رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
هزيمة بني تميم وقصة مالك بن نويرة1
بعد أن أخضع خالد بن الوليد القبائل التي تقطن التلال الواقعة شمالي المدينة سار لقتال بني تميم بهضبة عند الخليج الفارسي وهم قسمان: نصارى وعباد أصنام منتشرون في المراعي الواسعة بين اليمامة ومصب الفرات، وكانوا قد أسلموا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كسائر القبائل العربية وفرق فيهم عماله، فكان الزبرقان منهم وسهيل بن منجاب وقيس بن عاصم وصفوان بن صفوان وسبرة بن عمرو ووكيع بن مالك ومالك بن نويرة، ثم ارتدوا ومنعوا الزكاة بعد وفاة رسول الله ولما تولى أبو بكر الخلافة وانتصر في أول موقعة له سار صفوان بن صفوان إلى أبي بكر بصدقات بني عمرو إلا أنه في هذه الأثناء تشاغلت تميم بعضها ببعض، وبينما هم كذلك جاءتهم سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التميمية قد أقبلت من الجزيرة وادعت النبوة وكانت ورهطها في أخوالها من تغلب تقود ربيعة ومعها الهذيل بن عمران في بني تغلب وكان نصرانيا فترك دينه وتبعها، كما أن سجاح كانت قد اعتنقت الديانة المسيحية قبل أن تتنبأ ومعها عقة بن هلال في النمر وزياد بن فلان في إياد والسليل بن قيس في شيبان، فأتاهم أمر أعظم مما هم فيه لاختلافهم2.
وكانت سجاح تريد غزو المدينة فأرسلت إلى مالك بن نويرة تطلب الموادعة فأجابها إلا أن قبائل تميم الأخرى أبوا اتباعها، وحاربوها في عدة مواقع فانهزمت هي ومالك، وبعد أن صالحتهم وبادلتهم الأسرى سارت في جنود الجزيرة قاصدة اليمامة وقالت :
عليكم باليمامة ودفوا دفيف الحمامة، فإنها غزوة صرامة لا يلحقكم بعدها ملامة 3.
وكانت سجاح تريد مهاجمة مسيلمة، فقصدت بني حنيفة، فبلغ ذلك مسيلمة فخاف إن هو شغل بها أن يغلب ثمامة وشرحبيل بن حسنة والقبائل التي حولهم على حجر وهي اليمامة فأهدى لهم ثم أرسل يستأمنها على نفسه حتى يأتيها فجاءها في أربعين من بني حنيفة، فقال مسيلمة: لنا نصف الأرض وكان لقريش نصفها لو عدلت وقد رد الله عليك النصف الذي ردت قريش.
واجتمع مسيلمة بسجاح وضرب لها قبة وتزوجها وصالحها على غلات اليمامة سنة تأخذ النصف وتترك النصف، فأخذت النصف وانصرفت إلى الجزيرة وخلفت الهذيل وعقبة وزيادا لأخذ النصف الباقي فلم يفاجئهم إلا دنو خالد إليهم فانفضوا، ويلاحظ أن سجاح لم تقم مع زوجها مسيلمة الذي آمنت به، بل تركته وعادت إلى الجزيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تاريخ الطبري: 2/265، البداية والنهاية: 6/319.
2- تاريخ الطبري: 2/264، المنتظم: 4/24.
3- تاريخ الطبري: 2/269، البداية والنهاية: 6/320.
ص -43- أما مالك بن نويرة فإنه ندم على ما فعل لاتباعه سجاح وتحير في أمره وسار خالد بن الوليد بعد أن فرغ من فزارة وغطفان وأسد وطيء يريد البطاح، وبها مالك بن نويرة قد تردد عليه أمره، وتخلفت الأنصار عن خالد وقالوا ما هذا بعهد الخليفة إلينا إن نحن فرغنا من بزاخة أن نقيم حتى يكتب إلينا فتركهم خالد ومضى، وندمت الأنصار ولحقوه ثم سار حتى قدم البطاح فلم يجد فيها أحدا، وكان مالك بن نويرة قد فرقهم ونهاهم عن الاجتماع فلما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الإسلام وأن يأتوه بكل من لم يجب، وإن امتنع أن يقتلوه، فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر من بني ثعلبة بن يربوع، وكان فيهم أبو قتادة، فشهد أنهم قد أذنوا وأقاموا وصلوا، وقال قوم إنهم لم يفعلوا ذلك، فلما اختلفوا في أمرهم أمر خالد بن الوليد بحبسهم فحبسوا في ليلة باردة وأمر مناديا فنادى أدفئوا أسراكم، وهي في لغة كنانة القتل فظن القوم أنه أراد القتل ولم يرد إلا الدفء فقتلوهم فقتل ضرار بن الأزور مالكا، وسمع خالد الداعية فخرج وقد فرغوا منهم فقال: إذا أراد الله أمرا أصابه1.
زواج خالد2
تزوج خالد أم تميم امرأة مالك بن نويرة، ولما وصل الخبر إلى المدينة قال عمر لأبي بكر: إن سيف خالد فيه رهق3 وأكثر عليه في ذلك، فقال يا عم: تأول فأخطأ فارفع لسانك عن خالد فإني لا أشيم4 سيفا سله الله على الكافرين وودى مالكا، وكتب إلى خالد أن يقدم عليه ففعل ودخل المسجد وعليه قباء وقد غرز في عمامته أسهما فقام عمر فنزعها وحطمها، وقال له: قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته والله لأرجمنك بأحجارك وخالد لا يكلمه يظن أن رأي أبي بكر مثله، ودخل على أبي بكر فأخبره الخبر واعتذر إليه فعذره، وتجاوز عنه وعنفه في التزويج الذي كانت عليه العرب من كراهته أيام الحرب فخرج خالد وعمر جالس، فقال: هلم إلي يا ابن أم شملة فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي عنه فلم يكلمه، وقدم أخوه متمم بن نويرة على أبي بكر يطالب بدم أخيه ويسأله أن يرد عليهم سبيهم فأمر أبو بكر برد السبي وودى مالكا من بيت المال، غير أن سير ويليام موير يقول في كتابه "الخلافة " طبعة 1924 صفحة 26 إن أبا بكر أمر برد الأسرى لكنه رفض أن يدي مالكا من غير أن يشير إلى المصدر الذي استند إليه في الرفض، وهذا يخالف ما جاء في تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير وأسد الغابة، فقد ورد في هذه المراجع أن أبا بكر أمر برد السبي وودى مالكا، وقد كانت زوجة مالك بن نويرة غاية الجمال، وكان خالد بن الوليد يحبها فقتل زوجها مالكا ليتزوجها مع أنه أقر بالإسلام، وقال مالك عندما أمر خالد بقتله: إن هذه التي قتلتني يريد زوجته، وهذا الذي استوجب غضب عمر على خالد، وكان يريد أن يرجمه باعتباره زانيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تاريخ الطبري: 2/270.
2- تاريخ الطبري: 2/273، البداية والنهاية: 6/322.
3- الرهق: الكذب، الحدة
4- أشيم: أغمد
ص -44- وفي زواج خالد بزوجة مالك بن نويرة يقول أبو نمير السعدي :
ألا أقل لحي أوطئوا بالسنابك1 تطاول هذا الليل من بعد مالك
قضى خالد بغيا عليه بعرسه وكان هوى فيها قبل ذلك
فأمضى هواه خالد غير عاطف عنان الهوى عنها ولا متمالك
فأصبح ذا أهل وأصبح مالك إلى غير أهل هالكا في الهوالك
كان ممن شهد لمالك بالإسلام أبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة وقد كان عاهد الله أن لا يشهد مع خالد بن الوليد حربا أبدا بعدها وكان يحدث أنهم لما غشوا القوم راعوهم تحت الليل فأخذ القوم السلاح قال: فقلنا: إنا المسلمون، فقالوا: ونحن المسلمون، قلنا: فما بال السلاح معكم؟ قالوا: فما بال السلاح معكم؟ قلنا: فإن كنتم كما تقولون فضعوا السلاح، قال فوضعوها ثم صلينا وصلوا، وكان خالد يعتذر في قتله أنه قال وهو يراجعه: ما إخال2 صاحبكم إلا وقد كان يقول كذا وكذا، قال أو ما تعده لك صاحبا؟ ثم قدمه وضرب عنقه وعنق أصحابه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- السنابك: الحوافر
2- إخال: أظن
بعد أن أخضع خالد بن الوليد القبائل التي تقطن التلال الواقعة شمالي المدينة سار لقتال بني تميم بهضبة عند الخليج الفارسي وهم قسمان: نصارى وعباد أصنام منتشرون في المراعي الواسعة بين اليمامة ومصب الفرات، وكانوا قد أسلموا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كسائر القبائل العربية وفرق فيهم عماله، فكان الزبرقان منهم وسهيل بن منجاب وقيس بن عاصم وصفوان بن صفوان وسبرة بن عمرو ووكيع بن مالك ومالك بن نويرة، ثم ارتدوا ومنعوا الزكاة بعد وفاة رسول الله ولما تولى أبو بكر الخلافة وانتصر في أول موقعة له سار صفوان بن صفوان إلى أبي بكر بصدقات بني عمرو إلا أنه في هذه الأثناء تشاغلت تميم بعضها ببعض، وبينما هم كذلك جاءتهم سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التميمية قد أقبلت من الجزيرة وادعت النبوة وكانت ورهطها في أخوالها من تغلب تقود ربيعة ومعها الهذيل بن عمران في بني تغلب وكان نصرانيا فترك دينه وتبعها، كما أن سجاح كانت قد اعتنقت الديانة المسيحية قبل أن تتنبأ ومعها عقة بن هلال في النمر وزياد بن فلان في إياد والسليل بن قيس في شيبان، فأتاهم أمر أعظم مما هم فيه لاختلافهم2.
وكانت سجاح تريد غزو المدينة فأرسلت إلى مالك بن نويرة تطلب الموادعة فأجابها إلا أن قبائل تميم الأخرى أبوا اتباعها، وحاربوها في عدة مواقع فانهزمت هي ومالك، وبعد أن صالحتهم وبادلتهم الأسرى سارت في جنود الجزيرة قاصدة اليمامة وقالت :
عليكم باليمامة ودفوا دفيف الحمامة، فإنها غزوة صرامة لا يلحقكم بعدها ملامة 3.
وكانت سجاح تريد مهاجمة مسيلمة، فقصدت بني حنيفة، فبلغ ذلك مسيلمة فخاف إن هو شغل بها أن يغلب ثمامة وشرحبيل بن حسنة والقبائل التي حولهم على حجر وهي اليمامة فأهدى لهم ثم أرسل يستأمنها على نفسه حتى يأتيها فجاءها في أربعين من بني حنيفة، فقال مسيلمة: لنا نصف الأرض وكان لقريش نصفها لو عدلت وقد رد الله عليك النصف الذي ردت قريش.
واجتمع مسيلمة بسجاح وضرب لها قبة وتزوجها وصالحها على غلات اليمامة سنة تأخذ النصف وتترك النصف، فأخذت النصف وانصرفت إلى الجزيرة وخلفت الهذيل وعقبة وزيادا لأخذ النصف الباقي فلم يفاجئهم إلا دنو خالد إليهم فانفضوا، ويلاحظ أن سجاح لم تقم مع زوجها مسيلمة الذي آمنت به، بل تركته وعادت إلى الجزيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تاريخ الطبري: 2/265، البداية والنهاية: 6/319.
2- تاريخ الطبري: 2/264، المنتظم: 4/24.
3- تاريخ الطبري: 2/269، البداية والنهاية: 6/320.
ص -43- أما مالك بن نويرة فإنه ندم على ما فعل لاتباعه سجاح وتحير في أمره وسار خالد بن الوليد بعد أن فرغ من فزارة وغطفان وأسد وطيء يريد البطاح، وبها مالك بن نويرة قد تردد عليه أمره، وتخلفت الأنصار عن خالد وقالوا ما هذا بعهد الخليفة إلينا إن نحن فرغنا من بزاخة أن نقيم حتى يكتب إلينا فتركهم خالد ومضى، وندمت الأنصار ولحقوه ثم سار حتى قدم البطاح فلم يجد فيها أحدا، وكان مالك بن نويرة قد فرقهم ونهاهم عن الاجتماع فلما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الإسلام وأن يأتوه بكل من لم يجب، وإن امتنع أن يقتلوه، فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر من بني ثعلبة بن يربوع، وكان فيهم أبو قتادة، فشهد أنهم قد أذنوا وأقاموا وصلوا، وقال قوم إنهم لم يفعلوا ذلك، فلما اختلفوا في أمرهم أمر خالد بن الوليد بحبسهم فحبسوا في ليلة باردة وأمر مناديا فنادى أدفئوا أسراكم، وهي في لغة كنانة القتل فظن القوم أنه أراد القتل ولم يرد إلا الدفء فقتلوهم فقتل ضرار بن الأزور مالكا، وسمع خالد الداعية فخرج وقد فرغوا منهم فقال: إذا أراد الله أمرا أصابه1.
زواج خالد2
تزوج خالد أم تميم امرأة مالك بن نويرة، ولما وصل الخبر إلى المدينة قال عمر لأبي بكر: إن سيف خالد فيه رهق3 وأكثر عليه في ذلك، فقال يا عم: تأول فأخطأ فارفع لسانك عن خالد فإني لا أشيم4 سيفا سله الله على الكافرين وودى مالكا، وكتب إلى خالد أن يقدم عليه ففعل ودخل المسجد وعليه قباء وقد غرز في عمامته أسهما فقام عمر فنزعها وحطمها، وقال له: قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته والله لأرجمنك بأحجارك وخالد لا يكلمه يظن أن رأي أبي بكر مثله، ودخل على أبي بكر فأخبره الخبر واعتذر إليه فعذره، وتجاوز عنه وعنفه في التزويج الذي كانت عليه العرب من كراهته أيام الحرب فخرج خالد وعمر جالس، فقال: هلم إلي يا ابن أم شملة فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي عنه فلم يكلمه، وقدم أخوه متمم بن نويرة على أبي بكر يطالب بدم أخيه ويسأله أن يرد عليهم سبيهم فأمر أبو بكر برد السبي وودى مالكا من بيت المال، غير أن سير ويليام موير يقول في كتابه "الخلافة " طبعة 1924 صفحة 26 إن أبا بكر أمر برد الأسرى لكنه رفض أن يدي مالكا من غير أن يشير إلى المصدر الذي استند إليه في الرفض، وهذا يخالف ما جاء في تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير وأسد الغابة، فقد ورد في هذه المراجع أن أبا بكر أمر برد السبي وودى مالكا، وقد كانت زوجة مالك بن نويرة غاية الجمال، وكان خالد بن الوليد يحبها فقتل زوجها مالكا ليتزوجها مع أنه أقر بالإسلام، وقال مالك عندما أمر خالد بقتله: إن هذه التي قتلتني يريد زوجته، وهذا الذي استوجب غضب عمر على خالد، وكان يريد أن يرجمه باعتباره زانيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تاريخ الطبري: 2/270.
2- تاريخ الطبري: 2/273، البداية والنهاية: 6/322.
3- الرهق: الكذب، الحدة
4- أشيم: أغمد
ص -44- وفي زواج خالد بزوجة مالك بن نويرة يقول أبو نمير السعدي :
ألا أقل لحي أوطئوا بالسنابك1 تطاول هذا الليل من بعد مالك
قضى خالد بغيا عليه بعرسه وكان هوى فيها قبل ذلك
فأمضى هواه خالد غير عاطف عنان الهوى عنها ولا متمالك
فأصبح ذا أهل وأصبح مالك إلى غير أهل هالكا في الهوالك
كان ممن شهد لمالك بالإسلام أبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة وقد كان عاهد الله أن لا يشهد مع خالد بن الوليد حربا أبدا بعدها وكان يحدث أنهم لما غشوا القوم راعوهم تحت الليل فأخذ القوم السلاح قال: فقلنا: إنا المسلمون، فقالوا: ونحن المسلمون، قلنا: فما بال السلاح معكم؟ قالوا: فما بال السلاح معكم؟ قلنا: فإن كنتم كما تقولون فضعوا السلاح، قال فوضعوها ثم صلينا وصلوا، وكان خالد يعتذر في قتله أنه قال وهو يراجعه: ما إخال2 صاحبكم إلا وقد كان يقول كذا وكذا، قال أو ما تعده لك صاحبا؟ ثم قدمه وضرب عنقه وعنق أصحابه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- السنابك: الحوافر
2- إخال: أظن
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى