لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
مسلم
مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا وجوب نصرته  Empty حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا وجوب نصرته {الثلاثاء 22 نوفمبر - 8:38}

الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل
حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا وجوب نصرته

الخطبة الأولى

الحمد لله ؛ أرسل إلينا خاتم رسله ، وأنزل عليه أفضل كتبه، وشرع لنا خير الشرائع ، وكلفنا بأيسر التكاليف ، فضلا منه ونعمه والله عليم حكيم ، أحمده حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }الحج75 وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛ أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، ففتح به قلوبا غلفا ، وآذانا صما ، وأعينا عميا ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ؛ آمنوا به وعزروه ونصروه ، وأحبوه وعظموه ، وبذلوا كل ما يملكون من نفس ونفيس فداء له ولدينه ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين0

أما بعد : فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله عز وجل ؛ فاتقوه يصلح لكم أعمالكم ، واتقوه يدرأ عنكم تسلط أعدائكم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }محمد70

أيها الناس : فضل الأنبياء عليهم السلام على البشر عظيم وحقهم عليهم كبير ؛ إذ هم المنة الكبرى ، والهداية العظمى التي بها عرفوا الله تعالى ، واستبانوا الطريق إليه ، وكل سعادة أبدية كتبت لأحد من البشر فهم سبب من أسبابها00دعوا إلى الله تعالى سرا وجهارا ، ونصحوا للعباد ليلا ونهارا 00بشروا وأنذروا ، ورغبوا ورهبوا ، وصبروا على استكبار المستكبرين، وصدود الممتنعين ، واستهزاء المستهزئين ، وأذى المشركين والمنافقين00ما وطء الأرضَ أقدام خيرا من أقدامهم ، ولا كان في الخلق أحد أنصح للبشر منهم ، هم الرحمة التي رحم الله تعالى بها العباد فأخرجهم من الظلمات إلى النور ، ومن الذل إلى العز ، ومن الشقاء الأبدي إلى السعادة الخالدة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء1070

فكان حقا على البشر محبتهم في الله تعالى ، واتباعهم وتوقيرهم ونصرتهم ، والاعتراف بفضلهم ، وحفظ مكانتهم ، وإنزالهم منازلهم ، فهم عباد الله الأطهار ، المصطفون الأخيار، يجب الإيمان بجميعهم ، والكفر بواحد منهم كفر بهم كلهم ؛ لأن باعثهم واحد جل في علاه ، ودينهم كذلك واحد وهو عبادة الله وحده لا شريك له {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}النحل36 {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }الأنبياء250

وأتباعهم ليسوا من انتسبوا إليهم مع كفرهم ببعض ما جاؤوا به ؛ كما كفر اليهود ببعض دين موسى عليه السلام ، وكما كفر النصارى ببعض ما جاء به عيسى عليه السلام، وقد ذمهم الله عز وجل بسبب ذلك ، وسماهم كفارا رغم أنهم ينتسبون لموسى وعيسى عليهما السلام فقال فيهم جل وعلا {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً }النساء150

ولكن أتباع الرسل هم مَن آمنوا بهم ، ودانوا بدينهم ، وعملوا بشرائعهم ، ولم ينتقوا ما يهوون ، أو ينكروا ما لا يشتهون ، بل قالوا {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ }البقرة285 وقالوا {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}آل عمران84 فأثنى الله تعالى عليهم بإيمانهم ، وباتباعهم لرسلهم فقال سبحانه فيهم {وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }النساء0152

ولا يوجد على وجه الأرض في هذا العصر من يصدق عليهم أنهم متبعون للأنبياء عليهم السلام سوى المسلمين الذين صدقوا بنبوتهم من لدن آدم عليه السلام إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ، وأما بقية أمم الأرض على اختلاف أديانهم ومذاهبهم فكفار بكل الرسل والأنبياء ، ولو كانوا هم أهل الكثرة والقوة ؛ إذ إن الكثرة والقوة لا تدلان على الحق {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }الأنعام116 وكان أكثر أتباع الأنبياء في كل التاريخ البشري ضعفاء الناس ومساكينهم ؛ كما قال هرقل الروم في أسئلته لأبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم ( فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ قال: بل ضعفاؤهم ، قال هرقل: وهم أتباع الرسل ) فالمسلمون في هذا العصر أولى بكل الأنبياء والرسل عليهم السلام من كل أمم الأرض التي تكذبهم وتكفر بهم وبما جاءوا به0

وإذا انتهك عرض نبي من الأنبياء ، أو سخر الكافرون والمنافقون به وجب على أتباع الرسل وهم المسلمون في هذا العصر أن ينتصروا له ، وأن يذبوا عن عرضه ، وأن يدفعوا قالة السوء فيه ، وأن يعاقبوا المعتدي أشد العقاب ؛ لأن ذلك من محتمات إيمانهم ، وواجبات دينهم ، ولا يرتجى من أحد أن ينتصر لرسله عليهم السلام سوى المسلمين ، فكيف إذا كانت السخرية والطعن قد طالت أفضل البشر ، وخاتم الرسل ، وسيد ولد آدم محمدا صلى الله عليه وسلم ، على يد ملاحدة الغرب في رسوم ساخرة ، ومقالات كاذبة ، تفتري على سيد البشر ، وتطعن في أفضل الرسل ، وله علينا من الفضل والمنة ما لا نحصيه ، فما عسانا أن نفعل نصرة له ونحن نقرأ قول الله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157 فعلق سبحانه الفلاح بالنصرة، فمن لم ينصره فليس من المفلحين.

وإذا كانت نصرة المؤمنين واجبة بقول الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ }الأنفال72وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما)، فكيف بنصرة أفضل المؤمنين ، الذي هدانا الله تعالى به إلى الإيمان ، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور؟!

وهكذا فعل المسلمون طوال تاريخهم ، فدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأجسادهم وأموالهم حيا ، وذبوا عن عرضه ميتا ، وأخبارهم في ذلك غزيرة0

هذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينام ليلة الهجرة في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن تآمر المشركون على قتله تلك الليلة ، فيخاطر علي رضي الله عنه بنفسه دونه عليه الصلاة والسلام0

وفي غزوة بدر انبرى فتيان من الأنصار للانتقام من عدو الله أبي جهل ؛ لأنه كان يشتم النبي صلى الله عليه وسلم ويؤذيه فقتلاه شر قتلة0

وفي غزوة أحد لما دارت الدائرة على المسلمين ، وأحاط بهم المشركون انحنى أبو دجانة الأنصاري رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم فجعل من ظهره ترسا يحمى به النبي صلى الله عليه وسلم من نبال المشركين حتى امتلأ ظهره سهاما ، لا مسّت النار ظهره0

وهذا زيد بن الدثنة رضي الله عنه أسره المشركون وأخرجوه من الحرم لقتله فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل: ( أنشدك بالله يا زيد أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه وإنك في أهلك ، قال: والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي فقال أبو سفيان رضي الله عنه: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا)

ورجل أعمى من الصحابة رضي الله عنهم ينتصر للنبي صلى الله عليه وسلم فيقتل أم أولاده بسبب وقوعها فيه ، كما روى ابن عباس رضي الله عنهما:( أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر ، قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه ، فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم ، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي ، وأزجرها فلا تنزجر ، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين ، وكانت بي رفيقة ، فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا اشهدوا أن دمها هدر) رواه أبو داود بإسناد صحيح

وإذا تجاوزنا عصر الصحابة رضي الله عنهم فإننا نجد المسلمين قد انتصروا للنبي صلى الله عليه وسلم عبر القرون ، ودرؤوا عنه أذى المؤذين ، وطعن الطاعنين من الكفار والمنافقين والمرتدين ، والحوادث في ذلك أكثر من أن تحصر0

وفي الدولة الأيوبية أسر الملك الصليبي أرناط جمعا من الحجاج وهم في طريقهم إلى مكة ، فآذاهم وسلبهم وتنقص الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقدمهم للقتل وهو يقول :أين محمدكم ؟ دعوه ينصركم! فبلغ ذلك صلاح الدين رحمه الله تعالى فغضب لذلك أشد الغضب وحلف بالله ليقتلن الملك أرناط بيده لتنقصه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولغدره بالمسلمين ، فهيأ الله تعالى له الأسباب للبر بقسمه ، فكان هذا الملك المستكبر من ضمن الملوك الذين أسرهم المسلمون في موقعة حطين ، فأمن صلاح الدين سائر الملوك سواه ، وأمر بإحضار أرناط حتى أقاموه أمامه ، فقام إليه بالسيف ، ودعاه للإسلام فامتنع ، فذكره صلاح الدين بشتمه للنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال له : ها أنا انتصر لمحمد صلى الله عليه وسلم منك فقتله0

وفي عصر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وقع نصراني يدعى عسافا في عرض النبي صلى الله عليه وسلم وشتمه ، فأراد الناس الانتصار منه للنبي صلى الله عليه وسلم فاستجار عساف هذا بأحد شيوخ الأعراب فأجاره وحماه من الناس ، فسار الشيخان تقي الدين ابن تيمية وزين الدين الفارقي إلى الأمير عز الدين أيبك الحموي نائب السلطنة فكلماه في أمره ، فأرسل ليحضره فخرج الشيخان من عنده ومعهما خلق كثير من الناس ، فرأوا عسافا حين قدم ومعه الأعرابي الذي أجاره ، فلم يطيقوا أن يروا شاتم نبيهم صلى الله عليه وسلم فسبوه وشتموه فقال الأعرابي: هو خير منكم يعني: النصراني ، فرجمهما الناس بالحجارة ، فأصابت عسافا إصابة بالغة ، فأرسل الأمير إلى الشيخين ابن تيمية والفارقي فضربهما بين يديه وسجنهما ، وأحضر النصراني فأظهر الإسلام وزعم أن بينه وبين الشهود عداوة فحقن دمه لأجل ذلك وهرب النصراني بعد ذلك من الشام إلى الحجاز ، فلحق به ابن أخيه وقتله قريبا من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبسبب هذه الواقعة صنف شيخ الإسلام ابن تيمية كتابه العظيم: الصارم المسلول على شاتم الرسول ، وقرر فيه إجماع الأمة على قتل من تنقص الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى قوله: "من شتم النبي صلى الله عليه وسلم ، أو تنقصه مسلماً كان أو كافراً فعليه القتل".

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: أما سب الرسول والطعن في الدين ونحو ذلك فهو مما يضر المسلمين ضررا يفوق ضرر قتل النفس وأخذ المال من بعض الوجوه فانه لا أبلغ في إسفال كلمة الله وإذلال كتاب الله وإهانة كتاب الله من أن يظهر الكافر المعاهد السب والشتم لمن جاء بالكتاب)

هكذا كان حال أسلافنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نصرة له ، ودفاعا عنه ، ونحمد الله تعالى أن كثيرا من المسلمين في هذا العصر قد ساروا سيرة أسلافهم فانتفضوا لما تنقص بعض ملاحدة الغرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وظهر التعبير عن ذلك بوسائل شتى من الاعتراض والاستنكار واستدعاء السفراء وتخصيص البرامج الإعلامية لذلك ، والدعوة إلى مقاطعة بضائع تلك الدولة الملحدة وغير ذلك ، ونسأل الله تعالى أن يثيب كل من غضب لله تعالى لما انتهكت حرمة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يحشرهم في زمرته ، وأن يوردهم حوضه ، وأن يسقيهم منه شربة لا ظمأ بعدها أبدا ، وأن يدخلهم الجنة معه آمين يارب العالمين ، ونرجو أن نكون ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:(من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله ) كما أسأله تبارك وتعالى أن ينتقم ممن تنقص خاتم رسله ، أو أعان على ذلك ، أو رضيه ، أو دافع عمن فعله ، وأن يجعلهم عبرة لمن خلفهم ،إنه على كل شيء قدير ، رضينا بالله تعالى ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، ونشهد الله تعالى على ذلك وكفى بالله شهيدا0

وأقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم0000



الخطبة الثانية

الحمد الله حمدا يليق بجلال ربنا وعظيم سلطانه ؛ أحمده حمدا كثيرا، وأشكره شكرا مزيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين00

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }الأحزاب710

أيها المسلمون: حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا عظيمة ، ومهما عملنا لنصرته فإننا لا نفيه حقه ، ولن نرد بذلك إلا بعض ما له علينا ؛ فهو الذي به عرفنا ربنا ، وتعلمنا أمور ديننا ، وما من خير نفعله إلا وهو من دلنا عليه ، ولا من شر نحذره إلا وهو مَن حذرنا منه ، ومن كتب الله تعالى له الجنة وأنجاه من النار ، فإنما دخل الجنة ونجي من النار بسبب الإيمان به وأتباعه صلى الله عليه وسلم0فهل أحد من أمته يجزيه جزاءه، أو يفيه حقه مهما قدم لأجله ، وصدق الله العظيم إذ يقول : {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }آل عمران164وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: (ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي، ومتفرقين فجمعكم الله بي؟ قالوا: بلى، الله ورسوله أمَنّ).

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها) رواه البخاري .

فجزاه الله عنا وعن المسلمين خير ما جزى نبيا عن أمته ، ولنعلم أننا مهما قدمنا لنصرته من مقالة نكتبها ، أو حقيقة نبرزها ، أو سيرة نتلوها أو نترجمها ، أو دعوى نبطلها ، أو رسالة نرسلها ، أو بضاعة نقاطعها فهي أقل ما يجب علينا نصرة لنبينا صلى الله عليه وسلم0

وأما أولئك الملاحدة الذين طعنوا فيه فهم في سفول وخسران في الدنيا والآخرة إلا أن يتوبوا ويؤمنوا فما انتقص أحد رسوله صلى الله عليه وسلم ثم سَلِم من العقوبة ، كيف والله تعالى يقول في الحديث القدسي ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)(16) فمن أعظم ولاية لله تعالى من أفضل خلقه وخاتم رسله عليه الصلاة والسلام ؟! ويا ويلهم ومن أعانهم أو رضي فعلهم من حرب الله تعالى لهم0

ونقل شيخ الإسلام عمن حاربوا الصليبيين من المسلمين قولهم:كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والوقيعة في عرضه تعجلنا فتحة وتسير ولم يكد يتأخر إلا يوما أو يومين أو نحو ذلك ثم يفتح المكان عنوة ويكون فيهم ملحمة عظيمة ، قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظا عليهم بما قالوا فيه ، وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل المغرب حالهم مع النصارى كذلك ، ومن سنة الله أن يعذب أعداءه تارة بعذاب من عنده وتارة بأيدي عباده المؤمنين0اهـ(17)

ولا يظنن ظان أن هذا الحدث فردي أو أنه قلم عابث ، أو فعل ساخر ؛ بل والله الذي لا يحلف بغيره إنه لبعض البغضاء التي بدت من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر0

إن الذي أغاظ الأعداء من يهود ونصارى وملاحدة من عرب وعجم أنه لا يوجد مقدس ديني لا يخضع للنقد والأخذ والرد عند كل الأمم سوى المسلمين فعندهم كتاب الله عز وجل ومن جاء من عنده ومن جاء به فوق كل نقد ؛ ولذا فهم يسعون جاهدين لتحطيم هذا المقدس ورموزه بكل ما أوتوا من قوة ؛ ليتمكنوا من إفساد المسلمين وعلمنتهم ؛ لعلمهم أنه عائق بينهم وبين ما يريدون0

وهذه الحقيقة صرح بها رئيس تحرير الصحيفة التي أساءت للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ إذ استغرب من هذه الحرمة والقدسية التي لا توجد إلا عند المسلمين ، وختم قوله بأنه يسعد لو أزال ذلك من المسلمين ، وسيبقى لعدو الله ما يسوءه إن شاء الله تعالى ، فالله تعالى حافظ دينه ، معل كلمته ولو كره المشركون0

وقد دنس إخوانه من قبلُ كتابَ الله تعالى ، ووصفوا رسوله صلى الله عليه وسلم بأبشع الأوصاف ، ومن المتوقع أن تستمر هذه السلسلة من الهجمات على مقدسات المسلمين ولا سيما إذا اختبروا ردود الأفعال فرأوها ضعيفة ؛ ولذا لابد من إصرار المسلمين على حماية مقدساتهم ، وعدم السماح بالمساس بها مهما كلف الأمر ، ليرتدع الملاحدة والمشركون وليخبوا صوت المنافقين والجاهلين الذين أزعجوا المسلمين بكيفية التعامل مع الآخر ، وزعموا أننا لا نفهمه ، وندعي عداوته ، فإذا هذا الآخر يصفعهم بهذه الطامة كما صفعهم بعظائم قبلها، فلتقف أقلامهم عن الكتابة ، ولتخرس ألسنتهم عن النطق ، وليعودوا إلى إيمانهم خيرا لهم0

وإذا كان اليهود قد جعلوا من المحرمات الدولية التي لا يجوز المساس بها: معاداة السامية ، أو نفي المحارق النازية ؛ فإننا - معشر المسلمين - لسنا بأقل من اليهود ، ولا ابتزازهم للعالم بأكرم عليهم من كرامة النبي صلى الله عليه وسلم عندنا0

إن الذين يدعون إلى حرية الرأي يريدون أن يصير حال المسلمين حال هؤلاء الملاحدة في قوانينهم وأنظمتهم ، يطعنون في جلال الله تعالى وفي ملائكته ورسله عليهم السلام فلا يحاكمون؛ لأن القانون الطاغوتي يحمي حرية الرأي ، فهل من يدْعون إلى حرية الرأي في بلاد المسلمين يريدون ذلك ؟ أم هم جاهلون لا يعرفون لوازم دعواتهم ومآلاتها !!

ولنعلم أن كل داع إلى حرية الكلمة من الضوابط الشرعية فإنما هو يعبّد الطريق للطاعنين في الله تعالى وفي ملائكته وكتبه ورسله وفي كل معظم في نفوس المسلمين ، مقدس عندهم ، فهو العدو الذي يجب الحذر والتحذير منه ، والأخذ على يده؛ لئلا يعتدى بسببه على ربنا وديننا وقرآننا ورسولنا صلى الله عليه وسلم.

حفظ الله المسلمين بحفظه ، وأسبغ عليهم نعمه ، وكفاهم شر أعدائهم ، إنه على كل شيء قدير ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسوله وآله وصحبه أجمعين
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى