رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ /صالح بن عبد الرحمن الخضيري
الإمتحانات وجملة وصايا وارشادات
الخطبة الأولى
الحمد لله الكبير المتعال ، الموصوفِ بصفات الجلال والكمال ، والمتفضل على خلقه بالإنعام والإفضال ،
أحمده حمداً لا تغيرّ ولا زوال ، وأشكره شكراً يدوم على ممر الأيام والليالِ ؟
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أدخرها ليومٍ لا بيعٌ فيه لا خِلال .
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وصحبه خير صحبٍ وآل ، صلاةً دائمةً بالغدو والآصالِ ..
أمَّا بعد :
فقد قال الله سبحانه وتعالى :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }.
فأوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله عز وجل ومراقبته ، والمحافظة على فرائضه .
أيها المسلمون :
أشكروا الله بقلوبكم والسنتكم وأعمالكم على ما أنزل عليكم من مطر السماء لقد بدأ موسم امتحان الطلاب والطالبات فاهتم له الجميع فمن سيؤدون الامتحان ، ويعيشون على فوزٍ يرتجونه ، وأملٍ ينتظرونه ، قد جَنّدوا كافة إمكاناتهم في الاستعداد .
أما الآباء والأمهات فيمسك كثيرٌ منهم قلوبهم بأيديهم خوفاً على إخفاق أولادهم وعدم نجاحهم قد فّرغوا أولادهم من كل شغل ، وحبسوا أنفسهم عن المناسبات والأسفار ، كل ذلك تعاطف وحرص على نجاح أولادهم ليجنوا ثمار ما قدموا وما عملوا .
فنسأل الله ألا يخيب مساعيهم وألا يضيع جهدهم وأن يلهم الطلابَ والطالبات الجواب السديد
والعمل الصالح الرشيد .
عباد الله :
ولا بد في مثل هذه المناسبة من التنبيهات المختصرة : للطلاب وأولياءِ أمورهم .
أيها الأولياء :
تشكرون على اهتمامكم بأبناءكم عند موعد الامتحانات ولكن لا تكونوا كالذين يكثِّفون الاهتمام بالابناء في موسم الامتحان فقط فإذا ما انقضى هذا الأمر أفضوا أيديهم من تربية أولادهم وتوجيههم فلا يسألون عنهم إذا غابوا ، ولا يناقشونهم احضروا .
أيها الآباء والأمهات :
عَلّقوا قلوب الأبناء بالله جل وعلا واحموهم من النار الكبرى ، وحَذّروهم من التجمعات الشبابية في الأحياء ففيها يختلط الكبار والصغار ، وقد يتأخرون عن الصلوات ، ولربما تعلّموا سيء العبارات ، وتدرّبوا على قبيح الصفات ، وشجعوا المفحيطين بالسيارات ، وقد يألفون شرب الدخان وفعلَ الفواحش والموبقات ، والخوف عليهم واردٌ
من الركوب إلى الفساد والاستراحات ، فحذّروهم من الجلوس في الطرقات ، فقد حَذّر منها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإذا كنت أيها الأب ضعيف الشخصية ولا تستطيع السيطرة على الولد : فا ستشر الناصحين ، وتضرّع إلى رب العالمين بأن يصلحه ويهديه ، وأخبره بأنك لا ترضى المنكراتِ التي يَفْعَلُها وأنك لن تشفع له إذا قبض عليه عند المسؤولين وإن كان هناك قريبٌ قوي من خالٍ أو عمٍ أو نحوهما فاستعن به بعد الله عز وجلَ .
أيها الآباء :
تأخر الولد وغيابه عن البيت ولا سيما في ساعات متأخرة من الليل عملٌ سيء وتصرف مزعج ، ففي وقتنا هذا تعددت وسائل الشر وطرق الانحراف وأساليب الإغراء فأصحاب الفواحش ومروجو المخدّرات قد انتهجوا سبل الغواية ، وحرصوا على إفساد شباب الأمة بطرق ملتويه فقد يجعلون من الشقق والاستراحات لهم سبيلاً وقد يجعلون من الدوران والتفحيط في الأحياء مسلكاً يخدعون من خلاله الشباب الأغرار .
إن الوقت أيام الامتحانات إلى المدرسة وعند الخروج منها طويلاً جداً وقد يخرج الولد مبكراً بعد أداء الامتحان ثم لا يصل إلى البيت إلا بعد الظهر ووالده في وظيفته أو سوقه فيحصل خلال هذا الوقت من الفساد شيء كبير .
ألا فاحذورا أيها الأولياء واحَذّورا فإني لكم من الناصحين .
يا قوم ـ أي خَيّر ترجوه من أبن فاسد لا يقيم للصلاة وزنا ، ولا يعرفُ لك ولا لأمه حقاً هَمُّه إشباعُ غريزته ،
وملء بطنه ، والسهر في ليله ، والنوم في نهاره ـ ألاَ فادركوا الشباب فإنكم عنهم مسؤولون حقاً لقد أفسدت الأولاد الثقة العمياء المطلقة فلا متابعة ولا مناقشة ولاً علم بهم ولا عنهم حضروا إلى البيت أم غابوا عنه .
أيها المسلمون :
أمَّ المشاكل وشرارة الإنحراف لكثير من الشباب هي أعطائهم السيارة بدون متابعةً ولا استشارة .
إن بعض الآباء يعطي السيارة لسفهاء العقول الذين لا يقدّون العواقب ولا يفكّرون في تصرفاتهم
فترى هذا الحدَيث الصغير يتجول في الأحياء فحّط بسيارته ويؤذي المسلمين في بيوتهم ومساجدهم ولربما تسبّب في إتلاف ممتلكات وسيارات وقد يزهق أرواحاً بريئة وألسنته الصالحين والصالحات في البيوت يدعون عليه
وعلى من أعطاه هذه السيارة ، ودعاء المظلوم المؤذى مستجاب .
فمتى نصحوا من غفلتنا ـ أيها الناس ـ :
إن البعض لو قيل له تصدق في سبيل الخير وطرق البر لربما شحّت نفسه ولربما أعطاك مبلغاً قليلاً لكنه يَسْهل عليه أن يشتري سيارةً لسفيه يؤذي بها المسلمين بمبلغٍ يزيد على مائة ألف ريال فإين طلبُ ما عند الله ؟ وأين كَفُّ الأذى عن المسلمين ؟ أما ورد في الحديث أن أماطة الأذى عن الطريق صدقة فكيف بمن يلقي الأذى في طرقات المسلمين ؟ ألاَ فاستشعروا المسؤولية وأدّوا الأمانة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ...} وقول بعض العلماء: ( إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبلَ أن يسأل والولد عن والده فإن كما أن للأب على أبنه حقاً فالابن على أبيه حقاً .
قال أبن القيم ـ رحمه الله ـ : وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهٍم وترك تعليمهم
فرائضَ الدين ( أنظر الملحق ) .
أما أنتم أيها الطلاب : والشباب :
أيقنوا أن ما سبق إنما هو من حُبنا لكم ومن حرصنا على مصلحتكم فنحن أعرفُ منكم بالأمور ـ ألاَ فاستعينوا بالله واستذكروا دوسَكم وعليكم بالجد والاجتهاد فالأمة بأمس الحاجة إليكم ، والمحابر والمنابر تنتظركم .
وتربية الأجيال ستكون بإذن الله على إيديكم ومَنْ هذه حالة ، وتلك مسؤوليته لا يليق به أن يضيعّ وقته ،
ويسفه مع السفهاء بل يخلص في علمه ويحفظُ دينَهُ وعرضَهُ ، مَنْ هذه حاله لا يغِشُّ في امتحانٍ ولا غيره قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا ) .
وإذا كنتم تذاكرون في المساجد فاحفظوا لبيوت الله حقها وقَلّلوا الكلام والمزاح ما استطعتم واحذروا أن يتعرض شيءٌ من فرض المساجد وممتلكاتها للدنس والأذى أو الإتلاف وأكثروا من الاستغفار ولا سيما في قاعةَ الامتحان فإن الله تعالى يفتحُ عليكم ويسدد ما تكتبون .
وبعد الانتهاء من الامتحان احذروا أن تعرضوا الكتب والأوراق التي تحتوي كلاماً محترماً للإهانة بل ترفع في مكان طاهر ليستفاد منها .
وهذه همسةٌ أخيرة في آذان الأولياء :
ألا وهي أنه من الأهمية بمكان علمك بموعد بداية الامتحان وانتهائه والذكور الإناث وذلك من أجل :
أن يأتي بهم في الوقت المحدد وتأخذهم بعد الانتهاء لئلا يستغلون في هذا الوقت لسلوك دروب الفساد
( والسعيد من اتعظ بغيره ) والأفضل أن تتولى أنتَ الإتيان بهم إلى المدرسة وتقوم بإرجاعهم إلى البيت
ومَنْ تثق به من العقلاء .
وأن تحاسب الأولاد على تأخرهم ويكون لك صلةٌ قويةٌ بمدارسهم .
أسأل الله أن يُمدَّ الآباء والأمهات بعونه وتوفيقه .
أسأل الله العظيم أن يصلح شباب المسلمين وفتياتهم وعامتهم وأن يوفَق الطلاب والطالبات للجواب السديد وأن يفتح عليهم بفتحٍ من عنده وأن يصلح قلوبنا وقلوبهم إنه ولي ذلك والقادر عليه .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين .
اللهمَّ صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .. أما بعد .
فإن الامتحان مأخوذٌ من المحنة ومعناها : الابتلاء والتمحيص والتهذيب فهو يكْشِفُ حقائق الناس .
والواقع أننا في امتحانٍ طويل خلال هذه الدنيا والنجاح المضمون بإذن الله للمؤمنين والمؤمنات ، الذين يعملون الصالحات ، ويسارعون إلى الخيرات ، أولئك في روضات الجنات له ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير .
إن من الناس من يُمْتَحَنُ بالمال ، ومنهم مَنْ يُمْتَحَنُ بالجاه ، ومنهم مَنْ يمتحن بصحة البدن ، ومنهم من يمتحن بالمرض والشدة وهكذا إلى غير ذلك من أنواع الامتحان .
والحساب غداً ، والله الموعد ( يوم تجدُ كل نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضراً ، وما عملت من سوء تودُّ لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ) .
والأمة الإسلامية تمتحن اليوم بأنواعٍ من الكيد والمكر من قبل أعدائها من اليهود والنصارى والشيوعيين أذلهم الله ـ وأبطل كيدهم ـ ولن يتخلص المسلمون من هذا المكر الكبار ، واضطهاد الكفار إلا بالرجوع إلى الله عز وجل
فهو خير الناصرين ( فاعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ) .. {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }.
أيها الناس :
إِن امتحان الدراسة مهما بالغ الآباء في تخويف أبنائهم منه وذلك خطأ ومهما بالغ المدرسون والمسؤولون في ضبطه والشديد فيه فإنه لن يبلغ شيئاً من امتحان الآخرة حيث يكشف المستور ، وَيُحَصَلُ ما في الصدور حين يقف الناس على أقدامهم لرب العالمين حفاةً غير منتعلين ، عراةً غير لابسين غرلاً غير مختونين وتدنو منهم الشمس ويبلغ منهم العرق كل مبلغ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :( يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم حتى مبلغ آذانُهم ) خ.م .
فويلٌ للظالمين من هذا اليوم ماذا سيقول أهل الإشراك والبغي والعدوان ؟ وبماذا يعتذر أكلة الربا والزناة وأصحاب الفواحش والموبقات وبأي لسان يتكلم من أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات .
{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } إنه لئن كان الواحد منا يخشى أن تقلَّ درجات أبنه أو ينخفض معدّله في دنيا فانية فأولى به أن يخشى على نفسه وعلى أبنه من يومٍ عظيم تخِفُّ فيه موازين أقوام :{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ} وفي ذلك اليوم تنشر الدواوين وهي صحائف الأعمال فآخذٌ كتابه بيمينه وآخذٌ كتاب بشماله أو من وراء ظهره
قل لي بربك ماذا يستفيد أبنك إذا ضَيّع أمر الله وفرائضه في الدنيا ثم نجح في امتحانها وأخفق في الآخرة فأعطى كتابه بشماله ما هي حالة وهو ينادى بأعلى صوته : { يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ.. وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ.. يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ .. مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ.. هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ }.
ماذا تنفعه دراسته ؟ ماذا اغنت عنه شهاداته ؟ وهو هالكٌ وخاسرٌ خسراناً أبديّا ًحتى وإن استنجد بغيره فما إلى ذلك من سبيل {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ َأُمِّهِ وَأَبِيهِ }
الإخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدو .
الإمتحانات وجملة وصايا وارشادات
الخطبة الأولى
الحمد لله الكبير المتعال ، الموصوفِ بصفات الجلال والكمال ، والمتفضل على خلقه بالإنعام والإفضال ،
أحمده حمداً لا تغيرّ ولا زوال ، وأشكره شكراً يدوم على ممر الأيام والليالِ ؟
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أدخرها ليومٍ لا بيعٌ فيه لا خِلال .
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وصحبه خير صحبٍ وآل ، صلاةً دائمةً بالغدو والآصالِ ..
أمَّا بعد :
فقد قال الله سبحانه وتعالى :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }.
فأوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله عز وجل ومراقبته ، والمحافظة على فرائضه .
أيها المسلمون :
أشكروا الله بقلوبكم والسنتكم وأعمالكم على ما أنزل عليكم من مطر السماء لقد بدأ موسم امتحان الطلاب والطالبات فاهتم له الجميع فمن سيؤدون الامتحان ، ويعيشون على فوزٍ يرتجونه ، وأملٍ ينتظرونه ، قد جَنّدوا كافة إمكاناتهم في الاستعداد .
أما الآباء والأمهات فيمسك كثيرٌ منهم قلوبهم بأيديهم خوفاً على إخفاق أولادهم وعدم نجاحهم قد فّرغوا أولادهم من كل شغل ، وحبسوا أنفسهم عن المناسبات والأسفار ، كل ذلك تعاطف وحرص على نجاح أولادهم ليجنوا ثمار ما قدموا وما عملوا .
فنسأل الله ألا يخيب مساعيهم وألا يضيع جهدهم وأن يلهم الطلابَ والطالبات الجواب السديد
والعمل الصالح الرشيد .
عباد الله :
ولا بد في مثل هذه المناسبة من التنبيهات المختصرة : للطلاب وأولياءِ أمورهم .
أيها الأولياء :
تشكرون على اهتمامكم بأبناءكم عند موعد الامتحانات ولكن لا تكونوا كالذين يكثِّفون الاهتمام بالابناء في موسم الامتحان فقط فإذا ما انقضى هذا الأمر أفضوا أيديهم من تربية أولادهم وتوجيههم فلا يسألون عنهم إذا غابوا ، ولا يناقشونهم احضروا .
أيها الآباء والأمهات :
عَلّقوا قلوب الأبناء بالله جل وعلا واحموهم من النار الكبرى ، وحَذّروهم من التجمعات الشبابية في الأحياء ففيها يختلط الكبار والصغار ، وقد يتأخرون عن الصلوات ، ولربما تعلّموا سيء العبارات ، وتدرّبوا على قبيح الصفات ، وشجعوا المفحيطين بالسيارات ، وقد يألفون شرب الدخان وفعلَ الفواحش والموبقات ، والخوف عليهم واردٌ
من الركوب إلى الفساد والاستراحات ، فحذّروهم من الجلوس في الطرقات ، فقد حَذّر منها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإذا كنت أيها الأب ضعيف الشخصية ولا تستطيع السيطرة على الولد : فا ستشر الناصحين ، وتضرّع إلى رب العالمين بأن يصلحه ويهديه ، وأخبره بأنك لا ترضى المنكراتِ التي يَفْعَلُها وأنك لن تشفع له إذا قبض عليه عند المسؤولين وإن كان هناك قريبٌ قوي من خالٍ أو عمٍ أو نحوهما فاستعن به بعد الله عز وجلَ .
أيها الآباء :
تأخر الولد وغيابه عن البيت ولا سيما في ساعات متأخرة من الليل عملٌ سيء وتصرف مزعج ، ففي وقتنا هذا تعددت وسائل الشر وطرق الانحراف وأساليب الإغراء فأصحاب الفواحش ومروجو المخدّرات قد انتهجوا سبل الغواية ، وحرصوا على إفساد شباب الأمة بطرق ملتويه فقد يجعلون من الشقق والاستراحات لهم سبيلاً وقد يجعلون من الدوران والتفحيط في الأحياء مسلكاً يخدعون من خلاله الشباب الأغرار .
إن الوقت أيام الامتحانات إلى المدرسة وعند الخروج منها طويلاً جداً وقد يخرج الولد مبكراً بعد أداء الامتحان ثم لا يصل إلى البيت إلا بعد الظهر ووالده في وظيفته أو سوقه فيحصل خلال هذا الوقت من الفساد شيء كبير .
ألا فاحذورا أيها الأولياء واحَذّورا فإني لكم من الناصحين .
يا قوم ـ أي خَيّر ترجوه من أبن فاسد لا يقيم للصلاة وزنا ، ولا يعرفُ لك ولا لأمه حقاً هَمُّه إشباعُ غريزته ،
وملء بطنه ، والسهر في ليله ، والنوم في نهاره ـ ألاَ فادركوا الشباب فإنكم عنهم مسؤولون حقاً لقد أفسدت الأولاد الثقة العمياء المطلقة فلا متابعة ولا مناقشة ولاً علم بهم ولا عنهم حضروا إلى البيت أم غابوا عنه .
أيها المسلمون :
أمَّ المشاكل وشرارة الإنحراف لكثير من الشباب هي أعطائهم السيارة بدون متابعةً ولا استشارة .
إن بعض الآباء يعطي السيارة لسفهاء العقول الذين لا يقدّون العواقب ولا يفكّرون في تصرفاتهم
فترى هذا الحدَيث الصغير يتجول في الأحياء فحّط بسيارته ويؤذي المسلمين في بيوتهم ومساجدهم ولربما تسبّب في إتلاف ممتلكات وسيارات وقد يزهق أرواحاً بريئة وألسنته الصالحين والصالحات في البيوت يدعون عليه
وعلى من أعطاه هذه السيارة ، ودعاء المظلوم المؤذى مستجاب .
فمتى نصحوا من غفلتنا ـ أيها الناس ـ :
إن البعض لو قيل له تصدق في سبيل الخير وطرق البر لربما شحّت نفسه ولربما أعطاك مبلغاً قليلاً لكنه يَسْهل عليه أن يشتري سيارةً لسفيه يؤذي بها المسلمين بمبلغٍ يزيد على مائة ألف ريال فإين طلبُ ما عند الله ؟ وأين كَفُّ الأذى عن المسلمين ؟ أما ورد في الحديث أن أماطة الأذى عن الطريق صدقة فكيف بمن يلقي الأذى في طرقات المسلمين ؟ ألاَ فاستشعروا المسؤولية وأدّوا الأمانة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ...} وقول بعض العلماء: ( إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبلَ أن يسأل والولد عن والده فإن كما أن للأب على أبنه حقاً فالابن على أبيه حقاً .
قال أبن القيم ـ رحمه الله ـ : وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهٍم وترك تعليمهم
فرائضَ الدين ( أنظر الملحق ) .
أما أنتم أيها الطلاب : والشباب :
أيقنوا أن ما سبق إنما هو من حُبنا لكم ومن حرصنا على مصلحتكم فنحن أعرفُ منكم بالأمور ـ ألاَ فاستعينوا بالله واستذكروا دوسَكم وعليكم بالجد والاجتهاد فالأمة بأمس الحاجة إليكم ، والمحابر والمنابر تنتظركم .
وتربية الأجيال ستكون بإذن الله على إيديكم ومَنْ هذه حالة ، وتلك مسؤوليته لا يليق به أن يضيعّ وقته ،
ويسفه مع السفهاء بل يخلص في علمه ويحفظُ دينَهُ وعرضَهُ ، مَنْ هذه حاله لا يغِشُّ في امتحانٍ ولا غيره قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا ) .
وإذا كنتم تذاكرون في المساجد فاحفظوا لبيوت الله حقها وقَلّلوا الكلام والمزاح ما استطعتم واحذروا أن يتعرض شيءٌ من فرض المساجد وممتلكاتها للدنس والأذى أو الإتلاف وأكثروا من الاستغفار ولا سيما في قاعةَ الامتحان فإن الله تعالى يفتحُ عليكم ويسدد ما تكتبون .
وبعد الانتهاء من الامتحان احذروا أن تعرضوا الكتب والأوراق التي تحتوي كلاماً محترماً للإهانة بل ترفع في مكان طاهر ليستفاد منها .
وهذه همسةٌ أخيرة في آذان الأولياء :
ألا وهي أنه من الأهمية بمكان علمك بموعد بداية الامتحان وانتهائه والذكور الإناث وذلك من أجل :
أن يأتي بهم في الوقت المحدد وتأخذهم بعد الانتهاء لئلا يستغلون في هذا الوقت لسلوك دروب الفساد
( والسعيد من اتعظ بغيره ) والأفضل أن تتولى أنتَ الإتيان بهم إلى المدرسة وتقوم بإرجاعهم إلى البيت
ومَنْ تثق به من العقلاء .
وأن تحاسب الأولاد على تأخرهم ويكون لك صلةٌ قويةٌ بمدارسهم .
أسأل الله أن يُمدَّ الآباء والأمهات بعونه وتوفيقه .
أسأل الله العظيم أن يصلح شباب المسلمين وفتياتهم وعامتهم وأن يوفَق الطلاب والطالبات للجواب السديد وأن يفتح عليهم بفتحٍ من عنده وأن يصلح قلوبنا وقلوبهم إنه ولي ذلك والقادر عليه .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين .
اللهمَّ صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .. أما بعد .
فإن الامتحان مأخوذٌ من المحنة ومعناها : الابتلاء والتمحيص والتهذيب فهو يكْشِفُ حقائق الناس .
والواقع أننا في امتحانٍ طويل خلال هذه الدنيا والنجاح المضمون بإذن الله للمؤمنين والمؤمنات ، الذين يعملون الصالحات ، ويسارعون إلى الخيرات ، أولئك في روضات الجنات له ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير .
إن من الناس من يُمْتَحَنُ بالمال ، ومنهم مَنْ يُمْتَحَنُ بالجاه ، ومنهم مَنْ يمتحن بصحة البدن ، ومنهم من يمتحن بالمرض والشدة وهكذا إلى غير ذلك من أنواع الامتحان .
والحساب غداً ، والله الموعد ( يوم تجدُ كل نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضراً ، وما عملت من سوء تودُّ لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ) .
والأمة الإسلامية تمتحن اليوم بأنواعٍ من الكيد والمكر من قبل أعدائها من اليهود والنصارى والشيوعيين أذلهم الله ـ وأبطل كيدهم ـ ولن يتخلص المسلمون من هذا المكر الكبار ، واضطهاد الكفار إلا بالرجوع إلى الله عز وجل
فهو خير الناصرين ( فاعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ) .. {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }.
أيها الناس :
إِن امتحان الدراسة مهما بالغ الآباء في تخويف أبنائهم منه وذلك خطأ ومهما بالغ المدرسون والمسؤولون في ضبطه والشديد فيه فإنه لن يبلغ شيئاً من امتحان الآخرة حيث يكشف المستور ، وَيُحَصَلُ ما في الصدور حين يقف الناس على أقدامهم لرب العالمين حفاةً غير منتعلين ، عراةً غير لابسين غرلاً غير مختونين وتدنو منهم الشمس ويبلغ منهم العرق كل مبلغ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :( يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم حتى مبلغ آذانُهم ) خ.م .
فويلٌ للظالمين من هذا اليوم ماذا سيقول أهل الإشراك والبغي والعدوان ؟ وبماذا يعتذر أكلة الربا والزناة وأصحاب الفواحش والموبقات وبأي لسان يتكلم من أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات .
{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } إنه لئن كان الواحد منا يخشى أن تقلَّ درجات أبنه أو ينخفض معدّله في دنيا فانية فأولى به أن يخشى على نفسه وعلى أبنه من يومٍ عظيم تخِفُّ فيه موازين أقوام :{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ} وفي ذلك اليوم تنشر الدواوين وهي صحائف الأعمال فآخذٌ كتابه بيمينه وآخذٌ كتاب بشماله أو من وراء ظهره
قل لي بربك ماذا يستفيد أبنك إذا ضَيّع أمر الله وفرائضه في الدنيا ثم نجح في امتحانها وأخفق في الآخرة فأعطى كتابه بشماله ما هي حالة وهو ينادى بأعلى صوته : { يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ.. وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ.. يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ .. مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ.. هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ }.
ماذا تنفعه دراسته ؟ ماذا اغنت عنه شهاداته ؟ وهو هالكٌ وخاسرٌ خسراناً أبديّا ًحتى وإن استنجد بغيره فما إلى ذلك من سبيل {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ َأُمِّهِ وَأَبِيهِ }
الإخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدو .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى