لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

هم الدين Empty هم الدين {الإثنين 21 نوفمبر - 9:01}

الشيخ/ إبراهيم بن صالح العجلان
هم الدين

الخطبة الأولى

معاشر المسلمين:

هم بالليل ، وذل بالنهار , يشغل البال ، ويكدر الحال ، يكسر الفؤاد ويستخفي صاحبه عن العباد ، استعاذ منه النبي صلى الله عيه وسلم ، وتساهلنا فيه ، حتى غصت محاكمنا من التشاكي به .

إنها قضية الديون , تلك القضية التي كبلت أخافت قلوب الأمناء ، وأذلت كرائم الشرفاء .

قضية الدين ظاهرة فشت وعمت , وانتشرت وطمت , وارتفع سعارها وتعالى لهيبها .

مكاتب تحصيل الديون في أزدياد , وشركات التقسيط تعد الناس بعيش رغيد وحياة هنيئة , وعروض الاستدانة وتسهيلات الاستقراض من البنوك توز الناس إليها أزاً , ناهيكم عن البطاقات الائتمانية التي تجر المستهلك إلى سكرة الشراء ، وشراهة الإسراف , ناسياً أو متغافلاً مغبة الشراء , ومرارة التقسيط غداً .

وليس سراً أن ديون المواطنين هنا والمستحقة للبنوك فقط بلغت إلى بداية هذا العام مئة وتسعين ملياراً كما أظهرت إحدى الدراسات الاقتصادية .

عباد الله :

ولنا مع ظاهرة الاستقراض والاستدانة وقفات عدة , علها تساعد في تذكير النفس ، وإصلاح السيرة ، وإكمال المسيرة .

الوقفة الأولى:

أّنَّ هذا الدِّين العظيم جاء بالحث على التكافل بين أفراده والحض على التعاون بينهم , ومن صور هذا التكافل والتعاون مشروعية القرض فأباح للمحتاج أن يستدين عند حاجته {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ..}البقرة282وجعل الإسلام إقراض الآخرين قربة يتقرب بها العبد لدربه تعالى وفي الحديث [ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتها مرة] رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني .

وخير البشر محمد صلى الله عليه وسلم استدان وقضى دينه , روى مسلم في صحيحه أنه عليه الصلاة والسلام استدان من رجل بكراً ، فقدمت إليه أبل من أبل الصدقة ، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فلم يجد إلا خياراً رباعياً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء .

بل وعد ربنا سبحانه وتعالى المستدين إذا صلحت نيته , وصدق في قضاء دينه بالمعونة والسداد .

قال صلى الله عليه وسلم : [من أخذ أموال الناس يريد أدائها، أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها اتلف الله تعالى ] خرجه البخاري في صحيحه .

وهذا الاتلاف عباد الله قد يكون حسياً فيتلف الله عليه نفسه أو مكاسبه , وقد يكون معنوياً بان يمحق الله بركة ما أخذه ويضيق عليه أموره، ويعسره دون أسباب الرزق .

الوقفة الثانية :

أن هذا الدين وإن كان في أصله مباحاً إلا أنه قد حف بمخاطر مفزعة ، ينبغي ألا تغيب عن كل من طلب الدين , وابتغى القرض

اسمع إلى خبر ذلك الرجل الذي مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد رخصت عليه نفسه ، وحداه شوقه إلى جنات ونهر ، وتعالت همته لاسترضاء مليك مقتدر , فيقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياى؟ فقال له رسول الهدي : نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر , فلما ولى الرجل دعاه رسول الله صلى الله عيه وسلم قال : كيف قلت ؟ قال : أرأيت إن قلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي فقال رسول الله : نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر , إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك .

بل بلغ من الترهيب من أمر الدين أن أرحم الخلق بالخلق وخير الخلق للخلق محمداً صلى الله عليه وسلم كان إذا أوتى إليه برجل متوفى ليصلي عليه سأل هل عليه من دين ؟ فإن قيل : نعم , سأل هل ترك وفاء ؟

فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه , وإلا قال : صلوا على صاحبكم .

توفي رجل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وعليه دين فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر سأل : هاهنا من بني فلان أحد ؟ قالها ثلاثاً .

فقام رجل فقال أنا منهم ، فقال عليه الصلاة والسلام : إن صاحبكم محبوس عن الجنة بدينه ، رواه أحمد بسند صحيح .

وفي لفظ عند أبي داود ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه) .

ولذا – عباد الله – كان حبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يستعيذ من الدين .

قال أنس بن مالك رضي الله عنه : كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكثيراً ما سمعته يقول : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل ، والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال .

( ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله )

بهذه الكلمات يسأل المصطفى صلى الله عليه وسلم , فيأتي الجواب : إن الرجل إذا عزم حدث فكذب ووعد فأخلف .

وهاهو الفاروق رضي الله عنه بلغ من استشعاره لخطر الدين أنه كان كثيراً ما ينهي الناس عنه ، ومن مأثور قوله : إياكم والدَّين فإن أوله همٌّ وآخره حرب .

لذا عباد الله فإن من سعادة العيش , وطيب الحياة أن يسلم المرء من هواجس الدين ومخاطره , وتنام عينه بعند ذلك ملئ جفونها بلا دين مقلق ولا غرم منتظر .

الوقفة الثالثة :

ما هو واقعنا مع الدين , وكيف التجأنا إليه , ولماذا طرقنا بابه ؟

ليس عيباً إخوة الإيمان أن يستدين المرء ويقترض إذا ألجأته الظروف أو نزلت به حاجة , فرسول الهدى استدان من حاجة وقضى دينه , واشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ورهن درعاً من حديد عند اليهودي .

معذور أن يستدين المرء لأجل علاج مرضه أو مداوة مريضه .

مقبول أن يقترض الإنسان لإكمال أمر زواجه وإعفاف نفسه .

لا تثريب أن يستلف الرجل لإتمام بناء منزله وإكماله .

ولكن العجب من أناس ولجو لجج الدين وذاقوا علقمه لأجل مجاراة في كماليات ، أو تنافس في مظهريات .

فهذا يستدين من أجل تغيير أثاثه ، وآخر له في كل إجازة موعد مع القروض للسفر والسياحة , وثالث يقترض لمواكبة كل جديد، وامتلاك ما رآه عند غيره , ورابع جعل الاستدانة مهنته كلما لاحت إليه رغبة , أو هامت بخاطره نزوة , فتراه يقترض من هذا , ويستدين من ذاك , ثم لا يعبأ بعد ذلك بإراقة ماء وجهه , فيقرع الأبواب , ويلحف في المسألة، ويتمسكن في الكلام , وقد كان في سعة وغنى عن مثل هذه المواقف .

عباد الله : إن من التعقل والاتزان الذي يدعوا إليه الشرع والعرف أن لا يلجأ الإنسان للدين إلا عند الاضطرار , وأن يكبح المرء جماح هوى نفسه، ويؤطرها على العفاف أطراً , وأن يمد عينه إلى من هو دونه ، فهو أحرى أن لا يزدري نعمة ربه عليه , وفي الحديث : [ أرض بما قسم الله لك تكون أغنى الناس ] خرجه أحمد وهو حديث حسن .

الوقفة الرابعة:

يا أيها العبد المؤمن، إن ألجأتك حاجتك للدين فأصلح النية، وأصدق العزيمة في سداده ، تذكر يا صاحب الدين .... أن الدين أمانة يجب المسارعة في قضائها {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}النساء58 .

ظلم شنيع , وجرم فظيع أن تماطل في قضاء دينك قال صلى الله عليه وسلم: [ مطل الغنى ظلم ] ،

تذكر يا رعاك الله أن هذه المماطلة خلق تأباه شيم النفوس العزيزة وأنه لا حرمة لعرضك بعد ذلك , قال صلى الله عيه وسلم : [ لي الواجد يحل عرضه وعقوبته] رواه البخاري في صحيحه

لا تضجر من تظلم وعتاب صاحب الحق عليك ، فإن لصاحب الحق مقالاً .

إعرابي استدان منه النبي صلى الله عليه وسلم ديناً , فجاء يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم السداد , فقال له رسولنا صلى الله عليه وسلم ـ وهو لا يملك شيئاً ـ: ليس عندنا اليوم شيء ، فإن شئت أخرت عنا , فصاح الإعرابي واغدراه ، فنهره الناس , ودارت عينا عمر رضي الله عنه في رأسه فصاح بالرجل أيغدر رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر : دعه فإن لصاحب الحق مقالاً .

يا من أقلقه دينه واثقله وفاءه خذ بالأسباب , وضاعف العمل والتكسب، {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }الملك15.

أجعل قضاء الدين همك الأول والأخير , ولا تستقلل المدفوع , فالقليل مع القليل يكون كثيراً , وما السيل إلا اجتماع النقط .

أخي صاحب الدين استعن على وفاء دينك بتقوى الله تعالى , اتقي الله فيما أخذت وما أعطيت , فما اتقى عبد ربه إلا جعل له من أمره يسراً وجعل له مخرجاً , ورزقه من حيث لا يحتسب .

أخي المكروب بدينه إذا ضاقت بك الهموم واستثقلت الغموم , فيمم وجهك شطر السماء , وبث شكايتك لرب البشر , وأطرح ضرك بين يديه فهو سبحانه مزيل اللواء , وكاشف البأساء .

يا من أعياه دينه ردد في صبح ومساء هذه الكلمات التي قال عنها خير البرية صلى الله عليه وسلم : لو كان عليك مثل جبل صبير ديناً لأداه الله عنك ( اللهم أكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك ) خرجه الترمذي وحسنه الألباني.

فبادر أخي المديون بوفاء دينك قبل أن تبادرك المنايا , وتذكر موقفا تجثو فيه الركب وتشيب منه مفارق الولدان ,وليس ثمة إلا الحسنات والسيئات

قال صلى الله عيه وسلم : (من مات وعليه دينار ، أو درهم، قضي من حسناته ليس ثم دينار ولا درهم) رواه أحمد وابن ماجه وهو حديث صحيح .

اقول ما سمعتم واستغفر الله العظيم .





الخطبة الثانية

أما بعد فيا إخوة الإيمان:

ووقفة خامسة: نقف فيها مع أصحاب الأيادي البيضاء , الذين طابت أنفسهم وطابت أيديهم فأقرضوا أخوانهم قرضا حسنا ، وكانوا سبباً في تفريج همومهم ، وإعانتهم على قضاء حوائجهم .

أعلم يا من حباك إلى هذه النعمة أن خدمة الناس والوقوف معهم في نوائبهم برهان على طيب المعدن , ونقاء الأصل وشهامة الطبع ، وسخاء النفس .

نعمة من الرحمن على العبد في ديناه أن يجعله مفتاحاً للخير , صانعاً للمعروف مفرجاً لضائقة أخوانه ومداويا لضرهم ( ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ) .

قال صلى الله عليه وسلم : ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات , وأهل المعروف في الدينا هم أهل المعروف في الآخرة ) رواه الحاكم وصححه الألباني .

يا أصحاب المعروف اتبعوا المعروف بالمعروف , وانظروا المعسر إلى حال الميسرة واستمعوا إلى من أعطاكم ومنع ، وسن لكم وشرع ، فقال سبحانه (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة)

فيا من يرجو الله واليوم الآخر، خفف عن أخوانك المعسرين وأنظرهم إلى حال ميسرتهم .

أصبر وأحتسب ، وابشر بأجرك ، ممن لا يضيع أجر من أحسن عملاً .

قال صلى الله عليه وسلم : [من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله] خرجه مسلم في صحيحه .

تذكر يا رعاك الله أن هذه الأيام التي تؤخرها عن غريمك مدخرة لك وحسناتك في ميزانك .

قال صلى الله عليه وسلم : ( من انظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة) رواه الإمام أحمد بسند صحيح .

وقص لنا نبينا صلى الله عليه وسلم خبر ذلك التاجر الذين كان يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفيتانه تجاوزا عنه , لعل الله أن يتجاوز عنا قال صلى الله عليه وسلم : فتجاوز الله عنه .

يا أهل المعروف يسروا وسامحوا وارحموا فإنما يرحم الله من عباده الرحماء .

وفي الحديث ( رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى )

فحق على من بلغه عن نبيه صلى الله عليه وسلم هذا الأجر والفضل ، أن تطيب نفسه ,ويحتسب أجره ، وتمتد عينه لثوب الآخرة , والآخرة خير وأبقى .

نسأل الله تعالى أن يجزي كل صاحب معروف على معروفه، وأن يبارك له في ولده وماله ، ويديم عليه صحته وعافيته، وأن يحفظه بعنايته ويكلؤه برعايته .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى