لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
مسلم
مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

لحظات فراق الحبيب صلى الله عليه وسلم لأمته  Empty لحظات فراق الحبيب صلى الله عليه وسلم لأمته {الثلاثاء 22 نوفمبر - 8:35}

مراد عياش اللحياني
لحظات فراق الحبيب صلى الله عليه وسلم لأمته

الخطبة الأولى

الحمد لله حمداً مباركاً وإن كان يتضاءل مع حمد جلاله حمد الحامدين ، وأشكره سبحانه شكراً متوالياً و إن كان يتضاءل مع فضله سبحانه شكر الشاكرين ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وسع الخلائق خيره ولم يسع الناس غيره ، خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد :

أيها المؤمنون: قبل ألف عام ومائتين تقريباً مات أمير من أمراء العرب وقوادهم آنذاك يقال له: محمد بن حميد الطوسي فرثاه الشاعر العباسي المعروف أبو تمام بقوله:

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر

توفيت الآمال بعد محمد

كأن بني نبهان يوم وفاته

مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة

عليك سلام الله وقفاً فإنني فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

وأصبح في شغل عن السفر السفر نجوم سماء حط من بينهما البدر

غداة مضى إلا اشتهت أنها قير رأيت الكريم الحر ليس له عمر

فلئن قيلت هذه الأبيات في رثاء واحد من أمراء أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم; فيا ترى ما يقول الإنسان وهو يستذكر اللحظات الأخيرة والساعات التي سبقت وفاة سيد الأولين و الآخرين صلى الله عليه وسلم ؟ لا ريب أن الحديث عن وفاته صلى الله عليه وسلم لا يحتاج إلى بليغٍ تهتز له المنابر ولا يحتاج إلى خطيب تحمل صدى قوله المنائر ، إنه حديث عن وفاة حبيبنا الذي لم تكتحل أعيننا بعد برؤيته ، حديث عن وفاة حبيبنا الذي نسأل الله أن يرزقنا جواره في جنته ، حديث عن وفاة حبيبنا الذي بلغ دين الله وأرشد إليه و ناجى ربه و دعا إليه صلوات الله و سلامه عليه.

أيها المؤمنون : في أخر العام التاسع بدأ صلى الله عليه وسلم ، يشعر بدنو أجله وقرب رحيله وفراقه لمن حوله وكان أول إرهاصات هذا الأمر العظيم أنه عليه الصلاة و السلام ودّع معاذاً لما بعثه إلى اليمن ومعاذ على راحلته وهو يمشي صلى الله عليه وسلم ، يقود الناقة وأوصاه ما يفعله في الدعوة ثم قال : (يامعاذ لعلك لا تلقاني بعد عامي هذا ، يامعاذ لعلك تمر على قبري ومسجدي) ثم ودعه عليه الصلاة و السلام .

وفي خطبة عرفة كان يقول بعد كل مقطع من خطبته ( ألا هل بلغت ) فيقول أصحابه: نعم فيقول: (اللهم فاشهد) حتى إنه كان واضحاً معهم وهو إمام المخلصين : (أيها الناس إنكم ستسألون عني فماذا أنتم قائلون ؟) فقالوا نشهد أنك بلّغت الرسالة وأديت الأمانة ووفيت وأديت الذي عليك كله ثم رفع صلى الله عليه وسلم سبابته إلى السماء ثم نكتها إلى الأرض ثم قال : (اللهم فاشهد) وكان يودع الناس شاعراً بقرب أجله و ودنو رحيله وخرج ليلةً مع غلامه أبو مويهبة إلى البقيع يستغفر لهم ثم قال ( يا أبا مويهبة إن الله خيرني بين أن أعطى مفاتيح الأرض و الخلد فيها ثم الجنة ) فقاطعه أبو مويهبة وقال بأبي أنت وأمي اختر مفاتيح الأرض والخلد فيها ثم الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا والله يا أبا مويهبة ولكني اخترت لقاء ربي ثم الجنة ) ثم رجع وقد حسّ بصداعٍ في رأسه فدخل على عائشة فقالت: وا رأساه فقال : (بل أنا وا رأساه) أخبر عن مرضه وعن الصداع الذي أصابه ثم أخذ يشتد عليه الصداع مع الحمى تصيبه وأخذ المرض يثقل عليه شيئاً فشيئاً فلما أثقل عليه عرف أنه لا يستطيع أن يأتي إلى بيوت نسائه كلهن فلما كان في بيت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها; اشتد عليه وجعه فاستأذن أزواجه أن يكون في بيت عائشة رضي الله عنها فأذنّ له فخرج من بيت ميمونة إلى بيت عائشة رضي الله عنها ; تخط رجلاه على الأرض متكئاً على الفضل بن عباس و علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حتى أتى إلى بيت عائشة فمكث في بيتها يشتد عليه المرض شيئاً فشيئاً وهو يشعر بدنو أجله فأخذ يصنع أشياء يودِّع بها الناس وتبرأ بها ذمته فإنه لما ثقل عليه الوجع طلب أن يهرق عليه سبع قرب من ماء لم تحل أوكيتهن ثم خرج إلى الناس عاصباً رأسه فدخل المسجد وبدأ بالمنبر. وأول مابدأ في خطبته صلى على شهداء أحد واستغفر لهم وفاءً لهم صلى الله عليه وسلم، ثم قال ( أيها الناس من كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه و من جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتصّ منه ) فقام عكاشة بن محصن أمام الناس قائلاً يارسول الله أما إنك قد طلبت القصاص منك فأنا أريد أن أقتص منك وذلك أنك يوم كنت تسوي الصفوف يوم بدر طعنتني بعصاً كانت في يدك في خاصرتي وقد آلمتني وأنت عرضت نفسك للقصاص فقام علي فقال: أنا في القصاص فداءً له فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يا علي بل يقتص مني ) فأمر بالعصا التي كانت معه فأُتِيَ بها ورفع عكاشة العصا في يده واتجه نحو المنبر وارتفع صوت البكاء في المسجد . موقف من أشد المواقف على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حبيبهم في مرضه الشديد وصحابي يقتص منه أمام الناس فلما وصل عكاشة بن محصن إلى المنبر ألقى العصا من يده ثم ضم الجسم الشريف ومرّغ وجهه في وجه النبي صلى الله عليه وسلم وبكى بكاءً شديداً وهو يقول جسمي لجسمك فداء ! فضجّ المسجد بالبكاء .

ثم أوصى الناس بالأنصار خيرا ، وفاءً لهم فقال ( فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن سيئهم ) ، ثم أوصى بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، ثم أوصى بالصلاة وقال ( الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ) ثم قال ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أبيائهم مساجد ) ، ثم قال ( إن عبداً خيّره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده ) فبكى أبو بكر رضي الله عنه، وفهم المراد وقال من أقصى المسجد فديناك بآبائنا وأمهاتنا يارسول الله فقال عليه الصلاة والسلام ( على رسلك يا أبا بكر ) ثم التفت يبيّن لهم فضل ومكانة أبي بكر فقال ( إن أمنّ الناس علي ّفي صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقينّ في المسجد باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر ) فلما انتهى من ذلك صلى بهم الظهر ثم رجع إلى بيته يزداد عليه المرض شيئاً فشيئاًَ ثم دخلت عليه فاطمة رضي الله عنها فسارّها بشيء فبكت ثم سارّها بشيء فضحكت ثم سئلت عن ذلك بعد فأخبرها في الأولى أنه سيموت في مرضه هذا فبكت ثم أخبرها أنها أول أهله لحوقاً به وأنها سيدة نساء أهل الجنة فضحكت صلى الله عليه وسلم .

ثم إنه قبل وفاته بأربعة أيام أعتق غلمانه وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده ، ثم مكث المرض يشتدّ عليه فكان يغيب أحياناً ويفيق أحياناً من شدة الحمى التي كانت تصيبه ، فلما عرف أنه لا يقدر أن يصلي بالناس أرسل إلى أبي بكر أن يصلي ، فخافت عائشة أن يتشاءم الناس بأبيها في أن يقف في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يارسول الله إن أبا بكر رجل أسيف لا يملك دمعته فأوصت من يدعو عمراً أن يصلي بهم فصلى بهم عمر فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( يأبى الله ذلك والمؤمنون لا يصلينّ بالناس إلا أبا بكر ) كالإشارة إلى استخلافه من بعده ، ثم ثقل عليه المرض وبقي أبو بكر يصلي بهم حتى خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم ووجدهم يصلون خلف أبي بكر فأشار إلى أبي بكر أن ابقَ مكانك فلم يقبل فرجع أبو بكر فلما فرغ من الصلاة قال لأبي بكر: (ما منعك أن تثبت إذ أمرتك ) فقال أبو بكر ما كان لأبي بكر أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عاد إلى بيته يشتدّ عليه الوجع ويرى من الكرب ما الله به عليم .

حتى كان يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول استهل صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم أن الناس كانوا في صلاة الفجر فإذا به يكشف الستار الذي كان بينهم وبين بيت عائشة رضي الله عنها فلما رأوه الصحابة متهللاً وجهه كأنه ورقة مصحف كادوا أن يفتتنوا ظناً منهم أنه برئ فهمّ أبو بكر أن يرجع فأشار إليهم أن ابقوا مكانكم ونظر إليهم نظرة مودع ، إنها النظرة الأخيرة ! التي لن يراها أصحابه وأحباؤه بعدها في الدنيا ، إنها طلّة الفراق ! لن ينعموا بعدها برؤية هذا الوجه الكريم في الدنيا أبداً بعد هذا اليوم ، ثم رجع إلى حجرته يشتد عليه المرض ، وبين يديه ركوة فيها ماء فكان يضع يديه في الركوة ويمسح بها وجهه الطاهر ويقول : (لا إله إلا الله إن للموت سكرات اللهم أعني على سكرات الموت) ، ثم دخلت عليه فاطمة وهو على هذا الحال فقالت: وا كرب أبتاه فقال وهو العارف بربه: ( ليس على أبيك كرب بعد اليوم ) ودخل عليه أسامة وأشار إليه أن ادع لي فلم يستطع صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بلسانه ولكنه رفع يديه يدعو لأسامة في سره ، ثم ثقل عليه المرض فدخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده سواك يستاك به فأمعن وحد البصر في عبد الرحمن ففهمت عائشة أنه يريد السواك فأشارت إليه فأومأ برأسه : أن نعم ، فأخذت السواك من أخيها ومضغته ولينته ثم أعطته رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كآخر عمل يصنعه في حياته ثم أرجعه ورفع إصبعه وشخص بصره نحو السقف وتحركت شفتاه وأصغت إليه عائشة وهو يقول ( مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، اللهم اغفر لي وارحمني ، بل الرفيق الأعلى ) كررها ثلاثاً حتى كان آخر ما قال ( بل الرفيق الأعلى ) ثم مالت يده صلوات الله وسلامه عليه .

إنا لله وإنا إليه راجعون ، مات الشفيق الرحيم بأمته ، مات شمس الحياة وبدرها مات الداعية الناصح ، مات صاحب القلب الكبير الذي وسع المؤمن والكافر والبر والفاجر والصغير والكبير ، مات من كان للأيتام أبا ، مات من كان للأرامل عوناً وسندا ، مات نبي الأمة وقدوة الخلق ، مات الذي نعمت برؤياه الأبصار وتشنفت بسماع صوته وجميل حديثه الأسماع والآذان ، قال تعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ }الزمر31



الخطبة الثانية

أصيب الصحابة بالذهول لفقد نبيهم ومن ذلك ما كان من موقف عمر بن الخطاب، يقول: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات، لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام ، فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقطعن أيدي رجال يزعمون أنه مات.

وأقبل أبو بكر من بيته بالسنح فدخل المسجد ولم يكلم أحدًا، حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه، فقبّله وبكى وقال : وا صفياه ثم قبله أخرى وقال: وا خليلاه ثم قبله وقال: طبتَ حياً وميتاً يارسول الله ، لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد مُتها.

ثم خرج وعمر يكلم الناس فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس فأقبل الناس إليه وتركوا عمر، فقال أبو بكر: أما بعد: من كان منكم يعبد محمدًا صلى الله عليه وسلم فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله: وَمَا {مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَـابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّـاكِرِينَ} [عمران:144].

قال ابن عباس: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشرًا من الناس إلا يتلوها، فأهوى إلى الأرض، وعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.

وفي يوم الثلاثاء غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن يجردوه من ثيابه، وغسله العباس وعليَّ، والفضل وقُثَم ابنا العباس وشُقْران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسامة بن زيد، ثم كفنوه وهو سيد ولد آدم وخير خلق الله وأقسم الله له بأنه ما ودعه وما قلاه ومع ذلك كفِّن كما كفِّن الموتى ، فحفروا تحت فراشه وجعلوه لحدًا، حفره أبو طلحة ودخل الناس الحجرة أرسالاً، عشرة عشرة، يصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يؤمهم أحد، وصلى عليه أولاً أهل عشيرته، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، ثم النساء، ثم الصبيان ، ثم وضعوه في قبره وحثوا التراب على ذلك القبر الشريف الطاهر .

يا خير من دفنت في القاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم



نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الطهر والكرم

أيها المؤمنون: هذا نبأ وفاة نبيكم صلى الله عليه وسلم وفيه من العبر والعظات الشيء الكثير من أبرزها ما قاله الغزالي رحمه الله: (فما بالنا لا نتعظ بمصرع محمد صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين وإمام المتقين وحبيب رب العالمين لعلنا نظن أننا مخلدون أو نتوهم أنا مع سوء أفعالنا عند الله مكرمون هيهات هيهات). فأعدوا عباد الله عدة الرحيل قبل فوات الأوان، فإن الآجال تنزل بلا استئذان، وتحل بلا إعلان، فأكثروا عباد الله من ذكر هادم اللذات، فليس بعد موت نبينا محمد خالد، ولا في البقاء مطمع بل الأمر كما قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ .

ومن الفوائد الظاهرة في هذا النبأ شدة حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته حتى وهو في آخر لحظات حياته يوصي وينصح يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فما أصدق ما قاله الله تعالى فيه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ.

ومن فوائده: شدة اعتناء النبي صلى الله عليه وسلم بأمر التوحيد وذلك يتضح من أن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح دعوته بالدعوة إلى عبادة الله وحده سبحانه واختتم حياته بالتحذير من الشرك وتعظيم غير الله فإن من آخر وصاياه قوله صلى الله عليه وسلم: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ومن فوائد هذا النبأ: عظم شأن الصلاة وخطرها فإن النبي صلى الله عليه وسلم كرر الأمر بها وحث على الاهتمام بها وهو يعاني سكرات الموت! فالله الله بالصلاة يا عباد الله فإنها عمود الإسلام ولا إسلام لمن لا صلاة له.

ومن فوائد هذا النبأ: خطورة بقاء الكفار من المشركين واليهود والنصارى في جزيرة العرب فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراجهم في آخر حياته وما ذلك إلا لخطر بقائهم في هذه الجزيرة فإن هذه الجزيرة جزيرة الإسلام وحصنه الحصين.

ومن فوائد هذا الحدث العظيم عظم منزلة أبي بكر رضي الله عنه فقد نصر الله به الدين وثبت به المؤمنين وليس في الناس بعد الأنبياء خير منه فهو أعمق الصحابة إيماناً وأثبتهم يقيناً وأعلمهم بالله ورسوله وأحزمهم في دين الله وأطوعهم لله ورسوله رضي الله عنه وجزاه عنا وعن المسلمين خير الجزاء
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى