عبد الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ما رأي فضيلتكم في شخص قام بتطليق زوجته إداريّاً فقط ، أي :
قام باستخراج ورقة الطلاق من المصالح المعنية ، دون أن يطلقها طلاقاً حقيقيّاً ، أي
: دون أن يتلفظ بكلمة الطلاق ، وهذا بقصد أن يستخدم ورقة الطلاق تلك للزواج من فتاة
أوربية للحصول على وثائق الإقامة ، وبعد أن يتم له ذلك يطلق هذه الأخيرة ، ويعيد
العقد على الزوجة الأولى . فما رأي الشرع في مثل هذا العمل ؟
ما رأي فضيلتكم في شخص قام بتطليق زوجته إداريّاً فقط ، أي :
قام باستخراج ورقة الطلاق من المصالح المعنية ، دون أن يطلقها طلاقاً حقيقيّاً ، أي
: دون أن يتلفظ بكلمة الطلاق ، وهذا بقصد أن يستخدم ورقة الطلاق تلك للزواج من فتاة
أوربية للحصول على وثائق الإقامة ، وبعد أن يتم له ذلك يطلق هذه الأخيرة ، ويعيد
العقد على الزوجة الأولى . فما رأي الشرع في مثل هذا العمل ؟
الحمد لله
أولاً:
النكاح هو الميثاق الغليظ ، وهو
من أحكام الشرع العظيمة ، تستباح به الفروج ، وتثبت به الحقوق كالمهر والميراث ،
وينتسب الأولاد به لأبيهم ، إلى غير ذلك من الأحكام .
وبالطلاق تحرم المرأة على
زوجها ، وتُحرم من الميراث ، وتحل لغير ذلك الزوج ، بشروط معروفة ، وغرضنا من هذا
البيان : تنبيه المسلمين إلى ضرورة عدم استعمال هذين العقدين في غير ما شرع الله
تعالى ، وعدم اتخاذهما هزوا ولعباً ، وقد رأينا – وللأسف – من يعقد على امرأة لا
ليباح له منها ما كان يحرم عليه من الاستمتاع ، ولا ليُكَوِّن معها أسرة – كما هو
حال العقد الشرعي – بل ليتوصل به لغرض دنيوي ، كتسجيل أرض ، أو استخراج رخصة محل ،
أو الحصول على إقامة ، أو ليمكّن المرأة من السفر خارج بلدها ، وكل ذلك لا يكون فيه
الرجل زوجاً حقيقيا ، ولا تكون المرأة زوجة حقيقية ، بل هو زواج صوري ! حبر على ورق
! وهذا من اللعب والعبث بأحكام الشرع ، لا يحل فعله ، ولا المساهمة في إنشائه ،
ويتعين المنع منه في حال أن يراد التوصل به لأمرٍ محرَّم كمن يفعل ذلك من أجل
الإقامة في دولة غير مسلمة .
وقل مثل ذلك في الطلاق ، فهو حكم شرعي ، لا يجوز
لأحدٍ الهزل به ، ولا العبث بأحكامه ، ويسمون ذلك " الطلاق الصوري " ! حبر على ورق
!
وليعلم هؤلاء جميعاً أنهم آثمون بفعلهم هذا ، فلم يشرع الله تعالى النكاح
والطلاق لتكون الزوجة اسماً على عقد ، ليس لها أحكام ، وليس عليها حقوق ، وليعلموا
أن هذا النكاح تثبت أحكامه بمجرد العقد ، إن تمت شروطه وأركانه – وإن فَقَدَ منها
شيئاً فهو باطل - وأن الطلاق من الزوج يقع على زوجته بمجرد التلفظ به ، فليس في
الشرع نكاح صوري ، ولا طلاق صوري ، وأن الإثم يزيد على فاعلهما لو قصدا التوصل إلى
فعل محرَّم أصلاً ، كمن يتوصل به للتهرب من حقوق الناس وديونهم ، ولتتوصل المرأة من
أخذ إعانة مطلقة من دولة أو مؤسسة ، أو ليتوصل به لأن يقيم في دولة غير مسلمة يحرم
عليها الإقامة فيها ، وغير ذلك من المقاصد الباطلة المحرَّمة .
قال شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله :
"الشارع منع أن تتخذ آيات الله هزواً ، وأن يتكلم الرجل
بآيات الله التي هي العقود إلا على وجه الجد الذي يقصد به موجباتها الشرعية ، ولهذا
ينهى عن الهزل بها ، وعن التلجئة ، كما ينهى عن التحليل ، وقد دل على ذلك قوله
سبحانه : ( ولا تتخذوا آيات الله هزوا ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما بال
أقوام يلعبون بحدود الله ويستهزؤن بآياته ، طلقتك ، راجعتك ، طلقتك ، راجعتك ) فعلم
أن اللعب بها حرام " انتهى .
" الفتاوى الكبرى " ( 6 / 65 ) .
وعليه
:
فإذا تزوج رجل امرأةً تحل له ، وكان ذلك وفق الشروط الشرعية ، وقيام الأركان
وخلو الموانع : فإنه نكاح صحيح تترتب عليه آثاره .
وإذا طلَّق الرجل امرأته
لفظاً ، وقع طلاقه ، ولو كان لا يقصد به إنفاذ الطلاق .
وأما التطليق بالكتابة
من غير لفظ ففيه تفصيل سبق بيانه في جواب السؤال رقم (72291) .
ثانياً:
الزواج من تلك الأوربية بقصد الحصول على الإقامة ثم يطلقها بعد ذلك
، فعل محرَّم ، وقد ذكرنا فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز في تحريم هذا الفعل في جواب
السؤال رقم: (2886) .
وهو
إن تزوجها من غير إتمام شروط النكاح ، كالزواج من غير ولي ، أو مع وجود مانع من صحة
النكاح ، كأن تكون زانية ولم تتب ، أو تكون غير كتابية : فنكاحه لها محرَّم ، وهو
باطل .
وإن تزوجها زواجاً تامة أركانه وشروطه ، وخاليا من الموانع : فزواجه صحيح
، وتترتب عليه آثاره ، وتحرم عليه نيته .
ثالثاً:
في تلك الأفعال القبيحة من
الحصول على ورقة طلاق للزوجة الأولى ، والتزوج بثانية من أجل الإقامة ثم تطليقها :
محذوران آخران :
الأول : التحايل ، والكذب ، وشهادة الزور ، فهو يتحايل على
الدولة ويخدعها من أجل الحصول على الجنسية ، وهذا محرم .
والثاني : أنه يريد
التوصل بالطلاق والزواج الصوريين للإقامة في بلاد الكفار ، وقد جاء في ديننا النهي
عن الإقامة بين الكفار لغير حاجة ، لما في ذلك من الخطر العظيم على الدين والأخلاق
، وعلى الفرد والأسرة .
فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( أَنَا بَرِيءٌ مِن كُلِّ مُسلِمٍ يُقِيمُ بَينَ أَظهُرِ
المُشرِكِينَ ) رواه أبو داود ( 2645 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود "
.
وقد سبق تقرير ذلك في جواب السؤال رقم : ( 27211
).
فالذي ننصح به إخواننا هو أن يتقوا الله تعالى في العقود الشرعية ، وأن لا
يتخذوها مطايا لغايات دنيوية ، وأولى أن يمتنعوا إن كانت الغايات محرَّمة ، وليتقوا
الله تعالى في زوجاتهم ، وأولادهم ، وليتأملوا فيما يمكن أن تسببه أفعالهم في
إيقاعهم في الحرج الشديد ، أو الحرمان من الحقوق ، وغير ذلك من المفاسد المترتبة
على مباشرة تلك العقود بتلك الصور الفاسدة .
والله أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى