رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ترعرعت في الولايات المتحدة الأمريكية ، والحمد لله أديت
العمرة مع والدي أولاً ، ثم مع أبنائي الثلاثة وزوجي الذي اعتنق الإسلام ، إنني لست
راضية عن نفسي ، رجعت من العمرة ، وبدون أمر زوجي لي : بدأت ألبس الحجاب ، ولأسباب
شخصية خلعته 3 مرات ، وأعرف أنه خطأ ، فهل في فعلي هذا ذنب ؟ .
ترعرعت في الولايات المتحدة الأمريكية ، والحمد لله أديت
العمرة مع والدي أولاً ، ثم مع أبنائي الثلاثة وزوجي الذي اعتنق الإسلام ، إنني لست
راضية عن نفسي ، رجعت من العمرة ، وبدون أمر زوجي لي : بدأت ألبس الحجاب ، ولأسباب
شخصية خلعته 3 مرات ، وأعرف أنه خطأ ، فهل في فعلي هذا ذنب ؟ .
الحمد لله
نسأل الله أن يتقبل منكِ طاعتك ، وأن يثبتك
وأسرتك على الحق ، وأن يجعلك أمّاً بارَّة ، وزوجة صالحة .
واعلمي أيتها الأخت
السائلة أنك لستِ بحاجة لزوجك ليأمرك بالحجاب ، فالأمر قد صدر من قبل ، والذي أصدره
هو رب السماء والأرض ، ولا خيار لك في فعله أو تركه ، بل هو واجب لا مناص من
الالتزام به ، ولا يسعك غير ذلك .
قال تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ
آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ
بُعُولَتِهِن ) النور/ 31 .
واعلمي أيتها الأخت أن في الالتزام بالحجاب ما يكفل
للمجتمع الإسلامي الصيانة ، والعفاف ، وانتشار الفضيلة ، وحسن الخلُق ، وأن في
التفريط في أمر الحجاب والتهاون فيه ما يفضي إلى انتشار الفساد ، وشيوع الرذيلة
والمنكرات - والعياذ بالله تعالى - ، وهذا معلوم وبيِّن لمن له أدنى معرفة واطلاع ،
وهو أمرٌ مشاهَد للقاصي والداني .
وما أشرتِ إليه أيتها الأخت السائلة من قيامك
بنزع الحجاب عدة مرات : فلا ريب أن هذا العمل من أعظم المحرمات ، بل هو هتك للستر
الذي أمر الله به ، ويضاف إليه : ما في نزع الحجاب من المجاهرة بالمعصية ، والخروج
عن أمر الشرع المطهر .
إن المسلمة التي من الله عليها بالتزام أمره ، فصلت ،
واعتمرت ، ولبست الحجاب ، قد سارت في طريق طاعة ربها ، وعاهدت على المسير في الصراط
المستقيم ، حتى تصل إلى جنته ، أو هكذا يجب أن يكون المسلم .
وأخطر ما في ترك
الحجاب ، وترك الطاعة ، والرجوع إلى سالف العهد من المعاصي والتفريط في حق الله ،
أخطر ما في ذلك كله أنه نقض لعهد الله إلينا بالطاعة ، وعهدنا معه بالوفاء ، وهدم
لما كنا بنيناه في طريق الهداية .
قال الله تعالى : ( أَفَمَنْ يَعْلَمُ
أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا
يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا
يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ
يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ * وَالَّذِينَ
صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ
أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ
مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ
عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ
عُقْبَى الدَّارِ ) الرعد/19-24.
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره ـ (416)
ـ : " يقول تعالى: مفرقا بين أهل العلم والعمل وبين ضدهم : ( أَفَمَنْ يَعْلَمُ
أَنَّمَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ ) ففهم ذلك وعمل به ، ( كَمَنْ
هُوَ أَعْمَى ) لا يعلم الحق ولا يعمل به ، فبينهما من الفرق كما بين السماء والأرض
، فحقيق بالعبد أن يتذكر ويتفكر أي الفريقين أحسن حالا وخير مآلا فيؤثر طريقها
ويسلك خلف فريقها ، ولكن ما كل أحد يتذكر ما ينفعه ويضره ، ( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ
أُولُو الألْبَابِ ) أي : أولو العقول الرزينة ، والآراء الكاملة ، الذين هم لُبّ
العالم ، وصفوة بني آدم ، فإن سألت عن وصفهم ، فلا تجد أحسن من وصف الله لهم بقوله
: ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ) الذي عهده إليهم والذي عاهدهم عليه من
القيام بحقوقه كاملة موفرة ، فالوفاء بها توفيتها حقها من التتميم لها ، والنصح
فيها ، ( و ) من تمام الوفاء بها أنهم ( لا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) أي : العهد
الذي عاهدوا عليه الله ، فدخل في ذلك جميع المواثيق والعهود والأيمان والنذور ،
التي يعقدها العباد ، فلا يكون العبد من أولي الألباب الذين لهم الثواب العظيم ،
إلا بأدائها كاملة ، وعدم نقضها وبخسها .
( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ
اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ) وهذا عام في كل ما أمر الله بوصله ، من الإيمان به
وبرسوله ، ومحبته ومحبة رسوله ، والانقياد لعبادته وحده لا شريك له ، ولطاعة رسوله
، ويصلون آباءهم وأمهاتهم ببرهم بالقول والفعل وعدم عقوقهم ، ويصلون الأقارب
والأرحام ، بالإحسان إليهم قولا وفعلا ويصلون ما بينهم وبين الأزواج والأصحاب
والمماليك ، بأداء حقهم كاملا موفرا من الحقوق الدينية والدنيوية .
والسبب الذي
يجعل العبد واصلا ما أمر الله به أن يوصل ، خشية الله وخوف يوم الحساب ، ولهذا قال
: ( وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ) أي : يخافونه ، فيمنعهم خوفهم منه ، ومن القدوم عليه
يوم الحساب ، أن يتجرؤوا على معاصي الله ، أو يقصروا في شيء مما أمر الله به خوفا
من العقاب ورجاء للثواب .
( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ) على المأمورات بالامتثال ،
وعن المنهيات بالانكفاف عنها والبعد منها ، وعلى أقدار الله المؤلمة بعدم تسخطها ،
ولكن بشرط أن يكون ذلك الصبر ( ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ ) لا لغير ذلك من
المقاصد والأغراض الفاسدة ... .
( أُولَئِكَ ) الذين وصفت صفاتهم الجليلة
ومناقبهم الجميلة ( لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ) فسرها بقوله : ( جَنَّاتِ عَدْنٍ ) ،
أي : إقامة لا يزولون عنها ، ولا يبغون عنها حولا ؛ لأنهم لا يرون فوقها غاية لما
اشتملت عليه من النعيم والسرور ، الذي تنتهي إليه المطالب والغايات .
ومن تمام
نعيمهم وقرة أعينهم أنهم ( يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ ) من
الذكور والإناث ( وَأَزْوَاجِهِمْ ) ، أي : الزوج أو الزوجة وكذلك النظراء والأشباه
، والأصحاب والأحباب ، فإنهم من أزواجهم وذرياتهم .
( وَالْمَلائِكَةُ
يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ) يهنئونهم بالسلامة وكرامة الله لهم
ويقولون : ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) ، أي : حلت عليكم السلامة والتحية من الله وحصلت
لكم ، وذلك متضمن لزوال كل مكروه ، ومستلزم لحصول كل محبوب .
( بِمَا صَبَرْتُمْ
) ، أي : صبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه المنازل العالية ، والجنان الغالية ، (
فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) .
فحقيق بمن نصح نفسه وكان لها عنده قيمة ، أن
يجاهدها ، لعلها تأخذ من أوصاف أولي الألباب بنصيب ، لعلها تحظى بهذه الدار ، التي
هي منية النفوس ، وسرور الأرواح الجامعة لجميع اللذات والأفراح ، فلمثلها فليعمل
العاملون وفيها فليتنافس المتنافسون " انتهى .
فالواجب عليك ـ أختنا
الكريمة ـ : التوبة إلى الله جل وعلا ، والرجوع إليه ، بذلٍّ ، وانكسار ، والمسارعة
إلى الندم ، والالتزام بأوامر الله تعالى ، والحفاظ على الستر ، والحشمة ، والعفة ،
بل ويجب عليكِ الإنكار – إن استطعتِ - على من ترينها تجاهر بهذه المعصية الظاهرة ،
وأن توجهيها إلى الالتزام بالحجاب ، وأن تبيني لها حكم الله في ذلك .
وقد
سبق في هذا الموقع الكلام عن الحجاب في أكثر من جواب ، وتلك الأجوبة جاءت على صور ،
منها ما كان بياناً لحكم الحجاب ، وأنه واجب ، كما في جواب السؤال رقم: ( 21536 ) ،
ومنها ما ذُكرت فيه الأدلة الدالة على وجوبه ، كما في جواب السؤال رقم : ( 13998 ) ، ورقم
: ( 11774 )
، ومنها ما كان بياناً لصفة الحجاب الشرعي ، كما في جواب السؤال رقم : ( 6991 ) ، وغيرها
من الأجوبة الدالة على أهمية الحجاب في حياة المرأة المؤمنة .
فلا تجعلي من
الأسباب الشخصية مسوغاً لنفسك لترك ما أمرك الله تعالى به ، فليس لك عذر في هذا ،
وإنما هو من كيد إبليس ووسوسته ، فاحذريه ، وانتبهي لنفسك أن يُختم لك بمعصية ترك
الحجاب ، وهو ما نرجو أن لا يكون ، بل نرى أن مراسلتك لنا علامة خير ودين ، ولا نظن
إلا أنك ستلتزمين بأمر الله ، ولن تخلعيه البتة .
والله أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى