رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ /صالح بن عبد الرحمن الخضيري
الاستمرار على العمل الصالح
{بسم الله الرحمن الرحيم}
الحمد لله حمداً كثيراً طبياً مباركاً فيه .. إلهنا تَمَّ نورك فهديتَ فلك الحمد .. عَظُمَ حِلْمُكَ فغفرتَ فلك الحمد .. بسطت يا رب يدك فأعطيت فلك الحمد .. تطاعُ فتشكر .. وتُعصى فتغفر وتجيب دعوةَ المضطر ولا يبلغ مدحتك قولُ قائل وأشهد أن لا إله إلا الله ـ وحده لا شريك له ـ يقلّب الله الليلَ والنهار إن في ذلك لعبرةً لأولى الأبصار ، هو الذي جعل الليلَ والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً .. وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله سَيّدُ المرسلين .. وإمامُ المتقين .. وخاتمُ النبيين ..اللهم صل وسلم عليه وأرض اللهم عن خلفائه الراشدين وزوجاته أمهات المؤمنين وأهل بيته وأصحابه الأكرمين .. ومن تبعهم بإحسان واهتدى بهديهم إلى يوم الدين .. أَمَّا بعد :
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ واستقيموا على طاعة الله ورسوله إن كنتم تريدون سعادةَ الدنيا والآخرة ..
{ ومن يطع الله ورسوله ويخشى اللهَ ويتقه فأولئك هم الفائزون } .
عباد الله :- إِن مرورَ الليالي والأيام ، وتعاقب الفصول والشهور ، ليذكرُنا بأنَّ هذه الحياة الدنيا مراحل كلُ مرحلةٍ تقرّبُنا إلىالدار الآخرة وتبعدُنا عن دار الغرور .
وما هذه الأيام إلا مراحلٌ .......... يحثٌ بها داعٍ إلى الموت قاصدُ
وأعجبُ شيءِ ـ لو تأملتَ ـ أنها .... منازلُ تطوى والمسافر قاعدُ
قال الحسن ـ رحمه الله ـ :( الموتُ معقودٌ في نواصيكم ، والدنيا تطوى من ورائكم ، ابنَ آدم إنما أنت أيامٌ مجموعة كلما ذهبَ يومٌ ذهبَ بعضُك ) .
ولئن كانت سرعةَ مرور الأيام وتعاقبَ السنين تذكِّرُنا بأننا نقطعُ سفرَنَا إلى الدار الآخرة فإنها أيضاً تُحَتِّمُ علينا بأن نعيَ ونعلمَ أن كلَّ مرحلةٍ لها قيمتُها ومكانتُها ، ولها كذلك واجباتُها التي ينبغي أن نؤدَيها في وقتها المناسب ، وهذه المراحل موصولةٌ مفصوله فهِي موصولةٌ بتتابعها والتحامها في مجرى الزمن .
وهي مفصولةٌ إذ لكل منها واجبٌ مستقل وحسابٌ قائم ولذلك جاء عن الحسن رحمه الله إنه قال :( ما من يومٍ ينشقُ فجره إلا نادى منادٍ من قبل الحق : يا أبن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزوّد مني بعملٍ صالح فإني إذا مضيتُ لا أعود إلى يوم القيامة ) .
إن الوقت في حياة المسلم له أهميةٌ عظيمة بل هو الحياةُ وكفى .
ولذلك فإن من التوفيق والسعادةِ أن يُصرفَ هذا الوقتُ في العمل الصالح والدعوة إلى الله والإمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعلّم العلم والذكر وقراءة القرآن وفي كل أمرٍ لا بد للإنسان منه فمن فَعَلَ ذلك أدرك قيمةَ وجودهِ في الحياة .
قال أبن القيم ـ عليه رحمة الله ـ :( وقَتُ الإنسان هو عمره في الحقيقة ،وهو يمرُّ مَرَّ السحاب ، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياتُهُ وعُمُرُه ، وغيُر ذلك ليس محسوباً من حياته وإن عاش فيه عَيشَ البهائم ) .
أَمَّا مَنْ صرف أوقاتهَ وضيعّ ساعاتَه في غير طاعة الله بل في أعمالٍ تُسخط الله ورسوله وتُلحق الضرر بالمؤمنين ، وتنفعُ أعداءَ الدين ، فإن هذه الساعاتِ واللحظات ستكون حسرةً عليه يوم القيامة .
أيها المسلمون : وإذا كانت هناك للطاعات مواسم ُ ينتهزُها المؤمنون ليتزوّدوا من الأعمال الصالحة فليس معنى هذا أن يَعْقُب هذا المواسمَ ركود أو جمود وإلا ضاع في فترات العجز والكسل ما تجمع في أوقات الجِدِّ والعمل إن على المرءِ إن يواصلَ الخير بدون ملل " فأحب العمل إلى الله أدومُهُ وإن قَلّ المسلم مطالبٌ بأن يستقيم على طاعة الله عز وجل إلى الممات وأن يستمر على عبادة الله كما قال الله تعالى :( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) .. وقال تعالى :( فاستقيموا إليه واستغفروه ) .. وقال جَلّ وعلا :( فاستقم كما أُمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير ) .
وهكذا كان سلفنا الصالح رحمهم الله يعظمون شعائر الله ، ويهتمون بالفرائض والواجبات طول الحياة وعلى تعاقب السنيين ولا سيما صلاةُ الجماعة هذا الربيعُ بن خُثَيْم ـ رحمه الله ـ :( يُقاد إلى المسجد للصلاة وهو مصابٌ بالفالج فقيل له قد رُخّص لك قال : إني أسمعُ " حي على الصلاة "فإن أستطعتم أن تأتُوها ولو حبواً ) .وكان الأسود بن يزيدٍ ـ رحمه الله ـ : ( إذا حضرت الصلاة أناخَ بَعيرَهُ ولو على حَجَرَ ) .أمَّا الصحابي الجليل عدي بن حاتم رضي الله عنهما فيقول :( ما دَخَلَ وقتُ صلاةٍ إلا وأنا مشتقاقٌ إليها ) ( وما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء ) .وصحَّ عن التابعي سعيد بن المسيِّب ـ رحمه الله ـ أنه قال : ( ما فاتتني الصلاة مع الجماعة منذ أربعين سنه وما أذّن المؤذن منذ ثلاثين سنه إلا وأنا في المسجد ) .وهذا سليمان الأعمشي ـ رحمه الله ـ ( بَلَغَ من العمر سبعين سنه ولم تفته التكبيرة الأولى ويقول الراوي : ترددتُ إليه أكثر من ستين سنه فما رأيته يقضي ركعة ) .وكان مفتي دمشق سعيدٌ التنوخي ـ رحمه الله ـ ( إذا فاتته صلاة الجماعة بكى ، حزناً وأسفاً ) .
أمَّا عامر بن عبدالله بن الزبير ـ رحمهم الله ـ فلقد سَمِعَ المؤذن يؤذنُ لصلاة المغرب وهو يجودُ بنفسه أي عند الموت وحضور الأجل فقال ـ رحمه الله ـ لمن كان عنده : ( خذوا بيدي فقالوا : إنك مريض معذور فقال : سبحان الله أسمع داعي الله فلا أجيبه فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في صلاة المغرب فركع ركعةً ثم مات رحمه الله ، الله أكبر على هذه النفوس الزكية والقلوب النقية ، هكذا كان السابقون في الحرص على الخير والمحافظة على الصلاة مع الجماعة ، بل تقويمهُم للرجال ومعرفتُهم بالأخيار من خلالِ النظر في مدى المحافظة على الفرائض .
يقول الإمام إبراهيم التميمي ـ رحمه الله ـ ( إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فأغسل يدك منه ).
فرحمةُ الله عليهم أجمعين { رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلّبُ فيه القلوبُ والأبصار } هؤلاء هم المستقيمون حقاً وهم المسابقون صدقاً فما أعظمَ جزاءهم وما أرفعَ منزلتهم { إِن الذين قالوا ربنا الله ثم * فلا خوفٌ ولا هم يحزنون .. أولئك آصحاب الجنة خالدين فيها جزاءً بما كانوا يعملون } .. وقال سبحانه وتعالى { إن الذين قالوا ربنا الله ثم أستقاموا تتنزلُ عليهم الملائكةُ ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنةِ التي كنتم توعدون .. نحن أولياءوكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدَّعون نزلاً من غفوراً رحيم } .
اللهم اجعلنا من أولياءك المقربين .. وحزبك المفلحَين .. اللهم أعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله رَبَّ العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان .. أما بعد :
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ واستقيموا إليه واستغفروه لعلكم تفلحون .
أيها الإخوة : إن المسلمين الأصحاء حينما يودعون شهراً كرمضان ويستقبلون شهراً كشوال يتذكرون حقَّ التذكر أن رمضان كان موسماً مباركاً للطاعات ، والتقرب إلى الله بأنواع العبادات ولكنهم يتذكرون في الوقت نفسه أَن الله الذي جعل رمضان ميداناً للتنافس في الخيرات هو الذي هيأ ما تبقى من أجزاء الزمان لكي يشغلها المسلم بما يرضي رَبَّه ويصلح أمره في دينه ودنياه ، فواجبٌ عليه ألاّ ينكص عليه عقبيه بعد رمضان ليتفلّت من واجب أو ليهمل في عبادة ، بل هو يواصل أعمالَ البر وخصالَ الخير مستعيناً بالله متوكلاً عليه جاعلاً وصيةَ رسول الله ـ r ـ أمام ناظريه حين قال : ( قل آمنتُ بالله ثم أستقم ) متذكراً أنه سيغادر هذه الدنيا إلى الآخرة وستصيبُه مصيبةُ الموت عندها { يتذكر الإنسان وأني له الذكر يقول يا ليتني قدمتُ لحياتي } ويقول ياليتني عملت بطاعة الله ولم أفرّط في جنب الله ويتمنى أن يرجع ليعمل ولكن هيهات حَضَرَ الأجل ، وانقطع العمل { فاليوم لا تظلمُ نفسٌ شيئاً ولا تجزون إلا ما كنتم تعلمون }.
اللهم إنا نسألك أن تصلح قلوبنا ، وتنوّرها بنور الإيمان .. اللهم أهدنا ويَسِّرِ الهدى لنا .
الاستمرار على العمل الصالح
{بسم الله الرحمن الرحيم}
الحمد لله حمداً كثيراً طبياً مباركاً فيه .. إلهنا تَمَّ نورك فهديتَ فلك الحمد .. عَظُمَ حِلْمُكَ فغفرتَ فلك الحمد .. بسطت يا رب يدك فأعطيت فلك الحمد .. تطاعُ فتشكر .. وتُعصى فتغفر وتجيب دعوةَ المضطر ولا يبلغ مدحتك قولُ قائل وأشهد أن لا إله إلا الله ـ وحده لا شريك له ـ يقلّب الله الليلَ والنهار إن في ذلك لعبرةً لأولى الأبصار ، هو الذي جعل الليلَ والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً .. وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله سَيّدُ المرسلين .. وإمامُ المتقين .. وخاتمُ النبيين ..اللهم صل وسلم عليه وأرض اللهم عن خلفائه الراشدين وزوجاته أمهات المؤمنين وأهل بيته وأصحابه الأكرمين .. ومن تبعهم بإحسان واهتدى بهديهم إلى يوم الدين .. أَمَّا بعد :
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ واستقيموا على طاعة الله ورسوله إن كنتم تريدون سعادةَ الدنيا والآخرة ..
{ ومن يطع الله ورسوله ويخشى اللهَ ويتقه فأولئك هم الفائزون } .
عباد الله :- إِن مرورَ الليالي والأيام ، وتعاقب الفصول والشهور ، ليذكرُنا بأنَّ هذه الحياة الدنيا مراحل كلُ مرحلةٍ تقرّبُنا إلىالدار الآخرة وتبعدُنا عن دار الغرور .
وما هذه الأيام إلا مراحلٌ .......... يحثٌ بها داعٍ إلى الموت قاصدُ
وأعجبُ شيءِ ـ لو تأملتَ ـ أنها .... منازلُ تطوى والمسافر قاعدُ
قال الحسن ـ رحمه الله ـ :( الموتُ معقودٌ في نواصيكم ، والدنيا تطوى من ورائكم ، ابنَ آدم إنما أنت أيامٌ مجموعة كلما ذهبَ يومٌ ذهبَ بعضُك ) .
ولئن كانت سرعةَ مرور الأيام وتعاقبَ السنين تذكِّرُنا بأننا نقطعُ سفرَنَا إلى الدار الآخرة فإنها أيضاً تُحَتِّمُ علينا بأن نعيَ ونعلمَ أن كلَّ مرحلةٍ لها قيمتُها ومكانتُها ، ولها كذلك واجباتُها التي ينبغي أن نؤدَيها في وقتها المناسب ، وهذه المراحل موصولةٌ مفصوله فهِي موصولةٌ بتتابعها والتحامها في مجرى الزمن .
وهي مفصولةٌ إذ لكل منها واجبٌ مستقل وحسابٌ قائم ولذلك جاء عن الحسن رحمه الله إنه قال :( ما من يومٍ ينشقُ فجره إلا نادى منادٍ من قبل الحق : يا أبن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزوّد مني بعملٍ صالح فإني إذا مضيتُ لا أعود إلى يوم القيامة ) .
إن الوقت في حياة المسلم له أهميةٌ عظيمة بل هو الحياةُ وكفى .
ولذلك فإن من التوفيق والسعادةِ أن يُصرفَ هذا الوقتُ في العمل الصالح والدعوة إلى الله والإمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعلّم العلم والذكر وقراءة القرآن وفي كل أمرٍ لا بد للإنسان منه فمن فَعَلَ ذلك أدرك قيمةَ وجودهِ في الحياة .
قال أبن القيم ـ عليه رحمة الله ـ :( وقَتُ الإنسان هو عمره في الحقيقة ،وهو يمرُّ مَرَّ السحاب ، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياتُهُ وعُمُرُه ، وغيُر ذلك ليس محسوباً من حياته وإن عاش فيه عَيشَ البهائم ) .
أَمَّا مَنْ صرف أوقاتهَ وضيعّ ساعاتَه في غير طاعة الله بل في أعمالٍ تُسخط الله ورسوله وتُلحق الضرر بالمؤمنين ، وتنفعُ أعداءَ الدين ، فإن هذه الساعاتِ واللحظات ستكون حسرةً عليه يوم القيامة .
أيها المسلمون : وإذا كانت هناك للطاعات مواسم ُ ينتهزُها المؤمنون ليتزوّدوا من الأعمال الصالحة فليس معنى هذا أن يَعْقُب هذا المواسمَ ركود أو جمود وإلا ضاع في فترات العجز والكسل ما تجمع في أوقات الجِدِّ والعمل إن على المرءِ إن يواصلَ الخير بدون ملل " فأحب العمل إلى الله أدومُهُ وإن قَلّ المسلم مطالبٌ بأن يستقيم على طاعة الله عز وجل إلى الممات وأن يستمر على عبادة الله كما قال الله تعالى :( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) .. وقال تعالى :( فاستقيموا إليه واستغفروه ) .. وقال جَلّ وعلا :( فاستقم كما أُمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير ) .
وهكذا كان سلفنا الصالح رحمهم الله يعظمون شعائر الله ، ويهتمون بالفرائض والواجبات طول الحياة وعلى تعاقب السنيين ولا سيما صلاةُ الجماعة هذا الربيعُ بن خُثَيْم ـ رحمه الله ـ :( يُقاد إلى المسجد للصلاة وهو مصابٌ بالفالج فقيل له قد رُخّص لك قال : إني أسمعُ " حي على الصلاة "فإن أستطعتم أن تأتُوها ولو حبواً ) .وكان الأسود بن يزيدٍ ـ رحمه الله ـ : ( إذا حضرت الصلاة أناخَ بَعيرَهُ ولو على حَجَرَ ) .أمَّا الصحابي الجليل عدي بن حاتم رضي الله عنهما فيقول :( ما دَخَلَ وقتُ صلاةٍ إلا وأنا مشتقاقٌ إليها ) ( وما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء ) .وصحَّ عن التابعي سعيد بن المسيِّب ـ رحمه الله ـ أنه قال : ( ما فاتتني الصلاة مع الجماعة منذ أربعين سنه وما أذّن المؤذن منذ ثلاثين سنه إلا وأنا في المسجد ) .وهذا سليمان الأعمشي ـ رحمه الله ـ ( بَلَغَ من العمر سبعين سنه ولم تفته التكبيرة الأولى ويقول الراوي : ترددتُ إليه أكثر من ستين سنه فما رأيته يقضي ركعة ) .وكان مفتي دمشق سعيدٌ التنوخي ـ رحمه الله ـ ( إذا فاتته صلاة الجماعة بكى ، حزناً وأسفاً ) .
أمَّا عامر بن عبدالله بن الزبير ـ رحمهم الله ـ فلقد سَمِعَ المؤذن يؤذنُ لصلاة المغرب وهو يجودُ بنفسه أي عند الموت وحضور الأجل فقال ـ رحمه الله ـ لمن كان عنده : ( خذوا بيدي فقالوا : إنك مريض معذور فقال : سبحان الله أسمع داعي الله فلا أجيبه فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في صلاة المغرب فركع ركعةً ثم مات رحمه الله ، الله أكبر على هذه النفوس الزكية والقلوب النقية ، هكذا كان السابقون في الحرص على الخير والمحافظة على الصلاة مع الجماعة ، بل تقويمهُم للرجال ومعرفتُهم بالأخيار من خلالِ النظر في مدى المحافظة على الفرائض .
يقول الإمام إبراهيم التميمي ـ رحمه الله ـ ( إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فأغسل يدك منه ).
فرحمةُ الله عليهم أجمعين { رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلّبُ فيه القلوبُ والأبصار } هؤلاء هم المستقيمون حقاً وهم المسابقون صدقاً فما أعظمَ جزاءهم وما أرفعَ منزلتهم { إِن الذين قالوا ربنا الله ثم * فلا خوفٌ ولا هم يحزنون .. أولئك آصحاب الجنة خالدين فيها جزاءً بما كانوا يعملون } .. وقال سبحانه وتعالى { إن الذين قالوا ربنا الله ثم أستقاموا تتنزلُ عليهم الملائكةُ ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنةِ التي كنتم توعدون .. نحن أولياءوكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدَّعون نزلاً من غفوراً رحيم } .
اللهم اجعلنا من أولياءك المقربين .. وحزبك المفلحَين .. اللهم أعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله رَبَّ العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان .. أما بعد :
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ واستقيموا إليه واستغفروه لعلكم تفلحون .
أيها الإخوة : إن المسلمين الأصحاء حينما يودعون شهراً كرمضان ويستقبلون شهراً كشوال يتذكرون حقَّ التذكر أن رمضان كان موسماً مباركاً للطاعات ، والتقرب إلى الله بأنواع العبادات ولكنهم يتذكرون في الوقت نفسه أَن الله الذي جعل رمضان ميداناً للتنافس في الخيرات هو الذي هيأ ما تبقى من أجزاء الزمان لكي يشغلها المسلم بما يرضي رَبَّه ويصلح أمره في دينه ودنياه ، فواجبٌ عليه ألاّ ينكص عليه عقبيه بعد رمضان ليتفلّت من واجب أو ليهمل في عبادة ، بل هو يواصل أعمالَ البر وخصالَ الخير مستعيناً بالله متوكلاً عليه جاعلاً وصيةَ رسول الله ـ r ـ أمام ناظريه حين قال : ( قل آمنتُ بالله ثم أستقم ) متذكراً أنه سيغادر هذه الدنيا إلى الآخرة وستصيبُه مصيبةُ الموت عندها { يتذكر الإنسان وأني له الذكر يقول يا ليتني قدمتُ لحياتي } ويقول ياليتني عملت بطاعة الله ولم أفرّط في جنب الله ويتمنى أن يرجع ليعمل ولكن هيهات حَضَرَ الأجل ، وانقطع العمل { فاليوم لا تظلمُ نفسٌ شيئاً ولا تجزون إلا ما كنتم تعلمون }.
اللهم إنا نسألك أن تصلح قلوبنا ، وتنوّرها بنور الإيمان .. اللهم أهدنا ويَسِّرِ الهدى لنا .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى