لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
مسلم
مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

الموت عبرٌ ومواعظ  Empty الموت عبرٌ ومواعظ {الثلاثاء 22 نوفمبر - 8:33}

الشيخ /صالح بن عبد الرحمن الخضيري
الموت عبرٌ ومواعظ

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي بيده الملك يحي ويميت وهو على كل شيء قدير ، قدّر الأقدار بحكمته وعلمه ، فلا معقب لحكمه ولا رادَّ لقضائه وإليه المصير ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتفرد بالعزة والبقاء ، والجبروتِ والكبرياء أحمده ـ سبحانه ـ جعل الموت راحةً وخيراً للأتقياء ، وسوءَ منقلبٍ للأشقياء ، فله الحمد على مُرّ القضاء وحلوه ، فما يُتهم في قضائه جلَّ ربُّنا وتقدس وتعالى وتنزه .

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله إمام المتقين وخاتم النبيين ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان .

أما بعد :

فإن أعظم الوصايا وأكملَ المواعظ ما في كتاب الله الكريم حيث يقول سبحانه في وصيته للأولين والآخرين : {وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ .... }النساء131 فيا سعادة من عمل بوصية الله فاستقام على دين الله وحفظ حدوده ثم توفاه الله على الإسلام والسنة غير مفرط ولا مبدل {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }يونس64

عباد الله : من خاف الوعيد قصر عليه الأمل البعيد فعمل لما بعد الموت وأيقن أن كل ما هو آت قريب .

لقد خلقنا الله لعبادته وجعل هذه الحياة ميداناً للعمل {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك2. كل فردٍ منا له عُمُرٌ محدود وأجلٌ معدود فإذا استوفى هذا الأجل نُقِلَ من دار العمل إلى دار الجزاء {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }الأعراف34 . البقاء للحي القيوم الذي يُميت ولا يموت ويُفْني ولا يَفْنى {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }الرحمن27

في الموت يستوي جميع الخلق حتى محمد صلى الله عليه وسلم {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }الزمر30 . {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }العنكبوت57 . يموت المجاهد والقاعد والشجاع والجبان وذوي الأهداف الكبيرة والهمم العالية والتافهون الذين يعيشون لشهواتهم فلا فرق بينهم في تذوّق كأس الموت ، إنما الفرق في شيء آخر {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران185.

هذه الأيام والليالي مراح تقرِّب من الدار الآخرة ومن كلام الحسن رحمه الله ( الموت معقودٌ في نواصيكم والدنيا تطوى من ورائكم ، ابنَ آدم إنما أنت أيامٌ مجموعة كلما ذهب يومٌ ذهب بعضك )

فويلٌ لأهل الغفلة أعمارهم حجة ، وأيامهم تقودهم إلى الشقوة كيف ترجى الآخرة بغير عمل ؟ أم كيف تحصل توبةٌ مع الغفلة والتقصير وطولِ الأمل ؟!

لقد أمّلَ أقوامٌ بلوغ آمالٍ كثيرة فحال الموت بينهم وبين تحقيقيها وعدوا بالتوبة وعمل الصالحات فبغتهم هادم اللذات فصاروا إلى الله وهم غافلون .

عباد الله : أهل الغفلة لا يشبعون مهما جمعوا ، ولا يدركون كلَّ ما أمّلوا ولا يجمعون الزاد لما عليه قدموا يجمعون ولا ينتفعون ، ويبنون ولا يسكنون ، ويأملون ما لا يدركون {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }الحجر3

يا أصحاب الغفلات : هذه الدنيا كم واثق فيها فجعته ؟ وكم مطمئن إليها صرعته وكم من محتال فيها خدعته ؟ حلوها مُرّ ، وأيامها دُوَلٌ ، وعزيزُها مغلوب سرورها إلى حزن وعافيتها إلى سقم ووجودها إلى عدم اجتماعها إلى افتراق وبناؤها إلى خراب فأين المعتبرون ؟

أيها المسلمون والمسلمات يا أصحاب الغفلات يا عباد :

أمركم النبي صلى الله عليه وسلم بتذكر الموت فقال : ( أكثروا ذكر هادم اللذات الموت ) وذلك لتنشيط النفوس إلى العمل .

ومن كلام بعض السلف : ( من أكثر من ذكر الموت أُكرم بثلاثة أشياء : تعجيل وقناعة والنشاط في العبادة . ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء : التسويف بالتوبة وترك الرضى بالكفاف والتكاسل في العبادات ) وقال آخر : ( إذا ذكرت الموت فعدَّ نفسك كأحدهم فإن السعيد من وعظ بغيره ) . وقال الحسن : ( لقد فضح الموت الدنيا فلم يدع لذي لب بها فرحاً ) . ويقول مطرّف : إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فاطلبوا نعيماً لا موت فيه ) . لقد أَمِن أهل الجنةِ الموت فطابَ لهم عيشُهم وأمنوا الأسقام فهنيئاً لهم طول مقامِهم ) . الموت طالبٌ مدرك لا يمل الطلب ، والمرء غريبٌ في هذه الدار ، وإنما يُجزى بما عَمِل

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيَّ فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) وكان ابن عمر يقول : ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك )

فيا عباد الله : إننا اليوم في غفلةٍ عما يُراد بنا ، تمرّ بنا الجنائز وكأن الأمر لا يعنينا ونرى الأموات يشيعون إلى المقابر فلربما مرّ بنا حزنٌ يسير ثم لا ترانا إلا في نشوة الدنيا وغفلة المعاش .

ألاَ فمَن أراد حياة الجد والعمل لينعم في دار النعيم وليتمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم فليكن للموت ذاكراً وعلى الفرائض محافظاً ولكتاب الله تالياً وبه عاملاً .

أيها الغافلون : هل تذكرتم الموت وما يسبقه من السكرات ، تقول عائشة رضي الله عنها : لما تغشى الكربُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين يديه علبة فيها ماء فجعل صلى الله عليه وسلم يُدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول : لا إله إلا الله إن للموت سكرات اللهم أعني على سكرات الموت ) ثم نصب يده فجعل يقول : في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده . فإذا كان هذا إمام المتقين وخليل رب العالمين والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فما الظن بغيره .

ألا فكفى بالموت واعظاً وللعيون مبكياً وللذات هادماً وللجماعات مفرقاً وللأماني قاطعاً .

استبدل الأموات بظهر الأرض بطناً وبالسعة ضيقاً وبالأهل غربة وبالنور ظلمة ، دخلوها حفاةً فرادىً ، اللحود مساكنهم والتراب أكفانهم والرفات جيرانهم ، لا يجيبون داعياً ، ولا يسمعون منادياً ، كانوا أطولَ أعماراً وأكثر آثاراً فما أغناهم ذلك من شيء لما جاءَ أمرُ ربك فأصبحت بيوتهم قبوراً وما جمعوا بوراً ، وصارت أموالهم للوارثين وأزواجهم لقومٍ آخرين ، نزل بهم ريبُ المنون وجاءهم ما كانوا يوعدون {أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ }الشعراء207. {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ }المؤمنون115

فهل فكرتم ( عباد الله ) ليوم المصرع حين ينزل الموت فمن ذا يستطيع له رداً ؟ وهل ينفع عند حضوره ندم ؟

ألا فأيقن ـ يا عبد الله ـ أنك ميّت وسوف تُجزى بما عملت فأكثر من العمل الصالح ، وإذا أسأت فاستغفر ، واحذر الفواحش ما يقرب إليها من نظر واستماع فإن ربك لبالمرصاد وويل للغافلين والقاسية قلوبهم مما سيلاقون وما ربك بظلام للعبيد .

اللهم أعنا على الموت وسكراته والقبر وظلماته اللهم ارزقنا الاستعداد ووفقنا للعمل الصالح . اللهم ارحم موتانا وعاف مبتلانا واقض الدين عن مديننا وفرّج هم مهمومنا يارب العالمين .

أقول هذا القول وأستغفر الله …..



الخطبة الثانية

الحمد لله الواحد القهار ، هدم بالموت مشيد الأعمار ، وحكم بالفناء على أهل هذه الدار وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة منجيةً من عذاب القبر والنار وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأخيار .

أما بعد فيا عباد الله :

بادروا بالأعمال الصالحات ولا تغرنكم الحياة الدنيا فإنها لهوٌ ولعب وسراب خادع ، المغرور من اغترَّ بها والخاسر من اطمأنَّ إليها .

وتأملوا في أحوال أقوام تعدّوا حدود الله وظلموا عباد الله وأكلوا الحرام وفعلوا الفواحش والآثام ثم طواهم الموت على هذه الحال ، فلو كُُشف لك عن حالهم لرأيت أمراً منكراً وحسرة على التفريط والعصيان ، غرور الأمل ألهاهم ، والشيطان أنساهم ، فوردوا إلى القبور مفاليس ، ضيّعوا أوقاتهم باللهو واللعب وأفنوا أعمارهم بالمعاصي والطرب ، أعرضوا عن الناصحين وما اعتبروا بمرور السنين فلما نزل بهم الموت طلبوا المهلة وهيهات .

قال مالك بن دينار : دخلت على جار لي وهو في الموت يعاني عظيم السكرات يُغمى عليه مرةً ويفيق أخرى وفي قلبه لهيبُ الزفرات وكان عاصياً منهمكاً في دنياه فقلت له : يا أخي تب إلى الله وارجع عن غيّك عسى المولى أن يشفيك من ألمك ويعافيك من مرضك ويتجاوز بكرمه عن ذنبك فقال : هيهات هيهات قد دنا ما هو آت وأنا ميت لا محالة فيا أسفي على عمرٍ أفنيته في البطالة …

فنعوذ بالله من سوء الخاتمة وضياع الأعمار في الذنوب والإصرار .

أيها المسلمون :

لا تغتروا بمن ضيعوا أعمارهم أمام الملهيات ، وسابقوا إلى جنة لا يموت سكانها ولا يخرب بنيانها شبابها لا يفنى ونعيمها لا يبلى يتقلب أهلها في النعيم { دعواهم فيها سلام …

اللهم اجعلنا ووالدينا من أصحاب الجنة اللهم أعنا على الموت وما بعده ، اللهم اغفر لأموات المسلمين اللهم آنس وحشتهم في القبور وأنزل عليهم الرحمة والغفران ونعّمهم بنعيم الجنان وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى