خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
طالعتنا الصحف مؤخرا بصورة لمجموعة من الأطفال تقوم بتزيين سيارة بالشموع وقطع البسكويت بعد تغطيتها بنحو (150) ليترا من الشكولاته بنكهة الفراولة في أحد المتاجر جذبا للزبائن قبل بدء موسم الاحتفال بعيد الحب.
ومن قبل طالعتنا الأخبار برجل دخل موسوعة جينيس بأطول شارب في العالم ، وبآخر لم يقص أظافره منذ عشرات السنين ، وغيره لم يستحم منذ ولادته ، وغيره لم ينم منذ أسبوع.
كما أجريت مسابقات لأكبر طبخة في العالم ، وأكبر علم في العالم ، وأكبر كيكة في العالم ، وكل هذه الأعمال التي لا تنفع ولا تضر وهذا المنحى الغريب يجتاح العالم ويحاول جذب الأنظار بما لا ينفع ، ومسلك غير القادر على صناعة شيء نافع ، وهو مهمش علميا في العالم ويحاول جذب الأنظار إليه بهدر نعم الله على عباده في هذه المشاهد الغربية عن حضارتنا الإسلامية والعربية.
هذه المسالك تليق بأقوام يؤمنون بأن الحياة أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر وان الغاية تبرز الوسيلة ، أما من يؤمنون بأنه {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [الزلزلة: 7-8]. فيسألون أنفسهم قبل كل عمل: ما جدوى هذا العمل ؟ وما فائدته لعباد الله ؟ فان كان نافعا فعلوه ، وان كان غير نافع تركوه ، لأننا في هذا الدنيا نؤمن بأهمية العمل الصالح والعلم المفيد ، كما قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [الكهف: 7].
فنحن نؤمن بأننا خلقنا في هذه الدنيا لنعمرها بشر الله ، وبنواميس الله في خلقه وكونه ، فعلى المسلم إن يتحرى من الأعمال ما كان: خالص ، حسنا ، نافعا ، صوابا ، فيدخل ( موسوعة جينيس) بزراعة أكبر عدد من الأشجار والشجرات على الساحل أو في الصحراء ، أو بتعليم أكبر عدد من الأميين وإزالة أميتهم ، أو الأزهار ولثمار ، أو بأكبر بقرة تدر أكبر عدد من لترات اللبن في اليوم ، أو بأصغر مصنع يدوي لتدوير المخلفات المنزلية والقروية في العالم ، أو بمدرسة تخرج أكبر عدد من المبدعين في العالم ، أو بأول مؤسسة خيرية ترعى أكبر عدد من الأيتام في العالم.. وهكذا ، فهذا مسلك المسلمين ، ولكن للأسف تركنا مناهجنا الحياتية الأصلية وانشغلنا بأتفه المسالك عند غيرنا ، وأصبحنا نقلدهم حذو القدم بالقدم ،
فلم نسمع منذ مئات السنين عن أصغر عالم في العالم العربي يصنع أول عجلة عربية ، أو سيارة عربية ، أو من انشغل بإنتاج أول دواء يشفي من السرطان في العالم العربي ، او عن مخترع لقنبلة ندافع بها عن كرامتنا الضائعة وسيادتنا المستباحة في غابة العالم المادي. نحن نحتاج إلى الإبداع في العمل المفيد ، والتنافس على عمل المفيد ، لا البحث والتقليد للتافه والغريب وغير المفيد.
لقد انشغلنا بالسحر والشعوذة ، والجن ، والتائم والأحجبة ، ومسابقات الشباب التافهة ، وتركنا البحث في الموضوعات الجادة والمفيدة.
ولقد انتقلت عدوى الأعمال التافهة وغير المفيدة إلى مراكز بحوثنا وجامعاتنا وأقسام الدراسات العليا ، فالبحوث المكرورة وغير المفيدة تملأ أرفف مكتبات الدراسات العليا في ديارنا العربية ، وحاملو الشهادات والألقاب الصورية التي لم يبذلوا فيها جهودا ذات بال بالآلاف في ديارنا ، والمؤسسات العلمية الخاصة التي تتاجر في الشهادات والألقاب العلمية بدأت تزحف كالنمل الأبيض على عالمنا العربي تنخر في أعمدته العلمية وتنافس الشرفاء والجامعات العريقة وتهد من كيانها وتهدد وجودها ودورها العلمي الشريف ، وهذا هو الخطر الداهم لديارنا العربية.
المسالة ليست كيلوجرامات الشيكولاته المهدرة وأجولة الأرز المستعملة ، ولكن المسالة تأصيل المنحى التافه في عقول أبنائنا.
على كل منا أن يسأل نفسه: ما فائدة العمل الذي يقوم به للبلاد والعباد؟ وماذا سيقول لربه يوم القيامة عندما يسأله عن الوقت من عمره الذي صرفه في العمل الذي قام به؟ وعن الأموال التي أنفقها في هذا العمل؟ ومن أحق بهذا الجهد وهذا المال؟ّ! الفقراء والمرضى أم غير ذلك؟.. . هذه قيمنا التي عندما تمسكنا بها تميزنا ، وعندما أهدرناها تهنا وتخلفنا.
نحن أمة ذات رسالة متميزة ، وذات أعمال محكومة بشرع الله ، وذات أخلاق عظيمة ، أما ما نراه من تفاهات ، ومسابقات صورية وتافهة ، وسلوكيات هابطة هي جرعة السم القاتلة التي يضعها أعداء الله لنا في آخر لقمة متبقية من طعامنا المفيد في هذه الحالة.
فمتى نقيق ونعي قبل أن يسري السم في جميع أجزاء أجسامنا ، ومراكز الأخلاق والتفكير في حياتنا ، فنموت ونتعفن قبل أن نهلك وندفن؟!
الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
منتدى الجمعة – العدد (9828) الجمعة 9محرم 1426هـ - 18فبراير 2005م.
ومن قبل طالعتنا الأخبار برجل دخل موسوعة جينيس بأطول شارب في العالم ، وبآخر لم يقص أظافره منذ عشرات السنين ، وغيره لم يستحم منذ ولادته ، وغيره لم ينم منذ أسبوع.
كما أجريت مسابقات لأكبر طبخة في العالم ، وأكبر علم في العالم ، وأكبر كيكة في العالم ، وكل هذه الأعمال التي لا تنفع ولا تضر وهذا المنحى الغريب يجتاح العالم ويحاول جذب الأنظار بما لا ينفع ، ومسلك غير القادر على صناعة شيء نافع ، وهو مهمش علميا في العالم ويحاول جذب الأنظار إليه بهدر نعم الله على عباده في هذه المشاهد الغربية عن حضارتنا الإسلامية والعربية.
هذه المسالك تليق بأقوام يؤمنون بأن الحياة أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر وان الغاية تبرز الوسيلة ، أما من يؤمنون بأنه {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [الزلزلة: 7-8]. فيسألون أنفسهم قبل كل عمل: ما جدوى هذا العمل ؟ وما فائدته لعباد الله ؟ فان كان نافعا فعلوه ، وان كان غير نافع تركوه ، لأننا في هذا الدنيا نؤمن بأهمية العمل الصالح والعلم المفيد ، كما قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [الكهف: 7].
فنحن نؤمن بأننا خلقنا في هذه الدنيا لنعمرها بشر الله ، وبنواميس الله في خلقه وكونه ، فعلى المسلم إن يتحرى من الأعمال ما كان: خالص ، حسنا ، نافعا ، صوابا ، فيدخل ( موسوعة جينيس) بزراعة أكبر عدد من الأشجار والشجرات على الساحل أو في الصحراء ، أو بتعليم أكبر عدد من الأميين وإزالة أميتهم ، أو الأزهار ولثمار ، أو بأكبر بقرة تدر أكبر عدد من لترات اللبن في اليوم ، أو بأصغر مصنع يدوي لتدوير المخلفات المنزلية والقروية في العالم ، أو بمدرسة تخرج أكبر عدد من المبدعين في العالم ، أو بأول مؤسسة خيرية ترعى أكبر عدد من الأيتام في العالم.. وهكذا ، فهذا مسلك المسلمين ، ولكن للأسف تركنا مناهجنا الحياتية الأصلية وانشغلنا بأتفه المسالك عند غيرنا ، وأصبحنا نقلدهم حذو القدم بالقدم ،
فلم نسمع منذ مئات السنين عن أصغر عالم في العالم العربي يصنع أول عجلة عربية ، أو سيارة عربية ، أو من انشغل بإنتاج أول دواء يشفي من السرطان في العالم العربي ، او عن مخترع لقنبلة ندافع بها عن كرامتنا الضائعة وسيادتنا المستباحة في غابة العالم المادي. نحن نحتاج إلى الإبداع في العمل المفيد ، والتنافس على عمل المفيد ، لا البحث والتقليد للتافه والغريب وغير المفيد.
لقد انشغلنا بالسحر والشعوذة ، والجن ، والتائم والأحجبة ، ومسابقات الشباب التافهة ، وتركنا البحث في الموضوعات الجادة والمفيدة.
ولقد انتقلت عدوى الأعمال التافهة وغير المفيدة إلى مراكز بحوثنا وجامعاتنا وأقسام الدراسات العليا ، فالبحوث المكرورة وغير المفيدة تملأ أرفف مكتبات الدراسات العليا في ديارنا العربية ، وحاملو الشهادات والألقاب الصورية التي لم يبذلوا فيها جهودا ذات بال بالآلاف في ديارنا ، والمؤسسات العلمية الخاصة التي تتاجر في الشهادات والألقاب العلمية بدأت تزحف كالنمل الأبيض على عالمنا العربي تنخر في أعمدته العلمية وتنافس الشرفاء والجامعات العريقة وتهد من كيانها وتهدد وجودها ودورها العلمي الشريف ، وهذا هو الخطر الداهم لديارنا العربية.
المسالة ليست كيلوجرامات الشيكولاته المهدرة وأجولة الأرز المستعملة ، ولكن المسالة تأصيل المنحى التافه في عقول أبنائنا.
على كل منا أن يسأل نفسه: ما فائدة العمل الذي يقوم به للبلاد والعباد؟ وماذا سيقول لربه يوم القيامة عندما يسأله عن الوقت من عمره الذي صرفه في العمل الذي قام به؟ وعن الأموال التي أنفقها في هذا العمل؟ ومن أحق بهذا الجهد وهذا المال؟ّ! الفقراء والمرضى أم غير ذلك؟.. . هذه قيمنا التي عندما تمسكنا بها تميزنا ، وعندما أهدرناها تهنا وتخلفنا.
نحن أمة ذات رسالة متميزة ، وذات أعمال محكومة بشرع الله ، وذات أخلاق عظيمة ، أما ما نراه من تفاهات ، ومسابقات صورية وتافهة ، وسلوكيات هابطة هي جرعة السم القاتلة التي يضعها أعداء الله لنا في آخر لقمة متبقية من طعامنا المفيد في هذه الحالة.
فمتى نقيق ونعي قبل أن يسري السم في جميع أجزاء أجسامنا ، ومراكز الأخلاق والتفكير في حياتنا ، فنموت ونتعفن قبل أن نهلك وندفن؟!
الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
منتدى الجمعة – العدد (9828) الجمعة 9محرم 1426هـ - 18فبراير 2005م.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى