صفحة 2 من اصل 3 • 1, 2, 3
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الثاني أنه أسري به من بيت أم هانئ ذكر جماعة من المفسرين فعلى
هذا يعني بالمسجد الحرام والحرم كله مسجد وأما المسجد الأقصى فهو بيت
المقدس وقيل له الأقصى لبعد المسافة بين المسجدين ومعنى ( باركنا حوله )
أن الله تعالى أجرى الأنهار وأنبت الأشجار وقيل إنه مقر الأنبياء ومهبط
الملائكة قال أبو هريرة دخل بيت المقدس وصلى فيه بالأنبياء ثم عرج به إلى
السماء واعلم أن الإسراء كان إلى بيت المقدس والمعراج من هنالك إلى السماء
وإنما جعل كذلك لأربعة فوائد الفائدة الأولى أنه لو أخبر بصعوده إلى
السماء في بدء الحديث لاشتد إنكارهم ولو وصفها لهم لم يكن عندهم علم بذلك
فلما أخبرهم ببيت المقدس ووصفه لهم دل صدقه في ذلك على صدقه في حديث
المعراج وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله عن النبي {صلى الله عليه
وسلم} أنه قال لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس
فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه وروى عروة عن عائشة قالت لما أسري
برسول الله {صلى الله عليه وسلم} أصبح يحدث الناس بذلك فسعى رجال من
المشركين إلى أبي بكر فقالوا هل لك في صاحبك يزعم أنه أسري به إلى بيت
المقدس قال وقد قال ذلك قالوا نعم قال إن كان قال ذلك لقد صدق قالوا تصدقه
أنه ذهب إلى الشام في ليلة وجاء قبل أن يصبح قال نعم إني لأصدقه في خبر
السماء في غدوة أو روحة فلذلك سمي أبوبكر الصديق الفائدة الثانية أنه سيره
في الأرض يستأنس ثم درج إلى الصعود إلى السماء فهو
نظير قوله ( وما تلك بيمينك يا موسى ) فلما أنس بالخطاب حمل
الرسالة إلى فرعون الفائدة الثالثة أن الأنبياء جمعوا هنالك فصلى بهم فبان
فضله بالتقديم عليهم في دار التكليف وكان ائتمامهم به مشيراً إلى نسخ
شرائعهم بشرعه الفائدة الرابعة أنه مر بالنواحي التي كلم عندها موسى ثم
صعد فكلم في السموات ليظهر التفاوت بتقديمه ومذهب أهل السنة أنه رأى ربه
ليلة المعراج وقد ذكرنا ذلك عن ابن عباس وكعب أخبرنا ابن المذهب أخبرنا
أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا أسود بن عامر حدثنا
حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله {صلى الله
عليه وسلم} رأيت ربي تبارك وتعالى وقد تعلق من أنكر ذلك بإنكار عائشة أن
يكون رآه والجواب من ثلاثة أوجه أحدها أنه رأى منها لا رواية فلا يقاوم
رواية من روى عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال رأيت ربي والثاني
أنها نفت والعمل على الإثبات والثالث أنها كانت في زمن المعراج صغيرة ولم
تكن عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وقول الرجال العلماء من الصحابة
مقدم وقد زعم قوم أن المعراج كان مناماً ويرد قولهم أن المشركين أنكروا
عليه ما قال ولو كان مناماً لم ينكره أحد
وقد رأى تلك الليلة الجنة والنار أخبرنا هبة الله بن محمد أنبأنا
الحسن بن علي أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله ابن أحمد حدثني أبي
حدثنا وكيع حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال قال رسول
الله {صلى الله عليه وسلم} مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض
من نار قلت من هؤلاء قال خطباء أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر
وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون إخواني قفوا ليلة المعراج على
قدم الشكر تارة لما أنعم الله على نبيكم من إسرائه وتارة للإنعام عليكم
بالإيمان بمعراجه والذي ناله المصطفى من الارتفاع والعلو يحث أمته على
التماس القرب والدنو فالسعيد من تأهب للقاء ربه بتأديب نفسه وتطهير قلبه
بأي عين تراني يا من بارزني وعصاني بأي وجه تلقاني يا من نسي عظمة شأني
خاب المحجوبون عني وهلك المبعدون مني ( يا من يحدث نفسه
بدخول جنات النعيم
( إن كنت متقياً فأنت
على الصراط المستقيم
( لا ترجون سلامة
من غير ما قلب سليم
( فاسلك طريق المتقين
وظن خيرا بالكريم
( واذكر وقوفك خائفا
والناس في أمر عظيم
( إما إلى ذل الشقاوة
أو إلى العز المقيم
( فاجعل تقاك وقاية
في الحشر من نار السموم
( واغنم حياتك واجتهد
وأنب إلى الرب الرحيم
سبحان من أسرى بعبده فأصبح الحساد أسرى قصرت دولته قيصر وكسرت
هيبته كسرى أقامه بالليل من وطائه ودثاره ورفعه فوق السماوات بقوته
واقتداره وأراه ما في جنته وما في ناره وأوحى إليه ما أوحى من أسراره ثم
أعاده في الليل إلى مسكنه وقراره وجاوز أفق الشمس والقمر وعلا على
الملائكة والبشر وفاز بالتقريب والنظر وما حضر أحد قط حيث حضر ارتقى إلى
مقام القرب بقدميه والأملاك تحف به من جانبيه وجبريل يمشي خادماً بين يديه
والرب قد أنعم بتقريبه إليه وكشف له الحجاب حتى رآه بعينيه فحماه بألطافه
من الزيغ في طريقه وأيده بإسعافه وإسعاده وتوفيقه وعضده في صدقه بتصديق
صديقه سبحان من رفعه فوق الأفلاك وقدمه على الأنبياء والأملاك وأنه والله
أهل لذاك لأنه أطول القوم في جهاد أهل الإشراك ذيلاً ( سبحان الذي أسرى
بعبده ليلاً ) طيبه بأزكى الخلائق ثم رفعه على أزكى الخلائق فوق السبع
الشداد الطرائق فيا فخر ذاك المقدم السابق رجلاً وخيلاً ( سبحان الذي أسرى
بعبده ليلاً ) أوقد لهداية الخلق سراجه وشاد قواعد دينه وأبراجه وقوى
دليله وأظهر احتجاجه فالخزي كل الخزي لمن جحد معراجه ويلاً له ويلاً (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) كلمه كفاحا ومنحه فلاحا وسقاه من شراب
المحبة راحا يميل بأعطافه ميلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) أصلح
بتدبيره طباع المرضى وجعل طاعته على الخلق فرضا وضمن أن يعطيه حتى يرضى
كيلا يحصر ما يعطى وزناً وكيلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) عاش في
الدنيا بالقناعة وصبر على الفقر والمجاعة ويكفيه فخراً شرف الشفاعة وشغله
ذكر القيامة والساعة أن يكون ملكاً أو قيلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً
)
كان يجوع فيشد الحجر ويفتقر فيصابر الضرر راضياً بالظمأ وقطر
المطر من سحاب الدنيا يجري سيلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) سبحان من
شرفنا بهذا الرسول ورزقنا موافقة المنقول فنحن أهل السنة لا أهل الفضول لا
نزال على الصراط ولا نزول ما نعرف ميلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً )
فخر نبينا أجل وأعلى ومناقبه من الشمس أجلى وذكره في قلوبنا والله أحلى
عند قيس من ليلى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) والحمد لله وحده
المجلس الرابع في ذكر فضائل شعبان
الحمد لله أحق من شكر وأولى من حمد وأكرم من تفضل وأرحم من قصد المعروف
بالدليل وبالدليل عبد القديم لم يولد ولم يلد أحاط علماً بالمعلومات
وحواها وأنشأ المخلوقات بالقدرة وبناها وأظهر الحكم في الموجودات إذ براها
ومن يتيح حكمها لما رآها فلينظر بالفهم وليفتقد تعرف إلى خلقه بالبراهين
الظاهرة وأظهر في مصنوعاته العجائب الباهرة وتفرد في ملكه بالقدرة القاهرة
ووعد المتقين الفوز في الآخرة فالبشرى للموعود بما وعد تعالى أن يشبه ما
صنعه وأن يقاس بما جمعه سبحانه لا وزير له ولا شريك معه نادى موسى ليلة
الطور فأسمعه فاعلم هذا واعتقد وتمسك بالكتاب والسنة ولا تمل عنهما وسلم
إليهما وتسلم العلم منهما ولا تنطق برأيك وظنك فيهما هذا مذهب أهل السنة
لا تنقص ولا تزد أحمده حمداً إذا قيل صعد وأصلي على رسوله محمد خير مولود
ولد عن أبي سلمة قال حدثتني عائشة قالت ما كان رسول الله {صلى الله عليه
وسلم} يصوم من شهر من السنة أكثر من صيامه من شعبان كان يصومه كله أخرجاه
في الصحيحين وفيهما من حديث عائشة قالت كان رسول الله {صلى الله عليه
وسلم} يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله
{صلى الله عليه وسلم} استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر
أكثر منه صياما في شعبان وفي لفظ انفرد به مسلم قالت كان يصومه إلا قليلا
أخبرنا محمد ناصر بسنده عن عائشة قالت كان رسول الله {صلى الله
عليه وسلم} يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ولم يكن يصوم شهراً تاماً إلا
شعبان فإنه كان يصومه كله فقلت يا رسول الله إن شعبان لمن أحب الشهور إليك
أن تصومه فقال نعم يا عائشة إنه ليس من نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في
شعبان فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح وعن أسامة بن زيد
قال قلت يا رسول الله رأيتك تصوم في شعبان صوماً لا تصومه في شيء من
الشهور إلا في شهر رمضان قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب وشهر رمضان
ترفع فيه أعمال الناس فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم واعلم أن
الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة القدر لاشتغال الناس بالعادات
والشهوات فإذا ثابر عليها طالب الفضل دل على حرصه على الخير ولهذا فضل
شهود الفجر في جماعة لغفلة كثير من الناس عن ذلك الوقت وفضل ما بين
العشاءين وفضل قيام نصف الليل ووقت السحر عن عائشة قالت ذكر لرسول الله
{صلى الله عليه وسلم} ناس يصومون رجباً فقال فأين هم عن صيام شعبان قالت
لؤلؤة مولاة عمار كان عمار يتهيأ لصوم شعبان كما يتهيأ لصوم رمضان وكان
عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن في
شعبان ورمضان وعن الحسن بن شهيل قال قال شعبان يا رب جعلتني بين شهرين
عظيمين فمالي قال جعلت فيك قراءة القرآن وقد ذكرنا في حديث أن الآجال تكتب
في شعبان وعن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله {صلى الله
عليه وسلم} قال
تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل ينكح ويولد له ولقد
خرج اسمه في الموتى فهذا الحديث وحديث عائشة لم يعين فيهما متى يكون ذلك
من شعبان وقد روي في حديث عائشة عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال
ليلة النصف من شعبان تنسخ فيها الآجال والأرزاق وقال أبو هريرة إذا كان
هلال شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة يقبض من فيها إلى شبعان من قابل فإن
الرجل ليغرس الغرس ويبني البنيان وينكح ويولد له ويظلم ويفجر وما له في
السماء اسم وما اسمه إلا في صحيفة الموتى إلى أن يأتي يومه الذي يقبض فيه
أو ليلته فيا أيها الغافل تنبه لرحيلك ومسراك واحذر أن تستلب على موافقة
هواك انتقل إلى الصلاح قبل أن تنقل وحاسب نفسك على ما تقول وتفعل ولا تغفل
عن التدارك الله الله لا تفعل
الكلام على البسملة
( قد آن بعد ظلام الجهل إبصاري
الشيب صح يناجيني بإسفار
( ليل الشباب قصير فاسر مبتدراً
إن الصباح قصارى المدلج الساري
( كم اغتراري بالدنيا وزخرفها
أبني بناها على جرف لها هاري
( ووعد زور وعهد لا وفاء له
تعلم الغدر منها كل غدار
( دار مآنها تبقى ولذتها
تفنى ألا قبحت هاتيك من دار
( فليت إذ صفرت مما كسبت يدي
لم تعتلق من خطاياها بأوزار
( ليس السعيد الذي دنياه تسعده
إن السعيد الذي ينجو من النار
لقد بالغت المواعظ وبلغت أي إبلاغ وأي بلوغ وأنت تتلون هكذا وهكذا ثم تروغ
إياك وسؤر الهوى فسؤر الهوى ما يسوغ وقد رأيت غيرك أفلا يتعظ الملدوغ يا
ممحلاً قد أجدب عامه يا مغرقاً قد أهلك قلبه سلمه يا مقتول الهوى قد قطعه
حسامه أما علمت أن الرامي لا تطيش سهامه أين الظباء الكنس اأين الكمي
الأشوس أين من تكبر وعبس تساوى في القبور اللين والأحمس واعتدل في اللحود
النطوق والأخرس ورمى الكل سهم المنون فقرطس وعروا في العراء من حللهم
فتماثل الملبس ( ونادتنا الرسوم وهن صم
ومنطقها المعاجم والسطار
( وكان اليأس أجمل فانصرفنا
ودمع العين مجراه انحدار
الثاني أنه أسري به من بيت أم هانئ ذكر جماعة من المفسرين فعلى
هذا يعني بالمسجد الحرام والحرم كله مسجد وأما المسجد الأقصى فهو بيت
المقدس وقيل له الأقصى لبعد المسافة بين المسجدين ومعنى ( باركنا حوله )
أن الله تعالى أجرى الأنهار وأنبت الأشجار وقيل إنه مقر الأنبياء ومهبط
الملائكة قال أبو هريرة دخل بيت المقدس وصلى فيه بالأنبياء ثم عرج به إلى
السماء واعلم أن الإسراء كان إلى بيت المقدس والمعراج من هنالك إلى السماء
وإنما جعل كذلك لأربعة فوائد الفائدة الأولى أنه لو أخبر بصعوده إلى
السماء في بدء الحديث لاشتد إنكارهم ولو وصفها لهم لم يكن عندهم علم بذلك
فلما أخبرهم ببيت المقدس ووصفه لهم دل صدقه في ذلك على صدقه في حديث
المعراج وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله عن النبي {صلى الله عليه
وسلم} أنه قال لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس
فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه وروى عروة عن عائشة قالت لما أسري
برسول الله {صلى الله عليه وسلم} أصبح يحدث الناس بذلك فسعى رجال من
المشركين إلى أبي بكر فقالوا هل لك في صاحبك يزعم أنه أسري به إلى بيت
المقدس قال وقد قال ذلك قالوا نعم قال إن كان قال ذلك لقد صدق قالوا تصدقه
أنه ذهب إلى الشام في ليلة وجاء قبل أن يصبح قال نعم إني لأصدقه في خبر
السماء في غدوة أو روحة فلذلك سمي أبوبكر الصديق الفائدة الثانية أنه سيره
في الأرض يستأنس ثم درج إلى الصعود إلى السماء فهو
نظير قوله ( وما تلك بيمينك يا موسى ) فلما أنس بالخطاب حمل
الرسالة إلى فرعون الفائدة الثالثة أن الأنبياء جمعوا هنالك فصلى بهم فبان
فضله بالتقديم عليهم في دار التكليف وكان ائتمامهم به مشيراً إلى نسخ
شرائعهم بشرعه الفائدة الرابعة أنه مر بالنواحي التي كلم عندها موسى ثم
صعد فكلم في السموات ليظهر التفاوت بتقديمه ومذهب أهل السنة أنه رأى ربه
ليلة المعراج وقد ذكرنا ذلك عن ابن عباس وكعب أخبرنا ابن المذهب أخبرنا
أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا أسود بن عامر حدثنا
حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله {صلى الله
عليه وسلم} رأيت ربي تبارك وتعالى وقد تعلق من أنكر ذلك بإنكار عائشة أن
يكون رآه والجواب من ثلاثة أوجه أحدها أنه رأى منها لا رواية فلا يقاوم
رواية من روى عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال رأيت ربي والثاني
أنها نفت والعمل على الإثبات والثالث أنها كانت في زمن المعراج صغيرة ولم
تكن عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وقول الرجال العلماء من الصحابة
مقدم وقد زعم قوم أن المعراج كان مناماً ويرد قولهم أن المشركين أنكروا
عليه ما قال ولو كان مناماً لم ينكره أحد
وقد رأى تلك الليلة الجنة والنار أخبرنا هبة الله بن محمد أنبأنا
الحسن بن علي أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله ابن أحمد حدثني أبي
حدثنا وكيع حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال قال رسول
الله {صلى الله عليه وسلم} مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض
من نار قلت من هؤلاء قال خطباء أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر
وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون إخواني قفوا ليلة المعراج على
قدم الشكر تارة لما أنعم الله على نبيكم من إسرائه وتارة للإنعام عليكم
بالإيمان بمعراجه والذي ناله المصطفى من الارتفاع والعلو يحث أمته على
التماس القرب والدنو فالسعيد من تأهب للقاء ربه بتأديب نفسه وتطهير قلبه
بأي عين تراني يا من بارزني وعصاني بأي وجه تلقاني يا من نسي عظمة شأني
خاب المحجوبون عني وهلك المبعدون مني ( يا من يحدث نفسه
بدخول جنات النعيم
( إن كنت متقياً فأنت
على الصراط المستقيم
( لا ترجون سلامة
من غير ما قلب سليم
( فاسلك طريق المتقين
وظن خيرا بالكريم
( واذكر وقوفك خائفا
والناس في أمر عظيم
( إما إلى ذل الشقاوة
أو إلى العز المقيم
( فاجعل تقاك وقاية
في الحشر من نار السموم
( واغنم حياتك واجتهد
وأنب إلى الرب الرحيم
سبحان من أسرى بعبده فأصبح الحساد أسرى قصرت دولته قيصر وكسرت
هيبته كسرى أقامه بالليل من وطائه ودثاره ورفعه فوق السماوات بقوته
واقتداره وأراه ما في جنته وما في ناره وأوحى إليه ما أوحى من أسراره ثم
أعاده في الليل إلى مسكنه وقراره وجاوز أفق الشمس والقمر وعلا على
الملائكة والبشر وفاز بالتقريب والنظر وما حضر أحد قط حيث حضر ارتقى إلى
مقام القرب بقدميه والأملاك تحف به من جانبيه وجبريل يمشي خادماً بين يديه
والرب قد أنعم بتقريبه إليه وكشف له الحجاب حتى رآه بعينيه فحماه بألطافه
من الزيغ في طريقه وأيده بإسعافه وإسعاده وتوفيقه وعضده في صدقه بتصديق
صديقه سبحان من رفعه فوق الأفلاك وقدمه على الأنبياء والأملاك وأنه والله
أهل لذاك لأنه أطول القوم في جهاد أهل الإشراك ذيلاً ( سبحان الذي أسرى
بعبده ليلاً ) طيبه بأزكى الخلائق ثم رفعه على أزكى الخلائق فوق السبع
الشداد الطرائق فيا فخر ذاك المقدم السابق رجلاً وخيلاً ( سبحان الذي أسرى
بعبده ليلاً ) أوقد لهداية الخلق سراجه وشاد قواعد دينه وأبراجه وقوى
دليله وأظهر احتجاجه فالخزي كل الخزي لمن جحد معراجه ويلاً له ويلاً (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) كلمه كفاحا ومنحه فلاحا وسقاه من شراب
المحبة راحا يميل بأعطافه ميلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) أصلح
بتدبيره طباع المرضى وجعل طاعته على الخلق فرضا وضمن أن يعطيه حتى يرضى
كيلا يحصر ما يعطى وزناً وكيلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) عاش في
الدنيا بالقناعة وصبر على الفقر والمجاعة ويكفيه فخراً شرف الشفاعة وشغله
ذكر القيامة والساعة أن يكون ملكاً أو قيلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً
)
كان يجوع فيشد الحجر ويفتقر فيصابر الضرر راضياً بالظمأ وقطر
المطر من سحاب الدنيا يجري سيلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) سبحان من
شرفنا بهذا الرسول ورزقنا موافقة المنقول فنحن أهل السنة لا أهل الفضول لا
نزال على الصراط ولا نزول ما نعرف ميلا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً )
فخر نبينا أجل وأعلى ومناقبه من الشمس أجلى وذكره في قلوبنا والله أحلى
عند قيس من ليلى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) والحمد لله وحده
المجلس الرابع في ذكر فضائل شعبان
الحمد لله أحق من شكر وأولى من حمد وأكرم من تفضل وأرحم من قصد المعروف
بالدليل وبالدليل عبد القديم لم يولد ولم يلد أحاط علماً بالمعلومات
وحواها وأنشأ المخلوقات بالقدرة وبناها وأظهر الحكم في الموجودات إذ براها
ومن يتيح حكمها لما رآها فلينظر بالفهم وليفتقد تعرف إلى خلقه بالبراهين
الظاهرة وأظهر في مصنوعاته العجائب الباهرة وتفرد في ملكه بالقدرة القاهرة
ووعد المتقين الفوز في الآخرة فالبشرى للموعود بما وعد تعالى أن يشبه ما
صنعه وأن يقاس بما جمعه سبحانه لا وزير له ولا شريك معه نادى موسى ليلة
الطور فأسمعه فاعلم هذا واعتقد وتمسك بالكتاب والسنة ولا تمل عنهما وسلم
إليهما وتسلم العلم منهما ولا تنطق برأيك وظنك فيهما هذا مذهب أهل السنة
لا تنقص ولا تزد أحمده حمداً إذا قيل صعد وأصلي على رسوله محمد خير مولود
ولد عن أبي سلمة قال حدثتني عائشة قالت ما كان رسول الله {صلى الله عليه
وسلم} يصوم من شهر من السنة أكثر من صيامه من شعبان كان يصومه كله أخرجاه
في الصحيحين وفيهما من حديث عائشة قالت كان رسول الله {صلى الله عليه
وسلم} يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله
{صلى الله عليه وسلم} استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر
أكثر منه صياما في شعبان وفي لفظ انفرد به مسلم قالت كان يصومه إلا قليلا
أخبرنا محمد ناصر بسنده عن عائشة قالت كان رسول الله {صلى الله
عليه وسلم} يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ولم يكن يصوم شهراً تاماً إلا
شعبان فإنه كان يصومه كله فقلت يا رسول الله إن شعبان لمن أحب الشهور إليك
أن تصومه فقال نعم يا عائشة إنه ليس من نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في
شعبان فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح وعن أسامة بن زيد
قال قلت يا رسول الله رأيتك تصوم في شعبان صوماً لا تصومه في شيء من
الشهور إلا في شهر رمضان قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب وشهر رمضان
ترفع فيه أعمال الناس فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم واعلم أن
الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة القدر لاشتغال الناس بالعادات
والشهوات فإذا ثابر عليها طالب الفضل دل على حرصه على الخير ولهذا فضل
شهود الفجر في جماعة لغفلة كثير من الناس عن ذلك الوقت وفضل ما بين
العشاءين وفضل قيام نصف الليل ووقت السحر عن عائشة قالت ذكر لرسول الله
{صلى الله عليه وسلم} ناس يصومون رجباً فقال فأين هم عن صيام شعبان قالت
لؤلؤة مولاة عمار كان عمار يتهيأ لصوم شعبان كما يتهيأ لصوم رمضان وكان
عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن في
شعبان ورمضان وعن الحسن بن شهيل قال قال شعبان يا رب جعلتني بين شهرين
عظيمين فمالي قال جعلت فيك قراءة القرآن وقد ذكرنا في حديث أن الآجال تكتب
في شعبان وعن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله {صلى الله
عليه وسلم} قال
تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل ينكح ويولد له ولقد
خرج اسمه في الموتى فهذا الحديث وحديث عائشة لم يعين فيهما متى يكون ذلك
من شعبان وقد روي في حديث عائشة عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال
ليلة النصف من شعبان تنسخ فيها الآجال والأرزاق وقال أبو هريرة إذا كان
هلال شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة يقبض من فيها إلى شبعان من قابل فإن
الرجل ليغرس الغرس ويبني البنيان وينكح ويولد له ويظلم ويفجر وما له في
السماء اسم وما اسمه إلا في صحيفة الموتى إلى أن يأتي يومه الذي يقبض فيه
أو ليلته فيا أيها الغافل تنبه لرحيلك ومسراك واحذر أن تستلب على موافقة
هواك انتقل إلى الصلاح قبل أن تنقل وحاسب نفسك على ما تقول وتفعل ولا تغفل
عن التدارك الله الله لا تفعل
الكلام على البسملة
( قد آن بعد ظلام الجهل إبصاري
الشيب صح يناجيني بإسفار
( ليل الشباب قصير فاسر مبتدراً
إن الصباح قصارى المدلج الساري
( كم اغتراري بالدنيا وزخرفها
أبني بناها على جرف لها هاري
( ووعد زور وعهد لا وفاء له
تعلم الغدر منها كل غدار
( دار مآنها تبقى ولذتها
تفنى ألا قبحت هاتيك من دار
( فليت إذ صفرت مما كسبت يدي
لم تعتلق من خطاياها بأوزار
( ليس السعيد الذي دنياه تسعده
إن السعيد الذي ينجو من النار
لقد بالغت المواعظ وبلغت أي إبلاغ وأي بلوغ وأنت تتلون هكذا وهكذا ثم تروغ
إياك وسؤر الهوى فسؤر الهوى ما يسوغ وقد رأيت غيرك أفلا يتعظ الملدوغ يا
ممحلاً قد أجدب عامه يا مغرقاً قد أهلك قلبه سلمه يا مقتول الهوى قد قطعه
حسامه أما علمت أن الرامي لا تطيش سهامه أين الظباء الكنس اأين الكمي
الأشوس أين من تكبر وعبس تساوى في القبور اللين والأحمس واعتدل في اللحود
النطوق والأخرس ورمى الكل سهم المنون فقرطس وعروا في العراء من حللهم
فتماثل الملبس ( ونادتنا الرسوم وهن صم
ومنطقها المعاجم والسطار
( وكان اليأس أجمل فانصرفنا
ودمع العين مجراه انحدار
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
أخبرنا محمد بن أبي طاهر بسنده عن أبي هريرة عن النبي {صلى الله
عليه وسلم} قال إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن
وغلقت أبواب جهنم فلا يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب
وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار
وذلك في كل ليلة أخبرنا عبد الأول بسنده عن أبي هريرة قال قال رسول الله
{صلى الله عليه وسلم} من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من
ذنبه أخرجاه في الصحيحين وقد أخرجاه من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
ولفظه من قام رمضان إيمانا واحتسابا أخبرنا أبو نصر أحمد بن منصور الهنائي
بسنده عن علي بن أبي طالب قال كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذا
استهل شهر رمضان استقبل القبلة بوجهه ثم قال اللهم أهله علينا بالأمن
والإيمان والسلامة والإسلام والعافية والمحللة والرزق الحسن ودفاع الأسقام
والعون على الصلاة والصيام وتلاوة القرآن اللهم سلمنا لرمضان وسلمه منا
حتى ينقضي وقد غفرت لنا ورحمتنا وعفوت عنا ثم يقبل على الناس بوجهه فيقول
يا أيها الناس إنه إذا استهل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وأبواب الرحمة
وأبواب الجنان وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين وكان لله عز وجل عند كل
فطر عتقاء من النار ونادى مناد كل ليلة اللهم أعط كل ممسك تلفا وأعط كل
منفق خلفا فإذا استهل هلال شوال نودي المؤمنون أن أغدوا إلى جوائزكم وأقل
ما يجازى به الرجل أن يكتب له ألف ألف حسنة ويمحى عنه ألف ألف سيئة
أخبرنا محمد بن منصور بسنده عن أبي هريرة قال قال رسول الله {صلى
الله عليه وسلم} إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل إلى خلقه
وإذا نظر الله إلى عبد لم يعذبه أبدا ولله في كل ليلة ألف ألف عتيق من
النار قال أبو عمرو فشككت في شيء من هذا الحديث فكتبته من الحسن بن يزيد
وكنت سمعته أنا والحسن بن عبد الله بن الحكيم حدثنا القاسم بن الحكم
العرني عن الضحاك عن ابن عباس أنه سمع النبي {صلى الله عليه وسلم} يقول إن
الجنة لتنجد وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان فإذا كانت أول ليلة
من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة فتصفق ورق أشجار
الجنات وحلق المصاريع فيسمع لذلك طنين لم يسمع السماعون أحسن منه فيشرقن
الحور العين حتى يقفن على شجر الجنة فينادين هل من خاطب إلى الله عز وجل
فيزوجه ثم يقلن يا رضوان ما هذه الليلة فيجيبهن بالتلبية ثم يقول يا خيرات
حسان هذه أول ليلة من شهر رمضان فتفتح فيها أبواب الجنات للصائمين من أمة
محمد {صلى الله عليه وسلم} ويقول الله عز وجل يا رضوان افتح أبواب الجنان
يا مالك أغلق أبواب الجحيم عن الصائمين من أمة محمد {صلى الله عليه وسلم}
يا جبريل اهبط إلى الأرض فصفد مردة الشياطين وغلهم في الأغلال ثم اقذف بهم
في لجج البحار حتى لا يفسدوا على أمة حبيبي صيامهم قال ثم يقول الله عز
وجل في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرات هل من سائل فأعطيه سؤله هل من تائب
فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له من يقرض المليء غير المعدم الوفي غير
الظلوم قال ولله عز وجل في كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق
من النار فإذا كان ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أعتق في كل ساعة ألف ألف
عتيق من النار كلهم قد استوجب العذاب فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق
الله عز وجل في ذلك اليوم
بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره فإذا كانت ليلة القدر يأمر
الله عز وجل جبريل فيهبط في كبكبة من الملائكة معه لواء أخضر فيركز اللواء
على ظهر الكعبة وله ستمائة جناح منها جناحان لا ينشرهما إلا في ليلة القدر
فينشرهما تلك الليلة فيجاوزان المشرق والمغرب قال ويبث جبريل الملائكة في
هذه الأمة فيسلمون على كل قائم وقاعد ومصل وذاكر فيصافحونهم ويؤمنون على
دعائهم حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر نادى جبريل يا معشر الملائكة الرحيل
الرحيل فيقولون يا جبريل ما صنع الله في حوائج المؤمنين من أمة محمد {صلى
الله عليه وسلم} فيقول إن الله عز وجل نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم
وغفر لهم إلا أربعة قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهؤلاء الأربعة
مدمن خمر وعاق لوالديه وقاطع رحم ومشاحن فقيل يا رسول الله وما المشاحن
قال هو المصارم فإذا كانت ليلة الفطر سميت ليلة الجائزة فإذا كان غداة
الفطر يبعث الله تعالى الملائكة في كل بلد فيهبطون إلى الأرض فيقومون على
أفواه السكك فينادون بصوت يسمعه جميع من خلق الله إلا الجن والإنس فيقولون
يا أمة محمد اخرجوا إلى رب كريم يغفر الذنب العظيم فإذا برزوا في مصلاهم
يقول الله تعالى يا ملائكتي ما جزاء الأجير إذا عمل عمله فتقول الملائكة
إلهنا وسيدنا جزاؤه أن توفيه أجره فيقول الله تعالى أشهدكم يا ملائكتي أني
قد جعلت ثوابهم في صيامهم شهر رمضان وقيامهم رضاي ومغفرتي فيقول الله عز
وجل سلوني فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم شيئاً في جمعكم هذا لآخرتكم إلا
أعطيتكموه ولا لدنيا إلا نظرت لكم وعزتي لأسترن عليكم عثراتكم ما
راقبتموني وعزتي لا أخزيكم ولا أفضحكم بين أصحاب الحدود أو الجدود شك أبو
عمرو انصرفوا مغفوراً لكم قد أرضيتموني ورضيت عنكم قال فتفرح الملائكة
ويستبشرون بما يعطي الله عز وجل هذه الأمة إذا أفطروا وعن أبي هريرة قال
قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أعطيت أمتي خمس
خصال في شهر رمضان لم تعطهن أمة قبلهم خلوف فم الصائم أطيب عند
الله من ريح المسك وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا ويزين الله كل يوم
جنته ثم يقول يوشك عبادي الصالحون يلقوا عنهم المؤنة أو الأذى ويصيروا
إليك وتصفد مردة الشياطين فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره
ويغفر لهم في آخر ليلة قبل يا رسول الله أهي ليلة القدر قال لا ولكن
العامل يوفى أجره إذا قضى عمله وعن ابن عباس وعائشة قالا كان رسول الله
{صلى الله عليه وسلم} إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل وذكر
أبو جعفر بن أبي شيبة في كتاب العرش عن كعب قال قال الله تعالى يا موسى
ابن عمران إني آمر حملة العرش أن يمسكوا عن العبادة إذا دخل شهر رمضان وأن
يقولوا كلما دعا صائم رمضان آمين فإني آليت على نفسي أن لا أرد دعوة صائم
رمضان
الكلام على البسملة
من ناله داء دو بذنوبه
فليأت في رمضان باب طبيبه
فخلوف هذا الصوم يا قوم اعلموا
أشهى من المسك السحيق وطيبه
أو ليس هذا القول قول مليككم
الصوم لي وأنا الذي أجزي به
أين من كان معكم في رمضان الماضي أما أفتنه آفات المنون القواضي أين من
كان يتردد إلى المساجد في الظلم سافر عن داره منذ زمان ولم أين من صبر على
مشقة الجوع والظما غاب فما آب ومضى فما أين الذين ارتفعت أصواتهم بالأدعية
خرجت تلك الجواهر من تلك الأوعية أين من جمع مالاً ووفراً وأعلق من ظفره
بالمراد ظفراً
ومشى إلى أغراضه جمزا وطفرا أما أخرج الموت كفه صفرا أما أعاد دياره
بالخراب قفرا كانت تلاحظه عيون الأجداث خزرا وتلمحه وهو في لذاته شزرا
فنقلته وهو أثقل بالوزر أزرا ثم طال عذابه وإنما نال نزرا وأوطأته جمرا لا
يشبه جمرا فبان في أسره أذل الأسرى ( سل الأيام ما فعلت بكسرى
وقيصر والقصور وساكنيها
( أما استدعتهم للموت طرا
فلم تدع الحليم ولا السفيها
( دنت نحو الدنى بسهم خطب
فأصمته وواجهت الوجيها
( أما لو بيعت الدنيا بفلس
أنفت لعاقل أن يشتريها
إخواني تفكروا لماذا خلقتم فالتفكر عبادة وامتثلوا أمر الإله فقد
أمر عباده والتفتوا عن أسباب الشقاء إلى أسباب السعادة واعلموا أنكم في
نقص من الأعمار لا في زيادة آه لنفس أقبلت على العدو وقبلت وبادرت ما
يؤذيها من الخطايا وعجلت من لها إذا نوقشت على أفعالها وسئلت وقررت
بقبائحها يوم الحشر فخجلت وقيدت بقيود الندم على التفريط وكبلت وشاهدت يوم
الجزاء قبح ما كانت عملت وسل عليها سيف العتاب يوم الحساب فقتلت أيها
الغافل عن فضيلة هذا الشهر اعرف زمانك يا كثير الحديث فيما يؤذي احفظ
لسانك يا مسئولا عن أعماله اعقل شأنك يا متلوثا بالزلل اغسل بالتوبة ما
شانك يا مكتوبا عليه كل قبيح تصفح ديوانك
( أقلل كلامك واحترز من شره
إن البلاء ببعضه مقرون
( وكل فؤادك باللسان وقل له
إن الكلام عليكما موزون
( فزناه فليك محكما في قلة
إن البلاغة في القليل تكون
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
يا من أكثر عمره قد مضى يا من نفسه مع اللحظات تقتضي يا من قد
أنذره سلب القرين معرضا كيف يحترس العريان من سيف منتضى إن كان ما فرط
يوجب السخط فاطلب في هذا الشهر الرضا يا كثير القبائح غداً تنطق الجوارح
أين الدموع السوافح على تلك القبائح يا ذا الداء الشديد الفاضح ما أعسر
مرض الجوانح هذا الشيب دليل واضح وهو في المعنى عذول ناصح جائحته لا تشبه
الجوائح يضعضع الأركان الصحائح يسد أبواب اللهو والممازح والموت في خلاله
مبين لائح أين زادك يا أيها الرائح أين ما حصلت هل أنت رابح يا أسفي لهذا
النازح كيف حاله في الضرائح من له إذا أوثقه الذابح من له إذا قام النائح
واستوى لديه العائب والمادح ولم ينفعه في بطون الصفائح إلا عمل إن كان له
صالح أتراه يعتقد أن النصيح مازح ضاعت المواعظ إلا أن الموعوظ سكران طافح
يا من قد سارت بالمعاصي أخباره يا من قد قبح إعلانه وإسراره يا فقيرا من
الهدى أهلكه إعساره أتؤثر الخسران قل لي أو تختاره يا كثير الذنوب وقد دنا
إحضاره يا أسيرا في حبس الطرد لا ينفعه إحضاره نقدك بهرج إذا حك معياره كم
رد على مثلك درهمه وديناره يا محترقا بنار الحرص حتى متى تخبو ناره
المذكرون بينكم قد أصبحوا كالسمار وأنتم قد جعلتم المواعظ مثل الأسمار
وكأن القرآن عندكم صوت مزمار وقد ضاعت في هذه الأمور الأعمار فأين يكون
لهذا الغرس إثمار ( مضى زماني وتقضى المدى
فليتني وفقت هذا الزمين
أرزمت النار وعارضتها
فليعجب السامع للمرزمين
( ليت دموعي بمنى سبلت
ليشرب الحجاج من زمزمين
الكلام على قوله تعالى
( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام
كتب بمعنى فرض أخبرنا أبو بكر بن حبيب أنبأنا أبو سعيد بن أبي
صادق أخبرنا أبو عبد الله بن باكوية قال سمعت حسان بن أحمد الهاشمي يقول
سأل المأمون علي بن موسى الرضا أي شيء فائدة الصوم في الحكمة فقال علم
الله ما ينال الفقير من شدة الجوع فأدخل على الغني الصوم ليذوق طعم الجوع
ضرورة حتى لا ينسى الفقير من شدة الجوع فقال المأمون أقسم بالله لا كتبت
هذا إلا بيدي وللصوم آداب يجمعها حفظ الجوارح الظاهرة وحراسة الخواطر
الباطنة فينبغي أن يتلقى رمضان بتوبة صادقة وعزيمة موافقة وينبغي تقديم
النية وهي لازمة في كل ليلة ولا بد من ملازمة الصمت عن الكلام الفاحش
والغيبة فإنه ما صام من ظل يأكل لحوم الناس وكف البصر عن النظر إلى الحرام
ويلزم الحذر من تكرار النظر إلى الحلال أخبرنا ابن الحصين بسنده عن أبي
هريرة قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من لم يدع قول الزور والعمل
به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه انفرد بإخراجه البخاري وفي
الصحيحين من حديث سهل بن سعد قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لا
يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر
وفي حديث أبي هريرة عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال يقول الله عز وجل
إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا وفي حديث سليمان بن عامر عن النبي {صلى الله
عليه وسلم} أنه قال إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على
ماء فإنه له طهور وفي حديث أنس عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال إذا
قرب إلى أحدكم طعامه وهو صائم فليقل بسم الله والحمد لله اللهم لك صمت
وعلى رزقك أفطرت وعليك توكلت سبحانك اللهم وبحمدك إنك أنت السميع العليم
ويستحب السحور وتأخيره وفي الصحيحين من حديث أنس عن النبي {صلى الله عليه
وسلم} أنه قال تسحروا فإن في السحور بركة وينبغي للصائم أن يتشاغل طول
نهاره بالذكر والتلاوة وكان الشافعي رضي الله عنه يختم في رمضان ستين ختمة
أخبرنا الكروخي بسنده عن الزهري قال تسبيحة في رمضان خير من ألف تسبيحة في
غيره ( حق شهر الصيام شيئان إن كنت
من الموجبين حق الصيام
( تقطع الصوم في نهارك بالذكر
وتفني ظلامه بالقيام
أخبرنا أبو القاسم الجريري بسنده عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله
{صلى الله عليه وسلم} يقول ذاكر الله عز وجل في رمضان مغفور له وسائل الله
عز وجل فيه لا يخيب
وعن قيس الجهني قال إن كل يوم يصومه العبد من رمضان يجيء يوم القيامة في
عمامة من نور في تلك العمامة قصر من در له سبعون ألف باب كل باب ياقوتة
حمراء ويستحب للصائم أن يفطر الصوام إذا أمكنه أخبرنا هبة الله بن محمد
بسنده عن زيد بن خالد الجهني عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال من فطر
صائماً كان له أو كتب له مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجر الصائم
شيئاً ومن جهز غازياً في سبيل الله كان له أو كتب له مثل أجر الغازي في
سبيل الله غير أنه لا ينقص من أجر الغازي شيئاً فبادروا إخواني شهركم
بأفعال الخير وأفردوها عن الخطايا لتكون وحدها لا غير واعلموا أن شهركم
هذا شهر إنعام ومير تعرف حرمته الملائكة والجن والطير واها لأوقاته من
زواهر ما أشرفها ولساعاته التي كالجواهر ما أظرفها أشرقت لياليها بصلاة
التراويح وأنارت أيامها بالصلاة والتسبيح حليتها الإخلاص والصدق وثمرتها
الخلاص والعتق تيقظ يا غافل وانهض ببدارك فمالك لأهلك وأنت ضيف بدارك
واستدرك قديمك وأصلح بالتقى حديثك وامنع لسانك اللغو واجعل الذكر حديثك
وصحح بمجانبة الهوى إيمانك ويقينك وتدرع كلماتي هذه في حرب الغرور يقينك
إلى متى في حب البطالة منكمش وبلذات الكسل جذلان دهش وإذا فات الهوى بت من
الحزن ترتعش أما رأيت ذا مال وأمل لم يعش أما شغلك الموت عن زخرف قد نقش
أما تعلم أنك للموت في القبر تفترش أما تحذر يوماً لا تجد الماء من العطش
عجبا لموقن بالقيامة لم يجع ولم يعطش
كان أصحاب أبو هريرة يعتكفون في رمضان ويقولون نطهر صيامنا
واعتكف أبو محمد الجريري في الحرم سنة لم يمد رجله ولم يضطجع فقيل له كيف
قدرت على هذا فقال علم صدق باطني فأعانني على ظاهري إخواني هذا شهر التيقظ
هذا أوان التحفظ إخواني بين أيديكم سفر والأعمار فيها قصر وكلكم والله على
خطر كونوا على خوف من القدر واعرفوا قدر من قدر وتذكروا كيف عصيم وستر
وأيم الله لو قمتم على البصر وسجدتم شكرا على الإبر ما وفيتم بشكر نعيم
محتقر أما طوى القبيح والجميل نشر أما بعض نعمه السمع والبصر إخواني آن
الرحيل وما عندكم خبر إلى كم توعظون ولا تتعظون وتوقظون ولا تتيقظون
وتتعبون الناصح ولا تقبلون ويكفي في البيان رؤية الأقران يرحلون ( أفسحر
هذا أم أنتم لا تبصرون ) أكلفتم ما لا تطيقون أكلمتم بما لا تفهمون ما لكم
عن مآلكم معرضون ما هذا الفتور وأنتم سالمون ما هذا الرقاد وأنتم منتبهون
( أقضي الدهر من فطر وصوم
وآخذ بلغة يوما بيوم
( وأعلم أن غايتي المنايا
فصبراً تلك غاية كل قوم
( فإن تقف الحوادث دون نفسي
فما يتركن إشمامي ورومي
كم مؤمل إدراك شهر ما أدركه فاجأه الموت بغتة فأهلكه كم ناظر إلى يوم صومه
بعين الأمل طمسها بالممات كف الأجل كم طامع أن يلقاه بين أترابه ألقاه
الموت في عقر ترابه
( استغفر الله بقلب منيب
يعلم أن الموت منه قريب
( مأخوذ مال حربا يشتكى
وعادم الدين الأخيذ الحريب
( والإنس جنس كله ظالم
والمنصف العادل فيهم غريب
( والعيش محبوب أتاك الأذى
منه فواها للبغيض الحبيب
( اصبر إذا العام سطا جدبه
فطالما جاءك عام خصيب
( خاطبت أقومًا فلم يسمعوا
فهل تشبهت بهم يا خطيب
( تغسل كفيك من الزهم ألا
فاغسل فاك من لفظك حتى يطيب
أيها المجتهد هذا ربيع جدك أيها الطالب هذه أوقات رفدك تيقظ أيها
الغافل من سنة البطالة تحفظ أيها الجاهل من شبه الضلالة اغتنم سلامتك في
شهرك قبل أن ترتهن في قبرك قبل انقراض مدتك وعدم عدتك وإزماع موتك وانقطاع
صوتك وعثور قدمك وظهور ندمك فإن العمر ساعات تذهب وأوقات تنهب وكلها معدود
عليك والموت يدنو كل لحظة إليك أخبرنا أبو بكر بن حبيب العامري بسنده عن
محمد بن علي الحربي قال سمعت أحمد ابن المغلس قال سمعت سريا السقطي يقول
السنة شجرة والشهور فروعها والأيام أغصانها والساعات أوراقها وأنفاس
العباد ثمرتها فشهر رجب أيام توريقها وشعبان أيام تفريعها ورمضان أيام
قطفها والمؤمنون قطافها هذه الأشهر الثلاث المعظمة كالجمرات الثلاث فرجب
كأول جمرة تحمى بها العزائم وشعبان كالثانية تذوب فيها مياه العيون ورمضان
كالثالثة تورق فيها أشجار المجاهدات وأي شجرة لم تورق في الربيع قطعت
للحطب فيا من قد ذهبت عنه هذه الأشهر وما تغير أحسن الله عزاءك
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
إخواني إنما شرع الصوم ليقع التقلل فأما من أوثق الرزمة فما له
نية في البيع إذا استوفيت العشاء تكدر الليل بالنوم وإذا استوفيت السحور
تخبط النهار بالكسل وإنما شرع السحور ليتقوى المتقلل من العشاء ولينتبه
الغافل وما أرى رمضان إلا زادك شبعا وغفلة وا عجباً لو عرض عليك أن تشرب
شربة ماء في رمضان لما شربت ولو ضربت وأنت فيه تغش في البيع وتطفف في
الميزان فإذا خرج شربت الخمر في شوال أما كان الناهي عن هذا هو الناهي عن
ذاك ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) تالله لو قيل لأهل القبور
تمنوا لتمنوا يوماً من رمضان إلى متى أنت في ثياب البطر أما تعلم مصير
الصور عجبا لك تؤمن وتأمن الغير أما ينفعك ما ترى من العبر أصم السمع أم
غشي البصر تالله إنك لعلى خطر آن الرحيل ودنا السفر وعند الممات يأتيك
الخبر كلما خرجت من ذنوب دخلت في آخر يا قليل الصفا إلى كم هذا الكدر أنت
في رمضان كما كنت في صفر إذا خسرت في هذا الشهر فمتى تربح وإذا لم تسافر
فيه نحو الفوائد فمتى تبرح يا من إذا تاب نقض يا من إذا عاهد غدر يا من
إذا قال كذب كم سترناك على معصية كم غطيناك على مخزية ( يا عامراً ما يقطن
يا هالكا ما يفطن
( يا ساكن الحجرات ما
لك غير قبرك مسكن
( أحدث لربك توبة
وسبيلها لك ممكن
( فكأن شخصك لم يكن
في الناس ساعة تدفن
( وكأن أهلك قد بكوا
سراً عليك وأعلنوا
( فإذا مضت بك ليلة
فكأنهم لم يحزنوا
( الناس في غفلاتهم
ورحى المنية تطحن
( ما دون دائرة الردى
حصن لمن يتحصن
( مالي رأيتك تطمئن
إلى الحياة وتركن
( وجمعت ما لا ينبغي
وبنيت مالا تسكن
( وسلكت فيما أنت في
الدنيا به متيقن
( أظننت أن حوادث
الأيام لا تتمكن
المجلس السابع لانتصاف شهر رمضان
الحمد لله الأحدى الذات العلي الصفات الجلي الآيات الوفي العدات رافع
السماوات وسامع الأصوات عالم الخفيات ومحيي الأموات تنزه عن الآلات وتقدس
عن الكيفيات وتعظم عن مشابهة المخلوقات جل عن الآباء والأمهات والبنات ثبت
الأرض بالأطواد الراسيات وأحياها بعد موتها بالسحب الماطرات فإذا أرخت
عزاليها ضحك باخضراره النبات وقال المبتدعات بألسن الإشارات ( اعلموا أن
الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات ) إذا بسط بساط العدل
تزلزلت أقدام أهل الثبات وإذا نشر رداء الفضل غمر الذنوب الموبقات ( يقبل
التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ) حي بحياة تنزهت عن طارق الممات عالم
بعلم واحد جميع المعلومات قادر بقدرة واحدة على جميع المقدورات أراد فلانت
لهيبته صعاب المرادات وسمع فلم يعزب عن سمعه خفي الأصوات وأبصر سواد العين
في أشد الظلمات استوى على العرش لا كاستواء المخلوقات وينزل إلى سماء
الدنيا مروي بنقل عن الثقات ويراه المؤمنون في الجنة بالعيون الناظرات
نصفه بالنقل المباين بصحته سقيم الشبهات من غير تكييف في الأوصاف ولا
تشبيه في الذوات فهل علينا ملام أم هو طريق النجاة أحمده على جميع الحالات
حمداً يدوم بدوام الأوقات وأقر بوحدانيته كافراً باللات وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله أرسله بالأدلة الواضحات {صلى الله عليه وسلم} وعلى صاحبه أبي
بكر الناهض يوم الردة على أقدام الثبات القائم بنصر الإسلام وقد قعد أهل
العزمات القائل أقاتلهم ولو لم أجد غير البنات وعلى عمر العادل في القضيات
كان إذا مشى فرق الشيطان من تلك الخطوات وعلى عثمان المتهجد بالقرآن
في الظلمات الصابر على الشهادة بأيدي العداة وعلى علي ذي المناقب
العاليات المخصوص بأخوة الرسول دون ذوي القرابات وعلى عمه العباس الذي
بالسؤال به سالت عزالى السحب الماطرات أيها الناس إن شهركم هذا قد انتصف
فهل فيكم من قهر نفسه وانتصف وهل فيكم من قام فيه بما عرف وهل تشوقت هممكم
إلى نيل الشرف أيها المحسن فيما مضى منه دم وأيها المسيء وبخ نفسك على
التفريط ولم إذا خسرت في هذا الشهر متى تربح وإذا لم تسافر فيه نحو
الفوائد فمتى تبرح كان قتادة يقول كان يقال من لم يغفر له في رمضان فلن
يغفر له أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر البزار بسنده عن سلمة بن وردان قال
سمعت أنس ابن مالك يقول ارتقى سيدنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم}
المنبر فقال آمين ثم ارتقى ثانية فقال آمين ثم استوى عليه فقال آمين فقال
أصحابه علام أمنت يا رسول الله فقال أتاني جبريل فقال يا محمد رغم أنف
امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين ثم قال رغم أنف امرئ أدرك والديه
أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت آمين ثم قال رغم أنف امرئ أدرك شهر رمضان
فلم يغفر له فقلت آمين أخبرنا محمد بن عبد الباقي بسنده عن أنس بن مالك
قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} هذا رمضان قد جاء تفتح فيه أبواب
الجنات وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين بعد امرؤ أدرك رمضان لم
يغفر له إذا لم يغفر له فمتى وبالإسناد عن أبي هريرة قال قال رسول الله
{صلى الله عليه وسلم} رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له
( إذا الروض أمسى مجدباً في ربيعه
ففي أي حين يستنير ويخصب
أخبرنا عبد الله بن علي المقري بسنده عن أبي هريرة قال قال رسول
الله {صلى الله عليه وسلم} وسلم إن أمتي لن يخزوا أبدا ما أقاموا شهر
رمضان فقال رجل من الأنصار يا رسول الله وما خزيهم قال من إضاعتهم شهر
رمضان بانتهاك المحارم فمن عمل سوءا أو زنى أو سرق فلن يقبل منه شهر رمضان
ولعنه الله عز وجل والملائكة إلى مثلها من الحول فإن مات قبل شهر رمضان
فليستبشر بالنار فاتقوا شهر رمضان فإن الحسنات تضاعف فيه وكذلك السيئات
عباد الله إن شهركم هذا لا قيمة له ولا يمكن استدراك ما ضاع بالتفريط
أخبرنا محمد بن عبد الباقي بسنده عن أبي هريرة عن النبي {صلى الله عليه
وسلم} قال من أفطر يوماً من رمضان من غير مرض ولا رخصة لم يقض عنه صيام
الدهر كله وإن صامه قال يحيى بن معين أبو المطوس اسمه عبد الله بن المطوس
ثقة وذكر أبو بكر الآجري في كتاب النصيحة أن مذهب إبراهيم النخعي أن من
شرب الخمر في رمضان كان عليه صوم ثلاثة آلاف يوم قال وقال سعيد بن المسيب
عليه صوم شهر متتابع وقال الربيع ابن أبي ربيعة ابن عبد الرحمن عليه صيام
اثني عشر يوماً لأن الله أوجب صيام شهر من اثني عشر شهر أخبرنا هبة الله
بن محمد بسنده عن أبي هريرة قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كل
عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله
يقول الله عز وجل إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشهوته من
أجلي وللصائم
فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح
المسك الصوم جنة أخرجاه في الصحيحين عباد الله فرحة الحس عند الإفطار
تناول الطعام وفرحة الإيمان بالتوفيق لإتمام الصيام يا هذا قدم دستور
الحساب قبل الغروب فإن وجدت خللا فارقعه برقعة استغفار فإذا جاء السحر
فاعقد عقد الزهد في الدنيا عند نية الصوم وتجرع جرعة دمعة في إناء ركعة
لعلك تطلع على خبايا خفايا ما أعد للصائمين من مستور ( فلا تعلم نفس ما
أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )
الكلام على البسملة
( قل للمؤمل إن الموت في أثرك
وليس يخفى عليك الأمر من نظرك
( فيمن مضى لك إن فكرت معتبر
ومن يمت كل يوم فهو من نذرك
( دار تسافر عنها من غد سفراً
فلا تؤوب إذا سافرت من سفرك
( تضحي غداً سمراً للذاكرين كما
كان الذين مضوا بالأمس من سمرك
يا مضيع الزمان فيما ينقص الإيمان ما أراك في رمضان إلا كجمادى وشعبان أما
يشوقك إلى الخير ما يشوق أما يعوقك عن الضير ما يعوق متى تصير سابقاً يا
مسبوق إلى متى سوق الشوق إلى سوق الفسوق أول الهوى سهل ثم تتخرق الخروق
كلما حصد نباته بمنجل الصبر أخرجت العروق وإن لذيذ شربه فشربه شجى
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
في الخلوق وإنما لذات الدنيا كخطف البروق ميز بين ما يفنى وما
يبقى تر الفروق خل التواني إن شئت أن تفوق عليك حافظ وضابط ليس بناس ولا
غالط يكتب الكلمات السواقط وأنت في ليل الحدث خابط تتعرض في الصباح
والمساء للمساخط يا من قد شاب إلى كم تغالط لا بد لليل من فجر منير كاشط
كيف ينهض للعب واللهو الأشامط ماذا بقي وهذا الشيب واخط أما تستحي وأنت في
الإثم وارط يا قاعدا عند التقى وهو في الهوى ناشط كلما رفعت لم ترد إلا
المهابط تيقظ لنفسك فقد مضى الفارط وابك على ذنبك ويكفي الفارط أصلح ما
بقي وأقبل من الوسائط جاهد هواك في الدنيا فالفخر للمرابط نظر لمن تعاشر
واعرف لمن تخالط احذر جزاء القسط عليك يا قاسط لا تغترر بالسلامة فربما
قبض الباسط في لنا بالشروط ونحن نفي بالشرائط ذكر نفسك بالموت ذاك الشديد
الضاغط إذا تحيرت في الأمور وزال الجأش الرابط لا تنفع الأقارب ولا تدفع
الأراهط ونفس النفس يخرج من سم إبرة خائط باع قوم جارية قبيل رمضان فلما
حصلت عند المشتري قال لها هيئي لنا ما يصلح للصوم فقالت لقد كنت قبلكم
لقوم كل زمانهم رمضان لله در أقوام تفكروا فأبصروا ولاحت لهم الغاية فما
قصروا وجعلوا الليل روح قلوبهم والصيام غذاء أبدانهم والصدق عادة ألسنتهم
والموت نصب أعينهم كتب رجل إلى داود الطائي عظني فكتب إليه أما بعد فاجعل
الدنيا كيوم صمته عن شهوتك واجعل فطرك الموت فكأن قد صرت إليه فكتب إليه
زدني فكتب إليه أما بعد فارض من الدنيا باليسير مع سلامة دينك كما رضي
أقوام بالكثير مع ذهاب دينهم والسلام كان داود الطائي قد ورث من أبيه
عشرين دينارا فأنفقها في عشرين سنة وكان
جالسا في داره فإذا وقع سقف تقدم إلى موضع آخر إلى أن بقي دهليز
الدار فمات فيه وتحت رأسه لبنة فدخل عليه ابن السماك فقال اليوم ترى ثواب
ما كنت تعمل ورآه بعض أصحابه في المنام فقال له أوصني فقال داو قروح باطنك
بالجوع واقطع مفاوز الدنيا بالأحزان وآثر حب الله على هواك لا تبال متى
تلقاه طوبى لعبد بالغ في حذاره واحتفر بكف فكره قبره قبل احتفاره وانتهب
زمانه بأيدي بداره وأعذر في الأمر قبل شيب عذاره ولم يرض في زاده بتقليله
واختصاره ورأى عيب الهوى فلم يصطل بناره ودافع الشهوات وصابر المكاره إن
بحثت عنه رأيته صائم نهاره وإن سألت عن ليله فقائم أسحاره وإن تلمحته
فالزفير في إصعاده والدمع في انحداره ولا يتناول من الدنيا إلا قدر
اضطراره باعها فاشترى بها ما يبقى باختياره هل فيكم متشبه بهذا أو على
نجاره يا حسنه ومصابيح النجوم تزهر والناس قد ناموا وهو في الخير يسهر غسل
وجهه من ماء عينه وعين العين أطهر فلما قضى ورد الدجى جلس يتفكر فخطر على
قلبه كيف يموت وكيف يقبر وتصور صحائفه كيف تطوى وكيف تنشر فهام قلبه في
بوادي القلق وتحير فطلق الدنيا ثلاثا وهل يستوطن معبر ( طوى مدة من دهره
دار زخرف
إلى أبد ذي سندس وحرير
( ألا تلكم الدار التي حل أهلها
بناء عن الخطب المخوف شطير
( لهم ما اشتهوا فيها مسوقا إليهم
مقودا إذا شاءوا بغير جرير
الكلام على قوله تعالى
( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) إخواني استدركوا باقي الشهر فإنه أشرف
أوقات الدهر واحصروا النفوس عن هواها بالقهر وقد سمعتم بالحور العين
فاهتموا بالمهر أخبرنا أبو منصور القزاز بسنده عن ثابت عن أنس بن مالك عن
النبي {صلى الله عليه وسلم} قال أفضل الصدقة صدقة رمضان عباد الله اعلموا
أن النصف الأخير أفضل من الأول لأن فيه العشر وليلة القدر والأعمال تضاعف
بشرف وقتها ومكانها ( قد بلغ الشهر إلى نصفه
وليس عني الشهر بالراضي
( ظلمت صوم الشهر في حقه
يا ويلتا إن عدل القاضي
أترى صح لك صوم يوم أترى تسلم في شهرك من لوم أترى لفيك خلوق أم
فيك خلاق من فطر صائما فله أجر صائم فاجتهد أن تصوم رمضان ستين يوما (
أيها الراقد عن نهزته
ما يروع السيف حتى يشهرا
( وأبي المجد لقد فاز به
سالك فيه الطريق الأوعرا
إنما أنت ضيف أصبحت في مترك وما في يديك وديعة عندك ويوشك الضيف أن يرتحل
والوديعة أن ترد أبك على نفسك أيام الحياة بكاء من ودع الدنيا ( قد كشف
الدهر عن يقيني
قناع شكي في كل شيء
( لا بد من أن يحل موت
عقدة نفس من كل حي
متى تتبع أوصاف الإنصاف إلى متى ترضع أخلاف الخلاف أيقظك الدهر
وأرشدك الوعظ فهمت وحدثك الموت فما فهمت ألب حب الدنيا بلبك وأقلب هواها
مستقيم قلبك كم نوقظ عقلك سنة بعد سنة وهو لا يزداد إلا رقادا وسنة كم
نرمي هدف سمعك برشق كلام لم يلذع أصل قلبك بحبه ملام ( عين المنية يقظى
غير مطرقة
وطرف مطلوبها مذ كان وسنان
( جهلا تمكن منه حين مولده
والنطق صاح ولب المرء سكران
لقي راهب راهبا فقال أترضى حالتك التي أنت عليها للموت قال لا قال فهل
عزمت على توبة من غير تسويف قال لا قال فهل تعلم دارا تعمل فيها سوى هذه
قال لا قال فهل للإنسان نفسان إذا ماتت واحدة عمل بالأخرى قال لا قال فهل
تأمن هجوم الموت على حالتك هذه قال لا قال فما أقام على ما أنت عليه عاقل
صعد عمر بن عبد العزيز المنبر فقال إن كنتم على يقين فأنتم حمقى وإن كنتم
في شك فأنتم هلكى ثم نزل ودخل عليه رجل متغير اللون فقال ما بك قال أمراض
وأعلال قال لتصدقني قال ذقت حلاوة الدنيا مرا ( وهبني كتمت الحق إذ قلت
غيره
أتخفى على أهل العقول السرائر
( أيا ذاك إن السر في الوجه ناطق
وإن ضمير القلب في العين ظاهر
قال صالح المري كان عطاء السلمي قد اجتهد حتى انقطع فقلت له يوما
إني مكرمك بكرامة فلا ترد كرامتي فبعثت إليه شربة من سويق مع ولدي وقلت له
لا تبرح حتى يشربها فجاء فقال قد شربها فبعثت له في اليوم الثاني مثلها
فجاء فقال ما شربها فأتيت إليه فلمته وقلت رددت علي كرامتي وهذا يقويك على
العبادة فقال يا أبا بشر لقد شربتها في أول يوم واجتهدت في اليوم الثاني
فلم أقدر كلما هممت بشربها ذكرت قوله تعالى وطعاما ذا غصة قال فقلت أنا في
واد وأنت في واد ( أطلت وعنفتني يا عذول
بليت فدعني حديثي طويل
( هواي هوى باطن ظاهر
قديم حديث لطيف جليل
( ألا ما لذا الليل لا ينقضي
كذا ليل كل محب طويل
( أبيت أساهر نجم الدجى
إلى الصبح وحدي ودمعي يسيل
لله در تلك القلوب الطاهرة أنوارها في ظلام الدجى ظاهرة رفضت حلية الدنيا
وإن كانت فاخرة كم تركت شهوة وهي عليها قادرة باتت عيونها والناس نيام
ساهرة زفرات الخوف تثير سحائب الأجفان الماطرة يندبون على الذنوب وإن كانت
نادرة كم بينك وبينهم يا بائع الآخرة شيب وعيب أمثال سائرة أمل مع هرم هذه
نادرة كم أقوام أملوا هذا الشهر فخاب الأمل أين هم خلوا في الألحاد بالعمل
تالله إن نسيان النقل في العقل خلل أما يكفي زجر المقيم بمن رحل ( كل حي
فقصاراه الأجل
ليس للخلق بذا الموت قبل
( نوب قلن لعاد قبلنا
آن من ذات العماد المرتحل
( واستوى من ذلك الشرب الذي
صار علا لسواهم ونهل
( ألبست ناسا سواهم حليهم
ثم بزته فراحوا بالعطل
( فكأن الدهر لم يجمع لهم
رغد العيش وإعزاز الدول
( فاسأل الإيوان عن أربابه
كيف حلت بهم تلك الرحل
( نقلتهم عن فضاء واسع
يسرح الطرف به حتى يمل
( نحن أعراض خطوب إن رمت
عادت الأدراع لينا كالحلل
( وإذا ما اختلفت أسهمها
فأصابت بطل القوم بطل
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
يا من عمره قد وهى في سلك الهوى فهو متهافت متى تستدرك في هذه
البقية بالتقية الفائت متى يشبع النوم فتجتمع الهموم الشتائت أيها المريض
البالي وما يبالي بوصف ناعت إلى متى أنت بالعيوب إلى علام الغيوب متماقت
متعرض صباحا للساخط ومساء
للماقت وتعمل بالأغراض في الإعراض عمل الصفارات يا متكلما في ضره فأما في
نفعه فساكت كلما نقص أجله زاد أمله وهذا متفاوت أما رأيت المنايا تحصد
المنى في المنابت كم مقهقه رجع القهقرى إلى حزن باكت كأنك بالموت إذ ثوى
قد فزع الثوابت ونزل بك إذ نزل بك إلى حيرة باهت يا جاهلا قد غر لقد سر
بفعلك الشامت
كأنك بالمضي إلى سبيلك
وقد جد المجهز في رحيلك
( وجيء بغاسل فاستعجلوه
بقولهم له افرغ من غسيلك
( ولم تحمل سوى خرق وقطن
إليهم من كثيرك أو قليلك
( وقد مد الرجال إليك نعشا
فأنت عليه ممتدا بطولك
( وصلوا ثم إنهم تداعوا
بحملك في بكورك أو أصيلك
( فلما أسلكوك نزلت قبرا
ومن لك بالسلامة في نزولك
( أعانك يوم تدخله رحيم
رؤوف بالعباد على دخولك
( فسوف تجاور الموتى طويلا
فدعني من قصيرك أو طويلك
( أخي إني نصحتك فاستمع لي
وبالله استعنت على قبولك
( ألست ترى المنايا كل يوم
تصيبك في أخيك وفي خليلك
إخواني هذه أيام تصان هي كالتاج على رأس الزمان وصل توقيع القدم من الرحيم
الرحمن ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
يا له من وقت عظيم الشان تجب حراسته مما إذا حل شان كأنكم به قد رحل وبان
ووجه الصلح ما بان ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) من اللازم فيه أن
تحرس العينان ومن الواجب أن يحفظ اللسان ومن المتعين أن تمنع من الخطى في
الخطا القدمان ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) زنوا أفعالكم في هذا
الشهر بميزان واشتروا خلاصكم بما عز وهان فإن عجزتم
فسلوا المعين وقد أعان ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) قد
ذهب نصف البضاعة في التفريط والإضاعة والتسويف يمحق ساعة بعد ساعة والشمس
والقمر بحسبان ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) يا واقفا في مقام
التحير هل أنت على عزم التغير إلى متى ترضى بالنزول في منزل الهوان هل مضى
من يومك يوم صالح سلمت فيه من جرائم القبائح تالله لقد سبق المتقي الرابح
وأنت راض بالخسران عينك مطلقة في الحرام ولسانك منبسط في الآثام ولأقدامك
على الذنوب إقدام والكل مثبت في الديوان قلبك غائب في صلواتك وفكرك ينقضي
في شهواتك فإن ركن إليك معامل في معاملاتك دخلت به خان من خان أكثر كلامك
لغو وهذر والوقت بالتفريط شذر مذر وإن اغتبت مسلما لم تبق ولم تذر الأمان
منك الأمان تالله لو عقلت حالك أو ذكرت ارتحالك أو تصورت أعمالك لبنيت بيت
الأحزان سيشهد رمضان عليك بنطق لسانك ونظر عينيك وسيشار يوم الجمع إليك
شقي فلان وسعد فلان في كل لحظة تقرب من قبرك فانظر لنفسك في تدبير أمرك
وما أراك إلا كأول شهرك الأول والآخر سيان قد ذهب من الشهر النصف وما أرى
من عملك النصف فإن كان في الماضي قد قبح الوصف فقم الآن والحمد لله وحده
المجلس الثامن في ذكر العشر وليلة القدر
الحمد لله عالم السر والجهر وقاصم الجبابرة بالعز والقهر محصي
قطرات الماء وهو يجري في النهر فضل بعض المخلوقات على بعض حتى أوقات الدهر
( ليلة القدر خير من ألف شهر ) فهو المتفرد بإيجاد خلقه المتوحد بإدرار
رزقه القديم فالسبق لسبقه الكريم فما قام مخلوق بحقه عالم بسر العبد وسامع
نطقه ومقدر علمه وعمله وعمره وفعله وخلقه ومجازيه على عيبه وذنبه وكذبه
وصدقه المالك القهار فالكل في أسر رقة الحليم الستار فالخلق في ظل رفقه
أرسل السحاب تخاف صواعقه ويطمع في ودقه يزعج القلوب رواعده ويكاد سنا برقه
جعل الشمس سراجا والقمر نورا بين غربه وشرقه أحمده على الهدى وتسهيل طرقه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في رتقه وفتقه وأن محمدا عبده
ورسوله أرسله والضلال عام فمحاه بمحقه {صلى الله عليه وسلم} وعلى آله
وصاحبه أبي بكر السابق بصدقه وعلى عمر كاسر كسرى بتدبيره وحذقه وعلى عثمان
جامع القرآن بعد تبديده في رقه وعلى علي واعذرونا في عشقه وعلى عمه العباس
مشاركه في أصله وعرقه قال الله عز وجل ( إنا أنزلناه في ليلة القدر )
الهاء في ( أنزلناه ) كناية عن القرآن وذلك أنه أنزل جملة في تلك الليلة
إلى بيت العزة وهو بيت في السماء الدنيا وفي تسميتها بليلة القدر خمسة
أقوال أحدها أنها ليلة العظمة يقال لفلان قدر قاله الزهري ويشهد له ( وما
قدروا الله حق قدره ) والثاني أنه الضيق أي هي ليلة تضيق فيها الأرض عن
الملائكة الذين ينزلون قاله الخليل بن أحمد ويشهد له ( ومن قدر عليه رزقه )
والثالث أن القدر الحكم كأن الأشياء تقدر فيها قاله ابن قتيبة
والرابع لأن من لم يكن قدر صار بمراعاتها إذا قدر قاله أبو بكر الوراق
والخامس لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر وينزل فيها رحمة ذات قدر وملائكة ذوو
قدر حكاه شيخنا علي بن عبيد الله قوله تعالى ( وما أدراك ما ليلة القدر )
هذا على سبيل التعظيم لها والتشويق إلى خبرها في قوله تعالى ( ليلة القدر
خير من ألف شهر ) قولان أحدهما أنها من زمان بني إسرائيل ثم في ذلك قولان
أحدهما ما رواه عطاء عن ابن عباس أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ذكر
له رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه ألف شهر فعجب رسول الله {صلى
الله عليه وسلم} لذلك وتمنى أن يكون ذلك في أمته فأعطاه الله تعالى ليلة
القدر وقال هي خير من ألف شهر التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل
الله والثاني أن الرجل كان فيما مضى لا يستحق أن يقال له عابد حتى يعبد
الله ألف شهر فجعل الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر التي كانوا يعبدون
فيها والقول الثاني أن الألف شهر من هذا الزمان قال مجاهد قيامها والعمل
فيها خير من قيام ألف شهر من هذا الزمان وصيامها ليس فيها ليلة القدر وهذا
قول قتادة واختيار الفراء وابن قتيبة والزجاج قوله تعالى ( تنزل الملائكة
والروح ) قال أبو هريرة الملائكة ليلة القدر في الأرض أكثر من عدد الحصى
وفي الروح ثلاثة أقوال أحدها أنه جبريل قاله الأكثرون وفي حديث أنس عن
النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في
كبكبة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عز
وجل والثاني أن الروح طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا تلك الليلة
ينزلون من
لدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر قاله كعب ومقاتل بن حيان والثالث
أنه ملك عظيم من الملائكة قاله الواقدي قوله تعالى ( فيها ) أي في ليلة
القدر قوله عز وجل بإذن ربهم أي بأمر ربهم والمعنى ما أمر به وقضاه ( من
كل أمر ) قال ابن قتيبة أي بكل أمر قال المفسرون ينزلون بكل أمر قضاه الله
تعالى في تلك السنة إلى قابل قوله تعالى ( سلام هي ) أي ليلة القدر سلام
وفي معنى السلام قولان أحدهما أنه لا يحدث فيها داء ولا يرسل فيها شيطان
قاله مجاهد والثاني أن معنى السلام الخير والبركة قاله قتادة واعلم أن
ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة قال أبو ذر رضي الله عنه سألت رسول الله
{صلى الله عليه وسلم} فقلت يا رسول الله أخبرني عن ليلة القدر في رمضان هي
أو في غيره قال بل هي في رمضان قلت تكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قبضوا
رفعت أم هي إلى يوم القيامة قال بل هي إلى يوم القيامة قلت في أي رمضان هي
قال التمسوها في العشر الأول والعشر الآخر قلت في أي العشرين هي قال
ابتغوها في العشر الأواخر لا تسألني عن شيء بعد ثم حدث وحدث فقلت يا رسول
الله أقسمت عليك بحقي عليك لما أخبرتني في أي العشر هي فغضب علي غضبا لم
يغضب على مثله قال التمسوها في السبع الأواخر لا تسألني عن شيء بعدها وقد
ذهب قوم إلى أنها ليلة سبع عشرة من رمضان أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك
بسنده عن زيد بن أرقم أنه سئل عن ليلة القدر فقال هي ليلة سبع عشرة لا شك
فيها ثم قال ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان
واعلم أن الجمهور على أنها في العشر الأواخر وأنها تختص بالأفراد
واختلفوا في الأخص بها فذهب الشافعي رحمه الله إلى ليلة إحدى وعشرين ويدل
عليه حديث أبي سعيد وهو في الصحيحين قال أرى رسول الله {صلى الله عليه
وسلم} ليلة القدر ثم أنسيها قال أراني أسجد في ماء وطين فوالذي أكرامه
لرأيته يصلي بنا صلاة المغرب ليلة إحدى وعشرين وإن جبهته وأرنبة أنفه لفي
الماء والطين والثاني ليلة ثلاث وعشرين وروى مسلم في أفراده من حديث عبد
الله بن أنس عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال أراني صبيحتها أسجد في
ماء وطين فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين فصلى بنا رسول الله {صلى الله عليه
وسلم} وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه وأخبرنا ابن الحصين بسنده عن
عكرمة قال قال ابن عباس أتيت وأنا نائم فقيل لي إن الليلة ليلة القدر فقمت
وأنا ناعس فتعلقت ببعض أطناب فسطاط رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأتيت
رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فإذا هو يصلي فنظرت في تلك الليلة فإذا هي
ليلة ثلاث وعشرين أخبرنا محمد بن ناصر بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كان ينضح الماء في وجوه نسائه ليلة
ثلاث وعشرين من رمضان تفرد بإخراجه أبو بحر والثالث ليلة خمس وعشرين وروى
هذا المعنى أبو بكرة عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} والرابع ليلة سبع
وعشرين أخبرنا ابن الحصين بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول
الله {صلى الله عليه وسلم} من كان متحريا فليتحرها ليلة سبع وعشرين أو قال
تحروها ليلة سبع وعشرين
انفرد بإخراجه مسلم أخبرنا ابن ناصر بسنده عن زر بن حبيش قال
أخبرنا أبي بن كعب عن ليلة القدر فحلف لا يستثنى أنها ليلة سبع وعشرين
فقلت بم تقول ذلك يا أبا المنذر فقال بالآية أو بالعلامة التي قال رسول
الله {صلى الله عليه وسلم} أنها تصبح من ذلك اليوم تطلع الشمس وليس لها
شعاع أخبرنا ابن الحصين بسنده عن عاصم عن زر قال قلت لأبي بن كعب أبا
المنذر أخبرني عن ليلة القدر قال صاحبنا يعني ابن مسعود رضي الله عنه كان
إذا سئل عنها قال من يقم الحول يصبها فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن أما
والله لقد علم أنها في رمضان ولكن أحب أن لا تتكلوا وأنها ليلة سبع وعشرين
لم يستثن قلت أبا المنذر أنى أعلم ذلك قال بالآية التي قال لنا رسول الله
{صلى الله عليه وسلم} صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها طست
حتى ترتفع لفظ المقدمي قال ابن ناصر عال صحيح أخبرنا علي بن عبيد الله
بسنده عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا أتى نبي الله {صلى الله عليه وسلم}
فقال يا رسول الله إني شيخ كبير يشق علي القيام فمرني بليلة لعل الله عز
وجل أن يوفقني فيها لليلة القدر فقال عليك بالسابعة أخبرنا أبو منصور
القزاز بسنده عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أن النبي {صلى الله
عليه وسلم} قال ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وهذا مذهب علي عليه السلام
وابن عباس رضي الله عنهما وقد روي عن ابن عباس أنه استدل على ذلك بشيئين
أحدهما أن السبعة تتكرر في المخلوقات فالأرض سبع والثاني أن قوله هي هي
الكلمة السابعة والعشرون وقال عبدة بن أبي لبابة ذقت ماء البحر ليلة سبع
وعشرين فوجدته عذباً
صفحة 2 من اصل 3 • 1, 2, 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى