لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

العيد .. أفراح و أتراح  Empty العيد .. أفراح و أتراح {الجمعة 25 نوفمبر - 20:22}

د.محمد بن عبد الله الهبدان
العيد .. أفراح و أتراح


إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ , ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا , ومن سيِّئاتِ أعمالِنا , منْ يُهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يضلل فلا هاديَ له .

وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله .(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (آل عمران:102) .(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) (النساء:1) . ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) (الأحزاب:70-71) .

أما بعد : فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله , وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها , وكلَّ محدثةٍ بدعة , وكلَّ بدعةٍ ضلالة , وكلَّ ضلالةٍ في النار .

أمَّةَ الإسلامِ : هاهيَ صفحاتُ الأيامِ تُطوى ..وساعاتُ الزمانِ تنقضي ..بالأمسِ القريبِ استقبلْنا حبيباً ...واليومَ نودعُه .. والمسلمُ من خيرٍ إلى خيرٍ، ومن فضلٍ إلى فضل.. أطْلِقْ بصرَكَ لترى هذه الأمةَ المرحومةَ مع إشراقةِ يومِ العيدِ تتعبدُ اللهَ تعالى بالفطرِ ..كما تعبدته بصيامِ الشهرِ ..سرِّحْ طرْفَك في هذه الأمةِ المحمديةِ ..مع إطلالةِ يومِ العيدِ تَراها تتعبدُ الله تعالى بالفرحةِ والبشْرِ ..كما تعبدته بالتسبيحِ والذكرِ ..ومع بارقةِ يومِ العيدِ تتعبد الأمةُ ربَّها بإخراجِ زكاةِ الفطرِ..كما تعبدته بالصلاةِ وقتَ السحرِ.

فالحمدُ لله الذي هدى أمةَ الإسلامِ سبيلَها ..وألهمَها رشدَها ..وخصها بفضلٍ لم يكن قَبْلها .. يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضي للهُ عنه ..لما قدمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ وجدَهم يحتفِلون بعيدين ..فقال : ((كان لكما يومان تلعبون فيهما ، وقد أبدلَكمُ اللهُ بهما خيراً منهما ، يومَ الفطرِ ، ويومَ الأضحى)) [1].

أيها النبلاء ..إنَّ من الإيمانِ أن يفرحَ العبدُ بمثل هذا اليومِ ..وأن يستعدَّ له..وأن يستبشرَ به يقول الله تعالى : ((ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)) (الحج : 32) .

إن يوم العيدِ يومُ فرحٍ وسرورٍ .. حتى نصَّ العلماءُ على مشروعيةِ التوسعةِ على العيالِ في أيامِ الأعيادِ بأنواعِ ما يحصلُ لهم من بسط النفسِ وترويحِ البدنِ من كَلَفِ العبادةِ، وأنّ إظهارَ السرورِ في الأعيادِ من شعائرِ الدين[2] ..

فتأملْ فضلَ اللهِ - تعالى - : يفرحُ المسلمون بالعيدِ ويؤجرونَ على هذا الفرحِ؛ لأنه من شعائرِ الدين. ولكنّ هذا الفرحَ يجبُ أن يكونَ في حدودِ المشروعِ، وأما إشغالُ الأعيادِ بالمنكراتِ والغناءِ والمهرجاناتِ فليسَ من الفرحِ المشروعِ في شيءٍ ..بلْ من نزْغِ الشيطانِ ..بل ويُخشى على المنشغلين بذلك أنْ يَخسِفَ اللهُ بهمُ الأرضَ أو يمسَخَهم قردةً وخنازيرَ ..

يقولُ عليه الصلاة والسلام : ((في هذه الأمةِ خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ فقال رجلٌ من المسلمين : يا رسولَ اللهِ ! ومتى ذلك ؟ قال : إذا ظهرتِ القيانُ والمعازفُ وشُربتِ الخمورُ ))..

وقد حدثت آيةٌ من آياتِ الله تعالى قبلَ أشهرٍ في بني صهيونَ ..فبينا هم في سهرتِهم يعبثون ..وعلى الأغاني يرقصون .. إذْ خسفَ اللهُ بهم فأصبحوا صرعى ولله الحمدُ والمنةُ ..والعجيبُ في الأمر ..أن الخسفَ حصلَ فقط على الصالةِ التي كانوا يتراقصون فوقَها دون من سواهم ..وقد نَقلَتْ وكالاتُ الأنباءِ هذا المشهدَ الذي يُعدُّ عِبرةً لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ .

الله أكبر ..الله أكبر ...

أيها الأخوةُ الفضلاء : العيدُ هو موسمُ الفرحِ والسرورِ ، وأفراحُ المؤمنين وسرورُهم في الدنيا إنما هو بمولاهم ، إذا فازوا بإكمالِ طاعتِه وحازوا ثوابَ أعمالِهم ..كما قال تعالى : ((قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )) (يونس :58) .

قال بعضُ السلفِ : ما فَرِحَ أحدٌ بغير الِله إلا لغفلتِه عن اللهِ ، فالغافلُ يفرحُ بلهوهِ وهواهُ ، والعاقلُ يفرحُ بمولاهُ ، والناسُ في الأعيادِ على أطوارٍ غريبةٍ ، وأحوالٍ عجيبةٍ ، تستحق التنويهَ ، ولفتَ الانتباهِ ، وتستوجبُ التذكيَر ودفعَ الاشتباهِ ..فإن صنفاً من الناسِ ، يرى العيدَ فرصةً سانحةً للهوِ والسمرِ ، الممْتَدَيْنِ إلى بزوغِ الفجرِ ..والأشدُ من ذلك أن بعضَهم أصبحَ يُحيي لياليَ العيدِ وأيامَه بأذيةِ المسلمين في أعراضِهم، فتجدُه يتابعُ عوراتِ المسلمين ويصطادُ في الماء العكرِ ،وسيلتُه في ذلك سماعةُ الهاتفِ ، أو الأسواقُ التي أصبحت تعجّ بالنساءِ ، وهنّ في كاملِ زينتِهن فتنهدمُ بيوتٌ عامرةٌ ، وتتشتت أسرٌ مجتمعةٌ ، وتنقلبُ الحياةُ جحيماً لا يطاقُ ، بعد أن كانت آمنةً مستقرةً !! . وهناك من يجعلُ العيدَ فرصةً له لمضاعفةِ السيئاتِ فتراه يخرج بأهله إلى الحدائقِ والمنتزهاتِ وما يقامُ فيها من بعضِ العرضاتِ والمهرجاناتِ .. وحدِّثْ ولا حرجَ عما يحدثُ هناك من صورٍ مقززةٍ ..من التكشفِ وعدمِ السترِ واختلاطِ الرجالِ بالنساءِ ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله ..إني أناشدكم اللهَ في حفظِ محارمِكم بمنع إخراجِهنّ من البيوتِ لمثل هذه الأماكنِ العامةِ واختلاطِهن بالرجالِ ، وحفظِ ما قمتمْ بتحصيلِه من الأعمالِ الصالحةِ خلالَ شهرِ الصيامِ .. وقد أمر الله تعالى المرأةَ بالقرارِ في البيوتِ : ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)) (الأحزاب : 33) .

قال مجاهد : ( كانت المرأةُ تخرج تمشي بين يدي الرجالِ فذلك تبرجُ الجاهلية ) .

ويُمكن للإنسان أن يضعَ بدائلَ نافعةً ..وحلولاً ناجحةً.. عن حضورِ تلك المهرجاناتِ ..كأن يجمع أسرتَه في استراحةٍ ..ويضعَ لهم برامجَ مفيدةً ..ومسابقةً شيقةً وألعاباً هادفةً ..تحصلُ فيه المتعةُ ..وتجري فيه الفائدةُ ..وتتقارب القلوبُ ..وتترابطُ النفوسُ ..وإن لم يَـرُقْ لك هذا الخيارُ فلك أيها الموفقُ أن تقضي أيامَ العيدِ بزيارةِ الأرحامِ ..وصلةِ الأقاربِ ..والسلامِ عليهِم ..والتعرفِ على أحوالِهم ..والسؤالِ عنهم ..فإن زرتَهم في اليومِ الأولِ ..فلك أن تخرجَ بأولادِك في رحلةٍ خَلويةٍ ..تستمتعُ فيها بالمناظرِ الخلابةِ ..والرمالِ الذهبيةِ .

وينبغي أن نفهمَ جميعاً قضيةً بالغةَ الأهميةِ وهي..هبْ أننا لم نجدْ لك بديلاً عن هذه المهرجاناتِ المختلطةِ ..أيعني ذلك أن تقحمَ نفسَك وأهلَك فيها ؟!!كلا ..كلا ..إنك بإيمانك باللهِ قد عاهدتَ ربك.. أن تقيمَ فرائضَهُ ..وتنتهيَ عن زواجرِه .. وأنا أسائلُك ..من الذي أباحَ الاختلاطَ في تلك الأماكنِ ؟!! من الذي أباحَ السينما والمسرح للنساء في بلاد الحرمين ,من الذي أباح تلك الألعابَ الناريةَ التي تنفق فيها الملايين وقد أفتى العلامة ابن عثيمين بحرمتها لما فيها من الهدر بالمال ولا طائل من ورائها؟!! من الذي أباحَ الموسيقى والأغاني الساقطةَ ؟!ألم تعلمْ بما جرى في العامِ الماضي من القضايا الأخلاقيةِ .. والحوادثِ الأمنيةِ..أما تكفي تلك الحوادثُ أن تكون زاجراً لنا عن المشاركةِ في مثلِ المهرجاناتِ؟ سلمتَ في العامِ الماضي وسلِمَ أهلُك..فهل سيسلمون في هذا العامِ ؟ لن أنسى ذلك الموقفَ الرهيبَ ومجموعةٌ من الشبابِ يتجاذبون الفتياتِ كأنها قطعانٌ من الماشيةِ !! لن أنسى ذلك الموقفِ ومجموعةٌ من الشبابِ قد دخلوا على أحدِ المطاعمِ فقاموا بتكسيِر الزجاجِ والتعرضِ للنساءِ اللاتي في داخلِه ..لن أنسى ذلك الموقفَ الذي أوقفَ الشبابُ فيه سائقاً يحمل معه مجموعةً من النساءِ ..ثم لا تسألْ عما فعله أولئك الأوباشُ ..الذين ثارتِ الشهوةُ في نفوسِهم ..وتحركتِ الغرائزُ في قلوبِهم..لن أنسى موقفَ الزوجِ الذي يبكي حرقةً على ما جرى له ..عندما جاءَ إلى أحدِ مراكزِ الأمنِ يشتكي ..ويقولُ ما تركَ الشبابُ موضعاً من امرأتِه إلا وقدْ تعرضوا له..أقسم بالله العظيمِ الذي رفع السماء بغير عمد لقد وقع هذا المشهدُ برمتِه!! حتى رجال الأمن ..ما سلموا من الأذى ..فكيف بغيرهم ؟!!

المواقفُ كثيرةٌ ..والمشاهدُ أكثرُ ..وما لم أقفُ عليه أعظمُ وأعظمُ ..إنها لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ .

إلى متى نظلُّ أيها الفضلاءُ تُصاغُ لنا حياتُنا ..وتفصَّل لنا برامـجُنا ..ويُتحكَّم بطريقةِ حياتِنا ..إلى متى نظلُّ ألعوبةً بأيدي أصحابِ الملاهي ..قل لي بربِّك ..ماذا تستفيدُ عندما ترى تلك الألعابَ الناريةَ ؟!! قل لي بربِّك..ماذا ينتفع أولادُك عندما يشاهدون تلك السيارةَ الضخمةَ ..وقائدُها قد أزعجَ الناسَ بصريرِ إطاراتِ سيارتِه..وعبثِه بها ؟!! نطاردُهم في الشوارعِ ونؤدبُهم على هذا الفعلِ ..وهنا نُقدمُ لهم هؤلاءِ على أنهم أبطالٌ !! فأي تناقضٍ هذا ؟ وأي ازدواجيةٍ تلك ؟!!

كيف تجُد راحتَك مع أسرتِك مع التكدسِ البشري في تلك الأماكنِ ؟!!

أفرادُ أسرتِك ..هم زينةُ الدنيا..هل رؤيتُهم لمثل تلك البرامجِ المعدةِ ستزيدُ من ثقافتِهم ؟!! وهل سيكتسبون علماً وخلقاً ؟!! وديناً وأدباً ؟!!

وأخيراً قد قيل : من أراد معرفةَ أخلاقِ الأمةِ فليراقبْها في أعيادِها ، إذْ تنطلقُ فيه السجايا على فطرتِها ، وتبرزُ العواطفُ والميولُ والعاداتُ على حقيقتِها ،والمجتمعُ السعيدُ الصالحُ هو الذي تسمو أخلاقُه في العيدِ إلى أرفعِ ذروةٍ ، وتمتدُ فيه مشاعرُ الإخاءِ إلى أبعدِ مدى ، حيث يبدو في العيد متماسكاً متعاوناً متراحماً تخفقُ فيه القلوبُ بالحبِ والودِ والبِر والصفاءِ[3] .

فتـتوثق أواصرُ الرحمِ في الأقرباءِ ، والودِّ مع الأصدقاءِ ..تتقاربُ القلوبُ على المحبةِ ، وتجتمعُ على الألفةِ ، وترتفعُ عن الضغائنِ .

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم، واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم .



الخطبة الثانية

الحمد لله يُعطي ويمنع, ويخفضُ ويرفع, ويضرُ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين .

أمَّا بعدُ: لقد كان من هدي النبيِ المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يخصِّصَ جزءاً من موعظتِه للنساءِ .. وما ذلك ..إلا للمكانةِ التي تحظى بها المرأةُ المسلمةُ عند رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. فيا فتاةَ الإسلامِ ..إن محورَ المعركةِ الدائرةِ اليومَ بين دعاةِ الفضيلةِ ..ودعاةِ الرذيلةِ ..هي أنتِ ..فمن أجلِكِ ينافحُ دعاةُ الفضيلةُ..لأنهم يريدونَكِ درةً مكنونةً ..وجوهرةً مصونةً.. وزهرةً لا تطمعُ فيها الأيادي ِ النجسةِ ..ولكنّ دعاةَ الرذيلةِ ..يسعون بقضِّهم وقضيضِهم ..من أجلِ القضاءِ على كرامتِكِ ..والفتكِ بعفتِكِ ..إنهم يريدونَكِ ألعوبةً بأيدِيْهم ..يسرقون منكِ أغلى ما تملكين..فحاكوا لكِ في الخفاء ..ونسجوا لكِ بدهاء ..للتغريرِ بكِ ..وإخراجِكِ من خدرِك الطاهر ..إلى حيث الابتذالُ وزائفُ المظاهر ..وهم يسيرون على هذا المنوالِ بخطىً ثابتةٍ متريثةٍ ..فهم لم يطلبوا منكِ نزعَ الحجابِ مباشرةً ..بل بحثوا عن حيل شيطانية، حتى قالوا : إن حقوقَك مهضومة ..وأموالَك مسلوبة ..وزعموا أنّ الحلَ في البطاقةِ الشخصية ..مدَّعين أنها تثبتُ من خلالها هُويتَها ..وتحفظُ لها حقوقَها ..وتأمنُ من الاحتيالِ عليها ..وإنني من على منبر محمد صلى الله عليه وسلم..أعلنُها مدويةً ..نطالبُ بإخراج بطاقةٍ للمرأة ..نعم نطالبُ بإخراج بطاقةٍ للمرأة ..ولكن بدون صورة ..بل من خلال بطاقةِ البصمة ..والتي أثبتت الدراساتُ العلميةُ نجاحَها الباهرَ في تضييقِ الخناقِ أمامَ العابثين ..والحدِّ من انتشار الجريمة .

إذن لماذا يُصرُّ هؤلاء ..أن تكون هذه البطاقةُ مصحوبةً بصورةٍ لك ؟!!

اعلمي يا أخية أنها خطوةٌ أولى من الخطوات المرسومةِ لتغريبِك ..وإخراجِك من عفافِك وطُهرِك ..وهي خطوةٌ لقيادةِ المرأةِ للسيارة ..وهي خطوةٌ للسفرِ والسياحة ؟!! والطَّامةُ العظمى ..والفاجعةُ الكبرى ..أنها بداية لنزع حجابِك ..تصوري - يا أخية - لو وقعت صورتُك بيدِ فاجرٍ .. ماذا سيصنعُ بها ؟! ألا يمكنُ أن تكونَ هذه الصورةُ وسيلةً للضغطِ عليكِ ؟ ألا يمكنُ أن توضعَ صورتُك في الإنترنت ويُكتبَ تحتَها فلانةٌ العاهرة !! وفلانةٌ الفاجرة ؟!! فماذا يكون موقفُك ؟!! وإذا أردتِ من دائرةٍ حكوميةٍ حاجةً ..وطلَبَ الموظفُ المختصُّ البطاقةَ ..فأُعجِب بصورتِك ..ألا يمكنُ أنْ يضيقَ عليك ..وأنْ يستغلَّ صورتَك لأغراضٍ سيئة ؟!!

وياترى .. هل أغنت بطاقةُ المرأة..المجتمعاتِ الغربيةَ في حفظِ الأمنِ ؟!! ألا يوجدُ في الغرب عصاباتٍ نسائيةً ؟!! كم هي حالاتُ القتلِ والنصبِ والاحتيال ؟!!

ثم يا أخية .. كم هي حالاتُ النصبِ والاحتيال .. في بطاقاتِ الرجالِ ..

فاستيقظي يا أخيةُ وكوني على حذرٍ ، فقد تندمين ولاتَ ساعةَ مندمِ ، وتصرُخين فلا تجدين من يمدُ لكِ يدَ المساعدةِ..فبادري بالمساهمةِ في مواجهةِ هذا المنكرِ من خلال نشر الوعي في أوساطِ النساء ..وبعثِ البرقياتِ لولاةِ هذه البلادِ المباركة ..والتي تعلنين فيها أن المرأةَ في هذه البلادِ لا تقبلُ بأي حالٍ من الأحوالِ بهذا البطاقة.. خاصةً وقد قال العلماءُ فيها قولتَهم ..وعلى رأسهِم سماحةُ الشيخِ عبدِ العزيزِ بنِ بازٍ رحمه الله ..فأفتوا بحرمتهِا..ولا تنسي يا أخية أن تتوجهي بالتضرعِ بين يدي الله تعالى أن يكفي المسلمين شر هذا الأمرِ بما يشاءُ فإنه سميعٌ مجيبُ الدعاء.

يا أخيةُ : أنتِ أسمى وأعلى وأجلُ وأكرمُ من أن تكوني مجردَ ببغاءَ ترددين ما يقال، وتَملئين فكرَكِ بكلِ ما يُكتبُ ، وتنساقين وراءَ كلِ بريقٍ خادعٍ، إننا نريدُكِ أن تكوني امرأةً لها شخصيتُها المتميزةُ في العقيدةِ والفكرِ والسلوكِ واللباسِ ونمطِ الحياةِ ..نريدُ المرأةَ المسلمةَ التي تزنُ الأمورَ بميزانِ السماءِ ، وتنظرُ إلى الحياةِ من خلالِ القرآنِ ، وتنظرُ وهي في الدنيا إلى الدارِ الآخرةِ ، وتتخذُ من الإسلامِ منهجاً وطريقاً ، ومن الرسولِ صلى الله عليه وسلم أسوةً وقدوةً ..هذه المرأةُ التي نريدُ ، وهي التي تستطيعُ أن تحققَ في واقعِ الحياِة الشيءَ الكثيرَ لنفسِها ولغيرِها.

الله أكبر ..الله أكبر ..

أيها الأخوةُ وأيتها الأخواتُ إن لنا إخواناً ينامونَ على أزيزِ الطائراتِ ، وأصواتِ المدافعِ والرشاشاتِ ..قد أتاهم عيدُنا وهم بين جريحٍ وطريدٍ ومريضٍ وشريدٍ ..قد اعتاضوا عن الفرحةِ بالبكاءِ ، وحلَّ محلَّ البهجةِ الأنينُ والعناءُ .. فكم من يتيمٍ ينشدُ عطفَ الأبوةِ الحانيةِ ، ويتلمَّسُ حنانَ الأمِ الرؤومِ ..كم من أرملةٍ توالتْ عليها المحنُ ..فقدَتْ عشيرَها تذكرَتْ بالعيدِ عزاً قد مضى تحتَ كنفِ زوجٍ عطوفٍ ، كلُ أولئك وأمثالُهم قد استبدلوا بالعزِ ذلاً ، وبالرخاءِ والهناءِ فاقةً وفقراً ..فحقٌ على كلِ ذي نعمةٍ ممن صامَ وقامَ أن يتذكرَ هؤلاءِ .

أحبتي الكرامُ هاهو رمضانُ قد انتهى ..فيا تُرى من السعيدُ فنُهنيْه ..ومن المحرومُ فنعزيْه [4].

أيها المقبولُ هنيئاً لك ، أيها المردودُ جبر اللُه مصيبتَك[5]

تقبلَ اللهُ منا ومنكم الصيامَ والقيامَ وجعلنا وإياكم ووالدينا وجميعَ المسلمين من الذين خُتم لهم شهرُ رمضانَ بالرضى والرضوانِ والفوزِ بالجنانِ والنجاةِ من النيرانِ إنه سميع مجيب الدعواتِ، وأنْ يعيد على أمة الإسلام هذا العيد وهي تزهو بثوب النصر والعزة والكرامة.

وصلى الله و سلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم ,,,

[1] رواه النسائي .

[2] من كلام ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث لعائشة

[3] انظر : توجيهات وذكرى ( 1/272 ) .

[4] رُوي عن علي بنِ أبي طالب - رضي اللهُ عنه أنه كان ينادي في آخرِ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ : يا ليت شعري من هذا المقبولُ فنهنيْه ، ومن هذا المحرومُ فنعزيْه ، وعن ابن مسعودٍ أنه كان يقولُ : من هذا المقبولُ فنهنيْه ، ومن هذا المحرومُ منا فنعزيْه.

[5] لطائف المعارف ص247 .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى