لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

نقض دعوى حرية الرأي  Empty نقض دعوى حرية الرأي {الأربعاء 23 نوفمبر - 10:06}

الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل
نقض دعوى حرية الرأي

الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين؛ خلق الخلق فأحاطهم بقدرته وعلمه، وقضى فيهم بحكمه وحكمته {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } نحمده على جزيل عطائه، ونشكره على عظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله ؛ أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وقضى بهيمنة دينه على كل الأفكار والملل، والآراء والنحل {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ} صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أنقى هذه الأمة قلوبا، وأزكاهم أعمالا، أخلصوا لربهم، واتبعوا نبيهم، ونصروا دينهم، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ فإنكم في زمن كثرت فتنه، واشتدت محنه، وازدادت غربة الدين وأهله فيه، فتمسكوا بدينكم ولو تفلت الناس منه، والزموا هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم ولو أحدثوا فيه؛ فإن العبد يسأل يوم القيامة عن عمله لا عن عمل غيره {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ }.
أيها الناس:
يحتكم البشر فيما بينهم في كل زمان ومكان إلى ما يرتضونه من شريعة أو عرف أو قانون؛ فأتباع الشريعة الربانية لا يرضون بغير شريعة ربهم حكما بينهم، فهي قانونهم ونظامهم، يقفون عند حدودها، ويلتزمون قيودها. وأهل الشرائع المحرفة أو المبدلة يفعلون ذلك فيما ارتضوه من شرائعهم، والملاحدة لهم قانون يلتزمونه فيما بينهم، بل إن جهلة الناس من أعراب الصحراء، ومن يعيشون في الأدغال، ولم يطلعوا على شيء من الحضارات والمعارف لهم أعرافهم وأنظمتهم التي ينظمون بها شئونهم، ويعرف أفرادهم بواسطتها حقوقهم، ولا يوجد بشر مهما كانوا ليس لهم نظام ولا قانون يلتزمونه، وهذا من أبين الأدلة على أن الإنسان مفتقر للعبودية، فإما أن يكون عبدا لخالقه سبحانه، وإما أن يكون عبدا لمخلوق مثله، ولا يوجد شيء في الأرض يسمى حرية مطلقة لا في الأفعال ولا في الأقوال. خلافا لما يزعمه الزاعمون من أن الإنسان ولد حرا بلا قيود عليه فله أن يدين بما يشاء، وأن يفكر كيف يشاء، ويقول ويفعل ما شاء، ويكتب وينشر ما شاء، وهذه كلها دعاوى عريضة ليس لها وجود في واقع البشر لا في زماننا هذا ولا قبله، ولا في دول الشرق ولا في دول الغرب، بل الموجود في كل زمان ومكان وفي كل الدول وعند كل البشر أنظمة وقوانين تضبط أقوال الناس وأفعالهم، وليس من حق أحد في أي جزء من الأرض أن يقول ما يشاء، أو يفعل ما يشاء، أو ينشر ما يشاء. وفي شريعة الإسلام للعبد حدود في أقواله وأفعاله لا يجوز له تجاوزها وإلا حوسب عليها في الدنيا والآخرة {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} وفي آية أخرى {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وفي آية ثالثة {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ }.وفي الإسلام ليس للإنسان أن يقول ما يشاء، أو يكتب ما يشاء، أو ينشر ما يشاء؛ فقد يقول كلمة أو يكتبها أو ينشرها فيكفر بها، ويستحق القتل بسببها، وقد يقول السوء في شخص فيجلد حدا أو تعزيرا. فإن لم يكن مسلما فليس له أن يسب الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو دين الإسلام وإلا استحق القتل. وليس له أن يقذف بالسوء أحدا من المسلمين وإلا عوقب. هكذا يؤاخذ الإنسان بما يقول وبما يكتب مسلما كان أم كافرا. والرأي أو الكلمة التي يزعم بعض الناس أن الإنسان حرٌ فيها قد تودي بالإنسان إلى النار، وتستجلب غضب الجبار جل وعلا وهي مجرد كلمة أو رأي قاله؛ كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ينزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب) رواه مسلم، وفي لفظ للترمذي (يهوي بها سبعين خريفا في النار) ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يكفوا ألسنتهم عما لا ينفع من الكلام قال له معاذ رضي الله عنه: (وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) رواه الترمذي وصححه.وفي كل قوانين البشر الوضعية المعاصرة ضوابط لما يقال وما يكتب وما ينشر، وعقوبات لتجاوز هذه الضوابط خلافا لما يزعمه دعاة الحرية بأثوابها الغربية في بلاد المسلمين؛ ولذا قرنوا في تعريفاتهم للحرية بين الحرية والمسئولية، وجعلوا حرية الشخص تنتهي عند حرية الآخر، وجعلوا من ضمن الأذى الممنوع في باب حرية الرأي: الأذية بالقول أو الكتابة، كالكذب على الأشخاص أو النميمة فيما بينهم أو نشر إشاعة مغرضة تضر ببعضهم، وقوانينهم تعاقب على كل هذه التصرفات التي يسمونها غير مسئولة، ولا يجيزونها بدعوى حرية الرأي أو حرية الكتابة والنشر. وكم سمعنا من قضايا رفعت على أقوام تسمى دعاوى التشهير.ولو صاح بالناس إنسان في أكبر بلاد الدنيا حرية أن حريقا قد اشتعل بالقرب منهم، أو أن قنبلة قد وضعت في طائرتهم وكان كاذبا متعمدا للكذب لعوقب على ذلك؛ لأنه من باب الأذى للناس وترويعهم، والإزعاج للسلطات المسئولة، ولا تشفع دعوى حرية الرأي، أو محبة المزاح لصاحبها في مثل ذلك، مع أنه لم يعتد على أحد لا بقول ولا بفعل.وكل دولة فيها من القوانين ما يُجَرِّم إفشاء الأسرار للدول الأخرى، وقد تصل عقوبة ذلك إلى القتل، مع أن مفشي الأسرار لم يتجاوز إلا أن قال قولا، أو كتب كتابا نبذه إلى من ينتفع منهم.ولو شهد شاهد على قضية ثم اتضح كذبه في شهادته لعاقبته كل قوانين القضاء في الأرض، شرعية كانت أم وضعية، مع أنه بشاهدته لم يخرج عن إطار القول، وبعض الناس قد يكون مولعا بشهادة الزور، أو يتأكل بها، ولم يقل أحد من العالمين إن شهادة الزور تجوز من باب حرية الرأي.وفي البلاد الغربية تمنع الكتب، وتحجب المقالات، وتُقَيَّدُ حرية الرأي والكتابة والنشر، إذا خالفت سياسة المهيمنين على الأحزاب المتنفذة ، أو كان فيها فضح لممارساتهم، أو تجييش للجماهير ضدهم، أو كان فيها ما يعكر على مشاريعهم الاستعمارية، وفي الدولة الليبرالية الأولى في العالم منعوا كتاب الخديعة الكبرى؛ لما فيه من تشكيك فيما يسمى بأحداث سبتمبر، مع أنه لا يعدو أن يكون رأيا رآه صاحبه، وحلل الحدث بموجب رأيه.ولما وقفت الصحفية الأمريكية ريتشل كوري أمام بلدوزر يهودي في محاولة منها لمنع سائقه من تدمير منزل فلسطيني، فدهسها البلدوزر عن عمد ثم عاد إلى الخلف ليدهسها مرة أخرى، لما فعلت ذلك وفقدت حياتها ثمنا لذلك تفاعل مع موقفها هذا زميلة لها فأرادت أن تعمل مسرحية باسمها، فمنعت من ذلك في بلاد الحرية التي يؤمها دعاة الحرية عندنا، وهذا المنع الذي يعد اغتيالا لحرية الرأي علق عليه أشهر الصحفيين الإنجليز ساخرا وهو يقول: كانت شجاعة ريتشل من النوع الخطأ، وكانت تدافع عن حرية الشعب الخطأ.وباحثة أمريكية نصرانية درست كتب الشيخ المجدد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، وخلصت في مقابلة لها إلى أن كتب الشيخ رحمه الله تعالى لا علاقة لها بما يجري في الأرض من عنف وإرهاب، فاتهمت بأنها وهابية وهي نصرانية، ولم تشفع لها حرية الرأي، وكونها باحثة متجردة في ذلك.ولن يجد أي سائح أو باحث في كل البلاد الغربية التي هي قبلة حرية الرأي في هذا العصر أي كتاب يشكك في المحارق النازية لليهود، أو يقلل من خسائرها، أو يوجد مسوغات لها، ولو سولت لكاتب غربي نفسه أن يبحث عن حقيقة ذلك، وينشره على الناس لكان مصيره المحاكمة والسجن، ولحوسبت دار النشر التي تنشر له، ولسحب كتابه من الأسواق تحت دعوى معاداة السامية، مع أن ذلك لا يخرج عن مجرد الرأي والبحث.وقد أوذي في سبيل ذلك عدد من الباحثين والمؤرخين والصحفيين الغربيين.وفي البلاد الأولى في الحرية فصلت مؤرخة أمريكية من مجلس النواب لمجرد أنها قالت: وجهة نظر النازيين بصرف النظر عن عدم شعبيتها لا تزال وجهة نظر، ولا تأخذ حقها في التعبير.وفي كندا حكم قاض على امرأة بالسجن مدى الحياة لأنها ذبحت زوجها بسكين، ثم علق على بشاعة جريمتها بقوله: لقد ثبت أن المرأة تستطيع أن تكون أكثر عنفا من الرجل، حتى النازي لم يعذب ضحاياه اليهود قبل قتلهم. فثارت ثورة الجمعيات النسوية واليهودية عليه حتى أفقدته منصبه بسبب هذا التعليق البسيط الذي لا يخرج عن كونه رأيا رآه. وحوسب أستاذ جامعي في فرنسا لأنه أنكر أن يكون الأرمن قد تعرضوا لإبادة جماعية على أيدي القوات العثمانية في القرن الفائت. وكم من كتب في بلاد الغرب صودرت، ومقالات حجبت، وكم من كُتَّاب حوسبوا وسجنوا على قضايا فكرية، وآراء رأوها، ولا سيما إذا تعلق ذلك باليهود وتاريخهم. وقد بان بهذه الحوادث -وغيرها كثير- أنه لا يوجد حرية مطلقة في الكتابة والنشر والرأي في أي مكان في الأرض، وأن الإنسان في الغرب قد يجرم ويعاقب على رأي رآه، أو كتاب أصدره، أو مقال نشره، أو قول أذاعه، إذا خالف قوانينهم، أو أزعج المتنفذين في بلادهم. أما إذا كانت الشتيمة تتعلق بمقدسات المسلمين فإنهم لا ينفكون أبدا عن الاحتجاج بحرية الرأي، والتلويح بها في وجوه الغاضبين عليهم، كما فعلوا لما أساء ملاحدتهم والمتعصبة منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والمسوقون لبضاعتهم الرديئة في بلاد المسلمين يرددون خلفهم كالبله والمعاتيه ما يلقونه عليهم من دروس الحرية دون نظر أو مناقشة أو سؤال عما ينتهكونه هم من حريات الرأي والنشر إذا لم يتوافق مع أهوائهم. وبهذا يتبين حجم من يزعمون أنهم مفكرون ومثقفون، وينتفخون على الناس بألقابهم التي لا تساوي شيئا أمام الحقائق، وهم يستوردون أسوأ البضائع الغربية؛ ليفرضوها في بلاد المسلمين بالاستبداد والكذب والتخويف. حمى الله تعالى بلادنا وبلاد المسلمين من شرهم وكيدهم، وردهم على أعقابهم خاسرين.إنه سميع قريب وأقول ما تسمعون.....



الخطبة الثانية

الحمد لله؛ اصطفانا من عباده مؤمنين، وجعلنا من خير أمم العالمين، نحمده على ما اصطفانا واجتبانا، ونشكره على ما أولانا وأعطانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه قال تعالى {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.
أيها المسلمون:
يعتقد المؤمن أن الله تعالى هو الخالق المدبر، له الأمر وله الحكم في خلقه، لا رادَّ لأمره ولا معقب لحكمه، وأما البشر فهم عبيد مخلوقون؛ فوجب أن يكون لهم حدود ينتهون إليها ولا يجاوزونها في أقوالهم وأفعالهم وأفكارهم، ولكن الزنادقة يرفضون ذلك لأنهم جعلوا الإنسان مركز الكون والمتصرف فيه بما يشاء، وتلك هي الفكرة التي انطلق منها ملاحدة الغرب، ثم تلقفها عنهم ملاحدة العرب؛ ليبيحوا للإنسان بها فعل ما يشاء، وقول ما يشاء، واعتقاد ما يشاء، وأي قيود دينية أو أخلاقية أو عرفية على ذلك فهي مرفوضة عند هؤلاء الملاحدة؛ لأنها تعارض الحرية المقررة عندهم المبنية على فكرة تأليه الإنسان، وكونه مركز الكون. إنهم يصيحون في مجتمعاتهم وعلى حكوماتهم يطالبونهم بحرية الرأي، وحرية النشر، وتحطيم القيود الرقابية على ما ينشرونه من قيح أفكارهم، وردغة شهواتهم، سواء كانت قيودا دينية أم سياسية أم أخلاقية، مستشهدين بدساتير الغرب ومنظماته الحقوقيه، وكأنها الحق الذي لا باطل فيه، مع أنه قد بان لنا أن حرية الرأي والنشر في البلاد الغربية لا تخلو من انتقائية ظالمة، وليست مطلقة من كل القيود. ثم إن هؤلاء المنحرفين التي ابتليت بهم أمة الإسلام يمارسون ما هو أبشع من انتقائية الغرب، فلا يسمحون لأحد بانتقادهم ولا مناقشة أفكارهم، ولا منع خبالهم، ويفرضون فكرهم الخبيث على جمهور المسلمين بأشد جرائم التزوير والاستبداد، والإقصائية والإرهاب. إنهم يزعمون أنهم لا يرتضون في باب حرية الرأي الكذب على الناس، والتشهير بهم، وبث الشائعات المغرضة ضدهم، وهم يفترون الكذب على العلماء والدعاة والصالحين، ويشهرون بهم، ويختلقون الإشاعات عليهم.ويزعمون أنهم لا يبيحون في باب الحريات أذية الغير ولو بالرأي، وأي أذى أعظم من أذيتهم للمؤمنين في ربهم جل جلاله وقد روجوا لكتب إنكاره، وزعم موته والانتصار عليه تعالى الله عن إفكهم علوا كبيرا، وآذوا المؤمنين في الملائكة والرسل عليهم السلام ففسحوا لكتب السخرية بهم، وتكذيبهم، وآذوا المؤمنين في شريعة ربهم فملئوا معرضهم بكتب الطعن فيها وانتقاصها وردها وتكذيبها وتحريفها.ناهيكم عن روايات الإثم والفجور، وكتب العهر والشذوذ، ودواوين الفسق والمجون لأشهر زنادقة العرب والعجم، تعرض للمراهقين والمراهقات والنساء والرجال، وكأنهم يسوقون بضاعتهم الرديئة على قوم لا يؤمنون بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكأنهم لا يعرفون منهم إلا أنهم شهوانيون منحرفون لا يطفئ سعارهم إلا كتبهم ودواوينهم ورواياتهم المنحلة الهابطة، فأي إهانة أهانوها لجمهور المسلمين؟ وأي جريمة اقترفوها في حق البلاد والعباد باسم حرية الرأي وحرية النشر.عاملهم الله تعالى بما يستحقون. إنهم باسم حرية النشر، وحرية الرأي قد روجوا للكتب والرويات والدواوين التي تطعن في جلال الله تعالى وعظمته، وتسخر من ملائكته ورسله، وتكذب كتبه وشرعه، وتبيح الفواحش بأنواعها. إن هؤلاء المنحرفين الشهوانيين يعظمون البشر أشدَّ من تعظيم الله تعالى، هذا إذا كانوا يعظمونه، ويحترمون الإنسان كإنسان أكثر من احترامهم للملائكة والرسل والصحابة وسلف هذه الأمة، فهم لا يجيزون شتيمة الناس بعضهم لبعض، ولا الكذب عليهم، ولا السخرية بهم، ولا بث الشائعات المغرضة عنهم، ولو من باب حرية الرأي وحرية النشر، ولكنهم يجيزون الكذب على الله تعالى وعلى ملائكته ورسله عليهم السلام، ويجيزون الطعن في خيار هذه الأمة وسلفها الصالح، ويكذبون بالثوابت والمسلمات، ويسفهون النبوءات والديانات، ويدمرون الفطرة والأخلاق.وإذا كان الله تعالى قد نهى عن سب آلهة المشركين مع استحقاقها للسب لئلا يسبوا الله تعالى {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} فكيف إذا بفسح الكتب التي تسب الله تعالى وملائكته وكتبه ورسله لتأخذ مواقعها في بيوت المسلمين ومكتباتهم.اللهم إنا نبرأ إليك مما قالوا ومما فعلوا ومما نشروا، اللهم إن أنزلت عذابا فخصهم به ولا تجعله عاما على عبادك، اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين، وفساد المفسدين، وتربص المتربصين، وردهم على أعقابهم خاسرين، أنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى