رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
د.محمد بن عبد الله الهبدان
ما الحل لعلاج مشاكلنا ؟
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) (آل عمران:102). (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1). (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (الأحزاب:70-71).
أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ r وشرُّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكل محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار
أيَّها المسلمون :
يا تُرى ما الحل ؟ سؤالٌ يَتواردُ كثيراً في مجالسِنا ..ثم تتواردُ الإجاباتُ ..إجابةٌ تتبعُها إجابة ..من هنا وهناك ..كلٌّ يطرحُ وجهته ..وكلٌّ يُدلي بدلوه ..نعم ما الحلُّ للمشاكلِ التي يُعاني منها المجتمع ، مشكلةُ البطالةِ والفقر ، مشكلةُ المعاكسات ، وقلةُ الأمانةِ وانتشارُ الرشوةِ وكثرةُ النصبِ والاحتيالِ والسرقاتِ والاختلاساتِ ، وغيرها من القضايا التي تحدثُ في المجتمع ، وبدأت تظهرُ أشياءٌ وأشياء ..فيا ترى ما الحلُّ لهذه المعضلات ؟!!
دعونا نستعرضُ التاريخَ قليلاً ..ونتأملُ في واقعِ من سبَقنا من المجتمعاتِ للنظرِ فيها ونتأملُ لنعرفَ السببَ الحقيقيَ لعلاجِ هذه القضية ؟
سارت رحلتُنا لنتخطى خمسةَ عشرَ قرناً من الزمانِ لنقفَ سوياً ..على واقعِ العربِ قبلَ الإسلام ..وبدأنا نتتبعُ أخبارَهم ..وكيفَ كانت أمورهم ؟
ألم يكونوا قبائلَ متناثرةٍ ومتناحرة ؟!! ألم يكونوا عالةً يتكففون دولةَ فارس والروم ؟!! ألم ينتشر بينهم قانونُ الغاب ..القويُّ منهم يأكلُّ الضعيف ؟!!
يا ترى ما الذي قلبَ أمرهم ..وغيَر حالَهم ..فبعد أن كانوا قبائلَ متناثرةٍ ومتناحرة أصبحوا أمةً متآلفةً ومتناصرة ..وبعد أن كانوا عالةً على الناسِ أصبحوا سادةَ العالم وأخضعوا لحكمِهم مملكَة فارسَ والروم ..وبعد أن كانوا فقراءَ أغناهم الله تعالى ..وبعد أن كانوا أذلةً أصبحوا أعزة .
نعم إنَّه الإسلام ..وتطبيقُ شعائرِ الإسلامِ هو الذي غيرَ واقعُهم ..فسطرَ التاريخُ روائعَهم ..من يتصور أنه في عهدِ عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله لم يجدِ الناسُ من يقبل الزكاة ؟!! على طولِ العالم الإسلامي وعرضه؟!
لماذا ؟ لأن الناس طبقوا الإسلام ..طبقوا الإسلام عملياً .. جاءت امرأةٌ إلى عمرو بنِ قيس رحمه الله بثوبٍ فقالت : يا أبا عبد الله اشترْ هذا الثوبَ وأعلمْ أن غزلَه ضعيفٌ ؟ قال : فكان إذا جاءَه إنسانٌ , فعرضَه عليه قال : إنّ صاحبَته أخبرتني : أنه كان في غزله ضعفٌ حتى جاءَه رجلٌ فاشتراه , وقال : قد أبرأْناك منه ..أين هذه الأخلاقُ في زماننا ؟!!
ما الذي جعل الإسلامَ ينتشرُ في ربوعِ بلادِ أفريقيا ..وبلادِ شرقِ آسيا ..أليست أخلاقياتُ المسلمين ..وتطبيقُ الإسلامِ عملياً ..
إذن القضيةُ ليست قضيةُ كلامٍ يُطلقُ في الهواء ..ولا فرقعاتٍ هوائية !! ولكنه واقعٌ ملموس ..أوجدَ ذلك النتائجَ الرائعة ..والصورَ الباهرة .
أولئك أبائي فجأني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامعُ
أيها المسلمون : وقد يخرجُ ناعقٌ في وسيلةٍ من وسائلِ الإعلامِ ويقول ..هذه حضارةُ الغربِ وصلت إلى ما وصلت إليه بدون إسلامِكم الذي تزعمون ..ونحن نقول أيُّ حضارةٍ تلك التي تُشير ..أهي حضارةُ العريِّ والتفسخ ؟!! أهي حضارةُ التفككِ الأسري ؟!! أهي حضارةُ الانحلالِ الأخلاقي ؟!! هذه حضارتهم ..وأما إنْ أردت بالحضارةِ التقدمَ الصناعي فهؤلاء لم يصلوا إليها ؛ لأنّ أصحابَها التزموا الدينَ النصراني !! فالكلُّ يعلمُ أنْ كنائِسهم تُقيم احتفالاتٍ ورقصات ، وكؤوساً تُدارُ من أجلِ ترغيبِ الشبابِ للحضور ..ومع ذلك هناك عزوفٌ كبيرٌ عن تلك الأماكن ..ولكن وصلوا إلى تلك الحضارةِ الصناعيةِ بسببِ أخذهم لسننٍ ربانية جعلها الله تعالى في هذا الكونِ وتخلينا عنها نحن، فصرنا إلى ما صرنا إليه.
ثم إن إمهالَ الله تعالى لهم إنما هو من المكرِ بهم ..يقول الله تعالى : (( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ )) (الأنعام:44 ) .
قال الحسنُ -رحمه الله -: " مكرَ بالقومِ وربِ الكعبة أُعطوا حاجَتهم ثم أُخذوا " ، ويقول قتادةُ -رحمه الله -: " بغتَ القومُ أمرَ الله، وما أخذَ اللهُ قوماً قط إلا عندَ سكرتهِم وغِرّتهِم ونعمتهِم فلا تغتروا بالله، إنه لا يغترُ إلا القومُ الفاسقون"
وروى الإمامُ أحمد بسند حسن عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه -عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتَ الله يُعطي العبدَ من الدنيا على معاصيه ما يُحب ، فإنما هو استدراج)) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ )) أخرجه أحمد (145/4) وهو حديث حسن .
وقد رأينا ما صنعَ الله تعالى بهم من الأعاصيرِ والفيضانات فلا يأمنُ مكرَ الله إلا القومُ الفاسقون .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
الخطبة الثانية
أيها المسلمون : من أين نبدأُ في تطبيقِ الإسلام ..أولُ ما نبدأْ به أنتَ ..نعم أنت ..يا من تجلسُ أمامي ..وتسمعُ كلامي ..نبدأ بك أنت ..يقول الله تعالى : (( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ )) (الرعد : 11) .
فهل طبقتَ الإسلامَ فيما بينك وبين ربك عز وجل ؟ هل حافظتَ على صلاتك ؟!! هل أديتَ زكاةَ مالك ؟ هل اجتنبت المحرماتِ فيما بينك وبين ربك ..فلم تنظرْ إلى الحرام ..ولم تسمعْ حراماً ؟!!
هل طبقتَ الإسلامَ فيما بينك وبين أهلكَ وزوجك ..ما مدى عنايتك بأولادِك وتربيتهِم على أخلاقياتِ الإسلام ؟ ما مدى حسنِ تعاملك مع زوجك والنصحِ لها ؟
هل طبقتَ الإسلامَ مع جيرانِك وأقاربِك ..هل أحسنتَ الجوار ؟ هل وصلت رحمك ، وتفقدت أحوالَهم ..فواسيتَ الفقيرَ ..وزرتَ المريضَ ..وعطفتَ على اليتيم ؟!!
هل طبقتَ الإسلامَ مع الناسِ جميعاً ..فأمرتَ بالمعروفِ ونهيتَ عن المنكر ؟!! كم من المخالفات تُشاهدُها ..ومع ذلك لم تأمرْ ولم تنه ؟!! لماذا ؟!! أين أسلامُك ؟!! أين أنتَ من قولِ النبي صلى الله عليه وسلم : (( من رأى منكم منكراً فلغيره بيده، فإن لم يستطعْ فبلسانه فإن لم يستطعْ فبقلبه ، وذلك أضعفُ الإيمان )) رواه مسلم
هل طبقت الإسلاَم في التعاملِ مع السائقين والخادمات والعاملين عندك ؟ هل أعطيتهم أجرهم قبلَ أن يجفَ عرقَهم ؟!! هل اتقيت الله فيهم فلم تُحملْهم ما لا يطيقون ؟!! هل اتقيت الله في تعليمهم دين الله تعالى فيسرت لهم وقتاً ليتفقهوا في الدين ؟!!
هل طبقنا الإسلامَ مع الكفار..كم هم الذين انحرفوا عن منهجِ الله ماذا صنعنا لهم ؟!! هل أوصلنا لهم رسالةَ الإسلامِ الصافيةِ من خلالِ تعاملنا الذي أرشدنا إليه ديننا ؟!!
أيها المسلمون : إنّ الحلّ لكثيرٍ من مشاكلِنا ..هو تطبيقُ الإسلام ..وأولُ من يبدأُ التطبيقَ هو أنت ..نعم أنت ..عندها ستتغيرُ الأمور ..والذي نفسي بيده ..كما أخبر الله تعالى في كتابه بقوله : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )) (الأعراف: 96) .
ويقول سبحانه (( وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ )) (البقرة:103 ) .
ولقد صدقَ الإمامُ مالكُ ابنُ أنس إمامُ دارِ الهجرة في زمانه حينما قال " لنْ يُصلِحَ آخرُ هذه الأمة إلا ما أَصلَحَ أولها" وهكذا ..فلا صلاَح لهذه الأمة إلا بما صَلُحَ به الصحابةُ ومن بعدهم ، إلا بالسيرِ على طريقِ محمدٍ ( صلى الله عليه وسلم)، والتمسكِ بصراطِ الله المستقيم الذي قال فيه جل وعلا (( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) (الأنعام:153) .
اللهم وفقنا لسلوك صراط المستقيم ..واجعلنا ممن أنعمت عليهم يارب العالمين .
ما الحل لعلاج مشاكلنا ؟
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) (آل عمران:102). (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1). (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (الأحزاب:70-71).
أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ r وشرُّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكل محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار
أيَّها المسلمون :
يا تُرى ما الحل ؟ سؤالٌ يَتواردُ كثيراً في مجالسِنا ..ثم تتواردُ الإجاباتُ ..إجابةٌ تتبعُها إجابة ..من هنا وهناك ..كلٌّ يطرحُ وجهته ..وكلٌّ يُدلي بدلوه ..نعم ما الحلُّ للمشاكلِ التي يُعاني منها المجتمع ، مشكلةُ البطالةِ والفقر ، مشكلةُ المعاكسات ، وقلةُ الأمانةِ وانتشارُ الرشوةِ وكثرةُ النصبِ والاحتيالِ والسرقاتِ والاختلاساتِ ، وغيرها من القضايا التي تحدثُ في المجتمع ، وبدأت تظهرُ أشياءٌ وأشياء ..فيا ترى ما الحلُّ لهذه المعضلات ؟!!
دعونا نستعرضُ التاريخَ قليلاً ..ونتأملُ في واقعِ من سبَقنا من المجتمعاتِ للنظرِ فيها ونتأملُ لنعرفَ السببَ الحقيقيَ لعلاجِ هذه القضية ؟
سارت رحلتُنا لنتخطى خمسةَ عشرَ قرناً من الزمانِ لنقفَ سوياً ..على واقعِ العربِ قبلَ الإسلام ..وبدأنا نتتبعُ أخبارَهم ..وكيفَ كانت أمورهم ؟
ألم يكونوا قبائلَ متناثرةٍ ومتناحرة ؟!! ألم يكونوا عالةً يتكففون دولةَ فارس والروم ؟!! ألم ينتشر بينهم قانونُ الغاب ..القويُّ منهم يأكلُّ الضعيف ؟!!
يا ترى ما الذي قلبَ أمرهم ..وغيَر حالَهم ..فبعد أن كانوا قبائلَ متناثرةٍ ومتناحرة أصبحوا أمةً متآلفةً ومتناصرة ..وبعد أن كانوا عالةً على الناسِ أصبحوا سادةَ العالم وأخضعوا لحكمِهم مملكَة فارسَ والروم ..وبعد أن كانوا فقراءَ أغناهم الله تعالى ..وبعد أن كانوا أذلةً أصبحوا أعزة .
نعم إنَّه الإسلام ..وتطبيقُ شعائرِ الإسلامِ هو الذي غيرَ واقعُهم ..فسطرَ التاريخُ روائعَهم ..من يتصور أنه في عهدِ عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله لم يجدِ الناسُ من يقبل الزكاة ؟!! على طولِ العالم الإسلامي وعرضه؟!
لماذا ؟ لأن الناس طبقوا الإسلام ..طبقوا الإسلام عملياً .. جاءت امرأةٌ إلى عمرو بنِ قيس رحمه الله بثوبٍ فقالت : يا أبا عبد الله اشترْ هذا الثوبَ وأعلمْ أن غزلَه ضعيفٌ ؟ قال : فكان إذا جاءَه إنسانٌ , فعرضَه عليه قال : إنّ صاحبَته أخبرتني : أنه كان في غزله ضعفٌ حتى جاءَه رجلٌ فاشتراه , وقال : قد أبرأْناك منه ..أين هذه الأخلاقُ في زماننا ؟!!
ما الذي جعل الإسلامَ ينتشرُ في ربوعِ بلادِ أفريقيا ..وبلادِ شرقِ آسيا ..أليست أخلاقياتُ المسلمين ..وتطبيقُ الإسلامِ عملياً ..
إذن القضيةُ ليست قضيةُ كلامٍ يُطلقُ في الهواء ..ولا فرقعاتٍ هوائية !! ولكنه واقعٌ ملموس ..أوجدَ ذلك النتائجَ الرائعة ..والصورَ الباهرة .
أولئك أبائي فجأني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامعُ
أيها المسلمون : وقد يخرجُ ناعقٌ في وسيلةٍ من وسائلِ الإعلامِ ويقول ..هذه حضارةُ الغربِ وصلت إلى ما وصلت إليه بدون إسلامِكم الذي تزعمون ..ونحن نقول أيُّ حضارةٍ تلك التي تُشير ..أهي حضارةُ العريِّ والتفسخ ؟!! أهي حضارةُ التفككِ الأسري ؟!! أهي حضارةُ الانحلالِ الأخلاقي ؟!! هذه حضارتهم ..وأما إنْ أردت بالحضارةِ التقدمَ الصناعي فهؤلاء لم يصلوا إليها ؛ لأنّ أصحابَها التزموا الدينَ النصراني !! فالكلُّ يعلمُ أنْ كنائِسهم تُقيم احتفالاتٍ ورقصات ، وكؤوساً تُدارُ من أجلِ ترغيبِ الشبابِ للحضور ..ومع ذلك هناك عزوفٌ كبيرٌ عن تلك الأماكن ..ولكن وصلوا إلى تلك الحضارةِ الصناعيةِ بسببِ أخذهم لسننٍ ربانية جعلها الله تعالى في هذا الكونِ وتخلينا عنها نحن، فصرنا إلى ما صرنا إليه.
ثم إن إمهالَ الله تعالى لهم إنما هو من المكرِ بهم ..يقول الله تعالى : (( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ )) (الأنعام:44 ) .
قال الحسنُ -رحمه الله -: " مكرَ بالقومِ وربِ الكعبة أُعطوا حاجَتهم ثم أُخذوا " ، ويقول قتادةُ -رحمه الله -: " بغتَ القومُ أمرَ الله، وما أخذَ اللهُ قوماً قط إلا عندَ سكرتهِم وغِرّتهِم ونعمتهِم فلا تغتروا بالله، إنه لا يغترُ إلا القومُ الفاسقون"
وروى الإمامُ أحمد بسند حسن عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه -عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتَ الله يُعطي العبدَ من الدنيا على معاصيه ما يُحب ، فإنما هو استدراج)) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ )) أخرجه أحمد (145/4) وهو حديث حسن .
وقد رأينا ما صنعَ الله تعالى بهم من الأعاصيرِ والفيضانات فلا يأمنُ مكرَ الله إلا القومُ الفاسقون .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
الخطبة الثانية
أيها المسلمون : من أين نبدأُ في تطبيقِ الإسلام ..أولُ ما نبدأْ به أنتَ ..نعم أنت ..يا من تجلسُ أمامي ..وتسمعُ كلامي ..نبدأ بك أنت ..يقول الله تعالى : (( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ )) (الرعد : 11) .
فهل طبقتَ الإسلامَ فيما بينك وبين ربك عز وجل ؟ هل حافظتَ على صلاتك ؟!! هل أديتَ زكاةَ مالك ؟ هل اجتنبت المحرماتِ فيما بينك وبين ربك ..فلم تنظرْ إلى الحرام ..ولم تسمعْ حراماً ؟!!
هل طبقتَ الإسلامَ فيما بينك وبين أهلكَ وزوجك ..ما مدى عنايتك بأولادِك وتربيتهِم على أخلاقياتِ الإسلام ؟ ما مدى حسنِ تعاملك مع زوجك والنصحِ لها ؟
هل طبقتَ الإسلامَ مع جيرانِك وأقاربِك ..هل أحسنتَ الجوار ؟ هل وصلت رحمك ، وتفقدت أحوالَهم ..فواسيتَ الفقيرَ ..وزرتَ المريضَ ..وعطفتَ على اليتيم ؟!!
هل طبقتَ الإسلامَ مع الناسِ جميعاً ..فأمرتَ بالمعروفِ ونهيتَ عن المنكر ؟!! كم من المخالفات تُشاهدُها ..ومع ذلك لم تأمرْ ولم تنه ؟!! لماذا ؟!! أين أسلامُك ؟!! أين أنتَ من قولِ النبي صلى الله عليه وسلم : (( من رأى منكم منكراً فلغيره بيده، فإن لم يستطعْ فبلسانه فإن لم يستطعْ فبقلبه ، وذلك أضعفُ الإيمان )) رواه مسلم
هل طبقت الإسلاَم في التعاملِ مع السائقين والخادمات والعاملين عندك ؟ هل أعطيتهم أجرهم قبلَ أن يجفَ عرقَهم ؟!! هل اتقيت الله فيهم فلم تُحملْهم ما لا يطيقون ؟!! هل اتقيت الله في تعليمهم دين الله تعالى فيسرت لهم وقتاً ليتفقهوا في الدين ؟!!
هل طبقنا الإسلامَ مع الكفار..كم هم الذين انحرفوا عن منهجِ الله ماذا صنعنا لهم ؟!! هل أوصلنا لهم رسالةَ الإسلامِ الصافيةِ من خلالِ تعاملنا الذي أرشدنا إليه ديننا ؟!!
أيها المسلمون : إنّ الحلّ لكثيرٍ من مشاكلِنا ..هو تطبيقُ الإسلام ..وأولُ من يبدأُ التطبيقَ هو أنت ..نعم أنت ..عندها ستتغيرُ الأمور ..والذي نفسي بيده ..كما أخبر الله تعالى في كتابه بقوله : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )) (الأعراف: 96) .
ويقول سبحانه (( وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ )) (البقرة:103 ) .
ولقد صدقَ الإمامُ مالكُ ابنُ أنس إمامُ دارِ الهجرة في زمانه حينما قال " لنْ يُصلِحَ آخرُ هذه الأمة إلا ما أَصلَحَ أولها" وهكذا ..فلا صلاَح لهذه الأمة إلا بما صَلُحَ به الصحابةُ ومن بعدهم ، إلا بالسيرِ على طريقِ محمدٍ ( صلى الله عليه وسلم)، والتمسكِ بصراطِ الله المستقيم الذي قال فيه جل وعلا (( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) (الأنعام:153) .
اللهم وفقنا لسلوك صراط المستقيم ..واجعلنا ممن أنعمت عليهم يارب العالمين .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى