خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
حملت إلينا أخبار الخليج يوم الخميس 26/10/2006 م خبراً يقول : ( دخلن المسجد للصلاة ليلة العيد وعدن ليجدن السيارة محطمة ومسروقة ) وتفصيل الخبر يقول : تعرضت سيارة فتاة بحرينية للسرقة أثناء تأديتها لصلاة ليلة العيد برفقة صديقاتها حيث فوجئت بعد انتهائها من الصلاة بنوافذ السيارة مكسرة ، وقد فقدت كل ما بداخل السيارة من أغراض شخصية كالبطاقة الشخصية والجامعية ومبالغ مالية كانت بداخل الحقائب اليدوية الخاصة بهنّ .
وذكرت الفتاة أنها وصديقاتها قررن وبشكل مفاجئ الصلاة في أحد المساجد الواقعة بمحافظة المحرق حيث أوقفت سيارتها وقد اتفقن أن يتم وضع الحقائب اليدوية في السيارة إذ أنه من غير المستحب حمل الحقائب في المسجد أثناء تأدية صلاة القيام ، إلا أنهنّ حين عُدْنَ وجَدْنَ نوافذ السيارة وقد تكسرت واكتشفنَ سرقة جميع محتويات السيارة من أغراض شخصية وبشكل خاص حقائبهن اليدوية التي يوجد داخلها كل متعلقاتهن من بطاقات شخصية وجامعية ونقود .
وعبرت الفتيات عن غضبهن من هذا التصرف غير الإنساني الذي حدث لهنَّ في شهر كريم ، مؤكدات أنه من الصعب التصديق بأن هناك أشخاصاً يقومون بمثل هذه الأفعال في مثل هذه الأيام المباركة ثم قمنَ بتبليغ الشرطة للتحقيق والقبض على اللصوص ( ا .هـ) .
وهذا الموقف يذكرنا بالرجل الذي أراد ترك ناقته من دون عقلها وربطها ودخل المسجد ليصلي فقال له المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( اعقلها وتوكل ) ، فعاد الرجل ليربط ناقته وليشد وثاقها ثم العودة إلى الصلاة .
الأخوات الفاضلات تركن حقائب اليد على الكراسي ودخلن المسجد للصلاة ، وجاء اللص ليكسر الزجاج لأخذ الصيد الثمين وهو مطمئن أنهنَّ في الصلاة وهنَّ يستغربنَ أن يحدث هذا في الأيام الفضيلة وهذا من الخلط بين المفاهيم ، السارق يسرق من داخل المسجد ، وفي أيام الحج يأتي بعض السراق إلى البلاد المقدسة وفي الأيام الحرُم ليسرق زوار بيت الله الحرام ، وقد شاهدتُ امرأة تركية تبكي في المسجد الحرام لأن السارق شق ملابسها المتعددة ليصل إلى النقود التي تحملها ، فعلينا تعلم التربية للأمان وتعلم الأخذ بالأسباب العلمية ثم التوكل على الله ، وقد شوهد أحد الصحابة يصلي في الصحراء وهو ممسك بلجام فرسه وهو يجذبها إليه وهي تجذبه للتفلت منه ، هذا الصحابي علم أن التوكل على الله يبدأ بالأخذ العلمي بالأسباب .
وفي صلاة الخوف جماعة تصلي وجماعة تحرسهم وقال تعالى : { وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً } وقال تعالى : {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ } [النساء : 102] .
وقد أخذ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بالأسباب في غزوة بدر وأعد العدة ، وغيَّر مكان الجيش بمشورة أحد الصحابة وبعد ذلك بدأ في الدعاء .
فلو أن الأخوات فهمن ذلك لوضعنَ حقائبهنَّ في الشنطة الخلفية للسيارة بعيداً عن الأنظار ، ثم وضعن السيارة في مكان قريب من الناس والمحلات ثم ذهبنَ إلى الصلاة لكان خيراً لهنّ .
علينا تعلم التربية للأمان ، فقد كانت الجامعة تدرس لنا في ستينيات القرن الماضي مقرراً في التربية عن التربية للأمان نتعلم فيه الأخذ العلمي بالأسباب في كل أعمالنا ، وقد تأثرت كثيراً بما تعلمته في هذا المقرر ، وخاصة في مجال البحث العلمي والتجارب العملية مع الكائنات الحية الدقيقة والكيماويات الخطرة والحارقة والمسرطنة وتعلمنا في مناهج البحث ، التربية للأمان العلمي خلال إجراء التجارب العلمية الخطرة ، وهذا ما يفتقده طلابنا في المرحلة الثانوية والمرحلة الجامعية ، وعندما ننبه أبناءنا لذلك يضحكون علينا ويعتبرون ذلك من قبيل الوسوسة والأمراض النفسية ولذلك نراهم يتعرضون للحوادث الخطرة والمميتة وعندما تسألهم يقولون كل مقدر وكله مكتوب ، وهذا فهم خاطئ للمقدر والمكتوب والأخذ بالأسباب وهذا خلط بين العلماينة ( بفتح العين ) ، والدروشة والاتكالية غير الشرعية .
عندما تقول لبعض الشباب عليكم بالكشف الطبي قبل الزواج والكشف على الجنين في أول الحمل يظنون أن هذا تدخل في أمر الله وإرادته .
وعندما تطلب إليهم الحذر من العدوى يقولون لك : ( لا طير ولا عدوى ) ونسوا أن نهاية الحديث تقول : ( وفر من المجذوم كما تفر من الأسد ) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يوردنَّ ممرض على مصح ) ، أي لا يختلط المريض بالصحيح فيعديه ويقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تتركوا النار في بيوتكم حين تناموا ) رواه البخاري وفي هذا تربية للأمن وأخذاً بالأسباب وحماية للبيوت من الحريق وتوكُّلٌ شرعيٌّ على الله وقال صلى الله عليه وسلم : ( غطوا الإناء وأوكئوا السقاء وأغلقوا الباب ، وأطفئوا السراج ، فإن الشيطان لا يحل سقاء ولا يفتح باباً ولا يكشف إناءً ، فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عوداً ويذكر اسم الله فإن الفويسقة ( أي الفأرة ) تضرم على أهل البيت بيتهم ) رواه البخاري .
وفي هذا توكل على الله بتغطية الآنية وإحكام ربطها ، وغلق للأبواب وحماية البيت من أسباب الحريق فمتى نتعلم ديننا حتى لا نخلط بين التوكل والتواكل فتصيبنا النكبات والمشكلات .
بقلم : د . نظمي خليل أبو العطا
أخبار الخليج – الأسرة والمجتمع – العدد ( 10457 ) الخميس 18 شوال 1427هـ- 9 نوفمبر 2006م .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى