لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

 خاتمة في حياة خالد بن الوليد1 Empty خاتمة في حياة خالد بن الوليد1 {الأربعاء 7 ديسمبر - 11:32}

خاتمة في حياة خالد بن الوليد1
"سيف الله"
خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أبو سليمان وقيل: أبو الوليد، أمه: لبابة الصغرى وهي بنت الحارث بن حزن الهلالية وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله وأخت لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خالة أولاد العباس بن عبد المطلب الذين من لبابة.
هو البطل المشهور والفارس المأثور، صاحب الفتوحات العظيمة والغزوات الكثيرة وأشهر الفاتحين في الإسلام.
كان أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبة وأعنة الخيل في الجاهلية، أما القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش وأما الأعنة فإنه كان المقدم على خيل قريش في الحرب أي أنه كان قائد فرسانهم.
حارب المسلمين في غزوة أحد قبل إسلامه، ولما خالف الرماة أمر رسول الله وبرحوا مكانهم طمعا في الغنيمة ورأى خالد خلاء الجبل الذي كان فيه الرماة وقلة أهله أتى من خلف المسلمين وكر عليهم بالخيل وتبعه عكرمة بن أبي جهل فوقع الاختلاط فيهم إلا أن كفار قريش لم يجنوا ثمار انتصارهم فلم يحاولوا الهجوم على المدينة بل قفلوا راجعين إلى مكة.
وكان خالد من الذين يناوشون2 المسلمين هو وعمرو بن العاص غي غزوة الخندق وكان قائدا لفرسان قريش في الحديبية.
إسلامه3
كان خبر إسلام خالد أن عمرو بن العاص لما عاد من الحبشة بعد مقابلة النجاشي لقي خالد بن الوليد وهو مقبل من مكة، قال عمرو بن العاص: فقلت له أين يا أبا سليمان؟ قال والله لقد استقام الميسم - أي تبين الطريق وظهر الأمر - وأن الرجل لنبي، أذهب والله فأسلم فحتى متى؟ قلت: والله ما جئت إلا لأسلم فقدمنا المدينة على رسول الله فتقدم خالد بن الوليد.
قدم خالد هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة العبدري على رسول الله فلما رآهم صلى الله عليه وسلم قال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- شذرات الذهب: 1/32، سير أعلام النبلاء: 1/209، تاريخ الطبري: 2/151، البداية والنهاية: 1/169، الطبقات الكبرى: 7/395، المنتظم: 4/314.
2- يناوشون: يقاتلون.
3- سير أعلام النبلاء: 3/60، البداية والنهاية: 4/142، المنتظم: 4/313.



ص -103- لأصحابه: "رمتكم مكة بأفلاذ كبدها"1 وذلك لرفعة شأنهم في قريش.
قال خالد بن الوليد: لما أراد الله عز وجل بي ما أراد من الخير قذف في قلبي الإسلام وحضر لي رشدي وقلت قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد فليس موطن أشهده إلا أنصرف وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمدا يظهر . فلما جاء لعمرة القضية تغيبت ولم أشهد دخوله وكان أخي الوليد بن الوليد دخل معه فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابا فإذا فيه :2
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك أو مثل الإسلام يجهله أحد؟ قد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك، فقال أين خالد؟ فقلت يأتي الله به، فقال: ما مثله يجهل الإسلام ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له ولقدمناه على غيره، فاستدرك يا أخي قد فاتك من مواطن صالحة.
فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرتني مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت في المنام كأني في بلاد ضيقة جدبة فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة، فلما أجمعت على الخروج إلى المدينة لقيت صفوان بن أمية فقلت: يا أبا وهب أما ترى أن محمدا ظهر على العرب والعجم؟ فلو قدمنا عليه واتبعناه فإن شرفه شرف لنا؟ فقال: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا، فقلت هذا رجل قتل أخوه وأبوه ببدر، فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له: مثل ما قلت لصفوان فقال مثل الذي قال صفوان، قلت: فاكتم ذكر ما قلت لك، قال لا أذكره، ثم لقيت عثمان بن طلحة الحجبي، قلت: هذا لي صديق فأردت أن أذكر له، ثم ذكرت قتل أبيه طلحة وعمه عثمان وإخوته الأربعة: مسافع والجلاس والحارث وكلاب فإنهم قتلوا كلهم يوم أحد فكرهت أن أذكر له، ثم قلت له: إنما نحن بمنزلة ثعلب في حجر لو صب فيه ذنوب من الماء لخرج، ثم قلت له: ما قلت لصفوان وعكرمة فأسرع الإجابة وواعدني إن سبقني أقام بمحل كذا وإن سبقته إليه انتظرته فلم يطلع الفجر حتى التقينا فعدونا حتى انتهينا إلى الهدة - اسم محل - فوجدنا عمرو بن العاص بها ،فقال: مرحبا بالقوم فقلنا وبك قال أين مسيركم؟ قلنا: الدخول في الإسلام فقال: وذلك الذي أقدمني.
فوصلوا المدينة وقال خالد: فلبست من صالح ثيابي ثم عمدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت أخي فقال: أسرع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سر بقدومكم وهو ينتظركم فأسرعنا المشي فأطلعت عليه فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم حتى وقفت عليه، فسلمت عليه بالنبوة فرد علي السلام بوجه طلق فقلت: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال: "الحمد لله الذي هداك وقد كنت أرى لك عقلا رجوت أل يسلمك إلا إلى خير"3 قلت: يا رسول الله ادع الله يغفر تلك المواطن التي كنت أشهدها عليك، فقال صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يجب ما كان قبله "4 وتقدم عثمان بن طلحة وعمرو فأسلما وقد شهد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الاستيعاب: 3/1185.
2 البداية والنهاية: 4/239.
3- الطبقات الكبرى: 4/252.
4- أخرجه أحمد في كتابه " المسند " " الحديث: 4/198"، وذكره القرطبي في تفسيره " الحديث: 1/200"



ص -104- رسول الله لخالد بالعقل كما ترى.
إن خالدا كما قلنا كان من رجال قريش المعدودين فكان أشجعهم قلبا عالما بفنون الحرب فارسا مغوارا لا يرهب الموت ولا تهوله كثرة الجيوش؛ لكنه مع ذلك أخفق في محاربة رسول الله ولم تنفعه شجاعته ولم تفده فروسيته لذلك كان يرى أنه في غير شيء إزاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اعترف بنفسه، فماذا يعمل خالد وغير خالد أمام النبوة ورسول الله يمده الله سبحانه وتعالى بالقوى الظاهرة والباطنة وتقع على يديه المعجزات الباهرة التي دونها بطولة الأبطال وشجاعة الشجعان وعلوم الخلق كافة ويبشره الله بالنصر والفتح المبين!؟ وماذا يفعل وهو يرى انتشار الإسلام ودخول الناس في دين الله أفواجا، وقد ألفى نفسه وحيدا كعمرو بن العاص لا يقدر على عمل شيء، هذا وقد كان رسول الله يعرف الرجال ويقدرهم ولذلك كان يرجو أن يهدي الله خالدا إلى الإسلام ويجعل نكايته مع المسلمين على المشركين فنصحه أخوه الوليد الذي سبقه إلى الإسلام أن يسلم فأثر فيه النصح بعد أن فكر في مواقفه الماضية وفكر في كرامته فبادر إلى الدخول في الإسلام تكفيرا عن سيئاته وإراحة لضميره وصونا لكرامته وقد صدقت فيه فراسة رسول الله كما صدقت فراسته في عمر بن الخطاب فإن خالدا بعد أن أسلم دافع عن الإسلام دفاعا مجيدا قل أن يحدث مثله في تاريخ العالم، وقد شهد له بذلك الصحابة والأمم التي حاربها من فرس وروم واعترف له علماء التاريخ بالكفاية الحربية النادرة وصدق فيه قول رسول الله: " إنه سيف من سيوف الله"1.
وقد كتب الأستاذ أوجست مولر في كتابه الإسلام يصفه فقال: لقد كان خالد من أولئك الذين كانت عبقريتهم الحربية هي مل حياتهم الفكرية مثل نابليون فإنه لم يعن بشيء غير الحرب ولم يرد أن يتعلم شيئا غير ذلك.
وهذا ما قاله خالد عن نفسه: شغلني الجهاد عن تعلم كثير من القرآن.
ومن ذا الذي يدري ماذا كان يصنعه خالد لو أنه تلقى الفنون الحربية واستعمال الأسلحة المختلفة وأساليب القيادة وخطط الهجوم والدفاع أو لو أنه عاش في زمن انتشرت فيه الطرق المنظمة وامتدت السكك الحديدية لنقل الجيوش وتموينها في ومن اختراع التلغراف والتليفون واللاسلكي والأسلاك الشائكة والغازات الخانقة والمدافع الكبيرة والأساطيل العجيبة والمفرقعات المخيفة والطيارات التي تلقي القنابل؟!
ألا ترى أنه بمواهبه الحربية الفطرية وشجاعة قلبه وعقيدته الإسلامية قاد جيوش المسلمين على قلة عددهم وعددهم التي لم تتجاوز السيف والقوس والفرس فهزم امبراطوريتين ملكتا العالم بكثرة جيوشهما ووفرة الذخائر والمال - ألا وهما الفرس والرومان فكانت جيوشهما تقتل وتفر أمامه من الميدان مهزومة وكبار القادة يصرعون أو يسلمون والمدن الحصينة تفتح أبوابها وتسلم وتخضع أمام قوة العقيدة وصدق الإيمان والإخلاص وعدم الاكتراث بمواجهة الجيوش الجرارة طمعا في الشهادة!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أخرجه الحاكم في مستدركه " الحديث: 3/338".



ص -105- فهل تقاس هذه الشجاعة الخارقة وتلك المواهب النادرة التي اكتسحت الأمم بأي قائد من قواد الدنيا؟ اللهم لا.
كان خالد بن الوليد موضع إعجاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه وحسن تقديره فكان إذا هزم الفرس استدعاه لقتال الروم فيسير إلى الشام هو وجيشه الذي كان أطوع له من بنانه من غير أن يذوق للراحة طعما فلا يكاد يقود الجيش في الميدان الآخر حتى يفتح البلاد والحصون المنيعة ويوقع الرعب في قلوب الأعداء فيستولي المسلمون على بلادهم ويفر أمبراطور الروم من وجهه ويودع الشام الوداع الأخيرة كما فر وقتل قواد الفرس وعظماؤهم.
أليس من المدهش أن خالدا لم يهزم في موقعة من المواقع بل كان رائده النصر على الدوام!؟ وكان العدو يخاف ويقع الرعب في قلبه بمجرد ذكر اسمه أو اقتراب جيشه، لذلك كانوا يبادرون إلى عقد الصلح معه لئلا يداهمهم بما لا قبل لهم به، وقد سأله عظيم من الروم: هل أنزل الله عليه سيفا من السماء يحارب به الأعداء؟.
كان إسلام خالد في شهر صفر بعد الحديبية وكانت الحديبية في ذي القعدة من السنة السادسة الهجرية - فبراير سنة 628 م -.
شهد خالد غزوة مؤتة وقد كان الأمير في غزوة زيد بن حارثة واستشهد فيها زيد ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبي طالب فاستشهد أيضا، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقتل أيضا، ثم اتفق المسلمون على دفع الراية إلى خالد بن الوليد فأخذها وقاتل قتالا شديدا، وما زال يدافع القوم حتى انحازوا عنه، ثم ارتد بانتظام وعاد بجيش المسلمين سالما إلى المدينة وفي هذه الغزوة سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيفا من سيوف الله إذ لولا تدبره وإحكامه خطة التقهقر لقضي على الجيش لقلة عدده أمام ذلك الجيش العظيم.
وشهد خالد فتح مكة وحنينا وفي غزوة حنين قتل امرأة فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والأولاد والأجراء.
ثبت في صحيح البخاري1 عن خالد أنه قال: اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية.
وولاه رسول الله أعنة2 الخيل فكان في مقدمتها وشهد فتح مكة فأبلى فيها وبعثه رسول الله إلى العزى – صنم - فهدمها وقال :

يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أخرجه البخاري في كتاب: المغازي، باب: غزوة مؤته كم أرض الشام " الحديث: 4266".
2- أعنة: واحدها عنان وهي تسير اللجام الذي تمسك به الدابة



ص -106- وبعد أن هدم خالد العزى رجع إلى رسول الله فقال له: "هل هدمتها؟" قال: نعم، فقال له: "هل رأيت شيئا؟" فقال: لا، قال "فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها"، فرجع وهو متغيظ فلما انتهى إليها جرد سيفه فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة ناشرة الرأس فجعل السادان - خادم الصنم - يصيح بها قال خالد: وأخذني اقشعرار في ظهري فجعل السادان يصيح ويقول :

أعز شدي شدة لا تكذبي أعز ألقي للقناع وشمري

أعز إذا لم تقتلي اليوم خالدا فبوئي بذنب عاجل وتنصري

فأقبل خالد إليها بالسيف فضربها فشقها نصفين ثم رجع إلى رسول الله فأخبره، فقال: "نعم تلك العزى قد أيست أن تعبد ببلادكم أبدا"1 ثم قال خالد: أي رسول الله الحمد لله الذي أكرمنا بك وأنقذنا من التهلكة، ولقد كنت أرى أبي يأتي إلى العزى ومعه مائة من الإبل والغنم فيذبحها للقرى ويقيم عندها ثم ينصرف إلينا مسرورا فنظرت إلى ما مات عليه أبي وذلك الرأي الذي كان يعاش في فضله كيف خدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع فقال رسول الله: "إن هذا الأمر إلى الله فمن ييسره للهدى ييسر ومن ييسره للضلالة كان فيها".
ولا يصح لخالد مشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة وأرسله رسول الله إلى أكيدر صاحب دومة في رجب سنة تسع وأحضره عند رسول الله فصالحه على الجزية ورده إلى بلده.
وأرسله رسول الله سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بن مذحج فقدم معه رجال منهم فأسلموا ورجعوا إلى قومهم.
وأمره أبو بكر الصديق رضي الله عنه على قتال مسيلمة الكذاب والمرتدين باليمامة وكان له في قتالهم الأثر العظيم كما مر ذكره في كتابنا هذا وله الآثار المشهورة في قتال الروم بالشام والفرس بالعراق وهو أول من أخذ الجزية من الفرس في صلح الحيرة وافتتح دمشق وكان في قلنسوته شعر من شعر رسول الله يستنصر به ويتبرك فلا يزال منصورا.
ولما حضرت خالد الوفاة قال :
لقد شهدت مائة زحف أو نحوها وما في بدني موضع شبر إلا وبه ضربة أو طعنة أو رمية وها أنا أموت على فراشي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء وما لي من عمل أرجى من لا إله إلا الله وأنا متترس بها.
وكان يشبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلقه وصفته.
وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب سنة 21هـ "641 - 642 م ":- وعمره بضع وأربعون سنة وكانت وفاته بحمص وقبره مشهور يزار إلى الآن في ضمن مسجد واقع خارج السور إلى الجهة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أخرجه المقدسي في الأحاديث المختارة " الحديث: 8/219"، وذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى: 2/145.



ص -107- الشمالية من حمص وقد اتصل به العمران وصار حوله لهذا العهد حي يسمى "حي سيدي خالد " كما يسمى المسجد أيضا مسجد سيدي خالد.
قال رفيق بك العظم في كتابه "أشهر مشاهير الإسلام " وقد زرته مرة فوجدت عليه من المهابة والوقار ما يأخذ بمجامع القلوب التي يعرف أصحابها أقدار الرجال ويتأثرون بذكرى عصر أولئك الأبطال.
وقد كان لخالد أولاد كثيرون انقرضوا جميعا في الطاعون فلم يبق منهم أحد وورث أيوب بن سلمة دورهم بالمدينة.
وكان عمر يقول لما مات خالد: قد ثلم في الإسلام ثلمة لا ترتق ولقد ندمت على ما كان مني إليه.
ورثته أمه فقالت :

أنت خير من ألف ألف من الناس إذا ما كبت وجوه الرجال

أشجاع فأنت أشجع من ليث عرين حميم إلى الأشبال

أجواد فأنت أجود من سيل دياس يسيل بين الجبال1

ولخالد كرامات منها أنه ابتلع السم فلم يؤثر فيه كما مر ذكره ومنها ما رواه ابن أبي الدنيا بإسناد صحيح عن خيثمة قال: أتى خالد بن الوليد رجل معه زق خمر، فقال: اللهم اجعله عسلا فصار عسلا2، رحمه الله رحمة واسعة ونفعنا بذكرى حياته المملوءة عبرا وشهامة وبلاء حسنا في سبيل الله، وسنذكر إن شاء الله تعالى بقية حروب خالد في خلافة عمر بن الخطاب في كتابنا عمر بن الخطاب.
وقد أردنا بهذه الكلمة الوجيزة تذكير المسلمين بحياة هذا البطل الطائر الصيت الذي سجل في تاريخ القيادة والبطولة صفحات ذهبية خالدة ولا شك أن حياة خالد خالدة في الأسفار والقلوب وأردنا كذلك أن نصور هذه الشخصية البارزة بصورة جلية واضحة حتى تكون ماثلة أمامنا باعثة للهمم وعبرة للمعتبرين وقدوة يقتدي بها الأبناء في حسن البلاء والإقدام والصبر والإخلاص ورفعة الشأن والتمسك بالمبدأ حتى النفس الأخير فإن بمثل هذا القائد العظيم فتح الله على المسلمين فنشروا التوحيد والعقيدة الصحيحة وقضوا على الوثنية والشرك ووضعوا دعائم العدل والفضل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- البداية والنهاية: 7/116 – 117.
2- سير أعلام النبلاء: 1/376.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى