لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
مسلم
مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

من أخطائنا في تربية أبنائنا  Empty من أخطائنا في تربية أبنائنا {الثلاثاء 22 نوفمبر - 8:55}

د.محمد بن عبد الله الهبدان
من أخطائنا في تربية أبنائنا

الخطبة الأولى

الحمد لله (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ)، (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

اللهم لك الحمد بما أنعمت به علينا من نعمك العظيمة وآلائك الجسيمة؛ حيث أرسلت إلينا أفضل رسلك؛ وأنزلت علينا خير كتبك؛ لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بالسنة، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، أو سر أو علانية، أو عامة أو خاصة، أو شاهد أو غائب.

لك الحمد حتى ترضى؛ ولك الحمد إذا رضيت، ولا حول ولا قوة إلا بك.

وأشهد ألا إله إلا أنت، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك؛ وصفيك وخليلك، وخيرتك من خلقك، وأمينك على وحيك؛ بعثته إلينا بالهدى ودين الحق لتظهره على الدين كله ولو كره المشركون؛ أما بعد:



أيها الإخوة الكرام:

فمواصلة في تصحيح المنهج الذي يسير عليه بعض المربين في تربية الأبناء، الذين هم فلذات الأكباد، وقرة العيون، وبهجة النفوس، نتناول بعض تلك الأخطاء الشائعة في منهج تربيتنا لفلذات الأكباد. ومن بين تك الأخطاء أمرٌ ذميم، وهو: تربية الأبناء وتنشئتهم على توافه الأمور.

إنّ الكثير من أبنائنا يتقدم به عمره، وتسير به أيامه، وهو لا يعرف هدفه، بل قد تجده في غفلة عن غايته، قد ضعفت رؤيته، بل كادت أن تنعدم، بسبب تربيةٍ جعلت وسائله غايات، وشغلته بالمظنون عن المتيقن، وتعلقت همومهم بتطلعات أرضية يتساوى فيها المسلم والكافر، بل قد يتفوق فيها الحيوان على الإنسان، فأصبح همه الملازم، وشغله الشاغل التفكير بلقمة العيش، والاستعداد والتهيؤ لتبعات ذلك. ولتتحقق من ذلك أطرح على كثير من طلابنا السؤال التالي: لماذا تدرس؟!.

ستفاجئك إجابة السواد الأعظم، وستتبين أنّ هدف الكثيرين من الدراسة ينحصر في الحصول على لقمة العيش والمكانة المرموقة والبيت الواسع والمركب الفارِه!.

ويعزز ذلك هذا الفرح الغامر بالعطل والإجازات، وهذا النهم من قبل كثير منهم بالغش في الامتحانات لو أتيحت لهم الفرصة.

وكلُّ ذلك يؤكد أن الطالب لم يقتنع بجدوى هذا التعلم، بل يراه وسيلة لتحقيق آمال، وقطع طريق لا بد من قطعه حتى ينال ما تصبو إليه نفسه.

ولو اعتقد أن عليه واجباً تجاه دينه وأمته وأن السبيل لأداء هذا الواجب هو العلم الذي سيرفعه في الدنيا والآخرة، ويعيد أمته إلى مكانتها المرموقة في ذروة المجد؛ لاسترخص كل جهد ووقت يبذله ويمضيه في هذا السبيل؛ ولاستخسر كل جهد ووقت يبذله في غير هذا الأمر.

ومن مساوئ هذا التوجه التربوي الخاطئ : قصْر النفس على الشهوات، وإخلادها إلى الصغائر، وشغلها عن الغايات، ورضاها بالدون، وتقاصرها عن المعالي، وتعطيل الطاقات التي أودعها الله في هذا الإنسان، والحيلولة بين هذه الأمة وبين تسنمها ذروه المجد وموقع التأثير، والجناية عليها بتهميش طاقاتها؛ بصرف أبنائها - الذين هم عدتها - عن غاياتهم السامية النبيلة، وإتاحة الفرصة أمام أعدائها بدوام غفلة هذه الأمة عما يراد بها، حتى تتحقق آمالهم في السيطرة والاستحواذ على خيراتها ومدخراتها.

وبمقارنة آمال أبناء الأمة في هذا العصر بمن أخبر الله عنهم في القران من الأنبياء والمؤمنين، وما حفلت به كتب السنة والسيرة، تفجعك الكارثة وتذهلك المصيبة، فآمال أولئك الصالحين تتجاوز الجوزاء، وتمتد لتحتوي الزمن القادم، وتتجاوز العصر الذي تعيشه وتعايشه؛ لتؤمل في أحقاب زمنية قادمة، فتأمل هذا الدعاء النبوي الذي دعا به إبراهيم الخليل وإسماعيل عليهما السلام، وقد أخبرنا به ربنا جل وعلا في محكم التنزيل فقال: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ{129}). [سورة البقرة، الآيات: 128- 129].

فتأمل هذا الدعاء النبوي عبر هذا السياق القرآني، تجده قد تضمن: أولاً: الدعاء بأن يكون هو وذريته مسلمين لله.

ثم كأنه تطلع إلى آفاق المستقبل، فتصور أحفاده وهم يحيطون بهذا البيت، وقد تقادم بهم عهد النبوة، وانقطع عنهم هدي الرسالة، فتاهوا في دياجير الظلام، وأيقن أنه لا مخرج لهم من هذه الظلمات إلا من خلال رسالة إلهية، فعندئذ دعا ربه قائلاً: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ{129}). [سورة البقرة، الآية: 129]. ) فضمّن ابتهاله إلى الله أن يبعث هذا الرسول لتزكوا به النفوس فتُخلص وتوحد.

إذاً فقد كان أمل هذا لنبي الكريم أن يبعث الله في ذريته نبياً، فلم يكتف أن يكون مسلماً، ولا أن تكون ذريته مسلمة، بل ابتهل لله تعالى أن يكون في أحفاده نبي يدعوهم إلى الحق، ويهديهم إلى الصراط المستقيم.

ومثال آخر، أخبرنا الله عنه حينما ذكر صفات عباد الرحمن، فقال عز من قائل: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً). [سورة الفرقان، الآية: 74]. فهؤلاء الصالحون يسألون الله تعالى أن يجعل أزواجهم وذرياتهم قرة أعين لهم، وأن يكونوا هم وذرياتهم أئمة للمتقين حقبة بعد حقبة، بدءاً من عصرهم ومروراً بالعصور اللاحقة.

إنّه التطلع إلى الأمام، والرغبة في ريادة الأمة وقيادتها في مواكب المتقين. وهذا التطلع ليس من أجل الرئاسة ولا تحقيقاً لشهوة النفس في الاستعلاء والسيطرة، ولكنها الرغبة الصادقة في الأخذ بحجز الإتباع عن النار، ودلالة الخلف إلى منهج السلف، ودعوتهم إلى الحق وأن يكونوا قدوة لهم في التمسك بالمنهج الرباني الذي أمر الله به ورسوله.

وحينما نستعرض بعض الأمثلة من أصحاب رسول الله نتبين كيف تؤتي التزكية أعظم ثمارها فتبني في النشء همماً عالية تصاحب النجم في مداره، وتسبق القمر إلى مساره، وترتاد آفاقاً تعجز الطيور السابحات في الفضاء عن ارتيادها، ومن هذه النماذج:



· خبر ابني عفراء في غزوة بدر:

يقول عبد الرحمن بن عوف مخبراً عما رأى في بدر: "بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وشمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما، فقال: يا عم، هل تعرف أبا جهل؟! قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا بن أخي؟!.

قال: أُخبرت أنّه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك! فغمزني الآخر فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، قلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني، فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه.

ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه، فقال: أيكما قتله؟! قال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال: هل مسحتما سيفيكما؟! قالا: لا. فنظر في السيفين، فقال: كلاكما قتله...". [أخرجه البخاري].

وفي رواية أخرى للبخاري: "قال: فما سرني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إليه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء".

والمتأمل في هذه الحديث يقف على أمور منها :

1) أن المجتمع المسلم آنذاك كان كالصف الواحد، وكالبنيان المرصوص، كل يرى أن عليه واجباً تجاه دينه ونبيه وأمته، كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم دون استثناء لأحد منهم.

2) المسارعة والمسابقة إلى الإعمال الصالحة، والتضحية بالنفس والنفيس؛ رغبة في نصرة هذا الدين وتأديب المناوئين، يوضح ذلك أن ابني عفراء وهما إخوة، وكلّ منها لم يخبر أخاه بما هو صانع في هذه المعركة لئلا يسبقه.

3) الهمة العالية إذ لم يكتف كل منهما بالمشاركة في المعركة رغم صغر سنهما، بل عاهد كليهما الله تعالى على انه إن رأى أبا جهل أن يقتله، أو يموت دونه، ولاغرو فالهمم العلية تحقق لأصحابها الغايات السامية، كما تحقق لهذين الشابين ما تحقق من السبق والمناصرة والمؤازرة.

4) إذا رنت أنظار الشباب إلى الهمم العالية دفع ذلك بقية أفراد الأمة إلى مضاعفة الجهود، وبذل النفوس، والاغتباط بهذه الآمال، وحفزها وإعانتها على الظهور إلى الوجود، وارجع إن شئت البصر إلى قول عبد الرحمن بن عوف قبل أن يعرف آمال هذين الشابين، وقوله بعد أن عرف غايتهما.



· تسابق الغلمان للمشاركة في معركة أحد:

حينما احتشد المسلمون أيما احتشاد استعداداً لغزوة أحد، وتقدم حتى الغلمان طلباً للمشاركة في هذه المعركة، وأشفق عليهم الرسول الرحيم الرءوف، فرد منهم من رد لصغر سنه، وكان فيمن ردّ أسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، والبراء بن عازب، وعمرو بن حزم، وأُسيد بن ظُهير، وسمرة بن جندب، ورافع بن خديج، رضي الله عنهم أجمعين.

فشفع أبو رافع لابنه، وقال: "يا رسول الله، إن ابني رافعاً رامٍ" فأجازه النبي عليه الصلاة والسلام.

ولنتأمل موقف هذا الأب! انه يشفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يجيز ابنه في هذه المعركة!.

إنه لا يشفع ليشارك ابنه في رحلة سياحية، أو دورة دراسية، أو وجاهة اجتماعية، أو مغنمٍ دنيويّ، بل يشفع ليدخل ابنه في معترك الرجال، ونضح النبال وجلاد السيوف، وضرب الرقاب!.

وهنا يظهر أثر التربية الصادقة التي تورث الهمم العالية، فيتقدم سمرة الذي رده النبي صلى الله عليه وسلّم قائلاً لقد أجزت رافعاً ورددتني، ولو صارعته لصرعته!.

ووقعت المصارعة بين رافع وسمرة، فصرع سمرة رافعاً، فأجازه الرسول عليه الصلاة والسلام!.

إن تسارع هؤلاء الغلمان إلى المعركة، وتنافسهم في المشاركة فيها يعجز أي قلم عن التعبير عنه، مهما كان سيّالاً، ويلجم أي خطيب عن التعليق، وإن كان مفوّهاً، ويوصد أبواب البيان أمام كل مبدع مهما أوتي من ضروب البيان وقوّة التعبير.

بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، العبد المجتبى، والنبي المصطفى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه واقتفى. أما بعد:

وبعد الطواف مع هذه النماذج الإيمانية ينتقل الحديث إلى ما ينبغي على المربي عمله تجاه من يربيه، وحتى نجنب أولادنا ومن نربيهم مهاوي الردى، ومغبات السقوط، وحتى نرفعهم عن همم الدواب وأشباهها، لتكون لهم همة إنسان حمل أمانة، وتشرف برسالة، وكلف بخلافة، فتكون همته عالية، وغايته سامية، ينبغي أن نغرس فيه منذ الصغر استشعار حلاوة إسلامه، وأنه يجب أن يخالف، بل يتميز عن الكفار في كل أمر؛ في مظهره، ومخبره، وفي غاياته وآماله.

وكذلك نجعله يستشعر أنه ينتسب إلى أمة موصولة بالله، تسير على هدى الله، وتملك مالا تملكه سائر البشرية، وهو كتاب الله، ومنهج الله، ونور الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

وأن يعلم منذ الصغر أن أمته تواجه من أعدائها أعتى الحملات، وأعنف الهجمات، فتُنهب خيراتُها، ويُشرّد أبناؤها، وتُستحل وتُنتهك حرماتُها، وتُستباح أراضيها، ولذلك فهي تنتظر من كل أبنائها البررة - وأنت منهم - أن يكون كلّ فرد منهم على ثغرة من ثغورها؛ فيسد الخلل، ويجبر الضعف، ويكمل النقص، ويعينها على نوائب الدهر وصروف الزمان.

كما ينبغي أن توجه إليه بين آونة وأخرى عبارات تشعره بذلك وتحفزه، بل تدفعه إلى المشاركة في تحقيق آمال الأمة، من مثل قولك:

§ يا بُنيّ، أعدّ نفسك لأن يُكتَبَ نصرُ الإسلام على يدك.

§ يا بُنيّ، ألم يُنصر الإسلام على أيدي رجال أفذاذ كأبي بكر يوم الردة والإمام أحمد يوم المحنة؟!. ألست رجلا مثلهم؟!.

§ يا بُنيّ، حاول، وتذكّر قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). [سورة العنكبوت، الآية: 69]. ألم تعلم أنك حينما تجاهد نفسك لتحقيق هذا الأمر فأنت مأجور - إن شاء الله - سواء تحقق على يديك أم لم يتحقق؟!.

§ يا بُنيّ، إن الأمة تنتظر منك أن تكون العالم المفتي، والقاضي العدل، والإمام الحافظ والمسئول الأمين، والقائد المحنّك، والتاجر الصادق الناصح.

§ يا بُنيّ، إن كنت طبيباً أو مهندساً، أو ما شئت أن تكون، فاحرص أن يكون هدفك من هذا التخصص أن تغني الأمة عن الكافرين، وأن تكون الطبيب المسلم، والمهندس المسلم، الذي ينصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قِبلك.

§ يا بُنيّ، أنت رجل مسلم، والرجل المسلم من أبناء الآخرة، وليس من أبناء الدنيا، فاحرص على أن تكون من ورثة جنة النعيم؛ لتفز برضا رب العالمين.

§ يا بُنيّتي، كوني داعية تحمل هم هذا الدين، وتحمل مشعل الهداية إلى الآخرين، احفظي كتاب ربك، وتزودي من العلم النافع؛ الذي يؤهلك لدلالة ذويك ومجتمعك إلى الصراط المستقيم.

§ يا بُنيّتي، لقد أنبأنا الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله، أنه سبحانه عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، فقال سبحانه: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً). [سورة الأحزاب، الآية: 72]. والإنسان يشمل الذكر والأنثى، فأنت مسئولة عن هذه الأمانة هل حملتيها حق حملها أم ضيعتها؟!. وإنني أخشى عليك أن تضيعي، وبسبب إضاعتها، قد تُضيعين، فتَضيعين يوم القيامة.

§ يا بُنيّتي، أعدي نفسك لمواجهة هذا السيل الجرار من الهادمات، قومي بدورك، واعلمي أن الله ناصرك ومعينك.

أفتكون قرينتك وصاحبتها تعمل كل هذا العمل وأنت وآلاف الخيرات من أمثالك الطيبات لا تقدمن ولا تُبدينَ؟!.



أيها المسلمون:

إنّ مهمة المربي أن يفتح آفاق الحياة أمام ناظري من يربيه, وأن يحمله بعض آلام هذه الأمة، وأن يهيئه نفسياً للقيام بدوره، وأن يهيب به لإعداد نفسه لملء الفراغ وسد الثغرة، وإغناء الأمة بأبنائها عن أعدائها.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لإحسان تربية الأبناء.

اللهمّ اصلح لنا نياتنا وذريّاتنا.

(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً).

(رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).



وصلى الله على رسوله الأمين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى