مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل
موت الفجأة
حكمه، أنواعه ، التأهب له
الخطبة الأولى
الحمد لله العليم الحكيم؛ خلق عباده فقسم أرزاقهم، وضرب آجالهم، فلا يتقدم الموت على أحد قبل أجله، ولا يتأخر عنه [وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ] {المنافقون:11} نحمده على ما أعطانا، ونشكره على ما أولانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يقضي على عبده المؤمن بقضاء إلا كان خيرا له، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ اصطفاه الله تعالى من بين العالمين خاتما لرسالاته، وإماما لأنبيائه ورسله، وشفيعا يوم القيامة لعباده، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه؛ خير هذه الأمة علما وعملا، رضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل الجنة مأواهم، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى، والعمل بطاعته، واجتناب معصيته؛ فإننا لا ندري متى نفارق دنيانا إلى قبورنا، ونجهل الحال التي يختم بها لنا، ولا نعلم أي عمل نلقى به ربنا، والموت قد تسبقه إلى العبد نذُرٌ وعلامات من مرض مهلك، أو حرب مبيدة، أو حكمٍ من بشر بقصاص أو قتل سواء أكان بحق أم بباطل. وقد يأتي الموت للعبد بغتة على أتم حال يكون فيها وأحسنها، وهذا الذي يفجع الأحياء، ويخافه الناس على أنفسهم؛ لقلة الزاد، وضعف الاستعداد.
وهذا يوجب على العباد الخوف الدائم، وترقب الموت في أي لحظة، [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ] {الحجر:99}.
أيها الناس: فطر الله تعالى الأحياء كلها على الخوف من الموت، واتقاء أسبابه، واجتناب مظانه، كما فطرهم على التشبث بالحياة، وبذل الغالي والنفيس فيها، يستوي في ذلك الصغير والكبير، والمجنون والعاقل، والإنسان والحيوان، والمؤمن والكافر، والبر والفاجر، ولا يفرط الإنسان في الحياة إلا لمعنى في نفسه أعظم منها كبذل المجاهد نفسه رخيصة في سبيل الله تعالى. ومع أن الأحياء تَفِرُّ من الموت، وتتقي أسبابه، فإن كل مخلوق لا بدَّ أن يموت [كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ] {الرَّحمن:27}.
وإذا كان همُّ الكافر في الدنيا أن يستمتع بملذاتها، ويعب من شهواتها فإن همَّ المؤمن في الدنيا عمارة الآخرة، والتزود من الباقيات الصالحات؛ مستحضرا الموت والقبر والحساب والجنة والنار، فمن فعل ذلك كانت دنياه مطية لآخرته ومزرعة لها، وكان فراغه وصحته نعمة عليه يغبط عليها؛ كما قال النبي ـ‘صلى الله عليه وسلم ـ:( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ من الناس الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) رواه البخاري عن ابن عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ.
ونسيان الموت سبب للهو والغفلة والانغماس في الدنيا كما أن تذكر الموت سبب للزهد في الدنيا والإقبال على العمل الصالح؛ ولذا حثنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تذاكر الموت وعدم نسيانه لئلا نغفل فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ:( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادمِ اللَّذَّاتِ) رواه النسائي من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
وأكثر ما يخافه المؤمن في الموت أن يباغته وهو لم يتهيأ له، وإلا فإن المقدم على الموت لمرض أو نحوه تتغير حياته في آخر أيامه، فترخص عنده الدنيا وتعظم الآخرة، فيكون ما ألمَّ به من علامات الموت ومقدماته خيرا له؛ ذلك أن من عادة الإنسان التسويف في التوبة والعمل الصالح، وطول الأمل والرغبة في الدنيا، وكل ذلك من الغرور والشيطان.
ومن عجيب ما يقدر الله تعالى على الإنسان موت الفجأة ، ويكون عاما وخاصا:
أما العام فيشمل أهل بلاد بوقوع وباء مهلك يحصد الأرواح، ويملأ المقابر، ويتساقط الناس فيه سراعا، حتى تفنى أسر وعشائر بأكملها، وتغلق دور وتخلو مدن من ساكنيها، وقد يوصي المصاب بالوباء فيسبق الموت إلى وصيه قبله وهو سليم معافى، وربما عهد بوصيته لعشرة فماتوا تباعا وهم صحاح وهو مريض، وحفار القبور لا يرفع ظهره من كثرة من يدفنون فما يلبث أن يدفن هو فيما حفر من قبور، وكم من مغسل للموتى غسل على ذات السرير الذي يغسل الناس عليه، وقد وقع ذلك كثيرا في التاريخ في القديم والحديث، وفي الشرق والغرب.
وفي وقت الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ هلك كثير منهم ومن التابعين في طاعون عَمَوَاس الذي ضرب بلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فمات فيه خلق كثير، ومن مشاهير من مات فيه من الصحابة أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وزوجتاه وأولاده كلهم وأبو جندل ـ رضي الله عنهم ـ.
وكان أبو عبيدة أمير الشام فلما أصيب استخلف معاذا، فلما اشتد الوجع، وكثر الموتُ صرخ الناس إلى معاذ: ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز، فقال ـ رضي الله عنه ـ : إنه ليس برجز ولكن دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وشهادة يخص الله تعالى بها من يشاء منكم.
وكانت هذه الأوبئة العامة تنتقل من بلاد إلى بلاد، وتعاود الظهور زمانا بعد زمان، وتشمل أحيانا الإنسان والحيوان كما وقع في أخريات القرن الخامس إذ كثرت الأمراض بالحمى والطاعون في العراق والحجاز والشام وأعقب ذلك موت الفجأة ثم ماتت الوحوش في البراري ثم تلاها موت البهائم حتى عزت الألبان واللحوم، فيما ذكره المؤرخون.
ولما منَّ الله تعالى على البشرية باكتشاف أمصال و تلقيحات ضد الأمراض المعدية، والأوبئة الفتاكة كانت الأعاصير والزلازل والفيضانات ميادين رحبة لموت الفجأة.. تضرب بلادا في لحظة فتهلك أهلها وتتركها خرابا يبابا، ولا قدرة للبشر على مواجهتها أو دفعها أو تخفيفها.
وعقب اختراع الطائرات والسفن العملاقة أضحت مجالا جديدا من مجالات موت الفجأة بسقوط الطائرات وغرق السفن، فتهلك فيها أنفس كثيرة ما كانت تظن أن ركوبها فيها هو آخر العهد بالحياة.
وأما الموت المفاجئ الخاص فيقع لفرد أو أسرة على إثر هدم أو حريق أو غرق أو نحوه، ثم كانت حوادث السيارات في العصر الحاضر من أوسع المجالات الفردية لموت الفجأة، يخرج الرجل أو الأسرة من منزلهم بسيارتهم فيؤتى بهم إلى ثلاجة الموتى.
وقد يموت العبد بشيء لا يظن أنه يموت به أبدا، وفي حجة الوداع وقع رجل في عرفة من راحلته فوقصته فمات، وكم من سقوط لا يميت في العادة هلك به صاحبه، وكم من ضربة لا تؤلم مات المضروب بها، وليست إلا مقادير قُدِّرت على بني آدم، كانت هذه أسبابها، كبرت الأسباب أم صغرت.
وموت الفجأة لا يُذم ولا يمدح، فقد يكون رحمة للمؤمن الطائع كما يكون عقوبة على الكافر والفاجر، فمن كان مستعدا للموت كل حين بالإيمان والعمل الصالح فإن موت الفجأة رحمة في حقه، وتخفيف عليه. ومن كان متثاقلا عن الطاعات، مسارعا إلى المحرمات فإن موت الفجأة نقمة عليه وعذاب في حقه؛ لأن الميت يبعث يوم القيامة على ما مات عليه؛ ولأنه لا يتمكن من التوبة، ومن أداء ما عليه من الحقوق؛ ولذا كان موت الفجأة كأخذة الغضب، وجاء في حديث عند أبي داود عن عُبَيْدِ بن خَالِدٍ السُّلَمِيِّ :(مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسِفٍ) أي غضبان. قال النخعي ـ رحمه الله تعالى ـ : إنْ كانوا ليكرهون أخذةً كأخذةِ الأَسِف.
وأهل اللغة يسمون موت الفجأة الموت الأبيض، ومعنى بياضه خلو صاحبه من الاستعداد له بتوبة واستغفار وقضاء حق وغير ذلك، من قولهم بيضت الإناء إذا فرغته.
أسأل الله تعالى أن يحسن خواتمنا، وأن يرزقنا الاعتبار بغيرنا، والاستعداد لما أمامنا، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، [رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] {البقرة:201} بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم....
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أيها المسلمون: جاء في حديث ضعيف، وحسنه بعض أهل العلم أن من اقتراب الساعة ظهور موت الفجأة، وموت الفجأة موجود من قديم الزمان ولكن ظهوره وانتشاره في الأزمان المتأخرة أكثر منه في الزمان المتقدم، وفي زمننا هذا يكثر موت الفجأة بالسكتات القلبية، أو الجلطات الدماغية، أو الذبحة الصدرية، أو ارتفاع ضغط الدم أو السكر أو انخفاضهما، ترى الرجل الشديد المعافى الذي لا يشكو بأسا فيصرع فجأة بأحد هذه الأعراض، أو ينام فتكون نومته الكبرى، والدراسات الطبية تثبت أن موت الفجأة بهذه الأعراض يزداد يوما بعد يوم حتى أضحى ظاهرة معلومة، وفي البلاد المتقدمة في الطب ظهر فيها أن أمراض القلب هي السبب الأول للوفاة.
والملاحظ أن غالب هذه الأعراض المميتة تنشأ عن توتر القلب وعدم استقراره وراحته بسبب صخب الحياة وإزعاجها في هذا الزمن، وكثرة المشكلات وتعقدها، والقلق والتوتر يلازمان أكثر الناس؛ ولذا فهم أحوج ما يكونون إلى سلامة قلوبهم واستقرارها وعدم توترها، وأنفع علاج لذلك الديمومة على ذكر الله تعالى؛ فإن به راحة القلوب وطمأنينتها [الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ] {الرعد:28} وللصلاة تأثير عجيب على القلب وإراحته، وإفراغ ما فيه من شحنات التوتر والقلق؛ والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( كان إذا حَزَبَهُ أَمْرٌ صلى) وكان يقول:( يا بِلاَلُ أَرِحْنَا بِالصَّلاَةِ)رواهما أحمد.
وموت الفجأة لا يخرج عن قدر الله تعالى وتدبيره، ومعلوم أن الدعاء يرد القدر، وكان من دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(اللهم إني أَعُوذُ بِكَ من الْهَدْمِ وَأَعُوذُ بِكَ من التَّرَدِّي وَأَعُوذُ بِكَ من الْغَرَقِ وَالْحَرَقِ...) رواه أبو داود عن أبي الْيَسَرِـ رضي الله عنه ـ .
والجامع بين هذه الأربعة شدتها وكونها فجأة وروى ابن عُمَرَ ـ رضي الله عنهما ـ قال:( كان من دُعَاءِ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ اللهم إني أَعُوذُ بِكَ من زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ) .
وموت الفجأة قد يكون من فُجاءة النقمة، ثم إن فجع الإنسان بموت صفي أو قريب فيه زوال النعمة، وتحول العافية؛ ولذا تعوذ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ذلك، وحري بمن يخاف الفواجع والمفاجآت أن يحافظ على هذا الدعاء المبارك.
ومن الأدعية النافعة في اتقاء مفاجأة البلاء في النفس والولد ما جاء عن عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ ـ رضي الله عنه ـ قال سمعت رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:(من قال بِسْمِ اللَّهِ الذي لَا يَضُرُّ مع اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرض ولا في السَّمَاءِ وهو السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لم تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حتى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حين يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لم تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حتى يُمْسِيَ)رواه أبو داود وصححه الترمذي وابن حبان.
وليتق العبد ظلم الناس والتعدي عليهم وبخسهم حقوقهم، فكم من مظلوم دعا على ظالم في ماله وولده، فاستجيب له ففقد الظالم ماله، ومات أولاده أمامه.
وقد جاء عن مطرف بن عبد الله ـ رحمه الله تعالى ـ : أنه كان بينه وبين رجل كلام فكذب عليه فقال مطرف : اللهم إن كان كاذبا فأمته فخر مكانه ميتا، فرفع ذلك إلى الوالي فقال: قتلت الرجل، قال لا ولكنها دعوة وافقت أجلا.
ولما كان موت الفجأة أخذةُ أَسِفٍ في حق المفرط، والأسِفُ هو الغضبان؛ فإن مما يطفئ غضب الله تعالى الصدقة كما جاء عن أَنَسِ ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :( إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ عن مِيتَةِ السُّوءِ) رواه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وصححه ابن حبان.
ومن مات له قريب فجأة فليحتسب ويصبر فور علمه لأن الصبر عند الصدمة الأولى كما جاء في الحديث، ويسعى في نفعه بالصدقة عنه، والدعاء له، وإبراء ذمته من الحقوق التي عليه؛ كما روت عَائِشَةُ ـ رضي الله عنها ـ أَنَّ رَجُلًا قال لِلنَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأَظُنُّهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ فَهَلْ لها أَجْرٌ إن تَصَدَّقْتُ عنها قال نعم) متفق عليه.
وبما أن الموت قد يفجأ العبد في أي لحظة فواجب عليه أن يكون مستعدا له بالتوبة والاستغفار والعمل الصالح، ومجانبة الموبقات وسائر المحرمات، وأن يكتب وصيته لبيان ما له على الناس، وما للناس عليه، وكتابة الوصية لا تقرب الأجل، كما أن عدم كتابتها لا تبعده، روى ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أَنَّهُ سمع رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:( ما حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ له شَيْءٌ يوصى فيه يَبِيتُ ثَلَاثَ لَيَالٍ إلا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ قال عبد الله بن عُمَرَ: ما مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سمعت رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ذلك إلا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي) رواه الشيخان.
ومن كان مستعدا للموت بالعمل الصالح فإنه لا يخشى مفاجأته، قال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غدا ما قدر أن يزيد في العمل شيئا، قال الذهبي: كانت أوقاته معمورة بالتعبد والأوراد. وعن أبي عوانة قال: لو قيل لمنصور بن زاذان إنك تموت غدا ما كان عنده مزيد.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد....
موت الفجأة
حكمه، أنواعه ، التأهب له
الخطبة الأولى
الحمد لله العليم الحكيم؛ خلق عباده فقسم أرزاقهم، وضرب آجالهم، فلا يتقدم الموت على أحد قبل أجله، ولا يتأخر عنه [وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ] {المنافقون:11} نحمده على ما أعطانا، ونشكره على ما أولانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يقضي على عبده المؤمن بقضاء إلا كان خيرا له، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ اصطفاه الله تعالى من بين العالمين خاتما لرسالاته، وإماما لأنبيائه ورسله، وشفيعا يوم القيامة لعباده، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه؛ خير هذه الأمة علما وعملا، رضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل الجنة مأواهم، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى، والعمل بطاعته، واجتناب معصيته؛ فإننا لا ندري متى نفارق دنيانا إلى قبورنا، ونجهل الحال التي يختم بها لنا، ولا نعلم أي عمل نلقى به ربنا، والموت قد تسبقه إلى العبد نذُرٌ وعلامات من مرض مهلك، أو حرب مبيدة، أو حكمٍ من بشر بقصاص أو قتل سواء أكان بحق أم بباطل. وقد يأتي الموت للعبد بغتة على أتم حال يكون فيها وأحسنها، وهذا الذي يفجع الأحياء، ويخافه الناس على أنفسهم؛ لقلة الزاد، وضعف الاستعداد.
وهذا يوجب على العباد الخوف الدائم، وترقب الموت في أي لحظة، [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ] {الحجر:99}.
أيها الناس: فطر الله تعالى الأحياء كلها على الخوف من الموت، واتقاء أسبابه، واجتناب مظانه، كما فطرهم على التشبث بالحياة، وبذل الغالي والنفيس فيها، يستوي في ذلك الصغير والكبير، والمجنون والعاقل، والإنسان والحيوان، والمؤمن والكافر، والبر والفاجر، ولا يفرط الإنسان في الحياة إلا لمعنى في نفسه أعظم منها كبذل المجاهد نفسه رخيصة في سبيل الله تعالى. ومع أن الأحياء تَفِرُّ من الموت، وتتقي أسبابه، فإن كل مخلوق لا بدَّ أن يموت [كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ] {الرَّحمن:27}.
وإذا كان همُّ الكافر في الدنيا أن يستمتع بملذاتها، ويعب من شهواتها فإن همَّ المؤمن في الدنيا عمارة الآخرة، والتزود من الباقيات الصالحات؛ مستحضرا الموت والقبر والحساب والجنة والنار، فمن فعل ذلك كانت دنياه مطية لآخرته ومزرعة لها، وكان فراغه وصحته نعمة عليه يغبط عليها؛ كما قال النبي ـ‘صلى الله عليه وسلم ـ:( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ من الناس الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) رواه البخاري عن ابن عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ.
ونسيان الموت سبب للهو والغفلة والانغماس في الدنيا كما أن تذكر الموت سبب للزهد في الدنيا والإقبال على العمل الصالح؛ ولذا حثنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تذاكر الموت وعدم نسيانه لئلا نغفل فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ:( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادمِ اللَّذَّاتِ) رواه النسائي من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
وأكثر ما يخافه المؤمن في الموت أن يباغته وهو لم يتهيأ له، وإلا فإن المقدم على الموت لمرض أو نحوه تتغير حياته في آخر أيامه، فترخص عنده الدنيا وتعظم الآخرة، فيكون ما ألمَّ به من علامات الموت ومقدماته خيرا له؛ ذلك أن من عادة الإنسان التسويف في التوبة والعمل الصالح، وطول الأمل والرغبة في الدنيا، وكل ذلك من الغرور والشيطان.
ومن عجيب ما يقدر الله تعالى على الإنسان موت الفجأة ، ويكون عاما وخاصا:
أما العام فيشمل أهل بلاد بوقوع وباء مهلك يحصد الأرواح، ويملأ المقابر، ويتساقط الناس فيه سراعا، حتى تفنى أسر وعشائر بأكملها، وتغلق دور وتخلو مدن من ساكنيها، وقد يوصي المصاب بالوباء فيسبق الموت إلى وصيه قبله وهو سليم معافى، وربما عهد بوصيته لعشرة فماتوا تباعا وهم صحاح وهو مريض، وحفار القبور لا يرفع ظهره من كثرة من يدفنون فما يلبث أن يدفن هو فيما حفر من قبور، وكم من مغسل للموتى غسل على ذات السرير الذي يغسل الناس عليه، وقد وقع ذلك كثيرا في التاريخ في القديم والحديث، وفي الشرق والغرب.
وفي وقت الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ هلك كثير منهم ومن التابعين في طاعون عَمَوَاس الذي ضرب بلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فمات فيه خلق كثير، ومن مشاهير من مات فيه من الصحابة أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وزوجتاه وأولاده كلهم وأبو جندل ـ رضي الله عنهم ـ.
وكان أبو عبيدة أمير الشام فلما أصيب استخلف معاذا، فلما اشتد الوجع، وكثر الموتُ صرخ الناس إلى معاذ: ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز، فقال ـ رضي الله عنه ـ : إنه ليس برجز ولكن دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وشهادة يخص الله تعالى بها من يشاء منكم.
وكانت هذه الأوبئة العامة تنتقل من بلاد إلى بلاد، وتعاود الظهور زمانا بعد زمان، وتشمل أحيانا الإنسان والحيوان كما وقع في أخريات القرن الخامس إذ كثرت الأمراض بالحمى والطاعون في العراق والحجاز والشام وأعقب ذلك موت الفجأة ثم ماتت الوحوش في البراري ثم تلاها موت البهائم حتى عزت الألبان واللحوم، فيما ذكره المؤرخون.
ولما منَّ الله تعالى على البشرية باكتشاف أمصال و تلقيحات ضد الأمراض المعدية، والأوبئة الفتاكة كانت الأعاصير والزلازل والفيضانات ميادين رحبة لموت الفجأة.. تضرب بلادا في لحظة فتهلك أهلها وتتركها خرابا يبابا، ولا قدرة للبشر على مواجهتها أو دفعها أو تخفيفها.
وعقب اختراع الطائرات والسفن العملاقة أضحت مجالا جديدا من مجالات موت الفجأة بسقوط الطائرات وغرق السفن، فتهلك فيها أنفس كثيرة ما كانت تظن أن ركوبها فيها هو آخر العهد بالحياة.
وأما الموت المفاجئ الخاص فيقع لفرد أو أسرة على إثر هدم أو حريق أو غرق أو نحوه، ثم كانت حوادث السيارات في العصر الحاضر من أوسع المجالات الفردية لموت الفجأة، يخرج الرجل أو الأسرة من منزلهم بسيارتهم فيؤتى بهم إلى ثلاجة الموتى.
وقد يموت العبد بشيء لا يظن أنه يموت به أبدا، وفي حجة الوداع وقع رجل في عرفة من راحلته فوقصته فمات، وكم من سقوط لا يميت في العادة هلك به صاحبه، وكم من ضربة لا تؤلم مات المضروب بها، وليست إلا مقادير قُدِّرت على بني آدم، كانت هذه أسبابها، كبرت الأسباب أم صغرت.
وموت الفجأة لا يُذم ولا يمدح، فقد يكون رحمة للمؤمن الطائع كما يكون عقوبة على الكافر والفاجر، فمن كان مستعدا للموت كل حين بالإيمان والعمل الصالح فإن موت الفجأة رحمة في حقه، وتخفيف عليه. ومن كان متثاقلا عن الطاعات، مسارعا إلى المحرمات فإن موت الفجأة نقمة عليه وعذاب في حقه؛ لأن الميت يبعث يوم القيامة على ما مات عليه؛ ولأنه لا يتمكن من التوبة، ومن أداء ما عليه من الحقوق؛ ولذا كان موت الفجأة كأخذة الغضب، وجاء في حديث عند أبي داود عن عُبَيْدِ بن خَالِدٍ السُّلَمِيِّ :(مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسِفٍ) أي غضبان. قال النخعي ـ رحمه الله تعالى ـ : إنْ كانوا ليكرهون أخذةً كأخذةِ الأَسِف.
وأهل اللغة يسمون موت الفجأة الموت الأبيض، ومعنى بياضه خلو صاحبه من الاستعداد له بتوبة واستغفار وقضاء حق وغير ذلك، من قولهم بيضت الإناء إذا فرغته.
أسأل الله تعالى أن يحسن خواتمنا، وأن يرزقنا الاعتبار بغيرنا، والاستعداد لما أمامنا، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، [رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] {البقرة:201} بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم....
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أيها المسلمون: جاء في حديث ضعيف، وحسنه بعض أهل العلم أن من اقتراب الساعة ظهور موت الفجأة، وموت الفجأة موجود من قديم الزمان ولكن ظهوره وانتشاره في الأزمان المتأخرة أكثر منه في الزمان المتقدم، وفي زمننا هذا يكثر موت الفجأة بالسكتات القلبية، أو الجلطات الدماغية، أو الذبحة الصدرية، أو ارتفاع ضغط الدم أو السكر أو انخفاضهما، ترى الرجل الشديد المعافى الذي لا يشكو بأسا فيصرع فجأة بأحد هذه الأعراض، أو ينام فتكون نومته الكبرى، والدراسات الطبية تثبت أن موت الفجأة بهذه الأعراض يزداد يوما بعد يوم حتى أضحى ظاهرة معلومة، وفي البلاد المتقدمة في الطب ظهر فيها أن أمراض القلب هي السبب الأول للوفاة.
والملاحظ أن غالب هذه الأعراض المميتة تنشأ عن توتر القلب وعدم استقراره وراحته بسبب صخب الحياة وإزعاجها في هذا الزمن، وكثرة المشكلات وتعقدها، والقلق والتوتر يلازمان أكثر الناس؛ ولذا فهم أحوج ما يكونون إلى سلامة قلوبهم واستقرارها وعدم توترها، وأنفع علاج لذلك الديمومة على ذكر الله تعالى؛ فإن به راحة القلوب وطمأنينتها [الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ] {الرعد:28} وللصلاة تأثير عجيب على القلب وإراحته، وإفراغ ما فيه من شحنات التوتر والقلق؛ والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( كان إذا حَزَبَهُ أَمْرٌ صلى) وكان يقول:( يا بِلاَلُ أَرِحْنَا بِالصَّلاَةِ)رواهما أحمد.
وموت الفجأة لا يخرج عن قدر الله تعالى وتدبيره، ومعلوم أن الدعاء يرد القدر، وكان من دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(اللهم إني أَعُوذُ بِكَ من الْهَدْمِ وَأَعُوذُ بِكَ من التَّرَدِّي وَأَعُوذُ بِكَ من الْغَرَقِ وَالْحَرَقِ...) رواه أبو داود عن أبي الْيَسَرِـ رضي الله عنه ـ .
والجامع بين هذه الأربعة شدتها وكونها فجأة وروى ابن عُمَرَ ـ رضي الله عنهما ـ قال:( كان من دُعَاءِ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ اللهم إني أَعُوذُ بِكَ من زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ) .
وموت الفجأة قد يكون من فُجاءة النقمة، ثم إن فجع الإنسان بموت صفي أو قريب فيه زوال النعمة، وتحول العافية؛ ولذا تعوذ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ذلك، وحري بمن يخاف الفواجع والمفاجآت أن يحافظ على هذا الدعاء المبارك.
ومن الأدعية النافعة في اتقاء مفاجأة البلاء في النفس والولد ما جاء عن عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ ـ رضي الله عنه ـ قال سمعت رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:(من قال بِسْمِ اللَّهِ الذي لَا يَضُرُّ مع اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرض ولا في السَّمَاءِ وهو السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لم تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حتى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حين يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لم تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حتى يُمْسِيَ)رواه أبو داود وصححه الترمذي وابن حبان.
وليتق العبد ظلم الناس والتعدي عليهم وبخسهم حقوقهم، فكم من مظلوم دعا على ظالم في ماله وولده، فاستجيب له ففقد الظالم ماله، ومات أولاده أمامه.
وقد جاء عن مطرف بن عبد الله ـ رحمه الله تعالى ـ : أنه كان بينه وبين رجل كلام فكذب عليه فقال مطرف : اللهم إن كان كاذبا فأمته فخر مكانه ميتا، فرفع ذلك إلى الوالي فقال: قتلت الرجل، قال لا ولكنها دعوة وافقت أجلا.
ولما كان موت الفجأة أخذةُ أَسِفٍ في حق المفرط، والأسِفُ هو الغضبان؛ فإن مما يطفئ غضب الله تعالى الصدقة كما جاء عن أَنَسِ ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :( إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ عن مِيتَةِ السُّوءِ) رواه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وصححه ابن حبان.
ومن مات له قريب فجأة فليحتسب ويصبر فور علمه لأن الصبر عند الصدمة الأولى كما جاء في الحديث، ويسعى في نفعه بالصدقة عنه، والدعاء له، وإبراء ذمته من الحقوق التي عليه؛ كما روت عَائِشَةُ ـ رضي الله عنها ـ أَنَّ رَجُلًا قال لِلنَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأَظُنُّهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ فَهَلْ لها أَجْرٌ إن تَصَدَّقْتُ عنها قال نعم) متفق عليه.
وبما أن الموت قد يفجأ العبد في أي لحظة فواجب عليه أن يكون مستعدا له بالتوبة والاستغفار والعمل الصالح، ومجانبة الموبقات وسائر المحرمات، وأن يكتب وصيته لبيان ما له على الناس، وما للناس عليه، وكتابة الوصية لا تقرب الأجل، كما أن عدم كتابتها لا تبعده، روى ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أَنَّهُ سمع رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:( ما حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ له شَيْءٌ يوصى فيه يَبِيتُ ثَلَاثَ لَيَالٍ إلا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ قال عبد الله بن عُمَرَ: ما مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سمعت رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ذلك إلا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي) رواه الشيخان.
ومن كان مستعدا للموت بالعمل الصالح فإنه لا يخشى مفاجأته، قال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غدا ما قدر أن يزيد في العمل شيئا، قال الذهبي: كانت أوقاته معمورة بالتعبد والأوراد. وعن أبي عوانة قال: لو قيل لمنصور بن زاذان إنك تموت غدا ما كان عنده مزيد.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد....
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى