى مؤذنًا ببدء يوم جديد، ويشهد الكون في تلك اللحظات المهيبة صراع النور والظلمة واعتراك الليل والنهار، ويبصر ميلاد يوم جديد، ويُقبل الفجر في زُهُوّه وبهائه يتهادى اختيالاً، مِلءَ عينيه أسرار وأخبار.

وفي هذا الوقت البديع المبارك يدوّي في سماء الكون النداء الخالد، نداء الأذان لصلاة الفجر، فتهتف الأرض كلها: الله أكبر الله أكبر، الصلاة خير من النوم. وتكون صلاة الفجر فاتحة اليوم في حياة المسلم، لكأنما يعلّم الإسلام أهله أن يبدؤوا كل أمر بطاعة الله والإقبال عليه والإنابة إليه، وكأنما هي شكر لله على نعمة الإصباح بعد الإظلام. ويبدأ وقت صلاة الفجر من ظهور الفجر الصادق إلى طلوع الشمس، والسنة فيها التعجيل، فيصليها بغَلَس قبل الإسفار.

أيها المسلمون، ما من جديد سأذكره عن صلاة الفجر، ولكنها كلمات نُصْح أوجّهها لكم عن هذه الشعيرة بالذات؛ فنحن نعيش أيام الصيف حيث يقصر الليل ويطول النهار، وحيث يتمتع قطاع عريض من مجتمعنا بإجازة لا عمل فيها، فيكثر السهر ومن ثم يكثر النوم عن صلاة الفجر.

إنك لو وازنت بين عدد المصلين هذه الأيام في صلاة الفجر وفي غيرها من الصلوات لرأيت عجبًا! هل لي أن أطالب نفسي وإياكم بأن يحصي كل فرد مقدار ما فاته من صلاته الفجر في جماعة منذ بداية شهرنا هذا ؟! هل حاولت إحصاء ذلك؟! كيف كانت النتيجة؟! أليست محزنة؟!

وإذا كنت أدركت الفجر جماعة فهل لي أن أسأل عن سُنّتها القَبْلِية؟!

لقد جرى مرة استفتاء محدوداً شمل عدداً ممن نحسبهم راغبين في الخير فكانت النتيجة مرعبة، ستة عشر في المئة فقط هم الذين لم تفتهم صلاة الفجر خلال أسبوعين!

فهل يسوغ لنا ويقبل منا مثل هذا التفريط؟

أيها المسلمون، لقد سَمّى الله هذه الصلاة العظيمة: قُرْءانَ الْفَجْر، فقال سبحانه: ( أَقِمِ لصَّلَوةَ لِدُلُوكِ ;لشَّمْسِ إِلَى; غَسَقِ ;لَّيْلِ وَقُرْءانَ ;لْفَجْرِ إِنَّ قُرْءانَ ;لْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) ، قال ابن كثير رحمه الله: \"يعني صلاة الفجر\". وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ; عن النبي ; قال: ((تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح))، يقول أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم: (وَقُرْءانَ لْفَجْرِ إِنَّ قُرْءانَ ;لْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا).

وهكذا تكون صلاة الفجر مجتمعًا للملائكة ومحفلاً من محافل الخير والطاعة والعبادة، لا يحضره إلا كل طاهر مطهر من الأبرار، يستحق أن يكون في ضيافة الرحمن، عن أبي أمامة ; عن النبي ; قال: ((من توضأ ثم أتى المسجد فصلى ركعتين قبل الفجر ثم جلس حتى يصلي الفجر كتبت صلاته يومئذ في صلاة الأبرار، وكتب في وفد الرحمن)) رواه الطبراني بإسناد حسن.

وليست هذه فضيلة صلاة الفجر الوحيدة، بل قد تكاثرت النصوص بما لهذه الصلاة من فضائل، فهل تعلم ـ يا عبد الله ـ أن صلاة الفجر تعدل قيام الليل؟! روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن عفان ; قال: سمعت رسول الله ; يقول: ((من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلّى الصبح في جماعة فكأنما صلّى الليل كله))، وروى مالك بسند صحيح أن عمر بن الخطاب ; فَقَدَ سليمان بن أبي حثْمة في صلاة الصبح، فمَرّ على الشِّفاء أم سليمان فقال لها: لم أر سليمان في الصبح! فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه، فقال عمر: لأن أَشْهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة. رحمك الله يا عمر ورحمك الله يا سليمان بت تصلي فغلبتك عيناك.

فكيف بالذين يغلبهم النوم وهم أمام القنوات الفضائية ينتقلون من قناة إلى أخرى.
وكيف بالذين لا يغلبهم النوم، ولكن تغلبهم الشهوات .

كيف بالذين يسهرون على الأرصفة أو في بطون الأودية والشعاب لا يرجون لله وقارا.

إن المحافظة على صلاة الفجر وصية النبي والصحابة من بعده لأمة الإسلام؟! فعن أبي الدرداء ; أنه لما حضرته الوفاة قال: أحدّثكم حديثًا سمعته من رسول الله ; ، سمعت رسول الله ; يقول: ((من استطاع منكم أن يشهد الصلاتين: العشاء والصبح ولو حبوًا فليفعل)) رواه الطبراني في الكبير وهو حديث حسن.

إن خروجك للمسجِد في صلاةِ الفجر نورٌ يكون لك يومَ القيامة ؟! عن سهل بن سعد الساعدي; قال: قال رسول الله ; :((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) رواه أبو داود والترمذي وهو صحيح .

إن صلاة الفجر أمان وحفظ من الله لعبده؟! فعن سمرة بن جندب عن النبي قال: ((من صلّى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله تعالى)) رواه ابن ماجه بسند صحيح.

إن محافظتك على صلاةِ الفجر في الجماعةِ وملازمتُك على ذلك سببٌ يؤدِّي إلى نظَرك إلى وجه ربِّك في دار كرامته، وهذا أعظمُ نعيمٍ أنعم الله به على أهلِ الجنة، ؟! ففي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي أن النبي قال: ((أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامّون في رؤيته, فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا))، يعني صلاة العصر والفجر، ثم قرأ: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا).

إن محافظتَك على صلاةِ الفجر في الجماعة أمنٌ لك من عذابِ الله، أمنٌ لك من سَخَط الله، سببٌ لرضا الله عنك.ففي صحيح مسلم من حديث جُندَب بن عبد الله; أن النبي ; قال: ((من صلّى الصبح فهو في ذمة الله, فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء, فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه, ثم يكبه على وجهه في نار جهنم)).

إن صلاة الفجر سبب للفوزٌ بجنَّات ربِّ العالمين، ؟! عن أبي موسى ; أن رسول الله ; قال: ((من صلّى البردين دخل الجنة)) رواه البخاري ومسلم، والبردان هما الصبح والعصر.

إن صلاة الفجر في الجماعةِ سِتر لك من النار ؟! فعن أبي زهير عمارة بن رويبة; قال: سمعت رسول الله; يقول: ((لن يَلِج النار أحد صلّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)) يعني: الفجر والعصر. رواه مسلم.

أيها المسلمون، ولما كانت صلاة الفجر بهذه المنزلة العظيمة كان التفريط فيها جرمًا كبيرًا وغفلة غير يسيرة، قال ابن عمر رضي الله عنهما: (كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظنّ)، وعن أبي بن كعب; قال: صلى بنا رسول الله يومًا الصبح فقال: ((أشاهد فلان؟)) قالوا: لا، قال: ((أشاهد فلان؟)) قالوا: لا، قال: ((إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموها ولو حَبْوًا على الركب)) رواه أحمد وأبو داود بسند حسن.

أيها المسلمون، لقد تعلّقت قلوب السلف رضي الله عنهم بهذه الصلاة لما علموا من جليل فضلها وسوء عاقبة التخلّف عنها، فكانوا أحرص الناس عليها، حتى لقد قال عبد الله بن مسعود: (ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يَتَهَادَى بين الرجلين حتى يقام في الصف). وها هو رسول الله; نبي الأمة وهاديها يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر، يقول: ((الصلاة يا أهل البيت، (إِنَّمَا يُرِيدُ للَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيرًا))) رواه الترمذي. إنه حرص نبوي وتربية لابنته على أن تحرص على صلاة الفجر في وقتها.

وكان علي بن أبي طالب يمر في الطريق مناديًا: (الصلاة، الصلاة)، يوقظ الناس لصلاة الفجر، وكان يفعل ذلك كل يوم. وحين اشتكى الإمام سعيد بن المسيب عينه قالوا له: لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة لوجدت لذلك خفة، يدعونه للتنزه في ضواحي المدينة حيث الخضرة والجو الطليق، فقال لهم: فكيف أصنع بشهود العَتَمَة والصبح؟! وتزوج الحارث بن حسان في ليلة من الليالي فحضر صلاة الفجر مع الجماعة، فقيل له: أتخرج وإنما بنيت بأهلك الليلة؟ فقال: والله إن امرأة تمنعني من صلاة الغداة في جمع لامرأة سوء. وقام عبد الرحمن بن مهدي ليلة حتى جهد، فلما طلع الفجر رمى بنفسه على الفراش فنام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، فقال: هذا مما جنى عليّ الفراش، فجعل على نفسه أن لا يجعل بينه وبين الأرض شيئًا شهرين. ومكث الإمام مدين بن أحمد الحميري دهرًا إلى حين وفاته لا تفوته التكبيرة الأولى من صلاة الصبح، ويمكث في مصلاه وهو على طهارة إلى أن يركع الضحى وربما جلس بعد ذلك. وبقي الشيخ الغرناطي نحوًا من عامين أو أزيد يخرج للصلوات الخمس يُهَادَى بين رجلين لشيء كان برجله حتى كان بعض أصحابه يقول: الغرناطي حجة الله على من لم يحضر الجماعة.

وكانوا يرون فَوْتَ صلاة الفجر في الجماعة خَطْبًا جَلَلاً يستحق العزاء. قال حاتم الأصم: فاتتني صلاة الجماعة، فعزّاني أبو إسحاق البخاري وحده، ولو مات لي ولد لعزّاني أكثر من عشرة آلاف؛ لأن مصيبة الدين أهون عند الناس من مصيبة الدنيا.

فأين نحن ـ معاشر الأحبة ـ من هدي من سبقونا؟ وهذا شيء يسير من أخبارهم.

الخطبة الثانية :

عباد الله إن هذا الكم الهائل من النصوص والآثار في صلاة الفجر والجماعة لهو رسالة موجهة إلى النفس التي حجبتها الشهوات والشبهات عن طاعة الله فتقاعست عن صلاة الفجر، وهي الشعار الصريح والفيصل الواضح بين الصالح والمنافق.

هل من محاسبة للنفس قبل أن تحاسب، هل تأملنا قول المؤذن [الله أكبر] وتساءلنا، هل الله أكبر من كل شيء، أكبر من السهر على المعصية، أكبر من متعة الفراش، أكبر من البيع والشراء، أكبر من الدنيا بأسرها ومشاغلها الفانية.

يا عبد الله، يا عبد الله ربما تصلي الفجر في جماعة فيصلى عليك في الظهر فكن في ذمة الله وجواره ولا تنقض العهد، فكم من نفس أصبحت في الدنيا وأمست في الآخرة، وكم من نفس أمست بفرح وأصبحت بحزن، اغتنم صحتك قبل مرضك، قيل لأحد المقعدين المشلولين نتيجة حادث :

ماذا تتمنى؟ قال: صلاة الجماعة ، فاحمد الله يا عبد الله واعمل قبل أن يحال بينك وبين العمل.

عباد الله، إن هذا النداء نوجهه إلى كل مؤمن ممن لا يزال في قلبه خوف من الله ويعلن صباح مساء أنه من أهل المساجد وأنه يحافظ على كثير من الصلوات، لكنه يتخلف عن صلاة الفجر.

وإن هذا التخلف ظاهرة سيئة وبادرة خطيرة تنذر بالعقوبة وتبعث على الخوف وتستدعي النصح والإرشاد وتوجب بذل الأسباب المعينة لتلافيه وتعاطي العلاج قبل أن يستفحلَ المرض ويعظم الداء ويعز الدواء.

ولعل أهم خطوة في طريق العلاج استشعار أهمية هذه الصلاة وإدراك قيمتها، وأن تركها والتهاون فيها سمة من سمات المنافقين وعلامة من علامات الخاسرين . وعليك بأذكار النوم ودعاء الله في الوتر أن يوفّقك للقيام، وابتعد عن المعاصي جملة وتفصيلاً فإن المعاصي تقيّد المرء عن الطاعة، وهي سلاسل وأغلال في عُنُق صاحبها تمنعه من العمل الصالح.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى