مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / عبد الله بن محمد البصري
إن الدين عند الله الإسلام
الخطبة الأولى
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }المائدة37
أَيُّهَا المُسلِمُونَ : ، دِينُ الإِسلامِ هُوَ الدِّينُ ، وَمحمدُ بنُ عَبدِالله هُوَ خَاتمُ المُرسَلِينَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}آل عمران19 وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }المائدة3 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }الأعراف158وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }المائدة16وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " وَالَّذِي نَفسُ محمدٍ بِيَدِهِ لا يَسمَعُ بي أَحَدٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصرَانيٌّ ثم يَمُوتُ وَلم يُؤمِنْ بِالَّذِي أُرسِلتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِن أَصحَابِ النَّارِ " وَعَن جَابِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ عَنِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ أَتَاهُ عُمَرُ فَقَالَ : إِنَّا نَسمَعُ أَحَادِيثَ مِن يَهُودَ تُعجِبُنَا ، أَفَتَرَى أَن نَكتُبَ بَعضَهَا ؟ فَقَالَ : " أَمُتَهَوِّكُونَ أَنتُم كَمَا تَهَوَّكَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ لَقَد جِئتُكُم بها بَيضَاءَ نَقِيَّةً ، وَلَو كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلاَّ اتِّبَاعِي " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَن يَنزِلَ فِيكُمُ ابنُ مَريمَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حَكَمًا مُقسِطًا ، فَيَكسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقتُلُ الخَنزِيرَ وَيَضَعُ الجِزيَةَ " نَعَمْ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ : ـ لا دِينَ مَقبُولٌ إِلاَّ الإِسلامَ ، وَلا نَبيَّ مُتَّبَعٌ إِلاَّ نَبيَّ الإِسلامِ ، وَلا طَرِيقَ مُوصِلٌ لِلجَنَّةِ إِلاَّ طَرِيقَ الإِسلامِ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ المُستَقِيمُ الَّذِي أُمِرَ المُسلِمُونَ بِاتِّبَاعِهِ ، وَهُم يَسأَلُونَ رَبَّهُم كُلَّ يَومٍ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً أَن يُثَبِّتَهُم عَلَيهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }الأنعام153 وَعَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ خَطًّا ثم قَالَ : " هَذَا سَبِيلُ اللهِ ، ثم خَطَّ خُطُوطًا عَن يَمِينِهِ وَعَن شِمَالِهِ وَقَالَ : هَذِهِ سُبُلٌ ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنهَا شَيطَانٌ يَدعُو إِلَيهِ " ثم قَرَأَ : {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ }الأنعام153 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }الفاتحة7 وَحِينَ يَأتي في هَذَا الزَّمَانِ مَن يَرغَبُ عَنِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ ، ثم يَدعُو إِلى حِوَارِ الأَديَانِ ، أَو يَتَبَنَّى مَا يُسَمَّى بِتَقَارُبِ الأَديَانِ ، أَو يَزعُمُ زَاعِمٌ أَنَّ الأَديَانَ السَّمَاوِيَّةَ كُلَّهَا مُوصِلَةٌ إِلى اللهِ مَقبُولَةٌ عِندَهُ ، فَهُوَ يُخَالِفُ مَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، زَعَمَ بَعدَ ذَلِكَ مَا زَعَمَ مِن أَنَّ ذَلِكَ تَسَامُحٌ وَلِينٌ ، أَو تَحسِينٌ لِصُورَةِ المُسلِمِينَ ، أَو دَعوَةٌ لِغَيرِ المُهتَدِينَ ، فَقَد أَرَادَ المُشرِكُونَ ذَلِكَ في عَهدِ مَن جَاءَ بِالحَقِّ وَالهُدَى ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ وَزَعَمُوا أَنَّهُ مَجنُونٌ وَحَاوَلُوا تَشوِيهَ صُورَتِهِ ، ثم دَعَوهُ لِلمُدَاهَنَةِ وَالمُلايَنَةِ ، وَأَرَادُوهُ عَلَى أَن يَعبُدَ آلِهَتَهُم سَنَةً وَيَعبُدُوا اللهَ سَنَةً أُخرَى ، فَمَا وَاللهِ أَذِنَ لَهُ رَبُّهُ بِأَن يُدَاهِنَ لِيَمدَحُوهُ ، وَلا أَن يَتَسَاهَلَ لِيُحِبُّوهُ ، وَلا أَن يُجَامِلَ لَيَرغَبُوا في دِينِهِ وَيَدخُلُوهُ ، بَل قَالَ لَهُ : {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ . وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ . فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ ِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينََ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 وَأَنزَلَ عَلَيهِ : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ.لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ . وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ . وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }الكافرون6 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ لَهُ : {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ }المائدة48 وَنَهَاهُ عَنِ اتِّبَاعِ أَهوَائِهِم وحَذَّرَهُ مِن فِتنَتِهِم فَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ }المائدة49وَإِنَّهُ مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا إِلاَّ وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّ محمدًا خَاتمُ الأَنبِيَاءِ وَالمُرسَلِينَ ، وَمَا مِن أُمَّةٍ إِلاَ وَهُم يَعرِفُونَ ذَلِكَ وَبِهِ يُوقِنُونَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران82 وَلَقَد جَاءَ وَصفُهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ في الكُتُبِ السَّابِقَةِ ، وَبَشَّرَ بِهِ الأَنبِيَاءُ أَقوَامَهُم ، قَالَ ـ تَعَالى ـ عَن إِبرَاهِيمَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ : {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }البقرة129وَقَالَ عَن عِيسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ : {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ }الصف6وَقَاَل ـ جَلَّ وَعَلا ـ : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ }الأعراف157 وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " الَّذِينَ آتَينَاهُمُ الكِتَابَ مِن قَبلِهِ هُم بِهِ يُؤمِنُونَ . وَإِذَا يُتلَى عَلَيهِم قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبلِهِ مُسلِمِينَ . أُولَئِكَ يُؤتَونَ أَجرَهُم مَرَّتَينِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدرَؤُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ " بَل وَلَيسَ كَذَلِكَ فَحَسبُ ، بَل لَقَد جَاءَ في التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ وَصفُ أَصحَابِهِ ـ صَلَّى اللهُ عََليهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنهُم ـ قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح29 نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّ أَهلَ الكِتَابَ لَيَعرِفُونَ محمدًا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَيُوقِنُونَ في أَنفُسِهِم أَنَّهُ خَاتمُ الأَنبِيَاءِ وَالمُرسَلِينَ ، وَيَعرِفُونَ أَنَّ دِينَ الإِسلامِ هُوَ الحُقُّ ، لَكِنَّهُ الحَسَدُ وَالحِقدُ الَّذِي مَلأَ قُلُوبَهُم ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }البقرة146 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة109
َأيُّهَا المُسلِمُونَ : ، لَقَد دَعَانَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلى اتِّبَاعِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ وَاجتِنَابِ السُّبُلِ المُضِلَّةِ ، وَيُرِيدُ هَؤُلاءِ أَن نَتَّبِعَ مِلَّتَهُم بِاسمِ الحِوَارِ وَالتَّسَامُحِ وَالتَّقَارُبِ ، فَمَاذَا عَسَانَا بَعدُ فَاعِلِينَ ؟ وَهَل تُرَانَا بما يَزعُمُونَ مُصَدِّقِينَ أَو لهم مُتَّبِعِينَ ؟ لَقَد بَيَّنَ اللهُ لَنَا في كِتَابِهِ هَدَفَ هَؤُلاءِ وَجَلَّى لَنَا مَقصِدَهُم وَفَضَحَ غَايَتَهُم ، لِيَقطَعَ السَّبِيلَ عَلَى مَن تُسَوِّلُ لَهُ نَفسُهُ أَن يَضعُفَ أَو يَهُونَ أَو يَنخَدِعَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }البقرة120 وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ }آل عمران100 وَهَذَا هُوَ شَأنُ الكَفَرَةِ جَمِيعًا ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ }البقرة217 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء}النساء89 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ }آل عمران149 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ. هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120 .
وَمِن هُنَا ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَقَد تَبَيَّنَ الحَقُّ وَوَضُحَتِ المَحَجَّةُ ، فَإِنَّ الدَّعوَةَ إِلى وِحدَةِ الأَديَانِ كُفرٌ صَرِيحٌ ، وَتَكذِيبٌ لِلنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الظَّاهِرَةِ ، وَالَّتي تُقَرِّرُ بِأَنَّ دِينَ الإِسلامِ هُوَ الدِّينُ الكَامِلُ ، الَّذِي أَتَمَّ اللهُ بِهِ علينا النِّعمَة وَرَضِيَهُ لَنَا دِينًا ، وَأَنَّهُ هُوَ النَّاسِخُ لِمَا سَبَقَهُ مِن أَديَانٍ مُحَرَّفَةٍ مُبَدَّلَةٍ ، كَمَا أَنَّ في الدَّعوَةِ إِلى وِحدَةِ الأَديَانِ إِنكَارًا لأَحكَامٍ كَثِيرَةٍ مَعلُومَةٍ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ، مِنهَا : استِحلالُ مُوَالاةِ الكُفَّارِ ، وَعَدَمُ تَكفِيرِهِم ، وَإِلغَاءُ الجِهَادِ في سَبِيلِ اللهِ ... إِنَّ مَن يُحَدِّثُ نَفسَهُ بِإِمكَانِ الجَمعِ أَوِ التَّقرِيبِ بَينَ الإِسلامِ وَاليَهُودِيَّةِ وَالنَّصرَانِيَّةِ ، مُجهِدٌ نَفسَهُ في الجَمعِ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ وَالإِيمَانِ وَالكُفرِ ، ذَلِكَ أَنَّ كُفرَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَحوَهُم مِنَ المُشرِكِينَ مِنَ الأُمُورِ المَعلُومَةِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ، سَوَاءٌ كَانُوا مُحَارِبِينَ أَم لم يَكُونُوا ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }المائدة73 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }التوبة30 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ }البينة1 قَالَ الإِمَامُ ابنُ حَزمٍ ـ رَحمهُ اللهُ ـ : وَاتَّفَقُوا عَلَى تَسمِيَةِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى كُفَّارًا . وَقَالَ القَاضِي عِيَاضٌ ـ رَحمهُ اللهُ ـ : وَلِهَذَا نُكَفِّرُ مَن دَانَ بِغَيرِ مِلَّةِ المُسلِمِينَ مِنَ المِلَلِ ، أَو وَقَفَ فِيهِم أَو شَكَّ أَو صَحَّحَ مَذهَبَهُم ، وَإِنْ أَظهَرَ مَعَ ذَلِكَ الإِسلامَ وَاعتَقَدَهُ . وَقَالَ شَيخُ الإِسلامِ ـ رَحمهُ اللهُ ـ : وَمَعلُومٌ بِالاضطِرَارِ مِن دِينِ المُسلِمِينَ وَبِاتِّفَاقِ جَمِيعِ المُسلِمِينَ أَنَّ مَن سَوَّغَ اتِّبَاعَ غَيرِ دِينِ الإِسلامِ ، أَوِ اتِّبَاعَ شَرِيعَةٍ غَيرِ شَرِيعَةِ محمدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فَهُوَ كَافِرٌ . أَفَيَسُوغُ بَعدَ هَذِهِ النُّصُوصِ وَالنُّقُولِ عَن عُلَمَاءِ الإِسلامِ أَن يَتَفَوَّهَ بَعضُ المَفتُونِينَ المُتَهَوِّكِينَ فَيَزعُمَ أَنَّهُ لا يَكفُرُ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَسَائِرِ المُشرِكِينَ إِلاَّ مَن كَانَ مِنهُم مُحَارِبًا ؟ أَو يَزعُمَ أَنَّهُ يَستَوِي في الوُصُولِ إِلى اللهِ وَدُخُولِ جَنَّتِهِ المُسلِمُ وَاليَهُودِيُّ وَالنَّصرَانيُّ ، كَيفَ وَقَد قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ }ص28 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ِينَ . مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }القلم36 وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ. َمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ }السجدة20 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة100 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ }الحشر20أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُم تَمَسُّكَ المُوقِنِينَ ، وَلا يَهُولَنَّكُم مَا تَسمَعُونَ أَو تَرَونَ في هَذِهِ الأَزمِنَةِ المُتَأَخِّرَةِ مِن ضَعفٍ وَخَوَرٍ في صُفُوفِ المُسلِمِينَ ، أَو مَُداهَنَةٍ مِن بَعضِ حُكَّامِ المُسلِمِينَ وَعُلمَائِهِم لأَعدَاءِ اللهِ ، وَإِنَّهُ مَن يَعِشْ مِنكُم فَسَيَرَى اختِلافًا كَثِيرًا ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }يونس104
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ : فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيهِ وَلا تَعصُوهُ {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ}البقرة223.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ : لَقَد قَرَّرَتِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، أَنَّهُ لا بُدَّ مَعَ الإِيمَانِ بِاللهِ مِنَ الكُفرِ بِالطَّاغُوتِ وَبُغضِ الكُفرِ وَكُرهِهِ ، وَأَنَّهُ لا إِيمَانَ إِلاَّ بِذَلِكَ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256 وَقَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ }النحل36 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ}النساء60 وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَن قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَكَفَرَ بَمَا يُعبَدُ مِن دُونِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ" وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانَ : أَن يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ ممَّا سِوَاهُمَا ، وَأَن يُحِبَّ المَرءَ لا يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ ، وَأَن يَكرَهَ أَن يَعُودَ في الكُفرِ كَمَا يَكرَهُ أَن يُقذَفَ في النَّارِ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَلْنَحذَرْ ممَّا يَقَعُ فِيهِ بَعضُ المُغَرَّرِ بهم ، أَو يَتَفَوَّهُ بِهِ بَعضُ المَفتُونِينَ ممَّن يَخُوضُونَ في الصُّحُفِ وَالجَرَائِدِ بِمَا لا يَعلَمُونَ ، وَيَهرِفُونَ بما لا يَعرِفُونَ ، فَإِنَّ الأَمرَ دِينٌ وَعَقِيدَةٌ ، وَالنَّتِيجَةَ جَنَّةٌ أَو نَارٌ ، وَاللهُ ـ تَعَالى ـ قَد أَرسَلَ لَنَا رَسُولَهُ وَأَنزَلَ عَلَينَا كِتَابَهُ {وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء170 {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }الزمر7{فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }الفتح
إن الدين عند الله الإسلام
الخطبة الأولى
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }المائدة37
أَيُّهَا المُسلِمُونَ : ، دِينُ الإِسلامِ هُوَ الدِّينُ ، وَمحمدُ بنُ عَبدِالله هُوَ خَاتمُ المُرسَلِينَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}آل عمران19 وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }المائدة3 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }الأعراف158وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }المائدة16وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " وَالَّذِي نَفسُ محمدٍ بِيَدِهِ لا يَسمَعُ بي أَحَدٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصرَانيٌّ ثم يَمُوتُ وَلم يُؤمِنْ بِالَّذِي أُرسِلتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِن أَصحَابِ النَّارِ " وَعَن جَابِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ عَنِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ أَتَاهُ عُمَرُ فَقَالَ : إِنَّا نَسمَعُ أَحَادِيثَ مِن يَهُودَ تُعجِبُنَا ، أَفَتَرَى أَن نَكتُبَ بَعضَهَا ؟ فَقَالَ : " أَمُتَهَوِّكُونَ أَنتُم كَمَا تَهَوَّكَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ لَقَد جِئتُكُم بها بَيضَاءَ نَقِيَّةً ، وَلَو كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلاَّ اتِّبَاعِي " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَن يَنزِلَ فِيكُمُ ابنُ مَريمَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حَكَمًا مُقسِطًا ، فَيَكسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقتُلُ الخَنزِيرَ وَيَضَعُ الجِزيَةَ " نَعَمْ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ : ـ لا دِينَ مَقبُولٌ إِلاَّ الإِسلامَ ، وَلا نَبيَّ مُتَّبَعٌ إِلاَّ نَبيَّ الإِسلامِ ، وَلا طَرِيقَ مُوصِلٌ لِلجَنَّةِ إِلاَّ طَرِيقَ الإِسلامِ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ المُستَقِيمُ الَّذِي أُمِرَ المُسلِمُونَ بِاتِّبَاعِهِ ، وَهُم يَسأَلُونَ رَبَّهُم كُلَّ يَومٍ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً أَن يُثَبِّتَهُم عَلَيهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }الأنعام153 وَعَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ خَطًّا ثم قَالَ : " هَذَا سَبِيلُ اللهِ ، ثم خَطَّ خُطُوطًا عَن يَمِينِهِ وَعَن شِمَالِهِ وَقَالَ : هَذِهِ سُبُلٌ ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنهَا شَيطَانٌ يَدعُو إِلَيهِ " ثم قَرَأَ : {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ }الأنعام153 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }الفاتحة7 وَحِينَ يَأتي في هَذَا الزَّمَانِ مَن يَرغَبُ عَنِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ ، ثم يَدعُو إِلى حِوَارِ الأَديَانِ ، أَو يَتَبَنَّى مَا يُسَمَّى بِتَقَارُبِ الأَديَانِ ، أَو يَزعُمُ زَاعِمٌ أَنَّ الأَديَانَ السَّمَاوِيَّةَ كُلَّهَا مُوصِلَةٌ إِلى اللهِ مَقبُولَةٌ عِندَهُ ، فَهُوَ يُخَالِفُ مَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، زَعَمَ بَعدَ ذَلِكَ مَا زَعَمَ مِن أَنَّ ذَلِكَ تَسَامُحٌ وَلِينٌ ، أَو تَحسِينٌ لِصُورَةِ المُسلِمِينَ ، أَو دَعوَةٌ لِغَيرِ المُهتَدِينَ ، فَقَد أَرَادَ المُشرِكُونَ ذَلِكَ في عَهدِ مَن جَاءَ بِالحَقِّ وَالهُدَى ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ وَزَعَمُوا أَنَّهُ مَجنُونٌ وَحَاوَلُوا تَشوِيهَ صُورَتِهِ ، ثم دَعَوهُ لِلمُدَاهَنَةِ وَالمُلايَنَةِ ، وَأَرَادُوهُ عَلَى أَن يَعبُدَ آلِهَتَهُم سَنَةً وَيَعبُدُوا اللهَ سَنَةً أُخرَى ، فَمَا وَاللهِ أَذِنَ لَهُ رَبُّهُ بِأَن يُدَاهِنَ لِيَمدَحُوهُ ، وَلا أَن يَتَسَاهَلَ لِيُحِبُّوهُ ، وَلا أَن يُجَامِلَ لَيَرغَبُوا في دِينِهِ وَيَدخُلُوهُ ، بَل قَالَ لَهُ : {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ . وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ . فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ ِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينََ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 وَأَنزَلَ عَلَيهِ : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ.لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ . وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ . وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }الكافرون6 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ لَهُ : {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ }المائدة48 وَنَهَاهُ عَنِ اتِّبَاعِ أَهوَائِهِم وحَذَّرَهُ مِن فِتنَتِهِم فَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ }المائدة49وَإِنَّهُ مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا إِلاَّ وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّ محمدًا خَاتمُ الأَنبِيَاءِ وَالمُرسَلِينَ ، وَمَا مِن أُمَّةٍ إِلاَ وَهُم يَعرِفُونَ ذَلِكَ وَبِهِ يُوقِنُونَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران82 وَلَقَد جَاءَ وَصفُهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ في الكُتُبِ السَّابِقَةِ ، وَبَشَّرَ بِهِ الأَنبِيَاءُ أَقوَامَهُم ، قَالَ ـ تَعَالى ـ عَن إِبرَاهِيمَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ : {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }البقرة129وَقَالَ عَن عِيسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ : {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ }الصف6وَقَاَل ـ جَلَّ وَعَلا ـ : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ }الأعراف157 وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " الَّذِينَ آتَينَاهُمُ الكِتَابَ مِن قَبلِهِ هُم بِهِ يُؤمِنُونَ . وَإِذَا يُتلَى عَلَيهِم قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبلِهِ مُسلِمِينَ . أُولَئِكَ يُؤتَونَ أَجرَهُم مَرَّتَينِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدرَؤُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ " بَل وَلَيسَ كَذَلِكَ فَحَسبُ ، بَل لَقَد جَاءَ في التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ وَصفُ أَصحَابِهِ ـ صَلَّى اللهُ عََليهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنهُم ـ قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح29 نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّ أَهلَ الكِتَابَ لَيَعرِفُونَ محمدًا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَيُوقِنُونَ في أَنفُسِهِم أَنَّهُ خَاتمُ الأَنبِيَاءِ وَالمُرسَلِينَ ، وَيَعرِفُونَ أَنَّ دِينَ الإِسلامِ هُوَ الحُقُّ ، لَكِنَّهُ الحَسَدُ وَالحِقدُ الَّذِي مَلأَ قُلُوبَهُم ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }البقرة146 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة109
َأيُّهَا المُسلِمُونَ : ، لَقَد دَعَانَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلى اتِّبَاعِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ وَاجتِنَابِ السُّبُلِ المُضِلَّةِ ، وَيُرِيدُ هَؤُلاءِ أَن نَتَّبِعَ مِلَّتَهُم بِاسمِ الحِوَارِ وَالتَّسَامُحِ وَالتَّقَارُبِ ، فَمَاذَا عَسَانَا بَعدُ فَاعِلِينَ ؟ وَهَل تُرَانَا بما يَزعُمُونَ مُصَدِّقِينَ أَو لهم مُتَّبِعِينَ ؟ لَقَد بَيَّنَ اللهُ لَنَا في كِتَابِهِ هَدَفَ هَؤُلاءِ وَجَلَّى لَنَا مَقصِدَهُم وَفَضَحَ غَايَتَهُم ، لِيَقطَعَ السَّبِيلَ عَلَى مَن تُسَوِّلُ لَهُ نَفسُهُ أَن يَضعُفَ أَو يَهُونَ أَو يَنخَدِعَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }البقرة120 وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ }آل عمران100 وَهَذَا هُوَ شَأنُ الكَفَرَةِ جَمِيعًا ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ }البقرة217 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء}النساء89 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ }آل عمران149 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ. هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120 .
وَمِن هُنَا ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَقَد تَبَيَّنَ الحَقُّ وَوَضُحَتِ المَحَجَّةُ ، فَإِنَّ الدَّعوَةَ إِلى وِحدَةِ الأَديَانِ كُفرٌ صَرِيحٌ ، وَتَكذِيبٌ لِلنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الظَّاهِرَةِ ، وَالَّتي تُقَرِّرُ بِأَنَّ دِينَ الإِسلامِ هُوَ الدِّينُ الكَامِلُ ، الَّذِي أَتَمَّ اللهُ بِهِ علينا النِّعمَة وَرَضِيَهُ لَنَا دِينًا ، وَأَنَّهُ هُوَ النَّاسِخُ لِمَا سَبَقَهُ مِن أَديَانٍ مُحَرَّفَةٍ مُبَدَّلَةٍ ، كَمَا أَنَّ في الدَّعوَةِ إِلى وِحدَةِ الأَديَانِ إِنكَارًا لأَحكَامٍ كَثِيرَةٍ مَعلُومَةٍ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ، مِنهَا : استِحلالُ مُوَالاةِ الكُفَّارِ ، وَعَدَمُ تَكفِيرِهِم ، وَإِلغَاءُ الجِهَادِ في سَبِيلِ اللهِ ... إِنَّ مَن يُحَدِّثُ نَفسَهُ بِإِمكَانِ الجَمعِ أَوِ التَّقرِيبِ بَينَ الإِسلامِ وَاليَهُودِيَّةِ وَالنَّصرَانِيَّةِ ، مُجهِدٌ نَفسَهُ في الجَمعِ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ وَالإِيمَانِ وَالكُفرِ ، ذَلِكَ أَنَّ كُفرَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَحوَهُم مِنَ المُشرِكِينَ مِنَ الأُمُورِ المَعلُومَةِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ، سَوَاءٌ كَانُوا مُحَارِبِينَ أَم لم يَكُونُوا ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }المائدة73 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }التوبة30 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ }البينة1 قَالَ الإِمَامُ ابنُ حَزمٍ ـ رَحمهُ اللهُ ـ : وَاتَّفَقُوا عَلَى تَسمِيَةِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى كُفَّارًا . وَقَالَ القَاضِي عِيَاضٌ ـ رَحمهُ اللهُ ـ : وَلِهَذَا نُكَفِّرُ مَن دَانَ بِغَيرِ مِلَّةِ المُسلِمِينَ مِنَ المِلَلِ ، أَو وَقَفَ فِيهِم أَو شَكَّ أَو صَحَّحَ مَذهَبَهُم ، وَإِنْ أَظهَرَ مَعَ ذَلِكَ الإِسلامَ وَاعتَقَدَهُ . وَقَالَ شَيخُ الإِسلامِ ـ رَحمهُ اللهُ ـ : وَمَعلُومٌ بِالاضطِرَارِ مِن دِينِ المُسلِمِينَ وَبِاتِّفَاقِ جَمِيعِ المُسلِمِينَ أَنَّ مَن سَوَّغَ اتِّبَاعَ غَيرِ دِينِ الإِسلامِ ، أَوِ اتِّبَاعَ شَرِيعَةٍ غَيرِ شَرِيعَةِ محمدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فَهُوَ كَافِرٌ . أَفَيَسُوغُ بَعدَ هَذِهِ النُّصُوصِ وَالنُّقُولِ عَن عُلَمَاءِ الإِسلامِ أَن يَتَفَوَّهَ بَعضُ المَفتُونِينَ المُتَهَوِّكِينَ فَيَزعُمَ أَنَّهُ لا يَكفُرُ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَسَائِرِ المُشرِكِينَ إِلاَّ مَن كَانَ مِنهُم مُحَارِبًا ؟ أَو يَزعُمَ أَنَّهُ يَستَوِي في الوُصُولِ إِلى اللهِ وَدُخُولِ جَنَّتِهِ المُسلِمُ وَاليَهُودِيُّ وَالنَّصرَانيُّ ، كَيفَ وَقَد قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ }ص28 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ِينَ . مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }القلم36 وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ. َمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ }السجدة20 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة100 وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ }الحشر20أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُم تَمَسُّكَ المُوقِنِينَ ، وَلا يَهُولَنَّكُم مَا تَسمَعُونَ أَو تَرَونَ في هَذِهِ الأَزمِنَةِ المُتَأَخِّرَةِ مِن ضَعفٍ وَخَوَرٍ في صُفُوفِ المُسلِمِينَ ، أَو مَُداهَنَةٍ مِن بَعضِ حُكَّامِ المُسلِمِينَ وَعُلمَائِهِم لأَعدَاءِ اللهِ ، وَإِنَّهُ مَن يَعِشْ مِنكُم فَسَيَرَى اختِلافًا كَثِيرًا ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }يونس104
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ : فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيهِ وَلا تَعصُوهُ {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ}البقرة223.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ : لَقَد قَرَّرَتِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، أَنَّهُ لا بُدَّ مَعَ الإِيمَانِ بِاللهِ مِنَ الكُفرِ بِالطَّاغُوتِ وَبُغضِ الكُفرِ وَكُرهِهِ ، وَأَنَّهُ لا إِيمَانَ إِلاَّ بِذَلِكَ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256 وَقَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ }النحل36 وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ}النساء60 وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَن قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَكَفَرَ بَمَا يُعبَدُ مِن دُونِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ" وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانَ : أَن يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ ممَّا سِوَاهُمَا ، وَأَن يُحِبَّ المَرءَ لا يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ ، وَأَن يَكرَهَ أَن يَعُودَ في الكُفرِ كَمَا يَكرَهُ أَن يُقذَفَ في النَّارِ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَلْنَحذَرْ ممَّا يَقَعُ فِيهِ بَعضُ المُغَرَّرِ بهم ، أَو يَتَفَوَّهُ بِهِ بَعضُ المَفتُونِينَ ممَّن يَخُوضُونَ في الصُّحُفِ وَالجَرَائِدِ بِمَا لا يَعلَمُونَ ، وَيَهرِفُونَ بما لا يَعرِفُونَ ، فَإِنَّ الأَمرَ دِينٌ وَعَقِيدَةٌ ، وَالنَّتِيجَةَ جَنَّةٌ أَو نَارٌ ، وَاللهُ ـ تَعَالى ـ قَد أَرسَلَ لَنَا رَسُولَهُ وَأَنزَلَ عَلَينَا كِتَابَهُ {وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء170 {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }الزمر7{فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }الفتح
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى