رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
السؤال: سمعت أن من مات بسبب السرطان أو حرقاً أو غرقاً فإنه
يدخل الجنة ، فهل هذا صحيح ؟ فإني أعرف شخصاً قضى حياته مدخناً ثم مات بسبب سرطان
في الحلق ، ولكن الأطباء لم يقولوا إن السرطان الذي أصابه هو بسبب التدخين .
الجواب : السؤال: سمعت أن من مات بسبب السرطان أو حرقاً أو غرقاً فإنه
يدخل الجنة ، فهل هذا صحيح ؟ فإني أعرف شخصاً قضى حياته مدخناً ثم مات بسبب سرطان
في الحلق ، ولكن الأطباء لم يقولوا إن السرطان الذي أصابه هو بسبب التدخين .
الحمد
لله
أولاً:
ثبت
في صحيح السنَّة أنواع من الشهداء لهم منازل الشهداء في الآخرة ، وهذا من فضل الله
تعالى ورحمته .
عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الشُّهَدَاءُ
خَمْسَةٌ : الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ
وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) .
رواه البخاري (
2674 ) ومسلم ( 1914 ) .
وعن
جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَا
تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟ ) قَالُوا : الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الشَّهَادَةُ سَبْعٌ
سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ . وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ
. وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ . وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ . وَصَاحِبُ
الْحَرِيقِ شَهِيدٌ . وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ . وَالْمَرْأَةُ
تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ ) .
رواه
أبو داود ( 3111 ) والنسائي ( 1846 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال
الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
قال
ابن التين : هذه كلها ميتات فيها شدة ، تَفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه و
سلم بأن جعلها تمحيصاً لذنوبهم ، وزيادة في أجورهم ، يبلغهم بها مراتب الشهداء
.
"
فتح الباري " ( 6 / 44 ) .
وانظر
شرح الحديثين في جوابي السؤالين : ( 45669 ) و ( 10903 ) .
وقد
جعل بعض العلماء " المرض " داخلاً في تلك الأنواع ، ولم يصحَّ في ذلك حديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، وما استدلوا به فهو ضعيف جدّاً أو موضوع ، وهو :
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( مَنْ مَاتَ مَرِيضًا مَاتَ شَهِيدًا وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَغُدِيَ
وَرِيحَ عَلَيْهِ بِرِزْقِهِ مِنْ الْجَنَّةِ ) .
رواه
ابن ماجه ( 1615 ) وحكم عليه ابن الجوزي والألباني بالوضع ، كما في " السلسلة
الضعيفة " ( 4661 ) .
ثانياً:
من
مات بمرض " السرطان " فقد مال بعض أهل العلم إلى أنه يدخل في أنواع الشهداء الوارد
ذكرهم في الحديث ، على اعتبار أن " المبطون " عام لكل من مات بداء في بطنه ، وأن
ذلك ليس خاصا بداء معين .
قال
النووي رحمه الله :
"وَأَمَّا
( الْمَبْطُون ) فَهُوَ صَاحِب دَاء الْبَطْن , وَهُوَ الْإِسْهَال . قَالَ
الْقَاضِي : وَقِيلَ : هُوَ الَّذِي بِهِ الِاسْتِسْقَاء وَانْتِفَاخ الْبَطْن ,
وَقِيلَ : هُوَ الَّذِي تَشْتَكِي بَطْنه , وَقِيلَ : هُوَ الَّذِي يَمُوت بِدَاءِ
بَطْنه مُطْلَقًا " . انتهى . " شرح صحيح مسلم " للنووي .
لكن
ينبغي أن ينتبه إلى أن ذلك الإلحاق مقيد بشرطين :
الأول
: أن يكون موضع السرطان في " البطن " ، فيصدق عليه أنه " مبطون " .
سئل
الشيخ عبد المحسن العبَّاد – حفظه الله - :
هل
يدخل من يموت بالسرَطان في " المبطون " ؟ .
فأجاب
:
لا
؛ لأن السرطان لا يكون دائماً في البطن ، فقد يكون في غير البطن .
"
شرح سنن أبي داود " ( شريط رقم 230 ) .
وبما
أن صاحبك كان موضع السرطان في " حلقه " فهو غير داخل في أي نوع من أنواع أولئك
الشهداء .
الثاني
: أن لا يكون ذلك المرض بسبب تناوله الدخان أو المخدرات أو الخمور ، وغيرها من
المحرمات ، إلا أن يكون قد تاب من ذلك توبة نصوحاً ، وامتنع عن تناول تلك المحرمات
.
وهذا
الشرط عام في كل من ذُكر في الحديث ، فالحامل من زنا وتموت في الطلق ليست من
الشهداء ، والغريق إذا ركب البحر لمعصية أو فجور ومات غرقاً ليس من الشهداء ، وهكذا
من تهدم عليه حائط وهو يزني أو يشرب الخمر لا يكون من الشهداء ، وقد ذكرنا في جواب
السؤال رقم ( 45669 ) عن علماء اللجنة الدائمة أن
مات نتيجة حادث سيارة وهو داخلها أنه يدخل في " صاحب الهدم " فيكون شهيداً بإذن
الله ، لكن ذلك لا ينطبق على أولئك الشباب المتهورين الذين حصل معهم هذا وهم "
يفحطون " بسياراتهم ، ولا على أولئك المتسابقين في ظروف صعبة في الجبال والأودية
وعلى الثلوج .
وفي
جواب السؤال رقم ( 22140 ) نقلنا عن شيخ الإسلام ابن
تيمية أن الغريق العاصي في ركوبه البحر لا يكون شهيداً .
وقال
– رحمه الله - في موضع آخر :
ومن
أراد سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك وجب عليه الكف عن سلوكها ، فإن
لم يكف فيكون أعان على نفسه ، فلا يكون شهيداً .
"
الفتاوى الكبرى " ( 5 / 381 ) .
وقال
السيوطي – رحمه الله - :
قال
القرطبي : وهذا والذي قبله – أي : صاحب الهدم والغريق - إذا لم يغررا بنفسيهما ،
ولم يهملا التحرز ، فإن فرَّطا في التحرز حتى أصابهما ذلك : فهما عاصيان .
"
الديباج على مسلم " ( 4 / 508 ) .
وفي
" الموسوعة الفقهية " ( 26 / 273 ، 274 ) :
واستثني
من الغريب : العاصي بغربته ، ومن الغريق : العاصي بركوبه البحر ، كأن كان الغالب
فيه عدم السلامة ، أو ركوبه لإتيان معصية من المعاصي ، ومن الطلْق : الحامل بزنى" .
انتهى .
وإذا
كان شهيد المعركة الذي يُقتل بالسيف ، إن كان قاتل عصبية أو حمية أو رياء ، لا يكون
له فضل الشهداء ولا مرتبتهم ، فأولى أن لا يكون لأولئك ذلك الأجر الجزيل .
والخلاصة
:
أن
مرض السرطان بحد ذاته لا يدخل الميت بسببه في أنواع الشهداء ، إلا أن يكون المرض في
بطنه ، وأن ذلك ليس منصوصا في الحديث ، وإنما هو اجتهاد لبعض أهل العلم في فهم معنى
" المبطون " ، وأن من كان مرضه بسبب الدخان أو غيره ، ومات منه قبل التوبة ، فلا
يكون شهيداً بذلك ، ولو كان موضع المرض في بطنه ، فإن كان المرض في بطنه ولم يكن
بسبب فعل محرَّم ، رجونا له كان له منزلة الشهداء في الآخرة ، إن شاء الله .
والله
أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى