خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
لدي سؤالان : السؤال الأول : هل يجوز للمرأة أن ترفض الطلاق ؟
السؤال الثاني : ما حكم الشرع في رفض الزوج معاشرة زوجته ، خاصة وأنها ترغب بشدة في
حصول حمل ؟
لدي سؤالان : السؤال الأول : هل يجوز للمرأة أن ترفض الطلاق ؟
السؤال الثاني : ما حكم الشرع في رفض الزوج معاشرة زوجته ، خاصة وأنها ترغب بشدة في
حصول حمل ؟
الحمد لله
أولاً:
إذا رغب الزوج بطلاق امرأته فليس
لرفضها له اعتبار من حيث وقوعه ، بل هو واقع إذا أنفذه الزوج ، والأصل في الطلاق
الكراهة ، ولذا لم يكن مرغبّاً به ابتداء ، لكن قد يحصل في الحياة الزوجية ما
تستحيل معه العشرة بين الزوجين ، فشرع الله تعالى الطلاق ، حكمةً بالغة .
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الأصل في الطلاق : الحظر ، وإنما أبيح منه قدر
الحاجة ، كما ثبت في الصحيح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن إبليس ينصب
عرشه على البحر ويبعث سراياه فأقربهم إليه منزلة أعظمهم فتنة فيأتيه الشيطان فيقول
: ما زلت به حتى فعل كذا ، حتى يأتيه الشيطان فيقول : ما زلت به حتى فرقت بينه وبين
امرأته ، فيدنيه منه ، ويقول : أنت ، أنت ويلتزمه " ، وقد قال تعالى في ذم السحر :
( ويتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) " انتهى . " مجموع الفتاوى " ( 33
/ 81 ) .
وقال رحمه الله أيضاً : " ولولا أن الحاجة داعية إلى الطلاق : لكان
الدليل يقتضي تحريمه ، كما دلَّت عليه الآثار والأصول ، ولكن الله تعالى أباحه رحمة
منه بعبادة ، لحاجتهم إليه أحياناً " انتهى . " مجموع الفتاوى " ( 32 / 89 )
.
وإذا ما شعرت الزوجة بأن زوجها سيطلقها : فيمكنها توسيط أهل الخير والعقل
ليحولوا دون إيقاع زوجها الطلاق ، كما يمكنها مصالحته على إسقاط النفقة أو جزءٍ
منها ، أو إسقاط حقها أو جزءٍ منه في المبيت ، كما صنعت سودة بنت زمعة رضي الله
عنها حين شعرت بأن النبي صلى الله عليه وسلم سيطلقها ، فوهبت ليلتها لعائشة رضي
الله عنها ؛ لما تعلمه من حب النبي صلى الله عليه وسلم لها ، ومهما بذلت سودة أو
غيرها لتكون زوجةً للنبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة فليس بكثير .
قال
تعالى : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا
جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ
وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ
كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) النساء/ 128 .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ
: خَشِيَتْ سَوْدَةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : لاَ تُطَلِّقْنِي وَأَمْسِكْنِي ، وَاجْعَلْ يَوْمِي
لِعَائِشَةَ ، فَفَعَلَ فَنَزَلَتْ : ( فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا
بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) فَمَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ
فَهُوَ جَائِزٌ .
رواه الترمذي ( 3040 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي "
.
وهكذا فسَّرت عائشةُ رضي الله عنها الآيةَ :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
: ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا ) قَالَتْ :
هِيَ الْمَرْأَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ ، لاَ يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا ، فَيُرِيدُ
طَلاَقَهَا ، وَيَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا ، تَقُولُ لَهُ : أَمْسِكْنِى وَلاَ
تُطَلِّقْنِى ، ثُمَّ تَزَوَّجْ غَيْرِى ، فَأَنْتَ فِى حِلٍّ مِنَ النَّفَقَةِ
عَلَيَّ ، وَالْقِسْمَةِ لِي ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( فَلاَ جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) .
رواه
البخاري ( 4910 ) ومسلم ( 3021 ) .
قال ابن كثير رحمه الله : " إذا خافت المرأة
من زوجها أن ينفر عنها ، أو يطلقها : فلها أن تسقط حقها ، أو بعضه ، من نفقة ، أو
كسوة ، أو مبيت ، أو غير ذلك من الحقوق عليه ، وله أن يقبل ذلك منها ، فلا جناح
عليها في بذلها ذلك له ، ولا عليه في قبوله منها؛ ولهذا قال تعالى : ( فَلا جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ) ، ثُمَّ قَالَ : ( وَالصُّلْحُ
خَيْرٌ ) ، أي : من الفراق " انتهى .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 426 ) .
فالطلاق بيد الزوج ، وليس لرفض الزوجة ما يمنع من إيقاعه ، وعليها إن أرادته
زوجاً أن توسِّط أهل الخير للصلح ، ولها أن تسقط بعض حقوقها في مقابل ذلك ، فإن أبى
الزوج إلا الطلاق : فيُرجى أن يكون ذلك خيرا لها وله ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ
يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً
حَكِيماً ) النساء/ 130 .
ثانياً:
يجب على الزوجين إعفاف بعضهما بعضاً ،
ويحرم لأحدهما الامتناع عن الجماع إضراراً بالآخر ، ولا شك أن ثمة فرقاً بين الزوج
والزوجة في هذه الحال ، فالمرأة لو لم يكن لها شهوة : فإن زوجها يقضي شهوته معها ،
ولا عكس ؛ لأن رغبة الزوج لها تعلق بالانتشار والانتصاب عنده ، وهو ما لا يتم
الجماع إلا به ، لكن من قدر على إعفاف زوجته ولم يفعل : فقد إثم ؛ لأن حق الاستمتاع
مشترك بين الزوجين ، إلا أن يكون هجره لها من أجل تركها لما أوجب الله عليها ، أو
لفعلها معصية ، وإلا أن يكون تركه للجماع بسبب مرضه أو إرهاقه .
سئل شيخ الإسلام
ابن تيمية – رحمه الله - : عن الرجل إذا صبر على زوجته الشهر ، والشهرين ، لا يطؤها
، فهل عليه إثم أم لا ؟ وهل يطالب الزوج بذلك ؟ .
فأجاب : " يجب على الرجل أن
يطأ زوجته بالمعروف ، وهو من أوكد حقها عليه ، أعظم من إطعامها ، والوطء الواجب ،
قيل : إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة ، وقيل : بقدَر حاجتها وقُدْرته ، كما يطعمها
بقدَر حاجتها وقُدْرته ، وهذا أصح القولين " انتهى . " مجموع الفتاوى " ( 32 / 271
) .
وقال علماء اللجنة الدائمة : " مَن هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر : فإن كان
ذلك لنشوزها ، أي : لمعصيتها لزوجها فيما يجب عليها له من حقوقه الزوجية ، وأصرت
على ذلك بعد وعظه لها وتخويفها من الله تعالى ، وتذكيرها بما يجب عليها من حقوق
لزوجها : فإنه يهجرها في المضجع ما شاء ؛ تأديبا لها حتى تؤدي حقوق زوجها عن رضا
منها ، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه ، فلم يدخل عليهن شهراً ، أما في
الكلام : فإنه لا يحل له أن يهجرها أكثر من ثلاثة أيام ؛ لما صح عن النبي صلى الله
عليه وسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : ( ولا يحل لمسلم أن يهجر
أخاه فوق ثلاثة أيام ) أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وأحمد في مسنده .
أما إن هجر الزوج زوجته في الفراش أكثر من أربعة أشهر إضراراً بها من غير تقصير
منها في حقوق زوجها : فإنه كمُولٍ وإن لم يحلف بذلك ، تُضرب له مدة الإيلاء ، فإذا
مضت أربعة أشهر ولم يرجع إلى زوجته ويطأها في القبل مع القدرة على الجماع إن لم تكن
في حيض أو نفاس : فإنه يؤمر بالطلاق ، فإن أبى الرجوع لزوجته ، وأبى الطلاق : طلَّق
عليه القاضي ، أو فسخها منه إذا طلبت الزوجة ذلك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله
على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز , الشيخ عبد
العزيز آل الشيخ , الشيخ صالح الفوزان , الشيخ بكر أبو زيد
" فتاوى اللجنة
الدائمة " ( 20 / 261 – 263 ) .
كما أننا ننبه إلى أن حق الإنجاب مشترك بين
الزوجين ، وليس لأحدهما أن يختص لنفسه بهذا الحق دون الطرف الآخر .
قال الشيخ
محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : " أهل العلم يقولون إنه لا يعزل عن الحرة
إلا بإذنها ، أي : لا يعزل عن زوجته الحرَّة إلا بإذنها ؛ لأن لها حقّاً في الأولاد
، ثم إن في عزله بدون إذنها نقصاً في استمتاعها ، فاستمتاع المرأة لا يتم إلا بعد
الإنزال ، وعلى هذا ففي عدم استئذانها تفويت لكمال استمتاعها ، وتفويت لما يكون من
الأولاد ، ولهذا اشترطنا أن يكون بإذنها " انتهى . " فتاوى إسلامية " ( 3 / 190 )
.
وانظري أجوبة الأسئلة : ( 5971 ) و ( 10680 ) و ( 93230 )
.
والله أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى