خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
يظن الكثير من الآباء أن من حقهم التدخل في اختيار النظام التعليمي والتخصص الدراسي لأبنائهم – لدرجة أنني أعرف أناسًا أخذوا استمارات رغبات القبول في الجامعة وكتبوا رغبات أبنائهم بحسب ما يشاؤون هم ، بعيدًا عن ميول ورغبات أبنائهم – كما يظن البعض من الآباء أن من حقهم فرض زوجة معينة على ابنه ، وإلا غضب عليه هو وأعمامه وأرحامه ، وهذا خطأ اجتماعي وشرعي ، فالولد ليس امتدادًا لحياة أبيه ، بل الولد إنسان له قدراته الخاصة وميوله الشخصية ومشاعره الإنسانية .
إن من حق الوالد التربية والنصح والإرشاد والرعاية ولكن ليس من حقه إجبار ابنه على دراسة الطب مثلاً بينما الابن ميوله رياضية أو فيزيائية أو كيميائية ، وكم من أبناء فقدوا قدراتهم الخاصة ، وتعسوا في حياتهم لأنهم لم يستطيعوا إقناع والديهم بأنهم لا يحبون هذا التخصص . ونفس المسألة في الزواج ، فعلى الشاب أن يختار في حدود المقبولات من والديه بغض النظر عن الألفة والمحبة والقبول ، وإذا كان هذا المنحنى مقبولاً في الماضي لانغلاق الفرجان والبلدان والأوطان فإنه في ظل عالمية المعرفة الإنسانية والتعارف العالمي للشعوب لم يعد مقبولاً ، ولقد سبق الإسلام النظام العالمي الجديد ، والمعرفة غير المحدوده ، والتعارف الواسع بين بني البشر ، فقال تعالى : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " [الحجرات: 13] ، فالتعارف بين الشعوب سنة من سنن الله في الخلق ، لذلك من الخطأ أن تحاول بعض المجتمعات أن تحرم الزواج من غير أبناء الوطن ، فالمعيار الذي وضعه الله تعالى في آية التعارف العالمي واللقاء العالمي معيار شخصي فردي مكتسب لا يرتبط بالجنس أو اللون أو البلد ، إنه معيار أخلاقي مطلق : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ، والمعيار النبوي في ذلك وهديه : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " وإذا اختل هذا المعيار : " تكن فتة في الأرض وفساد كبير " .. فهل رأيتم عالمية وإنسانية أعم من ذلك ؟! " تكن فتة في الأرض وفساد كبير " ، فتنة رفض صاحب الخلق وصاحبة الخُلق والعدول إلى معايير مادية بحتة ترتبط بالأصول الوراثية والمعايير الاجتماعية والمقاييس غير الشرعية .
كما أن البعض منا يعتبر الزواج على أسس الحب جريمة لا تغتفر ، والبعض عندما يؤلف كتابًا عن الحب في الإسلام .. يتكلم عن حب الله تعالى ، وحب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وحب الوالدين ، وحب الوطن ، وحب الدين ، ولا يتطرق مطلقًا إلى الحب القلبي بين المرأة والرجل ، وهذا مناف للفطرة الإنسانية التي فطر الله تعالى الإنسان عليها ، إذ علينا أن نقدّر هذا الحب وأن نجعله في مساره الشرعي والخلقي والاجتماعي الصحيح ، فالإسلام بنى الحياة الزوجية على الحب ، والأدلة الصحيحة في ذلك كثيرة ، منها ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال : يا رسول الله عندنا يتيمة قد خطبها رجلان : موسر ومعسر ، وهي تهوى (تحب) المعسر ونحن نهوى الموسر فقال صلى الله عليه وآله وسلم : " لم يُر للمتحابين مثل التزويج " حديث صحيح أخرجه ابن ماجة والحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي وأورده ابن القيم رحمه الله في روضة المتحابين ونزهة المشتاقين . وقد اعتبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الحب رزقًا فقال عن السيدة خديجة رضي الله عنها : " إني رُزقت حبها " أخرحه مسلم .
فعندما يريد ابنك الزواج من بنت مؤمنة فقيرة وليست من بلدك ، فترفضها لأسباب عصبية ، فقد خالفت الهدى القرآني ، فالله تعالى يقول : " ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " البقرة (221) ، ويقول سبحانه : " ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم " البقرة (221).. هذه معايير القرآن في اختيار الزوج والزوجة .. معيار الإيمان المطلق كما قلنا سابقًا .
ولقد أعجبني الدكتور طارق السويدان الذي زوّج ابنته من شاب أمريكي مسلم أسمر البشرة وعندما لام عليه الناس سمعته بنفسي يقول : هذا شاب مسلم يتقن العربية ، ملتزم بشرع الله ، خلقه ممتاز ، وابنتي قبلت الزواج منه ، فما المانع من ذلك ؟!
هذا هو المعيار العملي لمدى تطبيق الإنسان لما ينادي به ، على الرغم من الرفض الاجتماعي لذلك ، فعلى الآباء أن يجعلوا معيارهم في الاختيار لأبنائهم المعيار الخُلقي الديني ، معيار الحب بين الطرفين ، وعلينا أن نعلم أن العالمية في التعارف حطمت كل الحدود والسدود الوطنية والقطرية وتخطتها إلى المعايير الإنسانية العالمية ، وقد كان الإسلام سباقًا إلى وضع معايير عالمية للزواج " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ، فعلى كل منا أن يقول لابنه أو ابنته : هذا حقكما بشرط ألا تخرجا عن شرع الله في الإسلام وحسن الخلق .
أ. د. الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
www.nazme.net
العدد (10765) الخميس غرة رمضان 1428هـ - 13 سبتمبر 2007م
أخبار الخليج
إن من حق الوالد التربية والنصح والإرشاد والرعاية ولكن ليس من حقه إجبار ابنه على دراسة الطب مثلاً بينما الابن ميوله رياضية أو فيزيائية أو كيميائية ، وكم من أبناء فقدوا قدراتهم الخاصة ، وتعسوا في حياتهم لأنهم لم يستطيعوا إقناع والديهم بأنهم لا يحبون هذا التخصص . ونفس المسألة في الزواج ، فعلى الشاب أن يختار في حدود المقبولات من والديه بغض النظر عن الألفة والمحبة والقبول ، وإذا كان هذا المنحنى مقبولاً في الماضي لانغلاق الفرجان والبلدان والأوطان فإنه في ظل عالمية المعرفة الإنسانية والتعارف العالمي للشعوب لم يعد مقبولاً ، ولقد سبق الإسلام النظام العالمي الجديد ، والمعرفة غير المحدوده ، والتعارف الواسع بين بني البشر ، فقال تعالى : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " [الحجرات: 13] ، فالتعارف بين الشعوب سنة من سنن الله في الخلق ، لذلك من الخطأ أن تحاول بعض المجتمعات أن تحرم الزواج من غير أبناء الوطن ، فالمعيار الذي وضعه الله تعالى في آية التعارف العالمي واللقاء العالمي معيار شخصي فردي مكتسب لا يرتبط بالجنس أو اللون أو البلد ، إنه معيار أخلاقي مطلق : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ، والمعيار النبوي في ذلك وهديه : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " وإذا اختل هذا المعيار : " تكن فتة في الأرض وفساد كبير " .. فهل رأيتم عالمية وإنسانية أعم من ذلك ؟! " تكن فتة في الأرض وفساد كبير " ، فتنة رفض صاحب الخلق وصاحبة الخُلق والعدول إلى معايير مادية بحتة ترتبط بالأصول الوراثية والمعايير الاجتماعية والمقاييس غير الشرعية .
كما أن البعض منا يعتبر الزواج على أسس الحب جريمة لا تغتفر ، والبعض عندما يؤلف كتابًا عن الحب في الإسلام .. يتكلم عن حب الله تعالى ، وحب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وحب الوالدين ، وحب الوطن ، وحب الدين ، ولا يتطرق مطلقًا إلى الحب القلبي بين المرأة والرجل ، وهذا مناف للفطرة الإنسانية التي فطر الله تعالى الإنسان عليها ، إذ علينا أن نقدّر هذا الحب وأن نجعله في مساره الشرعي والخلقي والاجتماعي الصحيح ، فالإسلام بنى الحياة الزوجية على الحب ، والأدلة الصحيحة في ذلك كثيرة ، منها ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال : يا رسول الله عندنا يتيمة قد خطبها رجلان : موسر ومعسر ، وهي تهوى (تحب) المعسر ونحن نهوى الموسر فقال صلى الله عليه وآله وسلم : " لم يُر للمتحابين مثل التزويج " حديث صحيح أخرجه ابن ماجة والحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي وأورده ابن القيم رحمه الله في روضة المتحابين ونزهة المشتاقين . وقد اعتبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الحب رزقًا فقال عن السيدة خديجة رضي الله عنها : " إني رُزقت حبها " أخرحه مسلم .
فعندما يريد ابنك الزواج من بنت مؤمنة فقيرة وليست من بلدك ، فترفضها لأسباب عصبية ، فقد خالفت الهدى القرآني ، فالله تعالى يقول : " ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " البقرة (221) ، ويقول سبحانه : " ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم " البقرة (221).. هذه معايير القرآن في اختيار الزوج والزوجة .. معيار الإيمان المطلق كما قلنا سابقًا .
ولقد أعجبني الدكتور طارق السويدان الذي زوّج ابنته من شاب أمريكي مسلم أسمر البشرة وعندما لام عليه الناس سمعته بنفسي يقول : هذا شاب مسلم يتقن العربية ، ملتزم بشرع الله ، خلقه ممتاز ، وابنتي قبلت الزواج منه ، فما المانع من ذلك ؟!
هذا هو المعيار العملي لمدى تطبيق الإنسان لما ينادي به ، على الرغم من الرفض الاجتماعي لذلك ، فعلى الآباء أن يجعلوا معيارهم في الاختيار لأبنائهم المعيار الخُلقي الديني ، معيار الحب بين الطرفين ، وعلينا أن نعلم أن العالمية في التعارف حطمت كل الحدود والسدود الوطنية والقطرية وتخطتها إلى المعايير الإنسانية العالمية ، وقد كان الإسلام سباقًا إلى وضع معايير عالمية للزواج " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ، فعلى كل منا أن يقول لابنه أو ابنته : هذا حقكما بشرط ألا تخرجا عن شرع الله في الإسلام وحسن الخلق .
أ. د. الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
www.nazme.net
العدد (10765) الخميس غرة رمضان 1428هـ - 13 سبتمبر 2007م
أخبار الخليج
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى