لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
مسلم
مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

فضل الدعوة إلى الله وأساليبها وطرقها  Empty فضل الدعوة إلى الله وأساليبها وطرقها {الثلاثاء 22 نوفمبر - 8:57}

الشيخ /صالح بن عبد الرحمن الخضيري
فضل الدعوة إلى الله وأساليبها وطرقها

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي أعز أولياءه المؤمنين في الدنيا والآخرة، وأيدهم بنصره المبين، فهو حسبهم، وكفى بالله حسيباً.

وأشهد أنَّ محمداً عبد الله ورسوله، وخليله وأمينة، وخيرته من خلقه، وسفيرهُ بينه وبين عباده، بعثه الله بالدين القويم، والمنهج المستقيم، وأرسله رحمةً للعالمين، وإماماً للمتقين.

أرسله الله على حين فترةٍ من الرسل؛ فهدى به إلى أقوم الطرق، وأوضح السبل. اللهم صلّ وسلم على هذا النبي الكريم، وارضَ اللهم عن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

فإنّ أصدق الحديث كتابُ الله تعالى، وخير الهدى هدي محمدٌ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثه بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلاله، وكلَّ ضلالةٍ في النار: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).



أيها المسلمون:

إّنَّ الدعوة إلى الله تعالى، هي سبيل الأنبياء والمرسلين، ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين، من العلماء الناصحين، الدعاة الصادقين، قال عزّ وجل مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم: (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

دعوةٌ واحدةٌ مستقيمة لا عوج فيها ولا شك ولا شبهة، تستمدَّ قوتها من القوي العزيز، فنعم المولى ونعم النصير، فالرسل عليم السلام دعاةٌ إلى التوحيد وإخلاص العمل لرب العالمين: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) وذلك أنّ الفِطَر قد تتغيّر فينحرف بعض الناس إلى عبادة غير الله، أو تحكيم الطاغوت والمحاكمة إليه، فيقعون في الشرك والضلال البعيد.

ومن أجل ذلك أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، للدعوة إليه سبحانه، تذكيراً للغافل، وتعليماً للجاهل، ورداً للشارد عن منهج الله عز وجل، ودعوةً له للرجوع إليه سبحانه، كما قال تعالى:

(وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ...).

(وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ...).

(يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى).



عباد الله:

لقد أرسى القرآن الكريم قواعد الدعوة ومبادئها وأشاد بوسائِلها وطرائقها وما ذاك إلا لمكانتها وأهميتها.

أمّا رسول الله محمدٌ صلى الله عليه وسلم فهو المكلّف بدعوة الأمة من العرب والعجم والجن والإنس، فهو رسولُ إلى العالمين: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً). (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً).

ولقد كُلِّفت هذه الأمة بما كُلِّف به رسولها صلى الله عليه وسلم وأمرت بالقيام بدعوة البشرية إلى سبيل رب البرية قال تعالى: (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

لقد بينت الآية الكريمة بكلمةٍ واحدة طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهاجه وشرعته ولكن هذا الإيمان بلغ الغاية في قوته وعظمته ونمائه فهو ليس كإيمان الناس اليوم، بل يملأ شفاف القلب ويبلغ حبات الفؤاد، ويستحوذ على جنبات النفوس.

إنه إيمان جهاد ودعوة إلى الله، حتى تكون الدعوة إلى الله أحب إلى المؤمن من ماله ونفسه التي بين جنبيه.

لقد أعلم الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بأن رسالته تتخلص بكلمةٍ واحدة: هي الدعوة إلى الله، ووصفت هذه الدعوة في كتاب الله بصفاتٍ ثلاث:

أولها: أنها دعوة قائمة على بصيرة: أي حجة واضحة ويقين، يتميز الحق من الباطل، فهي دعوةٌ تعرفها الفطر السليمة، وتوقن بها العقول المستنيرة.

الثانية: أنها ليست قاصرةً على الرسول صلى الله عليه وسلم وحدة: ولكنها دعوته ودعوة كُلِّ متبع لهديه مقتدِ بسنته، وهكذا كان المجتمع الإسلامي مجتمعاً يحمل أفرادهُ جميعاً رسالةً واحدة، يشرون أنفسهم في سبيلها، فبلغوها العالم بأسرة.

الثالثة: لهذه الدعوة: أنها تنابذ الشرك منابذة تامة، ولا تهادنه أي مهادنه، بل تريد القضاء عليه قضاءً تاماً.

ومع شديد الأسف غفل المسلمون اليومَ عن رسالتهم، فقاد ذلك الأمرُ الناسَ إلى جاهليتهم وشركهم ووثنياتهم، وإن أُلبست لبوساً آخر، فإن الأسماء لا تغيِّر شيئاً من الحقيقة.



أيها المسلمون:

إنّ الدعوة إلى الله عز وجل من أفضل الأعمال وأجلِّها وأحسنها وأزكاها، وكيف لا تكون كذلك وقد قال سبحانه: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

قال ابن جرير رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: ومن أحسن أيها الناس ممن قال ربنا الله، ثم استقام على الإيمان به والانتهاء إلى أمره ونهيه، ودعا عباد الله إلى ما قال، وعمل به من ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله". [رواة مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: "من دعاء إلى هدى كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثلُ آثام مَنْ تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً".

وفي حديث سهل بن سعد المنتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النعّمَ".

أي: خير الأبل وأكرمُها وأنفسُها.



أيّها الأخوة:

ولا ريب أنّ الدعوة إلى الله في وقتنا الحاضر من أهم المطالب وأعظم المقاصد ونحن بحاجة ماسّة بل فيِ ضرورةٍ ملحّه إلى إصلاح الأوضاع ودعوة الناس إلى العقيدة الصحيحة والوعي الشامل الكامل لأحكام هذا الدين.

فها هم دعاة الشبهات والشهوات يدعون إلى فسادهم وينشرون باطلهم على مرأى ومسمعٍ من المسلمين.

أفيليق بأهل الخير والصلاح والدعوة والإصلاح أن يتأخروا وقد تقدّم غيرهم؟! وأن يستمروا في سباتهم ونومهم وقد تنبه الآخرون؟!.

أيجمُلُ بأهل الإسلام وهم أهل المنهج القويم والصراط المستقيم أن يتركوا المجال لدعاة التنصير والذي نشروا في أكثر البقاع باطلهم ورَوّجوا لعقائدهم؟!.

فهاهم يلجون الأدغال النائية ويستغلون الشعوب الفقيرة الجاهلة، ويبثّون العقائد الفاسدة، وأنه لا بد لكل مسلم ومسلمه من الدعوة إلى الله وكل بحسبه ومقدرته لا سيما ونحن نرى أبناء أن شريعة الإسلام وأحكام القرآن قد غيّرت وبدّلت في الكثير من بقاع العالم اليوم، ووسائل الإعلام تبث سمومها، وتنشر باطلها، والمبتدعة ودعاة التصّوف والقَبٌوريون يجتاحون بقاعِ شتى من العالم، والعلمانيون والرافضة يبثّون الشرّ والفساد ويدعون إلى الكفر والإلحاد.

فلا بدَّ لكل مسلم غيور أن يتصدى لهذا الأمر العظيم بحسب وسعه (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا) فالغني بماله يبذله للدعوة والدعاة، ولمشاريع الخير الإصلاح، والمتعلَّم بعلمه ونصحه وإرشاده، فكلٌ منا على ثغرة. فالمدرس في مدرسته، والطالب مع زملائه، والموظف مع إخوانه، وإمام المسجد مع جماعته، والشاب مع أهل حَيِّه وأسرته.

ولا بد من مراعاة أحوال المدعويين والتلطف والرفق في المعاملة والإحسان وبذل المعروف، قال عزّ وجل: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

نعم، إن الدعوة إلى سبيل الله لا لشخص الداعي ولا لقومه، فليس للداعي من دعوته إلا أنه يؤدي واجبه لله، لا فضل ليتحدث به، لا على الدعوة ولا على من يهتدون على يديه، فإنما أجرة على الله.

قال أبن القيِّم رحمه الله: "جعل الله مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق، فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يدعي بطريق الحكمة، والقابل الذي عنده غفلة وتأخر ويدعى بالموعظة الحسنة، وهي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن". أهـ. [مفتاح دار السعادة].



عباد الله:

أننا لو استقرأنا أخبار الرسل ودعواتهم، ونظرنا في تاريخ حركات الإصلاح، لوجدنا أن مواقف الناس من الدعوة لا تخرج عن ثلاثة مواقف:

الصنف الأول: وهم أولئك الذين طَهّر الله تعالى نفوسهم من الكبر والغرور، فعقلوا عن الله ورسوله، وآمنوا بالحق المبين، وعاشوا من أجله وضحوا في سبيله: (أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ).

الصنف الثاني: أولئك الذين ماتت ضمائرهم وقست قلوبهم، فوقفوا بكل عناد واستبداد يعارضون دعوات الرسل والأنبياء ويحاربونها بكل وسيلةٍ، فالملأ دائماً في طليعة من يتصدى لأنبياء الله، لأن نفوسهم قد امتلأت بحب المال والجاه، وقلوبهم قد أُشربت كرهَ كلِّ مَنْ يدعو إلى دين الله، قال سبحانه عنهم: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ) وقومُ نوح أقرب مثال على هذا: (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً).

بل إنهم يصرفون الآخرين عن الدعوة وعن الحق لئلا ينعموا به: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) إنهم يتآمرون ويمكرون ويكيدون: (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً * وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً).

الصنف الثالث: فَهُم الذين لم يكن لهم إيمان الصنف الأول، ولا جرأة الصنف الثاني المكذبين، ولكنهم شرٌ منهم، يشتركون مع الصنف الثاني في خبث النفس وفساد الفطرة والطويه والحنق على الرسل، ويزيدون بأنهم على قدرٍ عظيم من الجبن وضعف القلب والمراوغة، أولئك هم المنافقون، والذين قال الله عنهم: (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ).



أيها المسلمون:

إنّ مجالات الدعوةِ إلى الله كثيرةٌ ومتنوعةٌ، وأساليبُها وطرقها متعددة: ومن ذلك مجال التعليم عموماً في المدرسة والجامعة والمسجد، وغير ذلك.

فالمدرس يجب أن يكون داعية إلى الله بالقول والعلم والقدوة الحسنة، فلا يقتصر دوره على مجرد إلقاء الدرس فقط، بل عليه أن يوجه ويعلم ويرشد الطلاّب إلى كل خير وعملٍ صالح.

ومن مجالات الدعوة أيضاً: إمامة المسجد، وكذا موسم الحج.

ومنها الدوائر والأعمال الوظيفية، فيجب على رئيس العمل أن يسهم في الدعوة بين منسوبيه وموظفيه، وبالتوجيه وبث الوعي، وأن يتفقدهم عند حضور الصلاة، وأن يشجع كلَّ عمل مثمر ودعوة إلى الخير وتعميمه.

بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدون إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وإله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الأمين، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد.

فإنّ من وسائل الدعوة إلى الله نشر الكتيِّب الإسلامي وتوزيعه، فإن هذا من الجهد المشكور والعمل المبرور، وهنا لا بدَّ من تنبيه وهو أن الساحة اليوم تعج بهذه النوعية فينبغي أن يختار منها ما هو الأصلح والأنفع، وليرجع إلى طلبه العلم والمختصين في اختيار المناسب لعامه الناس.

ومن وسائل الدعوة أيضاً: الشريط الإسلامي، فلقد يَسّر الله عز وجل الانتفاع به بصورةٍ لم يسبق لها مثيل، فهو يحتوي على الأحكام الفقهية، والعقائد الصحيحة النافعة، والكلمات الصادقة، والمحاضرات المفيدة، وهو مع المسلم في سيارته وداخل منزله، وهذا من أسباب تيسير العلم، فلله الحمد والمنة.

وبالجملة فلا ينكر أثر الشريط الإسلامي ومنزلته إلا جاهل به، فكم هدى الله عز وجل به ضالاً، وكم صار - بإذن الله - سبباً في رد شبهة وإنكار، وكلمه حق، وقول صدق، ومع ما يمُّر به من عقبات إلا أنه المسلمين بحمد الله يدركون أهميته ومكانته.

وإن لم يكن من فوائدة الكثيرة ومنافعه العديدة إلا أنه حَلَّ مكان الأغنية الماجنة وأصوات الفساق من المغنيين والمغنيات هذا الغناء الذي أفسدَ القلوب، وزرع النفاق فيها، وحّرض على الفواحش وارتكابها فكفى.

قال الإمام العلامة أبن القيِّم رحمه الله: "ولا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماعَ الغناء كما يجنبهنَّ أسباب الريب... فلعمر الله كم مِنْ حرّةٍ صارت بالغناء من البغايا، وكم من حُرِّ أصبح عبداً للصبيان أو الصبايا، وكم من غيور تبدل به اسماً قبيحاً بين البرايا، وكم من ذي غنى وثروةٍ أصبح بسببه على الأرض بعم المطارف والمشايا، وكم من معافى تعرض له فأمسى وقد حلّت به أنواع البلايا، وكم جرّع من غصّه وأزال من نعمه، وجلب من نقمه وذلك منه من إحدى العطايا وكم خبأ لأهله من آلام منتظره، وغموم متوقعه، وهموم مستقبله". أهـ.



أيها المسلمون:

لا بد من التذكير ببعض ما يجب على الداعية أن يتخلّف به ولو على جهة الإيجاز والاختصار، ومن ذلك أن يجتهد في تزكيه نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، ويصلحها قدر الإمكان.

وكذا أسرتهٌ وأهلُ بيته، عليه أن يعمل على أصلاحهم وتأديبهم، وإبعاد الفساد عنهم.

ومن صفات الداعي إلى الله: الصدق في الأقوال والأفعال، فإنّ الصدق يهدي إلى البر، والبرُّ يهدي إلى الجنة.

وإن مما يدمي القلب أن يتوسّع بعض الناس في المعاريض تحت شعار مصلحة الدعوة وسلامة الدعاة، ومصلحة الدعوة تقتضي الانقياد الكامل لأوامر الله، واقتفاء أثر أنبيائه ورسله وسلامة الدعاة من أذى يصيبهم في الدنيا لا يساوي شيئاً أمام ما توعد الله به الكاذبين: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً).

ومن أخلاقه: التواضع؛ فيعرفُ قدر نفسه، فلا يضعُها في غير موضعها، ولا يحتقر إخوانه، ويعرفُ أيضاً للعلماءِ وطلبه العلم أقدارهم "ومن جهل أقدار الرجال فهو بنفسه أجهل".

ومن ذلك: الصبر، وما أعظمه، فهو قرين اليقين، وبهما تنالُ الإمامةُ في الدين، قال تعالى (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).

ومن صفات الداعية الناجح: العدل، وهو إعطاء كلّ ذي حق حقه، ويشمل العدلَ في تقويم الرجال والكتب ووسائل العلم، والحكم على الناس.

ومن أهمِّ الصفاتِ وأعظمِها، وأدلها وأكبِرها: الإخلاص لله عز وجل، فيكون مقصودة وهدفُهُ إظهار دين الله، وإعلاءُ كلمة الله، ونفع المدعوين وهدايتهم إلى الخير، وهذا مستفاد من قوله سبحانه: (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عن هذه الآية: "فيها التنبيه على الإخلاص، لأنّ كثيراً لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه".

يعني أنه يريد الظهور والمدح من الناس وهذا ينافي الإخلاص. والله المستعان.

ثمّ أفضل الصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ محمد بن عبد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى