خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السلام عليكمورحمه الله وبركاته
لي صديقة عمرها 43 سنة ، متزوجة ، وأم لثلاثة أطفال ، تعمل في
بنك ربوي مند 20 سنة ، في السنة الأخيرة - والحمد لله - هداها الله سبحانه وتعالى
إلى الاقتناع بأن هذا العمل حرام شرعاً ؛ لما فيه من تعاملات ربوية ، ومساعدة على
نشرها ، واتخذت قرارها بتركه ، لكن الأمور لم تجرِ بهذه السهولة ، اصطدمت بمعارضة
قوية من عائلتها ، من جهة أولى زوجها ، حاول المستحيل لمنعها لدرجة أن الأمر وصل
للتهديد بالطلاق إن هي أصرت على موقفها ، فهو لا يريدها أن تترك العمل ؛ لأنها
تساهم – تقريباً- بنصف راتبها في مستلزمات البيت ، وما يعزز أكثر رفضه - في نظره -
أنه يتحجج بأن عملها يمنح لأطفالهما تأميناً صحيّاً لا يمكنه أن يوفره من خلال عمله
( يعمل في عمل مند أكثر من 15 سنة بعقد قابل للتجديد كل سنة ) تخبره بأنها ستقنع
بما يجنيه هو ، وأن الله هو المؤمن وكل شيء بيده ، لكن لا فائدة ، ومن جهة أخرى
والدها الذي وصل به الأمر بتخييرها بين رضاه ، وسخطه إن تركت العمل ، يقول لها :
يمكنك تركه ولكن بشرط أن تجدي عملا آخر قبل ذلك ، وهذا نراه شرطاً تعجيزيّاً ، وذلك
لسببين : أولاً : مشكلة السن ، عمرها 43 سنة ، ثانياً : استفحال مشكلة البطالة في
بلادنا ، هناك صعوبة في إيجاد عمل آخر ، كما أنه عمل على إقناع شقيقيها على عدم
مساعدتها سواء ماديّاً ، أو معنوياً. مع العلم : أسرتها أسرة ملتزمة بتعاليم ديننا
الإسلامي ، لكن عملها هو نقطة خلافهم ، هي الآن حائرة ، لا تدري ما تفعل ، زوجها
يخبرها أن الله سبحانه وتعالى أمر الزوجة بطاعة زوجها ، وهذا هو فوزها الأكبر أكثر
من أي شيء ، وبين والدها الذي يهدد إن لم تطعه سيسخط عليها دنيا وآخرة ، وبأن بر
الوالدين وطاعتهما فوق كل ما تريد أن تفعله ، وأنها يجب عليها المحافظة على عملها
لأنه هو مستقبلها ، وأنها يمكن أن تمر بظروف قاسية إن تركته . نرجو من فضيلتكم أن
تنصحوها ، وأن تضعوها على الطريق الصحيح ، وأن تبينوا لها حكم ما يقول زوجها ،
وأبوها .
لي صديقة عمرها 43 سنة ، متزوجة ، وأم لثلاثة أطفال ، تعمل في
بنك ربوي مند 20 سنة ، في السنة الأخيرة - والحمد لله - هداها الله سبحانه وتعالى
إلى الاقتناع بأن هذا العمل حرام شرعاً ؛ لما فيه من تعاملات ربوية ، ومساعدة على
نشرها ، واتخذت قرارها بتركه ، لكن الأمور لم تجرِ بهذه السهولة ، اصطدمت بمعارضة
قوية من عائلتها ، من جهة أولى زوجها ، حاول المستحيل لمنعها لدرجة أن الأمر وصل
للتهديد بالطلاق إن هي أصرت على موقفها ، فهو لا يريدها أن تترك العمل ؛ لأنها
تساهم – تقريباً- بنصف راتبها في مستلزمات البيت ، وما يعزز أكثر رفضه - في نظره -
أنه يتحجج بأن عملها يمنح لأطفالهما تأميناً صحيّاً لا يمكنه أن يوفره من خلال عمله
( يعمل في عمل مند أكثر من 15 سنة بعقد قابل للتجديد كل سنة ) تخبره بأنها ستقنع
بما يجنيه هو ، وأن الله هو المؤمن وكل شيء بيده ، لكن لا فائدة ، ومن جهة أخرى
والدها الذي وصل به الأمر بتخييرها بين رضاه ، وسخطه إن تركت العمل ، يقول لها :
يمكنك تركه ولكن بشرط أن تجدي عملا آخر قبل ذلك ، وهذا نراه شرطاً تعجيزيّاً ، وذلك
لسببين : أولاً : مشكلة السن ، عمرها 43 سنة ، ثانياً : استفحال مشكلة البطالة في
بلادنا ، هناك صعوبة في إيجاد عمل آخر ، كما أنه عمل على إقناع شقيقيها على عدم
مساعدتها سواء ماديّاً ، أو معنوياً. مع العلم : أسرتها أسرة ملتزمة بتعاليم ديننا
الإسلامي ، لكن عملها هو نقطة خلافهم ، هي الآن حائرة ، لا تدري ما تفعل ، زوجها
يخبرها أن الله سبحانه وتعالى أمر الزوجة بطاعة زوجها ، وهذا هو فوزها الأكبر أكثر
من أي شيء ، وبين والدها الذي يهدد إن لم تطعه سيسخط عليها دنيا وآخرة ، وبأن بر
الوالدين وطاعتهما فوق كل ما تريد أن تفعله ، وأنها يجب عليها المحافظة على عملها
لأنه هو مستقبلها ، وأنها يمكن أن تمر بظروف قاسية إن تركته . نرجو من فضيلتكم أن
تنصحوها ، وأن تضعوها على الطريق الصحيح ، وأن تبينوا لها حكم ما يقول زوجها ،
وأبوها .
الحمد لله
أولاً:
نحمد الله تعالى أن وفقها للتوبة
من الكسب المحرَّم ، ومن الإعانة على ما يسخط الرب تعالى من العمل في الربا ، وهو
من كبائر الذنوب التي توعد الله أصحابها بالمحق والعذاب ، إلا أن يتوبوا ويعودوا
لربهم بصدق وإخلاص .
ثانياً :
لا تخلو هذه الدنيا من ابتلاء ، فيبتلى المسلم
فيها بأنواع شتى من الابتلاءات ، وقد يُبتلى التائب من ذنبه ، والمقبل على ربه
تعالى فعليه أن يصبر ويثبت فإنه الآن في محطة الاختبار ليُرى صدقه في توبته وإقباله
على ربه تعالى من عدمه ، لذا فإنه يجب على صديقتك أن تعلم أن ابتلاءها هو في صالحها
إن صبرت عليه وتحملته ، وأنه أمرٌ يعرض للتائبين من ذنوبهم ، والمقبلين على ربهم
تعالى ، فلا تجزع ، ولا تفزع ، ولا تضجر ، ولتكن مع ربها تعالى بالإنابة ، والدعاء
، والعمل الصالح ، وستجد ما يسرها إن شاء الله ، من التثبيت على الطاعة ، والتوفيق
للعمل الصالح .
وطريق الجنة محفوف بالمكاره ، ومن صبر على قطع هذا الطريق فإن
نهايته ستكون سعيدة ، وطريق النار محفوف بالشهوات ، ولو استمتع العاصي بدنياه بتلك
الشهوات فإنه سيندم على ذلك أشد الندم ، وسيجد من الحسرة والسخط والعذاب ما يُنسيه
استمتاعه ذاك .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( حُجِبَتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ،
وَحُجِبَتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ ) . رواه البخاري ( 6122 ) ومسلم ( 2823 )
.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ ، وَحُفَّتْ
النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ) . رواه مسلم ( 2822 ) .
قال النووي رحمه الله
:
"قال العلماء : هذا من بديع الكلام ، وفصيحه ، وجوامعه ، التي أوتيها صلى الله
عليه وسلم ، من التمثيل الحسن ، ومعناه : لا يوصل الجنة إلا بارتكاب المكاره ،
والنار بالشهوات ، وكذلك هما محجوبتان بهما ، فمن هتك الحجاب : وصل إلى المحجوب ،
فهتك حجاب الجنة : باقتحام المكاره ، وهتك حجاب النار : بارتكاب الشهوات ، فأما
المكاره : فيدخل فيها : الاجتهاد في العبادات ، والمواظبة عليها ، والصبر على
مشاقها ، وكظم الغيظ ، والعفو ، والحلم ، والصدقة ، والإحسان إلى المسيء ، والصبر
عن الشهوات ، ونحو ذلك .
وأما الشهوات التي النار محفوفة بها : فالظاهر أنها :
الشهوات المحرمة ، كالخمر ، والزنا ، والنظر إلى الأجنبية ، والغيبة ، واستعمال
الملاهي ، ونحو ذلك .
وأما الشهوات المباحة : فلا تدخل في هذه ، لكن يكره
الإكثار منها ؛ مخافة أن يجر إلى المحرمة ، أو يقسي القلب ، أو يشغل عن الطاعات ،
أو يحوج إلى الاعتناء بتحصيل الدنيا للصرف فيها ، ونحو ذلك" انتهى .
" شرح مسلم
" ( 17 / 165 ، 166 ) .
ثالثاً:
من الواجب على هذه الأخت أن تلتزم الصدق في
توبتها ، فتندم على ما فات من عمرها الذي قضته في العمل المحرَّم ، وتعزم عزماً
مؤكداً على عدم العود للعمل في البنوك الربوية ، ولا في غيرها من الأماكن المحرَّمة
.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"العمل في البنوك التي تتعامل بالربا :
من الأمور المحرمة ، ولا يجوز لك أن تستمر فيه ؛ لأنه من التعاون على الإثم
والعدوان ، وقد نهى الله عنه بقوله : ( وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ ) ، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله
عنه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن آكلَ الربا ، وموكله ، وكاتبه ،
وشاهديه ) ، وعليك التوبة إلى الله من ذلك" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ،
الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 45 ، 46 ) .
وقالوا أيضاً :
"ثبت تحريم
الربا بالكتاب ، والسنَّة ، والإجماع ، وثبت أن التعاون عليه بالكتابة ، والشهادة ،
ونحوهما : حرام ، وعلى هذا : فالعمل في البنوك الربوية محرم ؛ لما فيه من التعاون
على الإجراءات الربوية من حساب ، وصرف ، وقبض ، وتقييد ، وكتابة ، وحراسة ، ونحو
ذلك ، وقد قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن
باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود
.
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 46 ، 47 ) .
رابعاً :
أما ما قاله
زوجها ووالدها من أن الله تعالى أمر بطاعة الزوج ، وطاعة الوالدين وبرهما ، فهو حق
، قد أمر الله تعالى بذلك ، لكن . . إذا تعارض أمر الله تعالى مع أمر الزوج أو
الوالد بحيث أمرا بما يخالف أمر الله ، فلا يشك مؤمن في أن الواجب هو تقديم أمر
الله تعالى ، ومن قال غير ذلك فهو على خطر عظيم ، وعليه أن يراجع إيمانه .
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لاَ طَاعَةَ في مَعْصِيَةِ الله ،
إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ) رواه البخاري ( 6830 ) ومسلم ( 1840 )
.
وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 28 / 327 ) :
"طاعة المخلوقين - ممّن تجب
طاعتهم – كالوالدين ، والزّوج ، وولاة الأمر : فإنّ وجوب طاعتهم مقيّد بأن لا يكون
في معصية ، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" انتهى .
وقال الشيخ الفوزان حفظه
الله :
"المرأة مأمورة بطاعة الله سبحانه وتعالى ، ومأمورة بطاعة زوجها ، وبطاعة
والديها ، ضمن طاعة الله عز وجل .
أمَّا إذا كان في طاعة المخلوق : من والد ، أو
زوج ، معصية للخالق : فهذا لا يجوز ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الطاعة في
المعروف ) - رواه البخاري - ؛ وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعةَ لمخلوقٍ في
معصية الخالق ) - رواه أحمد – " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1
/ 265 ، 266 ، سؤال 161 ) .
فأعلمي صديقتك بحرمة طاعتها لوالديها وزوجها في
الرجوع للعمل في البنك الربوي ، وأن غضب والدها عليها لا وزن له عند الله تعالى ؛
لأنه والحالة هذه يكون هو الآثم الظالم لها ، وإن أمكنها أن تتقاعد مبكراً ، وتحصل
على راتب شهري بعد تقاعدها ، فذلك خير ، ولا حرج عليها من أخذ هذا الراتب إن شاء
الله .
وإن وُفِّقَت إلى الجمع بين إرضاء الله تعالى وعدم إسخاط الوالدين والزوج
بالعمل في مكان مباح : فذلك أفضل ، وأجمع للشمل ، وإن عجزت عن التوفيق بين الأمرين
: فلتقدم مرضاة الله على رضا أي أحدٍ سواه ، وإن أصابها سوء أو أذى أو ضرر : فلتصبر
، ولتحتسب.
وعليها أن تلين مع زوجها وأبيها وتحاول إقناعهما بأن الحرام مهما كان
كثيرا فإنه لا بركة فيه ، وعاقبته إلى زوال .
ونسأل الله أن ييسر لها أمرها
ويهدي أهلها .
والله أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى